كثيرا ما يرتبط مصطلح الحكامة بالإدارة ، فالحكامة الجيدة هي الإدارة الجيدة ، كما ان المؤسسات الدولية كثيرا ما تستعمل مبدأ الحكامة الجيدة من أجل تحديد مميزات "الإدارة العموميةالجيدة "التي يمكن للدول النامية أوالسائرة في طريق النمو تبني سماتها الايجابية للقيام بإصلاحات هيكلية وبنيوية مرتبطة بالسياسات العمومية الاجتماعية.
وعلى ضوء هذا الاستعمال تبرز العلاقة الوطيدة بين الحكامة الإدارية والتنمية البشرية. فهذا النمط من الحكامة جزء أساسي ومكون رئيسي من استراتيجيات التنمية الحديثة وخططها الاستشرافية وأبعادها المتعددة: الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية،العلمية والإدارية ، حيث تشكل هذه الاستراتيجيات والخطط والأبعاد بتنوعها وتشعبها كلا متكاملا تتداخل عناصره وتترابط محاوره وتتشابك مكوناته في علاقات تتبادل الانسجام والتوازن والتناسق.
ولعل أبرز دليل على أهمية هذه العلاقة الوثيقة بين الحكامة الإدارية والتنمية الشاملة المستدامة هو ما تمكنت بعض الدول من تحقيقه من منجزات باهرة، رغم أنها لاتملك موارد، ولكن بفضل إدارتها الواعية والرشيدة والمتسمة بالكفاية والنجاعة اللازمتين حققت نسب نمو عالية، اقتصاديا واجتماعيا لترتقي وبكفاءة عالية الى درجات سلم التطور الحضاري في العالم ( اليابان، ماليزيا...) مرتكزة بالأساس على بناء نمط جديد للتدبير الجيد على شتى الأصعدة والمستويات ومنها التدبيرالمتعلق بالإدارة وتسيير المرفق العمومي service publicالمرتبط بها.
هكذا أضحى المرفق العمومي في الوقت الراهن احدى الاهتمامات الكبرى لدى شريحة عريضة من المهتمين بقضايا التدبير المرتبط بالشأن العام والموصل للتنمية المنشودة، وذلك بالنظر لكون المرفق العمومي يعتبر تجسيدا ملموسا ومظهرا حقيقيا لنشاط الدولة، وشكلا من أشكال تدخل هذه الأخيرة في الميدان الاقتصادي لإشباع متطلبات المواطنين والاستجابة لاحتياجاتهم المتزايدة، بغية تحقيق المصلحة العامة .ومفهوم المرفق العمومي بذلك يرتبط ارتباطا وطيدا بوظائف الدولة، والتي مافتئت تجسدها عبر مخرجات outputs أو سياسات عمومية تغطي كل المجالات الحيوية أوذات البعد الاستراتيجي، خاصة منها السياسات الاقتصادية والتي تعتبر عصب قاطرة التنمية في أية دولة من الدول.
وتجدر الإشارة إلى كون الدراسات المهتمة بفكرة المرفق العمومي وما ترتبط بها من جوانب مفاهيمية وتطبيقية، ظلت تتسم بالراهنية والمسايرة، بدءا بالحديث عن المرفق العمومي في ظل الدولة الدركية l’état_gendarme مرورا الى الدولة التدخلية أو العناية l’état – providence وصولا الى الدولة في ظل التوجهات الحديثة لتيار العولمة الجارف والتطورات المرتبطة به والحاصلة على مستوى عمق وظائف الدولة، خاصة مع انبثاق مفهوم الخوصصة كمفهوم لا محيد عنه بالنسبة للفكر الليبرالي الذي يرسخ مبدأ المبادرة الخاصة كدعامة رئيسية لتوجهات الدولة التنموية.
في ظل هذه التطورات المتلاحقة والتي ترتبط بشكل أساسي بالأدوار الاقتصادية الجديدة للدولة، تبرز أهمية الوقوف أمام تجليات وتمظهرات تجدد فكر المرافق العمومية، كفكر مساير، يجايل هذه التطورات بل و أحيانا يستبقها كفكر استباقي une pensée anticipée يجعل من هاته المرافق وبنظرة ثاقبة وتوجه حاد، أداة حقيقية تتوخى الوصول الى ترسيخ أسس تنمية سوسيواقتصادية عن طريق تبني أساليب جديدة وناجعة لتدبيرها، خاصة منها المرافق الصناعية والتجارية التي مافتئت تكرس أنماطا حديثة لضمان فعالية أفضل وأداء أحسن على مستوى التدبير ذو الرؤية الثلاثية الأبعاد ( option 3D ) : الإستراتيجية، الاستباقية، الاستشرافية .وإذاكان تعريف المرفق العمومي ومحاولة تحديده مازالت تعترضه عوائق ابستيمولوجية، جعلت منه مفهوما يكتنفه الكثير من الغموض الزئبقي والتردد الهلامي، بسبب تنوع المرافق العمومية، تشعب طرق إدارتها وتسييرها وتنظيمها وتعدد صور المشاركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية و القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي، فانه مع ذلك يمكن اعتباره بشكل عام كل نشاط يباشره شخص عمومي بهدف اشباع وإرضاء مصلحة عامة.
وببلادنا، وعموما وحتى تضمن فعالية ونجاعة المرفق العمومي يبدو من الضروري القيام بمجموعة من الإجراءات التي تبرز ارتباطها بغائية المصلحة العامة. هاته الأخيرة التي يتم بلوغها عبر سياسات ممنهجة تتخدها الحكومات لترسيخ البعد الأدائي لهاته الأجهزة التنفيذية والتي تعتبر الإدارة أداة موضوعية تحت تصرفها كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور الجديد ، وبالتالي تشكل المرافق العمومية حجر الزاوية في البرامج الحكومية سواء عبر إنشاءها أو تطويرها أوإصلاحها .في هذا الصدد تأتي أهمية السياسات الحكومية التي تجعل من المرافق العمومية الأساسية منطلقا لقياس درجة قربها من تطلعات المواطنين وطموحاتهم المشروعة في التوفر على مرافق عمومية تتسم بسياسة " القربpolitique de proximité " و تعزيز مبادئ الحكامة الجيدة
،وهو ما أكدت عليه حكومة عبد الإله بنكيران في التصريح الحكومي ل 19 يناير 2012 ،والذي أًصر على كون إصلاح الإدارة ضروري بهدف الرفع من الاداء والارتقاء بالمرفق العمومي الى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية العالية للقيام بواجباته في خدمة المواطنين، وليؤكد أن تحقيق هذه الأهداف والغايات سيتم ب " محاور أساسية تروم إعادة الثقة بين المواطن والإدارة والحكامة الجيدة في التدبير العمومي" ،وليعلن البرنامج الحكومي في الأخير على مستوى ترسيخ أسس الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العمومي على اتخاذ عدة إجراءات تأتي كلها في إطار التنزيل المتواصل للمقتضيات الدستورية المكونة لصرح دستور 2011 "وفي مقدمتها إصدار ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية كما يشير إلى ذلك الفصل 157 من الدستور"، ويشمل هذا الميثاق التزامات الإدارة وأعوانها وقواعد تنظيمها وتدبيرها، والقواعد المنظمة لعلاقة الإدارة بالمرفق، وسن قواعد التدقيق الدوري وتعليل القرارات الإدارية ونشرها وقياس الأداء والجودة وعقلنة وترشيد الهياكل الإدارية لتفادي تداخل الاختصاصات وتضخم المصالح الإدارية بناء على انجاز عمليات تدقيق تنظيمي بصفة مستمرة .وينبغي لهذا الميثاق حتى يتبلورفعليا أن يستلهم أسسه وركائزه من المبادئ والمعايير الدستورية المرتبطة بالمرفق العمومي ومنها : المساواة، الإنصاف، الجودة، الشفافية، المحاسبة، المسؤولية، القيم الديمقراطية، احترام القانون، الحياد، النزاهة، المصلحة العامة، الاقتراح، المراقبة والتقييم. أي كل ماهو متعلق بمبادئ الحكامة الجيدة، مما سيجعل إصدار هذا الميثاق طفرة نوعية وقفزة ايجابية تعزز المكاسب الدستورية وتجعل من مسألة التنزيل السليم للدستور على هذا الصعيد مسألة تخرج مقتضياته من " القوة" إلى "الفعل" وفق الفهم الفلسفي العميق. وحتى يتمكن هذا الميثاق من بلورة أهدافه وغاياته في خلق مرفق عمومي " محوكم" عليه أن يعي الوعي التام في أنه يعمل في إطار محيط متغير ومتجدد باستمرار يحتم عليه ضرورة الاخد بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بدرجة ومدى تدخل الدولة في تلبية الحاجيات الأساسية لمواطنيها خاصة مع ازدياد لجوئها إلى المقاولة الخاصة لتدبير بعض المرافق العمومية ( الصناعية والتجارية أساسا) سواء عن طريق الامتياز أو التدبير المفوض الذي يعرف حاليا تطورا سريعا وتطبيقا واسعا في أهم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ( الماء، الكهرباء، التطهير السائل، النظافة، والنقل....) والذي توج في بلادنا في وقت سابق بتبني قانون رقم 05.54. سنة 2006 والمتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، والذي يطبق على عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية أو هيأتها والمؤسسات العامة.
وعلى ضوء هذا القانون برزت تجربة التدبير المفوض كشكل متطور لتسيير المرافق العمومية في ظل مقاربة تشاركية، وهي التجربة التي جعلت من المرافق العمومية الأساسية مجالات لتدخلها.
نافلة القول، إن حكامة المرفق العمومي أضحت تكتسي أهمية بالغة في الوقت الراهن خاصة في ظل انفجار ما يمكن أن نطلق عليه " أزمة المرفق العمومي" ،الشيء الذي حفز الدولة بشكل عام على المستوى العالمي، كما هو الشأن على المستوى الوطني على البحث عن الوسائل الناجعة لحسن تدبير المرفق العمومي ،وهو ما تمظهر ببلادنا عبر دسترة حكامة المرفق العمومي والرغبة الأكيدة في إصدار ميثاق حقيقي للمرافق العمومية والذي سيساهم لا محالة في تعزيز هذه الحكامة الرائدة والمعلنة عن انبثاقها كلبنة من لبنات بناء الصرح الديمقراطي بمغرب الحكامة.
وعلى ضوء هذا الاستعمال تبرز العلاقة الوطيدة بين الحكامة الإدارية والتنمية البشرية. فهذا النمط من الحكامة جزء أساسي ومكون رئيسي من استراتيجيات التنمية الحديثة وخططها الاستشرافية وأبعادها المتعددة: الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية،العلمية والإدارية ، حيث تشكل هذه الاستراتيجيات والخطط والأبعاد بتنوعها وتشعبها كلا متكاملا تتداخل عناصره وتترابط محاوره وتتشابك مكوناته في علاقات تتبادل الانسجام والتوازن والتناسق.
ولعل أبرز دليل على أهمية هذه العلاقة الوثيقة بين الحكامة الإدارية والتنمية الشاملة المستدامة هو ما تمكنت بعض الدول من تحقيقه من منجزات باهرة، رغم أنها لاتملك موارد، ولكن بفضل إدارتها الواعية والرشيدة والمتسمة بالكفاية والنجاعة اللازمتين حققت نسب نمو عالية، اقتصاديا واجتماعيا لترتقي وبكفاءة عالية الى درجات سلم التطور الحضاري في العالم ( اليابان، ماليزيا...) مرتكزة بالأساس على بناء نمط جديد للتدبير الجيد على شتى الأصعدة والمستويات ومنها التدبيرالمتعلق بالإدارة وتسيير المرفق العمومي service publicالمرتبط بها.
هكذا أضحى المرفق العمومي في الوقت الراهن احدى الاهتمامات الكبرى لدى شريحة عريضة من المهتمين بقضايا التدبير المرتبط بالشأن العام والموصل للتنمية المنشودة، وذلك بالنظر لكون المرفق العمومي يعتبر تجسيدا ملموسا ومظهرا حقيقيا لنشاط الدولة، وشكلا من أشكال تدخل هذه الأخيرة في الميدان الاقتصادي لإشباع متطلبات المواطنين والاستجابة لاحتياجاتهم المتزايدة، بغية تحقيق المصلحة العامة .ومفهوم المرفق العمومي بذلك يرتبط ارتباطا وطيدا بوظائف الدولة، والتي مافتئت تجسدها عبر مخرجات outputs أو سياسات عمومية تغطي كل المجالات الحيوية أوذات البعد الاستراتيجي، خاصة منها السياسات الاقتصادية والتي تعتبر عصب قاطرة التنمية في أية دولة من الدول.
وتجدر الإشارة إلى كون الدراسات المهتمة بفكرة المرفق العمومي وما ترتبط بها من جوانب مفاهيمية وتطبيقية، ظلت تتسم بالراهنية والمسايرة، بدءا بالحديث عن المرفق العمومي في ظل الدولة الدركية l’état_gendarme مرورا الى الدولة التدخلية أو العناية l’état – providence وصولا الى الدولة في ظل التوجهات الحديثة لتيار العولمة الجارف والتطورات المرتبطة به والحاصلة على مستوى عمق وظائف الدولة، خاصة مع انبثاق مفهوم الخوصصة كمفهوم لا محيد عنه بالنسبة للفكر الليبرالي الذي يرسخ مبدأ المبادرة الخاصة كدعامة رئيسية لتوجهات الدولة التنموية.
في ظل هذه التطورات المتلاحقة والتي ترتبط بشكل أساسي بالأدوار الاقتصادية الجديدة للدولة، تبرز أهمية الوقوف أمام تجليات وتمظهرات تجدد فكر المرافق العمومية، كفكر مساير، يجايل هذه التطورات بل و أحيانا يستبقها كفكر استباقي une pensée anticipée يجعل من هاته المرافق وبنظرة ثاقبة وتوجه حاد، أداة حقيقية تتوخى الوصول الى ترسيخ أسس تنمية سوسيواقتصادية عن طريق تبني أساليب جديدة وناجعة لتدبيرها، خاصة منها المرافق الصناعية والتجارية التي مافتئت تكرس أنماطا حديثة لضمان فعالية أفضل وأداء أحسن على مستوى التدبير ذو الرؤية الثلاثية الأبعاد ( option 3D ) : الإستراتيجية، الاستباقية، الاستشرافية .وإذاكان تعريف المرفق العمومي ومحاولة تحديده مازالت تعترضه عوائق ابستيمولوجية، جعلت منه مفهوما يكتنفه الكثير من الغموض الزئبقي والتردد الهلامي، بسبب تنوع المرافق العمومية، تشعب طرق إدارتها وتسييرها وتنظيمها وتعدد صور المشاركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية و القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي، فانه مع ذلك يمكن اعتباره بشكل عام كل نشاط يباشره شخص عمومي بهدف اشباع وإرضاء مصلحة عامة.
وببلادنا، وعموما وحتى تضمن فعالية ونجاعة المرفق العمومي يبدو من الضروري القيام بمجموعة من الإجراءات التي تبرز ارتباطها بغائية المصلحة العامة. هاته الأخيرة التي يتم بلوغها عبر سياسات ممنهجة تتخدها الحكومات لترسيخ البعد الأدائي لهاته الأجهزة التنفيذية والتي تعتبر الإدارة أداة موضوعية تحت تصرفها كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور الجديد ، وبالتالي تشكل المرافق العمومية حجر الزاوية في البرامج الحكومية سواء عبر إنشاءها أو تطويرها أوإصلاحها .في هذا الصدد تأتي أهمية السياسات الحكومية التي تجعل من المرافق العمومية الأساسية منطلقا لقياس درجة قربها من تطلعات المواطنين وطموحاتهم المشروعة في التوفر على مرافق عمومية تتسم بسياسة " القربpolitique de proximité " و تعزيز مبادئ الحكامة الجيدة
،وهو ما أكدت عليه حكومة عبد الإله بنكيران في التصريح الحكومي ل 19 يناير 2012 ،والذي أًصر على كون إصلاح الإدارة ضروري بهدف الرفع من الاداء والارتقاء بالمرفق العمومي الى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية العالية للقيام بواجباته في خدمة المواطنين، وليؤكد أن تحقيق هذه الأهداف والغايات سيتم ب " محاور أساسية تروم إعادة الثقة بين المواطن والإدارة والحكامة الجيدة في التدبير العمومي" ،وليعلن البرنامج الحكومي في الأخير على مستوى ترسيخ أسس الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العمومي على اتخاذ عدة إجراءات تأتي كلها في إطار التنزيل المتواصل للمقتضيات الدستورية المكونة لصرح دستور 2011 "وفي مقدمتها إصدار ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية كما يشير إلى ذلك الفصل 157 من الدستور"، ويشمل هذا الميثاق التزامات الإدارة وأعوانها وقواعد تنظيمها وتدبيرها، والقواعد المنظمة لعلاقة الإدارة بالمرفق، وسن قواعد التدقيق الدوري وتعليل القرارات الإدارية ونشرها وقياس الأداء والجودة وعقلنة وترشيد الهياكل الإدارية لتفادي تداخل الاختصاصات وتضخم المصالح الإدارية بناء على انجاز عمليات تدقيق تنظيمي بصفة مستمرة .وينبغي لهذا الميثاق حتى يتبلورفعليا أن يستلهم أسسه وركائزه من المبادئ والمعايير الدستورية المرتبطة بالمرفق العمومي ومنها : المساواة، الإنصاف، الجودة، الشفافية، المحاسبة، المسؤولية، القيم الديمقراطية، احترام القانون، الحياد، النزاهة، المصلحة العامة، الاقتراح، المراقبة والتقييم. أي كل ماهو متعلق بمبادئ الحكامة الجيدة، مما سيجعل إصدار هذا الميثاق طفرة نوعية وقفزة ايجابية تعزز المكاسب الدستورية وتجعل من مسألة التنزيل السليم للدستور على هذا الصعيد مسألة تخرج مقتضياته من " القوة" إلى "الفعل" وفق الفهم الفلسفي العميق. وحتى يتمكن هذا الميثاق من بلورة أهدافه وغاياته في خلق مرفق عمومي " محوكم" عليه أن يعي الوعي التام في أنه يعمل في إطار محيط متغير ومتجدد باستمرار يحتم عليه ضرورة الاخد بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بدرجة ومدى تدخل الدولة في تلبية الحاجيات الأساسية لمواطنيها خاصة مع ازدياد لجوئها إلى المقاولة الخاصة لتدبير بعض المرافق العمومية ( الصناعية والتجارية أساسا) سواء عن طريق الامتياز أو التدبير المفوض الذي يعرف حاليا تطورا سريعا وتطبيقا واسعا في أهم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ( الماء، الكهرباء، التطهير السائل، النظافة، والنقل....) والذي توج في بلادنا في وقت سابق بتبني قانون رقم 05.54. سنة 2006 والمتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، والذي يطبق على عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية أو هيأتها والمؤسسات العامة.
وعلى ضوء هذا القانون برزت تجربة التدبير المفوض كشكل متطور لتسيير المرافق العمومية في ظل مقاربة تشاركية، وهي التجربة التي جعلت من المرافق العمومية الأساسية مجالات لتدخلها.
نافلة القول، إن حكامة المرفق العمومي أضحت تكتسي أهمية بالغة في الوقت الراهن خاصة في ظل انفجار ما يمكن أن نطلق عليه " أزمة المرفق العمومي" ،الشيء الذي حفز الدولة بشكل عام على المستوى العالمي، كما هو الشأن على المستوى الوطني على البحث عن الوسائل الناجعة لحسن تدبير المرفق العمومي ،وهو ما تمظهر ببلادنا عبر دسترة حكامة المرفق العمومي والرغبة الأكيدة في إصدار ميثاق حقيقي للمرافق العمومية والذي سيساهم لا محالة في تعزيز هذه الحكامة الرائدة والمعلنة عن انبثاقها كلبنة من لبنات بناء الصرح الديمقراطي بمغرب الحكامة.