MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




صرخة مفوض قضائي في ميثاق إصلاح منظومة العدالة

     



صرخة مفوض قضائي في ميثاق إصلاح منظومة العدالة
 
 
 
محمد بلشقر
مفوض قضائي
لدى ابتدائية تاوريرت ومحاكم وجدة

 


المقدمـة:
 
      يشكل القضاء الوجه الحضاري للدولة، لأنه يعتبر مؤشرا من مؤشرات القوة و الضعف لديها، وهذا ما جعل المغرب يولي اهتماماته لهذا الجسم الحيوي من خلال العديد من المحطات التي أبان فيها المغرب عن إرادته في إصلاح القضاء. انطلاقا من خطابات جلالة الملك التي تحث على تحقيق قضاء أفضل.مرورا بتكريس دستوري قوي، و صولا إلى تعين الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح القضاء،وصياغة ميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي صيغ فيه توصيات الحوار الذي  أجري في جميع مدن المملكة.

      وعليه لابد أن يتم التنويه والشكر على الجهد المبذول والعمل الجاد، لكل الجهات التي ساهمة بجدية و حياد في هذا الحوار الوطني.

      كما نحترم كل الجهات التي احتجت على عدم إشراكها في هذا الحوار أو إقصائها من المساهمة فيه أو انسحبت منه، لأنها اعتمدت على مبررات و حيثيات يجب احترامها ولاستماع إليها أثناء أجرأة هذه التوصيات لتنفيذ ميثاق إصلاح العدالة،لأنه ورش وطني يهم جميع المغاربة.

      ويبقى ميثاق إصلاح منظومة العدالة وما تضمنه من توصيات، عمل بشري معرض للصواب و الخطأ و النقصان، وبالتالي فهو قابل للنقاش و الإضافة، من أجل استدراك النقص فيه.

وفي هذا الإطار تأتي صرخة المفوض القضائي_ الحلقة المفقودة أو الضعيفة_في توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة من خلال المحاور الآتية:
 
                                المحور الأول: ملاحظة عامة

           بداية أريد طرح سؤالين لمعرفة جدية إصلاح منظومة العدالة بعيدا عن كل تحيز أو تخوف.
 
 
 السؤال الأول: هل المحاماة مهنة مساعدة للقضاء؟

الجـــــــــواب:بتأكيد المحامي مساعد للقضاء، و هذا ما تأكده المادة الأول من القانون المنظم لمهنة المحاماة.

السؤال الثاني: هل مهنة المفوض القضائي مساعدة للقضاء؟

الجــــــــواب: حسب المادة الأولى من قانون رقم 03/81 المنظم لمهنة المفوض القضائي هي مساعدة للقضاء.

   
      وعليه إذا كان الجواب نفسه بالنسبة للمهنتين معا فلماذا يتم إدراج التوصيات المتعلقة بالمحامي منفردة عن باقي المهن المساعدة للقضاء؟.

   
      هذا يقودنا للقول أن المفوض القضائي ليس مساعد للقضاء بل هو أكثر من ذلك ، هو مشارك للقضاء و ذلك لأمرين:


أولا: كون المفوض ( بضم الميم و كسر الواو):هو سلطة قضائية ممثلة في القضاة الذين يشتغلون في الدائرة القضائية التي يمارس فيها المفوض القضائي  اختصاصه. و تفويض الاختصاص يؤدي إلى تخلي المفوض( بضم الميم و كسر الواو) عن اختصاصاته التي فوضها  للمفوض القضائي. مثل تفوض رئيس المحكمة للمفوض القضائي بالانتقال إلى المعني بالأمر للقيام بالاستجواب أو إثبات حال.

ثانيا: كون المفوض القضائي يساهم في الأمن القانوني و القضائي بإخراج منطوق الحكم إلى حيز الوجود من الأوراق إلى الواقع بما يعطي للأوامر و الأحكام و القرارات هيبتها و مكانتها، ويساهم في تحقيق ضمانات المحاكمة العادلة،من حقوق الدفاع و الوجاهية و التقاضي على درجتين و يسرع المساطر...إلخ عن طريق التبليغ.

           و ما سبق يجعلنا نقول :ربما كانت الهيئة العليا لاصطلاح منظومة العدالة في توصياتها المتعلقة بالقضاة تشمل حتى  المفوضين  القضائيين ،مادمت قد خصصت توصيات مهنة المحاماة منفردة عن باقي المهن الحرة الآخرة.

 المحور الثاني:صرخة المفوض القضائي في توصيات الولوج إلى المهنة والتكوين.

>التوصية رقم 143 ( إحداث مدرسة وطنية لكتابة الضبط )

>التوصية رقم 144 (إحداث مؤسسة لتكوين المحامين، و معهد وطني للتوثيق  ومركز لتكون                                 العدول و المفوضين القضائيين و الخبراء القضائيين)

            ما هي خلفيات الهيئة من استعمال مدرسة، مؤسسة، معهد، ثم مركز؟.  الحقيقة هذا التصنيف يضع تساؤلات و شكوك حول الحياد و الإرادة الجادة في إصلاح العدالة.  إذ كان عليهم الاكتفاء بالمعهد العالي للقضاء كجهة شاملة و جامعة لرفع التمييز.

>التوصية رقم 149 (مراجعة مستوى المؤهل العلمي للمشاركة في امتحانات ولوج مهنة      المحاماة، بما يماثل المؤهل العلمي لولوج سلك القضاء،مع الانفتاح على التخصصات العلمية)               بحق هذه التوصية تحمل نوع من التمييز الغير المعقول و المنطقي،إذا كان الواقع يثبت _كما يقولون_ عدم جدوى التحاق الطالب بمهنة القضاء و المحاماة بعد قضائه ثلاثة سنوات بالجامعة بعد البكالوريا وأخذه شهادة الدراسات الأساسية في القانون أو ما يعادلها،فان الأمر ينطبق على المهن المساعدة القضاء، خاصة مهنة المفوضين القضائيين . وما دامت الزيادة في الدرجة العلمية زيادة في جودة عطاء المهنة، و حسن أدائها، إذا ما العيب إذا وسعنا من هذه التوصية لتشمل المفوض القضائي.

            والملاحظة السابقة هي نفسها بالنسبة لتوصية رقم 155 التي جاء فيها ( رفع مدة تكوين المفوضين القضائيين المتمرنين إلى سنة )،في حين كان يجب أن تكون سنتين ،لان سنة غير كافية للإحاطة بكل العلوم  القانونية المستعملة في المهنة،مع إضافة علم النفس و علم الاجتماع و علم التواصل في التمرين و التكوين،لان ضرورة التنفيذ و التبليغ ،و إخراج الإحكام إلى الواقع تفرض الاستعانة بهذه العلوم.

               المحور الثالث:صرخة المفوض القضائي في توصية الاختصاصات.

>التوصية رقم 168 (توسيع صلاحية المفوضين القضائيين، وتوسيع الدائرة الترابية لاختصاصهم إلى دائرة محكمة الاستئناف ودوائر المحاكم المتخصصة مع تمديد سلطة المراقبة...)

         هذه التوصية مبدئيا في ظاهرها تبدو جدية، إن لم يتم إفراغها من محتواها أثناء أجرأتها،وهذا التفريغ من المحتوي لم يتسنى الأجرأة، بل جاءت به التوصية رقم 79 بقولها :  (إحداث هيئة أو وحدة للتنفيذ، تتول التحصيل الرضائي و الجبري ).

           لماذا إحداث هيئة أو وحدة؟ ومؤسسة المفوض القضائي موجودة و أثبتت جدارتها وأهميتها في التبليغ و التنفيذ رغم الصعوبات القانونية والمادية التي تواجهها نتيجة التكالب عليها.

          ألم تعرف الهيئة العليا لإصلاح القضاء،أن المفوضين القضائيين يتذمرون من ازدواجية التبليغ والتنفيذ مع كتابة الضبط، وأن تمت عوامل ساهمت في  تقزيم هذه المؤسسة رغم أهميتها في إيصال الحقوق لذويها.

          وألم تفهم أيضا أن أجور المفوضين القضائيين التي يتقاضونها على الإجراءات التي يقومون بها في الميادين المدنية و التجارية و الإدارية الجنحية، لم يراعى فيها قيمة وأهمية الإجراءات التي ينجزونها. وهذا ما أثر سلبا على الوضعية المهنية و المعيشية للمفوضين القضائيين،الأجور زهيدة لا تكفي حتى لسد متطلبات المكتب و كذا أجرة الكاتبة _إن استطاع لها_ و إلى غير ذلك من المصاريف التي تتطلبها المهنة الحرة.

         كل هذا التهميش و الحيف ،و تأتي في الأخير التوصية رقم 177 للقول  (باكتتاب ممارسي المهن القضائية و القانونية للتأمين على مسؤوليتهم المدنية ) . لماذا في مقابل هذا لم توصي الهيئة بالتدبير الأمثل للمسار المهني للمفوضين القضائيين و النهوض بوضعيتهم المادية و الاجتماعية و حمايتهم.   

                 المحور الرابع: صرخة من أجل استقلالية المفوض القضائي.

     لاشك أن مؤسسة المفوض القضائي أصبحت حلقة مفقودة بين وزارة العدل و الحريات و كتابة الضبط و المحامي و الحماية القانونية و الاجتماعية.

1:مؤسسة المفوض القضائي و وزارة العدل و الحريات:

           هذه الأخيرة تنهج سياسة الارتجال و الميز المهني اتجاه المهنة، و يتجلى ذلك في إقصاء الملفات المطلبية المتكررة لمهنة المفوض القضائي، و كذلك توصيات الندوات و المؤتمرات الوطنية و الدولية بطريقة ممنهجة، عكس تعاملها المتميز مع المهن الحرة الأخرى.             و تتجلى كذلك سياسة الارتجال في تهميش الوزارة لمقترحات الهيئة المبنية على مرجعية دولية حول تعديل القانون المنظم للمهنة. كل هذا يذل على وجود لوبي خفي ضد تحديث و تطوير المهنة لبقائها غير مستقلة وغير مستقرة.

2: مؤسسة المفوض القضائي وكتابة الضبط:

           إن ازدواجية التبليغ و التنفيذ بين المفوض القضائي وكتابة الضبط تعطي معادلة غير متكافئة. المفوض القضائي مهنة حرة ولها من المصاريف ما لا تستخلصه من الإجراءات، وأعوان التنفيذ و التبليغ في كتابة الضبط موظفون ولهم أجرة من الدولة،ولا يتخلون عن الملفات إلى المفوض القضائي إلا إذا لم يرو فيها مردودية واستفادة أو بها صعوبة و استحالة في  التنفيذ. أو يبتزون المفوض قضائي ماديا من أجل التخلي له عن الملفات.

 3: مؤسسة المفوض القضائي الحماية القانونية:

           على الرغم ما نصت عليه المادة 27 من قانون 81/03 من تمتعي المفوض القضائي من حماية قانونية ،إلا أن الواقع العملي يشير على عكس ذلك ،حيت يتضررون من عدم وجود الحماية الفعلية أثناء  مزاولتهم لعملهم، و عدم الاستجابة لطلب الاستعانة بالقوة العمومية. المفوض القضائي يتعرض لانتهاكات خطيرة من طرف بعض أطراف المجتمع و خصوصا من طرف ساكنة الأحياء الهامشية و الشخصيات الوازنة،و كذا الشكايات  الكيدية التي تترك أضرارا على نفسية المفوض و سمعته. أما الحماية الاجتماعية حدث ولا حرج ،لكونها منعدمة. 

4:المفوض القضائي والمحامي:

             عدم استقلالية المفوض القضائي في إسناد ملفات التنفيذ إليه، يجعله تحت رحمة المحامي، ويحاول دائما الأخذ بخاطر المحامي وتنفيذ ما يمليه عليه،حتى يضمن تعينه في الملفات.
           كل هذه التبعية وعدم الاستقلالية وانعدام الحماية القانونية والاجتماعية،تجعل المفوض القضائي في  منافسة غير مشروعة، تدفع به للالتجاء إلى طرق غير مقبولة .لهذا نطالب بالكرامة، و الاستقلالية، والحماية القانونية و الاجتماعية.

 ختاما:

          يجب أن نقول بكل جرأة، لتكن هذه المهنة أو لا تكن. إذا كانت قد أبانت على إنجازاتها كتجربة، فيجب طرح الثقة فيها وإسناد كل الاختصاصات لها كأصل، على غرار الدول التي يأخذ المغرب منها قوانينه، كفرنسا وبلجيكا وتونس.......إلخ، أو يتم التخلي عليها و إدماجها في كتابة الضبط.
 
 
 



الاربعاء 20 نونبر 2013

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter