MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الافراج المقيد بشروط محور ندوة علمية بالرباط

     



نظمت وزارة العدل، يوم الاثنين 27 ماي 2024 بالرباط، بشراكة مع المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب “DIGNITY”، بالرباط الهرهورة ندوة علمية حول موضوع “الإفراج المقيد بشروط… بين متطلبات التفعيل وتحديات توسيع فرص الإفراج وإعادة الإدماج”.
وقد تضمن برنامج هذه الندوة جلستين علميتين، ناقشت الأولى موضوع “الإفراج المقيد بشروط ومتطلبات التفعيل”، في حين ناقشت الجلسة الثانية موضوع “الإفراج المقيد بشروط وتحديات توسيع فرص الإدماج وإعادة الإدماج”، وذلك بمشاركة ممثلين عن مؤسسات عمومية، وأكاديميين وخبراء مغاربة وأجانب.

كلمة وزير العدل

استهلت أشغال اللقاء بكلمة افتتاحية للسيد وزير العدل عبد اللطيف نوه فيها بأهمية الموضوع نظرا لما يكتسيه من أهمية بالغة في إرساء سياسة عقابية ناجعة تهدف إلى تجاوز الإشكالات التي تطرحها العدالة الجنائية في مجال تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وما يرتبط بتأهيل المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم داخل المجتمع، كما توجه بالشكر إلى كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمندوبية العامة لإعادة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وباقي الحاضرين على تفاعلهم الإيجابي واستجابتهم السريعة في تلبية الدعوة للمشاركة في أشغال هذه الندوة.
وأوضح السيد الوزير أن التجربة أبانت في ظل التحولات التي طرأت على السياسات العقابية المتبعة في مختلف أنظمة العدالة الجنائية، أن العقوبات السالبة للحرية لا تشكل في أحيان كثيرة الهدف الردعي الذي يحول دون العود لارتكاب الجريمة، وهو ما أدى للتفكير في إقرار عقوبات بديلة لها منها نظام الإفراج المقيد، الذي جاء نتيجة لتطور الفكر الجنائي لدور العقوبة في التأهيل الاجتماعي وإعادة الإدماج عن طريق إصلاح المحكوم عليه، فإذا تبت أن العقوبة حققت أغراضها ولم يعد هناك مجالا للاستمرار فيها، وبالتالي يعد نظام الإفراج المقيد وسيلة تهذيبية وتشجيعية لمكافأة المحكوم عليهم حسن السلوك وآلية فعالة للتخفيف من اكتظاظ المؤسسات السجنية، كما أنه آلية تجسد اعتماد سياسة عقابية مرنة تتماشى مع التوجهات الجديدة في اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
وأكد السيد الوزير أن آلية الإفراج المقيد تستند على مجموعة من المرجعيات الوطنية والدولية أهمها دستور المملكة، والتوجيهات الملكية السامية، المتعلقة بالبعد الاجتماعي للعدالة وحماية السجناء المحرومين من الحرية، حيث جاء في خطاب صاحب الجلالة نصره الله بمناسبة افتتاح السنة القضائية يوم 29 يناير2003 “…كما أننا ندعو الحكومة إلى اغتنام المهلة المحددة لتفعيل القانون الجديد للمسطرة الجنائية من أجل تكوين وتأهيل قضاة تنفيذ العقوبات لمتابعة سلوك السجناء التائبين والاسهام في توسيع فرص الإفراج”، زيادة على التوجيهات الاستراتيجية للوزارة المرتبطة بتنزيل خلاصات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، وكذا ما أقرته المعايير الدولية ذات الصلة سواء في مجال تعزيز الحقوق والحريات، أو في إطار توجهات العدالة، مثل قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية  “قواعد طوكيو ” وغيرها من المذكرات والمبادئ التوجيهية.
وأشار السيد الوزير إلى أن الوضع العقابي بالمغرب أصبح بحاجة ماسة لتفعيل مختلف الآليات القانونية المتاحة، التي توقف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية، أو تعفي منها، أو تكون بديلا لها كحل معول عليه للتصدي للنواقص التي تعتري السياسة العقابية الحالية، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى الساكنة السجنية ببلادنا، والتي تؤثر سلبا على الوضعية داخل المؤسسات السجنية، وتحد من المجهودات والتدابير المتخذة من طرف الإدارة العقابية في تنفيذ برامج الإدماج وإعادة التأهيل وترشيد تكلفة الإيواء، داعيا في نفس الوقت إلى تظافر الجهود من قبل جميع المتدخلين في مجال العدالة الجنائية لأنسنة السياسة العقابية والحد من النواقص التي تعتريها.
كما عبر السيد الوزير عن عزمه الأكيد وإرادته الصريحة في تفعيل هذه المسطرة القانونية الرامية إلى توسيع فرص الإفراج، وتكريس مساهمتها في التخفيف من الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية من جهة، وإعادة تأهيل وإدماج النزلاء والحد من حالات العود من جهة أخرى، وأشار أن وزارته ستبقى منفتحة على اقتراحات ومبادرات كافة القطاعات المعنية والفاعلة في مجال تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وما يرتبط بالمواكبة البعدية للسجناء وتأهيلهم وإعادة إدماجهم داخل المجتمع للتفعيل الأمثل لهذه الآلية.

كلمة رئيس النيابة العامة

من جهته قال رئيس النيابة العامة الحسن الداكي: إن عدد المستفيدين من الإفراج المقيد بشروط لم يتجاوز 408 مستفيدين منذ سنة 2019 إلى غاية سنة 2023،  أي بنسبة 5.8 بالمئة من مجموع الملفات المحالة من طرف المندوبية العامة على مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، والبالغ مجموعها 6972 ملفا.
وأضاف بأن عددا من الدول، في المقابل، تحرص كل الحرص على تفعيل الإفراج المقيد بشروط بشكل مكثف بحيث يصل عدد المستفيدين منه بكل من اسبانيا وفرنسا على سبيل المثال الى حوالي 8000 مستفيد سنويا، والى 18000 مستفيدا في السنة بكندا.
كما أشار الى أن المشرع المغربي أقر مجموعة من الآليات القانونية التي تخول إمكانية الإفراج  عن السجين قبل انقضاء مدة العقوبة السالبة للحرية المدان من أجلها ، ومن بينها الافراج المقيد بشروط ، وأحاطه بشروط توازي بين فلسفة الإصلاح والتأهيل والتحفيز من خلال وجوب استقامته وحسن سيرته و بين متطلبات الردع الذاتي واستشعار الخطأ المرتكب اتجاه النفس والضحية والمجتمع عبر وجوب قضائه لجزء من مدة العقوبة المحكوم بها عليه، يوضح الداكي، قبل أن يضيف بأنه اذا كانت العقوبة جنائية وجب عليه قضاء نصف المدة المحكوم بها عليه ، واذا كانت العقوبة جنحية وجب عليه قضاء ثلتي المدة المحكوم بها عليه.
واعتبر رئيس النيابة العامة أن هذا التوجه يتضمن حمولة إصلاحية تكرس تثمين مسار السجناء المدانين الذين انخرطوا بجدية في برامج الإصلاح والتأهيل، وأبانوا عن حسن سلوكهم والتزامهم بالضوابط القانونية والتنظيمية التي تؤطر تواجدهم داخل الفضاءات السجنية، بالإضافة الى أنه يشكل عاملا محفزا لمعظم السجناء لأجل الانخراط التلقائي في برامج التأهيل والإصلاح والتطلع إلى الاندماج بعد الإفراج داخل النسيجين الاقتصادي والاجتماعي بشكل سليم وفعال.
وتساءل المتدخل حول الأسباب التي تحول دون الرفع من عدد المستفيدين من الإفراج المقيد بشروط بمؤسساتنا السجنية ، هل هي أسباب مرتبطة بقلة الملفات المقترحة ؟ أم بشخصية المدانين وخطورة الأفعال المحكوم عليهم من أجلها أو بنظرة المجتمع إلى هؤلاء وعدم تقبله الإفراج عنهم قبل انتهاء مدة عقوبتهم ؟ أم هناك أسباب لها علاقة بالشروط المنصوص عليها في المنظومة القانونية ذات الصلة، والتي قد تتمثل في صعوبة توفير الوثائق المتصلة بتملك المعني بمقترح الإفراج لوسائل شخصية للعيش او لمهنة ذات دخل قار؟  أو لتعذر توفير شهادة إيواء أو شهادة من مشغل يلتزم بتشغيل المعتقل بمجرد الإفراج عنه تحت طائلة رفض الطلب؟ ثم هل من الضروري التساؤل أيضا بشأن الدور الذي يمكن ان تلعبه السلطات المعنية في هذا الصدد من خلال إبداء رأيها في المقترح وتوفير سبل احتضان المعني بالأمر بعد الإفراج عنه متى كان ذلك متاحا؟
وأكد أن واقع الحال يقتضي إيجاد أجوبة عن هذه التساؤلات وما يمكن أن يطرح غيرها والتي قد تشكل عائقا لاعتماد مثل هذه الآلية القانونية لتيسير إعادة إدماج بعض النزلاء متى توفرت شروط ذلك، معبرا عن عزم رئاسة النيابة العامة، على مواكبة قضاة النيابة العامة لتفعيل مختلف أدوارها المحددة قانونا في سبيل الدفع قدما لإعمال آلية الإفراج المقيد بشروط، سواء ما يرتبط بالحرص على تجهيز الملفات في آجال معقولة بهدف رفعها إلى وزارة العدل ذات الاختصاص في هذا المجال، أو من خلال مواكبة مدى تقيد المفرج عنهم بالضوابط القانونية التي تحكم الإفراج عنهم، والتدخل عند الاقتضاء كلما عمدوا إلى خرق تلك الضوابط بإعادة كل من يخالفها أو يتجاوزها إلى المؤسسة السجنية لقضاء ما تبقى من عقوبته قبل الإفراج عنه وفق المحددات القانونية في هذا الإطار .

كلمة وسيط المملكة

أكد وسيط المملكة محمد بنعليلو أن موضوع الإفراج المقيد، بالنسبة لمؤسسة الوسيط، فرصة لإبراز جوانب أخرى ‏من مجالات تدخلاتها المتعددة، في إطار المهام التي تضطلع بها لفائدة مرتفقي الإدارة ‏العمومية، والمتمثلة أساسا في الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة ‏والمرتفقين.‏
وأضاف أن تواجده، إلى جانب أهم المتدخلين التقليديين في ‏موضوع إعادة الإدماج، يعكس التزاما معلنا من مؤسسة وسيط المملكة لأجل المساهمة ‏في إيجاد الظروف الارتفاقية الملائمة لـ "إعادة الإدماج"، بما يتوافق مع سيادة القانون ‏والمعايير الدولية لحقوق الإنسان من جهة، وبما يتماشى وقواعد العدل والإنصاف التي ‏ينبغي أن يستند إليها الارتفاق العمومي الجيد من جهة ثانية.‏
كما أشار الى أن هذه الندوة فرصة سانحة لتأكيد حرص مؤسسة وسيط ‏المملكة على فتح "بُعد جديد" في موضوع إعادة الإدماج، وهو ما أطلق عليه "البعد ‏الارتفاقي في إعادة الإدماج"، كونه بعدا لا يقبل التجسيد إلا من خلال مبادرات إدارية ‏هادفة إلى تدبير الضغوطات الاجتماعية، والقانونية أحيانا، وتحقيق الدعم الإداري لفئة ‏المفرج عنهم، عبر تبسيط المساطر ذات الصلة بالوثائق والشواهد الإدارية، وضمان ‏حقوقهم الأساسية على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين، من أجل اندماج حقيقي ‏قائم على علاقات ارتفاقية سليمة في مجتمع "ما بعد الإفراج" .‏
وفي هذا السياق، شدد وسيط المملكة على كون الاشتغال عبر "بوابة الارتفاق ‏العمومي" يعتبر مدخلا آخر من مداخل تخطي الصعوبات التي تفرضها التعقيدات القانونية ‏والإجرائية التي قد يواجهها المفرج عنهم، مع ما تكون عنهم من ترسبات اجتماعية ‏محكومة بأفكار مسبقة تشكل ما وصفه "بالآثار الارتفاقية للعقوبة"؛ وبالتالي دعا ‏محمد بنعليلو من خلال مداخلته إلى إرساء منطق توجيه ارتفاقي ذكي يزاوج في معالجة ‏الموضوع بين الاحتياجات الفردية المعبر عنها من قبل المفرج عنهم، والبعد المتكامل ‏الضامن لنجاح عملية إعادة إدماج هذه الفئة.‏

المجلس الأعلى للسلطة القضائية

من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، أن تنظيم هذه الندوة “أكبر دليل على الانشغالات الراهنة بمتطلبات وآليات التخفيف من اكتظاظ المؤسسات السجنية، بعدما أمكننا جميعا أن نفتخر بمستوى النتائج المحققة على مستوى موضوع الاعتقال الاحتياطي الذي عرف انخفاضا مضطردا غير مسبوق بلغت نسبه حسب احصائيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج خلال متم شهر أبريل المنصرم 33,87 بالمائة”.
 
وأضاف المنتصر بالله:  "إنه على هدي التوجيهات الملكية السديدة، وتفعيلا لاختصاصاته الدستورية كمؤتمن على الحقوق والحريات في إطار دولة الحق بضمان سيادة القانون، يساهم المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المجهودات الكبيرة المبذولة من طرف جميع المتدخلين في المسارات الإجرائية لسلب الحرية، من الوضع تحت الحراسة النظرية إلى ما بعد صدور مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي".
وسجل أنه من هذا المنطلق ودعما لمساعي الرفع من أداء لجنة الافراج المقيد، سبق للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن وجه دورية سنة 2021 إلى المسؤولين القضائيين قصد تذكير قضاة تطبيق العقوبات بمقتضيات المادة 596 من قانون المسطرة الجنائية التي أوكلت لقضاة تطبيق العقوبات صلاحية تقديم مقترحات العفو والإفراج المقيد بشروط.

المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج

بدوره، أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، أن الافراج المقيد بشروط يندرج ضمن مجموعة من الإجراءات القانونية التي ينعكس تفعيلها إيجابا على مستوى المساهمة في العملية الإدماجية للسجناء، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يعتبر محفزا للسجناء لتقويم سلوكهم والانخراط في البرامج التأهيلية لاستيفاء الشرط الذاتي للاستفادة من الافراج المقيد بشروط.
وأضاف التامك، في كلمة تلاها بالنيابة عنه مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء، إدريس أكلمام، أن الإفراج المقيد بشروط يمكنه، أيضا، تحصين المستفيدين من حالة العود، لافتا إلى أن المستفيدين غالبا ما يحرصون على تفادي الاخلال بشروط الإفراج خشية الرجوع للسجن لتتميم ما تبقى من العقوبة، مما يساهم في عملية الاندماج في المجتمع والوقاية من العود.
وأبرز أن المندوبية، ووعيا منها بأهمية الافراج المقيد بشروط، بادرت إلى تعميم دوريات ومذكرات إدارية على جميع المؤسسات السجنية تحثها فيها على القيام بحملات تحسيسية وتوعوية في صفوف السجناء وذويهم، بهدف توعيتهم ودفعهم إلى تقديم طلبات الترشيح للإفراج المقيد بشروط بالنسبة للمتوفرين على الشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والمرسوم التطبيقي للقانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، ومساعدتهم على استكمال الوثائق الضرورية لتكوين ملف الترشيح، إلى جانب اعتمادها لمجموعة من الدعائم التواصلية الأخرى كدليل السجين (بلغاته الخمس) وتوزيعه على جميع السجناء، بالإضافة إلى ملصقات موزعة على مختلف مرافق المؤسسة السجنية.

المجلس الوطني لحقوق الانسان

أشغال اللقاء عرفت أيضا مشاركة المجلس الوطني لحقوق الانسان، حيث قال الدكتور أنس سعدون مستشار مكلف بمهمة في ديوان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، أن تفاقم ظاهرة اكتظاظ السجون بشكل عام وارتفاع عدد المعتقلين الاحتياطيين بشكل خاص، يؤثر سلبا على جميع الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها النزلاء، لاسيما احترام القواعد الخاصة بالمساحة الدنيا المتعارف عليها دوليا، رغم المجهودات المبذولة لتحسين شروط إيواء السجناء عن طريق إحداث مؤسسات سجنية جديدة وتوسيع أخرى، إضافة إلى التغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج.
وأضاف أن المجلس عبر في مجمل تقاريره السنوية منذ سنة 2019، عن قلقه من ارتفاع عدد الساكنة السجنية، ودعا الى اتخاذ مجموعة من التدابير الاستعجالية تتعلق أساسا بترشيد الاعتقال الاحتياطي عن طريق تعميم اعتماد معايير موحدة من طرف النيابات العامة في إصدار الأوامر بالاعتقال في بعض الجرائم غير الخطيرة، كما أوصى أيضا بضرورة إعمال تدابير المراقبة القضائية وفق ما ينص عليه قانون المسطرة الجنائية خاصة المادتين 160 و161، مع تفعيل إجراءات الإفراج المقيد بشروط المنصوص عليها في المادة 622 من قانون المسطرة الجنائية.
ونوه المتدخل باستجابة وزارة العدل لعدد من التوصيات التي قدمها المجلس حول مشروع قانون العقوبات البديلة، خاصة ما يتعلق بتوسيع نطاق تطبيقه وتضييق مجال الجرائم المستثناة منه، مؤكدا على عدد من التوصيات التي قدمها المجلس أيضا في مجال قانون المسطرة الجنائية ومن أبرزها تلك المتعلقة بقضاء تطبيق العقوبات حيث قال في هذا الصدد أنه "يتطلب تفكيرا جديا بهدف تطويره وتوسيع صلاحياته وتدعيم إمكانياته لكي يصبح قادرا فعلا على القيام بدور أكثر جدوى وفعالية في مجال تفريد العقوبة"، مشيرا الى أن إحداث مؤسسة قاضي العقوبة على المستوى المقارن يهدف الى تعزيز مسار إصلاح الجاني المحكوم عليه جنائيا خاصة في بلدان مثل فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة، ومناطها يدور في القانون المقارن حول ضرورة تفريد العقوبة أثناء تنفيذها بعد أن قام بتفريدها قاضي الحكم. أي أن قاضي تطبيق العقوبات يسهر على إدخال المرونة اللازمة على العقوبة لكي تتكيف مع تغير وتطور أحوال الشخص المعني بها، لأن تلك الأوضاع تتغير بالضرورة"، مؤكدا على أهمية تحديث وتطوير قضاء تطبيق العقوبات في المغرب في اتجاه توسيع صلاحياته وتدعيم إمكانياته لكي يتمكن من القيام بدوره العلاجي والوقائي في نفس الوقت.

مؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء

من جهته، أكد المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد جمالي الإدريسي، أن آلية الإفراج المقيد بشروط، أحد المعابر السالكة بيسر إلى اندماج آمن ومجد للسجين المفرج عنه في النسيج الاجتماعي، معتبرا أنها تعد، كذلك، أحد السبل التي تحقق غرض العقوبة في الإصلاح والتأهيل والدفع إلى حسن السلوك والاستقامة في السيرة.
وقال إن آلية الافراج المقيد بشروط، ومن خلال طبيعتها اللانهائية، تعتبر رقابة ذاتية لدى المتمتع بها تستنفر حواسه وتؤطر تصرفاته في جو من المسؤولية واستحضار التبعات، وهو ما يعزز ثقته بنفسه ويعزز ثقة المجتمع به.
وسجل الإدريسي أن مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والتي أسسها ويرأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من مهامها النهوض بالبرنامج الطموح الذي يسهر عليه جلالته، قصد إعادة إدماج نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية بشكل ناجع وفعال في النسق الاجتماعي، ويمتد عملها إلى أفراد أسرهم زمن فترة العقوبة، ثم يستتبع بعد الافراج برعاية لاحقة طلبا لاكتمال عملية إدماجهم في النسيجين الاجتماعي والاقتصادي ليكون حائلا بينهم وبين العود الى مستنقع الجريمة.
وشدد على أن التصدي للجريمة عموما والوقاية منها يتطلب اليوم وبإلحاح تعزيز التكامل بين المقاربة الصلبة المطلوبة دوما دون هوادة أو تراخي، وبين المقاربة الناعمة التي منها تفريد العقوبة على مستوى التنفيذ الإداري أو العقابي بإعمال أوسع لآلية الافراج المقيد بشروط في حق من استجمع موجباتها الموضوعية وتحققت له معها شروطها الشكلية.

المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب

بدورها أشادت المديرة القانونية للمعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب، تيريز رايتر، بانخراط المملكة منذ سنوات طويلة في مكافحة التعذيب، مبرزة أن المغرب يعتبر على الصعيد الدولي عضوا منتخبا في لجنة مناهضة التعذيب، فضلا عن كونه واحدا من ست دول أرست مبادرة “اتفاقية مناهضة التعذيب”.
وعلى المستوى الإقليمي، تضيف رايتر، يضطلع المغرب بدور ريادي في النهوض بحقوق بالإنسان على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذا إفريقيا جنوب الصحراء، مع إيلائه أهمية خاصة لمناهضة التعذيب واللجوء للعقوبات البديلة.
وتجدر الإشارة الى أن أشغال اللقاء عرفت توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة العدل ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، تتوخى البحث عن مداخل لتفعيل آليات الإفراج المقيد بشروط لنزيلات ونزلاء الفضاءات السجنية.
وبموجب هذه المذكرة يترجم الطرفان رغبتهما في التعاون للبحث عن مداخل لتفعيل آليات الإفراج المقيد بشروط لنزيلات ونزلاء الفضاءات السجنية في تحقيق الوظائف المتوخاة منها في إطار السياسة العقابية الحديثة، خاصة في مرونة وتوسيع فرص الإفراج المشروط بطبيعة إعادة الإدماج والحد من حالات العود.
وتلتزم مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، حسب ما تنص عليه المذكرة، بالأساس، بإحداث وتفعيل برنامج خاص لمواكبة ومصاحبة فئة المستفيدين من شروط الإفراج المقيد بشروط بما يتناسب ووضعياتهم، تروم ضمان شروط اندماجهم الفعال في النسيجين الاجتماعي والاقتصادي، وتتبع الإدارة المركزية للمؤسسة للبرنامج الخاص المسطر لهذه الفئة على المستوى الوطني من خلال المراكز الجهوية للمصاحبة وإعادة الإدماج التابعة للمؤسسة.
كما ستسعى المؤسسة، وباقتراح من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج ووزارة العدل، إلى الإسهام في توفير بنية آمنة لفائدة السجناء المستجمعين لشروط الاستفادة من الإفراج المقيد بشروط، كإبرام الصلح وإنجاز تنازلات مع ضحاياهم المباشرين، فضلا عن التنسيق مع المؤسسات التعليمية والتربوية ومؤسسات التكوين المهني بالنسبة للسجناء المتمدرسين أو في طور التكوين من المؤهلين للاستفادة من هذه الآلية لضمان استمرارية تأهيلهم وإعادة إدماجهم.
وتلزم المؤسسة، أيضا، بتجويد وتوسيع سبل التعاون وتبادل المقترحات والخبرات من أجل تفعيل ودعم آلية الإفراج المقيد بشروط، والتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة العدل من أجل تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية وذويهم حول آلية الإفراج المقيد بشروط.
من جانبها، تلتزم وزارة العدل بتمكين المؤسسة من لائحة المستفيدين من شروط الإفراج المقيد بشروط داخل آجال معقولة، والنظر في إمكانية دعم المؤسسة بالأطر البشرية المؤهلة، تيسيرا لعملها في خدمة هذه الفئة، ومواكبة وتتبع الحالات من الفئة المستفيدة من هذه الآلية بتنسيق مع المؤسسة، وتقديم الدعم الإداري المسطري الضروريين عند الاقتضاء، وكذا المساهمة في تنظيم الحملات التحسيسية والتوعوية لفائدة النزلاء وذويهم حول شروط وتدابير الاستفادة من هذه الآلية.
 
 





الثلاثاء 28 ماي 2024
MarocDroit "منصة مغرب القانون الأصلية"

تعليق جديد
Twitter