MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




تخليق الحياة العامة محور ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الأعلى للحسابات ورئاسة النيابة العامة بالمعرض الدولي للكتاب

     



عقد المجلس الأعلى للسلطة القضائية يوم الاثنين  13 ماي 2024 ندوة مشتركة بين المجلس ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات، حول موضوع "تخليق الحياة العامة.. مقاربات متعددة"؛ وذلك في إطار فعاليات الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظم بالرباط، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس.
استهلت أشغال اللقاء بكلمة المستشار عبد اللطيف طهار، رئيس لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة، وعضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية سلط من خلالها الضوء على استراتيجية المجلس في مجال التخليق، والتي تقوم على محورين أساسيين: يتعلق الأول بالمقاربتين التحسيسية والتأطيرية والتي تجسدت في عقد مجموعة من اللقاءات التواصلية مع القضاة ومع الملحقين القضائيين ومع المسؤولين القضائيين لتعريف بمدونة الأخلاقيات القضائية، بينما يتعلق المحور الثاني بالمقاربة التأديبية، حيث أوضح  أن المجلس يراعي عدة مبادئ منصوص عليها في الدستور وفي القوانين التنظيمية وفي قرارات المحكمة الدستورية من أهمها مبدأي الضرورة والتناسب في أي تقييدات قد ترد على حقوق القضاة، فضلا عن مبدأ تدرج العقوبة وتناسبها حيث يأخذ بعين الاعتبار في تحديد العقوبة التأديبية حداثة عهد القاضي بالقضاء وأدائه المهني، كما يستحضر مفهوم "المراقب المعتدل" أو "المعقول" الذي ورد ضمن التعليقات على قواعد بنغالور، والذي يعكس وجهة نظر الغير، من سلوك القاضي. هذا الغير الذي ينبغي أن يكون واعيا بالتزامات المنصب القضائي ودوره في المجتمع، ومتجردا من الأحكام المسبقة، وذلك بشكل موضوعي.

مؤكدا في ختام مداخلته على أن تخليق الحياة العامة يبقى خيارا استراتيجيا للدولة، وكل مؤسساتها معنية بذلك.
من جهته أكد جلال الأدوزي، مفتش بالمفتشية العامة للشؤون القضائية، أن هذه المفتشية تعبأت، منذ دخول القانون المتعلق بها بتاريخ 3 أكتوبر 2021 حيز التنفيذ، للاضطلاع بالمهام التي أناطها بها هذا القانون، تنزيلا لمقتضيات المخطط الاستراتيجي للمجلس الذي سطر ضمن أولوياته تعزيز النزاهة والشفافية.

وتبرز مساهمة المفتشية العامة للشؤون القضائية في مجال التخليق، من خلال مباشرة اختصاصاتها التي حددت في المادة العاشرة من هذا القانون، والمتمثلة في التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة، رئاسة ونيابة عامة، وتنسيق وتتبع التفتيش اللامركزي والإشراف عليه، ودراسة ومعالجة الشكايات والتظلمات التي يحيلها الرئيس المنتدب، والقيام في المادة التأديبية بالأبحاث والتحريات التي يأمر بها الرئيس المنتدب، وتتبع ثروات القضاة بتكليف من الرئيس المنتدب، وتقدير ثروات القضاة وأزواجهم وأبنائهم بتكليف من الرئيس المنتدب وموافقة المجلس.

وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء صالح تزاري في مداخلة حول "دور النيابة العامة في تخليق الحياة العامة" على أن تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد المالي يعتبران من أولويات السياسة الجنائية بالمملكة المغربية، مستندا إلى ما أكدته الخطابات الملكية؛ ومن بينها الخطاب الملكي السامي للملك محمد السادس، بمناسبة ثورة الملك والشعب (سنة 2014)، حيث أكد أن “اللحاق بركب الدول الصاعدة لن يتم إلا بمواصلة تحسين مناخ الأعمال، ولا سيما من خلال المضي قدما في إصلاح القضاء والإدارة ومحاربة الفساد، وتخليق الحياة العامة، التي نعتبرها مسؤولية المجتمع ككل”.

واستعرض المتدخل التوجيهات التي تصدرها رئاسة النيابة العامة، عبر دورياتها، بهدف تخليق الحياة العامة وحماية المال العام ومحاربة الفساد، وتعقب مختلف جرائم الفساد، وتعزيز ثقة المواطن في قدرة العدالة الجنائية على مواجهة تلك الانحرافات، وحماية الاستثمار والمستثمرين، من آثارها السلبية.

وأكد رئيس المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء-سطات، هشام مكروم أن تخليق الحياة العامة يعد أمرا محوريا لتعزيز ثقة المواطن في علاقته بجميع مناحي حياته، في المؤسسات وفي تيسير الولوج إلى الخدمات والمرافق العمومية.

وأضاف أن تخليق الحياة العامة يخلق البيئة السليمة الحاضنة للاستثمار المثمر والكفيل بخلق فرص الشغل، والمساهمة الفعالة في تنشيط الدورة الاقتصادية؛ ما ينعكس على الدولة بتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، وعلى المواطن بتحقيق العيش الكريم.

من جهته قال يوسف غلام، نائب وكيل الملك لدى المجلس الجهوي للحسابات بجهة الدار البيضاء سطات، إن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة مجالس الجهات والجماعات الترابية وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها، ويعاقب عند الاقتضاء على كل اخلال بالقواعد السارية على الهيئات المذكورة.
وأورد غلام أن الوظيفة العقابية تظهر كنتيجة وتكملة للأعمال الرقابية الأخرى لهذه المحاكم المالية، بما يحقق التكامل في اختصاصاتها بين ما هو قضائي والغير قضائي، أي الجمع بين السلطة الرقابية وبين السلطة العقابية في احترام تام للمعايير الدولية في هذا الشأن.

أشغال الندوة عرفت أيضا تقديم عرض من طرف عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أحمد أجعون أكد فيه أن تخليق الحياة العامة يعد ركيزة أساسية للحكامة الجيدة وضمانة للنزاهة والشفافية، ولا يمكن أن يتأتى هذا التخليق إلا من خلال مقاربة متكاملة وشمولية ومتعددة الركائز؛ فهي قضية مجتمعية.

وأضاف أن الجامعة هي مجال للتنشئة والتكوين في مجال تخليق الحياة العامة، وهي فضاء للنقاش والحوار والبحث العلمي المرتبط بالتخليق؛ وذلك عبر وضع مجموعة من البرامج التي تعالج مواضيع الأخلاق والقيم ووحدات قانونية وتدبيرية. مؤكدا أن التكوين المشار إليه يمتد ليشمل مجال الرقمنة والحكامة الرشيدة، وتفصيل اختصاصات جميع المتدخلين في تخليق الحياة العامة؛ من سلطات قضائية وإدارية ورقابية وسلطات إنفاذ القانون وغيرها.

أشغال الندوة التي عمل على تأطيرها المستشار محمد زاوك عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية عرفت فتح باب النقاش أمام زوار الرواق حيث ثمنت مداخلات المشاركين انفتاح المؤسسة على محيطها المجتمعي وعلى الجامعة، كما تم تقديم مقترحات من أجل المساهمة في تخليق الحياة العامة من قبيل استحضار دور المتقاضين في التخليق من خلال التقاضي بحسن نية، وتفعيل التواصل وتبسيط المعلومة وتسهيل الولوج الى العدالة، فضلا عن تسريع وثيرة التعديلات التشريعية بتجريم الاثراء غير المشروع وإخراج القانون المنظم لتضارب المصالح ومراجعة قانون التصريح بالممتلكات، وتفعيل تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتمكينه من القيام بأدواره خاصة ما يتعلق بتفعيل التبادل البيني للمعلومات.

تجدر الإشارة الى أن الندوة عرفت مشاركة كبيرة من طرف مسؤولين قضائيين وقضاة وملحقين قضائيين ومحامين وأساتذة جامعيين وطلبة باحثين.
 






الجمعة 17 ماي 2024
MarocDroit "منصة مغرب القانون الأصلية"

تعليق جديد
Twitter