MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




د/ ساعف: الفاعلين المعنيين بالحوار الاجتماعي لم يعودوا هم الأطراف الثلاثة المعروفة تاريخيا بل لا بد من الانتباه إلى الحركات الاجتماعية الصاعدة وإدماج الفاعلين الجدد

     



تبعا للتغييرات التي طالت طبيعة الملفات الاجتماعية بالمغرب، قال المفكر عبد الله ساعف، إن إشكالية الحوار الاجتماعي، الذي يعد إحدى ركائز الدولة الاجتماعية، أصبحت أكثر اتساعا وتعقيدا وتتجاوز الأنماط الكلاسيكية والتقليدية.

وشدد ساعف، في مداخلة له خلال الندوة التي نظمتها وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، حول موضوع « الحوار الاجتماعي: من أجل مقاربة متجددة لمفهوم الوساطة السياسية »، على أن الحوار الاجتماعي يجب أن لا يقتصر على الإشكاليات الكلاسيكية التي تطرح عشية كل فاتح ماي من قبيل… »حقوق العمال أو الحديث عن الأجور وإعادة النظر فيها، وكل ما يتعلق بالحماية الاجتماعية… ».

بالنسبة لرئيس مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، فإن المسائل التي ينبغي أن تطرح في الحوار الاجتماعي يجب أن تتجاوز ما أسماه بـ »الكتلة الكلاسيكية »، ويجب أن يعنى في المقابل من ذلك، بالإجابة عن أسئلة أكثر شمولية تمس المجتمع، وتبحث عن تأطير الممارسات الاجتماعية التي فرضت نفسها اليوم، والتي تمس مثلا بإشكالية الحد من اللا مساواة والعدالة الاجتماعية، كما ينبغي أن يلامس الحوار أيضا قضايا تحديث الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، والنموذج الاجتماعي المغربي الذي يمكن بناؤه، والذي يحتاج إلى المزيد من النقاش والترسيخ.

مضمون الحوار الاجتماعي وفقا لساعف يتجاوز علاقات قضايا الشغل، ويطرح أسئلة كبرى تخترق المجتمع المغربي، من كل أطرافه.

وفقا لتحليل ساعف فإن الفاعلين المعنيين بالحوار الاجتماعي لم يعودوا هم الأطراف الثلاثة المعروفة تاريخيا ( العمال وممثلوهم من النقابات والمقاولات والحكومة)، بل لا بد من الانتباه يضيف ساعف، إلى الحركات الاجتماعية الصاعدة والتفكير في إدماج الفاعلين أو الوافدين الجدد الذين باتوا  يفرضون أنفسهم في الساحة الاجتماعية أيضا.

ومن جانبه أكد محمد الطوزي، الأكاديمي وعضو لجنة النموذج التنموي الجديد، قال إن “موضوع النقاش يشكل آلية توجد لها مرجعيّة تاريخية وأيضا دستورية تتمثل في التنصيص على الديمقراطية التشاركية”، مسجلا أنه “بخصوص أدبيات الحوار الاجتماعي يتبين أن المغرب قطع عدة محطات بخصوص شروطه، لاسيما في الأسس والمراجع المؤسساتية التي تؤطر حرية النقابات وحرية التفاعل بين الفاعلين وقضية الشركاء الاجتماعيين”.

وعبّر الطوزي عن تصوره الذي يعتبر أن “الربط بين الحوار الاجتماعي والدولة الاجتماعية يكشف الحاجة إلى توسيع الإطار ليشمل الفاعلين الجدد المنظمين، وليس فقط النقابات”، لافتا إلى “التفكير في المفاهيم المؤطرة للحوار: الشرعية السياسية والشرعية النقابية”، وأضاف: “لا يمكن أن يكون هناك حوار في ظل تغييب الدور المحوري للبرلمان، حيث يوجد الحوار، ودون أخذ القول الحاسم للمعارضة بعين الاعتبار؛ فتطوير الحوار السياسي أولوية قبل المرور للحوار الاجتماعي”.

وشدد أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية على ضرورة “التفكير في شرعية المصالح الفئوية والمصالح الجماعية الخاصة وقضايا الصالح العام، الذي ينبثق من خيارات سياسية واضحة، وهو أخذ شرعية هذه المصالح الفئوية وقدرة الفاعلين على تدبير الضغوطات بالأهمية الكافية”، وتابع شارحا: “في ظل أزمة عالمية للتمثيلية والوساطة، وليس في المغرب فقط، يبدو أن الشركاء الاجتماعيين يجب أن يكونوا أقوياء وأن تتوفر لديهم ضمانات لاحترام الالتزامات؛ فالتجربة التي عاشها المغرب في قطاع التعليم تطرح عدة أسئلة بخصوص قضية التمثيلية والالتزام بالتعهدات”، وهذا، حسبه، يسائل “الثقة في النظام السياسي ككل وما يرسمه من أفق أو اختيارات”.

ومتحدثا عن “أخلقة” الحوار الاجتماعي، أجمل الطوزي كلمته بالتشديد على “خلق خطاب سياسي واضح ومسؤول، مؤطر ببعد أخلاقي، يقوّي الثقة والوضوح في المواقف”، معتبرا أن “كل هذا يدخل في إطار الثقافة السياسية ككل؛ ولكن المدخل الأخلاقي جد مهم ويشمل حتى المحيط: الصحافة وسائل الاتصال؛ وإذا لم يكن هذا المناخ العام الذي يدخل فيه الحوار متوفرا تكون هناك عدة تجاوزات”.

هسبريس - اليوم 24 - MarocDroit




الاحد 19 ماي 2024
MarocDroit "منصة مغرب القانون الأصلية"

تعليق جديد
Twitter