كلمة الباحثة لتقديم موضوع الرسالة أثناء المناقشة
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى أستاذي الحسين بلحساني على قبوله الإشراف على هذا البحث وعلى حسن تأطيره، كما أوجه الشكر الجزيل إلى كل من أستاذي عبد العزيز حضري وأستاذي محمد شهيب على تحملهما عناء قراءة الرسالة وعلى مناقشتها، والشكر موصول إلى جميع الطاقم البيداغوجي لماستر قانون العقود والعقار وخصوصا أستاذي الجليل إدريس الفاخوري وأستاذتي دنيا مباركة.
فيما يخص رسالتي التي تحمل عنوان "دور وثائق التعمير في التنمية وتهيئة المجال الحضري بين القانون والواقع"، فنظرا للتوسع الذي أصبحت تعرفه المدن المغربية وما ترتب عنه من اختلالات على مستوى المشهد الحضري، أصبح تحقيق التنمية الحضرية بكل مكوناتها الشغل الشاغل للدولة، الشيء الذي دفع هذه الأخيرة إلى الاهتمام بالتعمير، وإيجاد مخرجات معقلنة وذلك بالتدخل بمجموعة من الوسائل القانونية والتقنية التي تهدف إلى ضمان تخطيط حضري سليم يأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي يعرفها المجال، ويستجيب لمتطلبات المدن الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل من بين الوسائل المعتمدة في هذا الإطار، هناك وثائق التعمير والتي تعد أهم وسائل التخطيط الحضري والتي تستعمل لتنفيذ مختلف توجهات الدولة في مختلف الميادين، وهذه الوثائق منظمة بمقتضى القانون 90-12 الخاص بالتعمير، ومحصورة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التنطيق وتصميم التهيئة وتصميم التنمية، وهذا الأخير لم يتم تناوله بالدراسة في هذا البحث باعتبار الموضوع يرتبط بالمجال الحضري فقط.
وبذلك فإن أهمية الموضوع تظهر من خلال الدور الهام الذي تقوم به وثائق التعمير في تنظيم المجال، وذلك عن طريق ضبطه وتخصيص أراضيه لمختلف التجهيزات والمرافق العمومية، وكذلك تزويده بالبنى التحتية، مما يساهم في إنتاج مجال قادر على جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال وبذلك تنمية المدينة المؤطرة بوثائق التعمير.
وعليه، فإن هذا موضوع تتقاطع فيه مجموعة من الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لارتباطه بمختلف جوانب حياة الساكنة الحضرية.
ولقد كانت الإشكالية المحورية للموضوع هي إلى حد استطاعت وثائق التعمير تحقيق التهيئة الحضرية التي تستجيب لمتطلبات ساكنة المدن ولمتطلبات التنمية المحلية للمجال الحضري المؤطر
بها؟
وقد حاولت معالجة هذه الإشكالية من خلال تقسيم الموضوع إلى فصلين تناولت في الفصل الأول والذي كان معنونا بـ "وثائق التعمير كآلية للتنمية والتخطيط الحضري " الإطار القانوني لوثائق التعمير وما يدخل في ذلك من مسطرة إعداد هذه الوثائق والغرض منها وآثارها، وميزت في ذلك بين وثائق التعمير التقديرية ووثائق التعمير التنظيمية.
كما تطرقت لدور وثائق التعمير في تنظيم المجال العمراني والتنمية في البحث الثاني والذي تحدثت فيه عن دورها في إنجاز التجهيزات الأساسية ومختلف المرافق العمومية، وكذلك لدورها في تنمية قطاع السكن ومحاربة السكن غير القانوني ودورها في التنمية الاقتصادية وجلب الاستثمارات، وانصبت الدراسة في هذا الإطار على الجهة الشرقية وخصوصا كل من مدينة وجدة وبركان وجرادة.
وتناولت في الفصل الثاني معيقات التنمية الحضرية المرتبطة بوثائق التعمير وفصلت فيه مختلف المعيقات سواء تلك المرتبطة بمسطرة إعداد وتنفيذ وثائق التعمير أم تلك المرتبطة بالعقار وبمسطرة الإقتناء.
وخلصت في الأخير إلى انه رغم الدور الذي تلعبه وثائق التعمير في تنمية وتهيئة المجال الحضري، إلا أن هناك مجموعة من الإكراهات التي تحول دون أداء دورها على أكمل وجه والتي ترجع بالأساس إلى مجموعة من الثغرات في النص القانوني المنظم لها بالإضافة إلى مجموعة من الإكراهات الأخرى كمركزية إعداد هذه الوثائق وضعف التمويل وعدم وجود رصيد عقاري كاف لتنفيذ مختلف التوجهات المضمنة في وثائق التعمير، وأخيرا حاولت إعطاء مجموعة من الاقتراحات والتي من شأنها تعديل مختلف الصعوبات التي تعترض وثائق التعمير.