رفقته نسخة للتحميل
إهداء:
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين الذي أنعم علي بنعمة العلم والمعرفة، والذي وفقني وأعانني في كل خطوة من خطوات هذا البحث.
إلى والدي العزيزين، اللذين كانا ولا يزالان سندي وداعمي الأساسيين في كل مراحل حياتي العلمية والعملية. والدتي الحبيبة، التي علمتني معنى الصبر والإصرار، والتي كانت دائماً تشجعني على المثابرة والاجتهاد لتحقيق أحلامي. ووالدي الكريم، الذي غرس في نفسي القيم والمبادئ السامية، وكان دائماً يشجعني على الاستمرار والمضي قدماً مهما كانت الصعاب. لكما مني كل الحب والتقدير، وأهديكما هذا العمل تقديراً واعترافاً بفضلكما العظيم في حياتي.
إلى أسرتي الكريمة، التي تحملت معي أوقات انشغالي وضغوط العمل، وكانت دائماً مصدر دعم معنوي لا ينضب. أهديكم هذا الإنجاز تعبيراً عن شكري وامتناني لمساندتكم وتشجيعكم المستمر.
إلى أصدقائي وزملائي، الذين كانوا دائماً بجانبي، يقدمون لي الدعم والمساندة، ويشاركونني الأفكار والطموحات. لكم مني جزيل الشكر والامتنان، وأتمنى أن يكون هذا العمل إضافة قيمة لمسيرتنا العلمية.
إلى الدكتورة مونية علالي والدكتور باولو برانكا، اللذين أشرفا على هذا البحث بكل دقة واحترافية، وقدموا لي كل السبل الممكنة والمتاحة لإنجاحه. شكر خاص على توجيهاتكم السديدة، وصبركم الكبير في متابعتي وإرشادي طوال فترة البحث. إن جهودكم وتفانيكم كان لهما الأثر الكبير في إتمام هذا العمل بنجاح.
إلى كل باحث مهتم في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، أهديكم هذا البحث آملاً أن يكون مرجعاً مفيداً ودعماً لمسيرتكم العلمية. أرجو أن يسهم هذا العمل في تعزيز المعرفة وتقديم حلول عملية لمواجهة هذه التحديات الخطيرة التي تواجه مجتمعاتنا.
ختاماً، أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يبارك فيه وينفع به. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
شكر وتقدير:
أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لجميع القائمين على جامعة بيومونتي أوريونتالي، وعلى رأسهم عميد الجامعة، لما قدموه من دعم وتشجيع مستمرين، ولما وفروا من بيئة علمية محفزة أسهمت في إنجاز هذا العمل.
وأخص بالشكر الجزيل المشرف على هذا البحث العلمي، الدكتور باولو برانكا، الذي كان له الدور الكبير في إرشادي وتوجيهي ومتابعتي طوال فترة إعداد البحث. ولا يملك الباحث إلا أن يدعو الله له بدوام الصحة والعافية، وأن يوفقه لمزيد من الرقي والتقدم.
كما أتقدم بالشكر العميق لجميع أساتذتي في الجامعة، وعلى رأسهم الدكتورة مونية، الذين أسهموا في تكويننا العلمي والفكري، وقدموا لنا من علمهم وخبراتهم ما ساعدنا على التطور والنمو. شكراً لكم جميعاً على ما بذلتموه من جهود وما قدمتموه من دعم.
ولا يسعني هنا إلا أن أوجه الشكر لكل من ساهم في إعداد وإخراج هذا البحث في صورته النهائية. إلى زملائي وأصدقائي الذين شاركوني هذه الرحلة، وقدموا لي الدعم والمساندة، وإلى أسرتي العزيزة التي كانت دائماً معي، تحملت معي أوقات انشغالي وضغوط العمل، وساندتني بكل حب واهتمام.
ختاماً، أتمنى أن يكون هذا البحث إضافة قيمة للمجال العلمي، وأن يسهم في دفع عجلة المعرفة والبحث العلمي إلى الأمام. وأسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به الجميع.
تحليل لأهم الرموز المستعملة في الرسالة:
- ر= رقم.
- س.ج = السنة الجامعية.
- س. ن = سنة النشر.
- ص = صفحة.
- ط = طبعة.
- ع = عدد.
- ق . د = القانون الدولي.
- م.د = المشرع الدولي
- م . ج = مرجع سابق.
- P = Page.
- Op.cit. = Ouvrage précité.
- N = Numéro.
- Edi = Edition.
المقدمة:
تعتبر جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية من الجرائم الأكثر شيوعا في كل بقاع العالم، والأكثر تهديدا للأمن الصحي والإقتصادي والثقافي والسياسي في كل المجتمعات، وهي بإنتشارها السريع وخطورتها المتزايدة أصبحت محط إهتمام من طرف كل الهيئات والمنظمات المحلية والدولية، فتعالت الأصوات الداعية إلى تشديد العقاب في حق مقترفيها عقابا لا يطال حريتهم فحسب، وإنما يمتد إلى متحصلاتهم وعائداتهم من الجرائم.[1]
وتشير إحصائيات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) لعام 2023 إلى أن نحو 275 مليون شخص على مستوى العالم تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا قد استخدموا المخدرات خلال العام الماضي، مع زيادة بنسبة 22% مقارنة بالسنوات العشر الماضية. كما أن حوالي 36 مليون شخص يعانون من اضطرابات ناجمة عن استخدام المخدرات . ووفقًا لتقرير المخدرات العالمي لعام 2023، فإن معدل الوفيات الناتجة عن تعاطي المخدرات بلغ حوالي 500,000 حالة وفاة سنويًا، منها 70% بسبب الجرعات الزائدة .
ويرجع تاريخ إستعمال المخدرات إلى العصور ما قبل التاريخ، فقد كانت تستعمل من طرف بعض الشعوب والقبائل من أجل تغيير المزاج الشخصي والنفسي وجلب السرور والنشاط الجسماني كما أن بعض الشعوب إستعملها كطقوس دينية.
وإتخذت مشكلة المخدرات والمؤثرات العقلية مكانة متقدمة بين مشكلات العالم المعاصر، حيث كانت في الماضي لا تهم سوى عدد محدود من الدول التي تعاني منها، وأصبحت هذه المشكلة في عالمنا اليوم تمدد بأضرارها ومخاطرها البشرية جمعاء والمجتمع الدولي بأسره. [2]
لذلك لم تعد هاجسا يقلق دولة دون أخرى أو جهاز دون آخر، بل صارت مواجهتها تقتضي تظافر الجهود المختلفة وتكاثفها سواء على الصعيد الدولي أو الوطني، مما يجعل أي سياسة جنائية مطلوب منها أن تتفاعل وأن تتفتح على واجهتين.
الوجهة الأولى: العمل الدولي المشترك في سبيل القضاء على وباء المخدرات وعلى عصابات الاتجار فيه، باعتبار أن جرائم المخدرات كان ينظر إليها في الماضي بوصفها جرائم عادية محلية في مستوى جرائم تهريب التبغ والمسكرات بينما أصبح المجتمع الدولي حاليا يصنفها في عداد الجرائم الدولية " عبر الوطنية" بحكم أنها تهدد الكرامة البشرية، وصحة الإنسان، وتسعى إلى تقويض قيم وفضائل المجتمع الإنساني قاطبة.
وهكذا فإن التوجهات والاختيارات المقررة في نطاق العمل الدولي المشترك تنعكس بصورة مباشرة على السياسات الوطنية الجنائية للدول، وتحرص هذه السياسة[3] على أن تستوحي مختلف المبادئ والأسس الواردة في القرارات والتوصيات الدولية وكذا الاتفاقيات المتعددة الأطراف أو الثنائية.
الوجهة الثانية: العمل الوطني المشترك، إذ من الثابت أن تنوع وسائل المكافحة من وقاية وزجر، وتنوع ميادينها من تهريب وإدمان، يقتضي وضع مخطط شامل للمكافحة لا يقتصر على أجهزة وزارة العدل، ومؤسساتها الزجرية وحدها، بل يمتد إلى مختلف الوزارات والإدارات والهيئات والمجتمعات المعنية بمعضلة المخدرات. وهكذا فإن السياسة الجنائية تتكامل مع باقي المجهودات المبذولة من إدارات الأمن والدرك والجمارك في مجالات الزجر، ووزارة الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية والشبيبة والرياضة وكذا مراكز طب الادمان في مجالات الوقاية والتوعية والتوجيه.
أولا: أهمية الموضوع.
يعتبر موضوع المخدرات من موضوع الساعة ذلك أننا نعيش اليوم في عالم تحكمه المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والتي صارت جزءا لا يتجزأ من متطلبات الحياة اليومية بالنسبة لشرائح معينة من المجتمع، فهي كما سبق ذكر ذلك مشكلة عالمية بكل أبعادها، وقلما يخلو جدول أعمال مؤتمر دولي أو إقليمي يعقد لبحث قضايا اجتماعية من وجود هذه المشكلة من أجل مناقشة تجلياتها و البحث عن حلول جادة لها.
لذلك فموضوع المخدرات وخصوصا الموضوع الذي بين أيدينا "السياسة الدولية في مكافحة المخدرات" يكتسي أهمية بالغة، فالتزايد الملحوظ واللامتناهي لأعداد المتعاطين والتنوع الكبير للجرائم التي تشملها أنشطة المخدرات والمتمثلة في الزراعة والتصنيع والتخزين والتهريب والاتجار والاستهلاك، ولتداخلها مع العديد من الجرائم والأنشطة الإجرامية فكثير ما يكون الاتجار في المخدرات مرتبطا بجرائم خطيرة أخرى مثل تهريب البشر والاتجار في النساء وتزوير وثائق السفر والسيارات وغسل الأموال كما يشكل غالبا وسيلة لتمويل جرائم أشد عنفا وتدميرا تضطلع بها منظمات إجرامية وإرهابية فضلا عن الصبغة الدولية التي اكتسبتها جرائم المخدرات، مما جعلها تنال الاهتمام الدولي إذن كل هذه العوامل تفسر هذه الأهمية التي تحظى بها جرائم المخدرات.
ثانيا : صعوبات البحث.
مما لا مراء فيه فإن أية دراسة أكاديمية لابد وأن تتخللها صعوبات وتبقى ابرز صعوبة واجهناها في إطار معالجة هذا الموضوع هي ندرة المراجع المتخصصة في هذا المجال أي "مجال مكافحة المخدرات" حيث أننا نجد كتب ودراسات لكن جلها يعود إلى تواريخ قديمة وبالتالي فرغم حداثة الظاهرة واستفحالها الكبير في العصر الحالي إلا أنها ما زالت لم تنل حظها من الدراسات والبحث العلمي.
كذلك لا نجد تسهيلات مقدمة من طرف الجهات التي تعالج هذه الظاهرة حيث أننا لم نستطع الحصول على الإحصائيات التي بواسطتها يمكن معرفة حجم أو معدلات ظاهرة المخدرات على المستوى الوطني لذلك فقد اقتصرنا على ما نصت عليه الكتب من أرقام في هذا المجال.
ثالثا: إشكالية البحث.
تعتبر ظاهرة المخدرات وباء العصر فهي تشبه الخلايا السرطانية التي تكون في جسم الإنسان فإذا ما دخلت إلى مجتمع ما فسد المجتمع . ولقد أضحت التي الآفة تشكل أهم العناوين لمختلف اللقاءات الدولية نظرا لخطورتها و لآثارها السلبية العويصة ، فمكافحة هذه الظاهرة ضرورة لابد منها وإلا فإننا سنجد أنفسنا أمام مجتمع فاسد من جميع المستويات لذلك توجه المجتمع الدولي نحو إيجاد استراتيجية رشيدة تستند على قواعد رئيسية تتصدى لمواجهة ظاهرة المخدرات .
إن المجتمع الدولي منذ زمن طويل أحس بخطورة الظاهرة و آثارها السلبية ، حيث بذل مجهودات كبيرة و جبارة لتطويق الظاهرة .
يثير موضوع السياسة الدولية في مكافحة المخدرات إشكالية محورية يمكن طرحها كما يلي: إلى أي حد إستطاع المشرع الدولي في سياسته التجريمية والعقابية التصدي لظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية؟ وينتج عن هذه الإشكالية تساؤلات فرعية عديدة من قبيل: ما هي الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة المخدرات؟ وماهي هاته الاتفاقيات الدولية التي رسمت وجه السياسة الدولية في مكافحة هذه الافة؟ و هل نجحت هذه الوسائل في الحد من انتشار الظاهرة ؟
رابعا :منهجية البحث.
من المسلم به أن الإجابة عن الإشكالية التي يثيرها الموضوع تستلزم سلوك مجموعة من القواعد العلمية بغية الوصول إلى معرفة الحقيقة بالموضوع والخروج بالنتائج والأهداف المتوخاة، مع العلم أنه لا يمكن تحقيق هذه الغايات العلمية إلا باعتماد منهج علمي محكم.
ولتناول موضوع السياسة الدولية في مكافحة المخدرات ومختلف الإشكالات التي يثيره، أثرنا إعتماد المنهج التحليلي الوصفي المقارن، وذلك باستعراض مختلف النصوص التي أتت بها لاتفاقيات الدولية ذات علاقة بالمخدرات وتحليلها مع إبراز سياسة وفلسفة المشرع الدولي في إبرازها لحيز الوجود. ولتقويم هذا الجانب سنقارن تطبيقها واعتمادها مع التشريعات الوطنية من حيث الجانب الزجري والمسطري معتمدين أساسا على التشريع المغربي والإيطالي وكذا المصري وهذا لن يمنعنا بطبيعة الحال من الإشارة لبعض التشريعات الأخرى التي لها علاقة بمجال مكافحة المخدرات.
خامسا :خطة البحث.
من خلال طرحنا لإشكالية البحث وتحديد نطاقه، إرتأينا تقسيم الموضوع وفق التقسيم الثنائي، نعرض ضمن فصلين اثنين :
الفصل الأول : ماهية المواد المخدرة وأسباب إنتشارها .
الفصل الثاني: السياسة والجهود الدولية لمكافحة المخدرات .
الفصل الأول : ماهية المواد المخدرة وأسباب إنتشارها .
إذا أردنا أن نتناول موضوع المخدرات وسياسة المشرع الدولي في مكافحة هذه الظاهرة الوبائية، فمن الضروري أن نتبنى نظرة منهجية تساعدنا في تحليل وفهم هذه المشكلة المعقدة. المخدرات ليست مجرد مواد تؤثر على العقل والجسم، بل هي مصدر لجرائم متعددة تهدد المجتمعات على كافة الأصعدة. وبالتالي، يتطلب التصدي لها فهماً عميقاً لماهيتها وتقسيماتها القانونية والطبية، الأمر الذي يعد أساسياً لدراسة الجرائم المرتبطة بها وتحديد أركانها بشكل دقيق.
من هذا المنطلق، تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ماهية المخدرات وأسباب انتشارها دولياً، وكذلك فهم الفلسفة التي يتبناها المشرع في تجريم هذه المواد والعقوبات التي يفرضها على مرتكبي الجرائم المرتبطة بها. إذ لا يمكن فهم السياسة الدولية في مكافحة المخدرات بمعزل عن الإطار القانوني والتشريعي الذي ينظم هذا المجال.
بناءً على ذلك، حاولنا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين رئيسيين: في المبحث الأول، نتناول مفهوم المخدرات وأنواعها، بهدف تقديم قاعدة معرفية شاملة تساعد في فهم السياق القانوني والطبي لهذه المواد. أما في المبحث الثاني، فسنسلط الضوء على أسباب انتشار المخدرات على الصعيد الدولي، مع تحليل الآثار السلبية التي تخلفها على المجتمعات والاقتصادات، مما يبرز الحاجة الملحة لتطوير سياسات فعالة لمكافحتها.
المبحث الأول: مفهوم المخدرات وأنواعها.
تشكل المخدرات موضوعًا ذا أهمية بالغة في مجالات متعددة، تشمل الطب، علم النفس، وعلم الاجتماع. تقتضي معالجة موضوع المخدرات أولا تعريف المواد المخدرة، لأنه أمر من الأمور المهمة التعرف على طبيعة هذه المواد وخصائصها الفارماكولوجية، ومن ثم أنواعها.
المطلب الأول : تعريف المخدرات.
يصعب وضع تعريف دقيق جامع مانع للمخدرات نظرا لإختلاف خصائصها العامة، وتّأثيراتها المختلفة، وتعدد مصادرها وأنواعها، ومن أجل تحديد هذا المفهوم سنحاول عرض مختلف التعاريف اللغوية والعلمية، ثم الفقهية والقانونية.
- الفقرة الاولى: تعريف المخدرات في اللغة.
وقد عرفه المعجم الوسيط المخدرات بأنها مواد تسبب خدرًا أو تعطيلًا للوظائف الجسدية والحسية، وتؤدي إلى حالة من الفتور والكسل. والخدر في اللغة يشير إلى حالة من الارتخاء في الأعصاب والعضلات، مما يعيق الحركة والإدراك الحسي بشكل مؤقت أو دائم.[7]
كما عرفه ابن فارس في "مقاييس اللغة" إن الجذر "خدر" يتضمن معنى الضعف والكسل، ويستخدم للإشارة إلى الأشياء التي تضعف الجسم أو الحواس. و"المخدرات" هي الأشياء التي تُحدث هذا الخدر أو الفتور في الجسم، وقد يستعمل اللفظ أيضًا للإشارة إلى ما يغيّب العقل أو يضعفه.[8]
اما فيما يتعلق بالتعريفات اللغوية الغربية فقدعرّف قاموس أكسفورد الإنجليزي (OED) المخدرات بأنها "أي مادة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي عندما تدخل الجسم، مما يؤدي إلى تغييرات في الإدراك، الوعي، السلوك، أو المزاج." الكلمة "Drug" في اللغة الإنجليزية مستمدة من الكلمة الفرنسية القديمة "drogue" التي تشير إلى مادة طبية أو كيميائية تؤثر على وظائف الجسم.[9]
كما عرفه معجم كامبريدج (Cambridge Dictionary )المخدرات بأنها "مادة كيميائية قد تكون قانونية أو غير قانونية تُستخدم لإحداث تغييرات في الحالة الذهنية أو الجسدية، مثل زيادة الهدوء أو تسكين الألم."[10]
من خلال ما سبق، يتضح جليا أن مفهوم المخدرات في اللغة مرتبط بالخدر والفتور وتعطيل الوظائف الجسدية والحسية للإنسان.
- الفقرة الثانية: تعريف المخدرات في الإصطلاح الطبي
وقد عرفها المرجع الطبي الأمريكي (Merck Manual) المخدرات على انها أي مادة كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتسبب تغييرات في الوعي، الإدراك، السلوك، أو المزاج." يشمل هذا التعريف أدوية مُعترف بها طبياً وكذلك مواد غير قانونية أو إساءة استخدام المواد.[13]
كما عرفتها الموسوعة الطبية البريطانية (Britannica) بأنه "مادة تؤثر على الوظائف الفسيولوجية أو العقلية للإنسان، قد تكون مخصصة لأغراض طبية أو غير طبية." هذا يشمل تأثيرات مثل التسكين، التخدير، أو التغيرات في الوعي.[14]
وقد عرفته الكلية الأمريكية للأطباء النفسيين (American Psychiatric Association) بأنها "مواد تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى تغييرات في الحالة العقلية أو الجسدية."[15]
توضح هذه التعريفات الطبية أن المخدرات تشمل مجموعة واسعة من المواد التي تؤثر على وظائف الجسم والعقل بطرق متعددة، سواء لأغراض طبية أو غير طبية، وتؤدي إلى تغييرات في حالة الشخص الفيزيائية والعقلية.
- الفقرة الثالثة: تعريف المخدرات في الإتفاقيات الدولية
كما عرفتها إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير مشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 في المادة الأولى (الفقرة "ن") بنصها "يقصد بتعبير المخدر أية مادة طبيعية كانت أو اصطناعية من المواد المدرجة في الجدول الأول والجدول الثاني من الإتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961. "
أما الإتفاقية العربية لمكافحة الإتجار الغير مشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1994،[17] فقد عرفت المخدر في المادة الأولى (البند16 ) بأنه "أية مادة طبيعية كانت أو مصنعة من المواد المدرجة في القسم الأول من الجدول الموحد."[18]
وما يستشف من الإتفاقيات المذكورة على أنها لم تعرف بدورها المواد المخدرة، وإنما لجأت لوضع جداول تبين أنواع المخدرات والأحكام التي يخضع لها كل مخدر على حدا.
المطلب الثاني: أنواع المخدرات وتصنيفها.
المخدرات أنواع متعددة لا يمكن حصرها في أعداد محدودة، فهي فصائل كثيرة لكل منها إسم خاص، ولها مشتقات ومركبات متعددة ومتنوعة، ولعل هذا هو السبب الذي حدا بالمشرع إلى حصر المواد المخدرة في جدول وإلحاقها بالقانون.[19]
وقد استعمل الإختصاصيون معايير مختلفة لتصنيف هذه الأنواع، ولذلك إختلفت التصنيفات بإختلاف المعايير، وأشهر هذه المعايير: الأصل، التأثير، الصلابة.[20]
_ فمن حيث الأصل، تنقسم المخدرات إلى:
- مخدرات طبيعية: وهي المخدرات التي تنمو في الطبيعة كالأفيون، الكوكايين والحشيش.
- مخدرات نصف تخليقية (مصنعة): وهي المواد التي طرأت عليها تفاعلات كيميائية بسيطة كالهروين والمورفين.
- مخدرات صناعية: وهي مواد ليست من أصل نباتي، تنتج من تفاعلات كيميائية ومن أمثلتها الفاليوم والأمفيتامينات.
- عقاقير صلبة ومشتقاتها المستخرجة زراعيا.
- عقاقير صلبة ومشتقاتها المحضرة كيميائيا.
- عقاقير لينة منتجة زراعيا. [21]
- مهبطات: وهي مجموعة من الأدوية المهدئة والمنومة.
- منبهات ومنشطات: وهي مواد تؤثر على النشاط العقلي حيث تعمل على تنشيط الجهاز العصبي.
- المهلوسات: وهي عقاقير الهلوسة، تستخدم لإثارة الهلوسة والتخيلات والأوهام وأهمها
بعد عرضنا لمختلف تقسيمات المخدرات، نتناول فيما يلي أشهر المواد التخديرية رواجا في العالم:
- الفقرة الأولى: الكوكايين COCAINE
- الفقرة التانية: المورفين MORPHINE
- الفقرة الثالثة: الهيروين HEROIN
ويعتبر الهيروين من أكثر المخدرات خطورة في العالم، ويتم تعاطيه عن طريق الإستنشاق، وقد يؤخذ عن طريق الحقن في الوريد بعد إذابته في الماء، كما قد يؤخذ عن طريق الفم على شكل أقراص.[28] ويؤدي متعاطيه لاضطرابات في الشخصية وقلة التركيز وحكة في العيون والتهابات في الكبد.[29]
- الفقرة الرابعة: الأمفيتامينات AMPHETAMINES
- الفقرة الخامسة: الحشيش HASCHICH
وطبيا فإن الإدمان على الحشيش يؤثر بصفة مباشرة على الجهاز العصبي، ويتسبب في الأهلاس السمعية وجريان الأفكار بغزارة دون ترابط أو سيطرة أو قيود، وبالتعود عليه يصبح المرء متلبدا كسولا لا يعنيه ما يدور حوله.[32]
- الفقرة السادسة: حبوب الهلوسة HALLUCINOGENES
(ثنائي ايثلاميد حامض اللزرجيك) [34]L.S.D-
(الإكستازي) [35]Ecstasy-
(فلاكا) [36] Flakka-
المبحث الثاني : أسباب إنتشار المخدرات دوليا وآثارها.
إن دراسة أسباب انتشار المواد المخدرة دوليا تعد على درجة من الأهمية، باعتبار ان معرفة السبب تساهم في اختيار أنجع الوسائل للعلاج ، الا أن الوصول لهذه الغاية ليست بالأمر اليسير، ويرجع سبب ذلك لكون الظاهرة متطورة ومتغيرة الأسباب طبقا التطور المجتمع الانساني، فعلى سبيل المثال نجد من اسباب انتشار المواد المخدرة هجرة الصينيين للولايات المتحدة ونقلهم المادة تدخين الافيون،[37] واستخدامات هذه المواد لدى دول منطقة الانديز كوسيلة لدرء الجوع والتعب ، أما في العصر الحديث. فقد اختلفت الأسباب نظرا للتقدم التقني في وسائل المواصلات وتلاقح الثقافات بين الدول، عن طريق الهجرة وتبادل المصالح بين الدول، والسياحة، واتخاذ المواد المخدرة كوسيلة لتكوين الثروات، واذا ما تما في هذه الظاهرة، نجد ان اسباب في العقدين الأخيرين من هذا القرن تختلف عما كان عليه الوضع في بدايته، وذلك بسبب الارتباطات التي استجدت على الظاهرة وعلاقتها بالظواهر الاجرامية الأخرى، فيا ترى ماهي الاسباب الفعلية التي ساهمت في انتشار الظاهرة دوليا ؟ وهل بالامكان القضاء عليها من عدمه؟ كل هذه التساؤلات سوف تبحث في المطلبين التاليين :
-المطلب الأول : الأسباب العامة والخاصة وراء إنتشار المخدرات دوليا.
-المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن إنتشار ظاهرة المخدرات دوليا.
المطلب الأول : الأسباب العامة والخاصة وراء إنتشار المخدرات دوليا.
رأينا سلفا ، أنواع المواد المخدرة وتعامل المدمنين معها، فبدون وجود المدمنين لن تكون هناك سوق للمخدرات، والعكس صحيح، الا ان هذا الانتشار فاق كافة التوقعات ، وهذا ما يجعلنا نطرح تساؤلا عن الاسباب الكامنة وراء هذا الاجتياح الدولي لهاته المواد المخدرة . فمعرفة هذه الأخيرة تساهم وبفعالية في التصدي لهذه الظاهرة خصوصا وانها لم تعد مشكلة فردية، أو ذات طابع محلي بل اصبحت مشكلة دولية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وبالرغم مما قد يتراءى للبعض من أن الوصول لمعرفة هذه الأسباب ليس على درجة من الصعوبة، الا اننا تخالفهم الرأي في ذلك ، فمعرفة كافة الأسباب تعتبر عملية جد صعبة . ويرجع سبب ذلك لطبيعة الظاهرة في حد ذاتها حيث تبدو اسباب تفاقمها مختلفة من منطقة الى اخرى ومن بلد الى اخر، نظرا لخصوصية هذه الاسباب، وهذا ما يجعلنا متشائمين جدا عند بحث هذه الأسباب خصوصا وان الامكانيات المتاحة جد متواضعة، وغير قادرة على الالمام بها على الصعيد الدولي.
كما أن هذه الدراسة سوف لن تقف عند معرفة الأسباب الكامنة وراء انتشارها بل سوف تمتد لمعرفة الآثار الناجمة عنها وهذا ما سندرسه في الفقرة الثانية من هذا الفصل.
هناك مجموعة من الأسباب العامة و الخاصة وراء إنتشار ظاهرة المخدرات دوليا إتجارا وتعاطيا ويمكن ارداف أهمها :
- الفقرة الأولى : الأسباب العامة.
هنالك مجموعة من الأسباب العامة وراء انتشار ظاهرة المخدرات دوليا اتجارا وتعاطيا, ويمكن اجمالها فيما يلي :
أولا : تباطؤ العديد من الدول في التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمخدرات :
إن المتتبع للجهود الدولية المبذولة من طرف المجتمع الدولي يجدها في تنام مستمر وعلى كافة الأصعدة، الا أن ما يمكن ملاحظته أن تلك الجهود لا زالت لم تصل الى تحقيق المستهدف منها، والذي تتوق اليه المنظمات الدولية المختصة بتنفيذ الاستراتيجية الدولية للمكافحة، ولعل من أبرز المعوقات التي تقف حجر عشرة، وتحول دون تحقيق المكافحة لاهدافها، تأخر العديد من الدول في الانضمام للاتفاقيات الدولية الجاري العمل بها في مجال المخدرات .[38]
وفي الوقت الذي تجل فيه معظم دول العالم ادانتها لهذا النشاط غير المشروع، وترصد له الاموال الطائلة من أجل المواجهة، الا أن مصالحها الاقتصادية والسياسية نجدها دائما تتداخل في الحد من فعالية التعاون الدولي في مجال المكافحة .
ولعل البعض يتساءل كيف يمكن أن يكون تباطؤ الدول في الانضمام الى هذه الاتفاقية، عاملا مشجعا على انتشار ظاهرة المخدرات اتجارا وتعاطيا ؟ .
يبدو اثر ذلك واضحا من خلال العديد من تشريعات الدول التي لا زالت لم تنضم بعد النصوص هذه الاتفاقيات، باعتبار أن معظم دول العالم تتقــــــــي حظرها للمواد المخدرة من خلال الجداول الملحقة بالاتفاقيات الدولية، وبناء على توصيات لجنة المخدرات، ومنظمة الصحة العالمية . كما أن هذه الاخيرة هي الجهة التقنية المختصة بتحديد المواد المخدرة الضارة، والتي يجب اخضاعها للرقابة الدولية، فالدول التي ما زالت لم تنضم لهذه الاتفاقيات نجد جداولها خالية من العديد من المواد المخدرة والعقاقير الخطرة التي يفترض ان تكون خاضعة للرقابة . هذه الوضعية غالبا ما تستغل من قبل تجار المخدرات، حيث يتخذون منها أوكارا لممارسة تجارتهم المميتة، باعتبار هذه المواد لا زالت لم تحرم بعد، وبالتالي لن يكونوا عرضة للمساءلة القانونية ، وغالبا ما تكون هذه المواد من المؤثرات العقلية الخاضعة لاتفاقية 1971.[39] وعليه نرى أن أول التدابير التي يجب اتخاذها على الصعيد الدولي ضرورة حث جميع الدول على التصديق على الاتفاقية الوحيدة لسنة 1961 والبروتكول المعدل لها عام 1972 ، واتفاقية المواد النفسية لسنة 1971 ، وذلك الد كافة الفجوات القانونية التي تواجهها اجهزة المكافحة، كما يجب على دول العالم اجمع ان تضحي بمصالحها الاقتصادية، وأن تترك جانبا الخلافات السياسية حتى تكلل جهود المكافحة بالنجاح.
ثانيا : ضعف السياسة العقابية للدول في جرائم المخدرات
يعد التشريع الوطني ماهو الا مرآة عاكسة لظروف وطبيعة أي مجتمع من المجتمعات . ولكن ما تصبو اليه لا يتجاوز الرغبة في ايجاد نوع من التقارب في مدد العقوبات الحبسية الخاصة بجرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات ، ولو تحقق هذا الامل لتمكنت الأسرة الدولية من مواجهة هذه الهوة التشريعية التي غالبا ما تستغل من طرف المتاجرين في المواد المخدرة حيث يعمدون إلى دراسة التشريعات المطبقة على هذه الدول واختيار أنسبها في صنع هاته المواد وبيعها
ثالثا : الهجرة الداخلية والخارجية
منذ ان ظهر الانسان على وجه الأرض اتخذ من التنقل بين ارجاء المعمورة وسيلة لتحسين رزقه، وطلبا لوضع معيشي افضل مما هو عليه، فالرعاة يهجرون ارضهم عندما تكون قاحلة، وغير قادرة على تغدية حيواناتهم، والمزارعون يتركون أراضيهم بحثا عن أراضي أكثر خصوبة وأوفر ماء، اد يمكن القول بان الدافع الأساسي وراء الهجرة هو البحث عن وضع معيشي أفضل، وغالبا ما يكون ملجأ المهاجرين المناطق الأكثر ثراء، واذا كانت هذه طبيعة الهجرة في الماضي فان الهجرة في العصر الحديث لا تختلف كثيرا في مبرراتها عن الدوافع السابقة، إلا أنها شهدت تغيرات في بعض دوافعها، فالهجرة في هذا العصر قد تكون لأسباب سياسية أو بحثا عن العلم في الدول الأكثر تحضرا ، وكيفما كان الحال يمكن اجمال اسبابها في اسباب طاردة واسباب جاذبة ، وهذا التحليل الأخير ينطبق حتى على الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة، ويمكن القول أن الهجرة هي انتقال من قديم بكل ابعاده واحواله النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية الى جديد بكل احواله النفسية والاجتماعية.
إن تاريخ الجريمة المنظمة ارتبطت بالولايات المتحدة الأمريكية وعلى وجه الخصوص بالأحياء الفقيرة بمدينة نيويورك، وقد ساهم في ظهورها في بداية الأمر، المهاجرون الايرلنديون وأولى هذه العصابات ( عصابة الأربعين لصا ) وقد تطورت هذه العصابات الي أن اصبحت تضم مئات من الاطفال والرجال، وكان نشاطها مقتصرا على السرقة والنهب والقتل من أجل الحصول على الاموال، وتخضع في رئاستها الى شخص واحد يسمى ( رئيس العصابة ) ولا يمكن مخالفة أوامره، وبعد ذلك نشأت العديد من العصابات ، مثل عصابة ( ويوس WHYOS ) التي تضم في عضويتها 500 شخص ، ومن شروط القبول للولوج فيها أن يكون الراغب في الانضمام ، قد قتل ولومرة واحدة .
واذا كانت هذه وضعية الاجرام المنظم في القرن التاسع عشر فانه اصبح اليوم على درجة عالية من التنظيم، وسمة من سمات هذا القرن ، كما اصبح الاتجار غير المشروع احد النشاطات العامة التي تقوم بها، بالإضافة إلى نشاطات اخرى مثل - الاتجار بالسلاح، وعمليات الغش في مجال النقل البحري - والارهاب والعنف السياسي ، والاتجار في الاشخاص وخاصة الرقيق الأبيض . وتكمن خطورة الاجرام المنظم في الاموال الطائلة التي يحصلون عليها، والتي تقدر احيانا بمئات الملايين من الدولارات ، مما يجعل منها قوة اقتصادية يمكن استغلالها في اختراق الاجهزة الرسمية للدولة بشراء ذمم ذوي المناصب العليا، من أجل توفير الحماية اللازمة. عند قيامهم ببعض النشاطات الهدامة، اضافة الى محاولة تخير هذه الاموال في نشاطات اقتصادية مشروعة لاستغلالها كواجهة قانونية تمكنها من تحقيق اهدافها الاجرامية.
- الفقرة الثانية : الأسباب الخاصة .
إن الأسباب الخاصة وراء تفاقم الظاهرة متعددة وتختلف من مجتمع الى آخر إلا أن هناك بعض الأسباب الخاصة التي يمكن تعميمها, خصوصا ونحن نبحث في أسباب إنشار الظاهرة على الصعيد الدولي، ومن هذه الأسباب ما يلي:
أولا : الفراغ العقائدي .
يرجع سبب الفراغ العقائدي الى التغيرات الجوهرية التي حدثت في القيم وشيوع ظاهرة الاستهلاك والنزعات المادية ، مما جعل الحياة تفقد معناها خصوصا بالنسبة للاشخاص ذوي الاحساس المرهف ونلاحظ أزمة الفراغ العقائدي أكثر وضوحا في الدول التي تعاني من ازمات الحروب، حيث يخامرهاشعور دائم بالابادة، ويخلق لديهم هذا الشعور الرغبة في ممارسة كافة التجارب ومنها تجربة المخدرات.[40]
ثانيا: ضعف الأنظمة السياسة وعدم جديتها .
بالرغم من الشعارات التي ترفعها كافة الدول من اجل المكافحة، الا ان واقع الممارسة العملية يتم على عكس ذلك، ويعزى سبب عدم مصداقية بعض الدول في مكافحة المخدرات الى سببين :
-الاول اقتصادي : فبعض الدول اتخذت من هذه التجارة مصدرا لتمويل مداخيلها من إحتياطي العملة الصعبة .
-السبب الثاني : ذو طابع سياسي حيث تتجه بعض الدول الى غض البصر عن انتشار ظاهرة المخدرات، بهدف تخدير شعوبها، وبالتالي سوف تبقى مغلوبة على امرها ومسلوبة الارادة مما يطيل فترات انظمة حكامها وتغاضي شعبها عن حقوقه الأساسية.
ثالثا : التفكك الأسري .
في الحقيقة تعتبر الأسرة في الخلية الأولى في المجتمع، فكلما كانت هذه الخلية معافاة الا والعكس أثر ذلك على المجتمع بأسره، اما اذا اصابها المدع فسوف تكون اثارها وخيمة على المجتمع، ولعل أول هذه الآثار فقدان الضبط الاجتماعي، الذي كانت تمارسه على ابنائها مما جعلهم يبحثون عن الملفات كما أن خروج المرأة الميدان العمل زاد من حدة المشكلة.
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن إنتشار ظاهرة المخدرات دوليا.
رأينا من خلال دراستنا لحجم انتشار ظاهرة المخدرات على الصعيد الدولي ان الاتجار في المواد المخدرة وتعاطيها في ازدياد مستمر، وأن الفئة الشابة هي الضحية الأولى المتضررة من تفاقم هذه الظاهرة، غير أن هذه الأضرار يمكننا القول انها تمس كافة الجوانب الحياتية للانسان، ولعل ذلك راجع الى أن محور العلاقة مع المادة المخدرة هو الفرد الذي يعتبر في الوقت ذاته فردا من المجتمع ، يؤثر فيه ويتأثر به، الا اننا عند دراستنا للآثار المترتبة عن الاتجار غير المشروع في المخدرات والتعاطي سوف لن تعرض بالدراسة والبحث للآثار الصحية المترتبة عن تعاطيها باعتبارها تخرج عن اطار تخصصا وانما سنناقشها من جانبين، أولها الجانب الاقتصادي (الفقرة الأولى) و ثانيها الجانب الإجتماعي (الفقرة الثانية )
- الفقرة الأولى : الآثار الاقتصادية.
تعد دراسة الآثار الاقتصادية المترتبة عن انتشار المواد المخدرة على كافة الاصعدة من الأهمية بمكان، فعلى الصعيد الدولي نجد الاتجار في المخدرات اصبح يشكل اقتصادا باطنيا يضاهي ميزانيات بعض الدول الصناعية ، ففي عام 1982 بلغت الارباح المتحصلة من تجارة المخدرات في العالم حوالي 72 مليار دولار ، وهذا المبلغ يوازي في ذلك الوقت الانتاج الوطني لدولة النماء وفي عام 1986، بلغت ارباح
هذه التجارة غير المشروعة، حسب ما اشارت اليه بعض المصادر مابين 300 و 500 مليار دولار، أي ما يعادل الانتاج الوطني الخام في فرنسا التي تعتبر القوة الاقتصادية الخامسة آنذاك.
ومن ضمن الاثار الاقتصادية المترتبة عن انتشار المواد المخدرة، حرمان المجتمع من اهم الفئات التي تساهم في دعم الاقتصاد الوطني، وهي فئة الشباب التي تمثل غالبا اكثر شرائح المجتمع تعرضا لتعاطي المخدرات والادمان عليها، ما يعني انخفاضا في القدرة الانتاجية للمجتمع . وقد اثبتت الدراسات التي انجزت في هذا الصدد أن هناك علاقة بين تعاطي المخدرات وانخفاص الانتاجية من الناحية الكمية وجودة الانتاج في حد ذاتها.
والواقع أن مشكلة الاتجار في المخدرات وتعاطيها لا تقتصر اثارها على ضحاياها فقط، بل يدفع المجتمع بأسره ثمن تفشيها من ميزانيته العامة ، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، فعند تفشي هذه الظاهرة في مجتمع من المجتمعات، فان هذا يعني ضرورة ايجاد العديد من الاجهزة المختصة بالمكافحة، وتزويدها بامكانيات بشرية ومادية من اجل المواجهة ولم تقتصر المشكلة عند حد المكافحة بل تتجاوزها الى رعاية المدمنين صحيا، واعادة ادماجهم في المجتمع ، وهذا يتطلب فتح عيادات ومستشفيات، واحداث اطر متخصصة في العلاج فهذه الفئات القائمة بالمكافحة وحراسة السجون والأطر الطبية المختصة بعلاج المدمنين تشكل عبثا على الاقتصاد القومي وحرمان المجتمع من فئة يجب ان تقوم بعمل انتاجي يساهم في دعم الانتاج القومي .
- الفقرة الثانية : الآثار الاجتماعية .
اختلفت الانسانية في تبريرها للاستعمالات غير المشروعة للمواد المخدرة . فالبعض اتخذ من الأسباب الصحية أو الدينية مبررا لتلك الاستعمالات والبعض الآخر، يرى أن المشاكل الحياتية التي أفرزها العصر هي المبرر لهذه الاستعمالات . حيث وجد فيها الملاذ الوحيد للتخفيف من المعاناة التي يعيشها وقد تبنى هذا الاتجاه العديد من الفلاسفة الوجودين الذين اعتبروا وجودها امرا حتميا مثل وجود المعاناة ذاتها بينما يرى آخرون أن القبول الاجتماعي غير المبرر لهذه الاستعمالات جاء كنتيجة لفشل العلم في تحديد مخاطر المواد المخدرة وخصوصا الاثار الصحية .[41]
ويرى بعض المتطرفين، أن المجتمع هو المسؤول الأول عن تفاقم ظاهرة المخدرات، حيث خلق اسباب التوتر والمواقف المشجعة على استعمال المواد المخدرة، وساهم في توضيح الطريقة التي يمكن بها الحصول على الراحة النفسية واتخذ من وسائل الاعلام دعاية لهذه العقاقير، والدور الذي تلعبه في جلب الغبطة والسرور والتخلص من الكآبة والقنوط وبالرغم من أن المجتمع قد يساهم احيانا فيما سبقت الاشارة اليه، الا ان الفرد هو اساس المشكلة وكيفما كانت المبررات[42] .
فيا ترى ماهي الاثار الاجتماعية الناجمة عن انتشار المواد المخدرة ؟
في الحقيقة ان الآثار الاجتماعية الناجمة عن انتشار المخدرات، اتجارا وتعاطيا تتخذ اوجها متعددة، فبالنسبة للمجتمع ، تنشأ لدى فئة المتاجرين امكانيات مادية هائلة تعمل على نشر الفاد داخل المجتمع، وتصل اثارها الى البنيان الاجتماعي حيث تعم الرشوة والتهريب ، اضافة الى توظيف هذا الشراء في خلق مراكز اجتماعية لكبار تجار المخدرات وذلك ان هؤلاء التجار يقومون بتقديم المساعدات الاجتماعية للفئات المحتاجة، والقيام ببعض الاعمال
الخبرية، ساعين من ورائها، تحقيق هدفين :
الهدف الأول : لفت انتباه افراد المجتمع الى الثروات الهائلة، التي يمكن اكتسابها من وراء هذا النشاط، وهذا يساعدهم على خلق ضحايا جدد، لم يسبق لهم المواجهة مع سلطات المكافحة .
أما الهدف الثاني : الذي يتوخونه، من فعلهم هذا ، فهو محاولة اكتساب قاعدة عريضة من الجماهير يمكن تخيرها في تحقيق مآرب سياسية، وقد سبق ان أو ضحنا أن المتاجرين بالمواد المخدرة تمكنوا من الوصول الى قسم السلطة في دول أمريكا اللاتينية، كما استطاع المتاجرون في المخدرات اختراق الاحزاب
السياسية وكذلك من الآثار الاجتماعية المترتبة عن ظاهرة التعاطي والادمان خلق فئات عاجزة عن القيام بدورها داخل المجتمع ومصدر قلق للأسرة نتيجة للخوف الذي يراودها من مداهمة رجال الشرطة لمنزلها .
ومن المشاكل الاجتماعية التي تثيرها المخدرات، أن الابناء سوف يتخذون من أبائهم قدوة لهم في المستقبل، مما يساهم في خلق جيل جديد، لديه الرغبـــــة في تعاطي المخدرات، اضافة للعديد من المشاكل الأخرى التي تنشأ بسبب الظاهرة مثل الاضمحلال في العلاقات الاجتماعية، حيث يلجأ متعاطو المخدرات والمتاجرون فيها الى تكوين علاقات اجتماعية من خلال هذا الوسط، وذلك لشعور هذه الفئات ، بانها تنتهك التشريعات التي تحرم تداول المواد المخدرة والمتاجرة فيها، وبالتالي يجب ان يتضامنوا نظرا لشعورهم بان المجتمع يتخذ منهم موقفا عدائيا.
الفصل الثاني : السياسات والجهود الدولية لمكافحة المخدرات.
أصبحت المخدرات إشكالية عالمية مطروحة على المجتمع الدولي لكونها تتخذ أبعادا أكثر تعقيدا وخطورة، وقد حاول هذا المجتمع منذ بداية هذا القرن بمواجهة هذه الظاهرة، وذلك بإدخال هذه الأخيرة في إطار العلاقات الدولية والقانون الدولي شعورا منه بأن المكافحة الناجعة لهذا الداء، يجب ألا تتم بشكل انفرادي خصوصا وأن المكافحة على الصعيد الوطني بالرغم من أهميتها في الحد من مشكل المخدرات اتجارا، وتعاطيا، إلا أنها فقدت مصداقيتها أمام المتغيرات الجديدة التي حدثت على الظاهرة ، وانطلاقا من هذا الشعور ونظرا للحاجة الملحة لخلق آليات دولية للمكافحة وحاجة هذه الآليات للإطارات القانونية والمؤسسات التي تمكنها من ممارسة دورها المنشود، فقد أبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف في مجال المخدرات ، جلها تهدف إلى تنظيم الاستعمال المزدوج للمواد المخدرة ، بمعنى تنظيم استعمالات المواد المخدرة في الأغراض المشروعة ومحاولة منع تسربها للأسواق غير المشروعة، وحث الدول الأطراف فيها على محاربة الإنتاج غير المشروع لهذه المواد ومنع إساءة استعمالها، بالإضافة إلى خلق قنوات للتعاون الدولي من أجل المواجهة الجماعية لهذا الداء الوبيل.
وقد عمل المجتمع الدولي أيضا في مجال مكافحة المخدرات على إنشاء وإحداث أجهزة دولية متخصصة عالميا، حيث لم يعد القانون الدولي في صورته الراهنة قانون الدول فقط والقانون المنظم لتلك الدول، بل أصبح أيضا يضم القواعد والمبادئ التي أرستها الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية وقوانين المنظمات الدولية خاصة بعد أن استقر الرأي على الاعتراف المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية. [43]
ومن أجل الوقوف أكثر على الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحة ظاهرة المخدرات سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين حيث نستعرض في إطار المبحث الأول تطور السياسة الجنائية للاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات بدءا من اتفاقية لاهاي لسنة 1912 وانتهاء باتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1988 دون أن تغفل الحديث عن المنظمات الدولية ومدى مساهمتها في الحد من استفحال المخدرات على الصعيد الدولي على أن تتناول في المبحث الثاني دراسة مقارنة للسياسات الجنائية لمكافحة المخدرات في عدد من بلدان العالم، بهدف التوصل إلى الملامح المشتركة الرئيسية للسياسات الجنائية بين البلدان العربية والأجنبية.
وعليه سيكون تقسيم هذا الفصل على الشكل الآتي :
- المبحث الأول : السياسات والاستراتيجيات الدولية لمجابهة المواد المخدرة.
- المبحث الثاني : السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية والغربية .
المبحث الأول : السياسات والاستراتيجيات الدولية لمجابهة المواد المخدرة.
تحظى مشكلة المخدرات باهتمام العالم بأسره، فهي مشكلة عالمية بكل أبعادها بحكم طبيعتها، فإذا ما وقع إنتاجها في مكان ما فليس هناك من يدري أين سيقع الاستهلاك بصورة مشروعة أو غير مشروعة لذا فقلما يخلو جدول أعمال مؤتمر دولي أو إقليمي يعقد لبحث قضايا اجتماعية أو جنائية من وجود هذه المشكلة.
فجريمة المخدرات فرضت نفسها على المجتمع الدولي الأمر الذي أوجب على هذا الأخير إلى تبني عدد من التدابير والإجراءات درءا لما تؤدي إليه من آثار مدمرة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وما يترتب عليها من انعكاسات خطيرة على الظاهرة الإجرامية.
إذن فما هي الوسائل التي سخرها المجتمع الدولي لمكافحتها والتي تمثل فلسفة المشرع الدولي في مكافحة هاته الظاهرة؟ وهل أفلحت هذه الوسائل في الحد من انتشار الظاهرة؟ وإذا لم تستطع تحقيق ذلك فما هي العوائق التي جعلتها تقف حجر عثرة أمامها وبالتالي إفشال رغبة المشرع الدولي في القضاء على هذه الظاهرة ؟
كل هذه التساؤلات سنحاول الإجابة عنها وذلك من خلال المطلبين التاليين:
- المطلب الأول: الآليات القانونية الدولية لمجابهة جريمة المخدرات .
-المطلب الثاني: الأجهزة والهيئات الدولية المكلفة بمكافحة المخدرات.
المطلب الأول: الآليات القانونية الدولية لمجابهة جريمة المخدرات .
لقد عملت دول العالم على وضع أسس ومعاهدات من أجل الحد من انتشار المخدرات وحصر استعمالها على الأعمال الطبية والعلمية وتجسدت فكرة التعاون الدولى لمكافحة المخدرات لأول مرة بموجب اتفاقية لاهاي المنعقدة بتاريخ 23 يونيو 1912 لتتوالى بعدها سلسلة من الاتفاقيات الدولية كنتيجة أساسية إزاء التصاعد المضطرد الذي عرفته أنشطة الجريمة المنظمة بشكل عام والتجارة غير الشرعية في المخدرات بشكل خاص.
- الفقرة الأولى: الاتفاقيات الدولية المنعقدة في ظل عصبة الأمم.
لقد مثل اجتماع اللجنة الأولى للأفيون المنعقد في شنغهاي سنة 1909 نقطة الانطلاق لمكافحة انتشار ظاهرة المخدرات خاصة الاتجار غير المشروع فيها وقد ترجم هذا اللقاء تبني عدد من الاتفاقيات الدولية وبروز عمل مشترك لعدة منظمات فكان أول ما طرح في هذا المؤتمر هو مشكلة انتشار تداول الأفيون الذي أصبح يشكل خطر يهدد مجموعة من الدول منها الصين.
وعموما فإن هذا المؤتمر قد أرسى مبدأ حصر تجارة المخدرات في الأغراض الطبية، ولأول مرة في تاريخ الإنسانية قبلت بعض الدول فكرة تخفيض صادراتها حماية لدول أخرى من أخطار الأفيون.
وقد شكل مؤتمر شنغهاي أرضية لتوقيع أول معاهدة دولية لمراقبة المخدرات وهي اتفاقية لاهاي لعام 1912 التي أرست تعاونا دوليا في الرقابة على المخدرات ونصت على تدابير وقائية تفاديا لتهريب مخدرات الأفيون والمورفين لكوكايين، والهروين[44] وتوالت بعدها العديد من المعاهدات الدولية إلى أن وصلنا ى الاتفاقيات الدولية المعاصرة التي تستهدف في مجموعها حماية مصلحة مشتركة وهي الصحة العامة البشرية جمعاء فضلا عن حماية الأسس الاقتصادية والسياسة المجتمعات البشرية بكافة شرائحها.
أولا: مؤتمر شنغهاي للأفيون - 26 فبراير 1909م
لقد شكل مؤتمر شنغهاي المحطة الأولى التي بدأت فيها عمليات تجريم المخدرات فبعد أن كانت التجارة في المخدرات تعتبر تجارة قانونية ومشروعة في بعض البلدان مثل بريطانيا، فإن هذا الأمر أثر سلبا على بعض الدول نظرا للأضرار الجسدية التي تصيب الإنسان والمجتمع من إساءة استعمال المخدرات، وهكذا فقد تم وضع حد لمثل هذه التجاوزات وتم الإعلان عن العديد من القرارات أهمها:
- ضرورة القضاء تدريجيا على تدخين الأفيون
- اتخاذ التدابير الرامية إلى القضاء على تهريب الأفيون ومشتقاته وخاصة منع التصدير إلى الدول التي تحظر دخوله إليها أو تمنع الاتجار فيه أو تعاطيه.
الأفيون. اتخاذ إجراءات حازمة لمراقبة صناعة وتوزيع المورفين وسائر مشتقات.
- توجيه نداء إلى الحكومات صاحبة الامتياز أو المستعمرات في الصين للتعاون في القضاء على التجارة غير المشروعة للأفيون ومشتقاته.
و رغم أن مؤتمر شنغهاي لم تتولد عنه اتفاقية دولية لكنه أرسى المبادئ الأولى التي ستسير عليها الجهود الدولية لمكافحة إساءة استعمال المخدرات.
ثانيا : اتفاقية لاهاي الدولية للأفيون 1912.
لقد أثمر مجهود اللقاء الدولي في شنغهاي تغيير جديد على الساحة الدولية تمثل في صياغة أول عمل قانوني في مجال الرقابة على المخدرات حيث اجتمع ممثلي الدول التي اشتركت في لجنة شنغهاي فيما عدا النمسا والمجر وذلك لصياغة القرارات الصادرة عن تلك المؤتمر في وثيقة دولية وقد توسعت هذه الاتفاقية بان أخضعت في نطاق الرقابة الدولية إلى جانب الأفيون ومشتقاته مخدر الكوكايين.
ولقد نصت هذه الاتفاقية على مجموعة من المبادئ أهمها:
- 1إخضاع إنتاج وتوزيع الأفيون للرقابة ومنع عملية تصديره إلى الدول التي تحظر استيراده ومراقبة تصديره إلى البلاد التي وضعت قيودا على استيردا. ووضع تراخيص عند عملية الاستيراد والتصدير والقضاء تدريجيا على تدخينه وإساءة استعماله.
- 2قصر صناعة وبيع واستعمال المورفين والكوكايين والهيروين وأملاح كل منهم والأفيون الطبي، أي مادة من أشباه قلويات الأفيون تبث من الأبحاث العلمية المعترف بها أن إساءة استعمالها تضر بالصحة العامة في غير الأغراض الطبية المشروعة.
- 3عهدت الاتفاقية إلى حكومة هولندا ببعض الوظائف مثل تبادل المعلومات بشأن القوانين واللوائح الإدارية الصادرة في شأن المخدرات أو التي ستصدر وكذلك تبادل البيانات الإحصائية المتعلقة بتجارة العقاقير المخدرة. [45]
وبالرغم من عقد اتفاقية لاهاي للأفيون في عام 1912 إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا في سنة 1920 فقد حالت الحرب العالمية الأولى دون نفاذها ولم تصبح الاتفاقية نافذة إلا في سنة 1920 أي في نفس تاريخ انعقاد معاهدة فرساي للسلام لسنة 1919.
ثالثا: اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة لسنة1936.
في عام 1936 تم عقد مؤتمر دولي في جنيف بشأن محاربة المخدرات خصوصا مادة الأفيون ومشتقاتها، حيث دعا المؤتمر إلى زجر الاتجار غير المشروع في العقاقير الخطرة وإنزال عقوبات زجرية صارمة على التجار غير الشرعيين للعقاقير، وتمخض عن هذا المؤتمر إبرام اتفاقية دولية والتي دخلت إلى حيز النفاذ في 26 شتنبر 1939 كأول أدات دولية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية تدين وتعاقب التجار غير الشرعيين للمخدرات.
ولقد تضمنت اتفاقية 1936 مجموعة من المقتضيات أهمها:
- تحديد الأفعال التي يجب على الدول اعتبارها من الجرائم المعاقب عليها بالنسبة للاتجار غير المشروع في المخدرات
- تعهدت الدول بسن التشريعات اللازمة لتشديد العقوبات على الأفعال غير المشروعة في مجال المخدرات.
- اعتبار جرائم المخدرات من الجرائم الموجبة قانونا لتسليم المجرمين بين الدول التي تربطها معاهدات تسليم المجرمين أو تأخذ بمبدأ التعامل بالمثل. [46]
- الفقرة الثانية: الاتفاقيات الدولية للرقابة على المخدرات في نطاق منظمة الأمم المتحدة.
لقد حلت منظمة الأمم المتحدة محل عصبة الأمم في مجال الرقابة على المخدرات وأبرمت في ظلها العديد من الاتفاقيات وهي:
- الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961
- الاتفاقية الوحيدة للمخدرات في صيغتها المعدلة ببرتكول 1972
- اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988.
أولا: الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961
لقد أدى الانتشار الواسع لعملية الاتجار غير المشروع في المخدرات إلى التفكير في نهج استراتيجية عالمية قادرة على مقاومة هذا الوباء الخطير الذي أصبح يهدد جميع أقطار العالم، لذلك اتجه المجتمع الدولي إلى إعداد و صياغة تبني اتفاقية أكثر جرأة وأكثر فاعلية خصوصا في ظل تواجد العديد من المعاهدات الثنائية والمتعددة الأطراف والتي لم تجدي نفعا ولم تثمر نتائج إيجابية على الصعيد الدولي. وهكذا وبتاريخ 24 يناير 1961 انعقد مؤتمر الأمم المتحدة ، و الذي عرض فيه مشروع الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الذي أعدته لجنة المخدرات ، فنال القبول من طرف هيأة الأمم المتحدة وتم التوقيع عليه في 30 مارس 1961 لتكون كوثيقة وحيدة لمت شتات الاتفاقيات التي صدرت في الفترة من 1912 إلى 1953 في مجال الرقابة على المخدرات.
ولقد أنهت هذه الاتفاقية العمل بكافة الأحكام التي كانت تتضمنها نصوص تلك الاتفاقيات ولذا أطلق عليها مسمى الاتفاقية الوحيدة.
ولقد انطوت الإتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 على مجموعة من المبادئ والأحكام الآتية :
- 1مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات :
وذلك عن طريق تجريمها زراعة وإنتاج كل أشكال المخدرات والاتجار فيها واستخدامها لأغراض غير طبية وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأفيون وأوراق الكوكا والقنب فكل هذه الأنواع تعتبر ممنوعة وضروري على الدول الموقعة على الاتفاقية التزامها بمنع زراعتها وإنتاجها وكذا تسويقها بطرق غير مشروعة.
- 2تنظيم الاتجار المشروع بالمخدرات
ويتمثل هذا المبدأ في حصر حيازة المخدرات وإمساكها في الأغراض الطبية والعلمية فقط أو بناء على إذن قانوني يتمثل في الحصول على تراخيص من السلطات المختصة.
- 3 إنشاء الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات
تم إحداث هيئة دولية تختص بالرقابة على المخدرات إلى جانب لجنة المخدرات, حيث حلت محل كل من اللجنة الاستشارية للأفيون و هيئة الإشراف على المخدرات, وذلك من أجل تحقيق المزيد من الفعالية والمرونة في تطبيق أحكام
هذه الاتفاقية .
- 4 دعوتها إلى ضرورة التعاون الدولي.
نصت الاتفاقية على مجموعة من الأسس والقواعد الرامية إلى خلق تعاون وطني و دولي نظرا لعالمية جريمة المخدرات وتتمثل هذه الاسس و المبادئ في دعوتها للدول المتعاقدة بالقيام مع مراعاة قوانينها الداخلية بأتخاذ الإجراءات اللازمة على المستوى الوطني فيما يخص قمع الاتجار غير المشروع و التعاون مع الاجهزة المختصة في هذا المجال .
-5 التعاون الطبي للمدمنين.
أدرجت الاتفاقية نصا خاصا "المادة 38" يتحدث عن موضوع جديد يتعلق بالمدمنين حيث دعت الدول الموقعة إلى ضرورة توفير العلاج الطبي للمتعاطين و رعايتهم وتأهيلهم اجتماعيا, فلا يجب تهميش المدمن و النظر إليه كمجرم و إنما هو ضحية من ضحايا جرائم المخدرات يجب التعامل معه على هذا الأساس و بالتالي توجيهه إلى العلاج النفسي حتى يستطيع أن يندمج من جديد مع مجتمعه .
- 6اعتماد جداول المخدرات.
اعتمدت الاتفاقية على أربعة جداول رئيسية :
- الجدول الأول : يضم المواد التي تتمتع بدرجة عالية من الخصائص التي قد تسبب الادمان مثل الحشيش والأفيون والكوكايين .
- الجدول الثاني : يشمل المواد الأقل خطورة مثل الكوكايين .
-الجدول الثالث : يشمل المواد المخدرة التي تكون قابلية الادمان عليها أقل خطورة.
-الجدول الرابع: يشمل المواد المخدرة التي تكون قابلية الادمان عليها أكثر خطورة.
إذن كانت هذه أهم المبادئ والقواعد التي أقرتها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 توخت من خلالها البساطة والإيجاز والبعد عن التعقيد وإدخال تغييرات جذرية وجديدة لم تكن في ظل المعاهدات السابقة، ومع ذلك وبالرغم من المجهودات المبذولة في صياغة وإعداد هذه الاتفاقية فإنها تعرضت بمجموعة من الانتقادات خاصة خصوصا أمام الارتفاع الملحوظ الذي عرفته فترة الستينات في مجال الاتجار غير المشروع في المخدرات, فأمام الزيادة السريعة في إساءة استعمال المخدرات في كثير من دول العالم وجد المجتمع الدولي نفسه مطالب بإدخال تعديلات على هذه الاتفاقية, وبالفعل قام بتعديل أحكام هذه الاتفاقية وذلك بموجب بروتوكول"1972"[47] وتتمحور أهم هذه الإضافات والتعديلات في النقط التالية:
-تعزيز سلطات ومسؤوليات وقدرات هيئة الرقابة الدولية على المخدرات وزيادة عدد أعضائها باعتبارها جهاز له دور كبير في عملية مكافحة جرائم المخدرات.
-تشديد الرقابة للحد من إنتاج الأفيون .
-النص على مسألة جديدة حيث تم اعتبار جرائم المخدرات هي من الجرائم الأخرى التي يجوز تسليم المجرمين فيها, وهكذا أصبح برتكول جنيف 1972 معاهدة لتسليم المجرمين.
ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة 1971
أثارت نتائج تعاطي بعض المواد المخدرات خاصة منها المنشطة والمسكنة قلقا كبيرا في أوساط المجتمع الدولي مما دفع الأجهزة الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ولجنة المخدرات إلى أن توصي الحكومات باتخاذ إجراءات تشريعية وإدارية لضمان الرقابة على هذه المخدرات خصوصا وأن هذا النوع الجديد لم يخضع للرقابة بمقتضى الاتفاقية السابقة، وأصبح من الواضح أنه من المتعذر على الحكومات بمفردها إيجاد حلول لمعضلات إساءة استعمالها بدون تعاون و عمل دوليين.
وعليه أقر المجتمع الدولي اتفاقية المواد النفسية وذلك بتاريخ 21 فبراير لعام 1971 والتي دخلت حيز التنفيذ ابتداءا من 16 غشت 1976, وهكذا شكلت هذه الاتفاقية منعطف مهم في سلسلة الاتفاقيات المبرمة في مجال مكافحة المخدرات.[48]
ومن أهم ما جاءت به هذه الاتفاقية:
-تصنيفها للمؤثرات العقلية إلى أربع فئات حسب درجة خطورتها ولاحتمالات تعاطيها ولقيمتها العلاجية.
- إلزام الدول الموقعة على الاتفاقية اتخاذ جميع التدابير العلمية لمنع إساءة استعمال المؤتمرات العقلية واكتشاف ذلك مبكرا وعلاجه بالتوحيد والتعليم والرعاية الاجتماعية.
- تبني سياسة جنائية مزدوجة تجمع بين العقاب والتدبير الوقائي .
-تكريس المبادئ التي جاءت بها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات المعدلة ببرتوكول 1972 خاصة تلك المتعلقة بتكثيف الرقابة على المخدرات وكذا دعوتها للتعاون الدولي لمحاربة الإنتاج والتهريب والاستعمال غير المشروع للمخدرات.
ثالثا: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988
أمام تفاقم خطر المخدرات الذي أصبح يشكل نشاطا إجراميا دوليا أصبح لزاما على المجتمع الدولي من وضع اتفاقية جديدة تستجيب للتطورات الحاصلة في مجال المخدرات، لاسيما بعد أن أخذت الظاهرة أبعادا دولية من حيث ارتباطها بالإجرام الدولي المتمثل في الاتجار غير المشروع في الأسلحة وغسيل الأموال.
إذن أمام كل هذه التغيرات كان ضروريا من وجود عمل دولي يساير المعطيات الحديثة التي أفرزها الاتجار غير المشروع في المخدرات.
وهكذا تم عقد مؤتمر دولي ناقش مشروع اتفاقية فيينا بشأن الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية حيث اقتنعت الهيأة بالمشروع ليتم اعتماده كاتفاقية دولية والتي دخلت إلى حيز التنفيذ في 11 نونبر 1990.
فهذه الاتفاقية شكلت حجر أساس حيث أنينت على أهداف كبرى وقواعد رئيسية فهي جاءت لسد النقص الحاصل في الاتفاقيات السابقة خاصة الشق القانوني منها, حيث شملت مقتضيات جريئة وجديدة تعمل على الحد من حركة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
ومن أهم ما نصت عليه الاتفاقية:
- اتخاذ التدابير والإجراءات الملاءمة لضمان عدم استعمال وسائل النقل التجاري للنقل غير المشروع للمخدرات
- إلزام الدول الأعضاء بإنشاء قضاء مختص في الجرائم التي نصت عليها المادة 3 من الاتفاقية.
- تطرقها لمسألة التسليم المراقب حيث قدمت تعريفا له وذلك في إطار المادة 11 بكونه مجموعة من التدابير التي يسمح بموجبها للشحنات غير المشروعة من المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد التي يكثر استخدامها في الصنع غير المشروع للعقاقير بمواصلة طريقها خارج إقليم دولة أو أكثر أو عبوره أو إلى داخله بعلم السلطات المختصة وتحت رقابتها من أجل كشف هوية الأشخاص المتورطين في الاتجار غير المشروع .[49]
- مكافحة الاتجار غير المشروع عن طريق البحر وذلك بما يتفق مع القانون الدولي للبحار وقد تم التنصيص على هذه النقطة بالذات نظرا لاتساع حركة التجارة الدولية عبر وسائل النقل البحري والذي يتسم بضخامة حجم البضائع المنقولة بواسطته.
- إقرارها لمبدأ المساعدة القانونية المتبادلة بين الأطراف حيث أنه يجوز لأية دولة طرف في الاتفاقية أن تطلب يد المساعدة من دولة طرف أخرى وعلى الدولة الموجه إليها الطلب أن تسهل الاستجابة لطلبات المساعدة القانونية.
المطلب الثاني: الأجهزة والهيئات الدولية المكلفة بمحاربة المخدرات.
لقد أخذت معضلة الإتجار وتهريب المخدرات وسوء استعمالها من طرف الأفراد باهتمامات المجتمع الدولي فهب عن طريق أجهزته الدولية والجهوية إلى محاربة هذا الوباء الفتاك ذو الطبيعة الدولية.
ونجد في صدارة هذه الأجهزة هيأة الأمم المتحدة التي أولت أهمية خاصة لظاهرة المخدرات حيث خصصت مجموعة من المؤسسات تعمل تحت إشرافها وبشكل مباشر في مجال مكافحة المخدرات كما أن هناك هيئات دولية تتصدى هي الأخرى لهذه الجرائم ولكن بصفة غير مباشرة وغير تابعة لهيأة الأمم المتحدة. وعليه سنتحدث في الفقرات الموالية عن مختلف الأجهزة الدولية الموكول لها مهمة مواجهة آفة المخدرات.
- الفقرة الأولى: الهيئات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة
تعد الأمم المتحدة أول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي, ويعتبر دور الأمم المتحدة في هذا المجال ذو أهمية قصوى وذلك لعدة أسباب منها ضمها لعدد كبير من الدول "191 دولة ", إضافة إلى قدرتها على اعتماد معاهدات واتفاقيات دولية لها قوة القانون بالنسبة للدول التي توقع عليها.
ومن أهم الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في مجال مكافحة المخدرات ما يلي:
- إحداث جهاز خاص يتولى مكافة المخدرات والذي أطلقت عليه إسم لجنة المخدرات وكذلك أنشئت فيما بعد جهازا آخر يتولى الرقابة على المخدرات.
أولا: لجنة المخدرات
بتاريخ 15 شتنبر 1920 قامت عصبة الأمم في أول جمعية لها بإحداث اللجنة الاستشارية للأفيون وسائر المخدرات الضارة كأول جهاز دولي يهتم بالرقابة على المخدرات وبانتهاء عهد عصبة الأمم زالت اللجنة الاستشارية للأفيون وسائر المخدرات .
وفي سنة 1945 ظهرت للوجود منظمة الأمم المتحدة كاول منظمة دولية تولي أهمية خاصة للعمل على مكافحة المخدرات على الصعيد الدولي ويعتبر دور الأمم المتحدة في هذا المجال ذو أهمية قصوى وذلك لعدة أسباب منها: ضمها لعدد كبير من الدول حوالي 191 دولة، هذا بالإضافة إلى قدرتها على اعتماد معاهدات واتفاقيات دولية لها قوة القانون بالنسبة للدول التي توقع عليها.
وتضم هيئة الأمم المتحدة عدة أجهزة نجد في مقدمتها لجنة المخدرات التي تم إنشاءها بمقتضى قرار رقم 9/1 المؤرخ في 26 فبراير 1946 أصدره المجلس الاجتماعي والاقتصادي وهو أحد الأجهزة التابعة للأمم المتحدة والذي له مطلق الصلاحيات في إحداث ما قد تحتاجه هيأة الأمم المتحدة من لجان أو أجهزة لمساعدته في تأدية وظيفته.
وهكذا فلجنة المخدرات تعد لجنة دولية تابعة لجهاز رئيسي من أجهزة الأمم المتحدة وهو المجلس الاجتماعي والاقتصادي لتكون هذه اللجنة جهازا دوليا ضمن أجهزة الأمم المتحدة تتولى تقرير السياسات في المسائل المتعلقة بالرقابة الدولية على المخدرات.
وتجتمع لجنة المخدرات في دورات عادية سنوية، وفي حالة وجود أمر استعجالي فإنها تعقد اجتماعات استثنائية، ولهذه اللجنة عدة لجان فرعية أهمها اللجنة الفرعية للاتجار غير المشروع بالمخدرات في منطقة الشرقين الأدنى والأوسط وتعقد اللجنة اجتماعات إقليمية دورية لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في آسيا وإفريقيا والباسفيك وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وتتشكل لجنة المخدرات من ثلاثين عضوا ينتخبهم المجلس الاجتماعي والاقتصادي من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والدول الأطراف في الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 ويراعى في اختيار أعضاء اللجنة المذكورة بالنظر إلى مبدأ التوزيع الجغرافي العادل والتمثيل المناسب لثلاث فئات هي: الدول الهامة المنتجة للأفيون وأوراق الكوكا - الدول الهامة في مجال تصنيع المخدرات والمؤثرات العقلية ثم الدول التي لديها مشاكل كبيرة في إدمان المخدرات أو الاتجار غير المشروع فيها.
ويمكن تحديد نطاق اختصاص لجنة المخدرات في الوظائف التالية:
- تعديل الجداول المدرجة للمخدرات في الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 وكذا اتفاقية فيينا لسنة 1988، ويكون هذا التعديل على شكل إضافة أو حذف أو نقل من جدول إلى آخر حسب تعليمات منظمة الصحة العالمية والأمانة العامة للأمم المتحدة وتصبح قرارات لجنة المخدرات قرارات جاري بها العمل وسارية المفعول.
- مساعدة المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة في الإشراف على تطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمخدرات.
- مساعدة الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات في جميع المسائل التي تتصل بوظائف تلك الهيئة أثناء مباشرتها لاختصاصاتها.
- تقديم الاقتراحات والتوصيات العامة لدراسة كافة المعلومات الواردة من الأطراف وكذلك لفت نظر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات إلى المسائل التي من اختصاصها.
- تقديم النصح والمشورة للمجلس الاجتماعي والاقتصادي في جميع المسائل المتعلق بالرقابة الدولية على المخدرات وإعداد مشروعات الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة المخدرات.
اقتراح برامج البحث العلمي وتبادل المعلومات ذات الطابع العلمي وإنجاز ما يكلفها به المجلس الاجتماعي والاقتصادي من مهام تتصل بالرقابة الدولية على المخدرات.
إخبار الدول غير الأطراف بمختلف التدابير المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية و المتعلقة بالرقابة على المخدرات حتى تتمكن من وضع إجراءات ملاءمة مع ما تم إقراره من طرف هيأة الأمم المتحدة.
ثانيا: الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات
تعتبر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات جهازا دوليا تم إنشاؤه بمقتضى الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 لتحل محل كل من المكتب المركزي الدائم للأفيون والجهاز الرقابي, وتتكون الهيئة من 13 عضوا ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة 5 سنوات ويعملون بصفتهم الشخصية حيث لا يمثلون أية حكومة وإنما يجري اختيارهم لكفاءتهم وخبرتهم في القضايا المتعلقة بالمخدرات.
وقد حددت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمخدرات وبالخصوص الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 وكذا اتفاقية المؤثرات العقلية المبرمة سنة 1971 واتفاقية فيينا لسنة 1988 اختصاصات الهيئة وذلك على النحو التالي:
- 1تنفيذ الاتفاقيات الدولية للرقابة على المخدرات
حيث تسهر الهيئة على مراقبة إنتاج وتصنيع وترويج المخدرات والعقاقير اللازمة في العالم وجعل استعمالها قاصرا في إطار الأغراض الطبية والعلمية ومنع زراعة المخدرات وإنتاجها وصنعها والاتجار بها واستخدامها بطريقة غير مشروعة.
- 2الرقابة على التجارة المشروعة بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية
تتولى الهيئة مراقبة مدى احترام الحكومات للمقتضيات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية والمتعلقة بالمخدرات حيث تتوصل بتقارير دولية ومعطيات إحصائية في هذا الشأن من الحكومات بشكل دوري، ومن خلال تحليل التقارير والمعطيات المتوصل بها يمكن للهيئة تقييم مدى التطبيق الفعال للمعاهدات الدولية من عدمه. وللهيئة أن توصي بتقديم المساعدات تقنية كانت أم مالية إلى أي دولة تتعرض لصعوبات في مجال المكافحة.
والجدير بالإشارة هنا أن الهيئة لا تكتفي باتخاذ الإجراءات والتدابير في حالة اكتشاف مشاكل خطيرة بل تسعى على العكس من ذلك إلى منع الصعوبات الكبيرة قبل نشوئها ، وفي جميع الأحوال تعمل الهيئة بتعاون وثيق مع الحكومات وتنشر تقريرا سنويا عن أعمالها يتضمن تحليلا للتقديرات والمعلومات الإحصائية المتوفرة لديها كما تعد بيانات بالإيضاحات التي تقدمها أو تطلبها الحكومات وتشفعه باية ملاحظات أو توصيات ترغب الهيئة في تقديمها وتقدم تلك التقارير للجنة المخدرات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وللدول الأطراف.
- الفقرة الثانية: الأجهزة الدولية المعاصرة المساهمة في الرقابة على المخدرات
استكمالا للجهود المبذولة من طرف هياة الأمم المتحدة تم إنشاء هيئات وأجهزة تختص بمكافحة الجريمة بصفة عامة ومكافحة المخدرات بصفة خاصة ومن بين هذه الهيات نجد منظمة الصحة العالمية وكذلك منظمة الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول.
أولا: منظمة الشرطة الجنائية الدولية Interpol
بعد الانتشار الواسع والمقلق لجرائم المخدرات على الصعيد العالمي بدأ التفكير في إحداث مؤسسات وأجهزة متخصصة في مكافحة المخدرات باعتبار هذه الأخيرة ظاهرة عمياء وعابرة لكل أقطار العالم، فكل الدول مهددة بهذا الوباء لذلك أصبح المجتمع الدولي ينصب انشغاله في كل اللقاءات والمؤتمرات المنعقدة حول كيفية مواجهة وتطويق مشكلة المخدرات، وكنتيجة لكل هذه اللقاءات تم إحداث منظمة الشرطة الجنائية الدولية الأنتربول .
وتعد الأنتربول منظمة دولية مستقلة تحظى بإرادة متميزة عن إرادات الدول الأعضاء وتعد شخصا من أشخاص القانون الدولي العام وتتكون المنظمة من
الأجهزة التالية:
الجمعية العامة :
تعتبر الجمعية العامة الجهاز الأول والرئيسي داخل المنظمة فهو السلطة العليا المختصة في تحديد السياسة العامة لعمل المنظمة وإصدار التوصيات والقرارات الأعضاءها في المسائل المختصة في النظر إليها ومعالجتها. ويضم هذا القسم كل مندوبي الدول الأعضاء.
اللجنة التنفيذية:
وتتكون من 13 عضوا هم رئيس المنظمة، ونوابه الثلاثة وتسعة أعضاء تختارهم الجمعية العامة للمنظمة من بين مندوبي الدول الأطراف وتتحدد مهمتها في الأشراف على تنفيذ قرارات الجمعية العامة ومباشرة كافة الاختصاصات التي تفوضها فيها الجمعية العامة.
الأمانة العامة:
تعد الأمانة العامة مركزا دوليا لمكافحة الجريمة بصفة عامة ومكافحة المخدرات بصفة خاصة وتتكون من الأمين العام والإدارات الدائمة وتضم الأمانة العامة قسما لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات.
ولهذا القسم دور هام من خلال ما يصدره من نشرات وإحصائيات شهرية تتبادل فيها الدول التي تنتشر فيها هذه التجارة غير المشروعة كافة المعلومات حول الوسائل والطرق التي يتبعها ممارسوها وأماكن إخفاءها ومعامل تحويلها أو تصنيعها كل المعلومات المساعدة على تحقيق الفعالية اللازمة في عملية المكافحة.
المكاتب الوطنية:
حسب مقتضيات دستور منظمة الأنتربول فإن كل عضو مطالب بإنشاء مكاتب مركزية وطنية للشرطة الدولية في إقليمه، وتنظيم هذه المكاتب يعود إلى كل دولة حسبما تراه يتلاءم مع قوانينها الداخلية، وتقوم هذه المكاتب بدور حلقة الاتصال بين الأجهزة الوطنية لمكافحة الجريمة بما فيها جهاز مكافحة المخدرات وبين المنظمة والمكاتب المركزية للإنتربول المنتشرة في الدول الأخرى , حيث تؤدي عمل الأمانة العامة للأنتربول بكافة البيانات والمعلومات المتوافرة لديها عن حجم الجريمة وأساليب الإجرام والمتورطين في الجرائم الدولية.
والجدير في عمل منظمة الأنتربول أن النشاط الذي تضطلع عليه تحكمه بعض المبادئ المتمثلة في:
- احترام السيادة الوطنية للدول الأعضاء.
- مكافحة فقط جرائم الحق العام في كل دولة.
- عالمية التعاون بحيث لا تشكل الحدود الجغرافية و اللغوية عائقا أمام هذا التعاون المساواة في المعاملة لبلدان الأعضاء وتلقي نفس الخدمات مهما بلغت قيمة إسهامها المالي في ميزانية المنظمة.
- مرونة التعاون.[50]
ثانيا: منظمة الصحة العالمية
تعتبر منظمة الصحة العالمية من بين المنظمات التي برزت مجهوداتها الفعالة على الصعيد العالمي حيث تم إنشاءها منذ سنة 1948 مباشرة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية لتختص بالنظر في كل ما يتعلق بالصحة العامة على مستوى التوجيه والتنسيق بما في ذلك الوقاية والرعاية الصحية وهكذا قدمت منظمة الصحة العالمية منذ نشأتها العديد من التوصيات :الخاصة بتنفيذ المقتضيات الدولية المبرمة في إطار هيأة الأمم المتحدة باعتبار منظمة الصحة العالمية من بين الأجهزة التابعة لها.
وبما أن ظاهرة المخدرات تعد مشكلة خطيرة تهدد الوجود الإنساني فنجد منظمة الصحة العالمية قد أولت أهمية خاصة لها وتابعت هذه الظاهرة عن قرب وذلك بتعاون وتنسيق مع لجنة المخدرات
وفي هذا الصدد فقد ارتكز عمل هذه منظمة على الرفع من مستوى نظم توزيع الخدمات الصحية والاجتماعية من خلال إحداث آليات علاج وتأهيل فعالة ومنخفضة التكاليف لمدمني المخدرات وتضع المنظمة في هذا الإطار استراتيجيا للعلاج والوقاية عن طريق الرعاية الصحية الأولية والتي تدخل ضمن أهدافها الرئيسية.
كما تواصل عملها في ميدان الدراسات المتعلقة أو المرتبطة بإخضاع مواد جديدة للرقابة الدولية حسب درجة الخطورة التي تجعلها تضع مادة ما تحت الرقابة الدولية، فالمنظمة هي التى تقرر ما إذا كانت المادة الجديدة تسبب الإدمان من عدمها وما إذا تواجدت أدلة كافية على أن المادة يساء استعمالها و بالتالى تشكل مشكلة ولصحية واجتماعية عامة تبرر وضع المادة تحت الرقابة إذن فالمنظمة ومن خلال ما تقوم به من أدوار تضطلع بدور هام وكبير فيي ميدان مكافحة المخدرات فهي جهاز رئيسي وأساسي في عملية المكافحة نظرا لماتقدمه من خدمات كفيلة لمقاومة وباء انتشار المخدراته.
المبحث الثاني : السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية والغربية .
سيقتصر بحثنا في هذا المبحث على دراسة السياسة الجنائية ببعض الدول الغربية حيث سنحاول الكشف في المطلب الأول عن سياسة المشرع الايطالي الى جانب السياسة الجنائية البريطانية في مجال مكافحة المخدرات على أن نتطرق في المطلب الثاني للسياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية والتي استقر الاختيار فيها على التشريع المغربي والمصري والسوري.
المطلب الأول: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول الغربية .
سنحاول التطرق في هذا المطلب للسياسة المشرع الايطالي الى جانب السياسة الجنائية البريطانية في مجال مكافحة المخدرات
- الفقرة الأولى: السياسة الجنائية الإيطالية لمكافحة المخدرات .
يعد القانون الموحد رقم 309 الصادرسنة 1990[51] المرجع الرئيسي الذي ينظم إنتاج المخدرات والاتجار بها وتعاطيها وزجر الأنشطة غير المشروعة والوقاية من الإدمان على المخدرات والعلاج منها في ايطاليا .
وتعتبر المواد التالية غير قانونية في إيطاليا:
- الهيروين؛
- مشتقات القنب (الحشيش، الماريجوانا)؛
- الكوكايين.
- المهلوسات.
- الإكستاسي والمنتجات المماثلة .
وقد أقر لها المشرع عقوبة سجنية تتراوح ما بين 6 إلى 20 سنة وغرامة من 26.000 يورو إلى 260.000 يورو.
ويتم تصنيف المواد المخدرة على أنها مشروعة أو غير مشروعة حسب موقعها في القوائم التي تضعها وزارة الصحة دورياً والتي تتوافق أساسا مع اللوائح الصادرت من الأمم المتحدة والتي سبق وأن تطرقنا اليها في المطلب السابق أثناء حديثنا عن الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961.
وعلى العكس من ذلك، يسمح بإنتاج ونقل ووصف واستخدام الأدوية ذات المفعول المخدر للأغراض العلاجية الواردة في قائمة وزارة الصحة. وتعتمد هذه الأدوية على علاج مختلف، أو بالأحرى تعتبر قانونية إذا حصلت على ترخيص محدد من الدولة.
وبشكل أكثر تحديدًا، يتم تصنيف المواد المخدرة في إيطاليا في خمسة جداول: وترتبط الجداول الأول والثاني والثالث والرابع بنظام العقوبات على الاستخدامات غير المشروعة، كما يتم إدراج المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الخاضعة للمراقبة الوطنية والدولية. كما أن المستحضرات المحتوية على المواد المذكورة مدرجة أيضاً في كل جدول من هذه الجداول، وذلك وفقاً للإجراءات المبينة في جدول الأدوية. الجدول الخامس أو "جدول الأدوية" هو الذي يهم الصيدلي ويحتوي على الأدوية ذات الاستخدام العلاجي الحالي للإنسان أو الحيوان.
ويسمح قانون المخدرات في إيطاليا بزراعة بذور القنب المخصصة لإنتاج ألياف النسيج أو الاستخدامات الصناعية، والتي يجب مع ذلك أن تكون معتمدة ويمكن تتبعها. وفي قطاع الأغذية، هناك أيضًا أطعمة يمكن الحصول عليها من القنب، طالما أنها تقع ضمن مستويات رباعي هيدروكانابينول (THC) التي يجب أن تتراوح بين 0.2% و0.5%، حتى يتم اعتبارها قانونية أو خفيفة. في هذه الحالة، لا يمكن معاقبة المستهلكين إذا قاموا بشراء واستخدام منتجات يمكن تتبعها بمستويات لا تتجاوز مستويات رباعي هيدروكانابينول (THC) تلك التي تعتبر قانونية. حتى زراعة كميات صغيرة جدًا من القنب في المنزل تأثرت بإلغاء التجريم من قبل الأقسام المتحدة للمحكمة العليا، مع إشارة محددة إلى الزراعة للاستخدام الشخصي فقط. تم تصنيف هذا الموضوع حاليًا على أنه جريمة إدارية ولم يعد جريمة جنائية.
أما فيما يتعلق بالعقوبات التي أقرها المشرع الإيطالي فإذا ما تم اكتشاف حيازة شخص ما لمخدرات غير مشروعة لأول مرة في إيطاليا ، فلا يتم عادةً تطبيق العقوبات الإدارية، ولكن بدلاً من ذلك، يتلقى الجاني تحذيرًا من سلطة الشرطة المحلية وطلبًا رسميًا بالامتناع عن الاستخدام.
قد يتم تقديم برنامج إعادة التأهيل والعلاج بالإضافة إلى العقوبات الإدارية.
وتتحدد العتبة بين الحيازة الشخصية والاتجار حسب ظروف الحالة المحددة، مثل الفعل، وحيازة أدوات التغليف، وأنواع المخدرات المختلفة الحائزة، وعدد الجرعات، ووسائل التنظيم، وما إلى ذلك . وتعتمد عقوبة الجرائم المتعلقة بالتوريد، مثل الإنتاج أو البيع أو النقل أو التوزيع أو الحيازة ، على نوع المخدر: وفي حالة المخدرات الأكثر ضررا ، مثل الكوكايين والهيروين، يعاقب على الاتجار بالسجن لمدة تتراوح بين 6 و 20 سنة بالإضافة إلى غرامة مالية، بينما الجرائم المتعلقة بتوريد المخدرات الأقل خطورة (مثل الحشيش) تستوجب عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 2 و 6 سنوات بالإضافة إلى غرامة مالية. ومع ذلك، عندما تعتبر الجرائم بسيطة، تكون فترات السجن من 6 أشهر إلى 4 سنوات (لجميع أنواع المخدرات).
يجب أن يأخذ تقييم ما إذا كانت الجريمة بسيطة بطبيعتها في الاعتبار طريقة العمل، والدوافع الإجرامية المحتملة، وطبيعة الجاني، والسلوك أثناء الجريمة أو بعدها، والظروف العائلية والاجتماعية للجاني. من بين الجرائم المحددة التي يجب ذكرها من بين جميع أنواع الجرائم المتعلقة بحيازة المخدرات والاتجار بها، التآمر بغرض الاتجار بالمخدرات أو المؤثرات العقلية (المادة 74)، أو تسهيل استخدام المواد الفعلية (المادة 79)؛ - التحريض على تعاطي المخدرات والتبشير والتحريض على تعاطيها (المادة 82).
وتعتمد القوانين المتعلقة بحيازة المخدرات والاتجار بها بشكل أساسي على التمييز بين المخدرات الخفيفة والمخدرات القوية، وتطبق عقوبات أخف على الجرائم المرتبطة بالأولى وأشد على الجرائم المتعلقة بالثانية. بالتفصيل: أ) عدم الصلة الجنائية بالاستخدام الشخصي للمخدرات. وفي هذه الحالة، لا يرتكب هذا الشخص جريمة جنائية، بل جريمة إدارية بموجب المادة 75؛ يتم تقييم وجهة المخدرات (سواء للاستخدام الشخصي أو نقلها إلى أطراف ثالثة مما يمثل جريمة جنائية) من قبل القاضي باستخدام بعض المعايير مثل:
- الكمية؛
- نوعية المادة وتكوينها .
- استخدام معدات وزن أو تعبئة المادة والظروف الملموسة للحالة. ب) الأهمية الجنائية للاتجار بالمخدرات.
وقد تختلف العقوبة حسب نوع المخدرات (خفيفة أو ثقيلة): 1. بالنسبة للمخدرات "الثقيلة" (الهيروين، الكوكايين، ..): - بالسجن لمدة تتراوح بين ستة وعشرين عامًا ودفع غرامة تتراوح من 25.822.00 يورو إلى 258.228 يورو؛ 2. بالنسبة إلى "المخدرات الخفيفة" (الماريجوانا والحشيش): - بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وست سنوات ودفع غرامة قدرها 5164 يورو إلى 77468 يورو. وكما ذكرنا، يعاقب على جرائم المخدرات البسيطة بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وأربع سنوات وبدفع غرامة تتراوح من 1032 يورو إلى 10329 يورو، دون التمييز بين المخدرات الخفيفة والثقيلة. إن التعاون مع الشرطة لا يمكن أن يؤدي إلى تجنب الملاحقة القضائية، ولكنه يعطي ميزة كبيرة فيما يتعلق بالحكم (الظروف المخففة). تهريب المخدرات أخطر الجرائم المتعلقة بالمخدرات هي جريمة حيازة المخدرات، والتي تتكون من ثلاثة مجرمين أو أكثر يهدفون إلى الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المؤثرات العقلية. ويعاقب القانون بالسجن مدة لا تقل عن عشرين سنة كل من " يروج أو ينشئ أو يدير أو ينظم أو يمول " جمعية إجرامية بقصد الاتجار بالمخدرات. أما الشريك البسيط فيعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات.
- الفقرة الثانية: السياسة الجنائية البريطانية لمكافحة المخدرات.
لقد عرفت المملكة المتحدة البريطانية العديد من القوانين المتعلقة بمكافحة المخدرات، ويأتي قانون 1986 كآخر التشريعات المتوصل إليها في هذا المجال واضعا بذلك سياسة جنائية حديثة لمكافحة المخدرات وقطع الطريق أمام كل أشكال الإتصال غير المشروع بالمخدرات. [52] وقد عمل المشرع البريطاني في قانون 1986 على تجريم إخفاء الأموال المتحصلة من تجارة المخدرات ونص على عقاب كل شخص يساعد على إخفاء الأموال أو تهريبها أو الإحتفاظ بها أو إدارتها أو نقلها بهدف إخفاء هذه الأموال عن يد العدالة، كما عاقب على كل أشكال الإتصال الغير المشروع الأخرى كالإتجار والبيع والشراء والحيازة والإستهلاك.
كما وفر حماية خاصة للموظفين والعاملين في الأجهزة الحكومية أو في القطاعات الخاصة وذلك في مادته 24 من نفس القانون والتي تنص على عدم جواز فصل أو الأضرار أو فسخ التعاقد بين الموظف المبلغ عن الجريمة وصاحب العمل.
والهدف من إقراره لهاته الحماية هو تشجيع العاملين في الإدارات والمؤسسات على الإبلاغ عن النشاطات التي قد تحصل في المواد أو النباتات المخدرة، بل أكثر من ذلك نجد على أن المشرع في الفقرة الثانية من نفس المادة، أجاز البطلان وعدم إلزامية تقيد العامل أو الموظف بشروط من شأنها تعتيم النشاط الفعلي للشركة المتعلق بالمخدرات.[53]
ولا شك في أن هذه الحماية التشريعية التي نص عليها المشرع البريطاني سيكون لها أثر فعل في مجال الإبلاغ عن جميع الأنشطة غير المشروعة المرتبطة بالمخدرات داعين في نفس الوقت المشرع المغربي إلى نهجه لنفس الخطوة. وفي سياق الحديث عن السياسة الجنائية التي وضعها المشرع البريطاني نجد على أنه لم يغفل الحديث عن الشق الإجرائي الذي جاء بسياسة إجرائية فريدة من نوعها تغيب عن تشريعاتنا العربية، إذ أباح لضباط الشرطة القضائية بموجب المادة 32 من نفس القانون تأجيل إجراءات التفتيش وإلقاء القبض إذ كان لدى الضباط معلومات تشير إلى أن المتهم لديه ثروة كبيرة وضخمة، وأن التحريات المجرات سابقا لم تصل إلى حصر تلك الثروة وإثبات مصدرها لحين إستكمال التحريات وجمع الأدلة.[54] فهذه السياسة التشريعية الغير مألوفة وضعها المشرع تماشيا مع الواقع العملي ونتيجة للبحوث والمناقشات التي دارت في البرلمان البريطاني من خلال مجموعة العمل المتنوعة التي عهد إليها بحث الإشكالات وإستنباط إجراءات جنائية حديثة لمكافحة المخدرات.[55] لذلك ندعو كل الدول في مختلف أقطار العالم للإستفادة من التجربة البريطانية لمواجهة مشكلة المخدرات بأساليب ووسائل حديثة ومتطورة، تواكب ما عرفه العالم من تطور للجريمة.
المطلب التاني: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية.
سنتطرق في هذا المطلب للسياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية والتي استقر الاختيار فيها على التشريع المغربي والمصري والسوري.
- الفقرة الأولى السياسة الجنائية المصرية والسورية في مجال مكافحة المخدرات .
أولا :السياسة الجنائية المصرية
تنهج السياسة الجنائية المصرية في مكافحة المخدرات معطيين أساسيين، الأول هو السياسة الشرعية بشقيها الموضوعي والإجرائي، والثاني هو محور التدابير الجنائية الوقائية الاحترازية والعلاجية، وتدابير الدفاع الإجتماعي كخط دفاع ثاني ضد هذا النوع من الإجرام.[56]
وقد بدأت أولى محاولات مقاومة ومواجهة مشكلة المخدرات منذ صدور الأمر العالي بمكافحة الحشيش وتجريم تصديره ومنع زراعته سنة 1879، والواضح أن سياسة المشرع في هذه المرحلة بالنسبة للمكافحة المخدرات كانت تتخذ موقف المحرض عليها لا المكافح وذلك بحكم الصلة التقليدية الوثيقة بين المخدرات وبين الإستعمار وعملائه آنذاك.[57]
وسرعان ما تنبه المشرع المصري للثغرات القانونية التي كانت تعتري قانون المخدرات آنذاك، فقام بإصدار قانون زجر المخدرات سنة 1918 ليقوم بعدها بصياغة قانون جديد واكب تطور العصر وما شهده من جرائم وهو قانون رقم 182 لسنة 1960، والذي وقع تغييره وتعديله بموجب القانون رقم 122 لسنة 1989 كآخر تعديل يمس القانون السابق الذكر، ومن أهم ما تضمنه هذا التشريع هو تنصيصه على عقوبة الإعدام وعلى عقوبات جنائية وأخرى جنحية تحقق نوعا من الردع الفعال واستحداث ظروف مشددة جديدة مع وضع تنظيم علاجي للمتعاطين المدمنين.[58] مسايرا بذلك توجيهات الأمم المتحدة وعملا بالتوجه المتبع في بعض دول العالم التي أصبحت تنهج مبدأ العلاج بدل العقاب عطفا على المرضى المدمنين على المواد المخدرة.
ثانيا : السياسة الجنائية السورية لمكافحة المخدرات.
أصدر المشرع في سوريا بمطلع القرن العشرين عدة قوانين تقضي بتجريم التعامل ببعض المواد المخدرة المعروفة في سوريا، وكان أول قانون ينظم الإتجار بالمخدرات ويعاقب على مخالفته هو قانون 14 يناير لعام 1922، وبعد 4 سنوات من هذا التاريخ أي في سنة 1926 صدر قرار يقضي بمنع زراعة القنب الهندي ونص على معاقبة كل من يخالف هذا القرار بالحبس والغرامة.[59]
وفي عهد الوحدة بين سورية ومصر (1958 – 1961) صدر القانون رقم 182 لعام 1970 بشأن مكافحة المخدرات فجاء هذا القانون شاملا ومحيطا بجميع المسائل المتعلقة بالإتصال المشروع والغير المشروع بالمخدرات، وطبق في جميع الأراضي السورية – المصرية. وبعد 30 سنة أصدر المشرع السوري القانون رقم 2 بتاريخ 12 / 04 / 1993 الذي أطلق عليه قانون المخدرات السوري، وقد استوصى المشرع أحكامه بشكل أساسي من القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي،[60] وقد إنطوى هذا القانون الجديد على تشديد متوازن لعقوبات جرائم المخدرات حسب خطورتها وآثارها وزيادة ملحوظة لمقدار الغرامات واكبة التطور الإقتصادي للجمهورية، كما نص على مصادرة الأموال التي يكون مصدرها إحدى هذه الجرائم.[61] ولعل أبرز ما يتميز به قانون المخدرات السوري هو أنه نظر بعين الخطورة لجميع أشكال الإتصال غير المشروع بالمخدرات فصنف معظمها كالإتجار ضمن طائفة أخطر الجرائم، ألا وهي الجنايات وذلك في المواد 43،42،40،39 من قانون المخدرات السوري، وأما أشكال الإتصال الأخرى ولا سيما المرتكبة بغير قصد الإتجار أو بغير قصد الإستعمال الشخصي فقد صنفها ضمن طائفة الجنح.[62]
وأخيرا لابد لنا من الإشارة إلى أن سياسة المشرع السوري بشأن المدمنين كانت واضحة، بحيث عاملهم بشكل مختلف، وأتاح لمتعاطي المخدرات فرص العلاج وإعادة التأهيل وتوقيف المتابعات في حقهم إن رضخوا للعلاج.
- الفقرة الثانية :السياسة الجنائية المغربية لمكافحة المخدرات .
إلزاما من المغرب للدفاع عن نفسه أمام هول هذه الظاهرة الوبائية ووعيا بخطورتها وآثارها المدمرة قام المشرع المغربي بإصدار ترسانات تشريعية متوالية لتنظيم زراعة وتداول المخدرات وحصر إستعمالها في الأغراض الطبية وزجر المخالفين لأحكامها، وقصد الوقوف عند فلسفة المشرع تجاه المخدرات، إرتئينا في تقديمنا هذا التطرق بإيجاز شديد لأبرز المحطات التشريعية في مكافحة المخدرات:
- المحطة الأولى: بتاريخ 9 نونبر 1919، أصدر ظهير لضبط زرع الكيف[63] وإشترط ضرورة الحصول على رخصة، ووجوب تسليم الغلات بأجمعها إلى إدارة صاكا التبغ قبل إنقضاء الأجل المعين لذلك، كما إشترط لنقل زراعة الكيف ضرورة التوفر على إجازة المرور مسلمة له من الإدارة، وإن ضبط أي شخص غير متوفر على الإجازة المذكورة أثناء الطريقة فتعتبر غلة الكيف التي ينقلها كأنها مهربة، وتجري عليه مقتضيات القانون المتعلق بالتهريب، وتعتبر أيضا مهربة أحمال الكيف التي ينقلها صاحبها في مكان لا يجوز له المرور به لعدم ذكره بإجازة المرور.[64]
-المحطة الثانية : بتاريخ 02/12/1922، أصد قانون بضبط إستجلاب المواد السامة والإتجار بها وإمساكها واستعمالها،[65] ورتب هذا الظهير المواد السامة في ثلاث لوائح، اللائحة (أ) تشمل المنتوجات السامة، ولائحة (ب) تشمل المنتوجات المخدرة ولائحة (ج) وتشمل المنتوجات الخطرة، وعاقب على مخالفي مقتضيات هذا الظهير بغرامات يتراوح مبلغها بين 24000 و 270.000 فرنك وبالسجن تتراوح مدته بين 6 أيام وشهرين أو بإحدى هاتين العقوبتين.[66]
- المحطة الثالثة : بتاريخ 24/04/1954، أصدر ظهير يمنع بمقتضاه تداول قنب الكيف وإستعماله والإتجار فيه،[67] ونص في الفصل 5 المعدل بمقتضى ظهير 1974 على عقوبات عند مخالفة هذا الظهير،[68] و قد أتت رغبة المشرع واضحة إذ رغب في سياسته إعتبار نبتة الكيف مخدرا و خول بموجب هذا الظهير تعويضا جزافيا قدره 4000 درهم عن كل كيلو غرام مسلم لمكتب التبغ من المنتجات والمحضرات.
- المحطة الرابعة : بتاريخ 21/05/1974، أصدر ظهير متعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات[69] وألحقت عدة تغييرات بظهير 1922 وظهير 1954 حيث جعل العقوبات الحبسية تصل إلى عشر سنوات والغرام إلى 50.000 درهم في بعض الجرائم الأكثر خطورة والمرتبطة بالمخدرات، كالإستيراد والإنتاج والصنع والنقل وغيرها.[70] وقد كان للمشرع الدولي تأثير كبير في إقرار مضامين فصول هذا الظهير، بحيث نجد أن المشرع المغربي قد راع في سياسته التجريمية والعقابية أثتاء بلورته للنصوص المجرمة للمخدرات، مجموعة من الإتفاقيات الدولية التي صادقت ووقعت عليها المملكة المغربية في فترات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، والتي سنحاول إبرازها لاحقا في بحتنا.
- المحطة الخامسة : بتاريخ 9/10/1977، أصد الظهير المتعلق بمدونة الجمارك[71] المعدل والمتمم بظهير 5/6/2000، هذا القانون يعتبر أحدث قانون بالنسبة للقوانين المتعلقة بالمخدرات، حيث عملت مدونة الجمارك على محاربة المخدرات إجرائيا وعقابا،[72] إذ حددت الأولى في مجموعة من المساطر المتعلقة بالمصادرة في حين حددت العقوبات من سنة إلى ثلاث سنوات بإعتبار المخدرات جنحا جمركية من الدرجة الأولى بعدما كانت تعتبرها جنحا جمركية من الدرجة السادسة مخصصتا لها عقوبات تتراوح بين الشهر الواحد و السنة،[73] ما يوضح سياسة المشرع المغربي الرامية للقضاء على هذه الآفة و الحد منها.
عموما فإن المملكة المغربية إتخدت سياسة واضحة وصارمة من أجل مكافحة أشكال الجرائم المرتبطة بالمخدرات وفق سياسة جنائية منسجمة مع مقتضيات الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها في هذا الشأن، أهمها الإتفاقية الفريدة للمخدرات لسنة 1961،[74] إتفاقية فيينا لسنة 1971للعقاقير المنشطة للذهن[75] وإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988.[76]
يعتبر ظهير 1974[77] هو القانون المطبق على جرائم المخدرات بالمغرب والذي حاول فيه المغرب تجريم تعاطي المواد المخدرة وحيازتها والاتجار فيها مستندا أثناء وضعه لهذا القانون على الاتفاقيات الدولية المعنية بمجال مكافحة المخدرات خاصتا في تحديدها للمواد المخدرة والتي جاءت بنفس الجداول التي وضعتها الامم المتحدة، وإذا ما اتبعنا تطور السياسة الجنائية في مجال مكافحة جرائم المخدرات نجدها اتخذت اتجاهين: اتجاه وقائي يهدف للحيلولة دون انتشار هذه الظاهر، واتجاه آخر يهدف لتشديد جرائم المخدرات، إذ يلاحظ من خلال التدابير الزجرية أن المشرع المغربي قد شدد مع فئة التجار والمهربين والوسطاء وهو أمر طبيعي، نظرا لأن هذه الفئة هي التي من وراء انتشار هذه الآفة، وكل تشدد في معاقبة هؤلاء هو في الحقيقة تشدد في مواجهة انتشار ذلك يبقى التشريع المغربي في مواجهة هذه الآفة غير ذي نفع وجدوى إذ ما قورن المخدرات وتهريبها، ومع خطورة الظاهرة وانتشارها . وإذا كان الهدف من العقوبة أساسا هو زجر المخالفين وردع الآخرين، فإن النصوص الزجرية المتعلقة بالاتجار والتهريب وإنتاج المخدرات يبدو مفعولها غير ذي جدوى، ولا أدل على ذلك من خطورة القضايا التي تعرض على المحاكم المغربية وحجمها، وعليه وجب مراجعة مختلف الأفعال المنصوص عليها في إطار ظهير ٢٤ ماي ١٩٧٤ وكذلك مراجعة العقوبات المقررة في هذا الخصوص بشكل يتلاءم مع مختلف صور جرائم المخدرات. كما نص المشرع المغربي على مقتضى بالغ الأهمية في ظهير 1994، ويتعلق الأمر بإعفاء المدمنين من المتابعة الجنائية، إذ رغب في الخضوع للتدابير العلاجية، رغبتا منه في مساعدة المدمن على هذه المخدرات والتخلص من هذا الداء، إلا أن الواقع يدل على أن هذا المقتضى لا يجد له حيزا من التطبيق رغم وجود بعض المؤسسات المتخصصة في علاج المدمنين مثل مراكز طب الإدمان والتي كانت موضوع البحث الميداني الذي كلفت بإعداده . وبذلك تظل مقتضيات ظهير 1974 مفتقرة إلى تطبيق هذا النص وإيداع المدمنين في المؤسسات المتخصصة في مكافحة الادمان عواض الزج به وراء القضبان وتغيير سلوكه للأسوء عواض الأفضل.
خاتمة
تُعَدُّ السياسة الدولية في مكافحة المخدرات إحدى القضايا الحيوية والمعقدة التي تتطلب تضافر الجهود العالمية للتصدي لها. وقد أظهرت التحليلات والدراسات أن مكافحة المخدرات ليست مجرد مسألة تتعلق بالأمن الداخلي للدول، بل هي تحدي عالمي يتطلب تعاوناً دولياً فعالاً ومستداماً.
أولاً، من الواضح أن تزايد التجارة غير المشروعة للمخدرات يؤثر سلباً على استقرار الدول واقتصادها وصحة مواطنيها. إن الفشل في السيطرة على هذه التجارة يسبب تفشي الجرائم المنظمة والعنف، ويزيد من الأعباء على الأنظمة الصحية والاجتماعية. لذا، تتجلى أهمية وضع استراتيجيات شاملة ومتعددة الأبعاد تتناول كافة جوانب المشكلة، من الإنتاج والتوزيع إلى التعاطي والعلاج.
ثانياً، يتطلب التصدي الفعّال للمخدرات تعزيز التعاون الدولي عبر منصات متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة ومنظمات التعاون الإقليمي. من خلال تبادل المعلومات والتجارب الناجحة، يمكن للدول تحسين قدراتها في كشف الشبكات الإجرامية وتعزيز أنظمة المراقبة والمساءلة. كذلك، يجب تعزيز الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، لتوفير إطار قانوني موحد يعزز الجهود المشتركة.
ثالثاً، لا يمكن إغفال دور التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مكافحة المخدرات. إذ تُعَدُّ الفقر والبطالة وانعدام الفرص التعليمية من الأسباب الجذرية التي تدفع الأفراد نحو تجارة وتعاطي المخدرات. لذا، يجب على السياسات الدولية أن تشمل برامج تنموية تعزز من فرص العمل والتعليم، وتوفير بدائل اقتصادية للمجتمعات المعرضة لخطر الانخراط في تجارة المخدرات.
رابعاً، يُعَدُّ تبني نهج حقوق الإنسان في مكافحة المخدرات أساسياً لضمان فعالية واستدامة هذه الجهود. إذ يجب أن تركز السياسات على حماية حقوق الأفراد، بما في ذلك حقهم في الصحة والعلاج من الإدمان. وفي هذا السياق، ينبغي تعزيز برامج العلاج وإعادة التأهيل، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمحتاجين، بدلاً من الاقتصار على العقوبات الجنائية التي قد تزيد من معاناتهم وتدفعهم للعودة إلى التعاطي.
خامساً، التكنولوجيا الحديثة تلعب دوراً محورياً في تعزيز جهود مكافحة المخدرات. من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحليل البياني، يمكن تحسين قدرات الكشف عن الأنشطة غير المشروعة وتعقبها بكفاءة أعلى. كما يمكن استخدام المنصات الرقمية لنشر الوعي وتوفير الدعم للأفراد المتضررين.
وفي ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها المجتمعات الدولية في مكافحة المخدرات، تأتي الحاجة الماسة إلى تبني استراتيجيات شاملة ومتعددة الأبعاد وعليه نقدم توصيات في هذا الشأن والتي تأتي كإطار عمل متكامل يهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة المخدرات. تسلط التوصيات الضوء على جوانب متعددة، بدءاً من تعزيز التعاون الدولي، مروراً بتطوير الأطر القانونية والتشريعية، وتحسين القدرات الأمنية والتقنية، وصولاً إلى تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز الرعاية الصحية وإعادة التأهيل، وتطبيق نهج حقوق الإنسان، وإطلاق حملات توعية مجتمعية، وأخيراً متابعة وتقييم السياسات.
إن تبني هذه التوصيات ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لضمان تحقيق نتائج فعالة ومستدامة في مكافحة المخدرات. إذ تسعى هذه التوصيات إلى تقديم حلول عملية وقابلة للتنفيذ، تستند إلى التجارب الناجحة والممارسات الفضلى على المستوى الدولي. من خلال تبني نهج شامل يدمج بين الجوانب الأمنية، القانونية، الاجتماعية، والاقتصادية، يمكننا التصدي لهذه الظاهرة بفعالية أكبر، وحماية المجتمعات والأفراد من آثارها المدمرة.
فيما يلي تفصيل لهذه التوصيات:
- -1 تعزيز التعاون الدولي :
- دعم المبادرات الإقليمية: تشجيع ودعم المبادرات الإقليمية التي تسعى لمكافحة المخدرات مثل مبادرة التعاون بين دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
- 2 - تطوير الأطر القانونية والتشريعية :
-تعزيز اتفاقيات الأمم المتحدة : العمل على تعزيز وتوسيع نطاق الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة المخدرات وتحديثها لمواكبة التحديات الجديدة.
- 3 تحسين القدرات الأمنية والتقنية :
-استخدام التكنولوجيا الحديثة : توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتحليل الأنماط والتنبؤ بالأنشطة الإجرامية.
- 4 تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية :
-دعم التعليم والتدريب المهني : تعزيز النظام التعليمي وتوفير برامج تدريبية مهنية تساهم في خلق مسارات بديلة للشباب.
- 5 تعزيز الرعاية الصحية وإعادة التأهيل :
-تطوير برامج إعادة التأهيل : إنشاء برامج شاملة لإعادة تأهيل المدمنين ودمجهم في المجتمع بعد العلاج.
- 6 تطبيق نهج حقوق الإنسان :
- توعية المجتمع : نشر الوعي حول حقوق الأفراد المتضررين من المخدرات وطرق حمايتهم ودعمهم.
- 7 إطلاق حملات توعية مجتمعية :
- التعاون مع المجتمع المدني : إشراك المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية في جهود التوعية وتقديم الدعم للمجتمعات المتضررة.
- 8 متابعة وتقييم السياسات :
- استخدام البيانات والتحليل : جمع وتحليل البيانات بشكل دوري لتحديد الاتجاهات وتقييم النتائج وتحسين السياسات المستقبلية.
تسعى هذه التوصيات إلى تقديم إطار عمل شامل ومتكامل لمكافحة المخدرات، مما يسهم في خلق بيئة أكثر أماناً واستقراراً للمجتمعات الدولية، ويحمي الأجيال القادمة من أخطار المخدرات وتبعاتها المدمرة.
في الختام، إن مكافحة المخدرات بنجاح تتطلب التزاماً عالمياً مشتركاً واستراتيجيات متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية. فقط من خلال التعاون الدولي الفعال وتبني نهج شامل ومستدام، يمكننا أن نحقق تقدماً حقيقياً في هذه المعركة الصعبة ونحمي الأجيال الحالية والمستقبلية من أخطار المخدرات وتبعاتها المدمرة.
قائمة المراجع:
- الكـــتب :
- حسن البكري : "الأحكام العامة للمصادرة في جرائم المخدرات"، ط1، مطبعة النجاح، الدار البيضاء – المغرب، س.ن 2012.
- أحلام السعدي فرهود : "الدليل الإرشادي للدعاة للتوعية بمخاطر الإدمان والمخدر"، وزارة الأوقاف المصرية، القاهرة - مصر، س.ن 2001.
- خالد كردودي : "سلسلة الأبحاث القانونية"ط 1، ج1، مطبعة أش إف غرافيك، سلا – المغرب، س.ن 2005.
- مجمع اللغة العربية، "المعجم الوسيط"، دار الدعوة، ط3، القاهرة- مصر، س.ن 2004.
- ابن فارس، "مقاييس اللغة"، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، س.ن 1979، دمشق - سوريا
- أحمد مختار عمر، "معجم اللغة العربية المعاصر"، المجلد الأول، ط1، عالم الكتب القاهرة – مصر، س.ن 2008.
- محمد أوغريس، "جرائم المخدرات في التشريع المغربي"، ط5، مطبعة دار القرويين، الدار البيضاء – المغرب، س.ن 2011 .
- موسى جابر بن سالم، "المخدرات" ط1، دار المريخ، الرياض - المملكة السعودية، س.ن 1987 .
- محمد الحاج علي "المخدرات (السموم)"، ج غير مذكور، )ط( غير مذكورة، دون إسم النشر و مكان النشر، س.ن 2016 .
- مـحمد غزاف : "جرائم المخدرات و إجراءاتها العملية"، ط1 المطبعة والورقية الوطنية، مراكش – المغرب، س.ن 2010.
- أحمد عكاشة، "الطب النفسي المعاصر" ط2، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة – مصر، س.ن 2018 .
- نزيه نعيم شلال، "دعاوى المخدرات" ط1، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت– لبنان، س.ن 2004.
- علي أحمد راغب "استراتيجية مكافحة المخدرات دوليا محليا" دار النهضة العربية القاهرة – مصر،1997.
- سمير محمد عبد الغني:" التعاون الدولي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيماوية". دار الكتب القانونية – مصر.
- حمد مؤنس محب الدين، "السياسة الجنائية في مواجهة المخدرات" ط1، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة – مصر، س.ن 1995.
- إيمان محمد علي الجابري، "خطورة المخدرات ومواجهتها تشريعيا في الجمهورية المصرية العربية ودولة الإمارات المتحدة"، ط1، مطبعة رمضان وأولاده، القاهرة – مصر، س.ن 1999.
- Montserrat Guibermau, "Goverming europeam diversity", Sage publications, London - UK, 2001.
- Oxford English Dictionary, 3rd Edition, Oxford University Press, 2010.
- Cambridge Dictionary, Cambridge University Press, 2023.
- Merck Manual, "Drug Abuse," Merck & Co., Inc., 2023.
- American Psychiatric Association (APA), "Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM-5)," 2013.
- Britannica Medical Encyclopedia, "Drug," Encyclopedia Britannica, 2022
- Robert O'Brien and Sidney Cohen.M.D: "The Encyclope DIA of drug Abuse", Facts on file, inc. New-York Bicester, England. 1984.
- Luscherc Ungless, "The mechanistic classification of addictive drugs", plos medicine, 14 November 2006.
- أبحــــاث و مقــالات :
- - عبد الرشيد الزبيري، "المخدرات بين القانون والواقع"، ع7، مجلة المحاماة، جمعية هيئات المحامين بالمغرب، س.ن 1990 .
- - زهراء برهوة، "القوانين المغربية والدولية تدين المتاجرين في المخدرات والمتعاطين لها"، مجلة القضاء والقانون، ع 132، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء – المغرب، 1984 .
- محمد فرحات "المخدرات آفة شبان العصر"، مجلة الفكر العربي تصدر عن معهد الانماء العربي للعلوم الانسانية، العدد 16، بيروت – لبنان، السنة الثانية يوليو/أغسطس 1977 .
- [1] مجاهدي إبراهيم : "أليات القانون الدولي والمقارن للوقاية والعلاج من جرائم المخدرات" المجلة الجزائرية عدد 04-2010 السنة 2010.
- تقـارير :
- لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، "الشباب و المخدرات"، فيينا - النمسا، س.ن 1999.
- مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "الإتجار غير المشروع والمخدرات والمؤثرات العقلية وغسل الأموال"، المنامة - مملكة البحرين، س .ن 2011 .
- الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، " تقـرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات 2023 "، فيينا - النمسا، س.ن 2023.
- عدنان الدوري،" الابعاد الاجتماعية لظاهرة الاعتماد على العقاقير"، الندوة الأولى للقياديين للتوعية بمضار التدخين والمسكرات والمخدرات من 3 الى 6 فبراير 1980، الكويت .
- Presidential Decree n. 309/1990 (Consolidated Law on Drugs, or "Testo Unico stupefacenti"), which contains the rules concerning drug detention, drug dealing, and drug trafficking association.
- مواقع إلكترونية رسمية :
- لحسن بيهي، "السياسة الجنائية مفهوم السياسة الجنائية في ضوء المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية" ، مقال منشور بالموقع الرسمي لوزارة العدل المغربية، السنة والطبعة غير مدرجة،ص2، أطلع عليه بتاريخ 10 يوليو 2024 على الساعة 10 :00
- إتفاقيات دولية وإقليمية :
- إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤشرات العقلية لسنة 1988
- الاتفاقية الوحيدة للمخدرات للأمم المتحدة لعام 1961.
- اتفاقية المؤثرات العقلية للأمم المتحدة لسنة 1971.
- الإتفاقية العربية لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1994 .
- الأطـــروحــات و الرســــائــل :
- بوشعيب ذو الكيفل:" مكافحة المخدرات بين الآليات الدولية والنصوص الوطنية حالة المغرب " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام السنة الجامعية 1996-1997 الدار البيضاء .
- بنسليمان عبد السلام: "مكافحة المخدرات ووقاية المدمنين عليها في القانون الجنائي المغربي"، رسالة النيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص, جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1985-1986.
- أسامة النالي: " التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة المخدرات "، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص, جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية -طنجة السنة الجامعية : 2008-2009.
- سكينة رحالي، "الإستراتيجية الدولية والوطنية لمكافحة جرائم المخدرات"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر النظام الجمركي، كلية العلوم القانونية والإقتصاد والإجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، س.ج 2013 / 2014.
الفهرس :
المقدمة: 6
الفصل الأول : ماهية المواد المخدرة وأسباب إنتشارها . 10
المبحث الأول: مفهوم المخدرات وأنواعها. 11
المطلب الأول : تعريف المخدرات. 12
الفقرة الاولى: تعريف المخدرات في اللغة............ 12
الفقرة الثانية: تعريف المخدرات في الإصطلاح الطبي...... 13
الفقرة الثالثة: تعريف المخدرات في الإتفاقيات الدولية....... 13
المطلب الثاني: أنواع المخدرات وتصنيفها. 14
الفقرة الأولى: الكوكايين ..... COCAINE 15
الفقرة التانية: المورفين MORPHINE 15
الفقرة الثالثة: الهيروين HEROIN 16
الفقرة الرابعة: الأمفيتامينات AMPHETAMINES 16
الفقرة الخامسة: الحشيش HASCHICH 17
الفقرة السادسة: حبوب الهلوسة HALLUCINOGENES 17
المبحث الثاني : أسباب إنتشار المخدرات دوليا وآثارها. 18
المطلب الأول : الأسباب العامة والخاصة وراء إنتشار المخدرات دوليا. 18
الفقرة الأولى : الأسباب العامة. 19
ثانيا : ضعف السياسة العقابية للدول في جرائم المخدرات.. 20
ثالثا : الهجرة الداخلية والخارجية. 20
رابعا : الجريمة المنظمة . 21
الفقرة الثانية : الأسباب الخاصة.... . 22
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن إنتشار ظاهرة المخدرات دوليا. 23
الفقرة الأولى : الآثار الاقتصادية...... 23
الفقرة الثانية : الآثار الاجتماعية ...... 24
المبحث الأول : السياسات والاستراتيجيات الدولية لمجابهة المواد المخدرة. 28
المطلب الأول: الآليات القانونية الدولية لمجابهة جريمة المخدرات . 28
الفقرة الأولى: الاتفاقيات الدولية المنعقدة في ظل عصبة الأمم...... 29
الفقرة الثانية: الاتفاقيات الدولية للرقابة على المخدرات في نطاق منظمة الأمم المتحدة...... 32
المطلب الثاني: الأجهزة والهيئات الدولية المكلفة بمحاربة المخدرات. 37
الفقرة الأولى: الهيئات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة 37
الفقرة الثانية: الأجهزة الدولية المعاصرة المساهمة في الرقابة على المخدرات..... 40
المبحث الثاني : السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية والغربية . 42
المطلب الأول: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول الغربية . 43
الفقرة الأولى: السياسة الجنائية الإيطالية لمكافحة المخدرات . 43
الفقرة الثانية: السياسة الجنائية البريطانية لمكافحة المخدرات. 45
المطلب التاني: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات ببعض الدول العربية. 46
الفقرة الأولى السياسة الجنائية المصرية والسورية في مجال مكافحة المخدرات . 47
الفقرة الثانية :السياسة الجنائية المغربية لمكافحة المخدرات . 48
خاتمة. 51
قائمة المراجع: 55
الفهرس : 60
والسياسة تعني من المنظور الحقوقي، تدبير الشأن العام، ووضع التوجيهات لممارسة السلطات في الدولة.
أما السياسة الجنائية، فتعني وضع الاستراتيجية، المستقبلية لمكافحة الإجرام ومعاملـة المجرمين، وذلك عن طريق رسم المبادئ العامة، التي يراعيها المشرع الجنائي في مجـال التجريم والعقاب.والسياسة الجنائية بهذا المعنى، تدل على رسم التصور الدافع لحماية الفرد والمجتمـع، مع تحديد الأهداف _التي يتعين إنجازها لتأمين هذه الحماية، ضمن السياسة العامة للدولة فـي المجالات الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية، ومع رصد الوسائل الضرورية لبلـوغ هـذه الأهداف بما يناسب التوجيهات السائدة في المجتمع.
لحسن بيهي، "السياسة الجنائية مفهوم السياسة الجنائية في ضوء المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية" ، مقال منشور بالموقع الرسمي لوزارة العدل المغربية، السنة والطبعة غير مدرجة،ص2، أطلع عليه بتاريخ 08 يوليو 2024 على الساعة 10 :00
القاهرة - مصر، س.ن 2001، ص11.
- أشهر المواد المدرجة في الجدول الثاني: النوركوديين، الفولكوديين، الديهيدروكوديين، الاستيلديهيدروكوديين، الكوديين، ...
- Luscherc Ungless,” The mechanistic classification of addictive drugs”, plos medicine, 14 November 2006.
لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام السنة الجامعية 1996-1997 الدار البيضاء، ص: 25 و26.