مقدمة:
يعتبر نظام الأحباس متأصل في الحضارة الإسلامية أساسه التكافل والتضامن ومحاربة الفوارق الطبقية ، وقد أسند المشرع المغربي تدبير الأحباس لمديرية وزارة الأوقاف لضمان مصالحها واستمرار بقائها باعتبارها من الأملاك العامة التي تسهر الدولة على حمايتها وتدبيرها . والوقف هو ما خصص بطبيعته ابتداء أو مآلا لوجوه البر و الإحسان، و تحقيق منفعة عامة، و الوقف العام بقوة القانون يشمل أماكن إقامة الشعائر و ما وقف عليها من أملاك و يتمتع بالشخصية الاعتبارية و يتم تمثيله بإدارة الأوقاف. وتجرى على الأموال الموقوفة وقفا عاما جميع التصرفات القانونية الهادفة إلى الحفاظ عليها كالمعاوضات والأكرية، وبيع منتوج الأشجار
والغلل ومواد المقالع العائدة للأوقاف العامة أو تصفية الحقوق العرفية المنشأة عليها، وذلك من أجل تنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها .
فكيف نظم المشرع المغربي معاوضات وأكرية الأموال الموقوفة وما هي الإجراءات والوثائق القانونية الضرورية لإجرائها؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال مبحثين إثنين:
المبحث الأول: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء المعاوضات
المبحث الثاني: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء الأكرية
المبحث الأول: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء المعاوضات
يوجد نوعان من المعاوضات، معاوضات بالبيع و يطلق عليها المشرع المغربي معاوضات نقدية ، تمييزا لها عن المعاوضات العينية ، أي عقار بعقار آخر و هي التي يسميها المشرع المغربي المناقلات.. أما مدونة الأوقاف فقد خصصتها في العقارات بوجه عام والمنقولات ويتم تحديد القيمة التقديرية للعقار المراد معاوضته من قبل لجنة تتكون من ثلاثة خبراء يعينون بمقرر مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف ورئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة ، فما هي الشروط الواجب توافرها لإجراء المعاوضات؟ و ما هي الإجراءات و الوثائق الضرورية لإجرائها؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال مطلبين نخصص المطلب الأول للشروط الأساسية لإجراء المعاوضات، على أن نتطرق في المطلب الثاني للإجراءات و الوثائق المنشئة لها.
المطلب الأول: الشروط الأساسية لإجراء المعاوضات
يشترط لإجراء المعاوضات بوجه عام الشروط الأساسية التالية:
- أن يتعلق الأمر بالأراضي الخالية من البناء ، و كذلك الأراضي المبنية و البناءات الفوقية الخالصة للأحباس .
- أن تقع المعاوضة شريطة شراء مقابل لها بالنقود المتحصلة من المعاوضة.
- أن تقع المعاوضة من طرف الإدارة أو من طرف الغير.
- أن تراعى مصلحة الوقف.
- أن تراعى إجراءات السمسرة.
- أن يقع قبول المحل على حالته من المشتري.
المطلب الثاني: الإجراءات والوثائق لإجراء المعاوضات
لأجل إجراء المعاوضات لابد من سلوك إجراءات إدارية معينة تحت إشراف نظارة الأوقاف(الفقرة الأولى) وإعداد مجموعة من الوثائق الضرورية أثناء إجرائها ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات الإدارية:
يتخلل هذه المرحلة مسطرتان: مسطرة الاتفاق المبدئي (أولا) ثم الاتفاق النهائي ( ثانيا).
أولا: مسطرة الاتفاق المبدئي:
يعتمد هذا الاتفاق المبدئي بالدرجة الأولى على أطراف الاتفاق، نتيجة السمسرة ، المصادقة عليها، وصدور الأمر الشريف بعقد المعاوضة.
1- أطراف الاتفاق:
و هو عبارة عن اتفاق يوقع بين ناظر الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية و المعاوض له مع تحديد اسمه الكامل و محل سكناه و صفته.
2- نتيجة السمسرة:
إن هذا الاتفاق لا يتم إلا بناء على نتيجة السمسرة التي أجريت بمقر النظارة، على أن يتم في صلب هذا الاتفاق تحديد نوعية الأرض المعاوضة، و مساحتها و رقم رسمها العقاري إن كانت محفظة، أو رقم مطلب التحفيظ إن كانت في طور التحفيظ.
3- المصادقة على نتيجة السمسرة:
يتم الإشارة كذلك في صلب هذا الاتفاق إلى مصادقة إدارة الأوقاف على نتيجة السمسرة، و يقوم هذا الاتفاق على تسلم ناظر الأوقاف من المعاوض له الذي رست عليه السمسرة، مجموع مبلغ المعاوضة و يتم تحديد قدره بالحروف و الأرقام، مع تحديد شكل الدفع سواء بالنقود أو عن طريق حوالة بريدية أو بنكية مقابل وصل، مع تحميل المعاوض له جميع المصاريف المتعلقة بهذه المعاوضة.
4- صدور الأمر الشريف بعقد المعاوضة:
و يصبح هذا الاتفاق نهائيا بعد صدور أمر شريف بعقد هذه المعاوضة على أن يوقع هذا الاتفاق المبدئي من طرف ناظر الأوقاف و المعاوض له، و يتم تحرير هذا الاتفاق في ثلاث نظائر مع تحديد تاريخ ابرام هذا الاتفاق.
ثانيا:الاتفاق النهائي بعقد المعاوضة
يتضمن الاتفاق النهائي الشكليات التالية: صدور الأمر الشريف، مراجع الأمر الشريف، والظهائر المعتمدة.
1- صدور الأمر الشريف:
يصبح الاتفاق المبدئي حول المعاوضة نهائيا و ذلك بعد صدور الأمر الشريف بالموافقة على المعاوضات ابتداء من تاريخ إجرائها بمختلف نظارات المملكة في الأملاك الحبسية إلى أخر معاوضة وفق قوائم رفقته مؤشر عليها من طرف وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية؛
2- مراجع الأمر الشريف:
يبتدئ الأمر الشريف بالحمد لله وحده و الصلاة و السلام على رسول الله، وبتحديد رقمه تحت عدد، وينتهي بالإشارة إلى مكان و تاريخ تحريره ؛
3- الظهائر المعتمدة:
يصدر بناء على الظهير الشريف رقم 1.03.193 الصادر في 9 شوال 1424( 4 ديسمبر 2003) في شأن اختصاصات و تنظيم وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، و على الظهير الشريف الصادر في 16 من شعبان 1331( 21 يوليو 1913) المتعلق بنظام تحسين حالة الأحباس العمومية كما تم تغييره و تتميمه و لا سيما الباب الثالث منه الخاص بكيفية إجراء المعاوضات. و على الظهير الشريف الصادر في متم ربيع الأول 1336( 3 يناير 1918) المتعلق بضبط و مراقبة الأحباس المعقبة.
الفقرة الثانية: الوثائق القانونية لإجراء المعاوضة
سنستعرض من خلال هذه الفقرة الوثائق القانونية الضرورية لمعاوضة الأراضي الفلاحية والخرب، والأملاك المشتركة والأشجار.
أولا: معاوضة الأراضي الفلاحية والخرب:
يتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من طلب المعني بالأمر يبين فيه الثمن الذي يبذله.
- يكون الطلب مرفقا ببطاقة معلومات: و تحدد فيها اسم نظارة الأوقاف و نيابتها ثم اسم القطعة و رقمها بالحوالة الحبسية و رقمها بالكناش الفلاحي مع تحديد مساحتها و رسمها العقاري، مع تحديد المساحة المطلوب معاوضتها و شكلها منبسط أو منحدر و سطحيتها محجرة أم غير محجرة و تربتها بورية أو سقوية مع تحديد محتويات القطعة من بنايات، مع تحديد نوعها و مشتملاتها و أشجار مع تحديد نوعها و عددها، و تحديد نوع استغلالها هل في اطار الفلاحة أم التجارة أم غير مستغلة- تملأ بكاملها.
- تصميم يبين موقع العقار الحبسي على نفقة طالب المعاوضة.
- رأي النظارة الصريح بعد المعاينة الميدانية.
ثانيا: معاوضة الأملاك المشتركة:
فيتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من الطلب يبين فيه المعني بالأمر علاقته بالملك.
- جميع الوثائق التي تثبت نسبة تملك الأوقاف و الشريك في الملك.
- طبع الرسوم العدلية على الآلة الكاتبة و على نفقة طالب المعاوضة.
- خبرة عقارية على نفقة طالب المعاوضة.
- بطاقة معلومات- النموذج رقم 2- تملأ بكاملها.
- رأي النظارة الصريح بعد المعاينة.
ثالثا: معاوضة الأشجار:
فيتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من الطلب يشار فيه إلى أسباب طلب المعاوضة
- تقرير النظارة، مرفق بصور فوتوغرافية، يوضح حقيقة ما ورد في الطلب.
- بطاقة معلومات- تحدد فيها نظارة الأوقاف و النيابة مع تحديد نوع الأشجار و موقع الأرض المتواجدة عليه و الحالة التي هي عليها مع تحديد مداخيلها خلال السنة - تملأ بكاملها.
- رأي النظارة الصريح بعد إجراء المعاينة.
بعد تقديم هذه الوثائق إلى الوزارة، يتم إجراء السمسرة وفق الشروط المنصوص عليها في الظهير الشريف المتعلق بتحسين حالة الأحباس العمومية المشار إليه سابقا.
المبحث الثاني: الإجراءات والوثائق القانونية لكراء العقارات الموقوفة
عرف المشرع المغربي الكراء في الفصل 627 من قانون الالتزامات و العقود بأنه عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجر محدد يلتزم الطرف الآخر بدفعه له.
و قد نظمت مدونة الأوقاف الكراء في الفرع الثالث (المواد من 80 إلى 102)، فما هي غاية المشرع من كراء العقارات الحبسية داخل مدد زمنية محددة؟وما هي الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها؟
للإجابة على هذا التساؤل سنتطرق في فقرة أولى إلى الهدف من تحديد مدد معينة لكراء العقارات الموقوفة ( المطلب الأول) ثم إلى الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الحماية عن طريق تحديد أجل للكراء
يعتبر عقد الكراء من العقود الزمنية، واعتبار عقد الكراء عقدا زمنيا مسألة جد بديهية ما دام الانتفاع بالشيء المكترى و الأجرة مقابلة له لا تقاس عادة إلا بمقدار زمن يتفق الأطراف عليه صراحة أو ضمنا ، من تحديد مدة الكراء الطويل الأمد ( الفقرة الأولى) ومدة الكراء القصير الأمد ( الفقرة الثانية) هو الزيادة في السومة الكرائية لأجل تنمية الوقف و الحفاظ عليه.
الفقرة الأولى: الكراء الطويل الأمد
نص المشرع المغربي على هذا النوع من الكراء في ديباجة الباب الثاني من ظهير 16 شعبان 1331 المتعلق بنظام تحسين حالة الأحباس في الشرط 21 منه .
و الملاحظ أن المشرع الحبسي جعل الكراء لأجل بعيد مقتصرا على حالة خراب العقار أو تهدمه أو عندما تكون الأراضي موجودة خارج المدار الحضري سواء كانت مخصصة الفلاحة أم لا.
وقد حدد المشرع المغربي مدة كراء الأملاك الوقفية غير الفلاحية لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات،قابلة للتجديد بطلب من المكتري قبل انتهائها بثلاثة أشهر ...، أما الأملاك الوقفية الفلاحية فتكرى لمدة لا تزيد عن ست سنوات ، قابلة للتجديد مرتين... ، إلا أن فكرة الزيادة في السومة الكرائية تصطدم مع بعض مواقف الشريعة الإسلامية التي تعتبر اشتراط زيادة المكتري في العقار نوعا من الغرر و هذا باطل شرعا ، ذلك أن هذا الشرط يجعل المكتري للعقار المحبس يعمل دائما من أجل الزيادة في العقار حتى يضمن بقاء العقار في يده بعد انتهاء الفترة الأولى، لذلك يمكن اعتبار أن تجديد عقد الكراء لمدة أخرى معلق على شرط واقف فبدون تحققه لا يستطيع المكتري ضمان بقاء العقار في ذمته، كما أن المشرع الحبسي لم يجعل الكراء لأمد بعيد في مرتبة الكراء الطويل الأمد الذي يعتبر من الحقوق العينية طبقا للفصل 8 من التشريع المطبق على العقارات المحفظة.
الفقرة الثانية: الكراء القصير الأمد
إن غاية المشرع من تحديد مدة معينة لكراء العقارات الموقوفة هو الزيادة في قيمتها المالية، وتنمية مداخيل الأحباس لمواجهة النفقات المتزايدة، فكيف استطاع المشرع تحقيق ذلك؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه كالتالي:
أولا: الكراء المتوسط الأمد:
نص المشرع الحبسي على الكراء المتوسط الأمد في ديباجة ظهير 22 ماي 1917 و ذلك من خلال شرطه الثالث عشر، إذ سمح بكراء الأملاك الحبسية لمدة ثلاث أو ست أو تسع سنوات، شريطة التزام المكتري بالبناء أو الغرس.
و هذا ما أكدته المادة 94 من مدونة الأوقاف بالقول أن الأملاك الوقفية غير الفلاحية تكرى لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، غير أنه يمكن تجديد هذه المدة بطلب من المكتري قبل انتهائها بثلاثة أشهر شريطة موافقة إدارة الأوقاف و الزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل عن 10 في المائة من هذه السومة عند كل تجديد.
و الملاحظ أن مشرع مدونة الأوقاف باشتراطه موافقة الإدارة و الزيادة في السومة الكرائية أراد حماية العقارات الموقوفة بالزيادة في قيمتها المالية.
ثانيا: الكراء القصير الأمد:
تناول المشرع المغربي في ظهير 21 يونيو 1913 في بابه الأول الكراء القصير الأمد و حدده في عامين إذا تعلق الأمر بعقارات مبنية و بعام واحد إذا تعلق الأمر بعقارات حراثية، و يرجع سبب تحديد المدة في سنتين و سنة إلى فتح باب مراجعة أجرة الكراء عند انتهاء المدة المحددة لتنمية مداخيل الأحباس لمواجهة النفقات المتزايدة لأنشطة الأوقاف المختلفة .
و الملاحظ أن المشرع الحبسي لم يعمم هذا النوع من الأكرية على جميع الأملاك الموقوفة، بالرغم من الضمانات الكبيرة التي يمنحها للأوقاف، إلا أن مشرع مدونة الأوقاف تعميما للحماية فقد عمل على وجوب إتباع مسطرة السمسرة في كراء العقارات الموقوفة وهذا ما سوف نعالجه من خلال المطلب الموالي.
المطلب الثاني: الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها
يستفاد من خلال المادة 82 من مدونة الأوقاف أن كراء العقارات الحبسية لا يمكن أن يتم إلا بعد إجراء سمسرة عمومية على خلاف القواعد العامة في عملية الكراء التي تقضي بأن يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء المكرى و على الأجرة طبقا للفصل 628 من ق ل ع ، فكيف تتم هذه العملية؟
لمعالجة هذه الفقرة سنتناول الإجراءات المتبعة قبل إجراء السمسرة( الفقرة الأولى) ثم نعرج على تحديد السومة الكرائية( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات السابقة على إجراء السمسرة
تتمثل هذه الإجراءات في توجيه مطالب خصوصية للإدارة و في عملية الإشهار التي يقوم بها الناظر.
أ) توجيه مطالب خصوصية للإدارة:
توجه مطالب خصوصية إلى ناظر الأحباس الذي يبلغها بدوره إلى الإدارة مرفقة بمجموعة من البيانات المنصوص عليها في ديباجة الباب الثاني من ظهير 21 يوليوز 1913 هي:
1) تعيين العقار الموقوف و موقعه و حدوده و مساحته على وجه التقريب.
2) أسماء و صفات طالب السمسرة و محل سكناه و البلد الذي يوجد به العقار.
3) التزام الطالب قبل دفع قدر مقابل الكراء السنوي المبذول و المصاريف للناظر لتبتدئ المزايدة انطلاقا من القدر المذكور.
4) تقرير الناظر مضمنا لتاريخ إفراغ العقار و قدر كرائه السابق و لحالة الطالب و قدرته على الأداء.
و بمجرد توصل الإدارة بالمطالب، تتقدم للناظر برأيها في إمكانية إجراء السمسرة من عدم إجرائها إلى حين . و هذا يبين جليا الرقابة التي يفرضها المشرع لحماية العقارات الموقوفة و المحافظة عليها.
ب) إشهار عملية الكراء:
يقصد بالإشهار دعوة إدارة الأحباس بخصوص كراء العقار الموقوف أكبر عدد ممكن من الناس للمزايدة في السومة الكرائية ، لذلك أقر مشرع النظام المتعلق بتحسين حالة الأحباس العمومية على ضرورة الإعلان عن مواعيد و شروط السمسرة قبل إجراءها بمدة كافية لا تقل عن 20 يوما بالنسبة للعقارات المبنية و 30 يوما بالنسبة لباقي العقارات الأخرى.
و يتم إشهار هذا الإعلان في الجريدة الرسمية و بتعليقه بمقر النظارة و المحكمة الابتدائية و القيادة و المقاطعة و المحافظة العقارية التي يوجد بدائرة كل منها الملك المراد كرائه و كذلك بنشره في صحيفتين يوميتين و ذلك 20 يوما قبل إجراء السمسرة .
الفقرة الثانية: تحديد السمسرة للسومة الكرائية
أكد المشرع أن كراء العقارات الحبسية يتعين أن تمر عبر مسطرة السمسرة العمومية بشأن تحديد مقابل الكراء، إذ غالبا ما تقود هذه المسطرة إلى رفع المقابل بكيفية تفوق التصور مما يؤدي إلى عجز المكتري الذي رست عليه السمسرة عن الأداء فيلجأ إلى طلب التخفيض من القيمة الكرائية أو إلى إغلاق المحل.
و قد أحدث المشرع بمقتضى ظهير 21 يوليوز 1913 لجنة خاصة لإعطاء السمسرة مصداقية كبرى بعيدا عن المحاباة، إلا أن تركيبة اللجنة تختلف من كراء إلى آخر ، فبالنسبة للكراء القصير الأمد فتتكون من مراقب الأحباس في النظارات و عدلين و تكون الرئاسة للمراقب إن كان أو للناظر، أما بالنسبة للكراء ذي الأمد البعيد فإن لجنة السمسرة تتركب من قاضي المحل أو نائبه و مراقب الأحباس أو ناظرها و عدلين و تكون الرئاسة للقاضي أو نائبه، غير أنه قد تتغير الظروف الاقتصادية و الاجتماعية فيتم مراجعة السومة الكرائية كقاعدة عامة عن طريق الزيادة أو النقصان باتفاق أطراف العلاقة التعاقدية أو باللجوء إلى القضاء.
فقد نص ظهير 25 دجنبر 1980 في فصليه 2 و 5 على هذه المراجعة بإعطائه لكل مكتري الحق في المطالبة بمراجعة الوجيبة الكرائية أمام القضاء داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام العقد خصوص إذا تبين أن الوجيبة الكرائية لا تتناسب مع المردودية المشروعة للرأسمال.
خاتمة:
إن الغاية من معاوضة الأموال الموقوفة وقفا عاما وكرائها، هو تخصيص الأموال المتأتية منها لاقتناء بدل عنها أو استثمارها، بهدف الحفاظ على أصل الوقف وتنمية مداخليه، وذلك على أن تخضع نتيجة كل سمسرة أو طلب عروض أو اتفاق مباشر لمصادقة إدارة الأوقاف، الذي يعتبر تاريخ انعقاد عقد المعاوضة و الكراء.
يعتبر نظام الأحباس متأصل في الحضارة الإسلامية أساسه التكافل والتضامن ومحاربة الفوارق الطبقية ، وقد أسند المشرع المغربي تدبير الأحباس لمديرية وزارة الأوقاف لضمان مصالحها واستمرار بقائها باعتبارها من الأملاك العامة التي تسهر الدولة على حمايتها وتدبيرها . والوقف هو ما خصص بطبيعته ابتداء أو مآلا لوجوه البر و الإحسان، و تحقيق منفعة عامة، و الوقف العام بقوة القانون يشمل أماكن إقامة الشعائر و ما وقف عليها من أملاك و يتمتع بالشخصية الاعتبارية و يتم تمثيله بإدارة الأوقاف. وتجرى على الأموال الموقوفة وقفا عاما جميع التصرفات القانونية الهادفة إلى الحفاظ عليها كالمعاوضات والأكرية، وبيع منتوج الأشجار
والغلل ومواد المقالع العائدة للأوقاف العامة أو تصفية الحقوق العرفية المنشأة عليها، وذلك من أجل تنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها .
فكيف نظم المشرع المغربي معاوضات وأكرية الأموال الموقوفة وما هي الإجراءات والوثائق القانونية الضرورية لإجرائها؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال مبحثين إثنين:
المبحث الأول: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء المعاوضات
المبحث الثاني: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء الأكرية
المبحث الأول: الإجراءات والوثائق القانونية لإجراء المعاوضات
يوجد نوعان من المعاوضات، معاوضات بالبيع و يطلق عليها المشرع المغربي معاوضات نقدية ، تمييزا لها عن المعاوضات العينية ، أي عقار بعقار آخر و هي التي يسميها المشرع المغربي المناقلات.. أما مدونة الأوقاف فقد خصصتها في العقارات بوجه عام والمنقولات ويتم تحديد القيمة التقديرية للعقار المراد معاوضته من قبل لجنة تتكون من ثلاثة خبراء يعينون بمقرر مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف ورئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة ، فما هي الشروط الواجب توافرها لإجراء المعاوضات؟ و ما هي الإجراءات و الوثائق الضرورية لإجرائها؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال مطلبين نخصص المطلب الأول للشروط الأساسية لإجراء المعاوضات، على أن نتطرق في المطلب الثاني للإجراءات و الوثائق المنشئة لها.
المطلب الأول: الشروط الأساسية لإجراء المعاوضات
يشترط لإجراء المعاوضات بوجه عام الشروط الأساسية التالية:
- أن يتعلق الأمر بالأراضي الخالية من البناء ، و كذلك الأراضي المبنية و البناءات الفوقية الخالصة للأحباس .
- أن تقع المعاوضة شريطة شراء مقابل لها بالنقود المتحصلة من المعاوضة.
- أن تقع المعاوضة من طرف الإدارة أو من طرف الغير.
- أن تراعى مصلحة الوقف.
- أن تراعى إجراءات السمسرة.
- أن يقع قبول المحل على حالته من المشتري.
المطلب الثاني: الإجراءات والوثائق لإجراء المعاوضات
لأجل إجراء المعاوضات لابد من سلوك إجراءات إدارية معينة تحت إشراف نظارة الأوقاف(الفقرة الأولى) وإعداد مجموعة من الوثائق الضرورية أثناء إجرائها ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات الإدارية:
يتخلل هذه المرحلة مسطرتان: مسطرة الاتفاق المبدئي (أولا) ثم الاتفاق النهائي ( ثانيا).
أولا: مسطرة الاتفاق المبدئي:
يعتمد هذا الاتفاق المبدئي بالدرجة الأولى على أطراف الاتفاق، نتيجة السمسرة ، المصادقة عليها، وصدور الأمر الشريف بعقد المعاوضة.
1- أطراف الاتفاق:
و هو عبارة عن اتفاق يوقع بين ناظر الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية و المعاوض له مع تحديد اسمه الكامل و محل سكناه و صفته.
2- نتيجة السمسرة:
إن هذا الاتفاق لا يتم إلا بناء على نتيجة السمسرة التي أجريت بمقر النظارة، على أن يتم في صلب هذا الاتفاق تحديد نوعية الأرض المعاوضة، و مساحتها و رقم رسمها العقاري إن كانت محفظة، أو رقم مطلب التحفيظ إن كانت في طور التحفيظ.
3- المصادقة على نتيجة السمسرة:
يتم الإشارة كذلك في صلب هذا الاتفاق إلى مصادقة إدارة الأوقاف على نتيجة السمسرة، و يقوم هذا الاتفاق على تسلم ناظر الأوقاف من المعاوض له الذي رست عليه السمسرة، مجموع مبلغ المعاوضة و يتم تحديد قدره بالحروف و الأرقام، مع تحديد شكل الدفع سواء بالنقود أو عن طريق حوالة بريدية أو بنكية مقابل وصل، مع تحميل المعاوض له جميع المصاريف المتعلقة بهذه المعاوضة.
4- صدور الأمر الشريف بعقد المعاوضة:
و يصبح هذا الاتفاق نهائيا بعد صدور أمر شريف بعقد هذه المعاوضة على أن يوقع هذا الاتفاق المبدئي من طرف ناظر الأوقاف و المعاوض له، و يتم تحرير هذا الاتفاق في ثلاث نظائر مع تحديد تاريخ ابرام هذا الاتفاق.
ثانيا:الاتفاق النهائي بعقد المعاوضة
يتضمن الاتفاق النهائي الشكليات التالية: صدور الأمر الشريف، مراجع الأمر الشريف، والظهائر المعتمدة.
1- صدور الأمر الشريف:
يصبح الاتفاق المبدئي حول المعاوضة نهائيا و ذلك بعد صدور الأمر الشريف بالموافقة على المعاوضات ابتداء من تاريخ إجرائها بمختلف نظارات المملكة في الأملاك الحبسية إلى أخر معاوضة وفق قوائم رفقته مؤشر عليها من طرف وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية؛
2- مراجع الأمر الشريف:
يبتدئ الأمر الشريف بالحمد لله وحده و الصلاة و السلام على رسول الله، وبتحديد رقمه تحت عدد، وينتهي بالإشارة إلى مكان و تاريخ تحريره ؛
3- الظهائر المعتمدة:
يصدر بناء على الظهير الشريف رقم 1.03.193 الصادر في 9 شوال 1424( 4 ديسمبر 2003) في شأن اختصاصات و تنظيم وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، و على الظهير الشريف الصادر في 16 من شعبان 1331( 21 يوليو 1913) المتعلق بنظام تحسين حالة الأحباس العمومية كما تم تغييره و تتميمه و لا سيما الباب الثالث منه الخاص بكيفية إجراء المعاوضات. و على الظهير الشريف الصادر في متم ربيع الأول 1336( 3 يناير 1918) المتعلق بضبط و مراقبة الأحباس المعقبة.
الفقرة الثانية: الوثائق القانونية لإجراء المعاوضة
سنستعرض من خلال هذه الفقرة الوثائق القانونية الضرورية لمعاوضة الأراضي الفلاحية والخرب، والأملاك المشتركة والأشجار.
أولا: معاوضة الأراضي الفلاحية والخرب:
يتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من طلب المعني بالأمر يبين فيه الثمن الذي يبذله.
- يكون الطلب مرفقا ببطاقة معلومات: و تحدد فيها اسم نظارة الأوقاف و نيابتها ثم اسم القطعة و رقمها بالحوالة الحبسية و رقمها بالكناش الفلاحي مع تحديد مساحتها و رسمها العقاري، مع تحديد المساحة المطلوب معاوضتها و شكلها منبسط أو منحدر و سطحيتها محجرة أم غير محجرة و تربتها بورية أو سقوية مع تحديد محتويات القطعة من بنايات، مع تحديد نوعها و مشتملاتها و أشجار مع تحديد نوعها و عددها، و تحديد نوع استغلالها هل في اطار الفلاحة أم التجارة أم غير مستغلة- تملأ بكاملها.
- تصميم يبين موقع العقار الحبسي على نفقة طالب المعاوضة.
- رأي النظارة الصريح بعد المعاينة الميدانية.
ثانيا: معاوضة الأملاك المشتركة:
فيتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من الطلب يبين فيه المعني بالأمر علاقته بالملك.
- جميع الوثائق التي تثبت نسبة تملك الأوقاف و الشريك في الملك.
- طبع الرسوم العدلية على الآلة الكاتبة و على نفقة طالب المعاوضة.
- خبرة عقارية على نفقة طالب المعاوضة.
- بطاقة معلومات- النموذج رقم 2- تملأ بكاملها.
- رأي النظارة الصريح بعد المعاينة.
ثالثا: معاوضة الأشجار:
فيتعين الإدلاء بالوثائق التالية:
- نسخة من الطلب يشار فيه إلى أسباب طلب المعاوضة
- تقرير النظارة، مرفق بصور فوتوغرافية، يوضح حقيقة ما ورد في الطلب.
- بطاقة معلومات- تحدد فيها نظارة الأوقاف و النيابة مع تحديد نوع الأشجار و موقع الأرض المتواجدة عليه و الحالة التي هي عليها مع تحديد مداخيلها خلال السنة - تملأ بكاملها.
- رأي النظارة الصريح بعد إجراء المعاينة.
بعد تقديم هذه الوثائق إلى الوزارة، يتم إجراء السمسرة وفق الشروط المنصوص عليها في الظهير الشريف المتعلق بتحسين حالة الأحباس العمومية المشار إليه سابقا.
المبحث الثاني: الإجراءات والوثائق القانونية لكراء العقارات الموقوفة
عرف المشرع المغربي الكراء في الفصل 627 من قانون الالتزامات و العقود بأنه عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجر محدد يلتزم الطرف الآخر بدفعه له.
و قد نظمت مدونة الأوقاف الكراء في الفرع الثالث (المواد من 80 إلى 102)، فما هي غاية المشرع من كراء العقارات الحبسية داخل مدد زمنية محددة؟وما هي الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها؟
للإجابة على هذا التساؤل سنتطرق في فقرة أولى إلى الهدف من تحديد مدد معينة لكراء العقارات الموقوفة ( المطلب الأول) ثم إلى الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الحماية عن طريق تحديد أجل للكراء
يعتبر عقد الكراء من العقود الزمنية، واعتبار عقد الكراء عقدا زمنيا مسألة جد بديهية ما دام الانتفاع بالشيء المكترى و الأجرة مقابلة له لا تقاس عادة إلا بمقدار زمن يتفق الأطراف عليه صراحة أو ضمنا ، من تحديد مدة الكراء الطويل الأمد ( الفقرة الأولى) ومدة الكراء القصير الأمد ( الفقرة الثانية) هو الزيادة في السومة الكرائية لأجل تنمية الوقف و الحفاظ عليه.
الفقرة الأولى: الكراء الطويل الأمد
نص المشرع المغربي على هذا النوع من الكراء في ديباجة الباب الثاني من ظهير 16 شعبان 1331 المتعلق بنظام تحسين حالة الأحباس في الشرط 21 منه .
و الملاحظ أن المشرع الحبسي جعل الكراء لأجل بعيد مقتصرا على حالة خراب العقار أو تهدمه أو عندما تكون الأراضي موجودة خارج المدار الحضري سواء كانت مخصصة الفلاحة أم لا.
وقد حدد المشرع المغربي مدة كراء الأملاك الوقفية غير الفلاحية لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات،قابلة للتجديد بطلب من المكتري قبل انتهائها بثلاثة أشهر ...، أما الأملاك الوقفية الفلاحية فتكرى لمدة لا تزيد عن ست سنوات ، قابلة للتجديد مرتين... ، إلا أن فكرة الزيادة في السومة الكرائية تصطدم مع بعض مواقف الشريعة الإسلامية التي تعتبر اشتراط زيادة المكتري في العقار نوعا من الغرر و هذا باطل شرعا ، ذلك أن هذا الشرط يجعل المكتري للعقار المحبس يعمل دائما من أجل الزيادة في العقار حتى يضمن بقاء العقار في يده بعد انتهاء الفترة الأولى، لذلك يمكن اعتبار أن تجديد عقد الكراء لمدة أخرى معلق على شرط واقف فبدون تحققه لا يستطيع المكتري ضمان بقاء العقار في ذمته، كما أن المشرع الحبسي لم يجعل الكراء لأمد بعيد في مرتبة الكراء الطويل الأمد الذي يعتبر من الحقوق العينية طبقا للفصل 8 من التشريع المطبق على العقارات المحفظة.
الفقرة الثانية: الكراء القصير الأمد
إن غاية المشرع من تحديد مدة معينة لكراء العقارات الموقوفة هو الزيادة في قيمتها المالية، وتنمية مداخيل الأحباس لمواجهة النفقات المتزايدة، فكيف استطاع المشرع تحقيق ذلك؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه كالتالي:
أولا: الكراء المتوسط الأمد:
نص المشرع الحبسي على الكراء المتوسط الأمد في ديباجة ظهير 22 ماي 1917 و ذلك من خلال شرطه الثالث عشر، إذ سمح بكراء الأملاك الحبسية لمدة ثلاث أو ست أو تسع سنوات، شريطة التزام المكتري بالبناء أو الغرس.
و هذا ما أكدته المادة 94 من مدونة الأوقاف بالقول أن الأملاك الوقفية غير الفلاحية تكرى لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، غير أنه يمكن تجديد هذه المدة بطلب من المكتري قبل انتهائها بثلاثة أشهر شريطة موافقة إدارة الأوقاف و الزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل عن 10 في المائة من هذه السومة عند كل تجديد.
و الملاحظ أن مشرع مدونة الأوقاف باشتراطه موافقة الإدارة و الزيادة في السومة الكرائية أراد حماية العقارات الموقوفة بالزيادة في قيمتها المالية.
ثانيا: الكراء القصير الأمد:
تناول المشرع المغربي في ظهير 21 يونيو 1913 في بابه الأول الكراء القصير الأمد و حدده في عامين إذا تعلق الأمر بعقارات مبنية و بعام واحد إذا تعلق الأمر بعقارات حراثية، و يرجع سبب تحديد المدة في سنتين و سنة إلى فتح باب مراجعة أجرة الكراء عند انتهاء المدة المحددة لتنمية مداخيل الأحباس لمواجهة النفقات المتزايدة لأنشطة الأوقاف المختلفة .
و الملاحظ أن المشرع الحبسي لم يعمم هذا النوع من الأكرية على جميع الأملاك الموقوفة، بالرغم من الضمانات الكبيرة التي يمنحها للأوقاف، إلا أن مشرع مدونة الأوقاف تعميما للحماية فقد عمل على وجوب إتباع مسطرة السمسرة في كراء العقارات الموقوفة وهذا ما سوف نعالجه من خلال المطلب الموالي.
المطلب الثاني: الإجراءات والوثائق الضرورية لكرائها
يستفاد من خلال المادة 82 من مدونة الأوقاف أن كراء العقارات الحبسية لا يمكن أن يتم إلا بعد إجراء سمسرة عمومية على خلاف القواعد العامة في عملية الكراء التي تقضي بأن يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء المكرى و على الأجرة طبقا للفصل 628 من ق ل ع ، فكيف تتم هذه العملية؟
لمعالجة هذه الفقرة سنتناول الإجراءات المتبعة قبل إجراء السمسرة( الفقرة الأولى) ثم نعرج على تحديد السومة الكرائية( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات السابقة على إجراء السمسرة
تتمثل هذه الإجراءات في توجيه مطالب خصوصية للإدارة و في عملية الإشهار التي يقوم بها الناظر.
أ) توجيه مطالب خصوصية للإدارة:
توجه مطالب خصوصية إلى ناظر الأحباس الذي يبلغها بدوره إلى الإدارة مرفقة بمجموعة من البيانات المنصوص عليها في ديباجة الباب الثاني من ظهير 21 يوليوز 1913 هي:
1) تعيين العقار الموقوف و موقعه و حدوده و مساحته على وجه التقريب.
2) أسماء و صفات طالب السمسرة و محل سكناه و البلد الذي يوجد به العقار.
3) التزام الطالب قبل دفع قدر مقابل الكراء السنوي المبذول و المصاريف للناظر لتبتدئ المزايدة انطلاقا من القدر المذكور.
4) تقرير الناظر مضمنا لتاريخ إفراغ العقار و قدر كرائه السابق و لحالة الطالب و قدرته على الأداء.
و بمجرد توصل الإدارة بالمطالب، تتقدم للناظر برأيها في إمكانية إجراء السمسرة من عدم إجرائها إلى حين . و هذا يبين جليا الرقابة التي يفرضها المشرع لحماية العقارات الموقوفة و المحافظة عليها.
ب) إشهار عملية الكراء:
يقصد بالإشهار دعوة إدارة الأحباس بخصوص كراء العقار الموقوف أكبر عدد ممكن من الناس للمزايدة في السومة الكرائية ، لذلك أقر مشرع النظام المتعلق بتحسين حالة الأحباس العمومية على ضرورة الإعلان عن مواعيد و شروط السمسرة قبل إجراءها بمدة كافية لا تقل عن 20 يوما بالنسبة للعقارات المبنية و 30 يوما بالنسبة لباقي العقارات الأخرى.
و يتم إشهار هذا الإعلان في الجريدة الرسمية و بتعليقه بمقر النظارة و المحكمة الابتدائية و القيادة و المقاطعة و المحافظة العقارية التي يوجد بدائرة كل منها الملك المراد كرائه و كذلك بنشره في صحيفتين يوميتين و ذلك 20 يوما قبل إجراء السمسرة .
الفقرة الثانية: تحديد السمسرة للسومة الكرائية
أكد المشرع أن كراء العقارات الحبسية يتعين أن تمر عبر مسطرة السمسرة العمومية بشأن تحديد مقابل الكراء، إذ غالبا ما تقود هذه المسطرة إلى رفع المقابل بكيفية تفوق التصور مما يؤدي إلى عجز المكتري الذي رست عليه السمسرة عن الأداء فيلجأ إلى طلب التخفيض من القيمة الكرائية أو إلى إغلاق المحل.
و قد أحدث المشرع بمقتضى ظهير 21 يوليوز 1913 لجنة خاصة لإعطاء السمسرة مصداقية كبرى بعيدا عن المحاباة، إلا أن تركيبة اللجنة تختلف من كراء إلى آخر ، فبالنسبة للكراء القصير الأمد فتتكون من مراقب الأحباس في النظارات و عدلين و تكون الرئاسة للمراقب إن كان أو للناظر، أما بالنسبة للكراء ذي الأمد البعيد فإن لجنة السمسرة تتركب من قاضي المحل أو نائبه و مراقب الأحباس أو ناظرها و عدلين و تكون الرئاسة للقاضي أو نائبه، غير أنه قد تتغير الظروف الاقتصادية و الاجتماعية فيتم مراجعة السومة الكرائية كقاعدة عامة عن طريق الزيادة أو النقصان باتفاق أطراف العلاقة التعاقدية أو باللجوء إلى القضاء.
فقد نص ظهير 25 دجنبر 1980 في فصليه 2 و 5 على هذه المراجعة بإعطائه لكل مكتري الحق في المطالبة بمراجعة الوجيبة الكرائية أمام القضاء داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام العقد خصوص إذا تبين أن الوجيبة الكرائية لا تتناسب مع المردودية المشروعة للرأسمال.
خاتمة:
إن الغاية من معاوضة الأموال الموقوفة وقفا عاما وكرائها، هو تخصيص الأموال المتأتية منها لاقتناء بدل عنها أو استثمارها، بهدف الحفاظ على أصل الوقف وتنمية مداخليه، وذلك على أن تخضع نتيجة كل سمسرة أو طلب عروض أو اتفاق مباشر لمصادقة إدارة الأوقاف، الذي يعتبر تاريخ انعقاد عقد المعاوضة و الكراء.