MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعليق على قرار قضائي: حجية الرسالة الإلكترونية

     

عضاضي محمد ياسر

- عضاضي محمد ياسر طالب بمسار التميز الأمن القانوني والرقمنة- الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية.


يمكنكم الإطلاع على القرار موضوع التعليق أسفل الصفحة



تعليق على قرار قضائي: حجية الرسالة الإلكترونية
يناقش القرار عدد 83 الصادر بتاريخ 08 فبراير 2023 عن محكمة النقض قضية
تجارية (مديونية) وتتلخص وقائعها أن الشركة (ب. ف) في إطار نشاطها
التجاري تعاقدت مع المدعى عليها الأولى شركة(ش. ج. د) من أجل مساعدتها
في وضع نظام معلوماتي للتسيير الداخلي مقابل مبلغ 600.000.00 درهم دون
احتساب الرسوم ومصاريف النقل، وأن الشركة(ب. ف) أنجزت جميع الأشغال
المتفق عليها وتوصلت من المدعى عليها بما مجموعه 468.000 درهم، إلا أنها
والشركة الأم امتنعتا عن أداء باقي المبلغ وقدره 252.000 درهم بالرغم من
إنذارهما، والتمست الحكم عليهما بأدائهما تضامنيا المبلغ المذكور، ونبلغ
100.000 درهم كتعويض عن التماطل وكانت تقدمت المدعى عليها الأولى
بمذكرة جوابية مقرونة بمقال مضاد جاء فيها أن الشركة (د) الشركة الأم لاصفة
لها ولامصلحة لها في الدعوى، ذلك أن المنازعة تخص الشركة (ب. ف)
وشركة(ش. ج. د) التي تتمتع بشخصيتها المعنوية وإستقلالها المالي والإداري.
وأضافت المدعى عليها أن الفاتورة المطلوبة جاءت في اسم شركة(ش. ج. د)
وحدها ملتمسة اخراج شركة(د) من الدعوى، وأضافت أنه من حيث الموضوع
فإن جوهر النزاع يتمثل في عدم احترام المدعية للمهام الموكولة إليها وفق
عرضها التقني المحرر في يونيو 2016 والتزامها في مساعدة صاحب المشروع
في وضع نظام معلوماتي متكامل للتسيير الداخلي لشركة (ش. ج. د) بحيث لم تقم
بإنجاز إلا 30٪ من المشروع، وأن هذه الأخيرة سبق وأن راسلت المدعية بشأن
مجموعة من المؤاخذات والنقائص في مواكبة المشروع في جميع مراحله،
وأكدت أن الفاتورة المدلى بها لاتعكس قيمة المديونية الحقيقية، وأن امتناع
المدعى عليها عن أدائها كان سبب عدم احترام المدعية كافة التزاماتها، كما أنه
من جهة ثانية فإن المدعية لم تدل بأي حجة موقعة من المدعى عليها تفيد تسليم
التقارير الملزمة بإنجازها التكوين والتأطير وغيرها من المهام التي تستحق عنها
هذه الأتعاب وأن الطاعنة كانت قد التمست رفض الطلب الأصلي، وفي الطلب
المضاد أن المدعى عليها الفرعية لم تقم بتنفيذ التزاماتها على أكمل وجه وأن
الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين الطرفين تكشف حجم التقصير والتأخير في
انجاز المهام الموكولة إليها وما يترتب عنها عن أضرار بليغة لشركة (ش. ج. د)
متمثلة في عدم إيداعها للتقارير وإحجامها عن القيام بالتكوين والتأطير وغيرها من

المهام والتمست الحكم بأداء المدعى عليها بتعويض مسبق قدره 10.000 درهم
مع الأمر بإجراء خبرة لتحديد قيمة الأضرار اللاحقة بها، وبعد التعقيب وتمام
الإجراءات، صدر الحكم في الطلب الأصلي بأداء المدعى عليها للمدعية مبلغ
قدره 252.000 درهم وتعويضا عن التماطل قدره 30.000 درهم مع الصائر
ورفض باقي الطلبات ورفض الطلب المضاد، الذي أيدته محكمة الإستئناف
التجارية بقرارها المطلوب نقضه، وذلك حيث أن المحكمة ثبت لها أن المطلوبة
أنجزت جميع الأشغال المتفق عليها في العقد، وثبت لها أن هناك رسالة إلكترونية
صادرة عن الطالبة مؤرخة في 24/7/2017 تنوه فيها بمجهوداتها وتشكرها
على ما قامت به، اعتبرت أنه ليس هناك أي تأخر في الأشغال.
مما سبق يتضح أن الإشكالية الأساسية في هذا القرار تتعلق بمدى حجية الرسالة
الإلكترونية، بمعنى اخر هل تعد الرسالة الإلكترونية حجة لإثبات الوقائع؟
سنحاول البحث في هذا-التعليق- على مدى توفر عناصر اعتبار الرسالة
الإلكترونية وسيلة إثبات.
ويمكن عرض خطة التعليق على القرار والإجابة على الإشكالية المطروحة فيه
وفق التصميم التالي:

- الفقرة الأولى: مفهوم الرسائل الإلكترونية وشروطها
- الفقرة الثانية: حجية الرسالة الإلكترونية في الإثبات


الفقرة الأولى: مفهوم المحررات الإلكترونية وشروطها

أدى التطور التكنولوجي الذي نجم عن الثورة الرقمية لي مجال
المعلومات والبيانات إلى ظهور وسائل وأساليب حديثة، مازالت إلى
يومنا هذا تشهد تطورات مستمرة، والتي أثرت على المجتمع بتحوله من
مجتمع ورقي إلى مجتمع رقمي، بإستخدام سندات جديدة تعرف بالرسائل
الإلكترونية، وتكون معدة لإثبات التصرفات القانونية، طالما أن الرسائل
الإلكترونية تختلف عن نظيرتها التقليدية لابد من تحديد مفهومها (اولا)

لنتمكن من فهم الشروط المرتبطة بها ليؤخذ بها كحجية في الإثبات
(ثانيا) .

أولا: مفهوم المحررات الإلكترونية

تعددت التعاريف التي وردت بشأن الرسالة الإلكترونية فنجد تعريف
فقهي واخر قانوني
-التعريف الفقهي للرسائل الإلكترونية
عرف بعض الفقهاء الرسائل الإلكترونية بأنها كل ماهو مكتوب على

نوع معين من الدعامات او غير ذلك من الوسائل الإلكترنية. 1
بينما عرفه فريق اخر بأنها معلومات إلكترونية ترسل أو تسلم بوسائل
إلكترونية أيا كانت وسائل إستخراجها في المكان المستلمة فيه.
فمن خلال هذا التعريف نلاحظ أنه أعطى للرسالة الإلكترونية مجالا
واسعا فلا تقتصر على شبكة الإنترنيت بل أجاز ذلك بوسائل إلكترونية
اخرى او اية وسيلة تقنية متاحة في المستقبل.
-التعريف القانوني للرسالة الإلكترونية
تطرقت التشريعات الحديثة المتعلقة بالتجارة الإلكترونية والتوقيع
الإلكتروني إلى تعريف الرسائل الإلكترونية فمنهم من أطلق عليها تسمية
رسائل الببانات، المحررات الإلكترونية، المستندات الإلكترونية،
المستخرجات الإلكترونية، السجل الإلكتروني وغيرها من المصطلحات
التي وردت في المواثيق الدولية وفي التشريعات الداخلية للدول.
وفي إطار التشريع المقارن ذهب المشرع المصري 2 لتعريف الرسائل
الإلكترونية بإستخدامه لمصطلح المحرر الإلكتروني بأنه: " رسالة بيانات
تتضمن معلومات تتشأ او تخزن او ترسل او تستقبل كليا بوسيلة
إلكترونية او رقمية او ضوئية او بأي وسيلة اخرى مشابهة".

1 محيوز ماسيليسية. حجية الرسائل الإلكترونية في الإثبات. مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون 2017-2018
2 المادة 1 من ق. التوقيع الإلكتروني المصري لسنة 2004

مما سبق يمكن تعريف الرسائل الإلكترونية بأنها " البيانات والمعلومات
التي تم تبادلها من خلاص المراسلات التي يتم بين طرفي العلاقة بوسائل
إلكترونية سواء كانت من خلال شبكة الإنترنيت ام من خلال الأقراص
الصلبة او شاشات الحاسوب الالي او بأية وسيلة اخرى الكترونية
لتوصيل المعلومات بينهما وإثبات حق او القيام بعمل فهي الوسيلة التي
من خلالها يتمكن المتلقون عبر الإنترنيت من توصيل المعلومات
لبعضهم البعض 3
وتجدر الإشارة أن الرسائل الإلكترونية تتمز بعدة خصائص تميزها عن
نظيرتها التقليدية. 4
السرعة: إذ تعد الرسائل المرسلة عن طريق وسائل الإتصال الفوري
من أكثر الوسائل التي تؤمن السرعة وبالخصوص شبكة الإنترنيت التي
تتصف بالفعالية التي تسمح بحضور إفتراضي معاصر وذلك بتسليم
بعض الأشياء وأداء بعض الخدمات فورا والحصول على الإجابة
مباشرة.
السرعة وضمان الأمن القانوني: تمتاز الرسائل الإلكترونية بالسرية إذ
لايعرف محتواها إلا لمن أرسلها أو من خول له بإرسالها على عكس
البرقية العادية التي تفتقر للكثير من السرية لتداولها بين عدة أطراف حتى
تصل إلى المرسل إليه.
تخفيض تكاليف النقل والتخزين: إن التعامل الإلكتروني بالرسائل
الإلكترونية خفف كثيرا من مشكلة خزن الأوراق المكتوبة وذلك بإستخدام
الحاسب الألي كونه يستطيع حفظ الكثير من المعلومات دون الحاجة إلى
حيز كبير او خزانات الأرشيف فتراجع استخدام السندات التقليدية
واستبدالها بالإلكترونية.

3 محمد فواز المطالقة. الوجيز في عقود التجارة الإلكترونية "دراسة مقارنة، دار الثقافة الأردن، 2008 ص205
4 حجية المحرر الإلكتروني. على موقع e. Legale oficce. ساعة الإطلاع11.48

أدلة حديثة في الإثبات: فرضت الرسائل الإلكترونية نفسها في مختلف
المعاملات حيث أدى إلى ظهور مايسمى بالإثبات الإلكتروني الذي يقصد
به قبول الرسائل الإلكترونية ضمن أدلة الإثبات.

ثانيا: شروط الرسالة الإلكترنية

يشترط في الرسالة الإلكترونية / المحرر الإلكتروني أن يكون قابلا
للقراءة مستمرا دائما ومحفوظا من كل تعديل او تحريف.

1- قابلية الكتابة الإلكترونية للقراءة

بالرجوع إلى المحررات الإلكترونية نجدها مدونة بلغة الالة التي يعتمد
في كتاباتها على الإشارة والرموز والأرقام التي لايمكن للإنسان قراءتها
وانما يتعين ادخال هذه المعلومات للحاسوب الذي يقوم بترجمة هذه
المعلومات الى لغة مفهومة لدى الإنسان، بالتالي فالإشارات والرموز
الغير المفهومة والتي لايستوعبها الإنسان ولو بواسطة جهاز الحاسوب
لاتصلح ان تكون كتالة الكترونية تشكل المحرر الإلكتروني المعتد به في
اثبات التصرفات القانونية.

2- استمرارية ودوام الكتابة الاكترونية

إذا كانت المحررات الورقية تتوفر على هذا الشرط بالنظر لطبيعتها فإن
استخدام المحررات الإلكترونية يثير إشكالا هاما حول مدى تحقق شرط
الإستمرارية فيها؟ بالنظر إلى طبيعتها غير المادية التي تقوم عليها.
فالكتابة الإكترونية لتكون دليلا يعتد به في اثبات الحقوق والتصرفات
القانونية، لابد من ان يتوفر فيها شرط الإسترارية، وبطبيعة الحال فأي
حجة واي دليل كيفما كان نوعه وطريقة تحريره ومهما كانت دعامته،
إن لم يكن مستمرا في الزمن لاقيمة له من الناحية القانونية 5 .

5 حسن جميعي. إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنبت. دار النهضة العربية. 2005.ص65

3- حفظ المحررات الإلكترونية من كل تعديل او تحريف

يجب أن يكون المحرر الإلكتروني مقاوما لأي محاولة للتعديل او
التحريف في مضمونه سواء بالإضافة او الحذف، حتى يكون مصدر
ثقة وامان فإذا كانت المحررات الورقية قد وضعت لها قواعد تضمن
سلامتها اظافة لكونها محررة بطريقة يسهل كشف اي تحريف بها، فإن
المحرر الإلكتروني عكس ذلك فقد يتعرض للتغيير والتحريف دون أن
يترك أي أثر لذلك ماعدا البيان الذي يسجله الحاسوب المتعلق بزمن
وتاريخ التغيير 6

لذلك تم ابتكار وسائل متطورة تجعل من المحرر الإلكتروني مجرد
رموز واشارات غير مفهومة وغير واضحة، بحيث لايستطيع أحد
المساس بها او كشف محتواها إلا لمن يتوفر على المفتاح الخاص بذلك،
وهذه التقنية المسماة بالتشفير 7 ، والتي تقف في وجه اي تغيير قد يلحق
المحرر، حيث نص عليها المشرع في المادة 12من 53.05 8 اذ اعتبر
التشفير وسيلة من وسائل سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة
إلكترونية او تخزينها او هما معا.
وهو الشيء الذي نهجه المشرع الجزائري في المادة 04 من المرسوم
التنفيذي رقم 16-142 ان تتضمن حفظ الوثيقة الموقعة إلكترونيا مايلي:
• الوثيقة الإلكترونية وتوقيعها الالكتروني ايا كان مرفقا او متصلا
بشكل منطقي.
• شهادة التصديق الإلكتروني للموقع.
• قائمة الشهادات الإلكترنية الوسيطة إلى غاية الوصول إلى السلطة
الوطنية للتصديق الإلكتروني.

6 فوغالي بسمة. إثيات العقد الإلكتروني وحجيته في ظل عالم الإنترنيت. بحث لنيل شهادة الماجيستر. السنة الحامعية 2014/2015. ص98
7 التشفير: هو استعمال رموز وإشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات المستهدف تمريرها أو إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير أو
استعمال إشارات أو رموز لا يمكن الوصول إلى المعلومات بدونها،
8 انظر القانون 53.05

• تاريخ توقيع الوثيقة، عند الإقتضاء.

الفقرة الثانية: حجية المحررات الإلكترونية

اشترط المشرع المغربي ان تكون الوثيقة الإلكترونية معدة ومحفوظة
بشكل يضمن تماميتها، من دون ان يرد تعريف لهذه الاخيرة، ومع ذلك
يمكن القول أن التمامية تفيد عدم التغيير في مضمون الوثيقة، وامكانية
الرجوع اليها عند الحاجة، دون ان يلحق اي تغيير في مضمونها، ويعد
نظام التشفيرمن أهم وانجع الوسائل التي تحافظ على سلامة الوثيقة
الإلكترونية من التغيير والتحريف.
يعد الدليل الكتابي من أقوى طرق الإثبات وأهمها، ويمكن ان يرد الدليل
الكتابي على الحامل الورقي او على دعامة إلكترونية، مع العلم ان
المحررات الإلكترونية لها نفس قوة الإثبات التي للمحور الورقي، وقد
يرد المحرر الإلكتروني في شكل رسمي او عرفي، وبناء على الفصل
417-1 من ق. ل. ع 9 فإن الوثيقة الرسمية المحررة على الورق هي
نفسها المعدة إلكترونيا مادام أن المشرع المغربي اعترف للوثائق
المحررة الكترونيا بنفس قوة المحرر الورقي.
ويشترط لإضفاء الصفة الرسمية على الوثيقة الإلكترونية توفرها على
مجموعة من الشروط المنصوص عليها في الفصلين 417-1 و 417-2
من ق. ل. ع:
1- تعريف بالشخص الذي صدرت عنه
2- ان تكون معدة ومحفوظة ضمن شروط تماميتها
3- تحمل توقيعا مؤمنا
4- تحمل تاريخا ناتجا عن التوقيع الإلكتروني المؤمن
5- وضع التوقيع الإلكتروني امام موظف عمومي له صلاحية التوثيق

9 انظر الفصل 417-1

غير أن هذه الشروط تطرح تساؤلات من قبيل، كيف يمكن للموظف
العمومي الإشراف على التصرفات الحديثة التي تتم بطريقة إلكترونية
وفي غياب تام للوجود المادي للأطراف المتعاقدة فإن كان يسهل وضع
توقيع على المحرر العادي، فيصعب وضع توقيع على المحرر
الإلكتروني لنا يجب توفره في هذا التوقيع من شروط.
فالوثيقة الإلكترونية الرسمية، يتم تحريرها من طرف الموثقين والعدول
الأمر الذي يضفي عليها القوة الثبوتية، فإن كان القانون 53.05 المتعلق
بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية قد اعترف بالكتابة الإلكترونية
كشكلية لإنعقاد التصرفات القانونية، فإنه قد احال الفصل 2-1 من
ق.ل.ع بشأنها على المقتضيات التي خص بها الوثيقة الإلكترونية كوسيلة
للإثبات والتي ضمنها في الفصول 417 وما بعده من ق. ل. ع حيث
جعلها مساوية للوثيقة المحررة على الورق سواء كانت مطلوبة للإنعقاد
او الإثبات فقط.
وتبرز لنا قوة الإثبات هذه سواء في المعاملات التجارية او المختلطة
في المعاملات التجارية:
تقوم المعاملات التجارية على السرعة والثقة المتبادلة بين الأطراف،
الأمر الذي دفع بكل من المشرع المغربي والفرنسي ثم المصري إلى
النص صراحة على خروجها من حالات الإثبات بالكتابة، وإخضاعها
لمبدأ حرية الإثبات.
فإذا قام نزاع بين تاجرين بشأن تصرف قانوني تم بينهما، فإقامة الدليل
يتم بجميع وسائل الإثبات، حتى لو كانت هذه الوسيلة هي البريد
الإلكتروني الذي تعاملا به. إلا أنه يشترط للاستفادة من مبدأ حرية
الإثبات، أن يكون التصرف محل النزاع تجاريا طبقا لما هو منصوص
عليه في القانون التجاري، وأن يكون قد تم بين التجار لصالح تجارتهم
وليس لمصلحتهم الخاصة.

فقد سعى المشرع في كل دولة جاهدا نحو دعم عالم الأعمال وإزالة
الصعوبات القانونية المتعلقة بها، فإن كان كل من المشرع الفرنسي في
(المادة 3-110) من التقنين التجاري الفرنسي التي جرى نصها كالآتي:
"يمكن إثبات الأعمال التجارية في مواجهة التجار بجميع الوسائل ما لم
ينص القانون على خلاف ذلك وكذا المشرع المصر في (المادة 60/1)
من قانون الإثبات المصري والتي نصت على أنه: "في غير المواد
التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو
كان غير محدد القيمة، فلا يجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو
انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك أقرا صراحة حرية
الإثبات في المعاملات التجارية كأصل عام.
إلا أننا نجد أن المشرع المغربي لم يأخذ بهذا الأصل إلا كاستثناء من
خلال (الفصل 448) 10 من قانون الإلتزامات والعقود، حيث استثنى منه
قواعد (الفصلين 443 و 444) من نفس القانون الصفقات التي يقضي
فيها العرف التجاري بعدم ضرورة اعتماد الدليل الكتابي في شأنها
(الفقرة الأخيرة من الفصل 448 من ق.ل.ع)، وهو ما أكدته (المادة
60) من القانون التجاري القديم، إذ نصت على جواز إثبات الأشرية
والبيوعات التجارية بشهادة الشهود في الحالات التي ترى فيها المحكمة
قبول ذلك.
غير أن مدونة التجارة الجديدة أقرت صراحة هذا الأصل، إذ جاء في
(المادة 334) منها أنه: "تخضع المادة التجارية لحرية الإثبات، غير أنه
يتعين الإثبات بالكتابة إذا نص الاتفاق على ذلك".
ومنه، فالتشريعات السالفة الذكر أقرت صراحة حرية الإثبات في المادة
التجارية.
في المعاملات المختلطة

10 الفصل 448 من قانون الالتزامات والعقود، فقد نص على حالتين يجوز فيهما كذلك الإثبات بشهادة الشهود، وهما حالة فقدان السند الكتابي
وحالة المانع من الحصول على دليل كتابي

وهي المعاملات التي يكون فيها أحد الأطراف تاجر والآخر غير تاجر
(مستهلك).
في القانون المغربي إذا كان أحد أطراف العلاقة غير تاجر فإن هذا
الأخير يستفيد من قاعدة حرية الإثبات في مواجهة من يتعاقدون معه في
تجار ويحق له بالتالي إثبات التعاقد المنجز إلكترونيا بكافة طرق الإثبات،
أما بالنسبة للتاجر فيتعين عليه إتباع القواعد المدنية في الإثبات أثناء
مواجهة الطرف الآخر (غير التاجر) أي عليه أن يلتزم بالإثبات
المنصوص عليه قانونا، أي الإثبات بالكتابة اذا تعدت قيمة الصفقة10.000
درهم 11 ، و بحرية الاثبات فيما هو أدنى من ذلك المبلغ، لأن التزامه ضد
غير التاجر هو التزام مدني.
فالمستهلك الذي يتعاقد مع تاجر عبر شبكة الأنترنت أن يتمسك بالبريد
الإلكتروني في الإثبات باعتباره قرينة قضائية، أما التاجر فلا يكون أمامه
إلا اتباع القواعد المدنية في الإثبات، بحيث يلتزم بالإثبات كتابة إذ تعدت
قيمة التصرف المبلغ المحدد، ومن ثم يمتنع عليه أن يتمسك برسائل البريد
الإلكتروني في الإثبات.
وإن مايظهر سير المشرع المغربي على مسألة الإثبات بالوسائل
الإلكترونية، هو ماسار عليه القضاء المغربي وهو ماتؤكده محكمة
النقض في القرار رقم 83 الصادر بتاريخ 8 فبراير 2023 بقولها "
للمحكمة سلطة اعتماد رسالة الكترونية في إثبات القيام بالمهام المتفق
عليها في العقد، واعتبارها حجة في الإثبات طبقا للفصل 417-1 من ق.
ل. ع طالما أنها لم تكن محل منازعة من الطرف الصادر عنه.
وخلاصة القول، فإن القرار موضوع التعليق واستنادا للعلل والإعتبارات
الواقعية التي كانت سببا لرفع الدعوى واقرارا للفصل 417-1 من ق.

11 وضع المشرع نصابا للإثبات بالشهادة حيث لا يجوز إثبات التصرفات القانونية التي تتجاوز مبلغ 10.000 درهم بالشهادة،ومع ذلك جاء
المشرع ونص على استثنائين نص عليهما في الفصول447 و448 يقبل فيهما الإثبات بشهادة الشهود. الفقرة الثانية: الحالات التي يجوز فيها
الإثبات بشهادة الشهود. من خلال أحكام الفصول 443 و447

ل.ع، يكون بتوجهه وحيثياته، قد صادف الصواب في منطوقه واعتمد
حيثيات بحجية قانونية وحمولة حقوقية جديرة بالتنويه.

المراجع:

أولا: النصوص القانونية:
1. قانون الإلتزامات والعقود
2. القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات
الإلكترونية.
ثانيا: الكتب
1. محمد فواز المطالقة. الوجيز في عقود التجارة
الإلكترونية-دراسة مقارنة- دار الثقافة الأردن
2. حسن جميعي. إثبات التصرفات القانونية التي يتم
إبرامها عن طريق الإنترنيت، دار النهضة

ثالثا: الرسائل

1. فرغالي بسمة. إثبات العقد الإلكتروني وحجيته في
ظل عالم الإنترنيت. رسالة لنيل شهادة الماستر السنة
الجامعية 2015-2014.
2. محيوز ماسيليسة. حجية الرسالة الإلكترونية في
الإثبات. رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون.
2017-2018

تعليق على قرار قضائي: حجية الرسالة الإلكترونية



السبت 15 فبراير 2025
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter