رفقته نسخة للتحميل
الملخص:
ان قواعد المسؤولية المدنية أصبحت عاجزة عن مواكبة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، والذي أثر على فعالية الخطأ والضرر ونتيجة لهذا التطور المتسارع انتقلت وظيفة المسؤولية المدنية الى وظيفة حديثة لها بعد عقابي يهدف الى ردع وعقاب المسؤول عن الضرر، وعلى هذا الأساس أصبحنا امام ازدواجية وظيفية، احدهما تقليدية وهي الوظيفة الإصلاحية، وأخرى فرضتها التغيرات والتقلبات الاقتصادية والتكنولوجية وهي وظيفة عقابية.
الكلمات المفتاحية:
التعويض العقابي، المسؤولية، الخطأ المربح، التأمين
Abstract:
The rules of civil liability have become unable to keep pace with economic and technological developments, which has affected the effectiveness of fault and damage. As a result of this rapid development, the function of civil liability has transitioned to a modern role with a punitive dimension aimed at deterring and punishing those responsible for the damage. Thus, we are faced with a dual functionality: one traditional, which is the reparative function, and another imposed by economic and technological changes, which is the punitive function.
Key words:
Punitive damages, liability, profitable wrongdoing, insurance
مقدمة:
ان الغاية من كتابة هذا المقال هو تسليط الضوء على مبدأ قانوني او فكرة قانونية تعرف لدى الأوساط الفقهية في النظام الانجلوساكسوني بالتعويض العقابي والذي يعتبر أكثر الجوانب المغفلة في نظام المسؤولية المدنية في المدرسة اللاتينية ولا شك ان من درس في الجامعات التي تنهل من المدارس اللاتينية سيرى ان هذا المبدأ هو متناقض في حد ذاته لانه يجمع بين امرين لا يمكن الجمع بينهما علما ان هذا المبدأ يجد له أسس وقواعد في القوانين القديمة بالإضافة الى الفقه الاسلامي[1] .
ان الوظيفة الأساسية للمسؤولية المدنية هو التعويض لجبر الضرار وارجاع الحال الى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وقد تأثر قانون الالتزامات والعقود المغربي لسنة 1913 بنظيره الفرنسي، وقد نظم المشرع قواعد المسؤولية التقصيرية معتمدا على مبدأ المسؤولية الشخصية التي تقتضي اثبات الخطأ لقيامها واستحقاق التعويض لجبر الضرر , دون مؤاخذة المخطأ ومعاقبته لجسامة خطأه , باعتبار ان دور العقاب يقوم به القانون الجنائي.
وكما هو معلوم ان التطور من سنن الله في خلقه، فالتقدم السريع الذي شهده العالم على كافة المستويات وبالأخص الجانب الاقتصادي والتكنولوجي، والذي نتج عنه ظهور أخطاء مربحة واضرار جديدة تتسم بالعمد وللامبالاة والتهور، وذلك يعود بالدرجة الأولى الى التراجع الأخلاقي الذي بات مظهرا مألوفا في المجتمع مما دفع جانبا من الفقه الى القول بعودة الأفكار العقابية[2] .
يعرف التعويض بشكل عام بأنه الجزاء الذي ترتبه المسؤولية المدنية على المسؤول نتيجة الضرر الذي ألحقه بالضحية[3]. ويؤدي التعويض المدني وظيفتين أساسيتين، أولهما وظيفة الجزاء الإصلاحي وهي جبر الضرر، وثانيهما هي وظيفة الجزاء الردعي[4]
تعددت تعاريف الفقه التي تناولت مفهوم التعويض العقابي وسنقتصر فقط على جانب من الفقه[5] حيث عرف التعويض العقابي بانه تعويض إضافي يمنح القاضي المدني للمضرور ليجاوز في مقداره ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من خسارة وما فاته من كسب.
ومع تصاعد الاضرار الناجمة عن الأفعال غير المشروعة وتصاعد وتيرة الدعوى القضائية فتح النقاش الفقهي وكذا القضائي والقانوني حول الازمة التي يعاني منها نظام المسؤولية المدنية وعجز الوظيفة الاصلاحية على مواكبة التطورات الاقتصادية، مما حدا بالعديد من التشريعات المتقدمة الى ابتكار مبادئ متطورة مثل مبدأ الحيطة وكذا مبدأ الوقاية بالإضافة الى فكرة التعويض العقابي[6]
التي أصبحت محل نقاش فقهي على مستوى الاتحاد الاوربي بل ذهبت المحكمة العليا بايطاليا بعد تحول ملحوظ والذي أظهرت تغييرا في موقفها تجاه قبول هذه التعويضات العقابية[7] مما جعل الدول الانخراط في الإصلاحات التشريعية , نتج عنه نقاشات فقهية وممارسات قضائية مما حدا ببعض الفقه الى رصد هذا البعد العقابي في القوانين الحديثة كالتشريع الفرنسي[8] والذي أعاد الاعتبار للخطأ في اطار المسؤولية المدنية بحيث ان جانب كبير من الفقه جزم على ان دور الخطأ تراجع بعدما كانت المسؤولية مبنية على اساس ركن الخطأ كقاعدة عامة , وذلك تطبيق للقاعدة الفقهية حسب دوما " لا خطأ بدون مسؤولية ", الا انه مع بروز عوامل قانونية واقتصادية واجتماعية ساهمت في ظهور ما يعرف بالمسؤولية الموضوعية المبنية على ركن الضرر الذي يسهل إثباته إلا انه مع توسع الاحكام القضائية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية في الدول الانجلوسكسونية والذي تأثرت به بعض الدول ذات الفكر اللاتيني والجرماني كفرنسا وألمانيا , مما انعش او احيا دور الخطأ من جديد ليفرض نفسه في المعادلات القانونية وكذا المعادلات الاقتصادية في مناخ الاعمال والمنافسة والملكية الفكرية والصناعية , كل ذلك يفتح الباب الى التفكير من جديد حول الفسلفة التشريعية المتخذة من قبل الدول لإعادة النظر في الترسنة القانونية في ظل المنافسة القوية على الأسواق العالمية وتوجه التشريعات الى تطوير مناخ الاعمال ورفع من الاستثمارات الوطنية والأجنبية
المسؤولية المدنية بوجه عام من اهم المؤسسات داخل منظومة القانون بحيث انه لا يخلو قانون ما إلا وأحال على مقتضياتها وأصبحت امرا لصيقا بأي شخص سواء في إطار المهام الموكولة اليه او في نشاطه المهني والتجاري، بل ان الامر يمتد الى كافة المجالات في ظل التزايد استخدام الذكاء الاصطناعي
ان الحديث اليوم عن ان القواعد القانونية ذات جودة عالية تتسم بالوضوح والتوقع كافي لتسيير وضبط السلوك المجتمعي بل اثبت التجارب قديما وحديث ان الامر يتطلب وجود ضمير حي وحس المسؤولية لدى افراد المجتمع فالعامل الأخلاقي أصبح ضرورة أكثر من أي وقت مضى. ولا ادلى على ذلك فان الدول الرائدة خصوصا الانجلوسكسونية[9] نجد ان معدل الاضرار غير المشروع الناتجة عن سلوكات الافراد سواء كانو اعتباريين او ذاتيين في ارتفاع متزايد، وهو ما وسع من انتشار فكرة التعويضات العقابية في الأوساط القانونية والاقتصادية والتي نصت عليها القوانين ومنها من نصت عليه في مصاف الوثائق الأساسية كإقليم كيبيك بكندا[10] وكرست محاكمها هذا المقتضى من خلال الممارسة العملية. ان المتتبع لتطور المسؤولية المدنية عبر مراحلها المتعددة توجت اراء الفقه ومعه القضاء الى الحديث والجزم الى الانتقال من مسؤولية مبنية على خطأ واجب الاثبات الى مسؤولية موضوعية مبنية على ركن الضرر[11] بسبب سهولة الاثبات بحيث ان التشريعات اقتنعت بان الخطأ يصعب اثابته بالنسبة للأضرار المستحدثة كالأضرار البيئية والأضرار الناتجة عن المنتجات المعيبة وقانون المنافسة والملكية الصناعية بالإضافة الى قانون الاستهلاك الذي يهم اغلب شرائح المجتمع في ظل اللاتوازن بين اطراف العلاقة الاقتصادية ,فالكثير من المهتمين خلصو الى تراجع ركن الخطأ امام ركن الضرر في تأسيس المسؤولية المدنية انطلاقا من التطورات التي شهدها العالم بعد توالي الازمات الاقتصادية والصحية والمناخية، ومن المسلم بان النظام القانوني المغربي يعتنق فكر المدرسة اللاتينية , ولعل ذلك هو سبب ندرة الكتابات والأبحاث الفقهية المغربية فيما يتعلق بمبدأ التعويض العقابي باعتبار هذا الأخير نشأ في أحضان المدرسة الانجلوامريكية والدول الاسكندنافية.
من هذا المنطلق تظهر اهمية الموضوع المتمثل في المقام الأول في توجهات المشرع المغربي لتهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية , من خلال اصدار العديد من القوانين تهم منظومة الاستثمار كقانون صندوق محمد السادس للاستثمار بالإضافة الى ميثاق الاستثمار وتعزيز القضاء المتخصص و اصلاح المراكز الجهوية للاستثمار , كما ان الدولة دخلت في عدت شراكات اقتصادية متنوعة واتفاقية تجارية ثنائية ولم يقتصر فقط على الشركاء التقليديين بل في اطار الانفتاح والتنوع اصبح المغرب له شركاء من اسيا وأستراليا وبريطانيا وكندا[12] . وبتالي فاني تبني مبدأ التعويض العقابي سيعزز من فرص خلق بيئة قانونية مناسبة تتلاءم مع القواعد القانونية المقارنة، وهذا سيعزز من صلاحيات القضاء ويعطيه الشرعية لتذييل الاحكام الأجنبية بصيغة التنفيذية خصوصا إذا ما علمنا ان هناك فرضيات تنفيذ احكام اجنبية تتضمن في طياتها تعويضات عقابية وعليه سيجد القاضي ما يسعفه لتطبيق القانوني وتفادي الإشكالات التي ظهرت على مستوى الممارسة القضائية المقارنة[13]
كذلك تظهر الأهمية لدور التعويض العقابي في ردع مرتكب الفعل الضار مما يجعله لا يفكر في تكرار نفس الفعل الضار في المستقبل ناهيك عن عدم تجرئ الغير على ارتكاب مثل هذه الاضرار، ودراسة هذا الموضوع يوضح لنا مدى قصور القواعد التقليدية المنظمة للمسؤولية المدنية بوجه عام في القانون المغربي للتصدي لكثير من الممارسات الضارة وعلى وجه الخصوص ارتفاع المنازعات امام القضاء بشكل عام علما ان اغلب الاضرار هي مؤمن عليها من قبل مؤسسات التامين وبتالي فان فعالية قواعد المسؤولية تبقى محدودة , مما ينعكس سلبا على حقوق المتضررين[14] , وبناء على ما تقدم فاننا نقترح الإشكالية التالي :
ثانيا: ماهي خصائص التعويض العقابي؟
ثالثا: ماهي أنواع التعويض؟
رابعا: ما هو نطاق تطبيق التعويض العقابي والمشكلات من حيث التطبيق؟
بناء عليه سنعتمد التصميم التالي:
المبحث الأول: ماهية التعويض العقابي ومجالات تطبيقه
المبحث الثاني: المشكلات التي تواجه تطبيق فكرة التعويض العقابي وموقف المحاكم العليا في النظم اللاتينية
المبحث الأول: ماهية التعويض العقابي ومجالات تطبيقه
يجب لتسليط الضوء حول مفهوم التعويض العقابي علينا التطرق الى تعريفه اللغوي والاصطلاحي له بعد الاطلاع على تعريفات الفقه والقضاء.
المطلب الأول: مفهوم التعويض العقابي
الفقرة الأولى: التعويض في اللغة
التعويض والعوض مفرد الاعواض ويقال عاض أي عوضه تعويضا وعاض أي أعطاه العوض واعتاض وتعوض أي اخذ العوض واستعاض أي طلب العوض[15].
والتعويض هو الخلف او البدل فيقال اخذت الكتاب عوضا عن مالي أي بدلا عنه، واعتاض أي اخذ البدل، واعتاضني فلان إذا جاء طالبا العوض[16]
تعريف التعويض العقابي اصطلاحا
ورد في كتب الفقه تعريفات عديدة للتعويض العقابي، أغلبها تؤكد بانه التعويض الذي يتقرر كعقاب لمرتكب الفعل الضار لردعه وردع الاخرين عن اقتراف مثل هذا السلوك الشائن في المستقبل، بالإضافة الى التعويض الجابر للضرر، وذلك عندما يكون فعل المدعي عليه ناتجا عن اهمال شديد او غش او تهور [17].
كما ان هناك محاولة من بعض الشراح وفقهاء القانون في التشريعات العربية والمقارنة تعريف التعويض العقابي منها ما عرفه الفقه الإنجليزي بانه "حكم بمبلغ من النقود يحكم به للمدعي الى جانب التضمينات التعويضية لعقاب او ردع المدعى عليه وردع الاخرين[18].
كما عرفته المحكمة العليا الامريكية التعويض العقابي بانه" غرامة خاصة تفرض عن طريق هيئات المحلفين المدنية لمعاقبة السلوك الشائن ومنع حدوثه مستقبلا[19].
وأخيرا، فقد عرفه جانب من الفقه العربي بطريقة اعم بانه" تعويض يمنح بالإضافة للتعويض عن الضرر المتحقق، ويمنح عندما يكون فعل المدعى عليه ناتجا عن اهمال شديد، او حقد، او غش، او تهور، لغرض عقوبة على المعتدي أو جعله مثالا للاخرين[20]
ويبدو لنا من خلال التعاريف السابقة ان دور التعويض العقابي ليس جابر للضرر فقط وانما له وظيفة إضافية وهي عقاب مرتكب الفعل الضار بسبب سلوكه إذا بلغ الفعل الضار حد معينا من الجسامة[21]
الفقرة الثانية: لمحة تاريخية عن نشأة التعويض العقابي
لا شك ان القانون في العهد الجديد ماهو الا امتداد لتراكم الممارسات التي اعتنقتها الشرائع القديمة ومن بين هذه المبادئ التي كانت سائدة آنذاك فكرة التعويض العقابي. والغريب ان الحديث اليوم على هذه الفكرة بمفهومها الحديث المتطور الذي كرسته الأنظمة الانجلوسكسونية من خلال السوابق القضائية والأعراف , وكأن هذه الفكرة تم صياغته حديثا لوجود معارضة شديد لهذا المبدأ الذي لا يملك من العقوبة الا الاسم , وقد كان المسؤولية المدنية في الأصل عبر الأزمنة لها دور عقابي بجانب دورها الإصلاحي في جبر الضرر واستمر الوضع الى غاية الفصل بين المسؤوليتين المدنية والجنائية عن اصدار اول مدونة في العهد الفرنسي سنة 1804 مما ساهم في تراجع دور الخطأ الذي كان يلعب دورا محوريا في تحديد المسؤولية وجعل المسؤولية قائمة على أساس الضرر بغض النظر عن ارتكاب المسؤول خطأ من عدمه واعتبر ذلك من الثوابت التي لازالت مستعصية في المدرسة اللاتينية,
ونشير الى ان بداية كانت الشرائع القديمة يحكمها مبدأ الانتقام الفردي مرورا بالدية، كما ان التعويض العقابي كان هو السائد في قوانين مثل قانون حمورابي[22] وقانون المصري الفرعوني، كما شهد القرن السابع والثامن قبل الميلاد في القانون الروماني الاخذ بقوانين يغلب الطابع العقابي في المسؤولية، بالإضافة الى ان التعويض كان له صفة عقابية فقد ورد في هذه القوانين مضاعفة التعويضات، حيث وجدت بعض العقوبات التي تلزم المعتدي بدفع تعويض يعادل ضعف او أربعة اضعاف قيمة الضرر[23]
الفقرة الثالثة: خصائص التعويض العقابي
التعويض العقابي هو تعويض من نوع خاص جاء استثناء على مبدأ التعويض الكامل وبتالي فهو يتميز بالعديد من الخصائص أهمها
1 التعويض العقابي تعويض استثنائي
فسلوك الفاعل يجب ان يكون استثنائيا وهذا يعني ان المحكمة وهي بصدد منح هذا النوع من التعويض فانها تأخذ بعين الاعتبار بالدرجة الأولى سلوك المدعى عليه اكثر من النظر الى مدى الضرر الذي احدثه وهذا يمثل خروجا عن عن القواعد العامة في جبر الضرر التي يحكمها مبدا التعويض الكامل او تناسب التعويض , وكنتيجة لهذه الصفة الاستثنائية انه لا يجوز منح تعويض عقابي الا في أحوال خاصة يستشعر القاضي فيها الحكم به عندما يكون حجم التعويض وفقا لمبدأ التعويض الكامل غير كافي, وهذا ما أكدته المحكمة العليا بكندا في حكمها الصادر 22 فبراير 2002 في قضية whiten .v.pilot insurance co " أن التعويض العقابي موجه الى سلوك المدعى عليه فالهدف ليس تعويض المدعي بل لمعاقبة المدعى عليه .فهو الوسيلة التي تعبر بها هيئة المحلفين او القاضي عن غضبها من السلوك الفادح للمسؤول.
ومن هنا يمكن اعتباره تعويض العقابي تعويض إضافي يغطي لنا القصور في القواعد العامة للتعويض الكامل وبهذا يحقق لنا العدالة المطلوبة في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية
اما في إقليم Québec التابع لكندا فان ميثاق الحقوق والحريات ص في المادة 49 منه على التعويض العقابي فقضت (بأن الاعتداء غير المشروع على حق او حرية من الحقوق او الحريات التي يعترف بها هذا الميثاق، يخول ضحية هذا الاعتداء الحق في المطالبة بوقف هذا الاعتداء وبتعويض الضرر الادبي أو المادي الذي نتج، ويجوز للمحكمة أيضا في حالة الاعتداء غير المشروع والعمدي، ان تقضي ضد مرتكبه بتعويض عقابي (.[24]
كما نصت المادة 1621 من القانون المدني[25] لإقليم كيبيك بشأن تقدير مبلغ التعويض العقابي على انه:
(عندما ينص القانون على جواز الحكم بتعويض عقابي، لا يمكن ان يتجاوز القيمة، ما يكفي لضمان وظيفته العقابية، ويتم تقييمها في ضوء جميع الظروف المناسبة، بما في ذلك جسامة خطأ المدين، ووضعه المالي، ومدى التعويض الذي كان مسؤولا عنه تجاه الدائن، كما يراعي عند الاقتضاء تحمل الغير بعبء الوفاء بالتعويض كليا أو جزئيا، فهدف التعويض العقابي هو تحقيق الوظيفة العقابية عن طريق عقاب المسؤول.
2 التعويض العقابي تعويض شخصي
يمنح هذا التعويض عندما يصيب الضرر مصالح شخصية للمضرور أي لمن سبب له ضررا في المشاعر وله عدة صور أهمها إيذاء المشاعر والإهانة والحط من الكرامة والاذلال ويترتب عن ذلك كونه تعويضا شخصيا فان الأشخاص الاعتبارية كالشركات والهيئات والمؤسسات لا يمنح لها مثل هذا التعويض اذ ليس لديها مشاعر إنسانية ومع ذلك فقد صدر حكم بتعويض احدى الشركات المحدودة ولكن جاء التعويض العقابي اقل مما حكم للأشخاص الذاتيين لكون المحكوم له شخص اعتباري
3 التعويض العقابي تعويض تحكمي
حيث لمحكمة الموضوع سلطة واسعة في تقرير ظروف منحه وحجمه وهذا ما أكدته محكمة النقض الاتحادية العراقية في أحد قراراتها بان "قيمة الاضرار مسألة وقائع تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية
4 التعويض العقابي لا يشمله التأمين
ففي إنجلترا التعويض العقابي غير قابل للتغطية التأمينية لدى غالبية الفقه والقضاء فلو كان المسؤول سبق وان أمن على مسؤوليته فان المبلغ الإضافي الممنوح للمضرور على حساب المسؤول كتعويض عقابي يجب ان تتحمله ذمة المسؤول وليس شركة التأمين،
لان في نقل عبء دفع التعويض العقابي من عاتق المسؤول الى عاتق الشركة المؤمنة فيه للغاية من فرض تعويض عقابي الا وهي معاقبة المسؤول وردعه هو والغير لعدم ارتكاب الخطأ مرة اخرى[26]
5 التعويض العقابي يتميز بخاصية مزدوجة
فهو من ناحية عقوبة وبذلك يقترب من أفكار القانون الجنائي رغم ان نطاق العقوبة يشمل فقط الذمة المالية للمسؤول، كما انه من ناحية يتقرر بوسائل القانون المدني، ويتجلى ذلك من خلال الفرق الواضح بين الجزء الجنائي والجزاء الجنائي في ظل التعويض العقابي فهو حق للمضرور ولا دخل للدولة فيه وانما يقتصر دور الدولة فقط في انها تهدف الى تحقيق الردع العام وليس الهدف مصادرة التعويض العقابي[27]
الفقرة الرابعة: أنواع التعويض
تتمثل أنواع التعويض في كل من التعويض بمقابل والتعويض العيني
أولا التعويض بمقابل
في الوقت الراهن يعتبر التعويض النقدي من اهم أنواع التعويض باعتباره الطريق الطبيعي لمحو الضرر واصلاحه والحكم بالتعويض النقدي هو تقدير للقيمة المالية التي فقدها المضرور نتيجة اخلال المدين بقيمة مالية موازية لها وقد يكون التعويض بمقابل اما نقدا او غير نقدي.
ثانيا التعويض النقدي
هذا النوع من التعويض هو الغالب في دعاوى المسؤولية التقصيرية فان كل الاضرار حتى المعنوية منها يمكن تقويمها بالنقود وهو الوسيلة المثلى لجبر الضرر بشكل عام او التحقيق منه لما في النقود من دور ارضائي في خلق حالة من التوازن في ذمة المضرور المعنوية على اعتبار ان النقود هي أكثر الوسائل انتشارا للتبادل وأصلحها تقويما للضرر. لذا اولت التشريعات الوضعية اهتماما لهذا النوع من التعويض ونظمنه في قوانينها بالرغم من ذلك فان التقلبات النقدية التي تشهدها اقتصاديات الدول يؤثر بشكل أساسي على القوة الشرائية للعملة وبتالي فان التشريعات ومعها القضاء مدعون الى الاخذ بعين الاعتبار عند تقدير التعويض[28]
ثالثا التعويض غير النقدي
أحيانا قد يتعذر التنفيذ العيني وهو الغالب في المسؤولية التقصيرية فلا يبقى مجال امام القاضي سوى الحكم بتعويض غير نقدي وليس شرطا ان يكون التعويض نقدا، فالقاضي له ان يأمر بما تقتضيه الظروف في بعض الحالات. ومن صور التعويض غير النقدي الحكم بنشر قرار المحكمة في الصحف على نفقة المسؤول فيما يخص حالات القذف والسب والمنافسة غير المشروعة[29]
رابعا التعويض العيني
يتحقق عن طريق إلزام المسؤول. سواء بمقتضى الاتفاق او حكم قضائي بإصلاح الضرر على نفقته. فعلى سبيل المثال إذا بنى شخص حائطا في ملكه ليحجب عن جاره الضوء والهواء تعسفا منه، ففي هذه الحالة يجوز ان يكون التعويض عينا بهدم الحائط وهذا ما يعرف لدى الفقه بإعادة الحال الى ما كانت عليه، فالتعويض العيني يعتبر أفضل من التعويض بمقابل لانه يؤدي الى محو الضرر وإزالته بدلا من بقاء الضرر على حاله.
المطلب الثاني: مجالات تطبيق نطاق التعويض العقابي
الفقرة الأولى: الخطأ المربح
لما كان مرتكب الخطأ هو المسؤول عن الفعل الضار الذي لحق بالمضرور وانه الملزم بدفع تعويض عن الضرر الذي تسبب به، وبسبب التطور الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي لم يعد الخطأ في صوره التقليدية يستوعب الصور الحديثة للخطأ جراء الأفعال والسلوكيات السيئة كالخطأ المربح , واذا افترضنا ان المسؤول دفع للمضرور تعويض على قدر الضرر فان الواقع في ظل القواعد العامة تسمح فقط للمضرور بالاستفادة من تعويض على أساس الخسارة وما فاته من كسب وبتالي فان مبدأ التعويض الكامل لا يأخذ بعين الاعتبار مدى الربح الذي لا يدخل في عناصر تحديد التعويض الكامل ومن هذا المنطلق اتجهت بعض التشريعات الحديثة للاخذ بعنصر الربح كنعصر إضافي لتحديد التعويض , ومن هنا تنبع خصوصية هذا الخطأ بحيث يتميز عن غيره من الأخطاء المعروفة في القواعد العامة
أولا مفهوم الخطأ المربح
لا بدا لتحديد مفهوم الخطأ المربح ان نتطرق الى تعريفه حسب الفقه المقارن
ثانيا تعريف الخطأ المربح
تناول الفقه تعريف متعددة وسنحاول حصر البعض منها ولمن أراد التوسع أكثر سنحيله الى التعاريف المشار اليها[30] .
فقد عرفه بعض الفقه بأنه الخطأ الذي يجني فاعله فائدة من جراء ارتكابه[31]. ويعرفه أيضا بانه الخطأ الذي يحقق فيه مقترف الفعل الضار الموجب للمسؤولية التقصيرية او العقدية ربحا يتجاوز مقدار التعويض الواجب دفعه المتمثل بعنصري الخسارة الحالة والكسب الفائت على فرض إقرار مسؤوليته[32]. غير ان الملاحظة الأساسية التي تتضح من التعريف الأخير قدر ركز على عنصر الربح كأحد العناصر المكونة للخطأ المربح ولم يحدد ضمن هذا التعريف مسألة الاعتداء بالفعل المرتكب ان يكون عمديا او يتضمن سلوكا مشينا او عدوانيا او مشوبا بسوء نية كما ذهبت في ذلك التشريعات الانجلوساكسونية.
ومع ذلك يرى جانب من الفقه ان التعريفات السابقة اغلفت الإشارة لطبيعة الخطأ المربح، وهل هو خطأ جسيم ام يسير ام خطأ عمدي ام مجرد اهمال[33]. كما عرف عبد الهادي العوضي الخطأ المربح، بأنه خطأ من طبيعة عقدية او تقصيرية يتجسد في صورة سلوك غير أخلاقي وانتهازي يرتكبه فاعله عن عمد، وبعد تفكير ناضج وتخطيط محكم وحساب لما سيعود عليه من ربح من ارتكاب الفعل الضار وما سيدفعه من تعويض للمضرور ثم المجازفة بارتكابه عن وعي وإدراك وقبول بمخاطره[34], لان الربح الذي سيجنيه أو التوفير في النفقات الذي سيحققه سيتجاوز بمدى كبير التعويض الذي سيحكم عليه به[35].
في حين يرى أحد الباحثين ان الخطأ المربح هو اخلال المتعاقد بالتزامه العقدي او مخالفة الشخص لالتزام قانوني مع علمه بأثر ارتكابه لهذا الفعل غير المشروع وبقيمة التعويض الذي قد يدان به واقدامه على ارتكابه بهدف تحقيق ربح أكبر مما قد يدان به من التعويضات[36]. بعد ان حاولنا قدر الإمكان الإشارة الى اهم التعاريف التي تقرب لنا مفهوم هذا الخطأ المربح الذي أصبح محل اهتمام الفقه والقضاء والتشريع، سنحاول التطرق الى خصائص هذا الخطأ الذي يتميز عن الخطأ بمفهومه التقليدي.
الفقرة الثانية: الخصائص المميزة للخطأ المربح
ونشير في هذا الصدد الى اهم الخصائص التي تميز الخطأ المربح
فهو اذن خطأ شخصي أي لصيق بشخص المرتكب للفعل الضار وبذلك فان لا يجوز نقل او تحويل مسؤولية وأثر الأخطاء المربحة التي يقترفها شخص الى شخص اخر، كما هو الحال بالنسبة الى مسؤولية المتبوع عن تابعه، وبتالي لا يجوز نسبة الأخطاء المربحة التي يرتكبها التابع الى متبوعه بل تقتضي مطالبة التابع بالتعويض إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في القواعد العامة دون ان يتجاوز ذلك مطالبة المتبوع عن الربح الذي جناه تابعه الا إذا كان متواطئا معه، لان التعويض في حالة الخطأ المربح له صبغة شبه جنائية.
كذلك يعتبر الخطأ المربح خطأ عمدي من نوع خاص ذلك ان مرتكب الفعل الضار لا ينوي مجرد إيقاع الاضرر بالمضرور كما هو الحال في الأوضاع المألوفة , بل يتعد ذلك الى السعي عن وعي وتخطيط مسبق الى جني الربح من ذلك , وبتالي فعنصر القصد يتمثل ليس فقط في الاضرار بالمضرور ولكن هي مجرد وسيلة او غطاء لبلوغ الغاية الأساسية من الضرر وهو السعي الى تحقيق وحساب الأرباح وهذه النتيجة الأساسية , ونعطي مثالا في قضايا التشهير خصوصا اذا ما تعلق الامر بأحد المشاهير فهناك بعض الصحف تحاول ان تكتب معطيات شخصية حول بعض الشخصيات العامة في المجتمع واحيان تتعلق هذه المعطيات الشخصية بحياة الفرد الخاص او بوضعه الصحي او الاسري او المهني وحينما تقوم الصحافة بطباعة هذه المعطيات فان نسبة المبيعات ترتفع بشكل كبير اثر اقبال القراء من كل الفئات خصوصا اذا كان اشخاص مشهورين في المجتمع ولهم تأثير واحيان قد لا تكون هذه المعطيات الشخصية دقيقة , ونكون امام اعتداء على الحياة الخاصة للافراد ومن خلاله تجني على اثر نشر هذه المعطيات أموال كثيرة جدا فحتى لو رفعت دعوى فان التعويض لن يؤثر على الذمة المالية للجريدة وبتالي سيحصل المتضرر من تعويض وفق القواعد العامة الا ان هذا لن يردع الجريدة من تكرار نفس الفعل بحيث انها تعرف مسبقا ان دفعها لتعويضات لن يكون له تأثير مادم ان ما تنشره من معلومات لتشهير بالأفراد سيعود لها بأموال كبيرة , وبتالي فان التشريعات في بعض الدول الاروبية تفطنت لمخاطر التي تسببها الأخطاء المربحة وتدخلت لسن تعويضات عقابية رادعة من خلال يحجم أي كان الاعتداء على الحياة الخاصة والتي تعتبر من اقدس الحقوق المنصوص عليها في دساتير الدول.
كما ان الخطأ المربح يتميز بأنه خطأ غير قابل للتغطية التأمينية، وهذا ما أكد عليه الفقه الفرنسي، ذلك ان جعل مثل هذا الخطأ قابل للتغطية التأمينية يتعارض مع فلسفة استرداد الربح الذي جناه بفعله الخاطئ[37] ، وبذلك لا يسمح له بنقل عبء فعله الى شركات بينما يحتفظ هو الربح الذي جناه.
بالإضافة الى ان الخطأ المربح متعدد الصور وكذا الطبيعة المزدوجة، فتطبيقاته قد توجد في مجال المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية الا اننا سنقتصر على المسؤولية التقصيرية ونتركا المجال العقدي لمرحلة أخرى من البحث[38].
الفقرة الثالثة صور الأخطاء المربحة في المسؤولية التقصيرية[39]
شكل التطور الاقتصادي والتقني تحديا للقوانين الوضعية الحديثة والذي نتج عنه بروز اعتداءات تمس بحقوق الملكية الفكرية والعلامة التجارية، فتدخل المشرع الفرنسي لملائمة النصوص القانونية مع التطورات التي يشهدها الاقتصاد والتكنولوجيا وذلك لتصدي للاخطاء المربحة وقد نص بموجب القانون رقم 1544-2007 والمعدل بالقانون رقم 315 لسنة 2014[40] بشأن تعزيز مكافحة التقليد، والذي اعطى للقاضي سلطة الحكم بتعويضات عقابية ضد الاضرار التي ينتج عنها أرباح التي حققها المقلد.
الفقرة الرابعة: الأساس القانوني للتعويض عن الخطأ المربح
لقد ثار جدل فقهي وقضائي واسع حول الأساس القانوني للتعويض عن الخطأ المربح وقد أشرنا سابقا ان ما يميز الخطأ المربح هو عنصر الربح المادي الذي يسعى المسؤول للحصول عليه وهذا هو سبب قصور المبادئ العامة لمعالجته، وهذا ما دفع الاجتهاد الفقهي الى إيجاد أساس قانوني مناسب يكون يساعد القاضي على اتخاذ القرار الصائب إذا ما عرضت عليه قضايا تتعلق بالأخطاء المربحة.
أولا: نظرية الاثراء غير المشروع
تنطلق هذه النظرية من الفكر الإنجليزي حيث تطرق لها الفقيه الشهير Peter Birks في مجموعة من ابحاثه والتي بدورها تستند الى جملة من القرارات القضائية في أمريكا وبريطانيا، وتنطلق هذه النظرية من فكرة مفادها بأن استرداد الربح غير المشروع الذي جناه المسؤول خطئة في حالات الخطأ المربح ماهو الا تطبيق لنظرية الاثراء بلا سبب[41]
ومن ثم فان الاثراء بلا سبب هو عمل يقوم به شخص بدون سبب قانوني يتسبب في افقار الأول واثراء للاخر , كما هو الشأن بالنسبة للشخص الذي يقوم ببناء أو اصلاح مسكن أو ترميمه دون ان يكون ملتزم بذلك , او حالة الشخص الذي يقوم بأداء دين معين ملقى على عاتق شخص اخر دون ان يكون ملزما بدفعه, فالامر يتعلق اذن بدعوى تهدف الى إعادة التوازن في اتجاه الحصول على تعويض عن طريق ارجاع المبلغ الأقل للاغتناء او الافتقار من طرف المغتني على حساب المفتقر, لكن بالتمعن فان هذه القواعد العامة لا تستوعب طبيعة هذا النوع من الأخطاء المربحة, ومع ذلك فان فكرة الخطأ المربح لم تعد مقتصرة على النظم الانجلوساكسونية بل امتد تأثيرها الى النظم اللاتينية والتي ترى بان التعويض المدني الا وظيفة واحدة وهي جبر المضرور واعادته الى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الخطأ الا ان الاهتمام المتزيد من قبل الفقه الفرنسي منذ اقتراح المشروع التمهيدي catala في سنة 2005 والذي اخذ بفكرة الخطأ المربح في اطار القواعد العامة للمسؤولية, ومن اجل التصدي للاخطاء المربحة في بعض المجالات كقانون الملكية الفكرية وضبط في قضايا التقليد التي شرنا اليها سابقا.
ان نظرية الاثراء بلا سبب لا يمكن الاخذ بها كأساس للتعويض عن الخطأ المربح، وذلك لأسباب عديدة من بينها ان نظرية الاثراء بلا سبب لا تعكس حقيقة الربح الذي جناه المسؤول كون هذا الأخير لم ينقل الى ذمته المالية أموال من ذمة أخرى بل كل ما في الامر ان ذمة المسؤول كسبت دون ان تسلبه من ذمة المتضرر، كما ان هذا الربح يكون على أساس ارتكاب خطأ غير مشروع بحد ذاته، ومن تم نكون امام شخصين المسؤول والمتضرر وبتالي فان هذا الاثراء لم يقابله افتقار، بمعنى ان الربح لم يكن على حساب المضرور.
انطلاقا من هذه النظرية فقد ذهبت احدى المحاكم الاستئناف الامريكية الى رفض طلب المدعي الذي أسس دعواه على نظرية الاثراء بلا سبب لاسترداد الربح الذي جناه المسؤول في القضية[42].
ثانيا: نظرية الاسترداد الكامل
لقد لاقت فكرة الخطأ المربح ذات المنشأ الانجلوساكسوني بسبب قصور القواعد العامة المنظمة للتعويض , والتي أصبحت لا تلاءم التطورات الاقتصادية والتكنولوجية مما دفع الاجتهاد الفقهي في فرنسا الى إيجاد أساس قانوني لاسترداد الربح الذي حققه المسؤول عن الضرر في حالة الخطأ المربح , وقد تبنى المشرع الفرنسي في مشروع تعديل نظرية الالتزام في اطار المادة 1371 المقترحة والتي تنص على انه في كل الأحوال التي يتبين فيها على نحو جلي ان شخصا قد اقترف خطأ مدبرا , وبالأخص اذا كان هذا الخطأ مربحا فانه يجوز تغريمه , فضلا عن تضمين تعويض عقابي وللقاضي منح جزء من هذا التضمين الى الخزينة العامة , ويجب ان هذا الحكم الذي فرض تعويضات عقابية مسببا على نحو خاص وان يفصل مبلغه عن باقي عناصر التعويض الأخرى الممنوحة الى المضرور وأن هذه التعويضات العقابية غير قابلة لاي تغطية تأمينية .
فإذا كان مبدأ التعويض الكامل يعيد المضرور الى الوضع السابق قبل وقوع الضرر، فان مبدأ الاسترداد الكامل يعيد المسؤول الى الوضع الذي كان عليه قبل ارتكاب الخطأ المربح.
وذهب أحد الباحثين ان نظرية الاسترداد الكامل هي الأقرب كأساس قانوني لاسترداد الربح من مرتكب الفعل الضار وذلك لانها تعمل على إعادة وضع طرفي المسؤولية الى وضعهم السابق قبل ارتكاب الخطأ مما يحقق العدالة اذ ينصف المتضرر بتعويضه عن الضرر وفي الوقت ذاته يسلب من مرتكب الخطأ ربح العائد عليه من فعله الضار[43].
من جانب أخرى نادى بعض الفقه الفرنسي في سبيل تحقيق ردع أكبر على المسؤول عن الفعل الضار الى وضعه أسوء من الوضع الذي كان عليه قبل ارتكابه الفعل الضار عن طريق فرض تعويض أزيد من مقدار الربح الذي حققه وهو ما يحقق ضمانات عقابية فعالة في مواجهة الخطأ المربح[44]
المبحث الثاني: المشكلات التي تواجه تطبيق فكرة التعويض العقابي وموقف المحاكم العليا في النظم اللاتينية
تطرح فكرة التعويض العقابي بعض المشكلات القانونية في النظم اللاتينية فهناك مشكلة مدى جواز التامين ضد التعويض العقابي بالإضافة الى اشكال يطرح في حالة تنفيذ حكم قضائي أجنبي او هيئة تحكيمية يتضمن فقرة تتعلق بالتعويض العقابي فهل القاضي الوطني له إمكانية تنفيذه في غياب نص قانوني علما ان المنظومة اللاتينية لا تأخذ بهذا النوع من التعويض باعتباره مخالفا للقواعد القانونية لنظام المسؤولية المدنية.
ولبسط ذلك يقتضي الامر تناول هذا المبحث في مطلبين
المطلب الأول: مدى جواز التامين من التعويض العقابي
أشرنا سابقا ان غرض التعويض العقابي يتجاوز فكرة التعويض الكامل لجبر الضرر الى معاقبة المسؤول عن الأفعال والسلوك المنحرف وتبعا لذلك اثارت مسالة التعويض العقابي والتامين منه وبرز جدل فقهي بين مناصرين لهذا الاتجاه وبين مناهضين.
يعد التامين من أفضل الوسائل المبتكرة التي توصلت اليها التشريعات كحلول لتخفيف من الاضرار وضمان حقوق المتضررين م الأفعال الضارة بسبب التطور الصناعي والتكنولوجي وما نتج عنه من تقدم اقتصادي بالمقابل ارتفاع مهول للإضرار الجسيمة التي تمس بحياة الافراد والمجتمع بصفة عامة.
وإذا كان الهدف من التعويض العقابي هي الردع والعقاب فان القول بإمكانية التامين عليه قد ينفي هذه الغاية طالما ان بإمكانه ان ينتقل عبء التعويض المتوجب عما صدر عنه من فعل ضار الى المؤمن بمعنى ان من الصعب منطقيا قبول التامين على احتمالات التعويض العقابي دون ان تتقاطع مع الفرضية الأساسية التي يقوم عليها ذلك التعويض وهي العقوبة والردع وقد يرد على ذلك ان احكام الفعل الضار وان كانت تهدف الى جبر الضرر من خلال التعويض إلا انها تسهم أيضا في ردع محدث الضرر وتنبيهه من خلال الزامه بالتعويض بأن مثل هذا العمل موجب موجبا لمسؤوليته بالتعويض[45]
ان من المبادئ الأساسية التي تأسست عليها قوانين التأمينات كونها تغطي الاضرار التي يكون امر حدوثها مرهون بالاحتمالية ولا يعتبر الفعل القصدي او العمدي[46] الموجب للتعويض العقابي من قبيل الاحتمال او الصدفة.
وبما ان الغرض من التعويض العقابي هي العقوبة والردع فهذا الغرض يتعارض مع التأمين لانه لو اخذنا بجواز التامين من التعويض العقابي لانتفت الغاية من هذا الوظيفة العقابية لهذا التعويض.
ومن وجهة نظرنا فاننا نرى انه يستحسن ان منع التامين من التعويض العقابي في بعض الحالات وذلك إذا تعلق بمسؤولية المتبوع عن تابعه وهذا فيه وقاية واستباق سيدفع المسؤولين عن الغير الى ممارسة قدر أكبر من الحرص والعناية في اختيار مستخدميهم ومراقبتهم وذلك لمنع وقوع اضرار اثناء مزاولة المهام.
المطلب الثاني: مدى إمكانية تنفيذ الاحكام القضائية الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية في البلدان ذات التوجه اللاتيني
إذا كان الحكم الأجنبي مبدئيا هو الذي يصدر باسم سيادة اجنبية، فهناك احكام تصدرها محاكم قضائية مشكلة تشكيلا صحيحا في إقليم دولة ذات سيادة. ويراد تنفيذها في إقليم دولة أخرى وقد يكون في منازعات مدنية وتجارية، فلا شك الان الامر لا يثير أي اشكال إذا كان اتفاقيات ثنائية او توفر شرط المعاملة بالمثل.
وفي هذا الصدد انقسمت المحاكم العليا (النقض) في بعض الدول الاوربية التي تأخذ بنظام المدرسة اللاتينية والجرمانية الى ثلاث اتجاهات بين اتجاه يرفض مطلقا إعطاء صيغة التنفيذ لهذه الاحكام الأجنبية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية كالمحكمة العليا الفيدرالية الألمانية والمحكمة العليا الإيطالية، في حين ذهب اتجاه أخرى الى اتخاذ مواقف أكثر مرونة في التعاطي مع الاحكام الأجنبية كالتشريع الفرنسي بالإضافة الى الاتجاه الثالث الذي يؤيد تنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويض عقابيا.
الفقرة الأولى: المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية
ترفض هذه المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية تنفيذ الاحكام على الاطلاق وترى المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية رفضها تنفيذ الاحكام التي تمنح تعويض عقابي على أساس ان الغرض من هذا التعويض يكون ضد المبادئ الدستورية، وتؤكد ان الغرض من المسؤولية المدنية في المانيا هو مجرد تعويض الضرر فمن اجل منح التعويض الذي يتضمن عناصر العقاب والردع هي من مهام الدولة التي تقتضي احترام المبادئ الدستورية الصارمة، مثل مبدأ الشرعية، وحظر العقاب على الفعل مرتين. ومبدأ احترام القانون والأمن.[47]
وهذا هو السبب في الحكم الصادر بتاريخ 4 يونيو 1992 والمعروف اختصارا (BGH)[48]. حيث اكدت المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية ا نه لا ينبغي الاعتراف بالتعويض العقابي أو تنفيذه بسبب الطبيعة غير المتناسبة للتعويض وعدم المساواة في المعاملة للدائنين، وذهب بعض الفقهاء الى القول بأنه لا يمكن للمحكمة الألمانية ان تمنح التعويض العقابي عند تطبيق القوانين الأجنبية حيث ان التعويض العقابي يتعلق بالنظام العام[49]
الفقرة الثانية: المحكمة العليا الإيطالية
ذهب المحكمة العليا الايطالية في قضية Parrot v. soc Fimez 2007 والتي تتلخص وقائعها ان السيدة هاريت باروت قد حصلت على حكم قضائي لصالحها من أحدى المحاكم الامريكية يمنحها تعويضا مقداره مليون دولار ضد احدى الشركات الإيطالية المصنعة لواقيات الرأس (crash helmet) لسائقي الدراجات النارية بعد ان وجدت المحكمة ان ثمة عيوب تصنيعية في هذه الواقيات والكلابات وأن هذه العيوب هي السبب الرئيسي الذي أدى الى وفاة ابن السيدة هاريت , رغم رفع الدعوى من قبل السيد هاريت امام المحكمة الابتدائية بالبندقية والتي رفضت المطالب المتعلقة بالتعويض العقابي وايدت ذلك الحكم محكمة الاستئناف مما دفع المتضررة من رفع دعوى النقض امام المحكمة العليا والتي اجابت بنقض طلبات النقض الرامية الى ابطال الحكمين للمحاكم الدراجة الأولى والثانية , وجاء في حيثيات حكمها بأن" نظام المسؤولية المدنية في إيطاليا ذو طابع تعويضي لا عقابي ومن تم فان مثل هذه التعويضات العقابية تعد مخالفة للنظام العام وتتعارض مع المبادئ الأساسية في تعويض الضرر في نطاق المسؤولية المدنية والتي لا تمنح تعويضا الا لجبر الضرر عن ضرر قد لحق به فعلا[50].
الفقرة الثالثة: محكمة النقض الفرنسية
فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في مسار أكثر مرونة اتجاه الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية وهذا لا يعتبر قبول بتعويضات العقابية بهذا الشكل وانما وضعت محكمة النقض قاعدتين رئيسيتين تؤطران امكان التعامل القانوني مع التعويضات العقابية، الأولى اكدت فيه بان مبدأ التعويضات العقابية لا يخالف النظام العام الدولي الفرنسي، ما يمكن قبوله ضمن هذه المنظومة ما لم تكن هذه التعويضات عقابية، والقاعدة الثانية معيبة بالمبالغة في تقديرا لتي تصل الى الافراط.
ونشير الى القضية المعروفة بقضية شركة متخصصة في صناعة القوارب ste foutaine Pajot والامر يتعلق باتفاق تعاقدي وقع في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية بتاريخ يونيو 1999 بين الزوجين الأمريكيين M Peter Mme Julie وشركة ste Foutaine pajot الفرنسية لصناعة القوارب وتعهدت فيه الشركة بتسليم القارب الخاص بهما وبعد التسليم تبين للزوجين ان الشركة اخفت العيوب التي لحقت القارب قبل تسلمهما والذي اعتبرته المحكمة العليا في كاليفورنيا في قرارها المؤرخ بتاريخ 26 فبراير 2003 تصرفا غير مسؤول بصل الى حد الغش الذي يعرض حياة المشترين وأولادهم للخطر واستنادا على ذلك قضت المحكمة بالزام الشركة الفرنسية دفع 3252734 دولار يتضمن تجديد القارب وكذا اتعاب المحامي بالإضافة الى تعويضات عقابية,
ولدى محاولة الزوجين بتاريخ 3 أكتوبر 2003 بتنفيذ الحكم القضائي امام المحاكم الفرنسية رفضتا كل من المحكمة الابتدائية والاستئناف تنفيذ هذ الحكم الأجنبي المتضمن فقرات تتضمن تعويض عقابي ورغم رفع دعوى نقض من قبل الزوجين والتي اعادته بدورها الى محكمة الاستئناف , ونقض مرة ثانية من نفس الأطراف بحيث تصدت محكمة النقض الفرنسية شكلا موضوع للدعوى , وأكدت في قرارها ان كان مبدأ الامر لا يتعارض في حد ذاته مع النظام العام الدولي الفرنسي فان الامر سيكون مختلفا تماما عندما يكون المبلغ الممنوح , غير متناسب مع الضرر الذي لحق بالدائن (المضرور) وطبيعة تقصير التزام المدين بالتزاماته التعاقدية , وبتالي ان كان الأصل قبولها الا انه لا يجب المبالغة في تقديرها ما يلزم بتقييد تطبيقها بمبدأ التناسبية. بين الضرر والتعويض والفعل المرتكب[51]. رغم هذه المواقف التي لا تعكس حقيقتا الواقع التشريعي برجوع الى القوانين الخاصة في فرنسا نجد ان هناك بعض التطبيقات للتعويض العقابي كما هو الحال في القانون البحري , حيث نصت المادة 9 مكرر 2 من قانون 3 يناير 1969 على ان "القبطان الذي يشحن على سفينته بضائع لحسابه الخاص , دون اذن مكتوب يستحق عليه لهذا الأخير غرامة تعادل ضعف الأجرة المستحقة عن شحنته, بالإضافة أيضا الى قانون التامين الفرنسي , وهذا ضمن الاعفاء من التامين من المسؤولية في حالة الغش , حيث نصت المادة L-113-1 من نفس القانون بأن " المؤمن لا يكون مسؤولا عن الخسائر والاضرار الناجمة عن مخالفة الشخص المتعمد له أو الغش , فهذه المادة تحظر التامين ضد الخطأ العمدي أو التدليس , وذلك من اجل حرمان المسؤول من ان يتخذ من نظام التامين ضد المسؤولية المدنية ذريعة لتملص من الاضرار المرتكبة نتيجة غش او تدليس وهذا يعتبر في حد ذاته عقوبة خاصة تجعل من المسؤول هو المتحمل الوحيد للتعويض عن الخطأ.
الفقرة الرابعة: الاتجاه المؤيد لتنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضا عقابيا
أولا: موقف القضاء الاسباني
اما المحكمة العليا الاسبانية فكان لها رأي فريد مقارنة مع باقي المحاكم العليا الاوربية التي تحفظت بشأن مسألة إعطاء الصيغة التنفيذية للإحكام الأجنبية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية وبذلك اعتبرت المحكمة العليا الاسبانية في حكم لها بأنه " لا يمكن الإشارة الى التعويض العقابي باعتباره نظاما يهاجم النظام العام وبررت المحكمة العليا قرارها بالإشارة الى الطابع الدولي للقضية وعلاقتها باسبانيا ويعتقد ان هذا هو انعكاس للنظرية التي تعدل شدة استثناء النظام باعتباره عائقا امام الاعتراف بالإحكام الأجنبية[52] .
كما عبرت المحكمة العليا الاسبانية بالفعل بعبارة لصالح التعويض العقابي عندما ذهبت الى القول بانه
«يمكن ان تعتبر أن التعويض العقابي يستخدم كجانب من جوانب القانون الخاص لتعويض النقص في القانون الجنائي[53]
والتساؤل المطروح من اخلال ما أسلفنا ذكره حول هذا الاشكال هو مدى إمكانية تنفيذ حكم أجنبي يتضمن في فقراته تعويضات عقابية وعرض تنفيذه امام المحاكم المغربية؟ وفي حالة وقوع مثل هذه الفرضية هل يتعارض ذلك مع فكرة النظام العام وهي احدى الشروط الواجبة لتنفيذ الاحكام الأجنبية وفقا للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية؟
بالرجوع الى مقتضيات قانون المسطرة المدنية[54] ينص الفصل 430 منه " لا تنفذ في المغرب الاحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية الا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن او محل إقامة المدعى عليه او لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.
ثم جاء المشرع في الفقرة الثانية من نفس الفصل ووضع شروطا لإتمام إجراءات التنفيذ بحيث جاء اللفظ بأمر الوجوب فقال " يجب على المحكمة التي يقدم اليها الطلب ان تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته , وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي , ونشير ان الفقه لم يتفق على معيار واحد للتفريق بين القواعد الامرة والقواعد المكملة , فان هناك معيارين اثنين الأول يعتبر معيارا شكليا او لفظيا وهذا ما جاءت به صياغة الفقرة الثاني من الفصل 430 من ق م م واما المعيار الثاني فهو المعيار المعنوي او الموضوعي , والسبب في صعوبة المعيار الأخير يرجع بالأساس الى صعوبة تحديد مفهوم النظام العام الذي يعتبر من المفاهيم المرنة التي يصعب تحديدها تحديدا دقيقا[55] , ويمكننا القول بان ما يمكن اعتباره من النظام العام في المغرب قد لا يعتبر كذلك من النظام العام في دولة أخرى او العكس , باعتبار ان النظام العام يرتبط بالكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والخلقي الذي تقوم عليه أي دولة, ونشير في الأخير على ان هذه المسألة لم تثر في القضاء المغربي حسب علمنا , علما ان كل الاحتمالات واردة وذلك يرجع للاعتبارات متعددة من بينها ان السلطة القضائية ابرمت اتفاقيات ثنائية مع عدة دول اجنبية كما ان هناك مبدأ يحكم العلاقات بين الدول وهو مبدأ المعاملة بالمثل بالإضافة الى سعي الدولة الى ابرام اتفاقيات تهم الاستثمار والتجارة والإدارة في اطار مشاريع كبرى ولا شك ان المنازعات بين الشركات والمؤسسات سواء الوطنية والأجنبية امر حتمي تفرضه التقلبات والأزمات الدولية وكذا طبيعة العلاقات التعاقدية بين الأشخاص الاعتبارية وكذا الأشخاص الذاتية من جانب اخر. وبالرجوع الى فرضيات تنفيذ الحكم الأجنبي المتضمن تعويضات عقابية في دولة تنهل من المدرسة اللاتينية،
ثانيا: موقف القضاء اللبناني
وبالرجوع الى قرار محكمة الاستئناف اللبنانية رقم 592 بتاريخ 10/05 2016 , ببيروت وهي القضية المعروفة "جوني سعادة ورفيقته جاك/جاك سعادة ورفاقه, حيث فصل القضاء اللبناني للمرة الأولى في مدى منح المحاكم اللبنانية المختصة الحكم الأجنبي الذي يقضي بتعويض عقابي الصيغة التنفذية والاعتراف به على الأراضي اللبناني , وفي نفس التوجه الذي ذهبت فيه محكمة النقض الفرنسية في موقفها الذي اشرنا اليه انفا , توصلت محكمة الاستئناف اللبنانية الى نفس النتائج , وشددت على مبدأ التناسب بين خطأ المرتكب وضرر المتضرر , من حيث التأكيد ان التعويض العقابي , وان كان لا يجد له أسس في النظام القانوني اللبناني , الا انه لا يخالف في حد ذاته النظام العام الدولي اللبناني , لانه لا يمس من حيث المبدأ , الأسس القانونية القائم عليها هذا النظام والمجتمع اللبناني , الا ان يكون الامر يخالف ذلك ,اذا رأت المحكمة بداهة ان قيمة هذا التعويض مبالغ فيه بصورة فادحة , بشكل يختل معه التوازن مما يفقد حق التقاضي احدى غاياته الأولى , وهي احقاق الحق وتأمين العدالة , بتوازن بين خطأ المرتكب وضرر المتضرر , وذلك نتيجة الافراط في معاقبة الخطأ, مما يخالف النظام العام الدولي اللبناني المبني على تلك المبادئ[56].
نشير في الأخير ان التشريعات العربية لا تأخذ بمبدأ التعويض العقابي، الا ان ذلك لا يمنع من وجود بعض القوانين الخاصة فإنها تأخذ بتطبيق هذا النوع من التعويض فقد نظم المشرع العراقي في قانون النقل رقم 80 لسنة 1983 حيث نصت المادة 18 من الفقرة الثاني " على انه إذا استقل الراكب واسطة النقل دون دفع الأجرة أو تهرب من دفعها إذا كانت مستحقة الدفع اثناء النقل فيلزم بدفع الأجرة مضاعفة على ان لا تقل عن خمسة دنانير".
خاتمة:
الاستنتاجات والمقترحات التي توصلنا اليها من خلال هذا البحث:
ان الغاية من كتابة هذا البحث هو تسليط الضوء على مبدأ قانوني يعرف لدى المدرسة الانجلوساكسونية بالتعويض العقابي، كما عارضته التشريعات التي تنهل من المدرسة اللاتينية باعتباره خروجا عن ثوابت نظام المسؤولية المدنية.
لأن الوظيفة الإصلاحية للمسوؤلية المدنية في النظام اللاتيني أداة لتعويض وجبر الضرر.
وبفعل التطورات الاقتصادية والتكنولوجية أصبحت قواعد المسؤولية فيما يتعلق بتعويض متأخرة ولا تواكب التطور الذي تشهده البشرية على كافة الاسعدة، فاصبحت لا تحقق لنا الردع المطلوب في ظل توسع مجال التأمين، وامام السلوكيات والاخطاء ذات طبيعة خاصة كالاخطاء المربحة بحيث يقتضي ان يكون الجزاء بقدر جسامة الخطأ.
الاستنتاجات
1أن التعويض العقابي هو جزاء مدني مستقل, ويختلف عن التعويض الجابر للضرر المعروف بالتعويض الكامل, فهو نظام استثنائي لا يلجأ له القاضي المدني الا في نطاق محدد وفي أحوال معينة لاسيما اذا تعلق الامر باخطأ مربحة في مجالات المتعلقة بالملكية الفكرية والعلامات التجارية, والمنافسة غير المشروعة وكذا ما يتعلق بالاعتداء على الحياة الخاصة عبر الصحف والمجلات, بالإضافة الى مجال الاضرار المنتشرة كالبيئة والاضرار التي يسببها المنتح للمستهلكين.
2 كما ان التعويض العقابي يطرح مشكلات
-مشكلة التامين ضد التعويض العقابي، علما ان التوجه العام للمحاكم الامريكية والكدنية والانجليزية لا يعترف بالتأمين ضد هذا النوع من التعويض العقابي.
بالإضافة الى مشكلة تنفيذ الاحكام الأجنبية المتضمنة تعويضات عقابية في الدولة التي لا تتبنى فكرة التعويض العقابي، فبخصوص هذا الامر لا يطرح أي اشكال إذا ما تعلق الامر بدول الانجلوساكسونية فان الامر له ضوابطه ومبادئه التي تأخذ بها هيئة المحلفين،
اما على مستوى النظم اللاتينية فان تنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية فهناك انقسام على مستوى الفقه والمحاكم في محاكم الدول الاوربية والتي أشرنا اليها بين مؤيد ومعارض وهناك من له توجه مرن.
المقترحات:
كما هو ملاحظ فان المشرع المغربي خطى خطوات جريئة في تحديث ترسنته التشريعية التي تهم الاقتصاد والتجارة والصناعة والاستثمار والرقمنة كل ذلك يتطلب سياسية تشريعية استباقية متطورة تراعي الظرفية التي يمر بها العالم باعتبار ان المشرع انفتح اقتصاديا واستثماريا وقضائيا على العديد من الدول لاسيما في السنوات الأخيرة ابرم عدة اتفاقيات مع دول انجلوسكسونية كامريكا وبريطانيا وكندا, وهذا يجعلنا نقترح تعديلات جزئية في القوانين الاقتصادية كقانون المنافسة وقانون المستهلك والتجاري والملكية الفكرية والصناعية , ونظرية العامة للالتزام تخول للقاضي في أحوال معينة ونطاق معين الحكم بتعويض عقابي تضاف الى التعويض الجابر للضرر, وذلك بغيت التصدي للاعتداءات والسلوكيات التي تمس بالثقة وحسن النية والامن الاجتماعي والنظام العام في اطار المعاملات التعاقدية او في اطار الاخلالات العامة بالقانون,
ونقترح الحالات التي يجب على القاضي الحكم بهذا التعويض العقابي وتكون على سبيل الحصر
1 إذا نتج عن الاخطأء المرتكبة أرباح تعود بالفائدة الى المسؤول في قضايا التقليد او التشهير باي شخص لغرض زيادة المبيعات، وكذا الاخلال بالعقود من جانب واحد بغيت الحصول مبلغ أكبر
2 إذا تعلق الامر بالنشاطات اقتصادية وتجارية سببت اضرار جسيمة لعدد كبير من المواطنين
3 كما نقترح ادخال تعديل على مدونة التأمينات ان لا يشمل التامين هذا النوع من التعويض العقابي
لائحة المراجع:
ان الغاية من كتابة هذا المقال هو تسليط الضوء على مبدأ قانوني او فكرة قانونية تعرف لدى الأوساط الفقهية في النظام الانجلوساكسوني بالتعويض العقابي والذي يعتبر أكثر الجوانب المغفلة في نظام المسؤولية المدنية في المدرسة اللاتينية ولا شك ان من درس في الجامعات التي تنهل من المدارس اللاتينية سيرى ان هذا المبدأ هو متناقض في حد ذاته لانه يجمع بين امرين لا يمكن الجمع بينهما علما ان هذا المبدأ يجد له أسس وقواعد في القوانين القديمة بالإضافة الى الفقه الاسلامي[1] .
ان الوظيفة الأساسية للمسؤولية المدنية هو التعويض لجبر الضرار وارجاع الحال الى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وقد تأثر قانون الالتزامات والعقود المغربي لسنة 1913 بنظيره الفرنسي، وقد نظم المشرع قواعد المسؤولية التقصيرية معتمدا على مبدأ المسؤولية الشخصية التي تقتضي اثبات الخطأ لقيامها واستحقاق التعويض لجبر الضرر , دون مؤاخذة المخطأ ومعاقبته لجسامة خطأه , باعتبار ان دور العقاب يقوم به القانون الجنائي.
وكما هو معلوم ان التطور من سنن الله في خلقه، فالتقدم السريع الذي شهده العالم على كافة المستويات وبالأخص الجانب الاقتصادي والتكنولوجي، والذي نتج عنه ظهور أخطاء مربحة واضرار جديدة تتسم بالعمد وللامبالاة والتهور، وذلك يعود بالدرجة الأولى الى التراجع الأخلاقي الذي بات مظهرا مألوفا في المجتمع مما دفع جانبا من الفقه الى القول بعودة الأفكار العقابية[2] .
يعرف التعويض بشكل عام بأنه الجزاء الذي ترتبه المسؤولية المدنية على المسؤول نتيجة الضرر الذي ألحقه بالضحية[3]. ويؤدي التعويض المدني وظيفتين أساسيتين، أولهما وظيفة الجزاء الإصلاحي وهي جبر الضرر، وثانيهما هي وظيفة الجزاء الردعي[4]
تعددت تعاريف الفقه التي تناولت مفهوم التعويض العقابي وسنقتصر فقط على جانب من الفقه[5] حيث عرف التعويض العقابي بانه تعويض إضافي يمنح القاضي المدني للمضرور ليجاوز في مقداره ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من خسارة وما فاته من كسب.
ومع تصاعد الاضرار الناجمة عن الأفعال غير المشروعة وتصاعد وتيرة الدعوى القضائية فتح النقاش الفقهي وكذا القضائي والقانوني حول الازمة التي يعاني منها نظام المسؤولية المدنية وعجز الوظيفة الاصلاحية على مواكبة التطورات الاقتصادية، مما حدا بالعديد من التشريعات المتقدمة الى ابتكار مبادئ متطورة مثل مبدأ الحيطة وكذا مبدأ الوقاية بالإضافة الى فكرة التعويض العقابي[6]
التي أصبحت محل نقاش فقهي على مستوى الاتحاد الاوربي بل ذهبت المحكمة العليا بايطاليا بعد تحول ملحوظ والذي أظهرت تغييرا في موقفها تجاه قبول هذه التعويضات العقابية[7] مما جعل الدول الانخراط في الإصلاحات التشريعية , نتج عنه نقاشات فقهية وممارسات قضائية مما حدا ببعض الفقه الى رصد هذا البعد العقابي في القوانين الحديثة كالتشريع الفرنسي[8] والذي أعاد الاعتبار للخطأ في اطار المسؤولية المدنية بحيث ان جانب كبير من الفقه جزم على ان دور الخطأ تراجع بعدما كانت المسؤولية مبنية على اساس ركن الخطأ كقاعدة عامة , وذلك تطبيق للقاعدة الفقهية حسب دوما " لا خطأ بدون مسؤولية ", الا انه مع بروز عوامل قانونية واقتصادية واجتماعية ساهمت في ظهور ما يعرف بالمسؤولية الموضوعية المبنية على ركن الضرر الذي يسهل إثباته إلا انه مع توسع الاحكام القضائية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية في الدول الانجلوسكسونية والذي تأثرت به بعض الدول ذات الفكر اللاتيني والجرماني كفرنسا وألمانيا , مما انعش او احيا دور الخطأ من جديد ليفرض نفسه في المعادلات القانونية وكذا المعادلات الاقتصادية في مناخ الاعمال والمنافسة والملكية الفكرية والصناعية , كل ذلك يفتح الباب الى التفكير من جديد حول الفسلفة التشريعية المتخذة من قبل الدول لإعادة النظر في الترسنة القانونية في ظل المنافسة القوية على الأسواق العالمية وتوجه التشريعات الى تطوير مناخ الاعمال ورفع من الاستثمارات الوطنية والأجنبية
المسؤولية المدنية بوجه عام من اهم المؤسسات داخل منظومة القانون بحيث انه لا يخلو قانون ما إلا وأحال على مقتضياتها وأصبحت امرا لصيقا بأي شخص سواء في إطار المهام الموكولة اليه او في نشاطه المهني والتجاري، بل ان الامر يمتد الى كافة المجالات في ظل التزايد استخدام الذكاء الاصطناعي
ان الحديث اليوم عن ان القواعد القانونية ذات جودة عالية تتسم بالوضوح والتوقع كافي لتسيير وضبط السلوك المجتمعي بل اثبت التجارب قديما وحديث ان الامر يتطلب وجود ضمير حي وحس المسؤولية لدى افراد المجتمع فالعامل الأخلاقي أصبح ضرورة أكثر من أي وقت مضى. ولا ادلى على ذلك فان الدول الرائدة خصوصا الانجلوسكسونية[9] نجد ان معدل الاضرار غير المشروع الناتجة عن سلوكات الافراد سواء كانو اعتباريين او ذاتيين في ارتفاع متزايد، وهو ما وسع من انتشار فكرة التعويضات العقابية في الأوساط القانونية والاقتصادية والتي نصت عليها القوانين ومنها من نصت عليه في مصاف الوثائق الأساسية كإقليم كيبيك بكندا[10] وكرست محاكمها هذا المقتضى من خلال الممارسة العملية. ان المتتبع لتطور المسؤولية المدنية عبر مراحلها المتعددة توجت اراء الفقه ومعه القضاء الى الحديث والجزم الى الانتقال من مسؤولية مبنية على خطأ واجب الاثبات الى مسؤولية موضوعية مبنية على ركن الضرر[11] بسبب سهولة الاثبات بحيث ان التشريعات اقتنعت بان الخطأ يصعب اثابته بالنسبة للأضرار المستحدثة كالأضرار البيئية والأضرار الناتجة عن المنتجات المعيبة وقانون المنافسة والملكية الصناعية بالإضافة الى قانون الاستهلاك الذي يهم اغلب شرائح المجتمع في ظل اللاتوازن بين اطراف العلاقة الاقتصادية ,فالكثير من المهتمين خلصو الى تراجع ركن الخطأ امام ركن الضرر في تأسيس المسؤولية المدنية انطلاقا من التطورات التي شهدها العالم بعد توالي الازمات الاقتصادية والصحية والمناخية، ومن المسلم بان النظام القانوني المغربي يعتنق فكر المدرسة اللاتينية , ولعل ذلك هو سبب ندرة الكتابات والأبحاث الفقهية المغربية فيما يتعلق بمبدأ التعويض العقابي باعتبار هذا الأخير نشأ في أحضان المدرسة الانجلوامريكية والدول الاسكندنافية.
من هذا المنطلق تظهر اهمية الموضوع المتمثل في المقام الأول في توجهات المشرع المغربي لتهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية , من خلال اصدار العديد من القوانين تهم منظومة الاستثمار كقانون صندوق محمد السادس للاستثمار بالإضافة الى ميثاق الاستثمار وتعزيز القضاء المتخصص و اصلاح المراكز الجهوية للاستثمار , كما ان الدولة دخلت في عدت شراكات اقتصادية متنوعة واتفاقية تجارية ثنائية ولم يقتصر فقط على الشركاء التقليديين بل في اطار الانفتاح والتنوع اصبح المغرب له شركاء من اسيا وأستراليا وبريطانيا وكندا[12] . وبتالي فاني تبني مبدأ التعويض العقابي سيعزز من فرص خلق بيئة قانونية مناسبة تتلاءم مع القواعد القانونية المقارنة، وهذا سيعزز من صلاحيات القضاء ويعطيه الشرعية لتذييل الاحكام الأجنبية بصيغة التنفيذية خصوصا إذا ما علمنا ان هناك فرضيات تنفيذ احكام اجنبية تتضمن في طياتها تعويضات عقابية وعليه سيجد القاضي ما يسعفه لتطبيق القانوني وتفادي الإشكالات التي ظهرت على مستوى الممارسة القضائية المقارنة[13]
كذلك تظهر الأهمية لدور التعويض العقابي في ردع مرتكب الفعل الضار مما يجعله لا يفكر في تكرار نفس الفعل الضار في المستقبل ناهيك عن عدم تجرئ الغير على ارتكاب مثل هذه الاضرار، ودراسة هذا الموضوع يوضح لنا مدى قصور القواعد التقليدية المنظمة للمسؤولية المدنية بوجه عام في القانون المغربي للتصدي لكثير من الممارسات الضارة وعلى وجه الخصوص ارتفاع المنازعات امام القضاء بشكل عام علما ان اغلب الاضرار هي مؤمن عليها من قبل مؤسسات التامين وبتالي فان فعالية قواعد المسؤولية تبقى محدودة , مما ينعكس سلبا على حقوق المتضررين[14] , وبناء على ما تقدم فاننا نقترح الإشكالية التالي :
- ما مدى تأثير مواقف المحاكم في النظام اللاتيني بالاخذ بفكرة التعويض العقابي ومستقبل ذلك على التشريعات ذات النظم اللاتينية؟
ثانيا: ماهي خصائص التعويض العقابي؟
ثالثا: ماهي أنواع التعويض؟
رابعا: ما هو نطاق تطبيق التعويض العقابي والمشكلات من حيث التطبيق؟
بناء عليه سنعتمد التصميم التالي:
المبحث الأول: ماهية التعويض العقابي ومجالات تطبيقه
المبحث الثاني: المشكلات التي تواجه تطبيق فكرة التعويض العقابي وموقف المحاكم العليا في النظم اللاتينية
المبحث الأول: ماهية التعويض العقابي ومجالات تطبيقه
يجب لتسليط الضوء حول مفهوم التعويض العقابي علينا التطرق الى تعريفه اللغوي والاصطلاحي له بعد الاطلاع على تعريفات الفقه والقضاء.
المطلب الأول: مفهوم التعويض العقابي
الفقرة الأولى: التعويض في اللغة
التعويض والعوض مفرد الاعواض ويقال عاض أي عوضه تعويضا وعاض أي أعطاه العوض واعتاض وتعوض أي اخذ العوض واستعاض أي طلب العوض[15].
والتعويض هو الخلف او البدل فيقال اخذت الكتاب عوضا عن مالي أي بدلا عنه، واعتاض أي اخذ البدل، واعتاضني فلان إذا جاء طالبا العوض[16]
تعريف التعويض العقابي اصطلاحا
ورد في كتب الفقه تعريفات عديدة للتعويض العقابي، أغلبها تؤكد بانه التعويض الذي يتقرر كعقاب لمرتكب الفعل الضار لردعه وردع الاخرين عن اقتراف مثل هذا السلوك الشائن في المستقبل، بالإضافة الى التعويض الجابر للضرر، وذلك عندما يكون فعل المدعي عليه ناتجا عن اهمال شديد او غش او تهور [17].
كما ان هناك محاولة من بعض الشراح وفقهاء القانون في التشريعات العربية والمقارنة تعريف التعويض العقابي منها ما عرفه الفقه الإنجليزي بانه "حكم بمبلغ من النقود يحكم به للمدعي الى جانب التضمينات التعويضية لعقاب او ردع المدعى عليه وردع الاخرين[18].
كما عرفته المحكمة العليا الامريكية التعويض العقابي بانه" غرامة خاصة تفرض عن طريق هيئات المحلفين المدنية لمعاقبة السلوك الشائن ومنع حدوثه مستقبلا[19].
وأخيرا، فقد عرفه جانب من الفقه العربي بطريقة اعم بانه" تعويض يمنح بالإضافة للتعويض عن الضرر المتحقق، ويمنح عندما يكون فعل المدعى عليه ناتجا عن اهمال شديد، او حقد، او غش، او تهور، لغرض عقوبة على المعتدي أو جعله مثالا للاخرين[20]
ويبدو لنا من خلال التعاريف السابقة ان دور التعويض العقابي ليس جابر للضرر فقط وانما له وظيفة إضافية وهي عقاب مرتكب الفعل الضار بسبب سلوكه إذا بلغ الفعل الضار حد معينا من الجسامة[21]
الفقرة الثانية: لمحة تاريخية عن نشأة التعويض العقابي
لا شك ان القانون في العهد الجديد ماهو الا امتداد لتراكم الممارسات التي اعتنقتها الشرائع القديمة ومن بين هذه المبادئ التي كانت سائدة آنذاك فكرة التعويض العقابي. والغريب ان الحديث اليوم على هذه الفكرة بمفهومها الحديث المتطور الذي كرسته الأنظمة الانجلوسكسونية من خلال السوابق القضائية والأعراف , وكأن هذه الفكرة تم صياغته حديثا لوجود معارضة شديد لهذا المبدأ الذي لا يملك من العقوبة الا الاسم , وقد كان المسؤولية المدنية في الأصل عبر الأزمنة لها دور عقابي بجانب دورها الإصلاحي في جبر الضرر واستمر الوضع الى غاية الفصل بين المسؤوليتين المدنية والجنائية عن اصدار اول مدونة في العهد الفرنسي سنة 1804 مما ساهم في تراجع دور الخطأ الذي كان يلعب دورا محوريا في تحديد المسؤولية وجعل المسؤولية قائمة على أساس الضرر بغض النظر عن ارتكاب المسؤول خطأ من عدمه واعتبر ذلك من الثوابت التي لازالت مستعصية في المدرسة اللاتينية,
ونشير الى ان بداية كانت الشرائع القديمة يحكمها مبدأ الانتقام الفردي مرورا بالدية، كما ان التعويض العقابي كان هو السائد في قوانين مثل قانون حمورابي[22] وقانون المصري الفرعوني، كما شهد القرن السابع والثامن قبل الميلاد في القانون الروماني الاخذ بقوانين يغلب الطابع العقابي في المسؤولية، بالإضافة الى ان التعويض كان له صفة عقابية فقد ورد في هذه القوانين مضاعفة التعويضات، حيث وجدت بعض العقوبات التي تلزم المعتدي بدفع تعويض يعادل ضعف او أربعة اضعاف قيمة الضرر[23]
الفقرة الثالثة: خصائص التعويض العقابي
التعويض العقابي هو تعويض من نوع خاص جاء استثناء على مبدأ التعويض الكامل وبتالي فهو يتميز بالعديد من الخصائص أهمها
1 التعويض العقابي تعويض استثنائي
فسلوك الفاعل يجب ان يكون استثنائيا وهذا يعني ان المحكمة وهي بصدد منح هذا النوع من التعويض فانها تأخذ بعين الاعتبار بالدرجة الأولى سلوك المدعى عليه اكثر من النظر الى مدى الضرر الذي احدثه وهذا يمثل خروجا عن عن القواعد العامة في جبر الضرر التي يحكمها مبدا التعويض الكامل او تناسب التعويض , وكنتيجة لهذه الصفة الاستثنائية انه لا يجوز منح تعويض عقابي الا في أحوال خاصة يستشعر القاضي فيها الحكم به عندما يكون حجم التعويض وفقا لمبدأ التعويض الكامل غير كافي, وهذا ما أكدته المحكمة العليا بكندا في حكمها الصادر 22 فبراير 2002 في قضية whiten .v.pilot insurance co " أن التعويض العقابي موجه الى سلوك المدعى عليه فالهدف ليس تعويض المدعي بل لمعاقبة المدعى عليه .فهو الوسيلة التي تعبر بها هيئة المحلفين او القاضي عن غضبها من السلوك الفادح للمسؤول.
ومن هنا يمكن اعتباره تعويض العقابي تعويض إضافي يغطي لنا القصور في القواعد العامة للتعويض الكامل وبهذا يحقق لنا العدالة المطلوبة في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية
اما في إقليم Québec التابع لكندا فان ميثاق الحقوق والحريات ص في المادة 49 منه على التعويض العقابي فقضت (بأن الاعتداء غير المشروع على حق او حرية من الحقوق او الحريات التي يعترف بها هذا الميثاق، يخول ضحية هذا الاعتداء الحق في المطالبة بوقف هذا الاعتداء وبتعويض الضرر الادبي أو المادي الذي نتج، ويجوز للمحكمة أيضا في حالة الاعتداء غير المشروع والعمدي، ان تقضي ضد مرتكبه بتعويض عقابي (.[24]
كما نصت المادة 1621 من القانون المدني[25] لإقليم كيبيك بشأن تقدير مبلغ التعويض العقابي على انه:
(عندما ينص القانون على جواز الحكم بتعويض عقابي، لا يمكن ان يتجاوز القيمة، ما يكفي لضمان وظيفته العقابية، ويتم تقييمها في ضوء جميع الظروف المناسبة، بما في ذلك جسامة خطأ المدين، ووضعه المالي، ومدى التعويض الذي كان مسؤولا عنه تجاه الدائن، كما يراعي عند الاقتضاء تحمل الغير بعبء الوفاء بالتعويض كليا أو جزئيا، فهدف التعويض العقابي هو تحقيق الوظيفة العقابية عن طريق عقاب المسؤول.
2 التعويض العقابي تعويض شخصي
يمنح هذا التعويض عندما يصيب الضرر مصالح شخصية للمضرور أي لمن سبب له ضررا في المشاعر وله عدة صور أهمها إيذاء المشاعر والإهانة والحط من الكرامة والاذلال ويترتب عن ذلك كونه تعويضا شخصيا فان الأشخاص الاعتبارية كالشركات والهيئات والمؤسسات لا يمنح لها مثل هذا التعويض اذ ليس لديها مشاعر إنسانية ومع ذلك فقد صدر حكم بتعويض احدى الشركات المحدودة ولكن جاء التعويض العقابي اقل مما حكم للأشخاص الذاتيين لكون المحكوم له شخص اعتباري
3 التعويض العقابي تعويض تحكمي
حيث لمحكمة الموضوع سلطة واسعة في تقرير ظروف منحه وحجمه وهذا ما أكدته محكمة النقض الاتحادية العراقية في أحد قراراتها بان "قيمة الاضرار مسألة وقائع تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية
4 التعويض العقابي لا يشمله التأمين
ففي إنجلترا التعويض العقابي غير قابل للتغطية التأمينية لدى غالبية الفقه والقضاء فلو كان المسؤول سبق وان أمن على مسؤوليته فان المبلغ الإضافي الممنوح للمضرور على حساب المسؤول كتعويض عقابي يجب ان تتحمله ذمة المسؤول وليس شركة التأمين،
لان في نقل عبء دفع التعويض العقابي من عاتق المسؤول الى عاتق الشركة المؤمنة فيه للغاية من فرض تعويض عقابي الا وهي معاقبة المسؤول وردعه هو والغير لعدم ارتكاب الخطأ مرة اخرى[26]
5 التعويض العقابي يتميز بخاصية مزدوجة
فهو من ناحية عقوبة وبذلك يقترب من أفكار القانون الجنائي رغم ان نطاق العقوبة يشمل فقط الذمة المالية للمسؤول، كما انه من ناحية يتقرر بوسائل القانون المدني، ويتجلى ذلك من خلال الفرق الواضح بين الجزء الجنائي والجزاء الجنائي في ظل التعويض العقابي فهو حق للمضرور ولا دخل للدولة فيه وانما يقتصر دور الدولة فقط في انها تهدف الى تحقيق الردع العام وليس الهدف مصادرة التعويض العقابي[27]
الفقرة الرابعة: أنواع التعويض
تتمثل أنواع التعويض في كل من التعويض بمقابل والتعويض العيني
أولا التعويض بمقابل
في الوقت الراهن يعتبر التعويض النقدي من اهم أنواع التعويض باعتباره الطريق الطبيعي لمحو الضرر واصلاحه والحكم بالتعويض النقدي هو تقدير للقيمة المالية التي فقدها المضرور نتيجة اخلال المدين بقيمة مالية موازية لها وقد يكون التعويض بمقابل اما نقدا او غير نقدي.
ثانيا التعويض النقدي
هذا النوع من التعويض هو الغالب في دعاوى المسؤولية التقصيرية فان كل الاضرار حتى المعنوية منها يمكن تقويمها بالنقود وهو الوسيلة المثلى لجبر الضرر بشكل عام او التحقيق منه لما في النقود من دور ارضائي في خلق حالة من التوازن في ذمة المضرور المعنوية على اعتبار ان النقود هي أكثر الوسائل انتشارا للتبادل وأصلحها تقويما للضرر. لذا اولت التشريعات الوضعية اهتماما لهذا النوع من التعويض ونظمنه في قوانينها بالرغم من ذلك فان التقلبات النقدية التي تشهدها اقتصاديات الدول يؤثر بشكل أساسي على القوة الشرائية للعملة وبتالي فان التشريعات ومعها القضاء مدعون الى الاخذ بعين الاعتبار عند تقدير التعويض[28]
ثالثا التعويض غير النقدي
أحيانا قد يتعذر التنفيذ العيني وهو الغالب في المسؤولية التقصيرية فلا يبقى مجال امام القاضي سوى الحكم بتعويض غير نقدي وليس شرطا ان يكون التعويض نقدا، فالقاضي له ان يأمر بما تقتضيه الظروف في بعض الحالات. ومن صور التعويض غير النقدي الحكم بنشر قرار المحكمة في الصحف على نفقة المسؤول فيما يخص حالات القذف والسب والمنافسة غير المشروعة[29]
رابعا التعويض العيني
يتحقق عن طريق إلزام المسؤول. سواء بمقتضى الاتفاق او حكم قضائي بإصلاح الضرر على نفقته. فعلى سبيل المثال إذا بنى شخص حائطا في ملكه ليحجب عن جاره الضوء والهواء تعسفا منه، ففي هذه الحالة يجوز ان يكون التعويض عينا بهدم الحائط وهذا ما يعرف لدى الفقه بإعادة الحال الى ما كانت عليه، فالتعويض العيني يعتبر أفضل من التعويض بمقابل لانه يؤدي الى محو الضرر وإزالته بدلا من بقاء الضرر على حاله.
المطلب الثاني: مجالات تطبيق نطاق التعويض العقابي
الفقرة الأولى: الخطأ المربح
لما كان مرتكب الخطأ هو المسؤول عن الفعل الضار الذي لحق بالمضرور وانه الملزم بدفع تعويض عن الضرر الذي تسبب به، وبسبب التطور الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي لم يعد الخطأ في صوره التقليدية يستوعب الصور الحديثة للخطأ جراء الأفعال والسلوكيات السيئة كالخطأ المربح , واذا افترضنا ان المسؤول دفع للمضرور تعويض على قدر الضرر فان الواقع في ظل القواعد العامة تسمح فقط للمضرور بالاستفادة من تعويض على أساس الخسارة وما فاته من كسب وبتالي فان مبدأ التعويض الكامل لا يأخذ بعين الاعتبار مدى الربح الذي لا يدخل في عناصر تحديد التعويض الكامل ومن هذا المنطلق اتجهت بعض التشريعات الحديثة للاخذ بعنصر الربح كنعصر إضافي لتحديد التعويض , ومن هنا تنبع خصوصية هذا الخطأ بحيث يتميز عن غيره من الأخطاء المعروفة في القواعد العامة
أولا مفهوم الخطأ المربح
لا بدا لتحديد مفهوم الخطأ المربح ان نتطرق الى تعريفه حسب الفقه المقارن
ثانيا تعريف الخطأ المربح
تناول الفقه تعريف متعددة وسنحاول حصر البعض منها ولمن أراد التوسع أكثر سنحيله الى التعاريف المشار اليها[30] .
فقد عرفه بعض الفقه بأنه الخطأ الذي يجني فاعله فائدة من جراء ارتكابه[31]. ويعرفه أيضا بانه الخطأ الذي يحقق فيه مقترف الفعل الضار الموجب للمسؤولية التقصيرية او العقدية ربحا يتجاوز مقدار التعويض الواجب دفعه المتمثل بعنصري الخسارة الحالة والكسب الفائت على فرض إقرار مسؤوليته[32]. غير ان الملاحظة الأساسية التي تتضح من التعريف الأخير قدر ركز على عنصر الربح كأحد العناصر المكونة للخطأ المربح ولم يحدد ضمن هذا التعريف مسألة الاعتداء بالفعل المرتكب ان يكون عمديا او يتضمن سلوكا مشينا او عدوانيا او مشوبا بسوء نية كما ذهبت في ذلك التشريعات الانجلوساكسونية.
ومع ذلك يرى جانب من الفقه ان التعريفات السابقة اغلفت الإشارة لطبيعة الخطأ المربح، وهل هو خطأ جسيم ام يسير ام خطأ عمدي ام مجرد اهمال[33]. كما عرف عبد الهادي العوضي الخطأ المربح، بأنه خطأ من طبيعة عقدية او تقصيرية يتجسد في صورة سلوك غير أخلاقي وانتهازي يرتكبه فاعله عن عمد، وبعد تفكير ناضج وتخطيط محكم وحساب لما سيعود عليه من ربح من ارتكاب الفعل الضار وما سيدفعه من تعويض للمضرور ثم المجازفة بارتكابه عن وعي وإدراك وقبول بمخاطره[34], لان الربح الذي سيجنيه أو التوفير في النفقات الذي سيحققه سيتجاوز بمدى كبير التعويض الذي سيحكم عليه به[35].
في حين يرى أحد الباحثين ان الخطأ المربح هو اخلال المتعاقد بالتزامه العقدي او مخالفة الشخص لالتزام قانوني مع علمه بأثر ارتكابه لهذا الفعل غير المشروع وبقيمة التعويض الذي قد يدان به واقدامه على ارتكابه بهدف تحقيق ربح أكبر مما قد يدان به من التعويضات[36]. بعد ان حاولنا قدر الإمكان الإشارة الى اهم التعاريف التي تقرب لنا مفهوم هذا الخطأ المربح الذي أصبح محل اهتمام الفقه والقضاء والتشريع، سنحاول التطرق الى خصائص هذا الخطأ الذي يتميز عن الخطأ بمفهومه التقليدي.
الفقرة الثانية: الخصائص المميزة للخطأ المربح
ونشير في هذا الصدد الى اهم الخصائص التي تميز الخطأ المربح
فهو اذن خطأ شخصي أي لصيق بشخص المرتكب للفعل الضار وبذلك فان لا يجوز نقل او تحويل مسؤولية وأثر الأخطاء المربحة التي يقترفها شخص الى شخص اخر، كما هو الحال بالنسبة الى مسؤولية المتبوع عن تابعه، وبتالي لا يجوز نسبة الأخطاء المربحة التي يرتكبها التابع الى متبوعه بل تقتضي مطالبة التابع بالتعويض إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في القواعد العامة دون ان يتجاوز ذلك مطالبة المتبوع عن الربح الذي جناه تابعه الا إذا كان متواطئا معه، لان التعويض في حالة الخطأ المربح له صبغة شبه جنائية.
كذلك يعتبر الخطأ المربح خطأ عمدي من نوع خاص ذلك ان مرتكب الفعل الضار لا ينوي مجرد إيقاع الاضرر بالمضرور كما هو الحال في الأوضاع المألوفة , بل يتعد ذلك الى السعي عن وعي وتخطيط مسبق الى جني الربح من ذلك , وبتالي فعنصر القصد يتمثل ليس فقط في الاضرار بالمضرور ولكن هي مجرد وسيلة او غطاء لبلوغ الغاية الأساسية من الضرر وهو السعي الى تحقيق وحساب الأرباح وهذه النتيجة الأساسية , ونعطي مثالا في قضايا التشهير خصوصا اذا ما تعلق الامر بأحد المشاهير فهناك بعض الصحف تحاول ان تكتب معطيات شخصية حول بعض الشخصيات العامة في المجتمع واحيان تتعلق هذه المعطيات الشخصية بحياة الفرد الخاص او بوضعه الصحي او الاسري او المهني وحينما تقوم الصحافة بطباعة هذه المعطيات فان نسبة المبيعات ترتفع بشكل كبير اثر اقبال القراء من كل الفئات خصوصا اذا كان اشخاص مشهورين في المجتمع ولهم تأثير واحيان قد لا تكون هذه المعطيات الشخصية دقيقة , ونكون امام اعتداء على الحياة الخاصة للافراد ومن خلاله تجني على اثر نشر هذه المعطيات أموال كثيرة جدا فحتى لو رفعت دعوى فان التعويض لن يؤثر على الذمة المالية للجريدة وبتالي سيحصل المتضرر من تعويض وفق القواعد العامة الا ان هذا لن يردع الجريدة من تكرار نفس الفعل بحيث انها تعرف مسبقا ان دفعها لتعويضات لن يكون له تأثير مادم ان ما تنشره من معلومات لتشهير بالأفراد سيعود لها بأموال كبيرة , وبتالي فان التشريعات في بعض الدول الاروبية تفطنت لمخاطر التي تسببها الأخطاء المربحة وتدخلت لسن تعويضات عقابية رادعة من خلال يحجم أي كان الاعتداء على الحياة الخاصة والتي تعتبر من اقدس الحقوق المنصوص عليها في دساتير الدول.
كما ان الخطأ المربح يتميز بأنه خطأ غير قابل للتغطية التأمينية، وهذا ما أكد عليه الفقه الفرنسي، ذلك ان جعل مثل هذا الخطأ قابل للتغطية التأمينية يتعارض مع فلسفة استرداد الربح الذي جناه بفعله الخاطئ[37] ، وبذلك لا يسمح له بنقل عبء فعله الى شركات بينما يحتفظ هو الربح الذي جناه.
بالإضافة الى ان الخطأ المربح متعدد الصور وكذا الطبيعة المزدوجة، فتطبيقاته قد توجد في مجال المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية الا اننا سنقتصر على المسؤولية التقصيرية ونتركا المجال العقدي لمرحلة أخرى من البحث[38].
الفقرة الثالثة صور الأخطاء المربحة في المسؤولية التقصيرية[39]
شكل التطور الاقتصادي والتقني تحديا للقوانين الوضعية الحديثة والذي نتج عنه بروز اعتداءات تمس بحقوق الملكية الفكرية والعلامة التجارية، فتدخل المشرع الفرنسي لملائمة النصوص القانونية مع التطورات التي يشهدها الاقتصاد والتكنولوجيا وذلك لتصدي للاخطاء المربحة وقد نص بموجب القانون رقم 1544-2007 والمعدل بالقانون رقم 315 لسنة 2014[40] بشأن تعزيز مكافحة التقليد، والذي اعطى للقاضي سلطة الحكم بتعويضات عقابية ضد الاضرار التي ينتج عنها أرباح التي حققها المقلد.
الفقرة الرابعة: الأساس القانوني للتعويض عن الخطأ المربح
لقد ثار جدل فقهي وقضائي واسع حول الأساس القانوني للتعويض عن الخطأ المربح وقد أشرنا سابقا ان ما يميز الخطأ المربح هو عنصر الربح المادي الذي يسعى المسؤول للحصول عليه وهذا هو سبب قصور المبادئ العامة لمعالجته، وهذا ما دفع الاجتهاد الفقهي الى إيجاد أساس قانوني مناسب يكون يساعد القاضي على اتخاذ القرار الصائب إذا ما عرضت عليه قضايا تتعلق بالأخطاء المربحة.
أولا: نظرية الاثراء غير المشروع
تنطلق هذه النظرية من الفكر الإنجليزي حيث تطرق لها الفقيه الشهير Peter Birks في مجموعة من ابحاثه والتي بدورها تستند الى جملة من القرارات القضائية في أمريكا وبريطانيا، وتنطلق هذه النظرية من فكرة مفادها بأن استرداد الربح غير المشروع الذي جناه المسؤول خطئة في حالات الخطأ المربح ماهو الا تطبيق لنظرية الاثراء بلا سبب[41]
ومن ثم فان الاثراء بلا سبب هو عمل يقوم به شخص بدون سبب قانوني يتسبب في افقار الأول واثراء للاخر , كما هو الشأن بالنسبة للشخص الذي يقوم ببناء أو اصلاح مسكن أو ترميمه دون ان يكون ملتزم بذلك , او حالة الشخص الذي يقوم بأداء دين معين ملقى على عاتق شخص اخر دون ان يكون ملزما بدفعه, فالامر يتعلق اذن بدعوى تهدف الى إعادة التوازن في اتجاه الحصول على تعويض عن طريق ارجاع المبلغ الأقل للاغتناء او الافتقار من طرف المغتني على حساب المفتقر, لكن بالتمعن فان هذه القواعد العامة لا تستوعب طبيعة هذا النوع من الأخطاء المربحة, ومع ذلك فان فكرة الخطأ المربح لم تعد مقتصرة على النظم الانجلوساكسونية بل امتد تأثيرها الى النظم اللاتينية والتي ترى بان التعويض المدني الا وظيفة واحدة وهي جبر المضرور واعادته الى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الخطأ الا ان الاهتمام المتزيد من قبل الفقه الفرنسي منذ اقتراح المشروع التمهيدي catala في سنة 2005 والذي اخذ بفكرة الخطأ المربح في اطار القواعد العامة للمسؤولية, ومن اجل التصدي للاخطاء المربحة في بعض المجالات كقانون الملكية الفكرية وضبط في قضايا التقليد التي شرنا اليها سابقا.
ان نظرية الاثراء بلا سبب لا يمكن الاخذ بها كأساس للتعويض عن الخطأ المربح، وذلك لأسباب عديدة من بينها ان نظرية الاثراء بلا سبب لا تعكس حقيقة الربح الذي جناه المسؤول كون هذا الأخير لم ينقل الى ذمته المالية أموال من ذمة أخرى بل كل ما في الامر ان ذمة المسؤول كسبت دون ان تسلبه من ذمة المتضرر، كما ان هذا الربح يكون على أساس ارتكاب خطأ غير مشروع بحد ذاته، ومن تم نكون امام شخصين المسؤول والمتضرر وبتالي فان هذا الاثراء لم يقابله افتقار، بمعنى ان الربح لم يكن على حساب المضرور.
انطلاقا من هذه النظرية فقد ذهبت احدى المحاكم الاستئناف الامريكية الى رفض طلب المدعي الذي أسس دعواه على نظرية الاثراء بلا سبب لاسترداد الربح الذي جناه المسؤول في القضية[42].
ثانيا: نظرية الاسترداد الكامل
لقد لاقت فكرة الخطأ المربح ذات المنشأ الانجلوساكسوني بسبب قصور القواعد العامة المنظمة للتعويض , والتي أصبحت لا تلاءم التطورات الاقتصادية والتكنولوجية مما دفع الاجتهاد الفقهي في فرنسا الى إيجاد أساس قانوني لاسترداد الربح الذي حققه المسؤول عن الضرر في حالة الخطأ المربح , وقد تبنى المشرع الفرنسي في مشروع تعديل نظرية الالتزام في اطار المادة 1371 المقترحة والتي تنص على انه في كل الأحوال التي يتبين فيها على نحو جلي ان شخصا قد اقترف خطأ مدبرا , وبالأخص اذا كان هذا الخطأ مربحا فانه يجوز تغريمه , فضلا عن تضمين تعويض عقابي وللقاضي منح جزء من هذا التضمين الى الخزينة العامة , ويجب ان هذا الحكم الذي فرض تعويضات عقابية مسببا على نحو خاص وان يفصل مبلغه عن باقي عناصر التعويض الأخرى الممنوحة الى المضرور وأن هذه التعويضات العقابية غير قابلة لاي تغطية تأمينية .
فإذا كان مبدأ التعويض الكامل يعيد المضرور الى الوضع السابق قبل وقوع الضرر، فان مبدأ الاسترداد الكامل يعيد المسؤول الى الوضع الذي كان عليه قبل ارتكاب الخطأ المربح.
وذهب أحد الباحثين ان نظرية الاسترداد الكامل هي الأقرب كأساس قانوني لاسترداد الربح من مرتكب الفعل الضار وذلك لانها تعمل على إعادة وضع طرفي المسؤولية الى وضعهم السابق قبل ارتكاب الخطأ مما يحقق العدالة اذ ينصف المتضرر بتعويضه عن الضرر وفي الوقت ذاته يسلب من مرتكب الخطأ ربح العائد عليه من فعله الضار[43].
من جانب أخرى نادى بعض الفقه الفرنسي في سبيل تحقيق ردع أكبر على المسؤول عن الفعل الضار الى وضعه أسوء من الوضع الذي كان عليه قبل ارتكابه الفعل الضار عن طريق فرض تعويض أزيد من مقدار الربح الذي حققه وهو ما يحقق ضمانات عقابية فعالة في مواجهة الخطأ المربح[44]
المبحث الثاني: المشكلات التي تواجه تطبيق فكرة التعويض العقابي وموقف المحاكم العليا في النظم اللاتينية
تطرح فكرة التعويض العقابي بعض المشكلات القانونية في النظم اللاتينية فهناك مشكلة مدى جواز التامين ضد التعويض العقابي بالإضافة الى اشكال يطرح في حالة تنفيذ حكم قضائي أجنبي او هيئة تحكيمية يتضمن فقرة تتعلق بالتعويض العقابي فهل القاضي الوطني له إمكانية تنفيذه في غياب نص قانوني علما ان المنظومة اللاتينية لا تأخذ بهذا النوع من التعويض باعتباره مخالفا للقواعد القانونية لنظام المسؤولية المدنية.
ولبسط ذلك يقتضي الامر تناول هذا المبحث في مطلبين
المطلب الأول: مدى جواز التامين من التعويض العقابي
أشرنا سابقا ان غرض التعويض العقابي يتجاوز فكرة التعويض الكامل لجبر الضرر الى معاقبة المسؤول عن الأفعال والسلوك المنحرف وتبعا لذلك اثارت مسالة التعويض العقابي والتامين منه وبرز جدل فقهي بين مناصرين لهذا الاتجاه وبين مناهضين.
يعد التامين من أفضل الوسائل المبتكرة التي توصلت اليها التشريعات كحلول لتخفيف من الاضرار وضمان حقوق المتضررين م الأفعال الضارة بسبب التطور الصناعي والتكنولوجي وما نتج عنه من تقدم اقتصادي بالمقابل ارتفاع مهول للإضرار الجسيمة التي تمس بحياة الافراد والمجتمع بصفة عامة.
وإذا كان الهدف من التعويض العقابي هي الردع والعقاب فان القول بإمكانية التامين عليه قد ينفي هذه الغاية طالما ان بإمكانه ان ينتقل عبء التعويض المتوجب عما صدر عنه من فعل ضار الى المؤمن بمعنى ان من الصعب منطقيا قبول التامين على احتمالات التعويض العقابي دون ان تتقاطع مع الفرضية الأساسية التي يقوم عليها ذلك التعويض وهي العقوبة والردع وقد يرد على ذلك ان احكام الفعل الضار وان كانت تهدف الى جبر الضرر من خلال التعويض إلا انها تسهم أيضا في ردع محدث الضرر وتنبيهه من خلال الزامه بالتعويض بأن مثل هذا العمل موجب موجبا لمسؤوليته بالتعويض[45]
ان من المبادئ الأساسية التي تأسست عليها قوانين التأمينات كونها تغطي الاضرار التي يكون امر حدوثها مرهون بالاحتمالية ولا يعتبر الفعل القصدي او العمدي[46] الموجب للتعويض العقابي من قبيل الاحتمال او الصدفة.
وبما ان الغرض من التعويض العقابي هي العقوبة والردع فهذا الغرض يتعارض مع التأمين لانه لو اخذنا بجواز التامين من التعويض العقابي لانتفت الغاية من هذا الوظيفة العقابية لهذا التعويض.
ومن وجهة نظرنا فاننا نرى انه يستحسن ان منع التامين من التعويض العقابي في بعض الحالات وذلك إذا تعلق بمسؤولية المتبوع عن تابعه وهذا فيه وقاية واستباق سيدفع المسؤولين عن الغير الى ممارسة قدر أكبر من الحرص والعناية في اختيار مستخدميهم ومراقبتهم وذلك لمنع وقوع اضرار اثناء مزاولة المهام.
المطلب الثاني: مدى إمكانية تنفيذ الاحكام القضائية الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية في البلدان ذات التوجه اللاتيني
إذا كان الحكم الأجنبي مبدئيا هو الذي يصدر باسم سيادة اجنبية، فهناك احكام تصدرها محاكم قضائية مشكلة تشكيلا صحيحا في إقليم دولة ذات سيادة. ويراد تنفيذها في إقليم دولة أخرى وقد يكون في منازعات مدنية وتجارية، فلا شك الان الامر لا يثير أي اشكال إذا كان اتفاقيات ثنائية او توفر شرط المعاملة بالمثل.
وفي هذا الصدد انقسمت المحاكم العليا (النقض) في بعض الدول الاوربية التي تأخذ بنظام المدرسة اللاتينية والجرمانية الى ثلاث اتجاهات بين اتجاه يرفض مطلقا إعطاء صيغة التنفيذ لهذه الاحكام الأجنبية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية كالمحكمة العليا الفيدرالية الألمانية والمحكمة العليا الإيطالية، في حين ذهب اتجاه أخرى الى اتخاذ مواقف أكثر مرونة في التعاطي مع الاحكام الأجنبية كالتشريع الفرنسي بالإضافة الى الاتجاه الثالث الذي يؤيد تنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويض عقابيا.
الفقرة الأولى: المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية
ترفض هذه المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية تنفيذ الاحكام على الاطلاق وترى المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية رفضها تنفيذ الاحكام التي تمنح تعويض عقابي على أساس ان الغرض من هذا التعويض يكون ضد المبادئ الدستورية، وتؤكد ان الغرض من المسؤولية المدنية في المانيا هو مجرد تعويض الضرر فمن اجل منح التعويض الذي يتضمن عناصر العقاب والردع هي من مهام الدولة التي تقتضي احترام المبادئ الدستورية الصارمة، مثل مبدأ الشرعية، وحظر العقاب على الفعل مرتين. ومبدأ احترام القانون والأمن.[47]
وهذا هو السبب في الحكم الصادر بتاريخ 4 يونيو 1992 والمعروف اختصارا (BGH)[48]. حيث اكدت المحكمة العليا الفيدرالية الألمانية ا نه لا ينبغي الاعتراف بالتعويض العقابي أو تنفيذه بسبب الطبيعة غير المتناسبة للتعويض وعدم المساواة في المعاملة للدائنين، وذهب بعض الفقهاء الى القول بأنه لا يمكن للمحكمة الألمانية ان تمنح التعويض العقابي عند تطبيق القوانين الأجنبية حيث ان التعويض العقابي يتعلق بالنظام العام[49]
الفقرة الثانية: المحكمة العليا الإيطالية
ذهب المحكمة العليا الايطالية في قضية Parrot v. soc Fimez 2007 والتي تتلخص وقائعها ان السيدة هاريت باروت قد حصلت على حكم قضائي لصالحها من أحدى المحاكم الامريكية يمنحها تعويضا مقداره مليون دولار ضد احدى الشركات الإيطالية المصنعة لواقيات الرأس (crash helmet) لسائقي الدراجات النارية بعد ان وجدت المحكمة ان ثمة عيوب تصنيعية في هذه الواقيات والكلابات وأن هذه العيوب هي السبب الرئيسي الذي أدى الى وفاة ابن السيدة هاريت , رغم رفع الدعوى من قبل السيد هاريت امام المحكمة الابتدائية بالبندقية والتي رفضت المطالب المتعلقة بالتعويض العقابي وايدت ذلك الحكم محكمة الاستئناف مما دفع المتضررة من رفع دعوى النقض امام المحكمة العليا والتي اجابت بنقض طلبات النقض الرامية الى ابطال الحكمين للمحاكم الدراجة الأولى والثانية , وجاء في حيثيات حكمها بأن" نظام المسؤولية المدنية في إيطاليا ذو طابع تعويضي لا عقابي ومن تم فان مثل هذه التعويضات العقابية تعد مخالفة للنظام العام وتتعارض مع المبادئ الأساسية في تعويض الضرر في نطاق المسؤولية المدنية والتي لا تمنح تعويضا الا لجبر الضرر عن ضرر قد لحق به فعلا[50].
الفقرة الثالثة: محكمة النقض الفرنسية
فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في مسار أكثر مرونة اتجاه الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية وهذا لا يعتبر قبول بتعويضات العقابية بهذا الشكل وانما وضعت محكمة النقض قاعدتين رئيسيتين تؤطران امكان التعامل القانوني مع التعويضات العقابية، الأولى اكدت فيه بان مبدأ التعويضات العقابية لا يخالف النظام العام الدولي الفرنسي، ما يمكن قبوله ضمن هذه المنظومة ما لم تكن هذه التعويضات عقابية، والقاعدة الثانية معيبة بالمبالغة في تقديرا لتي تصل الى الافراط.
ونشير الى القضية المعروفة بقضية شركة متخصصة في صناعة القوارب ste foutaine Pajot والامر يتعلق باتفاق تعاقدي وقع في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية بتاريخ يونيو 1999 بين الزوجين الأمريكيين M Peter Mme Julie وشركة ste Foutaine pajot الفرنسية لصناعة القوارب وتعهدت فيه الشركة بتسليم القارب الخاص بهما وبعد التسليم تبين للزوجين ان الشركة اخفت العيوب التي لحقت القارب قبل تسلمهما والذي اعتبرته المحكمة العليا في كاليفورنيا في قرارها المؤرخ بتاريخ 26 فبراير 2003 تصرفا غير مسؤول بصل الى حد الغش الذي يعرض حياة المشترين وأولادهم للخطر واستنادا على ذلك قضت المحكمة بالزام الشركة الفرنسية دفع 3252734 دولار يتضمن تجديد القارب وكذا اتعاب المحامي بالإضافة الى تعويضات عقابية,
ولدى محاولة الزوجين بتاريخ 3 أكتوبر 2003 بتنفيذ الحكم القضائي امام المحاكم الفرنسية رفضتا كل من المحكمة الابتدائية والاستئناف تنفيذ هذ الحكم الأجنبي المتضمن فقرات تتضمن تعويض عقابي ورغم رفع دعوى نقض من قبل الزوجين والتي اعادته بدورها الى محكمة الاستئناف , ونقض مرة ثانية من نفس الأطراف بحيث تصدت محكمة النقض الفرنسية شكلا موضوع للدعوى , وأكدت في قرارها ان كان مبدأ الامر لا يتعارض في حد ذاته مع النظام العام الدولي الفرنسي فان الامر سيكون مختلفا تماما عندما يكون المبلغ الممنوح , غير متناسب مع الضرر الذي لحق بالدائن (المضرور) وطبيعة تقصير التزام المدين بالتزاماته التعاقدية , وبتالي ان كان الأصل قبولها الا انه لا يجب المبالغة في تقديرها ما يلزم بتقييد تطبيقها بمبدأ التناسبية. بين الضرر والتعويض والفعل المرتكب[51]. رغم هذه المواقف التي لا تعكس حقيقتا الواقع التشريعي برجوع الى القوانين الخاصة في فرنسا نجد ان هناك بعض التطبيقات للتعويض العقابي كما هو الحال في القانون البحري , حيث نصت المادة 9 مكرر 2 من قانون 3 يناير 1969 على ان "القبطان الذي يشحن على سفينته بضائع لحسابه الخاص , دون اذن مكتوب يستحق عليه لهذا الأخير غرامة تعادل ضعف الأجرة المستحقة عن شحنته, بالإضافة أيضا الى قانون التامين الفرنسي , وهذا ضمن الاعفاء من التامين من المسؤولية في حالة الغش , حيث نصت المادة L-113-1 من نفس القانون بأن " المؤمن لا يكون مسؤولا عن الخسائر والاضرار الناجمة عن مخالفة الشخص المتعمد له أو الغش , فهذه المادة تحظر التامين ضد الخطأ العمدي أو التدليس , وذلك من اجل حرمان المسؤول من ان يتخذ من نظام التامين ضد المسؤولية المدنية ذريعة لتملص من الاضرار المرتكبة نتيجة غش او تدليس وهذا يعتبر في حد ذاته عقوبة خاصة تجعل من المسؤول هو المتحمل الوحيد للتعويض عن الخطأ.
الفقرة الرابعة: الاتجاه المؤيد لتنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضا عقابيا
أولا: موقف القضاء الاسباني
اما المحكمة العليا الاسبانية فكان لها رأي فريد مقارنة مع باقي المحاكم العليا الاوربية التي تحفظت بشأن مسألة إعطاء الصيغة التنفيذية للإحكام الأجنبية التي تتضمن في فقراتها تعويضات عقابية وبذلك اعتبرت المحكمة العليا الاسبانية في حكم لها بأنه " لا يمكن الإشارة الى التعويض العقابي باعتباره نظاما يهاجم النظام العام وبررت المحكمة العليا قرارها بالإشارة الى الطابع الدولي للقضية وعلاقتها باسبانيا ويعتقد ان هذا هو انعكاس للنظرية التي تعدل شدة استثناء النظام باعتباره عائقا امام الاعتراف بالإحكام الأجنبية[52] .
كما عبرت المحكمة العليا الاسبانية بالفعل بعبارة لصالح التعويض العقابي عندما ذهبت الى القول بانه
«يمكن ان تعتبر أن التعويض العقابي يستخدم كجانب من جوانب القانون الخاص لتعويض النقص في القانون الجنائي[53]
والتساؤل المطروح من اخلال ما أسلفنا ذكره حول هذا الاشكال هو مدى إمكانية تنفيذ حكم أجنبي يتضمن في فقراته تعويضات عقابية وعرض تنفيذه امام المحاكم المغربية؟ وفي حالة وقوع مثل هذه الفرضية هل يتعارض ذلك مع فكرة النظام العام وهي احدى الشروط الواجبة لتنفيذ الاحكام الأجنبية وفقا للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية؟
بالرجوع الى مقتضيات قانون المسطرة المدنية[54] ينص الفصل 430 منه " لا تنفذ في المغرب الاحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية الا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن او محل إقامة المدعى عليه او لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.
ثم جاء المشرع في الفقرة الثانية من نفس الفصل ووضع شروطا لإتمام إجراءات التنفيذ بحيث جاء اللفظ بأمر الوجوب فقال " يجب على المحكمة التي يقدم اليها الطلب ان تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته , وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي , ونشير ان الفقه لم يتفق على معيار واحد للتفريق بين القواعد الامرة والقواعد المكملة , فان هناك معيارين اثنين الأول يعتبر معيارا شكليا او لفظيا وهذا ما جاءت به صياغة الفقرة الثاني من الفصل 430 من ق م م واما المعيار الثاني فهو المعيار المعنوي او الموضوعي , والسبب في صعوبة المعيار الأخير يرجع بالأساس الى صعوبة تحديد مفهوم النظام العام الذي يعتبر من المفاهيم المرنة التي يصعب تحديدها تحديدا دقيقا[55] , ويمكننا القول بان ما يمكن اعتباره من النظام العام في المغرب قد لا يعتبر كذلك من النظام العام في دولة أخرى او العكس , باعتبار ان النظام العام يرتبط بالكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والخلقي الذي تقوم عليه أي دولة, ونشير في الأخير على ان هذه المسألة لم تثر في القضاء المغربي حسب علمنا , علما ان كل الاحتمالات واردة وذلك يرجع للاعتبارات متعددة من بينها ان السلطة القضائية ابرمت اتفاقيات ثنائية مع عدة دول اجنبية كما ان هناك مبدأ يحكم العلاقات بين الدول وهو مبدأ المعاملة بالمثل بالإضافة الى سعي الدولة الى ابرام اتفاقيات تهم الاستثمار والتجارة والإدارة في اطار مشاريع كبرى ولا شك ان المنازعات بين الشركات والمؤسسات سواء الوطنية والأجنبية امر حتمي تفرضه التقلبات والأزمات الدولية وكذا طبيعة العلاقات التعاقدية بين الأشخاص الاعتبارية وكذا الأشخاص الذاتية من جانب اخر. وبالرجوع الى فرضيات تنفيذ الحكم الأجنبي المتضمن تعويضات عقابية في دولة تنهل من المدرسة اللاتينية،
ثانيا: موقف القضاء اللبناني
وبالرجوع الى قرار محكمة الاستئناف اللبنانية رقم 592 بتاريخ 10/05 2016 , ببيروت وهي القضية المعروفة "جوني سعادة ورفيقته جاك/جاك سعادة ورفاقه, حيث فصل القضاء اللبناني للمرة الأولى في مدى منح المحاكم اللبنانية المختصة الحكم الأجنبي الذي يقضي بتعويض عقابي الصيغة التنفذية والاعتراف به على الأراضي اللبناني , وفي نفس التوجه الذي ذهبت فيه محكمة النقض الفرنسية في موقفها الذي اشرنا اليه انفا , توصلت محكمة الاستئناف اللبنانية الى نفس النتائج , وشددت على مبدأ التناسب بين خطأ المرتكب وضرر المتضرر , من حيث التأكيد ان التعويض العقابي , وان كان لا يجد له أسس في النظام القانوني اللبناني , الا انه لا يخالف في حد ذاته النظام العام الدولي اللبناني , لانه لا يمس من حيث المبدأ , الأسس القانونية القائم عليها هذا النظام والمجتمع اللبناني , الا ان يكون الامر يخالف ذلك ,اذا رأت المحكمة بداهة ان قيمة هذا التعويض مبالغ فيه بصورة فادحة , بشكل يختل معه التوازن مما يفقد حق التقاضي احدى غاياته الأولى , وهي احقاق الحق وتأمين العدالة , بتوازن بين خطأ المرتكب وضرر المتضرر , وذلك نتيجة الافراط في معاقبة الخطأ, مما يخالف النظام العام الدولي اللبناني المبني على تلك المبادئ[56].
نشير في الأخير ان التشريعات العربية لا تأخذ بمبدأ التعويض العقابي، الا ان ذلك لا يمنع من وجود بعض القوانين الخاصة فإنها تأخذ بتطبيق هذا النوع من التعويض فقد نظم المشرع العراقي في قانون النقل رقم 80 لسنة 1983 حيث نصت المادة 18 من الفقرة الثاني " على انه إذا استقل الراكب واسطة النقل دون دفع الأجرة أو تهرب من دفعها إذا كانت مستحقة الدفع اثناء النقل فيلزم بدفع الأجرة مضاعفة على ان لا تقل عن خمسة دنانير".
خاتمة:
الاستنتاجات والمقترحات التي توصلنا اليها من خلال هذا البحث:
ان الغاية من كتابة هذا البحث هو تسليط الضوء على مبدأ قانوني يعرف لدى المدرسة الانجلوساكسونية بالتعويض العقابي، كما عارضته التشريعات التي تنهل من المدرسة اللاتينية باعتباره خروجا عن ثوابت نظام المسؤولية المدنية.
لأن الوظيفة الإصلاحية للمسوؤلية المدنية في النظام اللاتيني أداة لتعويض وجبر الضرر.
وبفعل التطورات الاقتصادية والتكنولوجية أصبحت قواعد المسؤولية فيما يتعلق بتعويض متأخرة ولا تواكب التطور الذي تشهده البشرية على كافة الاسعدة، فاصبحت لا تحقق لنا الردع المطلوب في ظل توسع مجال التأمين، وامام السلوكيات والاخطاء ذات طبيعة خاصة كالاخطاء المربحة بحيث يقتضي ان يكون الجزاء بقدر جسامة الخطأ.
الاستنتاجات
1أن التعويض العقابي هو جزاء مدني مستقل, ويختلف عن التعويض الجابر للضرر المعروف بالتعويض الكامل, فهو نظام استثنائي لا يلجأ له القاضي المدني الا في نطاق محدد وفي أحوال معينة لاسيما اذا تعلق الامر باخطأ مربحة في مجالات المتعلقة بالملكية الفكرية والعلامات التجارية, والمنافسة غير المشروعة وكذا ما يتعلق بالاعتداء على الحياة الخاصة عبر الصحف والمجلات, بالإضافة الى مجال الاضرار المنتشرة كالبيئة والاضرار التي يسببها المنتح للمستهلكين.
2 كما ان التعويض العقابي يطرح مشكلات
-مشكلة التامين ضد التعويض العقابي، علما ان التوجه العام للمحاكم الامريكية والكدنية والانجليزية لا يعترف بالتأمين ضد هذا النوع من التعويض العقابي.
بالإضافة الى مشكلة تنفيذ الاحكام الأجنبية المتضمنة تعويضات عقابية في الدولة التي لا تتبنى فكرة التعويض العقابي، فبخصوص هذا الامر لا يطرح أي اشكال إذا ما تعلق الامر بدول الانجلوساكسونية فان الامر له ضوابطه ومبادئه التي تأخذ بها هيئة المحلفين،
اما على مستوى النظم اللاتينية فان تنفيذ الاحكام الأجنبية التي تتضمن تعويضات عقابية فهناك انقسام على مستوى الفقه والمحاكم في محاكم الدول الاوربية والتي أشرنا اليها بين مؤيد ومعارض وهناك من له توجه مرن.
المقترحات:
كما هو ملاحظ فان المشرع المغربي خطى خطوات جريئة في تحديث ترسنته التشريعية التي تهم الاقتصاد والتجارة والصناعة والاستثمار والرقمنة كل ذلك يتطلب سياسية تشريعية استباقية متطورة تراعي الظرفية التي يمر بها العالم باعتبار ان المشرع انفتح اقتصاديا واستثماريا وقضائيا على العديد من الدول لاسيما في السنوات الأخيرة ابرم عدة اتفاقيات مع دول انجلوسكسونية كامريكا وبريطانيا وكندا, وهذا يجعلنا نقترح تعديلات جزئية في القوانين الاقتصادية كقانون المنافسة وقانون المستهلك والتجاري والملكية الفكرية والصناعية , ونظرية العامة للالتزام تخول للقاضي في أحوال معينة ونطاق معين الحكم بتعويض عقابي تضاف الى التعويض الجابر للضرر, وذلك بغيت التصدي للاعتداءات والسلوكيات التي تمس بالثقة وحسن النية والامن الاجتماعي والنظام العام في اطار المعاملات التعاقدية او في اطار الاخلالات العامة بالقانون,
ونقترح الحالات التي يجب على القاضي الحكم بهذا التعويض العقابي وتكون على سبيل الحصر
1 إذا نتج عن الاخطأء المرتكبة أرباح تعود بالفائدة الى المسؤول في قضايا التقليد او التشهير باي شخص لغرض زيادة المبيعات، وكذا الاخلال بالعقود من جانب واحد بغيت الحصول مبلغ أكبر
2 إذا تعلق الامر بالنشاطات اقتصادية وتجارية سببت اضرار جسيمة لعدد كبير من المواطنين
3 كما نقترح ادخال تعديل على مدونة التأمينات ان لا يشمل التامين هذا النوع من التعويض العقابي
لائحة المراجع:
- القوانين:
- ظهير شريف يمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية الصادر بالجريد الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394(30 شتنبر 1974)، ص 2741.
- مدونة التأمينات رقم 17.99 الصادرة بالجريدة الرسمية عدد 5054 الصادر بتاريخ 2 رمضان 1423(7 نوفمبر 2002) ص 3105.
- ظهير شريف يمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية الصادر بالجريد الرسمية عدد 3230 مكرر, بتاريخ 13 رمضان 1394(30 شتنبر 1974), ص 2741.
- الكتب:
- عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، الطبعة السابعة، مكتبة دار الأمان –الرباط ,2019.
- محمود جمال الدين زكي: مشكلات المسؤولية، الجزء الثاني، الاتفاقات المتعلقة بالمسؤولية (اتفاقات دفع وتحقيق المسؤولية، الشرط الجزائي، اتامين من المسؤولية).، مطبعة جامعة القاهرة سنة 1990.
- عبد الرحمان الشرقاوي "المدخل لدراسة العلوم القانونية "نظرية القانون-نظرية الحق، الطبعة الثانية، السنة 2017.
- تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى –تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
- الشريف، السعودية ,1416 هجرية الجزء28.
- محمد شكري سرور: مسؤولية مهندس ومقاول البناء والمنشات الثابتة الأخرى، دراسة مقارنة، في القانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي طبعة 1985, دار الفكر العربي.
- الاطاريح والرسائل:
- عيسى أنور صمور عبد الله: التعويض المدني العقابي (دراسة مقارنة) أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة 2021
- مشعل محمد علي غنيم المطري، أثر تغير النقود على مقدار التعويض في القانونين المصري والكويتي، أطروحة دكتوراه، جامعة عين شمس 2013.
- مها ناجي جاسم، فكرة التعويض العقابي وأثرها في المسؤولية المدنية، رسالة ماستر، جامعة ذي قار,2017
- المقالات:
- محمد عرفان الخطيب، التعويض العقابي في المنظومة القانونية اللاتينية السؤال الصعب وحيرة الإجابة "دراسة في الموقف الفرنسي واستجلاء للموقفين المصري واللبناني. منشور في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية –السنة العاشرة-العدد4-العدد التسلسلي 40 صفر 1444 هجرية _سبتمبر 2022.
- السرحان عدنان التعويض العقابي، دراسة مقارنة، مجلة أبحاث اليرموك العلوم الإنسانية والإجتماعية، مجلد 13 , عدد 4
- احمد السيد الدقاق: التعويض العقابي في القانون الأمريكي ومدى ملاءمة تطبيقه في النظام القانوني المصري، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية بكلية الحقوق، جامعة الاسكدنرية، العدد الثاني المجلد الرابع 20َ18
- ظافر حبيب جبارة. فكرة التعويض العقابي ومواطن الاخذ بها في القانون المقارن "دراسة في ضوء القانون الإنجليزي والعراقي والفرنسي "مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين، المجلد 17 , العدد3 ,ص 10 السنة 2015.
- ظافر حبيب جبارة: "النطاق الفني للتعويض عن الخطأ المربح في المسؤولية المدنية " دراسة مقارنة مجلة القانون للبحوث القانونية - ص 12 جامعة ذي قار (العدد 13 لسنة 2016)
- علاء عبد الله الخصاونة، ماهية التعويض العقابي وطبيعته ومدى إمكانية الاخذ به في التشريع الأردني "دراسة مقارنة", مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة التاسعة، العدد 2, العدد التسلسلي 34, ص 462 يونيو 2021
- منصور بن عبد الرحمن الحيدري: التعويض العقابي في القانون الأمريكي –دراسة مقارنة في ضوء احكام الفقه الإسلامي منشور في المجلة العربية للدراسات الشرعية والقانونية، العدد الثاني يوليو 2015
- أنس احسان شاكر، إشكالية تقدير التعويض في المسؤولية المدنية، دراسة مقارنة في القانون العراقي والمصري، الجامعة التقنية الوسطى، دراسات قانونية العدد/53
- عبد الهادي العوضي، الخطأ المكسب في إطار المسؤولية المدنية، دراسة مقارنة في القانونين الفرنسي والمصري، دار النهضة العربية، القاهرة.
- عدنان احمد ولي، التعويض العقابي والتأمين "مفهوم التعويض العقابي وجواز التامين عليه، رسالة التامين، المجلد 5, العدد 1 , ص 14-17 , السنة 2002.
- ريسان غازي بحر الزيادي، عناصر التعويض في ضوء تطور مفهوم الخطأ ص 567 , المؤتمر العلمي الدولي الافتراضي الأول لطلبة الدراسات العليا في كليات القانون، بالتعاون مع جامعة بتسبيرغ / الولايات المتحدة 14-15. 2020.
- المراجع الأجنبية:
- Le code de la propriété intellectuelle française
- Charte des droits et libertes de la personne de Québec :(canada) code civil du Québec(canada)
- STARCK BORIS « Demaine et fondement de la responsabilité sans faute » (R. T. D. CIV) 1958.
- Helmut Koziol and Vanessa Wilcox (eds): Punitive Damages: Commun Law and Civil Law Perspectives.op.cit, p25.
- Joh ، COOKE,Law of Tort,Sixth Edition, Pearson, London, 2003.
- Vignolle.D, La consécration des fautes lucratives un solution au problème d’une responsabilité punitive ? Gorette du Palais.Paris, 2010.p7.
- G. Ripert, La règle morale dans les obligations civiles, 4 éd,LGDJ ,1949.
[1] يمكن القول ان العقوبة المالية في الفقه الإسلامي تنقسم الى ثلاث اقسام:
فالقسم الأول: باتلاف المال على صاحبه، وهذا النوع لا اشكال في جوزاه لورده النصوص به كهدم مسجد الضرار وتحريق عمر لحانوت من يبيع الخمر
واما القسم الثاني: فهو تغيير المال، كتكسير الدراهم او الدنانير التي فيها بأس او تغيير الصور المجسمة وقد وردت الأدلة بجوازها.
راجع تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى –تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، السعودية ,1416 هجرية الجزء28 ص 113-117-118.
واما القسم الثالث: فهو الغرامة وهو ما وقع فيه الخلاف بين قول الحنفية والمالكية والشافعية
ويذهب جانب من الباحثين من خلال ما ورد في الاحاديث واثار ان التعويض العقابي موجود في الفقه الإسلامي وان لم يكن بهذا المسمى ," فمن سرق غنما لا تبلغ ثمن المجن ففيها غرامة مثليها , وواضح ان احد المثلين هو قيمة الشاة , والمثل الاخر من باب العقوبة , وكلك من خرج بثمر فعليه غرامة مثليه , مثل قيمة التمر , ومثل عقوبة , ومن كتم ضالة الابل فعليه غرامة مثليها ’ مثل قيمة الابل , ومثل عقوبة ,ومضاعفة عمر رضي الله عنه قيمة الناقة على حاطب رضي الله عنه لصالح المزني ليست من باب التعويض المعتاد , اذ ان قيمة الناقة 400 درهم , فان الزام عمر رضي الله عنه لحاطب بدفع 800 درهم دليل على ان الاربعمائة درهم الإضافية هي من باب العقوبة لا من باب التعويض.
انظر منصور الحيدري: التعويض العقابي في القانون الأمريكي –دراسة مقارنة في ضوء احكام الفقه الإسلامي منشور في المجلة العربية للدراسات الشرعية والقانونية، العدد الثاني يوليو 2015.
فالقسم الأول: باتلاف المال على صاحبه، وهذا النوع لا اشكال في جوزاه لورده النصوص به كهدم مسجد الضرار وتحريق عمر لحانوت من يبيع الخمر
واما القسم الثاني: فهو تغيير المال، كتكسير الدراهم او الدنانير التي فيها بأس او تغيير الصور المجسمة وقد وردت الأدلة بجوازها.
راجع تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى –تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، السعودية ,1416 هجرية الجزء28 ص 113-117-118.
واما القسم الثالث: فهو الغرامة وهو ما وقع فيه الخلاف بين قول الحنفية والمالكية والشافعية
ويذهب جانب من الباحثين من خلال ما ورد في الاحاديث واثار ان التعويض العقابي موجود في الفقه الإسلامي وان لم يكن بهذا المسمى ," فمن سرق غنما لا تبلغ ثمن المجن ففيها غرامة مثليها , وواضح ان احد المثلين هو قيمة الشاة , والمثل الاخر من باب العقوبة , وكلك من خرج بثمر فعليه غرامة مثليه , مثل قيمة التمر , ومثل عقوبة , ومن كتم ضالة الابل فعليه غرامة مثليها ’ مثل قيمة الابل , ومثل عقوبة ,ومضاعفة عمر رضي الله عنه قيمة الناقة على حاطب رضي الله عنه لصالح المزني ليست من باب التعويض المعتاد , اذ ان قيمة الناقة 400 درهم , فان الزام عمر رضي الله عنه لحاطب بدفع 800 درهم دليل على ان الاربعمائة درهم الإضافية هي من باب العقوبة لا من باب التعويض.
انظر منصور الحيدري: التعويض العقابي في القانون الأمريكي –دراسة مقارنة في ضوء احكام الفقه الإسلامي منشور في المجلة العربية للدراسات الشرعية والقانونية، العدد الثاني يوليو 2015.
[2]G. Ripert, La règle morale dans les obligations civiles, 4 éd, LGDJ ,1949, p :348 et s.
يؤكد في مؤلفه " القاعدة الأخلاقية في الالتزمات المدنية ", ان ضعف الجزاءات المدنية جعل من الضروري العودة الى الأفكار العقابية. ويتحقق ذلك في اعتقاده، من خلال الرفع من قيمة التعويضات الممنوحة بهدف العقاب، زيادة على التعويض الكامل، في حق الأشخاص الذين يتعمدون ارتكاب الأخطاء، وخاصة في التعويض عن الضرر المعنوي الذي يعتبره عقوبة خاصة، فهو على حد تعبيره تعويض بطعم العقاب
يؤكد في مؤلفه " القاعدة الأخلاقية في الالتزمات المدنية ", ان ضعف الجزاءات المدنية جعل من الضروري العودة الى الأفكار العقابية. ويتحقق ذلك في اعتقاده، من خلال الرفع من قيمة التعويضات الممنوحة بهدف العقاب، زيادة على التعويض الكامل، في حق الأشخاص الذين يتعمدون ارتكاب الأخطاء، وخاصة في التعويض عن الضرر المعنوي الذي يعتبره عقوبة خاصة، فهو على حد تعبيره تعويض بطعم العقاب
[3] -فيلالي على "تطور تطور الحق في التعويض بتطور الضرر وتنوعه، حوليات جامعة الجزائر، العدد 31, الجزء الأول، ص 10.
[4] -لفقيري عبد الله "أساس وظيفة التعويض بين العقاب والإصلاح، المجلة الاكاديمية للبحث القانوني، المجلد 13, العدد 01, ص 346 سنة 2016.
[5] - ظافر حبيب جبارة. فكرة التعويض العقابي ومواطن الاخذ بها في القانون المقارن "دراسة في ضوء القانون الإنجليزي والعراقي والفرنسي " ص 394 ,مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين، المجلد 17 , العدد3 , السنة 2015
[6] ان هذه الوظائف رغم تعددها وتنوع فلسفتها وكذا الأهمية التي تتفاوت بينهما الا انها تشترك في تحقيق الحق في تعويض عادل.
ويتساءل أحد الباحثين: لو كنا امام خطأ بدون ضرر فهل نكون امام تعويض؟ الإجابة هي النفي كونه نظريا التعويض مرتبط بالضرر لا بالخطأ، لكن على رغم من ذلك يمكن القول ان ثمة مسؤولية تمثلت في الاعتداء على قواعد المسؤولية ذاتها لا على المضرور.
للمزيد من التعمق حول هذه النقطة:
محمد عرفان الخطيب، التعويض العقابي في المنظومة القانونية اللاتينية السؤال الصعب وحيرة الإجابة "دراسة في الموقف الفرنسي واستجلاء للموقفين المصري واللبناني. منشور في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية –السنة العاشرة-العدد4-العدد التسلسلي 40 صفر 1444 هجرية _سبتمبر 2022 ص165.
ويتساءل أحد الباحثين: لو كنا امام خطأ بدون ضرر فهل نكون امام تعويض؟ الإجابة هي النفي كونه نظريا التعويض مرتبط بالضرر لا بالخطأ، لكن على رغم من ذلك يمكن القول ان ثمة مسؤولية تمثلت في الاعتداء على قواعد المسؤولية ذاتها لا على المضرور.
للمزيد من التعمق حول هذه النقطة:
محمد عرفان الخطيب، التعويض العقابي في المنظومة القانونية اللاتينية السؤال الصعب وحيرة الإجابة "دراسة في الموقف الفرنسي واستجلاء للموقفين المصري واللبناني. منشور في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية –السنة العاشرة-العدد4-العدد التسلسلي 40 صفر 1444 هجرية _سبتمبر 2022 ص165.
[7] Cass., Sez. Un., 5 juill. 2017, n° 16601 : Corriere giuridico, 2017, p. 1042 et s.
La Cour de cassation italienne s’est prononcée sur la reconnaissance d’une condamnation à des dommages-intérêts punitifs à l’étranger devant être exécutée en Italie. Elle admet pour la première fois un principe général de compatibilité de ces dommages-intérêts punitifs avec le système de responsabilité civile italien.
La Cour de cassation italienne s’est prononcée sur la reconnaissance d’une condamnation à des dommages-intérêts punitifs à l’étranger devant être exécutée en Italie. Elle admet pour la première fois un principe général de compatibilité de ces dommages-intérêts punitifs avec le système de responsabilité civile italien.
[8] ومن اجل التصدي للاخطاء المربحة، خصص المشرع الفرنسي بموجب القانون رقم 2014-1550 لسنة 2007 والمعدل بقانون رقم 315 لسنة 2014 بشأن تعزيز مكافحة التقليد وكذا التنصيص على التعويض العقابي في مجال الملكية الفكرية
Article L521-7 : Pour fixer les dommages et intérêts, la juridiction prend en considération distinctement :
1° Les conséquences économiques négatives de la contrefaçon, dont le manque à gagner et la perte subis par la partie lésée ;
2° Le préjudice moral causé à cette dernière ;
3 Et les bénéfices réalisés par le contrefacteur, y compris les économies d'investissements intellectuels, matériels et promotionnels que celui-ci a retirées de la contrefaçon. Toutefois, la juridiction peut, à titre d'alternative et sur demande de la partie lésée, allouer à titre de dommages et intérêts une somme forfaitaire. Cette somme est supérieure au montant des redevances ou droits qui auraient été dus si le contrefacteur avait demandé l'autorisation d'utiliser le droit auquel il a porté atteinte. Cette somme n'est pas exclusive de l'indemnisation du préjudice moral causé à la partie lésée.
Article L521-7 : Pour fixer les dommages et intérêts, la juridiction prend en considération distinctement :
1° Les conséquences économiques négatives de la contrefaçon, dont le manque à gagner et la perte subis par la partie lésée ;
2° Le préjudice moral causé à cette dernière ;
3 Et les bénéfices réalisés par le contrefacteur, y compris les économies d'investissements intellectuels, matériels et promotionnels que celui-ci a retirées de la contrefaçon. Toutefois, la juridiction peut, à titre d'alternative et sur demande de la partie lésée, allouer à titre de dommages et intérêts une somme forfaitaire. Cette somme est supérieure au montant des redevances ou droits qui auraient été dus si le contrefacteur avait demandé l'autorisation d'utiliser le droit auquel il a porté atteinte. Cette somme n'est pas exclusive de l'indemnisation du préjudice moral causé à la partie lésée.
[9] - حيث تأثر القانون المدني لمقاطعة كيبيك بالقانون الفرنسي فاستلهم روحه دون نصوصه وهياكله كما استفاد أيضا من القانون الامريكي والانجليزي والكندي في تجربته مع التعويض العقابي، فنجح في وضع نظام محدد ودقيق للتعويض العقابي على نحو يتجنب به سلبياته في النظام الأمريكي، انظر عبد الهادي فوزي العوضي، الخطأ المكسب في إطار المسؤولية المدنية (دراسة مقارنة في القانونين الفرنسي والمصري)
ص 223, مجلة القانون والاقتصاد، كلية الحقوق، جامعة القاهرة،
ص 223, مجلة القانون والاقتصاد، كلية الحقوق، جامعة القاهرة،
[10] Art. 49 : Une atteinte illicite à un droit ou à une liberté reconnue par la présente Charte confère à la victime le droit d’obtenir la cessation de cette atteinte et la réparation du préjudice moral ou matériel qui en résulte. En cas d’atteinte illicite et intentionnelle, le tribunal peut en outre condamner son auteur à des dommages-intérêts punitifs.
[11] بعد ان كانت الجهود الفقهية منصبة منذ بداية القرن العشرين على مناقشة الخطأ كأساس للمسؤولية التقصيرية فان الاتجاه المعاصر في الفقه أصبح يهتم بركن الضرر بشكل محسوس وينادي بتوسيع نطاق المسؤولية الموضوعية اللاخطائية التي تنبني على تحقق الضرر وحده دون باقي الأركان الأخرى لمزيد من التعمق حول الموضوع انظر:
-STARCK BORIS « Demaine et fondement de la responsabilité sans faute » (R. T. D. CIV) 1958, p 475.
-STARCK BORIS « Demaine et fondement de la responsabilité sans faute » (R. T. D. CIV) 1958, p 475.
[12] وقد ورد في التصدير الذي يعتبر جزء من دستور 2011 الذي جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق احكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
[13] (1) Arrêt n° 1090 du 1 décembre 2010 (09-13.303) - Cour de cassation - Première chambre civile.
(2) Cass. Civ. 1'", 22 mai 2007, pourooi n ° 05-20473, Bulletin 2007, I, n ° 196
وتشير هذه القرارات القضائية الى امر أساسي هو ان التعويض العقابي لا يخالف النظام العام وأكدت على الطبيعة المدنية لهذا النوع من التعويضات، بالإضافة ان التعويضات العقابية حسب قول المحكمة لا تناسب مع حجم الضرر وانه مبالغ فيها.
(2) Cass. Civ. 1'", 22 mai 2007, pourooi n ° 05-20473, Bulletin 2007, I, n ° 196
وتشير هذه القرارات القضائية الى امر أساسي هو ان التعويض العقابي لا يخالف النظام العام وأكدت على الطبيعة المدنية لهذا النوع من التعويضات، بالإضافة ان التعويضات العقابية حسب قول المحكمة لا تناسب مع حجم الضرر وانه مبالغ فيها.
[14] أشار الفقيه عبد القادر العرعاري الى قولة الباحث كلو ويتزwitz مدير المركز القانوني الفرنسي الألماني والأستاذ بجامعتي ستراسبورغ ولاسار الذي قال بأن "الوقت قد حان لتخلي دول الاتحاد الأوربي عن قوانينها الوطنية للالتزامات والعقود كشرط جوهري لحماية العنصر البشري وحفظ كرامته التي يتعين الدفاع عنها في جميع المحافل والتظاهرات العلمية المكرسة لوحدة دول الاتحاد،
انظر عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، الطبعة السابعة، مكتبة دار الأمان –الرباط ,2019 ص 5.
انظر عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، الطبعة السابعة، مكتبة دار الأمان –الرباط ,2019 ص 5.
[15] ابن منظور: لسان العرب مجلد 7 بيروت 1988 ص 192.
[16] محمد ابن ابي بكر الرازي: مختار الصحاح دار الرسالة 1983 ص 462.
[17] عيسى أنور صمور عبد الله: التعويض المدني العقابي (دراسة مقارنة) أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة 2021 ص24.
[18] السرحان عدنان التعويض العقابي، دراسة مقارنة، مجلة أبحاث اليرموك العلوم الإنسانية والإجتماعية , مجلد 13 , عدد 4 ,ص 97 .
[19] أشار اليه احمد السيد الدقاق: التعويض العقابي في القانون الأمريكي ومدى ملاءمة تطبيقه في النظام القانوني المصري، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية بكلية الحقوق، جامعة الاسكدنرية، العدد الثاني المجلد الرابع 20َ18 ص 4.
[20] -منصور الحيدري، مرجع سابق ص 126.
[21] - إذا كان التعويض الكامل ينبني على تحقق الضرركما نص على ذلك الفصل 263 من ق ل ع المغربي، بحيث لا ينشأ الحق في المطالب بالتعويض الا إذا كان هناك ضرر، فان التعويض العقابي أساسه ومناطه الخطأ او السلوك غير المشروع.
[22]- قانون حامورابي هو ول قانون مكتوب في العالم، فكتب في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وكانت تسوده شريعة القصاص، فيطالعنا – على سبيل المثال - بعقوبة الموت جزاء لمن تولى تشييد المبنى الذي انهار فقتل مالكه فإذا كان ضحية هذا الانهيار هو ابن صاحب البناء، حق الموت على ولد هذا الباني انظر/ محمد شكري سرور: مسؤولية مهندس ومقاول البناء والمنشات الثابتة الأخرى، دراسة مقارنة، في القانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي، ص 8 طبعة 1985, دار الفكر العربي،
[23] - احمد السيد الدقاق: التعويض العقابي في القانون الأمريكي ومدى ملاءمة تطبيقه في النظام القانوني المصري، ص 1392, مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية بكلية الحقوق، جامعة الاسكدنرية، العدد الثاني المجلد الرابع 20َ18
[24]- Charte des droits et libertés de la personne de Québec:
انظر الميثاق على موقع منشورات كيبيك
http://legisquebec.gouv.qc.ca/fr/showdoc/cs/C-12 تمت الزيارة في 22.09.2024
Art. 49 : Une atteinte illicite à un droit ou à une liberté reconnue par la présente Charte confère à la victime le droit d’obtenir la cessation de cette atteinte et la réparation du préjudice moral ou matériel qui en résulte. En cas d’atteinte illicite et intentionnelle, le tribunal peut en outre condamner son auteur à des dommages-intérêts punitifs.
انظر الميثاق على موقع منشورات كيبيك
http://legisquebec.gouv.qc.ca/fr/showdoc/cs/C-12 تمت الزيارة في 22.09.2024
Art. 49 : Une atteinte illicite à un droit ou à une liberté reconnue par la présente Charte confère à la victime le droit d’obtenir la cessation de cette atteinte et la réparation du préjudice moral ou matériel qui en résulte. En cas d’atteinte illicite et intentionnelle, le tribunal peut en outre condamner son auteur à des dommages-intérêts punitifs.
[25]-code civil du Québec
Art 1621 : Lorsque la loi prévoit l’attribution de dommages-intérêts punitifs, ceux-ci ne peuvent excéder, en valeur, ce qui est suffisant pour assurer leur fonction préventive. Ils s’apprécient en tenant compte de toutes les circonstances appropriées, notamment de la gravité de la faute du débiteur, de sa situation patrimoniale ou de l’étendue de la réparation à laquelle il est déjà tenu envers le créancier, ainsi que, le cas échéant, du fait que la prise en charge du paiement réparateur est, en tout ou en partie, assumée par un tiers.
انظر نصوص القانوني المدني على موقع منشورات كيبيك:
http://legisquebec.gouv.qc.ca/fr/ShowDoc/cs/CCQ-1991 تاريخ الزيارة في 22.09,2024
Art 1621 : Lorsque la loi prévoit l’attribution de dommages-intérêts punitifs, ceux-ci ne peuvent excéder, en valeur, ce qui est suffisant pour assurer leur fonction préventive. Ils s’apprécient en tenant compte de toutes les circonstances appropriées, notamment de la gravité de la faute du débiteur, de sa situation patrimoniale ou de l’étendue de la réparation à laquelle il est déjà tenu envers le créancier, ainsi que, le cas échéant, du fait que la prise en charge du paiement réparateur est, en tout ou en partie, assumée par un tiers.
انظر نصوص القانوني المدني على موقع منشورات كيبيك:
http://legisquebec.gouv.qc.ca/fr/ShowDoc/cs/CCQ-1991 تاريخ الزيارة في 22.09,2024
[26] -ظافر حبيب جبارة. فكرة التعويض العقابي ومواطن الاخذ بها في القانون المقارن "دراسة في ضوء القانون الإنجليزي والعراقي والفرنسي "مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين، المجلد 17 , العدد3 ,ص 10 السنة 2015
[27] -علاء عبد الله الخصاونة، ماهية التعويض العقابي وطبيعته ومدى إمكانية الاخذ به في التشريع الأردني "دراسة مقارنة", مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة التاسعة، العدد 2, العدد التسلسلي 34, ص 462 يونيو 2021
[28] -للمزيد من التوسع انظر: مشعل محمد علي غنيم المطري، أثر تغير النقود على مقدار التعويض في القانونين المصري والكويتي، أطروحة دكتوراه، جامعة عين شمس 2013.
[29] -أنس احسان شاكر، إشكالية تقدير التعويض في المسؤولية المدنية، دراسة مقارنة في القانون العراقي والمصري، الجامعة التقنية الوسطى، دراسات قانونية العدد/53 ص 242.
[30]-B. STARCK ,H.ROLAND, et L.BOYER, Obligation, responsabilité délictuelle, 5 Edition 1996 Litee , no 1335.
[31] -محمود جمال الدين زكي: مشكلات المسؤولية، الجزء الثاني، الاتفاقات المتعلقة بالمسؤولية (اتفاقات دفع وتحقيق المسؤولية، الشرط الجزائي، اتامين من المسؤولية). ص 95 , مطبعة جامعة القاهرة سنة 1990.
[32]-Joh، COOKE,Law of Tort,Sixth Edition, Pearson, London, 2003, p381.
[33] D STEFANO (Maria Grazia). Les dommage –intérêts punitifs en droit français et italien, Master 2 recherche, P.57
[34] عبد الهادي العوضي، الخطأ المكسب في إطار المسؤولية المدنية، دراسة مقارنة في القانونين الفرنسي والمصري، ص 109 , دار النهضة العربية، القاهرة , 2016.
[35] G. DE MONCUIT, « La faute lucrative en droit de la concurrence : un parasite économique », Le Concurrentialiste, colloque : Le droit de la concurrence et l’analyse économique, Mai 2013, pp. 17-28, disponibles sur internet à l'adresse ;
https://www.networklawreview.org/colloque-la-faute-lucrative-en-droit-de-la-concurrence-un-parasite-economique/
https://www.networklawreview.org/colloque-la-faute-lucrative-en-droit-de-la-concurrence-un-parasite-economique/
[36]-علاء الدين عبد الخصاونة، نطاق تعويض المسؤولية المدنية الناشئة عن الخطأ المربح-دراسة تحليلية مقارنة- ص 150 ,المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية المجلد (11) العدد 3, 2019.
[37]- Solene ROWAN, Comparative Observations on the Introduction of Punitive Damages in French Law, Reforming the French Law of Obligations, Studies of the Oxford Institute of European and Comparative Law, Hart Publishing, London, 2009, p:339-340
[38] - للمزيد من الاطلاع على صور الأخطاء المربحة في المجال العقدي راجع:
علاء الدين عبد الخصاونة، نطاق تعويض المسؤولية المدنية الناشئة عن الخطأ المربح-دراسة تحليلية مقارنة- ص 164 ,المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية المجلد (11) العدد 3, 2019
علاء الدين عبد الخصاونة، نطاق تعويض المسؤولية المدنية الناشئة عن الخطأ المربح-دراسة تحليلية مقارنة- ص 164 ,المجلة الأردنية في القانون والعلوم السياسية المجلد (11) العدد 3, 2019
[39] -مع تزايد التطور التقني والابتكار في مجال الاقتصاد والذكاء الاصطناعي، أسفر عنه المزيد من الأخطاء المربحة مثل الاعتداء على الحقوق ذات الطابع الشخصي وحماية المستهلك وحقوق البيئة، والمنافسة غير المشروعة وغيرها من الأخطاء المربحة التي يصعب على المحاكم حصرها بسبب توسعها، ولم تعد الوظيفة الإصلاحية القديمة للقانون المدني فعالة لمواجهة ظاهرة الاضرار.
[40]-Art. L. 615-7 “les dommages intérêts accordés aux titulaires de droit doivent prendre en compte les bénéfices injustement réalisés par le contrefacteur”. Loi n° 2007-1544 du 29 octobre 2007 de lutte contre la contrefaçon.
على سبيل المثال نصت المادة 331-1-4 من قانون الملكية الفكرية الفرنسية لسنة 1992 المعدل "على المحكمة المدنية المعروض عليها النزاع ان تأمر بمصادرة كل او جزء من العائد (الربح) الذي استحصل بفعل التقليد وتمنحه للشخص المضرور"، وكذلك نصت المادة 331-1-3 من نفس القانون والتي خولت للمحكمة المعروض عليها النزاع، في تقديرها للضرر الذي أصاب المدعي جراء فعل الانتهاك ان تسترشد بجملة من المعايير ومن بينها ما حصل عليه المدعى عليه من الربح
انظر على الموقع:
https://www.legifrance.gouv.fr/codes/section_lc/LEGITEXT000006069414/LEGISCTA000006179063/?anchor=LEGIARTI000006279570#LEGIARTI000006279570
على سبيل المثال نصت المادة 331-1-4 من قانون الملكية الفكرية الفرنسية لسنة 1992 المعدل "على المحكمة المدنية المعروض عليها النزاع ان تأمر بمصادرة كل او جزء من العائد (الربح) الذي استحصل بفعل التقليد وتمنحه للشخص المضرور"، وكذلك نصت المادة 331-1-3 من نفس القانون والتي خولت للمحكمة المعروض عليها النزاع، في تقديرها للضرر الذي أصاب المدعي جراء فعل الانتهاك ان تسترشد بجملة من المعايير ومن بينها ما حصل عليه المدعى عليه من الربح
انظر على الموقع:
https://www.legifrance.gouv.fr/codes/section_lc/LEGITEXT000006069414/LEGISCTA000006179063/?anchor=LEGIARTI000006279570#LEGIARTI000006279570
[41]- ظافر حبيب جبارة: "النطاق الفني للتعويض عن الخطأ المربح في المسؤولية المدنية " دراسة مقارنة مجلة القانون للبحوث القانونية - ص 12 جامعة ذي قار (العدد 13 لسنة 2016)
[42] -تتلخص وقائع هذه القضية في أن احدى شركات استخراج الغاز الطبيعي خزنت جزء من 24 فائض الإنتاج بأرض ظهرت فيما بعد أنها ملك للمدعي، حيث طالب محامي هذا الأخير بالقيمة الايجارية للأرض فضلا عن الأرباح التي حققتها الشركة من هذا التجاوز على اعتبار أن هذه الأرباح ما هي الا اثراء غير عادل جنته من فعل التجاوز الخاطئ، اذ استجابت المحكمة الى طلبه الأول، فمنحته أجرا مثل ايجار الأرض وقدرته
بمليونين دولار، غير أنها رفضت منحه الربح الذي قدرته الشركة والذي قدر ب 12 مليون دولار، وعند الاستئناف صادقت المحكمة الاستئناف على حكم المحكمة الابتدائية مقدرة أن الأرباح التي حققتها الشركة لم تأت من أو على حساب المستأنف انظر:
- James EDELMAN, Op.cit, p :39
بمليونين دولار، غير أنها رفضت منحه الربح الذي قدرته الشركة والذي قدر ب 12 مليون دولار، وعند الاستئناف صادقت المحكمة الاستئناف على حكم المحكمة الابتدائية مقدرة أن الأرباح التي حققتها الشركة لم تأت من أو على حساب المستأنف انظر:
- James EDELMAN, Op.cit, p :39
[43] - ريسان غازي بحر الزيادي، عناصر التعويض في ضوء تطور مفهوم الخطأ ص 567 , المؤتمر العلمي الدولي الافتراضي الأول لطلبة الدراسات العليا في كليات القانون، بالتعاون مع جامعة بتسبيرغ / الولايات المتحدة 14-15. 2020
[44]-Vignolle.D, La consécration des fautes lucratives un solution au problème d’une responsabilité punitive ? Gorette du Palais.Paris, 2010.p7.
[45] -عدنان احمد ولي، التعويض العقابي والتأمين "مفهوم التعويض العقابي وجواز التامين عليه، رسالة التامين، المجلد 5, العدد 1 , ص 14-17 , السنة 2002
[46] -تنص المادة 17 من مدونة التأمينات رقم 17.99 "يتحمل المؤمن الخسائر والأضرار الناتجة عن الحادث الفجائي او الناتجة عن خطأ المؤمن له، عدا استثناء صريح ومحدد في العقد.
غير ان المؤمن لا يتحمل، لا يتحمل، رغم أي اتفاق مخالف، الخسائر والأضرار الناتجة عن خطأ متعمد او تدليسي للمؤمن له.
الجريدة الرسمية عدد 5054 الصادر بتاريخ 2 رمضان 1423(7 نوفمبر 2002) ص 3105.
غير ان المؤمن لا يتحمل، لا يتحمل، رغم أي اتفاق مخالف، الخسائر والأضرار الناتجة عن خطأ متعمد او تدليسي للمؤمن له.
الجريدة الرسمية عدد 5054 الصادر بتاريخ 2 رمضان 1423(7 نوفمبر 2002) ص 3105.
[47]-Helmut Koziol and Vanessa Wilcox (eds): Punitive Damages: Commun Law and Civil Law Perspectives.op.cit,p25 ,p 246
[48]-BGH, 4 June 1992; Bachmann (fn. 24) 13.
[49]--Helmut Koziol and Vanessa Wilcox (eds). op.cit, p37, p 252
[50] -ظافر حبيب جبارة: مرجع سابق، ص 414.
[51] Arrêt n° 1090 du décembre 2010(09-13-303- cour de cassation premier chambre civile, Epoux X c / Sté Foutaine Pajot, op, cit.
[52]- --Helmut Koziol and Vanessa Wilcox (eds). op.cit,p28 ,p 247
[53] ---Helmut Koziol and Vanessa Wilcox (eds). op.cit,p37 ,p 248
[54] -ظهير شريف يمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية الصادر بالجريد الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394(30 شتنبر 1974)، ص 2741.
[55] -عبد الرحمان الشرقاوي "المدخل لدراسة العلوم القانونية "نظرية القانون-نظرية الحق، الطبعة الثانية، ص 52 , السنة 2017.
[56] -للمزيد من التوسع راجع هادي سليم، مجلة العدل، نقابة المحامين في بيروت، ص 290,العدد الأول سنة 2019 , أيضا تعليق سامي بديع منصور، التعويض العقابي في النظام القانوني اللبناني-عندما يذوب الثلج، مجلة الدراسات القانونية، كلية الحقوق، جامعة بيروت العربية، لبنان ,2019