بعد الضجة التي خلفها قانون 77.15 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها في المجتمع بين مؤيد ومعارض لهذا القانون، بالأخص مصنعي هذه المادة حيث يهددهم الإفلاس وكذا تسريح أكثر من 50 ألف عامل في هذا المجال، وهذا راجع إلى السرعة التي أنجز بها هذا القانون وعدم إعطاء آجال مقبول ومعقول لأصحاب المصانع للبحث عن بدائل تكون في صالحه وصالح البيئة. لكن هذا ما لم يتسنى لهم بعد أن صادق البرلمان بغرفته الأولى على هذا القانون والذي هو موضوع هذا المقال والذي سوف أقف فيه على ما جاء به قانون 77.15 وسأبين أن هذا القانون لا يخاطب المواطنين المستعملين للأكياس البلاستيكية لأغراضهم الشخصية، معتمدا في ذلك منهج وصفي وتحليلي لنصوص هذا القانون.
من خلال إطلاعنا على قانون 77.15 موضوع الدراسة يمكن القول شكليا أنه جاء مكونا من 15 مادة، ولقد استهله المشرع من خلال المادة الأولى بشرح مجموعة من المصطلحات من قبيل:
البلاستيك[1]؛ الأكياس من مادة البلاستيك[2]؛ الأكياس من مادة البلاستيك ذات الاستعمال الصناعي[3]؛ الأكياس من مادة البلاستيك ذات الاستعمال الفلاحي[4]؛ الأكياس من مادة البلاستيك المسماة أكياس كاظمة للحرارة[5]، أكياس التجميد من مادة البلاستيك[6]، أكياس من مادة البلاستيك لجمع النفايات المنزلية[7]، أكياس من مادة البلاستيك لجمع النفايات الأخرى[8].
وتحدث المشرع في المادة الثانية على أنه يمنع ابتداء من فاتح يوليوز 2016 صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وحيازتها بغرض البيع أو عرضها للبيع أو بيعها أو توزيعها ولو بدون عوض. واستثنى المشرع من هذا المنع الأكياس من مادة البلاستيك ذات الاستعمال الصناعي أو الفلاحي والأكياس من مادة البلاستيك المسماة أكياس كاظمة للحرارة، وأكياس التجميد وتلك المستعملة في جمع النفايات لكن لا يمكن استعمال هذه الأكياس إلا لغرض ما أعدت له بمعنى أنه رغم سماح المشرع بصناعة هذه الأنواع من البلاستيك لكن يجب أن تحمل علامة أو وسما مطبوعا إلا أنه لا يمكن للمواطن أن يستعملها مثلا في حاجاته اليومية أو أن يستعملها أصحاب المحلات التجارية لوضع المنتوجات المبيعة للزبناء.
كما حدد المشرع في المادة الخامسة وما بعدها الجهة المكلفة بالبحث عن المخالفات لأحكام هذا القانون وهم:
- ضباط الشرطة القضائية؛
- الأعوان المحلفون والمعينون لهذا الغرض من لدن السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والمالية والصناعة كل فيما يخصه[9]، شريطة حمل بطاقة مهنية ويمكنهم الاستعانة بأعوان السلطة العمومية.
وفي حالة تم ضبط إحدى المخالفات يتم تحرير محضر بذلك ويتم إرساله إلى
الإدارة والتي يمكنها توجيه إنذار مكتوب إلى المخالف للتقيد داخل أجل خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ التوصل بالإنذار المكتوب[10]، وعند انصرام هذا الأجل ولم يمتثل المخالف يتم اللجوء إلى النيابة العامة المختصة، لكن هذا ليس على عمومه إذ يمكن للإدارة مباشرة ودون أي إنذار أن تلجئ لنيابة العامة كلما تبين لها من خلال المحضر المنجز من طرف الأعوان المحلفون مخالفات تستحق المتابعة من طرف النيابة العامة.
وتضمنت المواد الأخيرة من هذا القانون مجموعة من العقوبات حيث نجد المشرع في المادة التاسعة والعاشرة يتحدث عن عقوبة صانع الأكياس البلاستيكية وحائزها، حيث تنص المادة التاسعة على غرامة مالية من 200.000 إلى 1.000.000 لكل شخص صنع الأكياس من البلاستيك المنصوص عليها في البند الثاني من المادة الأولى من قانون 77.15.
في حين تنص المادة العاشرة على غرامة مالية من 10.000 إلى 500.000 لكل شخص حاز الأكياس من مادة البلاستيك المنصوص عليها في البند الثاني من المادة الأولى من قانون 77.15 لكن بغرض بيعها أو عرضها للبيع أو بيعها أو يوزعها بعوض أو بدون عوض أما الاستعمال الشخصي لوضع بعض المشتريات مثلا فلا يشمله هذا المعنى.
أما باقي المواد البلاستيكية المنصوص عليها في البند 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 من المادة الأولى فإن المشرع عاقب مستعملها لغير الغرض الذي أعدت له بغرامة مالية من 20.000إلى 100.000 في المادة 11 من قانون 77.15 .
أما في حالة تعدد المخالفات لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه، تطبق العقوبة الأشد، وتضاعف في حالة العود العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون[11].
كما يجدر بنا الإشارة إلى أمر مهم يشغل بال المواطنين يتمثل في مدى إمكانية متابعة مستعملي الأكياس من مادة البلاستيك؟
أجيب هنا وأقول بأن قانون 77.15 وكذا المرسوم رقم 2.16.174 الصادر في 4 أبريل 2016 القاضي بتطبيق بعض أحكام قانون 77.15 لم يرد فيهما بشكل صريح ما يعاقب مستعملي الأكياس من مادة البلاستيك، رغم أن المشرع قد استعمل مصطلح "الاستعمال" في عنوان قانون 77.15 (ظهير شريف رقم 1.15.148 صادر في 25 صفر 1437 -7 ديسمبر 2015- بتنفيذ القانون رقم 77.15 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها).
لكن باستقرائنا لهذا القانون نجد بأن المشرع لم يجرم هذا الفعل (الاستعمال) وتطبيقا للقاعدة الفقهية المعروفة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص فإن المواطنين المستعملين لهذه الأكياس البلاستيكية لن يعاقبهم هذا القانون. وأقول هنا الاستعمال وليس الحيازة التي عاقب عليها المشرع ولو بغرض توزيعها بدون عوض.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن المشرع استعمل مصطلح "الاستعمال" في المادة 4 من قانون 77.15 "لا يمكن أن تستعمل الأكياس من مادة البلاستيك المذكورة في البنود 3 و 4 و 5 و7 و 8 من المادة 1 ..." وبمفهوم المخالفة فإن أي شخص استعمل هذه الأنواع من البلاستيك الواردة في البنود السالفة الذكر بغرض أخر غير المعدة له سيعاقب وفق مقتضيات هذا القانون[12]، أما الأكياس من مادة البلاستيك التي تستعمل في المحلات لوضع بعض المنتوجات للمستهلكين فالمشرع لم يتحدث عنها وبالتالي لا عقوبة لمن استعملها لحاجياته الشخصية.
الهوامش
[1] - كل مادة تعتمد على استعمال الجزيئات الكبيرة (بوليميرات) الطبيعية أو الاصطناعية أو المصنعة.
[2] - أكياس بمقايض أو بدونها مكونة من البلاستيك، تمنح بعوض أو بدون عوض للمستهلكين في نقط بيع السلع أو المواد أو تقديم الخدمات، وذلك بغرض تلفيف بضائعهم.
[3] - الأكياس من البلاستيك المستعملة حصريا لتلفيف أو توضيب المواد المصنعة داخل مكان التصنيع أو التوضيب.
[4] - الأكياس الموجهة حصريا لاستعمالات فلاحية متعلقة بإنتاج المواد الفلاحية وتخزينها وتوضيبها ونقلها.
[5] - الأكياس التي تمكن من نقل الأغذية المجمدة دون التعرض لخطر انقطاع سلسلة التبريد. وتعمل هذه الأكياس بواسطة عوازل حرارية تقوم بإبطاء عمليات التبادل الحراري
[6] - الأكياس المستعملة حصريا لتلفيف الأغذية من أجل حفظها عن طريق التجميد.
[7] - الأكياس المستعملة حصريا لاحتواء ونقل النفايات المنزلية أو ما شابهها كما تم تعريفها في القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها والنصوص المتخذة لتطبيقه.
[8] - الأكياس المستعملة حصريا لاحتواء ونقل النفايات غير النفايات المنزلية أو ما شابهها، كما تم تعريفها في القانون السالف الذكر رقم 28.00[8]والنصوص المتخذة لتطبيقه.
[9] - مرسوم رقم 2.16.174 صادر في 4 أبريل 2016 بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 77.15 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها. منشور بالجريدة الرسمية عدد 6458 ص 3342.
[10]- المرجع نفسه ص: 3342.
[11] - يعتبر الشخص في حالة العود إذا ارتكب نفس المخالفة أو مخالفة ذات تكييف مماثل خلال الستة أشهر الموالية للتاريخ الذي أصبح فيه الحكم الأول بالإدانة نهائيا.
[12] -المادة 11: يعاقب بغرامة مالية من 20.000 إلى 100.000 درهم كل شخص يستعمل الأكياس من مادة البلاستيك، المنصوص عليها في البنود 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 من المادة 1 أعلاه لأغراض غير تلك الموجهة إليها.