MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




مهنة المحاماة في المغرب بين الأخلاقيات والتخليق

     

خالد خالص
دكتور في الحقوق
محام بهيئة المحامين بالرباط
مقبول للترافع أمام محكمة النقض


عرض ألقي بمركز الندوات والتكوين لجامعة محمد بنعبد الله بفاس يوم 9 فبراير 2024



مهنة المحاماة في المغرب بين الأخلاقيات والتخليق
 
إذا كان المشرع، يعرف المحاماة، بأنها مهنة حرة مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، فإن من يمارسها عن قناعة واختيار، ويؤمن بقيمها وأعرافها، سيجد بأنها تحمل في طياتها، رسالة إنسانية سامية، شريفة ونبيلة، رسالة مبادئ ومواقف، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وفي إرساخ دولة القانون، وكفالة حق الدفاع، عن حياة، وحريات، وشرف، وكرامة، وأموال المواطنين.

 ولكي يستطيع المحامي القيام بالدور المنوط به في المساهمة في تحقيق العدالة، فإن المجتمع الدولي والوطني، متعه عبر العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والنصوص التشريعية والتنظيمية بحقوق وامتيازات كثيرة، كانتسابه لهيئة مستقلة تسهر على حقوقه وواجباته، واحتكاره لحق الدفاع أمام القضاء، وتمتعه بحصانة الدفاع هو ومكتبه وأدوات عمله، وارتداؤه لوحده لبذلة المحاماة، وحقه في استخلاص أتعاب عن عمله، الى غيرها من الامتيازات التي لا تؤول لغيره.

إلا أن المحاماة، ولإن كانت مهنة حرة، يمارسها أصحابها، وهم أحرار ومستقلين، فانه وجب التأكيد كذلك، على أن المحامي فرد من افراد المجتمع ومن المخاطبين بأحكام الدستور وقبله بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تسمو على التشريعات الوطنية، كما تسري عليه قواعد القوانين العامة شأنه شأن باقي المواطنين.

فالمحامي كشخص ذاتي من الممكن أن يكون بائع، أو مشتري، مكر أو مكتري، دائن، أو مدين، جان أو مجني عليه إلخ. إلا أن القانون لا يحابيه، ولا يمنحه أكثر مما يمنح لغيره. بل إن انتماءه الى جماعة مهنية متخصصة من الممكن أن يشكل له في بعض الأحيان ظرف تشديد لا ظرف تخفيف.

والى جانب هذه التشريعات العامة، فإن المحاماة مهنة منظمة، تتطلب لممارستها، الى جانب المؤهلات، مثل التعليم، والشواهد، والتكوين، والتدريب، والكفاءة، والتسجيل في الجدول أو في لائحة التمرين، قوانين وآليات لتنظيمها، حيث خصها المشرع بقانون خاص وهو القانون المنظم لمهنة المحاماة وقانون تنظيم الشركات المهنية للمحاماة مع التركيز على أن قانون المهنة أوكل لمجلس هيئة المحامين وضع نظام داخلي ملزم للمحامي هو الآخر.

إلا أن ما يخضع له المحامي في الواقع أكبر من ذلك بكثير، بدليل أنه لا يخضع فقط للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب وللدستور ولمختلف القوانين، التي يخضع لها سائر المواطنين، ولا يخضع فقط للقانون المنظم لمهنته وللنظام الداخلي، الذي تعده الهيئة التي ينتمي إليها ولا يخضع فقط للقواعد التوجيهية، أو المقررات، التي تصدرها أو تتخذها هذه الهيئة، ولما تحمله من حين لآخر دوريات ومناشير النقيب، بل يخضع المحامي أيضا، لأعراف وتقاليد وأخلاقيات المهنة، منها المدونة ومنها غير المدونة، التي على المحامين احترامها وسلوكها والتحلي بها طبقا للمادة 3 من القانون المنظم للمهنة على سبيل المثال لا الحصر، حماية لهم، وللمجتمع، وللرسالة الإنسانية، والاجتماعية المنوطة بهم.

فإذا كان للكلام آدابه، وللباس آدابه، وللطعام آدابه، وللشراب آدابه، وللمشي آدابه، وللجلوس آدابه، وحتى للعب والهزل آدابه...، فإن لكل مهنة من المهن آدابها وأعرافها وتقاليدها. والمحاماة كرسالة وكفن وكمهنة، لها قواعدها وأخلاقها، وآدابها النابعة من تاريخها، ومن أعرافها وتقاليدها.

ويمكن التعريف بالأخلاقيات المهنية، ويقال لها بالإنجليزية Ethics Professionnal وبالفرنسية L’éthique Professionnelle، بأنها مجموعة من القيم والأخلاق والمبادئ، والمعايير السلوكية، التي اتفق المحامون حولها كقواعد ملزمة لهم، يحرصون على احترامها، لأنها تساعدهم على سلاسة تدبير شؤونهم عند ممارساتهم المهنية، وتساهم في طمأنة زبنائهم من القلق، الذي يمكن أن يعتريهم أمام المعرفة، والامتيازات، التي يتمتع بها المحامي، والتي تجعله في نظرهم في موقع قوة بالنسبة إليهم.

وتعتبر الأخلاقيات المهنية فئة فرعية من منظومة الأخلاق، التي تعد الركيزة الأساسية للحياة داخل الجماعة، باعتبارها الموجه الرئيسي لسلوك الإنسان نحو حياة اجتماعية يطبعها التميز بكل ما هو إيجابي، من أجل التعايش، والاستقرار، والاحترام، والتضامن، والسلام.

ودون الدخول في التفاصيل، فإن الاخلاقيات المهنية، التي تتقاطع في الكثير من محتواها مع الاخلاق بصفة عامة، تتلخص في ممارسة المهنة في إطار الشرف والنزاهة والوفاء والصدق والأمانة والكرامة والعزة والوقار والاعتدال والتواضع والشجاعة والمروءة والصبر والاحترام وسلامة الصدر وغيرها من الصفات المتميزة... ناهيك عن الالتزامات المهنية الأخرى، التي تقع أيضا على كاهل المحامي كالاستقلال و الالتزام بعدم افشاء السر المهني وسرية التحقيق، والتحفظ والتكتم، والابتعاد عن تنازع المصالح، وعن السمسرة، وما تقتضيه باقي الضوابط والأعراف والتقاليد المرتبطة بسلوك المحامي الذي يجب أن يكون متميزا في علاقاته مع نقيب الهيئة ومع أعضاء المجلس ومع زملائه والقضاة وكتاب الضبط وموكليه والعاملين معه بمكتبه وغيرهم، وهو ما يعزز الثقة في جسم المحامين بصفة خاصة وفي النظام القانوني والقضائي بصفة عامة.

ولن أقف في هذه المداخلة عند دراسة الصفات الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها المحامي بصفة عامة ولن أدخل في تفاصيل الأخلاقيات المهنية التي يجب أن تصاحب المحامي في ممارسته المهنية كما لن أتطرق لدواخل الأعراف والتقاليد التي تطبع سلوك المحامي في علاقاته المتعددة لأن ذلك يتطلب ورشات متعددة تمتد على شهور وربما على سنوات وأنا كلي أمل بأن السادة النقباء والسادة أعضاء المجالس والممرنين ومدراء ندوات التمرين والقيدومين سيقفون عند هذه التقاليد والأعراف وعند هذه الأخلاقيات خلال فترة التمرين وحتى بعد فترة التمرين.

وسأكتفي بالقول بأن قدسية الرسالة، التي تناط بالمحامين للدفاع عن حياة وحرية، وكرامة وشرف، وأموال المواطنين، تجعلهم يتبوؤون مكانة متميزة في المجتمع، تبرز عادة من خلال النصوص القانونية التي تأطرهم وتحصنهم، ومن خلال الأخلاقيات المهنية، التي تضبط سلوكهم، وتوجههم نحو الالتزامات المرتبطة بالقيم والمبادئ، التي عليهم التقيد بها حفاظا عليهم، وصونا لمهنتهم وللثقة التي يضعها المجتمع برمته فيهم.

وقد شدد رئيس الدولة الملك محمد السادس منذ توليه العرش، على الأخلاقيات المهنية للمحامين، حيث وجه رسالة قوية إلى المشاركين في الدورة الثانية للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب بتاريخ 20 نونبر 2000 في مدينة الدار البيضاء، قائلا: ""بأن من أكبر المعوقات المهنية الداخلية، التي تؤثر سلبا على المحاماة ما يعرفه الواقع من مساس بأخلاقياتها، وقيمها وتغليب الاعتبارات المادية على مبادئها الإنسانية السامية، وهو ما يؤدي إلى الإخلال بالواجبات التي تفرضها المهنة على المحامي، فهذه الشوائب لا تمس بقدسية مهنة المحاماة فقط، بل وتلقي بضلالها السلبية على الحماية القانونية المطلوب توفيرها لعموم المتقاضين، هذه الحماية التي يعد ضمانها جوهر عمل المحامي ورسالته في آن واحد".

كما أشار الملك، في رسالته هاته إلى المعوقات الخارجية، وما تتعرض له المحاماة من تحديات ترمي إلى الخروج بها إلى مجال الخدمات التجارية، وإخضاعها لمنطق السوق، وجرها إلى حلبة المنافسة الدولية، مما يمس بهويتها الأصيلة ... ونتيجة لهذه التحديات، فان المحاماة توجد اليوم في موقع دفاع، حتى لا تفقد قواعدها، وتقاليدها، وأعرافها، وثقة من يلجأ إليها... ولن يتسنى رفع تلكم التحديات – تقول الرسالة الملكية -، إلا بالعمل على إصلاح وهيكلة المهنة، وفق تنظيم حديث ومتطور يحافظ للمحاماة على استقلالها، وحرمتها، ويضمن في نفس الوقت تطورها، وتكيفها مع المتطلبات المستجدة.. ولن يتم كسب هذا الرهان، إلا بتأمين الضمانات الأخلاقية للمهنة، وأعرافها الأصيلة الملزمة.."

كما ألح الملك محمد السادس، مرة أخرى على أخلاقيات مهنة المحاماة في الرسالة الملكية، التي وجهها للمؤتمر الدولي للمحامين، المنعقد بفاس أيام 28 غشت إلى 4 شتنبر 2005، والتي جاء فيها أنه "بقدر ما أصبح لمهنة المحاماة من طابع عالمي، فإنها تواجه ضرورة توحيد القيم السلوكية المثلى، واعتماد التكوين المستمر، والتوفيق بين وجوب احترام الحريات، وصيانة النظام العام.... دون أن ننسى أنها قبل كل شيء مهنة إنسانية مثالية..." – انتهي كلام الملك –

إلا أنه وجب التأكيد على أن الفساد الذي ينعت به بعض المحامين، هو في الواقع ظاهرة عامة في مجتمعنا، وفي جميع المجتمعات، لا تقتصر على مهنة دون أخرى، بل تنخر العديد من القطاعات الحيوية في البلاد، وأن المعركة الحقيقية هي معركة التخليق، التي تكتسي اليوم ضرورة ملحة ومستعجلة، بشهادة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد في تقريرها الذي قدمته للملك بتاريخ 25 مايو 2021؛ وبشهادة الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس، إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، التي انعقدت يوم 17 يناير 2024 بالرباط والتي طالب من خلالها الملك "بتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم".

ويمكن لنا أن نتساءل هنا عن سبب سن المؤسسة التشريعية لقوانين تنص على مدونة الأخلاقية لبعض القطاعات، واستثناء نفسها، ليأتيها الأمر الملكي الأخير بذلك. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية المؤرخ في 24 مارس 2016 الذي ينص بالمادة 106 منه على أن المجلس، يضع بعد استشارة الجمعيات المهنية للقضاة، مدونة للأخلاقيات القضائية تتضمن القيم والمبادئ والقواعد التي يتعين على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية مع العلم بأن هذه المدونة لم تنشر بالجريدة الرسمة الا بتاريخ 8 مارس 2021 أي بعد خمس سنوات من صدور النص التنظيمي.

وفي جميع الأحوال فإن معركة الأخلاقيات والتخليق تهم جميع المجالات وجميع القطاعات، وتبقى رهينة ليس فقط بالقوانين والأنظمة، بل بصحوة الضمائر، وبالإرادة السياسية والاجتماعية الحقيقية للاستثمار في العنصر البشري. ولن يتم ذلك، إلا بتحمل المجتمع برمته لمسؤوليته، في تنشئة المواطنين على الاخلاق، وتلقينهم مرتكزات التربية المدنية والاجتماعية، وتجويد وتحديث التعليم بجميع مستوياته، وترسيخ قيم المواطنة وجميع المبادئ التي تساعد على العيش المشترك، والنهوض بالبحث العلمي، وتحفيز الكفاءات العلمية العالية، الحقيقية لا المصطنعة.

كما لا يمكن الحديث عن تطهير مهنة المحاماة، من جميع الشوائب التي تحيط بها، إذا لم نأخذ التخليق مأخذ الجد، بالرغم من أن المجتمع برمته بدأ برئيس الدولة واع، بــأن التخليق معركة يجب كسبها، لنرجع للرسالة التي على عاتقنا قدسيتها ومبادئها الإنسانية.

ولا حاجة للتأكيد، بأنه من الصعب أن نتحدث اليوم عن قدسية الرسالة، أمام عدم استحضار البعد الأخلاقي لمهنة المحاماة، ونبلها وشرفها وقيمها الراسخة، لأنه مهما وصلت عصرنة المهنة من رقمنة، وتكنلوجية في تدبير شؤونها، ومهما كسبنا مستقبلا من معارك، مرتبطة بتوسيع لصلاحيات المحامي، وحذف مؤسسة الوكيل القضائي، وسن إلزامية المحامي حتى على الدولة، والإدارات العمومية، وبتخصص المحامين، وكسب النيابة أمام المحاكم الدولية، وأمام لجن حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وغيرها من المكاسب، فإن المعركة الحقيقية التي يجب علينا أن نتجند لها جميعا، وأن نكسبها هي معركة ترسيخ الأخلاق المتميزة بصفة عامة، وتلقين الأخلاقيات التي تضبط السلوك المهني للمحامي، والعمل جديا على تخليق مهنة سامية شريفة، تلعب دورا محوريا داخل المجتمع، لتحصين المحامين من بعض الممارسات الماسة بشرف ووقار المحاماة.

وهنا وجب على الدولة أن تقوم بنقد ذاتي، لتفادي تكرار ما وقع في امتحانات الأهلية الأخيرة لممارسة مهنة المحاماة، لأن ذلك يسيء الممتحنين ويشكك في الجسم المهني برمته ويدفع المواطنين الى فقدان الثقة في المحامين، كما أن على الدولة عدم اعتبار المحاماة سوقا للتشغيل، والتركيز أساسا في إمكانية ولوجها على من تتوفر فيه الكفاءة ونقاء السريرة والتشبع بقيم المهنة وبمبادئها، الى جانب الشروط العلمية والإدارية المتبقية، لأن المحاماة مدرسة متاعب شاقة لا يمكن لأي كان التأقلم معها.

ولابد للدولة أيضا أن تتحمل مسؤوليتها في تكوين المحامي المغربي، بإخراج المعهد العالي لتكوين المحامين للوجود، تكون به شعبة للأخلاقيات المهنية، وإقرار "مدونة السلوك" أو "مدونة الأخلاقيات"، نحتكم اليها جميعا، وتنظيم دورات للتكوين المستمر في هذا الباب من قبل المعهد المذكور، وخلق لجنة الأخلاقيات داخل مجالس هيئات المحامين لضمان الأمن المهني وتحمل هذه الأخيرة مسؤوليتها في التخليق دون أن ننسى مسؤولية القضاء الواقف والجالس في هذا المجال.

إلا أن الاهتمام بالأخلاقيات والتخليق، الذي يشكل ضرورة ملحة ومستعجلة، والذي يأتي استجابة للمشاكل التي يعرفها المشهد المهني على مجموعة من المستويات، غير كاف لوحده لإصلاح مهنة المحاماة بالمغرب، التي هي بحاجة إلى إصلاح شمولي وعميق، انطلاقا من دسترتها، كما هو الشأن في بعض الدساتير الأجنبية باعتبارها فاعلا رئيسيا يشارك القضاء في تحقيق العدالة وفي إقرار السلم الاجتماعي؛ وإحداث مجلس أعلى للمحاماة كمؤسسة دستورية، وطنية منتخبة، وكمخاطب وحيد على الصعيد الوطني والدولي، وضمان تمثيله في جميع المؤسسات الدستورية، وإلزام الدولة بإشراكه في كافة مجالات التشريع، وفي كافة المشاريع المرتبطة بقطاع العدالة وحقوق الإنسان، والإحالة على نص تنظيمي بخصوص تركيبة واختصاصات هذا المجلس.

ولا بد من إقرار قانون حداثي متطور لتنظيم مهنة المحاماة يعزز استقلالها، ويوسع من اختصاصات المحامين، ويدعم حصانتهم.

 وكلنا أمل بأن تكون لنا في مجتمعنا المغربي اليوم قبل الغد، وبتظافر جهود الجميع، محاماة حرة ومستقلة، محاماة وقورة ومهابة، ومحامون مهنيون أكفاء، أقوياء وأتقياء، محامون شرفاء ونزهاء، محامون نفتخر بهم داخليا ودوليا، ونباهي بهم الأمم.

ولن أختم هذا العرض دون ذكر قول الله عز وجل في سورة فاطر "يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور" صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الاحد 9 يونيو 2024

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter