ظاهرة عامة، تكاد تكون هيكلية في المرافق العمومية وشبة العمومية والجماعات الترابية ، تتمثل في عدم إعطاء قيمة مالية للوقت العام ، بحيث يتصرف بعض المسؤولين الكبار داخل هذا المرفق العمومي ، دون إيلاء الوقت العام أية قيمة مالية ، وتصرفهم هذا ينعكس عن تصرفاتهم مرؤوسيهم .
وكم أكون مزهوا بالدروس التي يقدمها جلالة الملك للجميع حكومة وشعبا وبالخصوص للمسؤولين الكبار في البلاد ، حينما يحدد مسبقا تاريخ إلقاء خطبه سامية من على الإذاعة الوطنية أو التلفاز ، ويحترم ذلك الموعد بالدقيقة والثانية.
وهذا عكس ما نجد عند بعض المسؤولين سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي أو الترابي ، بحيث يتم دعوة ممثلي القطاعات الوزارية لحضور اجتماع ما ، ليكون مثلا على الساعة 10 صباحا ، ولا يحضر سيادته إلا على الساعة 11 صباحا ، دون تقديم أي اعتذار ولا تبرير.
ولنا أن نتساءل ما هي الكلفة المالية لتلك الساعة، إذا طرحنا قيمة كل ساعة قضاها ذلك المسؤول الإقليمي أو الجهوي أو المركزي في قاعة الانتظار من أجره اليومي على اعتبار أن كل مسؤول يعمل على الأقل 8 ساعات في اليوم، ناهيك عن أجر السائق . وهذه التصرفات قد تتكرر بنسبة مرتين في الأسبوع .
وعلى هذا الأساس إذا كان كل مسؤول يحصل من المال العام على 100درهم في الساعة ، وأن معدل المسؤولين على صعيد كل عمالة وإقليم يصل إلى 30 مسؤولا ، فهذا يعني أن الخسارة قد تصل إلى 3000 درهم عن كل ساعة ضاعت بدون انتاج . ولنا أن تصور عدد الساعات التي تضيع في كل شهر وخلال السنة، ولا سيما إذا اضفنا ما يضيع على صعيد كل عمالة وإقليم بل ووزارات .
وإذا زدنا على ما سبق عدم احترام نسبة كبيرة من الأطر والعوان لأوقات العمل الرسمية ، كل حسب موقعه الإداري ، فقد نصل إلى أن نسبة مهمة منهم لا تحضر إلى مقرات عملها على الساعة 30، 8 صباحا وتغادره قبل 30، 4 مساء ، مما يعني أن هناك نهبا للوقت العام من طرف جل الموظفين ، وعلى رأسهم عليتهم . وحتى إذا حضروا في الوقت الرسمي ، فقد يضيعون نسبة كبيرة من الوقت العام في المجاملة واحتساء ما لذ وطاب من المشروبات التي قد تعد من طرفهم داخل أوقات العمل .
وإذا حاولنا إحصاء ساعات الرخص المرضية والاستثنائية ، والتغيب لأسباب عائلية وشخصية وغيرها من الاعذار المقبولة وغير المقبولة ، قد يظهر بالملموس فظاعة وحجم ما تم نهبه من الوقت العام ، وتكلفته النقدية من جيوب المواطنين.
وبالموازاة مع ذلك ، نجد أن المشرع ذاته ، قد يساهم في هذه الآفة ، وكمثال على ذلك ، تردده منذ أول دستور عن إصدار القانون التنظيمي للإضراب ، مما فتح المجال أمام النقابات والتنسيقيات، وفي بعض الأحيان الجمعيات، للدعوة إلى الإضرابات لأسباب قد تكون موضوعية وفي بعض الأحيان لأغراض سياسوية، الشيء الذي ينعكس عن تردي الخدمات العامة، ناهيك عن التسامح مع المضربين ، واهمال قاعدة الأجر مقابل العمل .
ومن خلال الواقع العملي ، يتضح بالعين المجردة بأن هناك من العاملين في الإدارات العمومية من يرفض التعامل بالإدارة الالكترونية ، ويفضلون العمل الورقي ، والبعض منهم عوض التعامل بوسائل الاتصال الحديثة يفضل مكاتبة زميله أو الغير عن طريق البريد وينتظر الجواب الكتابي ، حتى لو تعلق الأمر مجرد الحصول على معلومة تافهة .
ويدق الأمر أكثر بالنسبة للشكايات ، فعوضا عن فتح نافذة في الموقع الالكتروني لتلك الإدارة من أجل تلقي ومعالجة الشكايات ، يتم استقبال المرتفقين على طول اليوم دون تحديد موعد للزيارة ، مما يؤدي إلى هذر للوقت العام والجهد في الإقناع الذي قد يتحول إما إلى التسويف أو الابتزاز .
ولا غرو أن الوقت العام في الإدارة يعتبر رأسمالا غير متجدد ، ولا سبيل لإرجاع الزمن إلى الوراء ، فكلما كثر إهدار الوقت العام، إلا واعتبر ذلك خسارة مالية وزمنية لا تعوض.
وهذا يعني أنه كلما غاب عن المسؤول الحس التدبيري للوقت وطغى عليه سوء الاعداد والتنظيم، تفوقت البيروقراطية وأسباب الفشل ، وينعكس ذلك على مرؤوسيه الذين قد يتفننون في نهب الوقت العام .
لذا يتعين تحسيس العاملين في الإدارات العمومية ، وعلى رأسهم كبار المسؤولين بكيفية تدبير الوقت العام، لأن سوء استخدام تدبير الزمن ينتج عنه لا محالة الابتعاد عن ركب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الديمقراطية.
والمثير للانتباه أنه في الوقت الذي تبرم الإدارات صفقات سنوية في مجال التكوين وتدبير الوقت ، لا يحترم بعضها أبجدية هذا التكوين ، بحيث ما إن يرغب المستفيد من التكوين في تنفيذ ما تم تحصيله ويضع برنامج عمله اليومي أو الأسبوعي، حتى يتم تعطيل ذلك البرنامج ، ويطلب منه ترك ما بيده ومباشرة العمل في ملف آخر له "أهميته القصوى " . وهنا يكون التكوين المذكور مضيعة للوقت والمال العامين.
لذلك ، إذا كان هناك من اصلاح للوظيفة العمومية ، فيجب أن يبدأ من احترام الوقت العام من طرف الجميع ، ولاسيما الحكومة نفسها التي يجب أن تحترم مخططها التشريعي الذي التزمت به مع المواطنين ، وثانيا عن طريق الضرب بيد من حديد على كل من ينهب الوقت العام ولو استدعى الأمر تجريم هذا الفعل ، لأن الوقت العام جزء لا يتجزأ من الملك العمومي ، الذي لا يمكن تملكه من أي كان وهو مخصص للمنفعة العامة ، ومهمة الدولة والجماعات الترابية تدبيره نيابة عن العموم .
وكم أكون مزهوا بالدروس التي يقدمها جلالة الملك للجميع حكومة وشعبا وبالخصوص للمسؤولين الكبار في البلاد ، حينما يحدد مسبقا تاريخ إلقاء خطبه سامية من على الإذاعة الوطنية أو التلفاز ، ويحترم ذلك الموعد بالدقيقة والثانية.
وهذا عكس ما نجد عند بعض المسؤولين سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي أو الترابي ، بحيث يتم دعوة ممثلي القطاعات الوزارية لحضور اجتماع ما ، ليكون مثلا على الساعة 10 صباحا ، ولا يحضر سيادته إلا على الساعة 11 صباحا ، دون تقديم أي اعتذار ولا تبرير.
ولنا أن نتساءل ما هي الكلفة المالية لتلك الساعة، إذا طرحنا قيمة كل ساعة قضاها ذلك المسؤول الإقليمي أو الجهوي أو المركزي في قاعة الانتظار من أجره اليومي على اعتبار أن كل مسؤول يعمل على الأقل 8 ساعات في اليوم، ناهيك عن أجر السائق . وهذه التصرفات قد تتكرر بنسبة مرتين في الأسبوع .
وعلى هذا الأساس إذا كان كل مسؤول يحصل من المال العام على 100درهم في الساعة ، وأن معدل المسؤولين على صعيد كل عمالة وإقليم يصل إلى 30 مسؤولا ، فهذا يعني أن الخسارة قد تصل إلى 3000 درهم عن كل ساعة ضاعت بدون انتاج . ولنا أن تصور عدد الساعات التي تضيع في كل شهر وخلال السنة، ولا سيما إذا اضفنا ما يضيع على صعيد كل عمالة وإقليم بل ووزارات .
وإذا زدنا على ما سبق عدم احترام نسبة كبيرة من الأطر والعوان لأوقات العمل الرسمية ، كل حسب موقعه الإداري ، فقد نصل إلى أن نسبة مهمة منهم لا تحضر إلى مقرات عملها على الساعة 30، 8 صباحا وتغادره قبل 30، 4 مساء ، مما يعني أن هناك نهبا للوقت العام من طرف جل الموظفين ، وعلى رأسهم عليتهم . وحتى إذا حضروا في الوقت الرسمي ، فقد يضيعون نسبة كبيرة من الوقت العام في المجاملة واحتساء ما لذ وطاب من المشروبات التي قد تعد من طرفهم داخل أوقات العمل .
وإذا حاولنا إحصاء ساعات الرخص المرضية والاستثنائية ، والتغيب لأسباب عائلية وشخصية وغيرها من الاعذار المقبولة وغير المقبولة ، قد يظهر بالملموس فظاعة وحجم ما تم نهبه من الوقت العام ، وتكلفته النقدية من جيوب المواطنين.
وبالموازاة مع ذلك ، نجد أن المشرع ذاته ، قد يساهم في هذه الآفة ، وكمثال على ذلك ، تردده منذ أول دستور عن إصدار القانون التنظيمي للإضراب ، مما فتح المجال أمام النقابات والتنسيقيات، وفي بعض الأحيان الجمعيات، للدعوة إلى الإضرابات لأسباب قد تكون موضوعية وفي بعض الأحيان لأغراض سياسوية، الشيء الذي ينعكس عن تردي الخدمات العامة، ناهيك عن التسامح مع المضربين ، واهمال قاعدة الأجر مقابل العمل .
ومن خلال الواقع العملي ، يتضح بالعين المجردة بأن هناك من العاملين في الإدارات العمومية من يرفض التعامل بالإدارة الالكترونية ، ويفضلون العمل الورقي ، والبعض منهم عوض التعامل بوسائل الاتصال الحديثة يفضل مكاتبة زميله أو الغير عن طريق البريد وينتظر الجواب الكتابي ، حتى لو تعلق الأمر مجرد الحصول على معلومة تافهة .
ويدق الأمر أكثر بالنسبة للشكايات ، فعوضا عن فتح نافذة في الموقع الالكتروني لتلك الإدارة من أجل تلقي ومعالجة الشكايات ، يتم استقبال المرتفقين على طول اليوم دون تحديد موعد للزيارة ، مما يؤدي إلى هذر للوقت العام والجهد في الإقناع الذي قد يتحول إما إلى التسويف أو الابتزاز .
ولا غرو أن الوقت العام في الإدارة يعتبر رأسمالا غير متجدد ، ولا سبيل لإرجاع الزمن إلى الوراء ، فكلما كثر إهدار الوقت العام، إلا واعتبر ذلك خسارة مالية وزمنية لا تعوض.
وهذا يعني أنه كلما غاب عن المسؤول الحس التدبيري للوقت وطغى عليه سوء الاعداد والتنظيم، تفوقت البيروقراطية وأسباب الفشل ، وينعكس ذلك على مرؤوسيه الذين قد يتفننون في نهب الوقت العام .
لذا يتعين تحسيس العاملين في الإدارات العمومية ، وعلى رأسهم كبار المسؤولين بكيفية تدبير الوقت العام، لأن سوء استخدام تدبير الزمن ينتج عنه لا محالة الابتعاد عن ركب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الديمقراطية.
والمثير للانتباه أنه في الوقت الذي تبرم الإدارات صفقات سنوية في مجال التكوين وتدبير الوقت ، لا يحترم بعضها أبجدية هذا التكوين ، بحيث ما إن يرغب المستفيد من التكوين في تنفيذ ما تم تحصيله ويضع برنامج عمله اليومي أو الأسبوعي، حتى يتم تعطيل ذلك البرنامج ، ويطلب منه ترك ما بيده ومباشرة العمل في ملف آخر له "أهميته القصوى " . وهنا يكون التكوين المذكور مضيعة للوقت والمال العامين.
لذلك ، إذا كان هناك من اصلاح للوظيفة العمومية ، فيجب أن يبدأ من احترام الوقت العام من طرف الجميع ، ولاسيما الحكومة نفسها التي يجب أن تحترم مخططها التشريعي الذي التزمت به مع المواطنين ، وثانيا عن طريق الضرب بيد من حديد على كل من ينهب الوقت العام ولو استدعى الأمر تجريم هذا الفعل ، لأن الوقت العام جزء لا يتجزأ من الملك العمومي ، الذي لا يمكن تملكه من أي كان وهو مخصص للمنفعة العامة ، ومهمة الدولة والجماعات الترابية تدبيره نيابة عن العموم .