MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب

     

من إعداد الطالب الباحث: سعيد الرحموني

تحت إشراف الدكتور:
د.يونس مليح


الرقم التسلسلي للنشر
11598
بتاريخ 15 دحنبر 2024

رقم الإيداع الدولي المعياري
2028-8107



رفقته نسخة للتحميل

واجهة_بحثي.pdf البحث  (1.58 ميغا)

مقدمة عامة:
     يشهد العالم تغيرات جذرية في مجالات عدة تصادف بداية الألفية الثالثة وقدوم القرن الحادي والعشرين، وتلعب التكنولوجيا دورا مهما في هذه التغيرات، ويرافق ذلك تحولات اجتماعية جعلت البعض ينعت المجتمعات القادمة بالمجتمعات "المعلوماتية"، هذه التغيرات دعت البشرية لاعتبارها ثورة جديدة في تاريخ الإنسانية.
    إذا كانت الموجة الأولى هي "الثورة الزراعية" فقد كانت قمتها في القرن الثامن عشر، ثم تلتها الموجة الثانية وهي "الثورة الصناعية" التي كانت قمتها في الخمسينيات من القرن العشرين، لتليها الموجه الثالثة "ثورة المعلومات والتكنولوجيا" والتي لازالت تتصاعد مع بداية القرن الواحد والعشرين، ومن أهم مظاهر هذه الثورة تعاظم دور المعلوماتيات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، ويعتبر " الذكاء الاصطناعي" من أهم وأبرز إنتاجاتها[1].
     فقد أصبحت التكنولوجيا في الوقت الراهن وسيلة في يد العالم نحو الرقي الحضاري والاقتصادي، وأصبحت حقيقة قائمة في العصر المعاصر، حيث لم يعد الإنسان بمعزل عن "الفضاء الرقمي"، فقد أضحى يسخر التكنولوجيا في أغلب معاملاته اليومية، مما جعلنا نعيش بحق زمن التغير، كل شيء يتغير تخضع معه حياتنا للتغيير وأنماط التفكير للتعديل... و"الذكاء الاصطناعي" هو من يقوم بكل هذه الأدوار.
      ولعل رهان الدول في الوقت الحالي هو إدماج وسائل التكنولوجيا في الإدارات العمومية، ومن بينها المغرب الذي أصبح ينحو منحى تطوير منظومته الداخلية والخارجية ومختلف أجهزته بما يتماشى مع عصر بروز "الذكاء الاصطناعي"، لأن هذا الأخير قد أثبت نجاحا باهرا في شتى المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الصناعية والبيئية وغيرها.
      وفي نفس التوجه باتت هناك ضغوطات على "الحكومة المغربية" من خلال محاولة إدماج تقنيات "الذكاء الاصطناعي"  في مختلف القطاعات الحكومية حتى تتمكن " الإدارة العامة " من تلبية حاجيات المواطنين بصورة أكثر كفاءة وفعالية وجودة وشفافية، لأن الإدارة اليوم لم تقتصر على تقديم الخدمات فقط، بل أصبحت ملزمة بتحقيق "الجودة" في تلبية طلبات الجمهور وبالتالي، فإن استعمال" تقنيات الذكاء الاصطناعي " في مختلف "المرافق العمومية" من شأنه أن يساهم في خلق "إدارة ذكية" تتسم بالسرعة في أداء الخدمات والاستجابة لطلبات المرتفقين وتحسين التفاعل مع المواطنين و وتجاوز عيوب "الإدارة التقليدية" وما تعرف به من بطء وتعقيد وتعطيل  لمصالح المواطنين. 
التحديد المفاهيمي للموضوع
     قبل الخوض في معرفة ما المقصود "بالذكاء الاصطناعي" وجب علينا الإشارة مسبقا إلى أن موضوع بحثنا هذا لا يمكن دراسته بمعزل عن القانون لكون "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" في مختلف المجالات سيكون لها الأثر الإيجابي على "جودة الخدمات" والوظائف التي تسعى الدولة لتحقيقها بصفة عامة، وتلبية طلبات واحتياجات المواطنين عبر مجموعة من "المرافق العامة الإدارية" سواء على المستوى "الوطني أو الترابي" بصفة خاصة، وكل هذا نستشفه من خلال قراءتنا للعنوان " الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب".
      وكما هو معلوم لدى الجميع أن الإلمام والإحاطة بأي موضوع لا بد من تحديد مفاهيمه الجوهرية لأن من تحديد المفهوم يتضح المعنى، وهذا ما يحتم علينا تحديد مختلف المفاهيم الأساسية التي تحيط بموضوع بحثنا على اعتبار أن مفهوم "الذكاء الاصطناعي" من المفاهيم الحديثة التي لم تتلق انتشارا كبيرا في الساحة القانونية، مما يتطلب منا ضرورة بيان المقصود منه.
     بالنسبة لمفهوم "الذكاء الاصطناعي" يمكن تعريفه على أنه "فرع من علوم الكومبيوتر يهدف إلى إنشاء أنظمة يمكنها أداء المهام التي تتطلب عادة ذكاء بشريا مثل: الإدراك والاستدلال والتعلم واتخاذ القرار"[2].
     بناء على التعريف يمكن القول إن "الذكاء الاصطناعي" ما هو إلا محاكاة عمليات "الذكاء البشري" بواسطة أنظمة خاصة تشبه "أنظمة الكومبيوتر"، ويتميز "الذكاء الاصطناعي" بالقدرة على" التفكير" و"التعلم" و"اتخاذ القرار" من خلال تحليل عمليات كبيرة من البيانات، كما يمكن استخدام "الذكاء الاصطناعي" القيام بالمهام أو إجراء "التنبؤات" أو تحديد الأنماط التي يجد الإنسان صعوبة في اكتشافها.
       فيما يتعلق "بالخدمة العمومية" يمكن تعريفها على أنها " كل الخدمات التي تقدمها الحكومة لعامة المواطنين، وذلك لإشباع حاجياتهم الأساسية المختلفة مثل: التعليم، الصحة الأمن، الماء، الكهرباء وغيرها من الخدمات الأخرى وذلك عبر مجموعة من المرافق العامة "[3].
 أما بالنسبة لمفهوم "الجودة " فيمكن تعريفه بأنه " مجموعة من الخصائص والسمات التي يجب توفرها في منتوج ما أو خدمة معينة بحيث تجعله يقوم بوظيفته على أكمل وجه ويحقق رضى المستهلك أو المرتفق "[4].
الإطار التاريخي للموضوع
      إن ظهور " الذكاء الاصطناعي" ليس بحديث العهد كما يبدو لعامة الباحثين، لأن هناك آراء فقهية ترجع ظهور "الذكاء الاصطناعي" لحقبة زمنية سالفة وأساسها الفلسفة عند الإغريق في نظريات "الرياضيات" و"التعلم" و"المنطق"، التي برزت مع مجموعة من الفلاسفة من أمثال: "سقراط" و"أفلاطون" و "فرانسيس بيكون"، من خلال ما يعرف بالنظريات الاحتمالية والحوسبة التي يعود تأسيسها إلى عالم الرياضيات العربي " محمد بن موسى الخوارزمي"[5].
     أما نظامه العلمي فقد بدأ رسميا خلال انعقاد مدرسة صيفية في "الولايات المتحدة الأمريكية"، هانوفر عام 1956 في "كلية دارت موث" من قبل أربعة باحثين، وهم "جون ما كارثي" و "ما رفن منسكي" و "ناثانييل روتشر" و" كلود شانون" مند أكثر من ستين سنة، وقد استندوا على وظائف المعرفة وبالخصوص التعلم والاستدلال والإدراك والذاكرة والحفظ والاكتشاف العلمي، ليمكن برمجة جهاز الحاسوب على استنساخها، مع الإشارة إلى أن "الذكاء الاصطناعي" موهوب بالذكاء وقادر على منافسة البشر. 
      أما بخصوص "أنظمة الذكاء الاصطناعي" فقد ظهر أول نظام في عام 1973 للتعرف على الكلام وبصمات الأصابع وقراءة النصوص المكتوبة باللغة العربية والتخطيط والسيارات ذات التحكم وتشخيص أمراض الأورام وغيرها[6].
     وجدير بالذكر أن تاريخ الاهتمام بمناقشة "أنظمة الذكاء الاصطناعي" قد برز مند تسعينيات القرن الماضي، وهذه الأنظمة توظف في مواضيع "العقود الذكية" و"السجلات الإلكترونية"، وكذلك الشؤون القانونية والإدارية في إطار علم القانون.
    وفي الوقت الحالي، فقد تزايدت الدراسات والأبحاث القانونية التي تعنى بالمواضيع القانونية وشؤون "الإدارة العامة" وعلاقتها "بالذكاء الاصطناعي"، وأصبح استخدام "تطبيقات الذكاء الاصطناعي في "الخدمات الإدارية" ضرورة لا مفر منها، ولعل خير مثال على ذلك ما جاءت به القولة الآتية: " قد يعتبر عدم استعمال الذكاء الاصطناعي يوم ما سوء تصرف قانوني وسيكون مشابها لمحامي في أواخر القرن الواحد والعشرين ولا يزال يستعمل كل شيء يدويا على الرغم من قدرته على استعمال جهاز الكومبيوتر "[7].
أهمية الموضوع
      إن موضوع دراستنا هذا " الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب" يكتسي أهمية بالغة في واقعنا الحالي، يمكن توضيحها فيما هو "عملي"، وفيما هو "علمي".
   فمن الناحية العملية، وارتباطا بالتعقيدات التي تعاني منها "الإدارة المغربية "من تماطل وروتين وغيرها الكثيرة من المعيقات التي تواجهها في تلبية حاجيات المواطنين، وإن استخدام "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" سيساهم بشكل كبير في توفير خدمات عامة حديثة ومتطورة والتقليل من الأخطاء والمشاكل الإدارية  وضمان السرعة والشفافية في أداء الخدمة، مما يوفر "للحكومة المغربية" الجهد والوقت والمال ويحقق الصالح العام، وبالتالي سيتم الانتقال بنشاط الإدارة العامة من واقعه "التقليدي" الورقي إلى الواقع المعاصر "الإلكتروني"، ومن ثم سيتم حفظ مكانة الجهاز الإداري في ظل وجود منافسة عالمية بين الدول في التفوق التكنولوجي.
  أما من الناحية العلمية، فتتجسد في كون هذا الموضوع قد تلقى اهتمام العديد من الدارسين والباحثين في المجال الإداري، على اعتبار أن مجمل الدراسات السابقة التي اهتمت بدراسة "الذكاء الاصطناعي" في مختلف المجالات القانونية والاقتصادية والبيئية...إلخ، فقد أبانت بالفعل على أن "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" من شأنها أن تساهم في "تجويد الخدمات الإدارية" الأن تلك التطبيقات لها القدرة على القيام بمجموعة من المهام المعقدة بدقة وسرعة عالية من خلال توظيف تقنيات متعددة من بينها "العقود الذكية" و"القرارات الخوارزمية" و"الوكيل الذكي".
دوافع اختيار الموضوع
      إسنادا لمبدأ السببية الذي ينص على أن لكل بحث سبب أو أسباب وعليه، فأسباب اختياري لموضوع " الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب" يعود إلى مجموعة من العوامل منها ما هو "ذاتي" وما هو "موضوعي" وما هو "علمي".
 بالنسبة للدوافع الذاتية، تتجلي في رغبتي في البحث في المواضيع التي ترتبط بالتكنولوجيا واستخدامها في المجال الإداري، خاصة أننا أصبحانا اليوم نرى أن المواطن المغربي لم يعد يتوجه إلا إلى "القطاع الخاص" لقضاء حاجياته الإدارية، لأن التعقيدات والروتين الذي يطبع "المرافق العامة" للدولة يزيد بدورة من قلق المرتفق، وبالتالي يمكن" للذكاء الاصطناعي" أن يساهم في تحسين وتسريع "جودة" الخدمات العمومية وإصلاح العلاقة ما بين المرتفق والإدارة من خلال خلق "إدارة ذكية" تتميز بالسرعة والشفافية في أداء مهامها.
أما بالنسبة للدوافع الموضوعية، فإن موضوع "تجويد الخدمات الإدارية" قد حضي باهتمام كبير من طرف "المؤسسة الملكية"، ففي كل افتتاح لدورة البرلمان يحث جلالة الملك على "تبسيط المساطر الإدارية" و"تحديث الإدارات العمومية" عبر إدخال الحكومة لتكنولوجيات المعلومات في كافة قطاعاتها.
أما بخصوص الدوافع العلمية، فقد أصبحنا اليوم نرى أن الجامعات المغربية تدرس مادة بعنوان "تطبيقات الذكاء الاصطناعي"، فضلا عن عقد العديد من المؤتمرات والقيام بالعديد من الندوات الدولية والوطنية التي اهتمت بهذه التطبيقات وعلاقتها بالتنمية في مختلف المجالات الصناعية والخدماتية والفلاحية والإدارية...إلخ.
صعوبات البحث
     على اعتبار أن كل عمل فكري أكاديمي لا بد من أن يواجه مجموعة من الصعوبات، والتي تختلف من بحث لآخر، فقد واجهتنا أثناء إعداد هذا البحث المتواضع عدة تحديات من بينها حداثة الموضوع، وبالرغم من انتشار مواضيع "الذكاء الاصطناعي" إلى أنه قد واجهتنا ندرة في المراجع التي اهتمت بدراسة "الذكاء الاصطناعي" وعلاقته "بالإدارة العامة"، هذا بالإضافة إلى عدم وجود تطبيق واقعي "لتقنية الذكاء الاصطناعي" بالمغرب.
 الإشكالية الرئيسية والإشكاليات الفرعية للموضوع
      يحيى العالم الآن تحـت كنـف مـا يعـرف بـــ " الإدارة الذكيـة "، الـتي ظهـرت مؤخرا كامتـداد "للإدارة الإلكترونيــة" في المرافق العمومية، ويقــصد بهــا تقـديم الخــدمات الإدارية بطريقة إلكترونية عبر "تقنيات الذكاء الاصطناعي"، مثل: "الشبكات العصبية" و"الخوارزميات" و"الروبوتات" و "الأتمتة"، بحيث يمكن من خلالها تقديم خدمات للمرتفقين على مـدار كل الساعة بسرعة ودقة عالية وفي وقت زمني محدد وبأقل تكلفة ممكنة. وهذا مطلب ضروري في القيادة الإدارية الجيدة على عكس ما تعرف به "الإدارة التقليدية" من "بيروقراطية " وإهدار للوقت والجهد وتضييع للمال والجمود في تحقيق الصالح العام.
    وتأسيسا على ما سبق، نجد أن "الذكاء الاصطناعي" سيساهم في تحسين "جودة الخدمات الإدارية" في المستقبل القريب، وكذلك الرفع من الأداء العمومي وضمان سير "المرافق العمومية" في أداء خدماتها بانتظام واطراد سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية.
     ومن هذا المنطلق فإن الإشكالية الرئيسية للموضوع تتمحور حول مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تجويد الخدمات الإدارية داخل المرافق العمومية، لتكون هذا الأخيرة قادرة على الاستجابة لطلبات المرتفقين؟
   ومن خلال مضمون الإشكالية الرئيسية للموضوع يتضح لنا جليا أنها تتفرع عنها مجموعة من الإشكاليات الفرعية يمكن إجمالها فيما يلي:
  • ما هو مفهوم الذكاء الاصطناعي؟ ومتى ظهر هذا الذكاء؟
  • ماهي أنواع الذكاء الاصطناعي؟ وماهي خصائصه وتطبيقاته؟
  • ما هو مفهوم جودة الخدمة وإطارها القانوني؟ وما هي أسسها ومكوناتها؟
  • كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تجويد العمل الإداري؟
  • ماهي تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري ومجالات توظيفها؟
  • ماهي الإكراهات التي تحد من استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري؟
  • وماهي سبل تنزيل تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري؟
مناهج البحث
   لا يخفى علينا أن دراسة موضوع "الذكاء الاصطناعي" وعلاقته "بالخدمات الإدارية" ليس بالعملية السهلة، وذلك راجع إلى تداخل المهام التي تؤديها "المرافق العمومية" التابعة "للدولة" أو "للجماعات الترابية" من أجل تغطية طلبات المرتفقين. وبالتالي، فالإحاطة بموضوع "الذكاء الاصطناعي" وعلاقته "بتجويد" نشاط "المرفق العمومي" يفرض علينا الاعتماد على مجموعة من "المناهج" و"المقاربات"، من أجل تفكيك وتمحيص مضامين الموضوع وذلك من قبيل:
المنهج البنيوي الوظيفي: وذلك من خلال البحث في بنية الإدارة الذكية ودورها في تجويد الخدمات الإدارية، والوقوف على علاقتها بالمؤسسات والهياكل الأخرى، بالإضافة إلى أن هذا المنهج سيساعدنا في معرفة الوظائف الأساسية للإدارة العامة بناء على ما خول لها القانون من مهام واختصاصات وألقى على عاتقها مجموعة من الالتزامات تجاه المرتفقين.
المنهج المقارن: على اعتبار أن هناك تباين على المستوى التكنولوجي ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، حيث يمكن استخدام هذا المنهج لمقارنة مدى جهوزية الدول من الناحية المعلوماتية لإدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإدارات العمومية، ومقارنة جودة الخدمات الإدارية في النظام المغربي وبعض الأنظمة الأخرى.
المنهج الوصفي التحليلي: نستطيع من خلاله تحليل مختلف الجوانب التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي وعلاقته بتحسين جودة الخدمات الإدارية ببلادنا، بالإضافة إلى تحليل الترسانة القانونية التي تحيط بالموضوع من بينها مبدأ الجودة في المرفق العمومي وهو من بين المبادئ الحديثة التي تحكم المرافق العمومية عبر آلية تحليل المضمون، ومن ثم الوقوف على الآثار التي يفترض أن تحدثها تقنيات الذكاء الاصطناعي في اتجاه تجويد الخدمات الإدارية.
خطة البحث
   وبناء على ما سلف، ومن أجل مقاربة موضوع "الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب"، حاولنا معالجته وفق التقسيم الثنائي، في فصلين كبيرين (تحت كل فصل مبحثين، وتحت كل مبحث مطلبين، وتحت كل مطلب فقرتين...إلخ) كما يلي:
الفصل الأول: الإطار النظري للذكاء الاصطناعي وجودة الخدمات الإدارية
الفصل الثاني: تطبيقات الذكاء الاصطناعي ودورها في تحسين جودة العمل الإداري
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الأول: الإطار النظري للذكاء الاصطناعي وجودة الخدمات الإدارية
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 

مقدمة الفصل الأول:
    لقد أدى التقدم الهائل في مجال التكنولوجيا والمعلوميات إلى إحداث نقلة نوعية في جميع مجالات الحياة، حيث أصبح اليوم الاعتماد على وسائل التكنولوجيا ومن بينها تقنيات الذكاء الاصطناعي، ضرورة حتمية تسعى غالبية الدول لتحقيقها والاستفادة من محاسنها خاصة في مجال تدبير الخدمات الإدارية الحكومية وتسريع عجلة التنمية في مختلف المجالات.
       ومما يساهم في تعزيز استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التدبير الإداري هو أن الإدارة اليوم أصبحت تعاني من مجموعة من المشاكل، كضعف التفاعل مع المواطنين وتعطيل مصالحهم وكثرة التعقيدات والإجراءات وضعف الشفافية والبيروقراطية، وبالتالي فإن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي سيساهم بشكل كبير في تلبية رغبات المواطنين المتزايدة بشكل مستمر ومسرع وبأقل تكلفة ممكنة، عن طريق تسخير العديد من الآليات الحديثة كالقرارات الخوارزمية والوكيل الذكي والعقود الذكية وغيرها من المفاهيم التي تعد مفتاح نشاط الإدارة الذكية؛ التي باتت تعرف بالسرعة والمردودية والشفافية في تقديم خدماتها للمرتفقين.
   ولما كان الذكاء الاصطناعي قادرا على محاكاة الذكاء البشري وذلك لقدرته على أداء مجموعة من المهام المعقدة بجودة عالية ودقة محددة وفي وقت زمني محدد عن طريق مجموعة من الشبكات العصبية والخوارزميات...وقد ارتأينا تخصيص (المبحث الأول) للحديث عن مفهوم الذكاء الاصطناعي وميلاده وكذا مختلف أنواعه ومجالات استخدامه. أما فيما يخص (المبحث الثاني) فقد تناولنا بصدده الحديث عن مفهوم الجودة في الخدمة العمومية باعتبارها أحد العناصر والقواعد التي تقوم عليها الإدارة الالكترونية الحديثة.
   
   
المبحث الأول: التأطير المفاهيمي للذكاء الاصطناعي
     الذكاء الاصطناعي (AI)هو مجال علوم الكمبيوتر، المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادة بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع والتعرف على الصور.
     تجمع المؤسسات الحديثة كميات كبيرة من البيانات والمعلومات من خلال مصادر متنوعة، مثل أجهزة الاستشعار الذكية[8] والمحتوى الذي ينشئه الإنسان وأدوات المراقبة والسجلات العديد من الأنظمة المعلوماتية.
      إن الغاية الأساسية من خلق برامج الذكاء الاصطناعي هي إنشاء أنظمة ذكية تستخلص المعاني من البيانات، وبعد ذلك يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي تطبيق تلك المعرفة لحل المشكلات الجديدة بطرق تشبه تلك الطرق التي يتصرف بها الإنسان البشري.
    سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى مختلف التعاريف التي أحيطت بمصطلح الذكاء الاصطناعي، وكذا الإشارة إلى نشأته من خلال (المطلب الأول) فيما بعد ذلك نخصص (المطلب الثاني) للحديث عن أنواع الذكاء الاصطناعي والخصائص التي يتميز بها.
المطلب الأول: مفهوم ونشأة الذكاء الاصطناعي
            سنتطرق في هذا المطلب إلى مفهوم الذكاء الاصطناعي (الفقرة لأولى) في حين نخصص (الفقرة الثانية) لميلاد الذكاء الاصطناعي.
الفقرة الأولى: تعريف الذكاء الاصطناعي
      إن الحديث عن تعريف الذكاء الاصطناعي باعتباره أحد العلوم الحديثة، وفرع من فروع علم الحاسوب الذي نتجت عن الثورة التكنولوجية المعاصرة في مجال علم النظم والحاسوب والتحكم الآلي من جهة، وعلم المنطق والرياضيات واللغة من جهة أخرى. وعليه، يتطلب منا الإشارة إلى مدلوله اللغوي والاصطلاحي (أولا) بعدها نقف عند مدلوله العام (ثانيا).
أولا: المدلول اللغوي والاصطلاحي للذكاء الاصطناعي
     الذكاء الاصطناعي يتكون من كلمتين "الذكاء" و" الاصطناعي"
فكلمة " الذكاء" "Intelligence" وتعني:
 لغة: ذكا يذكو ذكاء، فيقال صبي ذكي إن كان سريع الفطنة، إذن الذكاء هو سرعة الفطنة.[9]
 أما اصطلاحا: فهو القدرة على فهم الظروف والحالات الجديدة أو المتحولة، وبتعبير آخر؛ يعني القدرة على الفهم والإدراك وتعلم الحالات والظروف الجديدة، أي مفتاح الذكاء هو: الإدراك والفهم والتعلم.
       أما بالنسبة لكلمة "الاصطناعي" "Artificial" وتعني:
لغة: من صنع يصنع صنعا، ويقال: اصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما، وقال تعالى: "صنع الله الذي أتقن كل شيء"[10] وقوله تعالى أيضا "واصطنعتك لنفسي"[11].
أما اصطلاحا: كل الأشياء التي تنتج نتيجة النشاط أو الفعل التصنيفي تمييزا عن الأشياء والظواهر الطبيعية الموجودة بالفعل وليس لها علاقة مباشرة بتدخل الإنسان.
      بصفة شاملة، الذكاء الاصطناعي هو ذلك الذكاء الذي يصطنعه الإنسان البشري بالاعتماد على قدراته العقلية عبر الآلة أو الحاسوب.
ثانيا: المدلول العام للذكاء الاصطناعي
    إن مفهوم الذكاء الاصطناعي مفهوم معقد إلى أبعد الحدود وذلك راجع إلى تعدد وتداخل المفاهيم التي قدمها مختلف العلماء والباحثين حول هذا المصطلح.
    في الأول لابد أن نميز بين "التفكير" و"الذكاء" فالتفكير هو وسيلة تحليل المفاهيم واستخلاص المعاني وصياغتها عبر سلسلة من النشاطات الذهنية، فليس كل قدرة على التفكير تعد ذكاء وربما يكون الذكاء أقرب إلى التفكير الفعال.
 بالرجوع إلى التعاريف التي قدمت لمصطلح الذكاء الاصطناعي نجد:
    الفقيه " John Marcathy" الملقب بالأب الروحي للذكاء الاصطناعي والذي عرفه بأنه "علم هندسة الآلات الذكية، وهو مجموعة من الأساليب والطرق الجديدة في برمجة الأنظمة المحاسبية، التي تستخدم لتطوير أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان، وتسمح لها بالقيام باستنتاجية عن حقائق وقوانين يتم تمثيلها في ذاكرة الإنسان"[12].
      وفي تعريف آخر للعالمة " Marvin Lee Minsky"عرفته بأنه "بناء برامج الكومبيوتر التي تنخرط في المهام التي يتم إنجازها بشكل مرض من قبل البشر، وذلك لأنها تتطلب عمليات عقلية عالية المستوى مثل: التعلم الإدراكي وتنظيم الذاكرة والتفكير النقدي"[13].
      وقد عرفه كذلك "Alun Turing" بأنه "القدرة على التصرف كما لو كان الإنسان هو الذي يتصرف من خلال محاولة خداع المستجوب، وإظهار كما لو أن إنسان هو الذي يقوم بالإجابة على الأسئلة المطروحة من قبل المستجوب"[14].
      وعرفه " Elaine Rich" بأنه "دراسة لجعل أجهزة الكومبيوتر تؤدي مهام يقوم بها الإنسان بطريقة أفضل"[15].
      وعرفته "المفوضية الأوروبية" بأنه " عبارة عن أنظمة تظهر سلوكا ذكيا من خلال تحليل بنيتها واتخاذ الإجراءات، مع القدرة على الاستقلالية لتحقيق أهداف معينة"[16].
      وبأبسط العبارات يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري، لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استنادا على المعلومات التي تجمعها.
      يتبين لنا من خلال ما سبق، أن مصطلح الذكاء الاصطناعي أحاطت به العديد من التعاريف كل من زاوية نظره الخاصة، لكن الملاحظ أن مجمل التعاريف تتفق على أن الذكاء الاصطناعي طريقة لصنع أو الربوت[17] يتم التحكم فيه بواسطة الكومبيوتر، أو برنامج يفكر بذكاء، وبنفس الطريقة التي يفكر بها الإنسان البشري، وقادر على أداء المهام التي يقوم بها الإنسان أو التي يستعصي عليه القيام بها، وهي مهام تتطلب السرعة والدقة في التنفيذ.
  في هذا الإطار يمكننا طرح التساؤل التالي: هل يمكن اعتبار كل آلة ذكاء اصطناعيا؟
       فليس كل ما هو آلة ذكاء اصطناعي، وليس كل ما هو ذكاء آلة: فالذكاء الاصطناعي نظام آلي محوسب، يقوم على عدة برامج تمكنه من محاكاة الذكاء البشري بشكل مستقل دون الحاجة إلى تدخل الإنسان.
      أما بالنسبة للآلة فمن جهة تكون ذكاء اصطناعيا، وفي الحالة هذه نتحدث عن نظام ذكي، أما بالنسبة للحالة الأخرى فيمكن أن تكون الآلة لا تتوفر على أدنى ذكاء، بل تكون مسخرة لخدمة الإنسان ولولا تدخل يد الإنسان في تحريكها لما استطاعت التحرك من مكانها على سبيل المثال آلات الصناعة والزراعة.
     لا شك أن الذكاء الاصطناعي بجميع تطبيقاته، يعتمد على القدرات الذكية غير البشرية، أما الإنسان البشري فيعتمد على الذكاء البشري الذي وهبه له المولى عز وجل، فالذكاء البشري هو الأساس، فبفضله استطاع الإنسان أن يصنع العديد من الآلات الذكية التي تساعده في قضاء أغراضه اليومية، فلولا الذكاء البشري لما استطعنا أن نصل إلى ما يطلق عليه بالذكاء الاصطناعي.
    تأسيسا على ما تم الإحاطة به من تعريفات ومفاهيم وأفكار، فالذكاء الاصطناعي يختلف عن الذكاء البشري في عدة نقط تتجسد أبرزها فيما يلي:
 أ ـ رغم ما يحتويه الذكاء الاصطناعي من قدرات زرعها بداخله الإنسان، إلا أن هذا الذكاء يتسم بنوع من التجرد في طريقة التفكير، فلا يمكنه التصرف دون أن تؤثر عليه مؤثرات خارجية كما يتصرف الإنسان البشري، وتفسير ذلك أن الذكاء الاصطناعي يتوفر على برامج وخوارزميات حسابية تجعله يفكر وينفذ بسرعة أكبر من البشر، لكن هذا الذكاء لا تتاح له جميع الخيارات مثل الإنسان بسبب برمجته المحدودة والتي غالبا لا تتساوى مع قدرات وإمكانيات الإنسان الفطرية[18].
 ب ـ من مميزات الإنسان البشري أن الله سبحانه وتعالى ميزه بمجموعة من الصفات تنبع فقط من إنسانيته، كالشعور والجانب العاطفي... على عكس الذكاء الاصطناعي الذي يتجرد من أي عواطف، وذلك رغم محاولة بعض العلماء المطورين للأنظمة الذكية في صنع عواطف عن طريق صناعة أدمغة إلكترونية مشابهة للعقل البشري لكن عملية زرع الجانب الإنساني العاطفي بداخلها قد باءت بالفشل.
 ج ـ يختلف الذكاء الاصطناعي عن الذكاء البشري في سرعة معالجة المعلومة، فلا يمكن للبشر التغلب على سرعة الأنظمة الذكية الفائقة، فعلى سبيل المثال يمكن للذكاء الاصطناعي حل مشكلة معينة في وقت وجيز، كحل عشر عمليات حسابية في مدة خمس دقائق مثلا وهي عملية جد صعبة على الإنسان البشري، وهو ما يبرز لنا سرعة الذكاء الاصطناعي بالمقارنة مع الذكاء البشري[19].
        ونستشف مما تقدم، أن هناك العديد من الاختلافات بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، وعلى الرغم من هذا الاختلاف يبقى الذكاء البشري يفكر بطريقة تعمل على محاكاة الذكاء البشري، وتبقى العاطفة هي السمة الرئيسية التي تميز الذكاء البشري لأن الأشخاص ليسوا أذكياء فقط ولكن عاطفيين أيضا. وقد ظهرت عدة محاولات على المستوى العالمي من شركات كبرى، في مجال الذكاء الاصطناعي تسعى إلى محاولة صنع عواطف مشابهة لعواطف الذكاء البشري[20] لكن هذه المحاولات لا ترق إلى صنع عواطف مشابهة لعواطف البشر، حتى وإن وجدت فهي مصنعة وليست حقيقية.
الفقرة الثانية: ميلاد الذكاء الاصطناعي
      رغم النشأة الحديثة للذكاء الاصطناعي إلا أن ظهوره ضارب في عمق التاريخ، فقد يدلنا التاريخ أن أول ظهور للذكاء الاصطناعي الحقيقي كان بدءا من مؤتمر تأسيس الأبحاث عام 1956 م في كلية دارت موث " Dartmouth Collège " على يد مجموعة من العلماء (جون ما كارثي، والن نويل، وآرثر صموئيل...)  كان حلم هؤلاء الرواد هو صناعة آلات لها نفس خصائص الإنسان، تفكر وتعمل كما نفعل نحن[21].
     لقد مر الذكاء الاصطناعي بسيرورة تاريخية طويلة المدى، يمكن استعراضها على النحو الآتي:
1ـ ما بين عام (1950ـ 1940): تعد هذه المرحلة أول خطوة لظهور الذكاء الاصطناعي، مع إنشاء الشبكات العصبية الأولى، على يد عالم الأعصاب "Warren mcCulloch " الذي توصل إلى النموذج الرياضي الأول المعتمد على قيمة الصفر والواحد. وخلال هذه المرحلة استعمل أيضا أول مصطلح روبوت لأول مرة في المسرحية التشيكية "روبوتات رسوم عالية"[22].
2ـ ما بين عام (1960 ـ 1970): خلال هذه الفترة حدثت ضجة كبيرة جدا حول الذكاء الاصطناعي، كما تم تطوير عدد كبير من البرامج لحل مشكلات متنوعة مثل حل الألغاز ولعب لعبة الداما وكانت المحاولات الأولى في الترجمة.
      شهد الذكاء الاصطناعي تراجعا نظرا لنقص القدرة الحاسوبية، الشيء الذي أدى إلى تباطىء في برامج الذكاء الاصطناعي الحالية، في نفس الاتجاه أظهر العالمين"Minsky "Paper" أن الشبكات العصبية في ذلك الوقت لم تتمكن من حساب بعض العمليات البسيطة، مما أدى إلى حدوث أزمة في هذا الفرع من الذكاء الاصطناعي.
3ـ ما بين عام (1980 ـ 1990): عودة الذكاء الاصطناعي إلى نظام الخبير الأول [23]حيث قامت الشركة المصنعة للكومبيوتر(DEC) إطلاق هذا النظام للمساعدة في تكوين أجهزة الحاسوب الخاص بها، مما ساعد على توفير العديد من الدولارات.
     بعدها تم اكتشاف الشبكات العصبية بشكل كبير في نهاية التسعينات، لكن لم تتلق انتشارا كبيرا نظرا للاستعمالات المتزايدة للنظام الخبير خلال هذه الفترة.
4 ـ عام 2000: انتشر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، ودخل العديد من الشركات وذلك راجع إلى تطورين مهمين:
 الأول: استخدام وحدة معالجة الرسومات GPU)) التي تستطيع التعامل مع البيانات الجغرافية بشكل أفضل، وتوفيرها بدقة عالية بدلا من وحدة المعالجة المركزية (CPE) الموجودة في أجهزة الكومبيوتر، والتي تعالج البيانات التي يتعامل معها جهاز الحاسب الآلي.
الثاني: التحول الرقمي لعالمنا المعاصر والأجهزة المتصلة بالإنترنيت والتي هي من بين المصادر الأساسية لإطعام الخوارزميات[24]. والجمع بين هذين التطورين كان حافزا في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي احتل تدريجيا مجالات متعددة مثل: الصناعة والفلاحة الخدمات...إلخ.
      واليوم مع بداية القرن الواحد والعشرين، انتقل الذكاء الاصطناعي من الخيال العلمي النظري إلى الواقع التطبيقي العملي، وبدأت رحلة الاستثمار التكنولوجي في مشاريع الذكاء الاصطناعي، وفتحت آفاق جديدة للذكاء الاصطناعي مثل: السيارات الذكية والمنازل الذكية والصحة الذكية والإدارة الذكية بل أكثر من ذلك المدن الذكية[25]؛ التي تتسم بالعديد من السمات والخصائص الذكية. وبالتالي أصبح معظم الناس يتفاعلون مع برامج الذكاء الاصطناعي في مواقع التجارة الإلكترونية.
    ويعتبر الإنسان الآلي من الحقول المتميزة في الذكاء الاصطناعي، الذي يهتم بمحاكاة العمليات الحركية التي يقوم بها الإنسان أو الحيوان بشكل عام. ويهدف هذا الحقل إلى القيام بالعمليات الصعبة التي يعجز الإنسان عن أدائها، وتنقسم الروبوتات إلى روبوتات عسكرية وروبوتات طبية وروبوتات قانونية[26].
المطلب الثاني: أنواع وخصائص الذكاء الاصطناعي
    الذكاء الاصطناعي ليس على شاكلة واحدة، بل هو متعدد ومتنوع الفروع والأنواع، وعليه سنخصص (الفقرة الأولى) للإشارة إلى مختلف أنواع الذكاء الاصطناعي وبعده سنخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن خصائص الذكاء الاصطناعي، وأبرز استعمالاته في العديد من المجالات بهدف تحقيق الصالح العام.
الفقرة الأولى: أنواع الذكاء الاصطناعي
  إن الحديث عن أنواع الذكاء الاصطناعي يتطلب منا بيان أنواعه من حيث تكوينه، (أولا) ومن حيث نطاقه، (ثانيا) ومن حيث الوظائف التي يقوم بها (ثالثا).
أولا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث تكوينه
    ينقسم الذكاء الاصطناعي من حيث تكوينه إلى خمسة أنواع يمكن عرضها على النحو الآتي:
أ ـ الذكاء الاصطناعي المعتمد على الخوارزميات: الخوارزمية هي عبارة عن سلسلة من التعليمات، تستعمل من أجل حل إجراء حساب أو مشكلة ما، وتشكل الأساس لكل العمليات التي يقوم بها الكومبيوتر، لذلك فهي جانب أساسي في جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ب ـ الذكاء الاصطناعي المعتمد على نظام الخبير:
 وهو عبارة عن نظام الكومبيوتر يحاكي الذكاء البشري في اتخاذ القرارات، وذلك يكون بناء على العمليات المبرمجة مسبقا، على سبيل المثال يتم برمجة النظام على " إذا حدث هذا، فقم بذلك " ظهرت هذه الطريقة في بداية الثمانينيات، لكن تراجع استخدامها حاليا خصوصا مع ظهور الشبكات العصبية[27].
ج ـ الذكاء الاصطناعي المعتمد على نظام التعلم الآلي:
 يعد هذا النظام من أهم أشكال الذكاء الاصطناعي، لكونه يمنح أجهزة الكومبيوتر القدرة على التعلم والتحسين عن طريق الخبرة دون أن تتم برمجتها على ذلك بشكل صريح[28] متى ما كان مزود ببيانات كافية يمكن لخوارزميات التعلم الآلي أن تتعلم كيف تصنع التنبؤات أو حل المشكلات المعقدة، كتحديد الأشياء في الصور أو الفوز في ألعاب معينة.
د ـ الذكاء الاصطناعي المعتمد على الشبكات العصبية:
وتعرف أيضا هذه الشبكات العصبية بالشبكات الاصطناعية، وهي نوع من أنواع التعلم الآلي المستوحى من بنية أو تكوينة الدماغ البشرية. وتتكون هذه الشبكات العصبية من عقد معالجة أو من خلايا عصبية اصطناعية مترابطة مع بعضها البعض في شكل طبقات، حيث تتلقى كل عقدة البيانات من عدة عقد فوقها وإعطاء البيانات لعدة عقد تحتها. ويتم تعديل هذه العقد عندما يتم تدريب الخوارزمية متى كانت نتائج البيانات مماثلة للمخرجات المتسقة والمترابطة.[29]
ه ـ الذكاء الاصطناعي المعتمد على نظام التعلم العميق:
 يعد هذا النظام امتداد لنظام الشبكات العصبية، ويمكن اعتباره بمثابة التحديث له لكونه يستخدم (نظام التعلم العميق) العديد من الطبقات الاصطناعية والخلايا العصبية لحل مشكلات أكثر صعوبة وتعقيد من مشكلات الشبكات العصبية. وهو أسلوب عرف انتشارا واسعا في عدة ميادين، وغالبا ما يستعمل لتصنيف المعلومات من صور أو نصوص أو صوت إلى غير ذلك.
ثانيا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث نطاقه
    يتفرع الذكاء الاصطناعي من حيث النطاق إلى أربعة أنواع تتحدد في:
أ ـ الذكاء الاصطناعي العام أو القوي:
 وهو كل آلة معرفية واسعة القدرات تكون لديها القدرة على التفكير والتصرف كما لو يتصرف إنسان، أو على الأقل محاكاة القدرات الفكرية له، حيث لا يمكن تمييزها من الناحية الفكرية عن الإنسان الأدمي[30].
   بتعبير أدق، فالذكاء الاصطناعي القوي يكون قادر على تحديد الغرض الخاص به ويستطيع القيام بأمور يقوم بها الكائن البشري والتي تتطلب قدرات عقلية، كالتفكير والوعي لإنجازها.
ب ـ الذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف:
 وهو تلك الأنظمة التي تصنع لتؤدي مهاما محددة تتطلب ذكاء في الإنسان، وقد عرفها الفيلسوف" أكسفورد نيك بمستروم " بأنها " فكر أذكى بكثير من أفضل العقول البشرية في كل مجال تقريبا، بما في ذلك الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الاجتماعية " [31]، وقد شهد هذا النوع انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة خاصة في الدول الأوروبية، ويرجع ذلك إلى كثرة المخاطر التي تترتب على الأنظمة الخبيرة التي يكون مسموح لها بجميع الصلاحيات ويحق لها التصرف مثل البشر تماما، حيث يمكنها اتخاذ القرارات في بعض المواقف على نحو لا يؤمن فيه عواقب تصرفها.
ج ـ الذكاء الاصطناعي الفائق:
 هذا النوع يعد من أخطر أنواع الذكاء الاصطناعي، يتميز عن النوعين السابقين بأنه يمكن أن يفوق الذكاء البشري في بعض الأحيان؛ لكونه يستطيع القيام بالمهام المنوطة به بشكل أفضل وأسرع مما يقوم به الإنسان المتخصص ذو المعرفة، كالقدرة على التعلم والتخطيط والتواصل التلقائي وإصدار الأحكام. وعلى الرغم من التقنية الفائقة لهذا النوع، إلا أنه لازال مفهوما افتراضيا ولا وجود له إلى حدود الساعة.
د ـ الذكاء الاصطناعي التوليدي:
 يشير هذا النوع إلى الأنظمة التي يمكنها أن تنشئ محتوى جديدا وعناصر جديدة، مثل الصور ومقاطع الفيديو والنصوص والصوت وأوامر نصية بسيطة. ويعزز هذا النوع بمجموع من البيانات الضخمة لإنتاج مخرجات إبداعية مبتكرة عالية الجودة تشبه ما ينتجه العنصر البشري. 
    ومن بين أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية، نجد برنامج " Chat GPT " وهو روبوت أطلقته شركة " Open AI" أواخر العام الماضي وتدعمه شركة مايكروسوفت.
ثالثا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث الوظيفة
     تضم أنواع الذكاء الاصطناعي من ناحية الوظيفة أربعة أشكال وهي:
أـ آلات رد الفعل أو التفاعلية:
 هي أقدم أشكال أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات القدرات التقنية المحدودة نسبيا، ولا تنفذ الوظائف القائمة على الذاكرة ولا يمكنها استعمال خبراتها السابقة لإدارة المهام الحالية. هذه من بين أنواع أنظمة الذكاء الاصطناعي التي لا تملك القدرة على تعلم الأشياء وتنفيذ ما تعلموه في أفعالها المستقبلية[32].
ب ـ الذاكرة المحدودة:
 تمتلك كمية كبيرة من البيانات، ويساعد هذا النوع من أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحليل ما يجري بسرعة إلكترونية مرة أخرى، ويمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الذاكرة المحدودة التعلم من التجارب السابقة واعتماد ما تعلموه لاتخاذ القرارات المستقبلية، وعلى سبيل المثال يستخدم ضمن هذه الفئة جهاز مسح بصمات الأصابع والسيارات ذاتية القيادة وتعد هذه الاستعمالات أحد أكثر الأمثلة ذات الصلة بأنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الذاكرة المحدودة[33].
ج ـ نظرية العقل:
يعد أحد أنواع الذكاء الاصطناعي في مرحلتي البحث والتطوير ويسعى التقنيون والباحثون إلى جعل الآلات تستجيب لمحادثات البشر بشكل أفضل، وتتعلم من العوامل المختلفة التي تؤثر على عملية تفكيرهم واستعمالات هذا النوع في اتخاذ القرارات وفي تطبيقات الأجهزة الذكية المحمولة، ويمكن لها أيضا دراسة وفهم اهتمامات الأشخاص والاستجابة لأصوات البشر مع تقديم اقتراحات والحلول الممكنة[34].
د ـ الوعي الذاتي أو إدراك الذات:
تعد من بين الأنواع الأقل شهرة من الذكاء الاصطناعي، والتي توجد حاليا بشكل أساسي كفكرة نظرية عندما تركز على ماهية الذكاء الاصطناعي ودوره في حياتنا، فإن الهدف النهائي هو الوصول إلى هذه المرحلة هو القصد من استكشاف هذه التكنولوجيا وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المدركة للذات بشكل كبير وعلى قدم المساواة مع الدماغ البشري، بحيث تمتلك قدرا كافيا من الوعي الذاتي. ومع ذلك لا يزال من غير الواضح كم من الوقت سيستغرق تطوير هذه الأنواع من أنظمة الذكاء الاصطناعي[35].
    ومما سبق يتبن لنا بجلاء أن الذكاء الاصطناعي متعدد الأنواع والأشكال، لكل منه خصائصه ومميزاته التي ينفرد بها عن باقي الأنواع الأخرى سواء من ناحية التكوين، أو من ناحية النطاق أو من ناحية الوظيفة التي يباشرها.
الفقرة الثانية: خصائص الذكاء الاصطناعي
    إن الحديث عن خصائص الذكاء الاصطناعي (أولا) يستدعي منا الإشارة إلى مختلف مجالات تطبيقاته (ثانيا).
أولا: خصائص الذكاء الاصطناعي
         يتميز الذكاء الاصطناعي بجملة من الخصائص يمكن إجمالها فيما يلي:
  1. الدقة: ذلك أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لها قدرة عالية على التعلم والتكيف مع المواقف الجديدة والمتغيرة، وهذا يسمح لها بممارسة المهام التي كانت ممكنة سابقا للبشر فقط.
  2. التعلم الذاتي: حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التعلم وتحسين أدائها بمرور مدة زمنية دون الحاجة إلى تدخل الكائن البشري.
  3. صنع القرارات: أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها بناء على مجموعة من البيانات والقواعد والتفكير الاحتمالي.
  4. معالجة اللغة الطبيعية: أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة أيضا على فهم اللغة البشرية وتفسيرها وتوليدها، وهذا ما يسمح لها بالقيام بعملية التواصل والاستجواب مع البشر.
  5. الإدراك: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي استشعار البيئة المحيطة بها وتفسيرها من خلال استخدام أجهزة استشعار ذكية.
  6. الإبداع: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تولد أفكارا وحلولا جديدة تؤدي إلى ابتكارات واختراقات في عدة مجالات زراعية صناعية خدماتية...إلخ.
  7. حل المشكلات: أنظمة الذكاء الاصطناعي لها القدرة على حل المشكلات الصعبة والمعقدة وتقديم الحلول بصددها، وغالبا ما يتم إنجاز العملية بسرعة ودقة أكبر من البشر.
  8. المعالجة المتوازية: أنظمة الذكاء الاصطناعي لها القدرة على معالجة كمية هائلة من البيانات في وقت واحد، وهذا يمكنها من إجراء عمليات حسابية أسرع وأكثر كفاءة من البشر.
   وهكذا يتبن لنا أن الذكاء الاصطناعي يتميز بالعديد من المميزات والخصائص التي تمكنه من القيام بعدة وظائف مختلفة في وقت وجيز وبدقة عالية ومركزة.
ثانيا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي
     يمتلك الذكاء الاصطناعي العديد من التطبيقات التي يمكن أن تساعد على التقدم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتستعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات سواء الفلاحية أو الصناعية أو البيئية، ولعل أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن إجمالها فيما يلي:
أ ـ في مجال الرعاية الصحية: يستعمل الذكاء الاصطناعي لتقديم الفحوصات الصحية عن بعد، ويمكن أن يحلل الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من البيانات لتجميع الرؤى من مجموعة كبيرة من المرضى، وتحسين التشخيص والتحليل التنبئي، وقد استعمل الذكاء الاصطناعي للتفرقة بين "كوفيد 19" وبعض أنواع السعال الأخرى[36].أيضا يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع سير العمل من داخل المستشفيات، وتوفير تشخيصات أكثر دقة، وتقديم علاجات بجودة عالية وبأقل تكلفة.
ب ـ في مجال التعليم: يستعمل الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم لرصد انتباه التلاميذ أو إجراء مراقبة عاطفية لتحديد مدى راحة الطلاب في تعلم موضوعات معينة، وتحديد الطلاب الذين يعانون من مشاكل أو سوء فهم الدروس ومساعدتهم على التحسن وضبط نتائجهم وحمايتها حتى لا تصبح متاحة للجميع أو عرضة للاختراق[37].
ج ـ في مجال التمويل: يقدم الذكاء الاصطناعي عادة رؤى ومساعدة في أعمال المحاسبة والاستثمار، بما في ذلك أتمتة المهام الروتينية[38] والكشف عن أنماط جديدة في البيانات وتقديم خدمات مالية بجودة عالية وفي وقت زمني محدد.
د ـ في مجال الترجمة والنشر: وذلك يكون عبر نشر الأخبار على الإنترنيت ووسائل الإعلام وتوزيع النصوص والمواد بما في ذلك الكتب والمواقع الإلكترونية. وتستعمل الآن برامج الدردشة والمساعدين الأذكياء للرد على استفسارات العملاء الروتينية وشواغلهم[39].
ه ـ في مجال النقل: يساعد الذكاء الاصطناعي في تسهيل عملية تشغيل المركبات ذاتية القيادة وأنظمة القيادة المستقلة (ADS) والتي تعمل على تحسين مهارات القيادة والملاحة بشكل مطرد من خلال برامج التعلم الذاتي، وكذلك لإدارة حركة المرور في الوقت الفعلي بالمناطق الحضرية عبر خلق إشارات ضوئية ذكية[40].
ذ ـ في مجال الزراعة: يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي لإدارة المزارع والتحليلات التنبئية بناء على بيانات المحاصيل والتربة ومراقبة الطقس لعدم اتخاذ القرار وتحسين استعمال الموارد (المياه، الأسمدة...إلخ). ويمكن أن يساعد أيضا في الكشف عن الآفات والأمراض من خلال تحليل صور النباتات والبيانات المتعلقة بسلوكيات الماشية. وتعمل الروبوتات الذكية والأتمتة على توفير العمال في العديد من المهام التي تحتاج لعدد كبير من الموارد البشرية[41].
ح ـ في مجال صناعة القرار: حيث تساهم الأنظمة الذكية في المجالات التي يصنع فيها القرار، فهذه الأنظمة تتمتع بالاستقلالية والدقة والموضوعية وبالتالي تكون القرارات بعيدة عن الخطأ والانحياز والعنصرية والأحكام المسبقة وحتى التدخلات الخارجية والشخصية[42].
     وهكذا يتبين لنا مما سبق، أن الذكاء الاصطناعي بأنواعه وتلويناته يمكن استخدامه في مجالات متعددة ذلك أنه يؤدي مجموعة من الخدمات بجودة عالية وفي وقت زمني محدد وبأقل تكلفة، وهو الشيء الذي ينعكس إيجابا على أهداف التنمية المستدامة في كافة المجالات. 
المبحث الثاني: الإطار المفاهيمي والقانوني لمفهوم جودة الخدمة
     يعتبر مبدأ جودة الخدمات الإدارية التي تقدمها المرافق العمومية للمواطنين أساس عمليات الإصلاح الإداري ببلادنا، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي أضحت جودة الخدمة العمومية حاجة ملحة، فقد تزايدت المتطلبات بشأنها سواء من طرف المواطنين أو المتعاملين الاقتصاديين المحليين أو الأجانب، غير أن جهود السلطات التشريعية والتنفيذية ستظل محدودة الفعالية ما لم تستند على معايير واضحة للجودة، كالسرعة والسهولة والشفافية،[43] وهي مفاهيم حديثة تعتبر في علم الإدارة مفاتيح خدمة عمومية ذات جودة عالية.
     وعليه، سيتم التطرق لمفهوم الجودة والاعتراف القانوني بها (المطلب الأول)، ثم بعد ذلك ستتم الإشارة لأسس ومكونات الجودة الرقمية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم الجودة وإطارها القانوني
      تعد الجودة من بين المفاهيم الحديثة في مجال التدبير الإداري للخدمات المقدمة للمرتفقين سواء في القطاع العام أو الخاص، إذ تتغير حسب طبيعة هذا الأخير وحسب تطور نشاطها والظروف المحيطة بها، وهو الشيء الذي يجعل من الصعب حصر تعريف موحد لها وعليه، سيتم التطرق لمختلف التعاريف التي أحاطت بمفهوم الجودة (الفقرة الأولى) بعدها نقف على الاعتراف القانوني بمبدأ الجودة وأهميته كمبدأ أساسي وجوهري في تقديم المرفق العمومي خدمات للمرتفقين (الفقرة الثانية)[44].
الفقرة الأولى: مفهوم جودة الخدمة    
     يستند المرفق العمومي في تسيير مهامه على قيم ومناهج تختلف بطبيعتها عن تلك التي تكونت وتطورت في ظل القطاع الخاص، والتي أثبتت نجاحها مما دفع بالقطاع العمومي إلى ترحيلها وتبنيها بهدف عقلنة التدبير وتحقيق جودة الخدمات العمومية، وقبل الوقوف على مفهوم جودة الخدمة لابد لنا أن نعرج (أولا) على مفهوم الجودة، بعد ذلك يتم الوقوف على مفهوم جودة الخدمة العمومية (ثانيا) لأن مفهوم الجودة قد تنبهت إلى أهميته كافة المؤسسات والشركات والأجهزة، سواء في القطاع الخاص أو العام[45].
أولا: مفهوم الجودة
     لقد تعددت وتباينت التعاريف التي أعطيت لمفهوم الجودة، حيث أنه من الصعب وجود تعريفا بسيطا وشاملا بسبب تعدد جوانبها، فقد عرفها "CROSPY" بأنها " التوافق مع المتطلبات "، أما "DEMING" فقد اعتبرها " إشباع حاجات المستهلك الحالية والمستقبلية " أما بالنسبة لـ "FEIGEN BAUN" فقد عرفها بأنها " المكونات الكلية للمنتوج لإشباع الزبون، سواء كانت تلك المتطلبات ظاهرة أو باطنة، مجردة أو غير مجردة "[46].
    أما من وجهة نظر "JOSEPH JURAN" فقد عرفها بأنها " ترجمة تلك الحاجات إلى صفات وخصائص الخدمة"[47].
     وفي تعريف آخر، هي المطابقة لمجموع الخصائص أي أن المنتج الجيد أو الخدمة الجيدة يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الخصائص والمميزات التي تعبر عن درجة إرضاء الاحتياجات المتوقعة أي إرضاء الزبون أو المرتفق[48].
     وعموما تعني الجودة بمعناها العام " إنتاج المنظمة لسلعة أو تقديم خدمة بمستوى عال من الجودة المتميزة حيث تكون قادرة من خلالها على الوفاء باحتياجات ورغبات عملائها وتحقيق الرضا والسعادة لديهم " وهكذا، فإن الجودة هي معيار للتمييز والكمال يجب تحقيقه وقياسه.
      ومن خلال التعريفات السابقة للجودة، يمكن أن نستشف أن الجودة في المنتوج المادي تكون مرتبطة بالمواصفات المادية للمنتوج؛ لأنه ملموس بطبيعته، بينما في الخدمة تكون مرتبطا بالزبون وما كان بنظره من قبل تلقيه الخدمة، أي بعبارة أدق، الجودة شخصية إلى حد ما، وفي كلتا الحالتين؛ إن الجودة ليست حلما صعب المنال، بل هي حقيقة يمارسها العديد من أفراد المؤسسات، طالما تم النظر إليها بطريقة واقعية، وهي تصميم الخدمة حسب مقاس الزبون.
ثانيا: مفهوم جودة الخدمة العمومية
     الخدمات العمومية هي كل خدمة تقدمها المؤسسات العمومية أو جهة معينة تحت إشراف الدولة ورقابتها وهي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة مثل: المحافظة على الممتلكات أو الدفع بالحركية الاقتصادية أو المصالح الحياتية. وبصيغة أخرى، هي كل نشاط تزاوله السلطات العمومية بكيفية مباشرة (الدولة، الجماعات الترابية) أو سلطة أخرى تقع تحت رقابتها، بهدف تلبية حاجات ذات مصلحة عامة عن طريق المرفق العمومي، وتكون ذات جودة وبسعر ملائم، مع ضرورة حماية مصالح المستهلكين[49].
      أما فيما يخص جودة الخدمات العمومية فقد تعددت وتنوعت التعاريف من حولها ولعل من أبرز التعاريف التي قدمت لمفهوم جودة الخدمة العمومية نجد:
   عرفها " لويس" بأنها " هي التركيز على التقاء الاحتياجات والمتطلبات، وتوضيح كيفية تسليمها بشكل جيد بناء على توقعات الزبائن "[50].
    وهناك من يعرفها بأنها "معيار لقياس الأداء الفعلي للخدمة مع توقعات الزبائن لها أي أنها الفرق بين الخدمة المقدمة للمواطنين وتوقعات وتطلعات الزبائن"[51].
    وفي تعريف آخر لجودة الخدمة تعتبر عنصرا حاسما لتحديد مستوى أو مقدار المنافسة وتحقيق التميز وامتلاك ميزة تنافسية مستديمة، فتلك المنشآت ذات الجودة العالية مؤهلة بأن تمتلك حصة أكبر في السوق وعائدا على الاستثمار وأكبر من تلك المنشآت ذات الجودة المنخفضة[52].
   وقد عرفتها المنظمة الدولية للمعايير (ISO) بأنها " مجمل السمات والخصائص للمنتج أو الخدمة التي تجعله قادر على تلبية الاحتياجات المصرح بها أو الضمنية "[53].
        ومن خلال ما سبق، يتبين لنا أن الجودة في الخدمات العمومية ترتكز على وظيفة شاملة لكل المفاهيم المتعلقة بحسن الاستقبال والإنصاف لإرشاد التواصل والشفافية والنزاهة والمردودية، وقد أضحى إرساء أسس مقاربة الجودة رهانا أساسيا لكل قطاع حكومي، مما يفرض إعادة النظر في علاقة الإدارة بالمرتفق وفق إطار تحدد فيه الالتزامات على الطرفين[54].
    والجودة قبل كل شيء هي مسألة عقليات وثقافة تبنى على السعي الدائم لتحقيق الأفضل وتقبل كل ما من شأنه المساهمة في تحسين الأداء وتقييمه. وبالتالي، جودة الخدمة ماهي إلا الرفق بين الجودة المدركة من قبل المرتفق والجودة المتوقعة، وهي ترتبط بذلك التفاعل بين المرتفق والإدارة، وهي أيضا مدى مطابقة الأداء الفعلي للخدمة بجودة أفضل مع توقعات ومتطلبات المرتفقين ورضاهم.   
الفقرة الثانية: الاعتراف القانوني بمبدأ الجودة   
     إن النتائج التي حققتها برامج التحديث في الدول المتقدمة جعلت المواطن المغربي يطالب بخدمات تستجيب لمعايير الجودة والمهنية، وفي زمن معقول، وبكيفية لا تختلف عن الزبون أمام المقاولات الخاصة، وعلى هذا الأساس فقد نص الدستور الجديد لسنة 2011 على أن المرفق العمومي عليه أن يؤدي خدماته لعموم الأفراد بجودة عالية، وهو ما يتطلب من السلطات العمومية المسيرة لهذا المرفق أن تسهر على توفير جميع إمكانيات ووسائل الاشتغال، كما يتطلب منها أن تتبنى الطريقة المثلى في إدارة هذه المرافق العامة[55].
     إن التنصيص على مصطلح الجودة على مستوى العديد من النصوص القانونية، مؤشر على نية السلطات العمومية في إخضاع المرفق العام لمتطلبات الجودة، وجعل المرتفق في صلب اهتماماتها وتوفير له حماية قصوى من تعسفات الإدارة باعتباره مستهلك وزبون للمرفق العمومي[56].
    وبالعودة إلى الفقرة الثانية من الفصل 154 من دستور 2011[57]، نجد أن المشرع المغربي نص على أن المرافق العمومية تخضع إلى معيار الشفافية والديمقراطية ومعيار ربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى معيار الجودة، وبالتالي أصبحت المرافق العمومية ملزمة باعتماد مقاربة جديدة للتدبير وتقديم الخدمات بجودة عالية وفق المقاييس المعتمدة دوليا في هذا الصدد وخاصة مقاييس الأيزو ISO))[58]، والتي تتضمن مجموعة من المعايير ضمن نظام إدارة الجودة وهي عبارة عن توجيهات للتطبيق في المؤسسات والشركات بهدف تحسين الجودة[59].
    ولتكريس مبدأ الجودة أشار القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية[60] في الفصل 29 منه على أن المرافق العمومية تحرص على تقديم خدماتها على أساس شروط الجودة والسرعة وبأقل تكلفة، مع مراعات حاجيات وتطلعات المرتفقين، ووفقا لهذا القانون يجب على الإدارة تحسين جودة الخدمات العمومية باتباع الخطوات التالية:
ـ إعداد مخططات قطاعية تحدد بوضوح المسؤولية عن نتائج كل إجراء؛
ـ إعداد ونشر المواثيق تبرز التزامات الإدارة اتجاه المتعاملين معها؛
ـ إعداد قاعدة تقييم كلفة الخدمات التي تقدمها للمرتفقين بناء على مناهج وتقنيات تحدد حسب خصوصيات كل قطاع؛
ـ اعتماد آليات تضمن تناسق مخططات العمل القطاعية وفق مقاربة وطنية للجودة من قبيل إنشاء مركز وطني لتعزيز وتقييم الجودة.
    وهذا المقتضى ينتج عنه مسؤولية المرفق العمومي ليس فقط عن عدم تقديم الخدمات، وإنما أيضا عن تقديمه الخدمة على وجه سيء أو بشكل غير لائق، كما يسأل عن تباطئه في أداء تلك الخدمات أكثر من اللازم[61].
    وعليه، فإن الذكاء الاصطناعي سيساهم بشكل كبير في تعزيز معايير الجودة في الخدمات التي تقدمها المرافق العمومية، باستهدافها تحقيق الشفافية والفعالية والمردودية والسرعة في تقديم الخدمات بجودة أكبر، وفي وقت زمني أقل، وذلك عن طريق مجموعة من التقنيات والبرامج الاصطناعية التي تحسن من جودة العمل الإداري في كافة القطاعات الحكومية.
المطلب الثاني: أسس ومكونات الجودة
      تعتبر مقاربة الجودة من الأمور ذات الأهمية البالغة في الارتقاء بالخدمات الإدارية إلى مستوى عال من الجودة، حيث أصبح اليوم الذكاء الاصطناعي يفرض نفسه كآلية لمعالجة الإكراهات التي تعتري نشاط المرفق العام، وعلى هذا الأساس فيعتبر الذكاء الاصطناعي الآلية الفعالة التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الإدارية المقدمة للمرتفقين وعليه، لابد من الحديث عن أسس الجودة في الخدمة العمومية (الفقرة الأولى) حتى يتسنى لنا في (الفقرة الثانية) الوقوف على مكوناتها.
الفقرة الأولى: أسس جودة الخدمة العمومية
      لقد أصبح اليوم اعتماد مقاربة الجودة بالإدارة العمومية مطلبا أساسيا لا محيد عنه، وذلك للرفع من مردودية التدبير العمومي كأساس لقياس الخدمات الإلكترونية وإبراز قدرة الإدارة في ظل مناخ تنافسي على أداء خدماتها للمرتفقين بجودة عالية وبأقل تكلفة. هذا الوعي بضرورة تطوير الجودة بالمرفق العمومي راجع بالأساس إلى تزايد وعي المواطن المغربي بمتطلباته تجاه الإدارة العمومية أو القطاع الخاص على حد سواء[62].
وهذه المقاربة تهدف إلى وضع المرتفق في أجندة أولويات المرفق العمومي، مع الحث على اقتصار الدولة على وظائفها الاستراتيجية.
     يتأسس المبدأ التدبيري لجودة الخدمات الإدارية المقدمة للجمهور على نوعين من المقاربات: مقاربة تأمين الجودة التي تهدف إلى أن يكون المنتوج أو الخدمة مطابقة لمعايير الجودة (أولا) ومقاربة التدبير التشاركي التي تطورت وتبلورت في القطاع الخاص، وعرفت بعض التكيفات مع القطاع العام، وذلك بإرسائها لتجديد أساليب التدبير المتمثلة في تقنيات المساءلة والالتزام بجودة الخدمة[63] (ثانيا).
أولا: مقاربات تأمين الجودة
     ترتكز هذه المقاربة على منطق تأمين الجودة الذي يفرض حصول المرتفق على خدمة عمومية مطابقة لمرجع الجودة المعتمد من طرف أيزو(ISO). وتعرف أيزو تأمين الجودة بأنه " مجموع الأنشطة الموضوعة مسبقا بطريقة نسقية في نظام الجودة بهدف ضمان الثقة وبأن الهيئة أو المنظمة تلبي طلبات الجودة "[64]. وتخضع لمعايير موضوعة من طرف القطاع الخاص والتي وجب ترحيلها نحو القطاع العام بعد الإدخال عليها عدة تغيرات وتعديلات حتى تلائم خصوصيات هذا الأخير، لكي يعيد المرفق العام إنتاج نفس المقاربات مع الاحتفاظ بالمفاهيم المعتمدة في القطاع الخاص.
     وتهدف مقاربات تأمين الجودة إلى ضبط المساطر وضمان الثقة في المنتوج أو الخدمة، وترتكز مقاربات تأمين الجودة على معايير الجودة الموضوعة من طرف أيزو مند سنة1987 هذا التحول والتطور فتح المجال للمرافق العمومية للأخذ بهذه المعايير في تقديم خدمتها للجمهور.
     هذا بالإضافة إلى الإشهاد الذي يعتبر مسطرة لتأمين الجودة من أجل منح الثقة والحجة للمرتفقين، ثم الاعتماد الذي يتميز عن الإشهاد بكونه لا يقتصر على منح الثقة فقط للمرتفق بل يشهد أيضا بكفاءات الموظفين والمستخدمين في تحقيق الخدمة، وهذا الاعتراف يتطلب الاعتماد على مرجع الجودة في الخدمة[65].
ثانيا: مقاربات التدبير التشاركي
      تتميز مقاربات التدبير التشاركي كونها نتيجة لنشر ثقافة التدبير العمومي الجديد، إذ تقوم على تقنيات تدبيرية تهدف إلى تطوير كفاءات المرافق العمومية من خلال تقييم الخدمات ومساءلة الفاعلين سواء الرسميين أو الغير رسميين، والالتزام تجاه المرتفقين.
     هذا بالإضافة إلى تمكين المرفق العمومي من أداء خدماته عبر إرساء نوع من الثقة سواء على المستوى المالي، بالتحكم في تدبير النفقات أو على المستوى البشري، وذاك عبر توضيح الأدوار وتحديد المسؤوليات وتحفيز الموارد البشرية، فهي كمقاربات منظماتية تعمل على التطوير الدائم لحلول اللاجودة[66].
     وترتكز مقاربات التدبير التشاركي على مؤشرات تساعد في إثبات فعالية الخدمات المقدمة للمرتفقين، وذلك على شكل معلومات مركبة تمكن من قياس الدور الحقيقي للخدمات، بالمقارنة مع المعايير المرجعية المحددة مسبقا، حيث تجمع بين التقييم والمراقبة وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من المؤشرات: الفعالية والنجاعة والجودة. بالإضافة إلى تدعيم المساءلة وذلك بتفويض أكبر من المسؤوليات، مع تحديدها بدقة بهدف تعزيز المسؤولية القانونية للفاعلين والمساهمة في تقنين متطلبات الجودة، ثم الالتزام تجاه المرتفقين. وقد جاءت فكرة إحداث مواثيق للمرافق العمومية كآلية لتحسين علاقة الإدارة بالمتعاملين معها، وهي عبارة عن آلية مكتوبة ذات دلالات أخلاقية ورمزية[67].
    ومنه، فلابد أن تتضمن مواثيق الجودة المبادئ الأساسية الموجهة لتجويد الخدمات العمومية وتحسين علاقة الإدارة بالمرتفقين مثل: مبدأ الجودة ومبدأ تبسيط المساطر الإدارية ناهيك عن السرعة والشفافية والوساطة والاستمرارية والمسؤولية، ومن تم فإن إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري، سيساهم بشكل فعال في تجويد وتطوير الخدمات التي تقدمها المرافق العمومية، وذلك لما يوفره الذكاء الاصطناعي من سلاسة وسرعة ومرونة في تقديم مختلف المهام الإدارية بشتى مكوناتها.
الفقرة الثانية: مكونات جودة الخدمة العمومية
     تختلف مكونات الجودة في المرافق العمومية نظرا لخصوصيتها عن تلك المعتمدة في المجال التدبيري، وقد ساهمت الخدمات الإلكترونية بشكل كبير في قلب مسار تطوير العلاقة بين المرفق العمومي والمرتفقين، وذلك بالاعتراف لهم بالعديد من الحقوق والتعامل معهم كمواطنين وليس فقط كمستهلكين، وترتكز الإصلاحات الهادفة على دعم جودة الخدمات الإدارية على ثلاثة معايير أساسية: السرعة في أداء الخدمة العمومية (أولا)، السهولة في الاستفادة منها (ثانيا)، والشفافية والوضوح في أداء الخدمات العمومية (ثالثا).
أولا: السرعة في أداء الخدمة العمومية
      إن من بين مكونات الإدارة الإلكترونية نجد سرعة التجاوب مع مختلف حاجيات المرتفقين، وتساهم أكثر في دعم الولوج إلى الخدمات الإلكترونية، وتعتبر هذه الأخيرة أحد عناصر إشباع حاجيات المرتفقين ومكونا أساسيا لجودة الخدمة المقدمة، وترتكز حول الوظائف الأساسية للمرفق والمتمثلة في الحفاظ على التناسق الاجتماعي، فهي تقنية تهدف إلى تطوير العلاقة بين الإداريين وتقريب الخدمة من المواطنين[68]. وعليه، يمكن أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في العمل الإداري على سبيل المثال الخوارزميات والروبوتات والأتمتة والشبكات العصبية دورا مهما في تقديم خدمة ذات جودة عالية في وقت زمني وجيز وبدون تعطيل لمصالح المرتفقين.
ثانيا: سهولة الاستفادة من الخدمة العمومية
      طالما تعتبر سهولة الاستفادة من الخدمات الإدارية مصدرا أساسيا لرضا الجمهور، فيمكن اعتبارها معيارا لجودة الخدمات العمومية المقدمة من قبل الجهاز الإداري، بالإضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في دعم مبدأ المساواة وذلك من خلال سهولة الولوج إلى الخدمات الإلكترونية للمرافق العمومية، وتمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من خدمات عمومية ملائمة لوضعهم الاجتماعي. أيضا الخدمات الذكية ستساهم في تحقيق مبدأ الإنصاف عبر تخليق الإدارة العامة، وتحسين التفاعل والتواصل مع المرتفقين وإقامة علاقات أكثر مرونة وانفتاح وإنسانية معهم[69].
ثالثا: شفافية الخدمة العمومية
    ترتبط الشفافية بجودة الخدمة العمومية من خلال محاربة ظاهرتي: الفساد والتعسف الإداريين، فتمكين المرتفق من الاطلاع على القوانين والوثائق الإدارية سيسمح له بمعرفة حقوقه وواجباته والكشف عن نقط الضعف التي قد تستغل في عدم التوجيه السليم للخدمة العمومية لأجل الحصول على منافع ذاتية[70].
     زد على ذلك، أن جودة الخدمات ببلادنا رهينة بانفتاح الإدارة على المتعاملين معها، وتتسم بالوضوح في أداء مهامها وتستجيب لانتقاداتهم خصوصا أن المساطر الإدارية اليوم تتسم بالتعقيد والتعسير، الشيء الذي دفع بالمشرع المغربي إلى وضع القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية[71] بهدف تدعيم الشفافية والإعلام وتيسير عملية الاستفادة من خدمات المرافق العمومية. ويشكل الوضوح خاصية أساسية وجزءا لا يتجزأ من التدبير الشامل للجودة.
خاتمة الفصل الأول:
     وكخلاصة للفصل الأول، يمكن القول بأن الذكاء الاصطناعي شامل وشاسع يشمل العديد من الأنواع والفروع، ويمكن تطبيقه من طرف الحكومات في المستقبل القريب في مختلف الخدمات العمومية التي يتلقاها المرتفقين من الإدارات العمومية.
     إن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستساهم بدرجة كبيرة في تسريع وتحسين جودة الخدمات العامة، فمن خلال توظيف التقنيات المختلفة من (بيانات ضخمة، وروبوتات، وخوارزميات ذكية، وشبكات عصبية...إلخ) يمكن لصانعي السياسات العمومية اتخاذ قرارات أكثر استنارة، مما يجعل الحكومة أكثر مرونة واستجابة لتفضيلات واحتياجات المواطنين والمواطنات، من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي. كما يزيد هذا الأخير بمختلف أنواعه من شرعية وضع جدول الأعمال وهذا يقلل من الاعتماد على الخبراء التكنوقراطيين، ويعدد المصادر ويضفي الشرعية على عملية صنع السياسات العمومية في كافة المجالات منذ وضعها حتى تنفيذها.
     علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي عبر الشبكات العصبية الاصطناعية التنبؤ بعدد من المشكلات والقضايا المليئة بالتعقيد، لأنها تعد بمثابة إندار مبكر للحكومات كالتنبئ بالأزمات الطبيعية قبل وقوعها، بالإضافة إلى مساعدة الذكاء الاصطناعي في صناعة القرار السياسي في حل المشكلات المجتمعية وتحديد التكلفة لكل قرار، ومن تم سيحسن الذكاء الاصطناعي من تقليل الأخطاء البشرية وضبط مستويات الإنفاق الحكومي ومكافحة التهرب الضريبي...
    وبناء على ما سبق ذكره، فإن تقنيات الذكاء لاصطناعي ستساهم في زيادة جودة الخدمات العامة في مختلف القطاعات الحكومية، مثل: النقل والتعليم والصحة وإدارة المرافق العامة وأمن المعلومة والكفاءات المالية والنظام القانوني والعدالة وغيرها، وهو ما سينعكس إيجابا على حياة المواطنين.
 
 الفصل الثاني: تطبيقات الذكاء الاصطناعي ودورها في تجويد العمل الإداري بالمغرب
 

 

مقدمة الفصل الثاني:
       كما نعلم جميعا أن الرقمنة في الوقت الراهن أصبحت ظاهرة منتشرة في الوسط الإداري، بل يمكن اعتبارها الشكل الفعلي لتفاعلات الحياة اليومية والمعاملات الإدارية.
     ضمن هذا السياق نجد أن الذكاء الاصطناعي قد احتل موقع الصدارة في السنوات الثلاث الماضية، بعد حضور تاريخي في البحث الأكاديمي وغالبا ما يتداخل مع الابتكار الرقمي وبالتالي يعد الذكاء الاصطناعي نوعا آخر من الاختراع التكنولوجي القائم على تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وله خصائصه ومميزاته الخاصة[72].
      لكن الذكاء الاصطناعي لا يمكن فصله عن المجال الإداري لأنه ليس مستقلا عن قدرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تم تطويرها سابقا من طرف الإدارة الإلكترونية في ظل التحولات التكنولوجية التي جاءت بها الرقمنة.
    وبالتالي يمكن أن يساهم الاستخدام المنهجي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الواقع العملي الإداري في تقديم خدمات للمواطنين بشكل مستمر وبجودة عالية وفي وقت زمني وجيز ومشاركتهم في تعزيز استخدام الأدوات الرقمية الناشئة عن التفاعل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.
     وبصرف النظر عن التحديات والصعوبات التي تواجه الفاعل الحكومي في إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل العمل الإداري في المستقبل القريب، فإن العمل على بناء جهود التحديث يساعدنا في الاستفادة من استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري وتجاوز مختلف المشاكل التي تقوض عمل الجهاز الإداري ببلادنا. وبالتالي، فإن نسبة استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة ستصبح مؤشرا يستعمل في قياس جودة الخدمات الإدارية التي تقدمها المرافق العامة للمرتفقين في العديد من المجالات: الصحية، التعليمية، الأمنية...إلخ[73].
      وبناء على ما سبق ذكره، سنخصص هذا الفصل للحديث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الإدارية خاصة قطاعي التعليم والصحة وذلك في (المبحث الأول)، وبعده نتطرق لمختلف التحديات والمشاكل التي تحد من إمكانية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري ببلادنا (المبحث الثاني).
المبحث الأول: تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى الخدمة العمومية
     إن مشروع خدمات الحكومة الذكية ليس الغرض منه بناء موقع إلكتروني وظيفته تقديم معلومات عن الوحدة الإدارية فحسب، وإنما يتعداه لتقديم خدمات للمرتفقين بطريقة فعالة ومستمرة وسريعة واقتصادية وما يفرضه عصر التكنولوجيا المعلوماتية من وضوح وشفافية ودقة، وهو الشيء الذي يتطلب منا إعادة هيكلة جميع المعاملات اليدوية لزيادة فعاليات الأداء العمومي[74].
    إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المحتملة في الخدمات الحكومية المغربية تظل مقيدة بمدى كفاءة الموارد البشرية والموارد الحكومية، هذه الأخيرة التي يمكنها أن تساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء الإدارية وتوفير الوقت والجهد للموظفين وبناء علاقات أفضل مع المواطنين من خلال تقديم لهم خدمات بجودة عالية وفي وقت زمني وجيز.
     لئن لم يتمكن الفاعل الحكومي من تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الإدارية بشكل مدروس واستراتيجي، سيستتبع ذلك العديد من الآثار السلبية جراء استخدام هذه التطبيقات الذكية.
      مما سبق، سنقوم من خلال هذا المبحث الإحاطة بمختلف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري وسنقتصر على قطاعين اثنين، التعليم والصحة على اعتبار أنهما من أبرز الخدمات الإدارية التي تتلقى اهتمام كبيرا من طرف الفاعلين السياسيين وكذا الآثار التي تترتب عن تلك التطبيقات. وعليه، سنخصص (المطلب الأول) للحديث على مجال التعليم، على أن نترك (المطلب الثاني) للحديث على مجال الصحة.
المطلب الأول: تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم
     إذا كان للذكاء الاصطناعي دور مهم في العديد من الميادين والمجالات فإن له دور أكثر أهمية في العملية التعليمية والتربية الحديثة، فيمثل ضرورة ملحة ولا يمكن الاستغناء عن تطبيقاته، والتي يمكن من خلالها تحقيق عدة مزايا أهمها: تحسين عملية اتخاذ القرار وتحسين جودة التعليم وتنمية المهارات الحياتية وتنمية التحصيل المعرفي لدى المتعلمين وغيرها من المزايا التي تساهم بشكل كبير في تعزيز تنافسية العملية التربوية وإنتاج أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر الذي يعيشون فيه[75].
    ويشهد العالم حاليا زيادة في تطبيقات التكنولوجيا في مجال التعليم وهو الشيء الذي سيساعدنا بالانتقال بالتعليم من الإطار التقليدي إلى التعليم الذكي الذي يعد الذكاء الاصطناعي عنصرا محوريا فيه، وذلك عن طريق استخدام مزيج من الروبوتات وبعض برامج الذكاء الاصطناعي الأخرى.
     لذا سنعرج في هذا المطلب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المكتبات الجامعية من خلال (الفقرة الأولى) وسنخصص (الفقرة الثانية) للإشارة إلى تطبيقاته في العملية التعليمية.
الفقرة الأولى: تطبيق الذكاء الاصطناعي في المكتبات الجامعية
      سنتطرق في هذه الفقرة إلى أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مكتبة الجامعة التي تعتمد على أنظمة كثيرة من بينها: القيام بالمهام التنظيمية في المكتبات، (أولا) واستعمال النظام الذكي لاسترجاع المراجع، (ثانيا) والاعتماد على الوكيل الذكي في تسييرها، (ثالثا) هذا بالإضافة إلى تطبيق الهواتف الذكية التي تساعدها في تسريع أداء خدماتها (رابعا).
أولا: مهام الوظيفة التنظيمية في المكتبات
     تحقق هذه الوظيفة التنظيمية الجانب الاقتصادي في عملية التعليم من خلال الحصول على أفضل النتائج بأقل تكلفة مادية وخلال مدة زمنية وجيزة، حيث تعمل تكنولوجيا المعلومات على اختصار الزمن وتوفير الجهد على الموظفين والعاملين في المكتبات وكذلك التوفير في تكلفتها المادية. ويتم توظيف المستحدثات التكنولوجية في العملية التعليمية من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسية[76]:
التوظيف المصغر: ويقصد به التجربة على مستوى مصغر قبل تعميمه والعمل على دراسته من كل الجوانب التقنية والقانونية والتنظيمية.
 التوظيف المختار: من خلاله يتم اختيار المستحدث التكنولوجي الذي يمكن أن يساهم في التغلب على مشكلات محددة من المشكلات التعليمية التي يواجهها المتعلم أو الأخصائي في المكتبات.
التوظيف المنظومي: وفيه يكون توظيف المستحدث التكنولوجي مبنيا على مدخل النظم وعلى فكر المستخدم كما تقوم تكنولوجيا المعلومات بوظائف عديدة في المجال التعليمي داخل المكتبات الجامعية على اختلاف أنواعها.
ثانيا: النظام الذكي لاسترجاع المراجع
     هذا النظام تم تطويره في المكتبة الجامعية خاصة جامعة هوستن[77]، فهو يجمع ما بين المراجع الورقية والمراجع الإلكترونية وقد تم تطويره في التسعينات، وكان الهدف الأساسي من تطوير هذا النظام هو مساعدة المستخدمين في عملية اختيار المصادر المرجعية سواء كانت ورقية أو في شكل أقراص، وهو يقدم وسيلة تساعد في الوصول إلى الاستشهادات المرجعية. إضافة إلى النصوص الكاملة والرسومات وقواعد البيانات الرقمية ذات الصلة باحتياجات الطلاب[78].
    إن تطوير هذا النظام سيساعد بشكل كبير في تخصيص المرجع المناسب للطلاب، إنه طور لمساعدة كافة أعضاء المجتمع الجامعي، ناهيك عن العاملين في المكتبات الجامعية، كذلك يتم اعتماد هذا النظام في الكشف عن السرقات العلمية.
ثالثا: استخدام برامج الوكيل الذكي في المكتبات
      إن برامج الوكيلة الذكية قابلة للتطبيق في مجالات مختلفة حيث نجدها تستخدم في الخدمات العامة من داخل المكتبات، حيث يتم استعمالها في استرجاع المعلومات والبحث عنها في الدوريات الإلكترونية[79].
      يلاحظ أن هناك وجه شبه بين البرامج الوكيلة الذكية وأمناء المكتبات وذلك لإمكانية وجودهما في بيئات متشابهة ومن ثم تقديم خدمات متشابهة ويمكن توضيح وجه الشبه في الآتي:[80]
  1. يؤدي كل من الوكيل الذكي وأمين المكتبة مهامه في خدمة المستخدمين بتفويض منه، الاعتماد على الخبرة لحل مشكلة الطالب، ووضع تصور لحل مشكلة، البيئة التي تعمل فيها البرامج الوكيل الذكي وأمين المكتبة.
  2. يتم كذلك التعاون بين الطرفين لتنظيم وتنقية المعلومات وفقا لحاجيات الطالب، فكلاهما يعملان مع بعضهم البعض لتحقيق حاجة الطالب.
رابعا: تطبيقات الهواتف الذكية في المكتبات ومراكز المعلومات
      تعتبر التطبيقات الذكية للهواتف المحمولة إحدى فروع الذكاء الاصطناعي، لقد أصبحت الأداة الأكثر استخداما للدخول على شبكة الإنترنيت، بل أكثر من الحواسيب، لذا فإن اعتماد المكتبات على تطبيقات الهواتف الذكية أصبح أمرا ضروريا وعاجلا، وهي تستخدم في تقديم خدمات المكتبات، أو تيسير بعض الأعمال الفنية والتواصل مع المستفيدين وتقديم أفضل خدمة لهم. وبالتالي فإن تطبيق الهواتف الذكية من داخل المكتبات الجامعية سيساعد على سد الفجوة بين البيئة الافتراضية والمادية للمكتبات من خلال الاستفادة من العديد من التقنيات الذكية مثل كود الاستجابة السريع (QR)[81] وغيرها من التقنيات الأخرى.
       إذن من خلال ما سبق ذكره من معلومات وأفكار نستنتج أن، تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المكتبات الجامعية المغربية ستساهم في خلق مكتبات ذكية بعد المكتبات الرقمية، فمن خلال هذه التطبيقات ستقدم المكتبات الذكية خدمات متطورة وممتازة للطلاب هذه الخدمة تتسم بالسرعة والمرونة والشفافية والاستمرارية في تلبية طلبات المرتفقين عامة.
الفقرة الثانية: تطبيق الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية الجامعية
     إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستأخذ الحيز الأكبر في الآونة الأخيرة، خاصة في العملية التعليمية وذلك لارتباط الأنظمة الذكية بهذا القطاع نفسه، لذا سنبين نظام التعليم الإلكتروني (أولا) ثم نشرح فكرة الوكيل الإلكتروني في التعليم (ثانيا) لنعرج بعدها على أنظمة التدريس الذكية (ثالثا) وصولا إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نظام التعليم عن بعد (رابعا).
أولا: التعليم الإلكتروني    
     يعد التعليم الإلكتروني من الأنظمة التعليمية الحديثة والمتطورة في ظل التحول الرقمي الكبير الذي ظهر نتيجة انتشار جائحة كورونا مع بداية عام 2020، الذي أثر بشكل كبير على تحويل التعليم في العالم من تعليم تقليدي عبر الحضور والانتظام في القاعات الدراسية إلى صفوف افتراضية إلكترونية[82]، وتم الاعتماد عليه رسميا من قبل الجهات الرسمية لاستكمال السنة الدراسية بدون حضور، مما سبب ارتباك كبير لبعض الجامعات التي تعتمد على رقمنة نظامها التعليمي.
   كما يعرف التعليم الإلكتروني أيضا بأنه وسيلة من الوسائل التي تدعم العملية التعليمية وتحولها من طور التعقيد والروتين إلى طور الإبداع والتفاعل وتنمية المهارات، حيث تستخدم أحدث الطرق في مجالات التعليم والنشر والترقية باعتماد الحواسيب ووسائطها التخزينية وشبكاتها ولقد أدت التنقلات السريعة في مجال التقنية إلى ظهور أنماط جديدة في التعليم الجامعي كما توضح النقط التالية:
1ـ تطبيق التعلم الإلكتروني للهواتف الذكية
     هو بمثابة تطبيق تم إتاحته للطلبة للاستمتاع بالتعلم الإلكتروني من خلال الهواتف الذكية، بحيث يمكن للطالب الوصول إليه من خلال البوابة التعليمية للجامعة، ومن أجل تسهيل     استخدام هذ التطبيق والاستفادة منه تقوم مراكز تقنيات التعليم في الجامعة بإصدار دليل تطبيق التعلم الإلكتروني موضحا الخطوات اللازمة لتفعيل التطبيق واستفادة بعض الدول المتقدمة أثناء جائحة كورونا من هذا التطبيق في حين نجد أن بعض الدول العربية خاصة الجزائر والمغرب واجهت مشكلة مواصلة التعليم في ظل جائحة كورونا مثلها مثل بقية دول العالم[83].
    ولكن التأثير الأقوى لعدم وجود استعداد تقني وثقافي وعدم جهوزية الدول للتعامل مع هذه الحالة الطارئة ولم تكن هناك نشاطات تذكر في التعليم الإلكتروني من أجل استخدامها والعمل بها لمواصلة المسيرة التعليمية وعدم ضياع جهود الطلبة العلمية وتأخر دراستهم، كلها أسباب أدت إلى تأخر العملية التعليمية ببلادنا.
2 ـ الامتحانات الإلكترونية
     تعد الامتحانات الإلكترونية أيضا أحد أنواع الأنشطة في النظام العام للتعليم الإلكتروني والتي تمكن المدرس من وضع امتحانات قصيرة وتجريبية للطلبة بشكل إلكتروني ليتسنى للطلاب أداء الامتحان دون الحاجة للورقة والقلم، إذ أن هذه الامتحانات الإلكترونية تصحح تلقائيا ويتم رصد العلامة في نفس الوقت وكذلك تنوع المواد المعروضة فيها بين نص وملف صوتي وفيديو وصورة ورسومات[84].
3 ـ عملية التقييم في الاختبارات الجامعية
      بعد عدة دراسات في هذا المجال خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، توصل فريق من الباحثين إلى أن التقييمات التقويمية الجيدة التصميم التي تستفيد من أحدث التطورات التكنولوجية يمكن أن تساعد الطلاب على التعلم بشكل أسرع وأفضل هذه الآليات هي أيضا جزء مهم من عملية التدريس والتعلم بدءا من التدريس الذكي، والتقييمات الخفية، والامتحانات في الواقع الافتراضي. يمكن أن توفر الاختبارات المحفزة التي تم إنشاءها بواسطة الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من الطرق لاستخدام هذه التكنولوجيا لبناء أدوات تفاعلية، لتحقيق ذلك يحتاج نظام التعليم إلى استثمارات أقوى في البحث والتطوير لتقنيات الاختبارات الجديدة التي يمكن أن تزود المعلمين والطلاب بالأدوات التي يحتاجون إليها[85].
4 ـ تعلم اللغة الأجنبية
        مثل أي مجال آخر من مجالات الحياة البشرية، تأثر الوضع الحالي لتعليم اللغة الأجنبية بتقنيات الاتصالات المعلوماتية الحديثة خاصة منها الذكاء الاصطناعي والذي يتضمن مجموعة واسعة من التقنيات والأساليب، مثل التعلم الآلي والتعلم التكيفي والتعلم والتدريس في اللغة الأجنبية. لذا اهتم الكثير من الباحثين بالتغيرات التي تم إجراءها على تعليم اللغات الأجنبية على وجه التحديد تعلم اللغة بمساعدة الكمبيوتر الذكي وظهرت معه ثمانية أنواع من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعليم اللغات الأجنبية[86].
بالنسبة للغويين ومعلمي اللغة، يعد الذكاء الاصطناعي مثيرا للاهتمام في أكثر من جانب، فعلى سبيل المثال: معالجة اللغة الطبيعية تساعد في فهم أفضل للعمليات العقلية التي تحدث في أدمغة الإنسان أثناء التواصل اللفظي يتم تطبيق أدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في لغويات الكمبيوتر بإنشاء لغات الكمبيوتر والترجمات الآلية وتحسين التواصل بين الإنسان والآلة عبر التعرف على الكلام وتركيبه[87]. ومنه حدد المختصين ثلاث أدوات تراجع أنظمة الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة الأجنبية وهي:
  • أدوات الذكاء الاصطناعي التي تواجه المتعلم: هي برامج يستخدمها الطلاب لتعلم موضوع ما.
  • أنظمة موجهة للمعلم: يتم استخدامها من قبل المعلمين بغرض تقليل عبئ العمل لديهم وجعل مخرجاتهم أكثر فعالية في مهام أتمتة محددة مثل: الإدارة والتقييم والتغذية الراجعة واكتشاف الانتحال. 
  • أدوات الذكاء الاصطناعي التي تواجه نظام التعليم: وهي توفير معلومات للمسؤولين والمديرين على المستوى المؤسسي على سبيل المثال، ويساعدون في مراقبة أنماط التناقض والاختلالات في الكليات والجامعات.
ثانيا: الوكيل الإلكتروني في التعليم
يستخدم الذكاء الاصطناعي في مجال البرمجيات وتقنية المعلومات لخلق وسائط إلكترونية تعمل تلقائيا على الشبكات المعلوماتية لإنتاج أفكار جديدة، كالبيئة الافتراضية والعقد الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني والوكيل الذكي الإلكتروني، الذي أصبح يستخدم في عدة مجالات، أقربها للأذهان الوكيل الإلكتروني الذي يتيح التعليم من خلال البيئة الافتراضية، فيتفاعل مع المتدرب فيجلب انتباهه للحوار معه ومناقشته فيما طرحه من نقاط تعليمية.
وقد عرف الوكيل الإلكتروني في التعليم بأنه نظام افتراضي قد يكون مجسدا في شخص أولا، قادر على التكييف المرن مع مكونات البيئة الافتراضية ومتغيراتها والتفاعل اللفظي وغير اللفظي مع المتعلمين، لتحقيق هدف محدد والمرونة هنا تعطي استجابة هذا النظام للتغيرات الحادثة في الوقت المناسب تحت توجيه وإرشاد المتعلم نفسه. أما بالنسبة للبيئة الافتراضية فتعرف بأنها الأسلوب الأمثل في تقديم التعليم والتدريب حيث توفر بيئة لامركزية تفاعلية متكاملة من الوسائط تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين، ولديها القدرة على جذب المتعلمين وزيادة دافعيتهم للتعلم. ومن ثم يعتبر الوكيل الإلكتروني من أهم المستحدثات الذي يمكن من خلاله تطوير بيئات التعليم والتدريب.
ثالثا: أنظمة التدريس الذكية
     تستعمل أنظمة التدريس الذكية عدد من تقنيات التعلم الآلي وخوارزميات التعلم الذاتي، التي تعمل على جمع عدد ضخم جدا من البيانات وتحليلها، وهذا يسمح للأنظمة الذكية أن تقرر نوع المحتوى الواجب تقديمه للطلاب حسب مقرراتهم واحتياجاتهم، ومن بين الأمثلة على ذلك نجد منصة برينلي[88] وغيرها من المنصات الأخرى كالمعلم وسقراط و كويزت، التي تختص بها شركات كبرى، كشركة ستي كونت تكنولوجيا التي لها مجال صناعة كتب تعليمية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يقوم المدرسون برفع أساسات المناهج إلى محرك سيتي الذي يستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي من أجل تجهيز محتوى مناسب للمادة ومخصص للطلاب[89].
        ويمكن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأنشطة التالية:
1ـ التعليم التكييفي والشخصي للطلاب
    تساعدنا أنظمة الذكاء الاصطناعي في تقييم تجربة الطالب، كما تساعد هذه الأنظمة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في تحليلات التعلم دون اللجوء إلى الأنظمة القديمة المتبعة، دون أن ننسى أن هناك تحديات عظيمة لتنفيذ مخطط في مجال التعليم العالي الذي ينتج عنه مخاوف أخلاقية ومعنوية وخصوصية في ذلك، وله دوران مهمان هو تحويل الحياة الأكاديمية بنظام رقمي مميز ومتطور أو محاولة الحصول على مستقبل ذو درجة عالية في التعليم العالي.
    وعلى الرغم من وجود هذا النوع من أنواع التعليم، فالمخاوف تزداد نحو الاستغناء عن البرامج والمناهج الأكاديمية المعتمدة من طرف الوزارات المختصة، فالعملية فيها نوع من المخاطرة إذا توسع مجال التطبيق دون ضبط محتوى مجال توظيفه على المستوى العملي التطبيقي.
2 ـ الكشف عن السرقة العلمية ونسبة الاقتباس
       قد يعتبر البحث العلمي وتطوير المعرفة العلمية من المهام الأكثر تحديا وأهمية للباحثين والطلاب على حد سواء، ولكن في عالم يعتمد على التكنولوجيا ووفرة الموارد أصبح من السهل إغراق العقول بالمعلومات والأبحاث المنسوبة للآخرين، مما يؤدي إلى ظاهرة السرقة العلمية، وهنا يبرز تطبيق Turnitin لكشف السرقة ونسبة الاقتباس كحل لهذه المشكلة المتفشية في الأوساط العلمية الجامعية[90].
    وكخلاصة جزئية لما سبق ذكره، يمكن القول بأن الذكاء الاصطناعي يعد حلا مبتكرا ومتطورا يساهم بشكل كبير في تحسين العملية التعليمية وتعزيز البحث العلمي من خلال استخدام تقنيات ذكية وبرامج تعليمة متقدمة.
المطلب الثاني: تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة
       لقد استفاد القطاع الصحي من تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير وخاصة مع ظهور فيروس كورونا، وقد سارعت العديد من الشركات العالمية الكبرى لإدخال المزيد من التطبيقات القابلة للاستخدام من قبل مقدمي الرعاية الصحية.
   لقد تلقت تقنيات الذكاء الاصطناعي اهتمام كبيرا في القطاع الصحي، حيث بات يعتمد عليها في المستشفيات والأقسام الطبية وغيرها لتحسين سير العمل داخلها وتحقيق التكامل بين الأطباء في تشخيص الأمراض والأوبئة.
    وعليه، سنقوم من خلال هذا المطلب الإشارة إلى الشرعيات والمبادئ الدولية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي (الفقرة الأولى)، بعد ذلك نعرج على مختلف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي استفاد منها القطاع الصحي في تحسين جودة العمل سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الشرعيات والمبادئ الدولية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة
      لا بد لنا من الوقوف على الشرعيات الدولية التي تساهم في تعزيز إدماج التكنولوجيا في المجال الصحي (أولا)، بعده نتعرف عن المبادئ التي تؤطر استعمال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة (ثانيا).
أولا: الشرعيات الدولية لتعزيز الصحة الرقمية
          شكلت تطبيقات الذكاء الاصطناعي النقلة النوعية في مجال الرعاية الصحية بشكل عام، وذلك من خلال النهوض بالمجال الصحي والانتقال به من بروتكولات العلاج التقليدي المرن إلى الرفاهية والسرعة في معالجة الأمراض ومحاولة تعميم الطب على كافة الأفراد بشكل يناسب الجميع خصيصا الفرد في هذه الدول النامية، الذي أصبح اليوم يحتاج الاحترام الكامل لحقوقه بما في ذلك الحقوق الاجتماعية[91]، وهذا يتطلب من الدول مواكبة التقدم التكنولوجي لضمان استخدام برامج وآليات أكثر نضجا للذكاء الاصطناعي.
        ولعل من بين أهم التقارير التي جاءت في هذا الصدد، مسودة لتوصية صادرة عن مجلس أوروبا للجمعية البرلمانية المنعقد في تركيا سنة 2020، ومن بين أهم التوصيات التي خلص إليها التقرير: أنه يوصي المؤتمر لجنة الوزراء التكفل بإعداد صك قانوني مخصص للذكاء الاصطناعي ويفضل أن يكون صكا ملزما على نطاق عالمي، مثل: اتفاقية مفتوحة لجميع الدول غير الدول الأعضاء[92]، مع التركيز على الآثار القانونية المترتبة على حقوق الإنسان للذكاء الاصطناعي بشكل عام، وعلى الحق في الصحة بشكل خاص.
     هذا بالإضافة إلى اشتراك هيئات مجلس أوروبا الأخرى ذات الصلة في عمل يهدف  إلى تغطية التحديات المتعلقة بالصحة بشكل مناسب، لا سيما فيما يتعلق بالخصوصية والسرية والسلامة الإلكترونية للبيانات الصحية الشخصية الحساسة والموافقة المستنيرة ومسؤوليات أصحاب المصلحة، علاوة على ذلك نجد اللجنة الاستشارية لاتفاقية حماية الأفراد فيما يتعلق بالمعالجة التلقائية للبيانات الشخصية والسعي إلى التركيز في عملهم نحو توعية الدول الأعضاء بشأن الإدارة الرشيدة للبيانات الصحية بهدف منع أي سوء استخدام سيادي أو تجارب للبيانات الشخصية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي الطبية. مع تحديث توصية 2016 بشأن حقوق الإنسان والأعمال التجارية من أجل عكس التحديات الحديثة والتزامات الدول الأعضاء بموجب الميثاق الاجتماعي الأوربي بما في ذلك الحق في الصحة[93].
        كما لاحظت الجمعية أن الخصوصية وسرية البيانات الشخصية والموافقة المستنيرة هي ركائز حقوق المريض في جميع أنحاء العالم، في الوقت نفسه قد تؤدي بعض القيود المفروضة على استخدام البيانات الصحية الشخصية إلى تعطيل روابط البيانات الأساسية والتسبب في حدوث تشوهات وأخطار في التحليل المدفوع بالذكاء الاصطناعي[94]، ومنه ثار التساؤل حول مدى إذا كان إخفاء الهوية أو إخفاء الأسماء المستعارة لبيانات الصحة الشخصية هي الحلول المناسبة.  
      لقد كانت عمليات التحول الرقمي ومعالجة البيانات فائقة السرعة وأنواع جديدة من اتصال الشبكة تعد الدافع للتقدم الطبي والتكنولوجي في العقود القليلة الماضية، حيث مكنت برامج حل المشكلات الخوارزمية والتعلم العميق في السنوات الأخيرة الآلات التي لها القدرة على محاكاة القدرة التحليلية البشرية وتقريب عملية صنع القرار البشري إلى مستويات غير مسبوقة اليوم.
        إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي الطبية ذكية بما يكفي للمساعدة في اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة وتقديم خدمات الصحة الوقائية والتطبيق عن بعد مع تحسين قرارات التشخيص والعلاج وضمان الرعاية الصحية والشخصية والطب الدقيق والمساعدة على بناء قواعد بيانات التسلسل الجيني، واكتشاف علاجات وأدوية جديدة عن طريق بعض الخوارزميات الطبية، تساوي بالفعل أو تتفوق على المتخصصين البشريين في مهام محددة بدقة عالية.
ثانيا: المبادئ الدولية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
    تقوم الصحة الرقمية الدولية على العديد من المبادئ التي أقرتها التشريعات الدولية، ولعل أبرز هذه المبادئ نجد:
1ـ مبدأ الشفافية في تطبيق الرقمنة على مستوى القطاع الصحي
      فيما يتعلق بالحقوق الأساسية في سياق صنع القرار بشأن الذكاء الاصطناعي، يعد استخدام التطبيقات الخوارزمية في مجال الصحة وفهم الآثار المترتبة على هذا الاستخدام أمرا بالغ الأهمية، لجعل نظام الرعاية الصحية أكثر شفافية  وبناء ثقة  مع جميع المستخدمين وضمان موافقة المستخدم المستنيرة، وقد يتطلب ذلك إنشاء إطار وطني لإدارة البيانات الصحية، يمكن أن يبنى على المقترحات المقدمة من طرف المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان مثل مفوضي مجلس أوروبا لحقوق الإنسان الصادر في ماي 2019 ، يتضمن هذا الأخير توصية فتح العلبة السوداء للذكاء الاصطناعي على عشر خطوات لحماية حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي الجديرة بالثقة التي قدمها الاتحاد الأوروبي في أبريل 2019 ، وتوصية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمبادئ الذكاء الاصطناعي في ماي 2019 ،ومبادئ مجموعة العشرين بشأن الذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان في يونيو 2020، بحيث يجب أن يكون هيكل إدارة البيانات الصحية هذا جزءا لايتجزء من هياكل الحكم الديمقراطي، ويجب أن يكون مستقلا عن أي ضغط سياسي  أو اقتصادي من قبل الدول وأي تدخل من جانب الشركات الكبرى، علاوة على ذلك يجب التخطيط الآن بالفعل لمحو أمية الخوارزمية للسكان ومهني الرعاية الصحية.
2 ـ مبدأ تقرير مصير المعلومات الصحية
   وهو شيء جديد أدخله القانون الدولي العام على الحكومة الإلكترونية الرقمية ويتجلى في التحكم الإضافي من قبل كل مواطن، ومن البيانات الشخصية المتعلقة بأحكام هذا القانون شفافية الخوارزميات العامة لها عواقب مباشرة على بناء مناخ من الثقة فيما يتعلق بمعالجة البيانات التي تقوم عليها خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ويعد إعلام المواطن بشأن استخدام بياناتهم المنصوص عليها في قانون الإعلام واللوائح الأوروبية الجديدة بشأن البيانات الشخصية عنصرا أساسيا ضمن هذا المجال.
       ضمن هذا السياق ينبغي التفكير في العمل بشكل خاص على المستوى التقني لتحديد الحلول الآمنة التي تحترم الخصوصية افتراضيا، والخصوصية حسب التصميم، والأمان حسب التصميم، من خلال تعزيز فهم الأنظمة القائمة على أساس الذكاء الاصطناعي ومن خلال تحيين الشفافية في المعالجة التي تقوم بها تلك الأنظمة الذكية. بالإضافة إلى أن تعريف وتنفيذ نظام الاعتماد أو التحقيق عن الصحة لمستوى متانة وموثوقية الذكاء الاصطناعي الذي يشكل هدفا مهيمنا من حيث بناء الثقة، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حشد كل المشاركين في تطبيقه.
الفقرة الثانية: تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى الصحة
     لقد دخلت تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مجال الخدمات الصحية سواء التي تقدمها الدولة للمواطنين أو ما يقدمه القطاع الخاص، فيما بات يعرف بتطبيقات الصحة الرقمية وذلك عبر الخدمات الصحية والهوية الرقمية، ومعالجة البيانات الضخمة عن طريق الذكاء الاصطناعي التي تساعد في حل المشكلات التي تواجه الحكومات والنظم الصحية، وذلك من خلال صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية وصياغة نماذج المحاكاة والكشف عن طبيعة اللقاحات السابقة ومكوناتها والعمل على تقصير الفترة الزمنية بين التجربة وتطبيق اللقاح والعلاج.
       ولعل من بين أهم الأهداف التي ترمي إليها التطبيقات الرقمية في قطاع الصحة نجد تحسين مكونات النظام الصحي وإدارة المنتجات الطبية، مع الحصول على جودة رعاية صحية جيدة وذلك بالتدريب اللازم للموارد البشرية للحصول على كفاءة نظم تموين الصحة الشامل وكفاءة إدارة المنشآت.
       وقد تنوعت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة وقبل التطرق لها يجب أن نعرج على مفهوم علم الأوبئة الرقمية (أولا)، حتى تتضح الصورة أكثر في مجال التطبيقات الإلكترونية في هذا القطاع خاصة في العملية الطبية (ثانيا).
أولا: علم الأوبئة الرقمية
   يتجسد علم الأوبئة الرقمية في العديد من الأنظمة التي تسعى إلى الكشف والتنبؤ بالأوبئة نجد أبرزها يتمثل في النقط التالية:
1ـ أنظمة التنبؤ والتحذير من الأوبئة
      كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي أول ما رصد الزيادة غير الطبيعية في حالات الإصابة بداء الرئة، فقد قامت شركة بلو دوت (BlueDot) وهي شركة كندية متخصصة بالتنبؤ بانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بتوظيف أنظمة ذكية لرصد وتتبع انتشار فيروس كورونا والتعرف عليه والإبلاغ عنه بشكل أسرع.
       هذه المنصات الذكية ستمكن الحكومات في المستقبل من الحصول على تحذيرات مبكرة والتنبؤ بخطر انتشار مثل هذه الأمراض المعدية قبل وقت حدوثها وتطورها بشكل أكبر، باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغات الطبيعية والبيانات الضخمة، هذه التقنيات قادرة على معالجة وتحليل التقارير الإخبارية والصحية بلغات مختلفة والبيانات الشخصية والطبية والاجتماعية[95].
2 ـ أنظمة التشخيص المبكر الذكية
     يمكن للذكاء الاصطناعي تشخيص الإصابة بفيروس كورونا لتحديد المصابين بشكل دقيق وسريع ومبكر، وبالتالي مساعدة الجهات المختصة لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة بسرعة كافية للتصدي للمرض مثل إجراءات الحجر الصحي لكبح زيادة انتشار العدوى، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين في الوقت المناسب.
       لقد قلص الذكاء الاصطناعي من زمن التشخيص المتعلق بفيروس كورونا، وذلك من خلال بعض التقنيات الذكية كتلك التي طورتها شركة لينكينج ميد (Linking Med) الصينية والمتخصصة بتحليل البيانات والصور الطبية. إذ يمكن حاليا تشخيص الالتهاب الرئوي، وهو أحد المضاعفات الشائعة عبر التشخيص من خلال تكنولوجيا التعلم العميق والتي تعمل على معالجة وتحليل الصور المقطعية المحوسبة للنسيج الرئوي في أقل من ستين ثانية بدقة مرتفعة تصل إلى 92%، وبمعدل استرجاع يصل إلـى 97% على مجموعات بيانات الاختبار. وبالتالي من شأن هذه التكنولوجيا أن تساعد في التقليل من الضغوطات التي تتعرض لها أقسام الأشعة لتشخيص حالات المرضى وتسريع عمليات التشخيص والحد من انتشار الفيروس[96].
3 ـ أنظمة التعرف على الوجوه والكشف عن الحمى
      تعد الكاميرات القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي من أكثر التكنولوجيات المطبقة لمكافحة الوباء الحالي، فهذه الكاميرات الذكية منتشرة اليوم في معظم مطارات العالم والمستشفيات والأماكن العامة وما إلى ذلك، وهي قادرة على التعرف على الوجوه حتى لو كان الناس يرتدون الأقنعة، ومسح الحشود بحثا عن المصابين بالحمى كونه العارض الأكثر شيوعا من خلال قياس الحرارة المئوية من الأشخاص وتعقب تحركاتهم والتعرف على المخالفين من خلال الكشف عما إذا كان الشخص يرتدي قناع وجه. وقد تم استخدام هذه التقنية في "الخوذة الذكية" والتي يقوم باستخدامها أفراد الأمن في الصين للتعرف على الأشخاص المصابين بالحمى في نطاق 5 أمتار وقياس درجة الحرارة المئوية من الأشخاص في أقل من دقيقتين[97].
ثانيا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في العملية الطبية
    يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العملية الطبية من خلال توظيف مجموعة من التطبيقات من بينها:
1ـ الروبوت الذكي في الرعاية الصحية
      يتجلى التكامل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي من خلال الروبوت المستخدم في غرف العمليات والذي يمكن أن يصل إلى ما لا تصل إليه يد الجراح؛ هذا الجراح القادر على تحريك أذرع الروبوت والوصول إلى المكان المحدد فيساعد الأطباء على التخطيط للتدخل الجراحي بالتفصيل ما يعكس هذا التكامل في غرف العمليات[98].
    واليوم نلاحظ تنافس الشركات فيما بينها من أجل التوصل إلى روبوتات أكثر تطورا وإطلاقا لخدمات طبية مبتكرة تساعد الفريق الطبي في أداء بعض المهام الروتينية وتخفيف العبء عنهم. لقد بات من الممكن الآن دمج هذه التكنولوجيا المتطورة لمساعدة الطاقم الطبي في تقديم رعاية صحية تفوق توقعات المرضى.
     لقد أصبحت التكنولوجيا في الطب والتطبيقات الآلية في المستشفيات تشهد تنوعا كبيرا، فهناك اليوم الروبوتات الجراحية والروبوتات التي تقدم الرعاية إلى جانب سرير المريض، كما تتوافر روبوتات لطرد العدوى من الغرف وتعقيمها وأخرى لأخذ عينات المختبرات ونقلها وتحليلها وتحضير جرعات العقاقير، والروبوتات التي هي أجهزة مراقبة التواجد عن بعد[99].
2 ـ القيام بالاختبارات والتجارب العلمية
        تساهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بعدة اختبارات وتجارب علمية وأبحاث سريرية، استفادت بشكل كبير من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، حيث توجه العلماء والباحثون إلى استخدام البيانات التي يتم جمعها بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي من السجلات الصحية الإلكترونية والأجهزة القابلة للارتداء، ما أدى إلى توفير الأموال الضخمة التي كانت تصرف في هذا المجال. كما تسمح هذه التقنيات بالبحث في التقارير الطبية عن الأشخاص المؤهلين للمشاركة في التجارب السريرية[100]، وتطبيق الذكاء الاصطناعي في هذه الأخيرة يساعد العلماء في تحليل البيانات والمعلومات العلمية، وإمكانية تقسيم المرضى والنتائج التنبئية، وتعزيز عمليات التحليل واتخاذ القرار من البيانات بهدف تعزيز معدلات النجاح للتجارب السريرية.
3 ـ إدارة العمل داخل المستشفى
   لقد أصبحت المستشفيات تعاني من ازدحام يؤدي إلى ضغط متزايد على الأطباء والممرضين وكذلك المسؤولين عن الأعمال الإدارية وهو ما يزيد من احتمالية الوقوع في الخطأ.
      من هنا، استفادت المستشفيات من تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة العمل وتنظيم ملفات المرضى بعد إدخال مجموعة من البيانات الضخمة إلى أنظمة الحواسيب، ما يسمح الوصول إلى المعلومة في فترة زمنية أسرع. وقد جعلت السجلات الطبية الإلكترونية عملية استخراج البيانات ودراسة أنواع العلاج أسهل بكثير، فتحولت ملفات المرضى والوصفات الطبية الورقية المكتوبة بخط اليد إلى شيء من الماضي، فازدادت بيانات الرعاية الصحية الإلكترونية بشكل هائل[101]. وبالتالي، فإن تحليل تلك البيانات التي تضم معلومات حول المرضى يمكن أن يتم إنجازه بشكل أسرع ويمكن إنقاذ المزيد من الأرواح عبر تشغيل خوارزميات تم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي. هذه الإيجابية من شأنها أن تساعد أخصائي الرعاية الصحية والعاملين في أقسام الطوارئ من الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات وفرزها خلال مدة زمنية قصيرة، ما يسهم بالتالي في تقليص الوقت الحرج الذي يتم تكريسه للمريض الواحد بالشكل الأمثل.
      تعتمد إذن المؤسسات الصحية والمستشفيات حول العالم على هذه الأنظمة في بنيتها التحتية لأتمتة العمل ورقمنته، بما يعزز الإنتاجية ويزيد من دقة الرعاية الصحية، لتتحول بذلك إلى مستشفيات رقمية عبر نظام متكامل وآلية عمل رقمية مترابطة فيما بينها من خلال منصات تعرض بيانات تتعلق بالمرضى إلى الحد المسموح به قانونيا، مع الحفاظ على خصوصية المريض وهي خطوة غاية في الأهمية بحيث يمكن للطبيب أن يستعرض المعلومات المتعلقة بمريضه قبل تحديد آلية العلاج وهو ما يضمن حصوله على رعاية صحية دقيقة وعالية الجودة بوقت أسرع[102].
    وتأسيسا على ما سبق، يمكن الإقرار بأن إدراج تطبيقات وأنظمة الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة سيساهم بتبسيط وتسيير وتسريع الاستفادة من الخدمات الصحية وتقديمها على الوجه المطوب، وبالتالي سد الفجوة الحاصلة ما بين الإدارة والمرتفقين.
المبحث الثاني: إكراهات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري وسبل تجاوزها
      على الرغم من إيجابيات الذكاء الاصطناعي ضمن المجالات المختلفة الصحية، الأمنية التعليمية الطبية...إلخ، على صعيد وظائف الإدارة الإلكترونية العامة، فإن تطبيق الذكاء الاصطناعي من داخل الإدارة العمومية سينتج عنه عيوب متعددة ومتنوعة، وبالتالي لا بد لصانع القرار الحكومي في الإدارة العامة أن يعمل على مواكبة التكنولوجيا. وبالتالي يتمكن الفاعل الحكومي من إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري وزيادة جودة وشفافية الخدمة العمومية المقدمة للجمهور.
      لئن كان تطوير تكنولوجيات المعلومات والاتصال على المستوى الإداري يعتبر مدخلا للشفافية والمردودية وتحسين جودة الخدمات العمومية، فهذا يستدعي منا الكشف عن المعيقات التي تعيق استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري (المطلب الأول)، وهو الشيء الذي يستدعي منا التساؤل عن الآفاق والرهانات التي يجب على الفاعل الحكومي العمل على تطويرها من أجل تجاوز تلك التحديات المطروحة وذلك نتطرق له في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: معيقات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري
     لا يخفى علينا، أن استعمال تطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري ببلادنا ليس بالعملية السهلة، وهذا راجع إلى العديد من المعيقات والمشاكل التي كشف عنها واقع الإدارة المغربية، سواء منها ما هو تقني اجتماعي، وما هو تجهيزي، وما هو مالي أيضا وسنعرضها من خلال (الفقرة الأولى)، أما فيما يخص المعيقات البشرية والقانونية فقد ارتأينا تخصيص لها (الفقرة الثانية) من هذا المطلب.
الفقرة الأولى: معيقات تقنية وتجهيزية
      سنحاول من خلال هذه الفقرة أن نعرج على المعيقات التقنية وتأثيرها على المجتمع، والتي تعيق من استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي (أولا) على أن نقف عن المعيقات التجهيزية (ثانيا) وأخيرا المعيقات المالية (ثالثا).
أولا: معيقات تقنية ومجتمعية
    إن من بين العيوب التقنية التي تساهم في عرقلة توظيف تقنية الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة نجد ارتفاع التكاليف المرصودة لهذه الأخيرة، وارتفاع معدل البطالة، وجعل البشر كسالى. ويقصد بارتفاع التكاليف القدرة على إنشاء آلة يمكنها محاكاة الذكاء البشري يتطلب لها الكثير من الوقت والموارد ويمكن أن يكلف مبلغا كبيرا من المال ويحتاج الذكاء الاصطناعي أيضا إلى العمل على أحدث الأجهزة والبرامج ليظل محدثا ويلبي أحدث المتطلبات، مما يجعله مكلفا للغاية. 
       أيضا الذكاء الاصطناعي لا يمكنه تعلم التفكير خارج الصندوق إلا بمرور الوقت من خلال البيانات والتجارب السابقة، ولكن لا يمكن أن يكون مبدعا في منهجه على سبيل المثال الروبوت الذكي الذي يمكنه كتابة تقارير، وتحتوي هذه التقارير فقط على البيانات والحقائق المقدمة بالفعل إلى الروبوت على الرغم من أنه من المثير للإعجاب أن يتمكن الروبوت من كتابة مقال بمفرده دون تقديم له البيانات والمعلومات اللازمة.
      علاوة على ذلك، إن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري سيؤدي لا محال إلى ارتفاع معدلات البطالة ببلادنا؛ حيث ستصبح الحاجة إلى التدخل البشري ضعيفة، كما سيؤدي إلى وفاة العديد من فرص الشغل، حيث تتوقع دراسة أجرتها شركة McKinsey أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل 30%على الأقل من العمالة البشرية بحلول عام (2030)[103].
      وما يخص عيب جعل البشر كسالى حيث نجد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعمل على أتمتة غالبية المهام الشاقة والمتكررة مما يجعل البشر كسالى في استعمال خلايا أدمغتهم الخاصة بالحفظ وتذكر المعلومات. وبالتالي فالموظفون من داخل الإدارة لن يقوموا بأي جهد بدني أو ذهني.   
     هناك أيضا عيب آخر مهم يمكن إضافته إلى لائحة المشاكل التقنية ألا وهو "الأمن السيبيراني" والذي يعرف بأنه نظام لحماية الأنظمة والشبكات والبرامج والأجهزة والبيانات من الهجمات الإلكترونية والاستغلال غير المصرح به للأنظمة والشبكات والتقنيات[104]، مما يدعو كذلك إلى الحرص الكبير من قبل الحكومة على أمن البيانات والمحافظة عليها من طرف الإدارة العامة ومؤسساتها التنفيذية.
ثانيا: معيقات تجهيزية
      إذا كان المغرب يمتلك بنية تحتية للاتصالات حديثة نسبيا، فإنها تبقى مع ذلك قابلة للولوج بالنسبة لجميع مناطقه من جهة، ومن جهة أخرى، فإن نسبة التجهيز المعلوماتي يبقى ضعيف لدى الأسر بسبب الأسعار المرتفعة، وتتمثل رافعة العمل الذي حددتها الاستراتيجية الوطنية للمغرب الرقمي 2013 لتعميم التغطية المعلوماتية الاتصالاتية. وتأمين وتبادل البنيات التحتية، فضلا عن تغطية التراب الوطني بالصبيب العالي عبر الأقمار الاصطناعية ونشر التقنية الساتلتية، خصوصا في المناطق المعزولة[105].
      يساهم استعمال الحاسوب داخل الإدارة في ظهور نوعيين من البنيات الجديدة وتغييره للبنيات القديمة، فالبنية الأولى هي ذات طبيعة إدارية وتحمل اسم مكتب أو خلية أو مصلحة...إلخ، ومكونة من عدد من الموظفين المعلوماتيين الذين لديهم مستوى عال من الكفاءة والتكوين، أما البنية الثانية فهي مركز المعالجة الإلكترونية والهدف منها هو تقديم الخدمات وتنفيذ مهام إدخال المعلومات إلى المصالح وتطوير تطبيقات جديدة، فهي لا تقوم بأعمال إدارية، وهذه البنية توجد أساسا في الإدارات التي قطعت أشواطا طويلة في ميدان المعلومات.
    وإذا كانت تكنولوجيا المعلومات والاتصال قد دخلت إلى مختلف القطاعات الإدارية منذ أكثر من عشرين سنة، لتكون قاسما مشتركا نحو التطوير والتحديث، وأصبحت محطة اهتمام الإداريين، فإن الاستثمار الفعلي لهذا المجال لم يرق بعد إلى مصاف الدول التي تعتمد تقنيات حديثة للتواصل كوسيلة لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة إلى المرتفقين والمواطنين، حيث لازال توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال يتسم بالضعف والمحدودية على مستوى تجهيز الشبكات للإدارات وضعف الربط بينها[106].
ثالثا: معيقات مالية
      تتطلب عملية تحديث وعصرنة الإدارة الإلكترونية ميزانية ضخمة، خاصة فيما يتعلق بمتطلبات الإدارة الرقمية من معدات تكنولوجية حديثة التي تستلزم الإدارة الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذا ما يشكل الأمر غير الهين، خاصة بالنسبة للدول النامية والتي لا تسمح ميزانيتها العامة بتخصيص اعتمادات مالية ضخمة لهذا القطاع.
   وفيما يتعلق بالإدارة العمومية المغربية، وبشكل خاص تمويل المشاريع المدرجة ضمن البرنامج الوطني للإدارة الإلكترونية، فنجد ضعفا كبيرا في المصاريف المخصصة لمجال تكنولوجيا المعلومات ويتمثل في تخصيص 550 مليون درهم في السنة، ومعدل المصاريف المخصصة في تكنولوجيا المعلومات في الوزارات الذي يقل عن1% من الميزانية الإجمالية، ورغم أن المبلغ السنوي تضاعف مؤخرا إلا أنه يبقى ضعيف مقارنة بالأهداف المتوخى تحقيقها من خلال الإدارة الرقمية، وما تستجوبه من اعتمادات مالية مهمة.[107]
     تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن التغاضي عن بعض الإكراهات التي تنقل عبر الميزانية المخصصة لمجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال نذكر منها:
  1. سرعة استخدام المعدات والتجهيزات الرقمية في مجال المعلوميات يتطلب متابعة مستمرة ودقيقة للسوق من طرف خبراء في المجال، وهذا يعتبر مكلف للإدارة وعبء جديد ينضاف إلى أعبائها.
  2. تقادم الأجهزة بسرعة كبيرة، الشيء الذي يفرض على الإدارة تغييرها خاصة بالنسبة للإدارات التي تستعمل المعلوميات بشكل كبير، وترتكز عليها في التحليل والتنبؤ والقياس وهذا ما يتطلب موارد مالية قد لا تتوفر دائما للإدارة ولا يكون في متناولها إدراجها ضمن ميزانية التجهيز.
      وبالتالي، لابد العمل على الربط الشبكي للإدارة الدولة تلك العملية التي يتم من خلالها ربط مختلف مكونات الدولة إلكترونيا عن طريق شبكة الإنترنيت أو أشغال الدورة الثالثة للمجلس الوطني لتكنولوجيا الإعلام والاقتصاد الرقمية في الرباط 27 نونبر 2012، متوفر على الموقع الإلكتروني، وذلك عن طريق  آلية تعاقد الإدارة مع مجموعة من الشركات الموردة للحسابات الإلكترونية، مما يؤدي إلى تنوع الأجهزة والمعدات، وعند حدوث أعطاب تجد صعوبة في إصلاحها، وتتمثل هذه الصعوبات في عدم إيجاد شركة واحدة تعمل في إصلاح جميع أنواع الحسابات، إضافة إلى أن تكلفة إصلاح الأعطاب باهظة جدا، قد تساوي تكلفة اقتناء أجهزة جديدة[108].
الفقرة الثانية: معيقات قانونية وتدبيرية
      إن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى الإدارات العمومية المغربية لم يقتصر على المشاكل المشار إليها سالفا، بل هناك أيضا العديد من التحديات على المستوى القانوني (أولا) وأيضا هناك مشاكل على المستوى التدبيري، ونخص بالذكر مشكل ضعف تكوين الموارد البشرية من داخل الإدارات العمومية المغربية (ثانيا).
   إذن، ماهي تلك المعيقات القانونية والبشرية التي تعيق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى الإدارة العمومية ببلادنا؟
أولا: معيقات قانونية
     إن من أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة المغربية جراء استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري نجد مسألة المسؤولية القانونية التي تندرج ضمن إطار القانون العام والقانون الإداري خاصة، وذلك عندما تسبب تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضررا في ضوء هذه الخلفية، وعلى سبيل المثال تحدي المسؤولية عن فعل معين وتحديد نوع المساءلة في سياق الذكاء الاصطناعي حيث لا يوجد حتى الآن توافق في الآراء حول كيفية التعامل مع هذا التحدي الرئيسي، وأن وجود فجوة في المسؤولية أو عدم وجودها يعتمد على الخيارات البشرية وليس التعقيد التكنولوجي، حيث أن إدارة الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة ومفيدة تقوم مهمة معقدة وتحدي قانوني كبير تم تجاهله حتى الآن، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقضايا الذكاء الاصطناعي سوف يكون المبرمجون مسؤولون دائما عن العواقب المرتبطة بالتكنولوجيا، على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي بواسطة الخوارزميات الذكية سوف يقوم بتعليم نفسه بنفسه، ويقوم بتقديم نتائج مبنية على ما تعلمه في السابق، وبذلك فقد مس هذا التحدي تحديد المسؤولية القانونية عن الأخطاء والشخص الذي قد يتحمل هذا الأمر المبرمج من جانب وآخر، وقد يمس من يقع عليه الأثر القانوني، مما يؤثر على عدالة الإجراءات القانونية تجاه تحديد المسؤولية عن الأخطاء[109].
      كما أن ظهور التحليلات القانونية والعدالة التنبئية له آثار على الجوانب القانونية، حيث يمكن أن يتعارض غموض أنظمة الذكاء الاصطناعي مع مبادئ العدالة والإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون، وقد أشير كذلك إلى التحديات القانونية ضمن مبادرة الأمم المتحدة في برنامجها المسمى "قضاء اليونسكو" التي تعمل على تقديم دورات تدريبية تحت مسمى " الذكاء الاصطناعي وسيادة القانون" بناء على القدرات للأنظمة القضائية[110].
       وقد أشارت المنظمة إلى عدد من التحديات على المستوى القانوني التي يجب معالجتها، وأمثلتها التعرف الذكي على الأنماط والبيانات الإحصائية والأخلاق والقرارات المتحيزة التي تتخذها الخوارزميات القائمة على الذكاء الاصطناعي والشفافية والمساءلة التي قد يتم تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي عليها، وعليه فالقانون مهدد بالعديد من التحديات التي تشكل خطرا على الجوانب والإجراءات القانونية.
      ومن أجل أخذ مساحة أوسع، سوف نشير إلى مجموعة من التحديات القانونية من وجهة نظر أخرى نسعى من خلالها  تكوين إشارات مباشرة بخصوص الجوانب القانونية لهذه التحديات في الإدارة العامة التي أشارت إليها "المجلة الدولية للإدارة العامة"، من بينها أن الشفافية والإنصاف والمساءلة وإدارة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والعدالة يجب أن تنظم وفق قوانين وأنظمة قانونية، وأن تعرف بشكل قانوني مصادر العدالة التنبئية فيما يتعلق بأنظمة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تحكم حياة البشر في حال توسعها، ونعتقد بأن الإدارة العامة في جميع أنحاء العالم تتفق على المبادئ واللوائح العالمية لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتضمن أيضا المعايير السائدة للديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن يتم تصميم وإنشاء نظام حوكمة عالمي مرن للذكاء الاصطناعي لا يرقى إلى الجوانب المتنوعة للذكاء الاصطناعي فحسب، بل يراعي أيضا التنوع الثقافي لحماية مبادئ حقوق الإنسان والأنظمة القانونية الوطنية المختلفة، على الرغم من أن هذا المطلب يعد أمرا معقدا بالوقت الحالي[111].
      وبالتالي فإن كل تلك المبادئ والقيم تمثل تحديا كبيرا في سياق الذكاء الاصطناعي باعتبار إطلاق العنان لهذه التطبيقات الذكية سوف يطورها بسرعة، لذلك فتقييدها بالضوابط القانونية سوف يحد من خطوات تقدم العاملين  في المجال التكنولوجي بسبب الحذر والخوف من خرق المبادئ الدستورية واللوائح القانونية.
ثانيا: معيقات بشرية
   هناك العديد من التحديات يفرضها الذكاء الاصطناعي على الحكومة من بينها توفر بنية تحتية إلكترونية متماسكة، لأن التجارب المقارنة خاصة فرنسا والمملكة العربية السعودية وغيرها، أقرت بأهمية ودور الدخول في العصر الرقمي لتوليد حلول جديدة ومبتكرة لحل مشكلات عديدة في مجال التدبير الإداري، إلا أن هذا يمثل تحديا كبيرا تواجهه حكومات دول العالم النامي كافة، وخاصة وأنه يحتاج إلى ميزانية ضخمة وتوفر قدرات بشرية خارقة، وإرادة سياسية ناجعة.
      وتعد الموارد البشرية عاملا هاما عند التفكير في كيفية إنشاء بنية تحتية إلكترونية متكاملة، في حين يحاول القطاع العام بناء القدرات في هذا المجال، إلا أنه يواجه تأخرا فيما يتعلق بمحدودية المتخصصين في مجال تحليل البيانات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة الحكومية، خاصة وأن الحكومات تتمكن من تجميع كميات هائلة من البيانات عن مواطنيها، لكن لا تستفيد فعليا من هذا الكم الهائل من البيانات، ويعزى ذلك إلى افتقار تلك الحكومات إلى المواهب والخبرات الممكنة للمحافظة عليها، وتحليل كل المعلومات التي يمتلكونها. وينعكس نقص الخبرات الفنية في تصنيف وتحليل البيانات إلى إجبار الحكومات للاستعانة بمتخصصين من القطاع الخاص، مما يشكل ضغوطا ضخمة على الموازنة الحكومية، وبالتالي ستجد عدد كبير من الحكومات صعوبة في توظيف تلك المواهب المطلوبة، والاحتفاظ بها للاستفادة الكاملة من قدرات الذكاء الاصطناعي[112]. فبدون وجود موظفين وفنيين داخل الجهاز الإداري يمتلكون المواهب والقدرات والمعارف، ويتحلون بالثقافة المطلوبة لاحتضان التكنولوجيا الجديدة، ستظل التنمية بطيئة وتزداد التكلفة مما يعرقل جهود صانعي القرار الحكومي في مواكبة التطورات التكنولوجية، وإدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الحكومية.
     عموما، فإن المغرب لازال يعاني من العديد من المشاكل والتحديات التي تعيق استخدام تقنيات الذكاء الإداري داخل الإدارات العمومية. إذن، ما السبيل لتجاوز التحديات التي تحد من استخدام الذكاء الاصطناعي لتجويد العمل الإداري بالمغرب؟ وهو ما سنعمل على توضيحه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني: سبل تجاوز الإكراهات التي تعيق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري
    إن تحديث وعصرنة الإدارة العمومية لا يمكن إلا من خلال إدماج البعد الرقمي داخل الجهاز الإداري، وهذا يتطلب تعاون وتضافر الجهود بين مختلف الفاعلين الحكوميين من أجل تجاوز تلك التحديات، وبالتالي نحقق خدمة عمومية ذات جودة عالية (الفقرة الأولى) وعليه، يمكننا الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستعزز وتطور من أداء المرفق العمومي الإداري (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: سبل تحسين الخدمة الرقمية لتجويد الخدمات العمومية
     إن الحديث عن تحسين وتجويد العمل الإداري ببلادنا من خلال إدراج الذكاء الاصطناعي داخل الإدارة العمومية هو حديث آني ومستقبلي لأنه يتعلق بتطوير الإدارة من إدارة تقليدية إلى إدارة حديثة.
    ضمن هذا الإطار، جاء مخطط الإصلاح الإداري 2021 ـ 2017 وذلك عبر تحقيق مجموعة من الآفاق التي حددها هذا الأخير، ولعل أبزرها يتمحور حول إصلاح النقط التالية:
1 ـ تبسيط المساطر ورقمنتها: حيث يشير مخطط الإصلاح الإداري إلى الوضعية الحالية للإدارة التي تعرف صعوبة على مستوى تدوين المساطر والنشر المنتظم لها، وعن بطء تفعيل التدابير والإجراءات وهذا ما يؤثر سلبا على المرتفقين ويزيد من قلقهم، وعليه فإن مضامين الإصلاح تؤكد على:
أ) اعتماد بوابة مساطر المقاولة: www.busines.procedurr.maوستقوم هذه البوابة الإلكترونية بعرض المساطر الإدارية المتعلقة بالمقاولة مرحلة بمرحلة، وبشكل مدقق، وكذلك سيتم إلزام الإدارة باحترام المساطر المتعلقة بالمقاولة ومعالجتها في مدة لا تتجاوز 48 ساعة وبدون الانتقال إلى الإدارة[113].
ب) اعتماد منصة حكومية (Geteway Gouvernement) ستمكن من حفظ المعلومات المتبادلة من خلال قاعدة بيانات مشتركة، وكذا استعمالها كأداة للتبادل البياني بين أنظمة معلومات الإدارة بين كافة القطاعات الحكومية[114]. وعليه، فإن هذه المنصة ستهدف لربح الوقت وسهولة التحقق من صحة المعلومات إضافة إلى تقليص تكاليف إنجاز الخدمات الإدارية بالنسبة للمواطن والإدارة، وهذا ما سينتج عنه تقليص عدد الوثائق الإدارية المطلوبة وتقليص الآجال، وتخفيف عبء تنقلات المواطن نحو الإدارة[115].
2ـ دعم استعمال تكنولوجيا الملعلومات والاتصال في تحسين تدبير الموارد البشرية: ذلك أن تأهيل العنصر البشري من أهم الأهداف التي يسعى إليها مخطط الإصلاح الإداري، حيث تم العمل على إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتحسين تدبير الموارد البشرية من خلال عدة نقاط، أهمها[116]:
أ) العمل على وضع برنامج معلوماتي مشترك للتدبير الموارد البشرية بالإدارات العمومية، والذي يهدف لتكريس التدبير التوقعي للموارد البشرية وعقلنة وضبط النفقات المالية المرتبطة بها، وذلك لتجاوز الوضعية الحالية والتي تتميز بتعدد الأنظمة وعدم تجانسها، وصعوبة الحصول على إحصائيات شاملة للموارد البشرية.
ب) إنجاز التقارير الدورية التي تضم المؤشرات والبيانات الإحصائية حول الموارد البشرية بالإدارات العمومية عن طريق استغلال القاعدة المعلوماتية المركزية للموارد البشرية.
ج) صيانة وتطوير القاعدة المعلوماتية المركزية.
د) مواصلة تطوير بوابة التشغيل العمومي وتطبيقه الذكي.
      هذا بالإضافة إلى مجموعة من الإصلاحات التي أدرجت في العديد من الاستراتيجيات التي عمل المغرب على تنزيلها لتعزيز الإدارة الرقمية، وكان آخرها استراتيجية المغرب الرقمي لسنة 2020، التي أشارت إلى ثلاث نقط أساسية في إطار رقمنة الإدارة العمومية، من أهمها:
1 ـ ضمان التحول الرقمي للاقتصاد الوطني: وذلك بتعزيز الإدارة الإلكترونية من خلال القيام بإعادة هيكلة الإدارات، إضافة إلى ترشيد وتحديث المنصات المعلوماتية والعمل على تقليص الفجوة الرقمية في المجتمع، وهذا ما سيتم الإشراف عليه من خلال وضع منصة خاصة بمعالجة الفوارق وتأثيراتها على المواطن[117].
2 ـ إنشاء قطب رقمي جهوي: حيث ستنكب الاستراتيجية الجديدة على جعل المغرب قطبا رقميا في المنطقة، من خلال إنشاء قطب رقمي مع الدول الإفريقية خاصة الناطقة باللغة الفرنسية، وكذلك من أجل تطوير المنظومة الرقمية الوطنية.[118]
3 ـ إنشاء الموقع الرقمي للمغرب: وذلك من خلال ثلاث نقط رئيسية، تتعلق الأولى باستهداف بنيات تحتية للبيانات، حيث سيتم العمل على إنشاء ست محطات لتقديم خدمة الاتصالات اللاسلكية، بالإضافة إلى تعزيز الشركات المركزية للبيانات الرئيسية للاتصالات ومراكز تخزين البيانات. أما النقطة الثانية فهي جعل المغرب قوة ضاربة للموارد البشرية على المستوى الإفريقي، وأخيرا العمل على تنظيم المجال الرقمي ومجال الأعمال[119].
الفقرة الثانية: سبل تطبيق الذكاء الاصطناعي لتجويد الخدمات العمومية
     إن الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل العمل الإداري يتطلب من الحكومة المغربية العمل على إصلاح النقط التالية، حتى يتسنى لها الاستفادة من هذه التطبيقات الذكية بالطريقة الصحيحة، ولعل أهمها يتجسد فيما يلي:
     أولا: لابد من توفير بنية تشريعية واضحة ومتماسكة تحفز وتنظم استخدام البيانات الضخمة التي تجمعها، وتحللها تقنيات الذكاء الاصطناعي علاوة على ذلك فإن اعتماد الحكومات على تلك التقنيات يدفعها إلى تبني ووضع تشريعات قد تتعارض مع قضايا الخصوصية وسرية المعلومات، حيث تعتبر ملكية البيانات مجالا معقدا، ومشحونا سياسيا، فمن الضروري معالجة المخاوف العامة بشأن استخدام البيانات، وتوفير إطار عمل واضح، ووضع إطار قانوني لحماية خصوصية البيانات تفيد كل من الفرد والمجتمع على نطاق أوسع[120].
     ثانيا: من الضروري أن يمنح المشرع المغربي الشخصية المعنوية للروبوتات الذكية، حتى تكون مسؤولة عن الأخطاء التي تتسبب فيها للمرتفقين، خاصة في إطار ما يسمي بمسؤولية الشخص المعنوي العام عن الأضرار التي يتسبب فيها للغير. إضافة إلى ذلك يجب تعزيز ما يسمى بالأمن السيبراني ومراجعة بعض القوانين التي لها الصلة بحماية النظم والمعلومات الإلكترونية[121].
    ثالثا: يجب على الحكومة تخصيص باب في قانون مالية السنة للاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات الحكومية، وجلب كفاءات بشرية في مجال التكنولوجيا المعلوماتية، والجمع بين الخبراء من مجالات مختلفة، مثل: علوم الحاسوب والهندسة والأخلاق والقانون والعلوم الاجتماعية...إلخ، للعمل معا على إيجاد حلول تعالج التحديات المعقدة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي. ومن خلال العمل معا، يمكن للباحثين وصانعي السياسات فهم المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بشكل أفضل ووضع استراتيجيات فعالة لإدارة هذه المخاطر المحتملة[122].
    رابعا: يجب نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي بين الأوساط الاجتماعية والتعليمية، وذلك من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على الذكاء الاصطناعي عن طريق الشراكة بين الحكومة والخواص والأوساط الأكاديمية، وذلك من خلال استهداف جذب المواهب المحلية والدولية في مجال الذكاء الاصطناعي والاحتفاظ بها مع تقديم كل الوسائل للبنية التحتية الرقمية[123].
    وتأسيسا على ما سبق، يمكن القول إنه لازال ينتظر الفاعل الحكومي العديد من التحديات وجب أخدها على محمل الجد والاجتهاد، حتى نتمكن من استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري ونتجاوز مختلف المشاكل التي يعاني منها المرفق العمومي في تقديم خدماته ذات الجودة العالية للمرتفقين.
 
خاتمة الفصل الثاني:
      بناء على ما تقدم من معطيات وأفكار، يمكن الإقرار بأهمية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل نظم الإدارة الإلكترونية، هذه الأخيرة  ستساهم في تطوير الموارد البشرية وتحسين أداء القطاعات الحكومية وفقا لمبدأ (إدارة بدون حدود زمنية) و(إدارة بدون هياكل تنظيمية)، وهذه المبادئ تعمل على تحقيق أهداف الحوكمة الإلكترونية بشكل عام، المتمثلة في الكفاءة والفاعلية وسرعة الأداء وخفض التكاليف العمومية والاقتصاد في الموارد البشرية وتقليل الأخطاء البشرية، مع خاصية توفير البيانات والمعلومات المؤرشفة لمتخذ القرار، بعد العمل على إصلاح التحديات التي تعرقل  توظيف هذه التقنيات المعلوماتية.
خاتمة عامة
     تحت مسمى " الذكاء الاصطناعي وتجويد الخدمات الإدارية بالمغرب "، حاولنا من خلال هذه الدراسة المتواضعة، استشكال أهم القضايا والمسائل التي يطرحها "الذكاء الاصطناعي" باعتباره علم من علوم الحاسوب له القدرة على القيام بالعديد من العمليات الصعبة، بجودة عالية وفي وقت زمني محدد، عند أدائه بعض الخدمات التي تقدمها "المرافق العامة الإدارية" ببلادنا.
     وقد حاولنا استجماع أفكار الموضوع في فصلين كبيرين: تناولنا في "الفصل الأول" كل المحددات النظرية التي تحيط "بالذكاء الاصطناعي" سواء فيما يخص تعريفه، وخصائصه، وأنواعه، ومجالات استعماله، بعد ذلك عرجنا على مفهوم "الجودة" في التشريع المغربي، والإشارة كذلك إلى مكوناتها والأسس التي تقوم عليها، بينما تم الحديث في  "الفصل الثاني" على الدور المهم الذي تلعبه "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" في تحسين جودة أداء "الجهاز الإداري" ببلادنا، والحد من العيوب التي تعتريه وتحد من جودته لاسيما منها ضعف الشفافية واستفحال ظاهرة "البيروقراطية"
         في إطار عرض مختلف المفاهيم التي أحيطت بمصطلح "الذكاء الاصطناعي"، فقد أجمعت جل الدراسات على أن هذا الأخير له القدرة على أداء المهام المعقدة التي يقوم بها الإنسان أو يستعصي علية القيام بها، علاوة على ذلك أن تطبيقاته قد حققت نجاحا كبيرا في العديد من المجالات الإدارية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية والزراعية...إلخ. وفي نفس الاتجاه كشفت مجموعة من الدراسات التي اهتمت بدراسة "الذكاء الاصطناعي" وعلاقته بالعمل الإداري، أن تطبيقاته ستحقق مستوى عال من أداء الجهاز الإداري تحت مسمى "الإدارة الإلكترونية"، التي تتسم "بالسرعة" و"الشفافية" "والاستمرارية" في أداء وظيفتها.
     وارتباطا بالتأطير القانوني لمفهوم "الجودة"، كشفت الدراسات على أن اليوم "المرفق العمومي" لا يسأل عن تقديم خدماته للجمهور فحسب، "فالدستور الجديد" و"القوانين التنظيمية" التي أطرت مفهوم "الجودة" باعتباره أحد الأسس والمقومات الحديثة التي يقوم عليها "التدبير العمومي الجديد" للخدمات العمومية، أكدت على أن "المرافق العمومية الإدارية" لابد أن تقدم خدمتها "بجودة عالية" وفي وقت زمني محدد، وكذا تيسير و"تبسيط المساطر الإدارية" لضمان سهولة استفادة "المرتفق" من خدمة المرفق العمومي الإداري.
     وفي معرض وقوفنا عند دور "الذكاء الاصطناعي" في تجويد العمل الإداري المغربي، فقد   كشفت بعض المقالات والكتب المتخصصة على أن الأبحاث السابقة نادرا ما نظرت في "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" والتحديات المرتبطة به من الناحية القانونية خاصة في "نشاط الإدارة العامة" ، وبالتالي الافتقار إلى نهج متكامل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحديات المرتبطة به من الناحية التشريعية ، سبب ذلك هو تركيزها الخاص على المجالات الاستراتيجية، إذ  أن خلفية التطبيقات الناشئة لنشاط "الإدارة العامة" تظهر تحديات كبيرة فيما يتعلق بمسؤولية "الذكاء الاصطناعي"، فضلا عن القضايا الأخلاقية والاجتماعية، إذ أن الفجوة البحثية من الناحية التشريعية تساعد على البحث كقيمة مضافة قد تتغير من حين لآخر نظرا للتطور المتسارع لهذه التقنية الجديدة.
         لذا نجد أن المؤسسات العامة و"الإدارة الحكومية" في جميع أنحاء العالم تختبر بالفعل "الذكاء الاصطناعي"، ولكنها غير قادرة على مواكبة وتيرة الأعمال الخاصة، نظرا لأن حالات استخدام "الإدارة العامة" المحتملة للذكاء الاصطناعي هي بالفعل معرفة شائعة في القطاع الخاص، يمكن نقل تلك المعرفة ذات الصلة إلى المهام الحكومية على وجه الخصوص.
        هناك بالفعل برامج تجريبية لتطبيقات "الذكاء الاصطناعي" في نشاط "الإدارة العامة" تركز على تحسين تقديم "الخدمات العامة" ودعم المواطنين خاصة في القطاعات الحيوية، منها: "الصحة" و"التعليم" و"الأمن". "فأتمتة" عملية "الذكاء الاصطناعي" والتحليلات التنبئية والوكلاء الافتراضيين و"الروبوتات المعرفية" قد تزيد من سرعة وكفاءة "الجهاز الإداري" وتؤدي إلى توفير التكاليف عن طريق "أتمتة" العمليات والمساعدة في تخصيص الموارد وتقليل وقت الانتظار و"الأعباء الإدارية".
         في المقابل تبين لنا من خلال هذه الدراسة أن "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" في "المرافق العامة" و"الخدمة العمومية" قد ينتج عنها بعض "المخاطر" و"المشاكل" التي لا يحمد عقباها، وقد تصل في بعض الحالات إلى زعزعة كيان الدول لاسيما "الأمن المعلوماتي" و "التهديدات الرقمية".
إذن، ما السبيل إلى تجاوز تلك المخاطر التي تنتج عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل الإدارة العامة المغربية؟
 
 

قائمة المراجع
القرآن الكريم
كتب ومؤلفات عامة
  • موسى، عبد الله "الذكاء الاصطناعي ثورة في تقنيات العصر" المجموعة العربية للتدريب والنشر، مدينة نصر، القاهرة مصر، الطبعة الأولى، 2019.
  • عبد النور بن عبد النور، عادل " الذكاء الاصطناعي " المملكة العربية السعودية، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، سنة 2005.
  • عوض، عادل "تطبيقات نظم الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة " منشورات الهيئة العامة السورية، وزارة الثقافة دمشق، الطبعة الأولى، 2007.
  • ابن منظور: " لسان العرب "، دار المعارف بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هــ.
كتب متخصصة
  • مؤلف جماعي " الذكاء الاصطناعي رؤى متعددة التخصصات" المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية، برلين – ألمانيا، الطبعة -الأولى 2024.
  • بن فوزي الغامدي، محمد " الذكاء الاصطناعي في التعليم " مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر، الدمام، الطبعة – الأولى، 2024.
  • عبد الحسين جواد المغراوي، محمد " دور الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة " دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، شارع عبد الخالق ثروت ـ القاهرة، الطبعة الأولى 2023.
الأطروحات والرسائل
ــــــــ الأطروحات
  • بن علي بن، عتو " النظام القانوني لمبدأ استمرارية المرفق العام " أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في القانون العام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة حسيبة بن بو علي الشلف، السنة الجامعية 2022ـ2023.
  • خبال، حميد " تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نشاط الإدارة العامة " أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، تخصص قانون إداري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، السنة الجامعية 2021ـ2022.
  • الزاهدي، فاطمة الزهراء " تجويد أداء المؤسسات العمومية بالمغرب " بحث لنيل شهادة الماجيستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، السنة الجامعية، 2019ـ2020.
ــــــــ الرسائل
  • المشهدي، علي عبد الجبار "المسؤولية الحديثة لتقنيات الذكاء الاصطناعي "رسالة لنيل شهادة ماجيستر في القانون العام، كلية القانون جامعة الكوفة، السنة الجامعية2021 ـ 2022.
  • الهدام، صابر "القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي: دراسة مقارنة" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السنة الجامعية 2021ـ2022.
  • رشا، محمد صائم أحمد "تطبيقات الإدارة للذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الإدارية" رسالة للحصول على درجة الماجيستير في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، السنة الجامعية 2021ـ2022.
  • بكراوي، محمد الأمين " أثر جودة الخدمة التأمينية على رضا الزبائن " مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجيستر أكاديمي، تخصص مالية مؤسسة، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، جامعة أحمد دراية ــ أدرار ــ الجزائر، السنة الجامعية 2021ــ2022.
  • وعدود، نور الدين " دور الرقمنة في تجويد الخدمات الإدارية " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص العلوم الإدارية والمالية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية السويسي، جامعة محمد الخامس بالرباط، السنة الجامعية 2020ـ2021.
  • هني، عامر " إدارة الجودة الشاملة في تحسين الخدمة العمومية " بحث لنيل شهادة الاجازة في القانون العام، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، السنة الجامعية 2018 ـ 2019.
  • الغساني، عز الدين " الإدارة الإلكترونية بالمغرب الواقع – المعيقات – الرهانات " بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون، مسلك القانون العام، المركز الجامعي قلعة السراغنة، جامعة القاضي عياض، السنة الجامعية 2017ـ2018.
المجلات والمقالات
  • بيه، كريم " مستقبل الذكاء الاصطناعي بالمغرب في ظل التجارب المقارنة: الواقع والتحديات " مقال منشور في المجلة المغربية للدراسات في القانون والاقتصاد والتنمية المستدامة، عدد54، سنة 2024.
  • عزيز، أحمد " دور المدن الذكية في تحقيق التنمية المستدامة " منشور بمجلة المعرفة القانونية، عدد9، سنة 2023.
  • رهام محمود، دياب " دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات المصرفية " المجلة العربية للمعلوماتية وأمن المعلومة، المؤسسة العربية للتربية والعلوم والآداب، مصر، جزء3، عدد9، سنة 2023.
  • بخيت، محمد سعيد سعد الله " أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير خدمة المرافق العامة: الإدارة الذكية نموذجا " مجلة علمية محكمة تصدرها كلية الشريعة والقانون بدمنهور، عدد43، سنة 2022.
  • أبوا العبيد، طاهر "الذكاء الاصطناعي والقانون" منشور في سلسلة مقالات المعرفة القانونية، عدد1، سنة 2022.
  • كريم، مريم " إشكالية الجودة في الإدارة الإلكترونية دراسة مقارنة " مقال منشور بالمجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية، عدد1، سنة 2022.
  • المنير، أسامة " الإدارة الإلكترونية ومتطلبات الجودة " مقال منشورات في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد117، سنة 2022.
  • نشوى رفعت، محمد شحاته " توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية " مقال منشور في المجلة العلمية المحكمة للجمعية المصرية للكومبيوتر التعليمي، عدد 20، سنة 2022.
  • أبوزيد، أحمد الشورى " الذكاء الاصطناعي وجودة الحكم " مقال منشور في مجلة دراسات، جزء23، العدد 4، سنة 2022.
  • أحمد علي حسن، عثمان "انعكاسات الذكاء الاصطناعي على القانون المدني: دراسة مقارنة" منشور بمجلة محكمة، عدد76، سنة 2021.
  • بلخير، محمد ايت عودية "جودة الخدمة العمومية بين علم الإدارة والقانون الإداري" منشور بمجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية، عدد1، سنة 2019.
  • خابا، أدم " دور الإدارة الإلكترونية في إصلاح الإدارة وتجويد المرفق العام " مقال منشور على موقع المعلومة القانونية، عدد2، سنة 2019.
  • الطريبق، بدرية " دور الإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة العمومية بالمغرب " مقال منشور في مجلة استشراف الدراسات والأبحاث القانونية، عدد 3و4، سنة 2019.
  • مليح، يونس "المدن الذكية بالمغرب: الأسس، الخبرات وممكنات التطبيق" منشور في مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد47ـ48، سنة 2017.
الندوات والملتقيات والأيام الدراسية
  • مداخلة الأستاذ صالح النشاط " الهندسة التشريعية في ضوء خوارزميات الذكاء الاصطناعي " يندرج ضمن الندوة الوطنية بعنوان، " القانون في ظل التحول الرقمي"، نظمها المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والتحول الرقمي، 20 أبريل 2024.
  • مداخلة الأستاذ محمد المودن "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي " يندرج ضمن الندوة الوطنية بعنوان، " القانون في ظل التحول الرقمي"، نظمها المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والتحول الرقمي، 20 أبريل 2024.
  • الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة حول موضوع " الجودة في الإدارة العمومية دعامة لنجاعة وفعالية المرفق العام " بتاريخ 20 يونيو2022 بمقر المدرسة الوطنية للإدارة.
  • محمد الدرويش، "محاضرات في مادة المرافق العامة الكبرى"، الفصل السادس، تخصص قانون عام، السنة الجامعية 2023ـ2024.
  • بوشرمو، نبيل " محاضرات في مادة المرافق العمومية الكبرى " الفصل الخامس، تخصص قانون عام، السنة الجامعية 2020ـ2021.
النصوص القانونية والتنظيمية
  • الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432، الموافق لـ 29 يوليو2011، الجريدة الرسمية، عدد5964.
  • قانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية الصادر بتنفيذ ظهير رقم1.21.58 بتاريخ 11 ذو الحجة 1442، الموافق لـ 22 يوليو 2021، الجريدة الرسمية العدد 7006، ص5665.
  • القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الصادر بتنفيذ الظهير الشريف 1.20.06 الصادر في 24 رجب 1441 الموافق لـ 19 مارس 2020، الجريدة الرسمية عدد 6866.
الوثائق والتقارير
  • تقرير وزارة الإصلاح والوظيفة العمومية، مخطط الإصلاح الإداري، 2017 ـ 2021، ص18.
  • تقرير لجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، حول مشروع القانون رقم 61.16 المحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية.
المواقع الإلكترونية
  • مقال تحـت عنـوان "الذكــاء الاصطناعــي من أجـــل الصـــــــالح العـــام" منشـــور على الرابــــــــــــــــط التـــــــــــــــــــــــــــالي: https://www.itu.int/web/pp-18/ar/backgrounder/artificial-intelligence-for-good
  • مؤتمر" الذكاء الاصطناعي بين الواقـع والمأمول " منشـــــــــور علــــــــــــــــى الـــــــرابـــــــــــــط التــــــــــــــــــالي: https://site.ium.edu.so/ad/external-relations
  • " كيف يكافح العلم وباء كورونا باستخدام الذكاء الاصطناعي " مقــــــــال منشــــــور على الرابــــط التـالي: https://www.linkedin.com   
  • " ماهي استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية " مقال منشور على الرابط التالي: https://www.thearabhospital.com
  • الدلقموني، رماح " مستقبل الذكاء الاصطناعي... ما هي أسوء مخاطره المحتملة؟ وکیف نتصدى لها " مقـــــــــــال منشـــــــور على الرابـــــــــــط التــــــالي: تكنولوجيا - آخر أخبار اليوم | الجزيرة نت (aljazeera.net)
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفهرس
مقدمة...........................................................................................................1
التحديد المفاهيمي .............................................................................................2
الإطار التاريخي...............................................................................................3
أهمية البحث...................................................................................................4
دوافع البحث...................................................................................................5
صعوبات البحث...............................................................................................5
الإشكالية العامة والإشكاليات الفرعية........................................................................6
مناهج البحث...................................................................................................7
خطة البحث....................................................................................................8
الفصل الأول: الإطار النظري للذكاء الاصطناعي وجودة الخدمات الإدارية..............................9
مقدمة الفصل..................................................................................................10
المبحث الأول: التأطير المفاهيمي للذكاء الاصطناعي......................................................11
المطلب الأول: مفهوم ونشأة الذكاء الاصطناعي............................................................11
الفقرة الأولى: تعريف الذكاء الاصطناعي...................................................................12
أولا: المدلول اللغوي والاصطلاحي للذكاء الاصطناعي...................................................12
ثانيا: المدلول العام للذكاء الاصطناعي......................................................................15
الفقرة الثانية: ميلاد الذكاء الاصطناعي......................................................................18
المطلب الثاني: أنواع وخصائص الذكاء الاصطناعي.......................................................18
الفقرة الأولى: أنواع الذكاء الاصطناعي.....................................................................19
أولا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث تكوينه........................................................20
ثانيا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث نطاقه.........................................................22
ثالثا: تقسيمات الذكاء الاصطناعي من حيث الوظيفة.......................................................23
الفقرة الثانية: خصائص الذكاء الاصطناعي.................................................................23
أولا: خصائص الذكاء الاصطناعي..........................................................................24
ثانيا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي...........................................................................26
المبحث الثاني: الإطار المفاهيمي والقانوني لمفهوم جودة الخدمة.........................................27
المطلب الأول: مفهوم الجودة وإطارها القانوني.............................................................27
الفقرة الأولى: مفهوم جودة الخدمة...........................................................................27
أولا: مفهوم الجودة............................................................................................29
ثانيا: مفهوم جودة الخدمة العمومية...........................................................................30
الفقرة الثانية: الاعتراف القانوني بمبدأ الجودة..............................................................32
المطلب الثاني: أسس ومكونات الجودة......................................................................32
الفقرة الأولى: أسس جودة الخدمة العمومية.................................................................33
أولا: مقاربات تأمين الجودة..................................................................................34
ثانيا: مقاربات التدبير التشاركي..............................................................................35
الفقرة الثانية: مكونات جودة الخدمة العمومية................................................................35
أولا: السرعة في أداء الخدمة العمومية.......................................................................36
ثانيا: سهولة الاستفادة من الخدمة العمومية..................................................................36
ثالثا: شفافية الخدمة العمومية.................................................................................36
خاتمة الفصل الأول...........................................................................................37
الفصل الثاني: تطبيقات الذكاء الاصطناعي ودورها في تجويد العمل الإداري بالمغرب.................38
مقدمة الفصل الثاني...........................................................................................39
المبحث الأول: تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى الخدمة العمومية...............................40
المطلب الأول: تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم........................................41
الفقرة الأولى: تطبيق الذكاء الاصطناعي في المكتبات الجامعية...........................................41
أولا: مهام الوظيفة التنظيمية في المكتبات...................................................................42
ثانيا: النظام الذكي لاسترجاع المراجع.......................................................................43
ثالثا: استخدام برامج الوكيل الذكي في المكتبات.............................................................43
رابعا: تطبيقات الهواتف الذكية في المكتبات ومراكز المعلومات..........................................44
الفقرة الثانية: تطبيق الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية الجامعية....................................44
أولا: التعليم الإلكتروني.......................................................................................47
ثانيا: الوكيل الإلكتروني في التعليم...........................................................................48
ثالثا: أنظمة التدريس الذكية...................................................................................49
المطلب الثاني: تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة...............................................50
الفقرة الأولى: الشرعيات والمبادئ الدولية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة..............50
أولا: الشرعيات الدولية لتعزيز الصحة الرقمية.............................................................52
ثانيا: المبادئ الدولية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي..........................................................53
الفقرة الثانية: تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى الصحة...........................................54
أولا: علم الأوبئة الرقمية......................................................................................56
ثانيا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في العملية الطبية...........................................58
المبحث الثاني: إكراهات استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري وسبل تجاوزها................59
المطلب الأول: معيقات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري...........................59
الفقرة الأولى: معيقات تقنية وتجهيزية.......................................................................59
أولا: معيقات تقنية ومجتمعية.................................................................................60
ثانيا: معيقات تجهيزية........................................................................................61
ثالثا: معيقات مالية............................................................................................63
الفقرة الثانية: معيقات قانونية وتدبيرية.......................................................................63
أولا: معيقات قانونية..........................................................................................65
ثانيا: معيقات بشرية..........................................................................................66
المطلب الثاني: سبل تجاوز الإكراهات التي تعيق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الإداري.......................................................................................................66
الفقرة الأولى: سبل تحسين الخدمة الرقمية لتجويد الخدمات العمومية.....................................69
الفقرة الثانية: سبل تطبيق الذكاء الاصطناعي لتجويد الخدمات العمومية..................................70
خاتمة الفصل الثاني...........................................................................................71
خاتمة عامة...................................................................................................73
قائمة المراجع.................................................................................................79
الفهرس........................................................................................................82
 
 
 
 
[1] - عوض، عادل "تطبيقات نظم الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة " منشورات الهيئة العامة السورية، وزارة الثقافة دمشق، الطبعة الأولى، 2007، ص6.
[2] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد " دور الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة " دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، شارع عبد الخالق ثروت ـ القاهرة، الطبعة الأولى 2023، ص19.
[3] - بن علي بن، عتو " النظام القانوني لمبدأ استمرارية المرفق العام " أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في القانون العام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة حسيبة بن بو علي الشلف، السنة الجامعية 2022ـ2023، ص147.
[4] - هني، عامر " إدارة الجودة الشاملة في تحسين الخدمة العمومية " بحث لنيل شهادة الاجازة في القانون العام، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، السنة الجامعية 2018 ـ 2019، ص8.
[5] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص32.
[6] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص33.
[7] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، المرجع نفسه.
[8] - جهاز الاستشعار الذكي: هو عبارة عن جهاز يستطيع استشعار البيانات من البيئة المحيطة به، كالحرارة والرطوبة والضغط المتسارع التوتر وغيرها من العوامل البيئية، يمكن إرسال هذه البيانات للحواسيب والتطبيقات الذكية لمعالجتها، واتخاذ القرارات الذكية وإدارة المعدات بشكل أفضل، ويمكن استخدام هذه الأخيرة في عدة مجالات، كالصناعة والفلاحة والخدمات والصحة والنقل.
 [9]- ابن منظور: "معجم لسان العرب "، ج14، ص 287.
 [10]- سورة النمل، الآية 88.
 [11]- سورة طه، الآية 41.
[12] - الهدام، صابر "القانون في مواجهة الذكاء الاصطناعي: دراسة مقارنة" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السنة الجامعية 2021ـ2022، ص3.
[13] - موسى، عبد الله: "الذكاء الاصطناعي ثورة في تقنيات العصر" المجموعة العربية للتدريب والنشر، مدينة نصر، القاهرة مصر، الطبعة الأولى، 2019، ص 20.
 [14]- أبوا العبيد، طاهر "الذكاء الاصطناعي والقانون" منشور في سلسلة مقالات المعرفة القانونية، عدد 1، سنة 2022 ص4.
 [15]- أبوا العبيد طاهر، مرجع سابق، ص4.
 [16]- أحمد علي حسن، عثمان "انعكاسات الذكاء الاصطناعي على القانون المدني: دراسة مقارنة" منشور بمجلة محكمة عدد76، سنة 2021، ص 1525.
 [17]- الإنسان الآلي أو الروبوت: هو جهاز ميكانيكي مبرمج للعمل بشكل مستقل عن التدخل البشري، ومصمم لإنجاز المهارات الحركية واللفظية التي يقوم بها الإنسان البشري، يستعمل في عدة مجالات كالخدمات العسكرية والصحية وصناعة السيارات، وقد تعددت التعريفات الفقهية بشأنه حيث عرفه البعض بأنه "أداة صناعية تحاكي الإنسان ومجهزة بجهاز الكومبيوتر" كما عرفه آخرون بأنه "الروبوت القادر على أداء المهام من خلال اكتشاف بيئته أو من خلال التفاعل مع المصادر الخارجية وتكييف سلوكها".
[18] - أحمد علي حسن، عثمان، مرجع سابق، ص1530.
[19] - رشا، محمد صائم أحمد "تطبيقات الإدارة للذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الإدارية" رسالة للحصول على درجة الماجيستير في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، السنة الجامعية، 202ـ2022، ص35.
[20]- المشهدي، علي عبد الجبار "المسؤولية الحديثة لتقنيات الذكاء الاصطناعي "رسالة لنيل شهادة ماجيستر في القانون العام، كلية القانون جامعة الكوفة، السنة الجامعية، 2022 ـ 2022، ص29.
[21] - بخيت، محمد سعيد سعد الله " أثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير خدمة المرافق العامة: الإدارة الذكية نموذجا " مجلة علمية محكمة تصدرها كلية الشريعة والقانون بدمنهور، عدد43، سنة 2022، ص 342.
[22] - رشا، محمد صائم، مرجع سابق، ص12.
[23] - نظام الخبير: هو أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، عبارة عن برنامج كومبيوتر ذكي يستخدم في إجراءات المعرفة والاستدلال، وتتميز النظم الخبيرة بقدرتها على تحليل المعلومات المتعلقة بالمشكلة المحددة، وتحديد الخيارات المتاحة والمناسبة، والتوصية بأفضل الحلول الممكنة، وتستخدم النظم الخبيرة في عدة مجالات كالطب، والهندسة، والتجارة، والتعليم، وغيرها.
[24] - موسي، عبد الله، مرجع سابق، ص 38 بتصرف.
[25] - مليح، يونس "المدن الذكية بالمغرب: الأسس، الخبرات وممكنات التطبيق" منشور في مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد47ـ48، سنة 2017، ص 190.
[26] - أبوا العبيد، طاهر، مرجع سابق، ص7. 
[27] - أحمد علي حسن، عثمان، مرجع سابق، ص1517.
[28] - عبد النور بن عبد النور، عادل " الذكاء لاصطناعي " المملكة العربية السعودية، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، سنة 2005 ص 40.
[29] - رهام محمود، دياب " دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات المصرفية " المجلة العربية للمعلوماتية وأمن المعلومة، المؤسسة العربية للتربية والعلوم والآداب، مصر، ج3، عدد9، سنة 2023، ص72.
[30] - أبوا العبيد، طاهر، مرجع سابق، ص17.
[31] - أبوا العبيد مرجع سابق، ص18.
[32] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد مرجع سابق، ص34.
[33] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد مرجع سابق، ص35.
[34] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد. المرجع نفسه.
[35] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، المرجع نفسه.
[36]- مقال تحـت عنـوان "الذكــاء الاصطناعــي من أجـــل الصـــــــالح العـــام" منشـــور على الرابـط التـــالي: https://www.itu.int/web/pp-18/ar/backgrounder/artificial-intelligence-for-good تم الاطلاع عليه يوم 10 مارس2024، على الساعة 1:20 ليلا، ص4.
[37] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص37.
[38] - الأتمتة الذكية: عبارة عن تقنية برمجية تعمل على أتمتة عمليات سير العمل المتكررة والكثيفة المستخدمة في المكاتب الخلفية، مثل ملء النماذج أو البحث عن المعلومات أو فرز الفواتير.
[39] - مقال تحـت عنـوان "الذكــاء الاصطناعــي من أجـــل الصـــــــالح العـــام" منشـــور على الرابـــط التـــالي: https://www.itu.int/web/pp-18/ar/backgrounder/artificial-intelligence-for-good تم الاطلاع عليه يوم 10 مارس2024، على الساعة 1:20 ليلا، ص5.
[40] - مليح، يونس، مرجع سابق، ص194.
[41] - عزيز، أحمد " دور المدن الذكية في تحقيق التنمية المستدامة " منشور بمجلة المعرفة القانونية، عدد9، سنة2023، ص267.
[42] - رهام، محمود دياب، مرجع سابق، ص79.
[43] - بلخير، محمد ايت عودية "جودة الخدمة العمومية بين علم الإدارة والقانون الإداري" منشور بمجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية، عدد1، سنة 2019، ص72.
[44] - محمد الدرويش، "محاضرات في مادة المرافق العامة الكبرى"، الفصل السادس، تخصص قانون عام، السنة الجامعية 2023ـ2024، ص23.
[45]-  خابا، أدم " دور الإدارة الإلكترونية في إصلاح الإدارة وتجويد المرفق العام " مقال منشور على موقع المعلومة القانونية، عدد2، سنة 2019، ص30.
[46] -  كريم، مريم " إشكالية الجودة في الإدارة الإلكترونية دراسة مقارنة " مقال منشور بالمجلة الأكاديمية للبحوث القانونية والسياسية، عدد1، سنة 2022، ص28.
[47] - هني، عامر، مرجع سابق، ص8.
[48] - بكراوي، محمد الأمين " أثر جودة الخدمة التأمينية على رضا الزبائن " مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجيستر أكاديمي، تخصص مالية مؤسسة، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، جامعة أحمد دراية ــ أدرار ــ الجزائر، السنة الجامعية 2021ــ2022، ص6.
[49] - هني، عامر، مرجع سابق، ص10.
[50] - هني، عامر، المرجع مرجع نفسه.
[51] - هني، عامر، المرجع نفسه.
[52]  - بلخير، محمد ايت عودية، مرجع سابق، ص72.
[53] - بلخير، محمد ايت عودية، مرجع سابق، ص73.
[54] - وعدود، نور الدين " دور الرقمنة في تجويد الخدمات الإدارية " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص العلوم الإدارية والمالية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية السويسي، جامعة محمد الخامس بالرباط، 2020ـ2021، ص22.
[55] -  المنير، أسامة " الإدارة الإلكترونية ومتطلبات الجودة " مقال منشورات في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد117، سنة 2022، ص409.
[56] - الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة حول موضوع " الجودة في الإدارة العمومية دعامة لنجاعة وفعالية المرفق العام " بتاريخ 20 يونيو2022، بمقر المدرسة الوطنية للإدارة.
[57] - الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432، الموافق لـ 29 يوليو2011، الجريدة الرسمية، عدد5964.
[58] - الأيزو ISO: تعني وجود مواصفات قياسية متجانسة لعملية معينة قادرة على إنتاج وحدات متماثلة أي أن الأيزو تعني وجود مواصفات قياسية من جهة وتعني إنتاج وحدات مماثلة تكون مطابقة لهذه المواصفات القياسية من جهة أخرى.
[59] - بوشرمو، نبيل " محاضرات في مادة المرافق العمومية الكبرى " الفصل الخامس، تخصص قانون عام، السنة الجامعية 2020ـ2021، ص 51.
[60] - قانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية الصادر بتنفيذ ظهير رقم1.21.58 بتاريخ 11 ذو الحجة 1442، الموافق لـ 22 يوليو 2021، الجريدة الرسمية العدد 7006، ص5665.
[61] - المنير، أسامة، مرجع سابق، ص410.
[62] - كريم، مريم مرجع، سابق، ص 35
[63] - وعدود، نور الدين، مرجع سابق، ص25.
[64] - بلخير، محمد ايت عودية، مرجع سابق، ص75. 
[65] - وعدود، نور الدين مرجع، سابق، ص26.
[66] - بلخير، محمد ايت عودية، مرجع سابق، ص77.
[67] - وعدود، نور الدين، مرجع سابق، ص28.
[68] - وعدود، نور الدين، مرجع سابق، ص29.
[69] - بلخير، محمد ايت عودية، مرجع سابق، ص78.
[70] - بلخير، محمد ايت عودية، المرجع نفسه.
[71] - القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الصادر بتنفيذ الظهير الشريف 1.20.06 الصادر في 24 رجب 1441 الموافق لـ 19 مارس 2020، الجريدة الرسمية عدد 6866.
[72] - خبال، حميد " تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نشاط الإدارة العامة " أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، تخصص قانون إداري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، السنة الجامعية 2021ـ2022، ص34.
[73] - مؤلف جماعي " الذكاء الاصطناعي رؤى متعددة التخصصات" المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية، برلين – ألمانيا، الطبعة -لأولى 2024، ص84.
[74] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص39.
[75] - نشوى رفعت، محمد شحاته " توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية " مقال منشور في المجلة العلمية المحكمة للجمعية المصرية للكومبيوتر التعليمي، عدد 20، سنة 2022، ص209.
[76] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص41.
[77] - جامعة هوستن: تأسست جامعة هوستن كمؤسسة تعليمية بحثية عامة في عام 1927 في مدينة هوستن بولاية تكساس الأمريكي، هذه الجامعة تضم حاليا أكثر من35.000 طالبا وطالبة، وتمنح برامجها الدراسية عبر كلياتها الآتية: الهندسة المعمارية، الأعمال والتجارة، التربية، الهندسة، إدارة الفنادق والمطاعم، مركز هيوستن للحقوق، العلوم الاجتماعية والآداب الحرة ، العلوم الطبيعية والرياضيات ، طب العيون ، الصيدلة ، الخدمة الاجتماعية ، كلية التكنولوجيا ، كلية الدراسات الشرفية ...إلخ، الجامعة تمنح الدرجات الجامعية والماجستير والدكتوراه عبر كلياتها، كما تمنح برامج التعليم عن بعد وبرامج التعليم المستمر.
[78]- خبال، حميد، مرجع سابق، ص41.
[79] - هني، عبد الله " استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال المكتبات والمعلومات " مقال منشور في المجلة للمكتبات والوثائق والمعلومات، عدد 11، سنة 2022، ص136.
[80] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص42.
[81] - هني، عبد الله، مرجع سابق، ص137.
[82] - بن فوزي الغامدي، محمد " الذكاء الاصطناعي في التعليم " مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر، الدمام، الطبعة – الأولى، 2024، ص51.
[83] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص44.
[84] - نشوى رفعت، محمد شحاته، مرجع سابق، ص211.
[85] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص45.
[86] - خبال، حميد، المرجع نفسه.
[87] - مؤلف جماعي " الذكاء الاصطناعي رؤى متعددة التخصصات" مرجع سابق، ص91.
[88] - منصة برينلي: وهي عبارة عن شبكة تواصل اجتماعي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاص بأسئلة الفصل الدراسي، حيث يتم استخدام خوارزميات التعلم التي تعمل على تقنية الرسائل الغير مرغوب بها، كما تتيح للمستخدمين طرح أسئلة حول الواجب المنزلي للحصول على إجابات تم التحقق منها، وأيضا يسمح للطلاب بالتواصل والتعاون فيما بينهم للتوصل إلى إجابات صحيحة من تلقاء أنفسهم.
[89] - بن فوزي الغامدي، محمد، مرجع سابق، ص53.
[90] - مؤلف جماعي " الذكاء الاصطناعي رؤى متعددة التخصصات"، مرجع سابق، ص79.
[91] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص80.
[92]- مؤتمر" الذكاء الاصطناعي بين الواقـع والمأمول " منشـــــــــور على الرابـــــــــــــط التـــالي:  https://site.ium.edu.so/ad/external-relations-20 تم الاطلاع عليه يوم 22 أبريل 2024، على الساعة، 9:20 ليلا.
[93]- خبال، حميد، مرجع سابق، ص81.
 
[95] - " كيف يكافح العلم وباء كورونا باستخدام الذكاء الاصطناعي " مقــــــــال منشــــــور على الرابــــط التـالي: https://www.linkedin.com   تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 11:00 ليلا، ص2.
[96] - " كيف يكافح العالم وباء كورونا باستخدام الذكاء الاصطناعي " مقــــــــال منشــــــور على الرابــــط التالي: https://www.linkedin.com   تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 11:00 ليلا، ص5.
[97] - " كيف يكافح العلم وباء كورونا باستخدام الذكاء الاصطناعي " مقــــــــال منشــــــور على الرابــــط التـالي: https://www.linkedin.com   تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 11:00 ليلا، ص6.
[98] - " ماهي استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية " مقال منشور على الرابط التالي: https://www.thearabhospital.com تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 1:35 ليلا، ص4.
[99] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص85.
[100] - " ماهي استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية " مقال منشور على الرابط التالي: https://www.thearabhospital.com تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 1:35 ليلا، ص4.
[101] - خبال، حميد، مرجع سابق، ص87.
[102] - " ماهي استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية " مقال منشور على الرابط التالي: https://www.thearabhospital.com تم الاطلاع عليه، يوم 23 أبريل 2024، على الساعة 1:35 ليلا، ص3.
[103] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص117.
[104] - أبوزيد، أحمد الشورى " الذكاء الاصطناعي وجودة الحكم " مقال منشور في مجلة دراسات، عدد4، سنة 2022، ص122.
[105] - الغساني، عز الدين " الإدارة الإلكترونية بالمغرب الواقع – المعيقات – الرهانات " بحث لنيل شهادة الإجازة في القانون، مسلك القانون العام، المركز الجامعي قلعة السراغنة، جامعة القاضي عياض، السنة الجامعية 2017ـ2018، ص55.
[106] - الزاهدي، فاطمة الزهراء " تجويد أداء المؤسسات العمومية بالمغرب " بحث لنيل شهادة الماجيستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، السنة الجامعية، 2019ـ2020، ص100.
[107] - الطريبق، بدرية " دور الإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة العمومية بالمغرب " مقال منشور في مجلة استشراف الدراسات والأبحاث القانونية، عدد 3و4، سنة 2019، ص65.
[108] - الزاهدي، فاطمة الزهراء، مرجع سابق، ص 102.
[109] - نبيه، كريم " مستقبل الذكاء الاصطناعي بالمغرب في ظل التجارب المقارنة: الواقع والتحديات " مقال منشور في المجلة المغربية للدراسات في القانون والاقتصاد والتنمية المستدامة، عدد54، سنة 2024، ص110.
[110] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص112.
[111] - عبد الحسين جواد المغراوي، محمد، مرجع سابق، ص113.
 
[112] - أبوزيد، أحمد الشورى، مرجع سابق، ص125.
[113] - تقرير وزارة الإصلاح والوظيفة العمومية، مخطط الإصلاح الإداري، 2017 ـ 2021، ص18.
[114] - مخطط الإصلاح الإداري، مرجع سابق، ص19.
[115] - مخطط الإصلاح الإداري، المرجع نفسه.
 [116]- مخطط الإصلاح الإداري، مرجع سابق، ص20.
[117] - تقرير لجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، حول مشروع القانون رقم 61.16 المحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية، ص20.
[118] - تقرير لجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، حول مشروع القانون رقم 61.16 المحدث بموجبه وكالة التنمية الرقمية، مرجع سابق، ص21.
[119] - تقرير مشروع القانون رقم 61.16، مرجع سابق، ص23.
[120] - مقتطف من مداخلة الأستاذ صالح النشاط " الهندسة التشريعية في ضوء خوارزميات الذكاء الاصطناعي " يندرج ضمن الندوة الوطنية بعنوان، " القانون في ظل التحول الرقمي"، نظمها المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والتحول الرقمي، 20 أبريل 2024.
[121] - نبيه، كريم، مرجع سابق، ص111.
[122] - الدلقموني، رماح " مستقبل الذكاء الاصطناعي... ما هي أسوء مخاطره المحتملة؟ وکیف نتصدى لها " مقال منشور على الرابط التالي: تكنولوجيا - آخر أخبار اليوم | الجزيرة نت (aljazeera.net) تم الاطلاع عليه يوم 5 ماي 2024، على الساعة 12:35 ليلا .
[123] - مقتطف من مداخلة الأستاذ محمد المودن "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي " يندرج ضمن الندوة الوطنية بعنوان، " القانون في ظل التحول الرقمي"، نظمها المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والتحول الرقمي، 20 أبريل 2024.
 



الاحد 15 ديسمبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter