MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الزمن القضائي

     

د/ نبيل محمد بوحميدي

مؤسس
​ www.marocdroit.com
عضو جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة



الزمن القضائي
قول على ضوء كلمات الملك..

جاء في إحدى الخطب الملكية: “إننا نتوخى من جعل القضاء في خدمة المواطن قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين، وببساطة مساطرها وسرعتها، ونزاهة أحكامها، وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق ورفع المظالم”.

كما جاء في الرسالة الملكية لمؤتمر العدالة سنة 2018: “لعلَّ الرفع من أداء العدالة يظل في مقدمة الانشغالات، نظراً لما هو منتظر منها، سواء لدى الأفراد أو من قبل المجتمع. ولا سبيل لتحقيق ذلك إلاَّ بتطوير الإدارة القضائية حتى تدعم جهود القضاة. وقد أبانت التجربة على الدور الذي تلعبه المحكمة الرقمية في هذا المجال”.

هذه الكلمات تحمل في طياتها دعوة إلى ضرورة إرساء جميع قواعد البت في النزاعات داخل آجال قصيرة، وتحقيق جميع مقومات اختصار الزمن القضائي.

والأكيد أن المفهوم الجديد لاستحقاق الحقوق أضحى يتجاوز مجرد تمكين صاحب الدعوى من حقه، بل أصبح ينفرد بعنصر الزمن كمحدد رئيسي في عدم إهدارها. ولعل التنصيص على البت في الدعاوى المعروضة على القضاء داخل آجال معقولة في الدستور ما هو إلا تأكيد على سمو هذا المبدأ ومكانته الرفيعة، لينضاف إلى باقي مقومات النجاعة القضائية. “يونس القاجو”.

إلا أن اختصار الزمن القضائي يستوجب عدم المساس بالمحاكمة العادلة مسطريا ودفاعا، كي تتحقق العدالة الناجعة، وبلوغ إنتاج قضائي بقيمة مضافة نوعا وكما.

ولا يمكن إنكار الإكراهات المرتبطة بالعنصر البشري، وبالتمثلات الذهنية المترسخة لدى عديد من المتقاضين، إلا أننا في زمن يوفر آليات قانونية وعلمية لتحقيق الخدمة القضائية المطلوبة في آجال مقبولة وتجاوز بطء التقاضي.

المنجز:

في ورش تدبير الزمن القضائي بادر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى إصدار قرار بتحديد الآجال الاسترشادية للبت في القضايا، أردفه بدورية حول هذه الآجال. كما أحدث التنظيم الهيكلي الجديد للمجلس بنية إدارية متخصصة في مجال التحديث والرقمنة، من بين مهامها دعم رقمنةِ المحاكم، وتمكين القضاة من برمجيات تساعدهم على إنجاز مهامهم، ومواكبتهم بالتكوين اللازم لاستعمالها، وتحليل احتياجات المحاكم في مجال الرقمنة، وذلك بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل؛ وهو ما سيساعد يقينا القضاة في تحقيق اختصار الزمن القضائي في البت في القضايا، إلى جانب ما تقوم به محكمة النقض من نشر أحكامها رقميا، ما يساهم في معرفة القضاة توجهاتها، وهو أمر يساهم في اختصار الزمن القضائي أيضا.

المطلوب:

إن الزمن القضائي أمر لا يتدخل فيه القضاء فقط، بل تطاله منهجية عمل الدفاع وجميع المهن الملامسة للمساطر القضائية.

وعليه فإنه أصبح من اللازم تطوير أنظمة معلوماتية تسمح بمباشرة إجراءات التقاضي عن بعد، كإيداع المقالات والمذكرات، وتقارير الخبرة، والاستدعاءات والتبليغات، عبر أصناف البريد الإلكتروني، والتواصل الرقمي، للتقليص من حالات التنقل إلى المحاكم، وهو أمر لن يتحقق إلا برقمنة قطاع العدل إدارة وتدبيرا، مع الخفض من نسبة التعاملات الورقية، ما سيساهم أيضا في ترشيد النفقات.

إن الرقمنة المطلوبة يجب أن تطال أيضا أرشيفات محاكم الموضوع، خاصة على مستوى الأحكام والقرارات القضائية، على نهج تجربة محكمة النقض التي تساهم في اختصار الوقت في الحصول على قراراتها، إذ يتم استخراجها بناء على طلب الدفاع من نظامها المعلوماتي دون الرجوع إلى مكاتب أرشيفها وهدر الوقت في البحث عن ملفاتها.

والشيء بالشيء يذكر، فقد أصبح على محكمة النقض العمل على تطوير نهجها في نشر قراراتها رقميا بنشر جزء أكبر من القرارات التي تصدرها وفي حينه، وذلك لزيادة القدرة على الاطلاع على توجهاتها الحديثة، واستغلالها من القضاة والمحامين، للحصول على أحكام لن يضيع الوقت الكثير خلال ممارسة حق الطعن فيها.

كما أصبح من اللازم الاستفادة من تقنية التوقيع الإلكتروني – على نهج عدد من الإدارات المغربية – وذلك بتنسيق بين هيئات المحامين ووزارة العدل، من أجل توفير بريد إلكتروني وتوقيع إلكتروني موثوقين لكل محام، يسمحان له بأداء مهامه عن بعد بشكل رسمي وآمن.

ختم:

إن تدبير الزمن القضائي كما جاء في الكلمات الملكية المذكورة بداية لن يخدم مصالح المتقاضي فقط، بل سيساهم في جلب استثمارات أجنبية نوعية، على اعتبار أن من المؤشرات المعتمدة دوليا في تصنيف الدول في جلب الاستثمار نجد مؤشر أسلوب تدبير المنازعات، ورقمنة المحاكم بهدف اختصار مدة التقاضي، وهذا سيحققه فقط تدبير الزمن القضائي باستغلال بنيات الرقمنة.


19 مارس 2024

 



الاحد 15 ديسمبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

عناوين أخرى
< >

الاربعاء 27 نونبر 2024 - 23:43 "تمغربيت" والقانون


تعليق جديد
Twitter