محتويات الكتاب
الفـــــهــــرس
مقدمـة:.................................................................... 1
الباب الأول: خصوصية المقتضيات الجنائية للقواعد الموضوعية في مدونة السير........ 18
الفصل الأول: خصوصيات التجريم والمسؤولية الجنائية في مدونة السير............ 22
الفرع الأول: التجريم وخصوصيته في مدونة السير ............................... 24
المبحث الأول: خصوصية الركن القانوني للجريمة المرورية..................... 26
المطلب الأول: الخصوصية المتعلقة بصياغة النصوص.................... 27
المطلب الثاني: الخصوصية المتعلقة بالسلطة الموكول إليها إنتاج القواعد القانونية..32
المبحث الثاني: الخصوصية على مستوى الركن المادي.............................. 36
المطلب الأولى: السلوك أو النشاط الإجرامي في جريمة المرور.............. 37
الفقرة الأولى: أنماط السلوك الإيجابي..................................... 39
الفقرة الثانية: أنماط السلوك السلبي........................................ 40
المطلب الثاني: النتيجة الإجرامية في جرائم المرور............................... 41
المطلب الثالث:علاقة السببية بين السلوك والنتيجة في جرائم المرور وأحكام المحاولة....... 43
الفقرة الاولى : علاقة السببية بين السلوك والنتيجة في جرائم المرور............... 43
الفقرة الثانية :أحكام المحاولة ..................................................... 45
المبحث الثالث: خصوصية على مستوى الركن المعنوي.............................. 48
الفرع الثاني: خصوصيات المسؤولية الجنائية في مدونة السير ....................... 54
المبحث الأول: خصوصية المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي في مدونة السير..... 56
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية في مدونة السير تكريس لمبدأ المسؤولية الشخصية....57
المطلب الثاني: إستثناءات مبدأ المسؤولية الشخصية ............................... 63
الفقرة الأولى: مبررات المسؤولية المفترضة.......................................... 64
الفقرة الثانية: أهم تطبيقات الخطأ المفترض......................................... 67
أولا: مسؤولية مالك المركبة....................................................... 67
ثانيا: المسؤولية عن فعل الغير.................................................... 73
المبحث الثاني: خصوصية المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في مدونة السير..........83
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي وفقا للاحكام العامة ...... 85
الفقرة الأولى: الموقف التشريعي الفرنسي:............................. 85
الفقرة الثانية: الموقف التشريعي المغربي.............................. 86
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في مدونة السير......... 88
الفصل الثاني: خصوصيات الجزاء في مدونة السير................................ 94
الفرع الأول: خصوصية العقوبات الجنائية في مدونة السير.......................... 96
المبحث الأول: مميزات العقوبة الجنائية وخصوصيتها في مدونة السير ................ 97
المطلب الاول : مميزات العقوبة الجنائية .............................................97
الفقرة الاولى : شرعية وقضائية العقوبة............................................ ...97
أولا شرعية العقوبة .................................................................98
ثانيا : قضائية العقوبة ..............................................................100
الفقرة الثانية : شخصية العقوبة ومبدأ المساوة في تطبيقها............................100
أولا : شخصية العقوبة ............................................................101..
ثانيا :المساوة فيالعقوبة ...............................................................101
المطلب الثاني: خصوصية تطبيق العقوبة في مدونة السير............................ 102
الفقرة الأولى: : ضم العقوبات...................................................... 103
أولا: تعريف تعدد الجرائم........................................................... 103
ثانيا : أحكام ضم العقوبات......................................................... 105
الفقرة الثانية : تحديد مدد العود...................................................... 108
المبحث الثاني: أنواع العقوبات الجنائية المرورية...................................... 111
المطلب الأول: العقوبات المشتركة بين القانون الجنائي و مدونة السير................. 112
الفقرة الأولى: العقوبات الأصلية.................................................... 113
أولا ـ العقوبة السالبة للحرية......................................................... 114
ثانيا : الغرامة ................................................................. 118
الفقرة الثانية: العقوبات الإضافية.................................................... 124
اولا:المصادرة.................................................................. 125
ثانيا-نشروتعليق الحكم الصادر بالإدانة:..................................... 128
المطلب الثاني: العقوبات والتدابير الواردة فقط في مدونة السير........................ 129
الفقرة الأولى: العقوبات المتعلقة برخصة السياقة.............................. 130
أولا: توقيف رخصة السياقة..................................................... 131
ثانيا: الإلغاء القضائي لرخصة السياقة............................................ 135
الفقرة الثانية: التدابير الوقائية الخاصة برخصة السياقة........................ 144
أولا: الحرمان من اجتياز امتحان الحصول على رخصة سياقة لمدة معينة.............. 145
ثانيا: إلزامية الخضوع إلى تكوين خاص في التربية والسلامة الطرقية.................. 147
الفرع الثاني :العقوبات والتدابير الادارية في مدونة السير............................150
المبحث الأول: تعريف العقوبات والتدابير الإدارية..................................... 152
المطلب الأول: ماهية العقوبة والتدابير الادارية ............................... 153
الفقرة الاولى : ماهية العقوبة الادارية ............................................... 154
الفقرة الثانية : تعريف التدابير الادارية...............................................157
المطلب الثاني : التنظيم القانوني لرخصة السياقة بالنقط .............................160
الفقرة الاولى :عدد النقط المخصصة لرخصة السياقة ................................161
أولا: عدد نقط رخصة السياقة للفترة الاختبارية....................................... 161
ثانيا: عدد نقط رخصة السياقة بعد انتهاء الفترة الاختبارية............................. 162
الفقرة الثانية : خصم النقط من رصيد رخصة السياقة ...............................163
الفقرة الثالثة : إجراءات خصم النقط من رصيد رخصة السياقة ......................168
المبحث الثاني: العقوبات والتدابير الإدارية في مدونة السير.......................... 171
المطلب الاول : العقوبات الإدارية..................................................172
الفقرة الأولى: العقوبات الإدارية ذات الطبيعة المالية .............................. 172
الفقرة الثانية : العقوبات الإدارية المقيدة أو المانعة للحقوق في قانون السير........... 173
أولا: توقيف رخصة السياقة........................................................ 173
ثانيا : سحب رخصة السياقة .......................................................178
ثالثا : عقوبة الإغلاق............................................................ 178
رابعا: سحب التراخيص........................................................... 180
المطلب الثاني: التدابير الإدارية في مدونة السير................................... 185
الفقرة الاولى : السحب الإداري لرخصة السياقة وإنتهاء مفعوله........................ 185
أولا: السحب الإداري لرخصة السياقة............................................... 185
ثانيا :انتهاء مفعول السحب الاداري لرخصة السياقة.................................188
الفقرة الثانية : توقيف المركبة وإيداعها بالمحجز.................................... 189
أولا : توقيف المركبات........................................................... 189
ثانيا : إيداع المركبات في المحجز................................................ 191
الباب الثاني: خصوصية القواعد الإجرائية في مدونة السير......................... 196
الفصل الأول : اختصاصات المؤسسات الجنائية في مدونة السير....................200
الفرع الأول: خصوصية الإطار القانوني للأشخاص المكلفة بالبحث.................. 202
المبحث الأول: تنوع الإطار القانوني للأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات.............203
المطلب الأول : فئة الشرطة القضائية المنصوص عليها في إطار ق .م .ج.........203
الفقرة الأولى:الضباط السامون للشرطة القضائية.................................... 204
الفقرة الثاني: الضباط العاديون للشرطة القضائية................................... 206
الفقرة الثالثة : أعوان الشرطة القضائية............................................. 208
المطلب الثاني: الأعوان المكلفون بمعاينة المخالفات طبقا لمدونة السير............... 211
الفقرة الأولى: الأعوان المكلفون بمعاينة المخالفات ................................ 212
الفقرة الثانية: الشروط التي يقتضي توافرها في الأعوان المكلفين بالإثبات.............. 219
الفقرة الثالثة: المركز الوطني للابحث التقنية والإدارية في حوادث السير المميتة....... 220
المبحث الثاني: خصوصية المحاضر المثبة لجنح والمخالفات السير.................. 223
المطلب الأول: الإطار العام للمحضر الإلكتروني في ظل مدونة السير............... 224
الفقرة الأولى: تعريف المحضر الإلكتروني وبيان كيفية اشتغال نظام المعاينة الآلية
للمخالفات...................................................................... 225
أولا: تعريف المحضر الإلكتروني في ظل مدونة السير.............................. 225
ثانيا: طريقة اشتغال نظام المعاينة الآلية للمخالفات................................. 230
الفقرة الثانية: الأحكام المتعلقة بشكليات المحضر المستخرج إلكترونيا................. 231
أولا: مدى الزامية توقيع المحضر الإلكتروني للمخالفات من طرف العون.............. 236
ثانيا: الجزاء القانوني لعدم وجود توقيع العون في المحضر الالكتروني .......................237
ثالثا :طبيعة التوقيع الالكتروني ................................................... 239
المطلب الثاني: الحجية القانونية لمستخرجات الوسائل التقنية أمام القضاء............. 242
الفرع الثاني: خصوصية دور المؤسسات القضائية في مدونة السير................... 246
المبحث الأول: دور النيابة العامة في إطار مدونة السير............................ .247
المطلب الأول: علاقة النيابة العامة بالأعوان المكلفين بضبط المخالفات وبالسلطة
الحكومية المكلفة بالنقل.......................................................... 248
الفقرة الأولى: علاقة النيابة العامة بالأجهزة المكلفة بالتثبت من المخالفات ............ 248
أولا: مراقبة الأعوان المكلفين بمعاينة مخالفات السير والإشراف على مهامهم........... 249
ثانيا: تلقى المحاضر من طرف الضابطة القضائية ودراستها........................ 249
ثالثا: معاينة حوادث السير الخطيرة وتوجيه الأبحاث ............................... 250
الفقرة الثانية: النيابة العامة وعلاقتها بالسلطة الحكومية المكلفة بالنقل ................ 251
المطلب الثاني: الاختصاصات الجديدة للنيابة العامة .............................. 259
الفقرة الاولى : الإشراف على عمليات الاحتفاظ برخصة السياقة...................... 259
الفقرة الثانية: تلقى تقارير المركز الوطني للابحاث التقنية والادارية وتحديد مبلغ الكفال 262
المبحث الثاني: دور مؤسسة قاضي التحقيق في مدونة السير........................ 263
المطلب الأول: ماهية التحقيق الإعدادي........................................... 264
المطلب الثاني: نطاق اختصاص قاضي التحقيق في مجال حوادث السير ..........267
الفقرة الأولى: الاختصاص النوعي ...............................................267
الفقرة الثانية: الاختصاص المكاني ............................................ 269
الفصل الثاني: وسائل الإثبات والعدالة التصالحية في مدونة السير أي خصوصية ؟....... 274
الفرع الأول: خصوصية وسائل الإثبات في مدونة السير........................... 276
المبحث الأول: طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل التقليدية والعلمية..279
المطلب الاول : طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل التقليدية......280
الفقرة الاولى : الإعتراف ......................................................... 281
الفقرة الثانية : المعاينة........................................................... 284
الفقرة الثالثة : الخبرة ............................................................ 286
المطلب الثاني: طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بالوسائل العلمية ........... 290
المبحث الثاني: طائفة المخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل العلمية أوالتـــــــقليدية ........... 296
الفرع الثاني: خصوصية العدالة التصالحية في مدونة السير.......................... 309
المبحث الأول: خصوصية العدالة التصالحية في مدونة السير....................... 310
المطلب الاول :الطبيعة القانونية للصلح الجنائي وإيجابياته........................... 312
الفقرة الاولى : الطبيعة القانونية للصلح الجنائي والغرامة التصالحية................... 312
الفقرة الثانية: إيجابيات العدالة التصالحية في مدونة السير........................... 314
المطلب الثاني: الأحكام العامة لمسطرة الصلح في مدونة السير...................... 316
الفقرة الأولى: مخالفات السير التي يجوز فيها التصالح.............................. 316
الفقرة الثانية: شروط التصالح في مخالفات السير................................... 318
المبحث الثاني: مسطرة المنازعة في المخالفات..................................... 323
المطلب الأول: شروط المنازعة في المخالفة........................................ 324
الفقرة الأولى: الجهات المختص في تلقي شكاية موضوع المنازعة ................... 324
الفقرة الثانية: أجل رفع الشكاية موضوع المنازعة.................................... 326
الفقرة الثالثة: ضرورة أداء المبلغ المالي المحدد في القانون .......................... 327
المطلب الثاني: نطاق المنازعة في المخالفة وأثرها المترتبة عنها...................... 329
الفقرة الاولى: نطاق المنازعة في المخالفة.......................................... 329
الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن تقديم الشكاية...................................... 332
خاتمة ......................................................................... 336
لائحة المراجع .................................................................. 341
الفهرس......................................................................... 365:
مقدمة الكتاب
لقد كان للتطور الهائل الذي عرفته وتعرفه البشرية، وما صاحبه من تغيير في نمط حياة الإنسان ورغبته وفضوله فيما يخص التنقل بين مختلف الأقطار لقضاء مختلف حاجاته، كبير الأثر في خلق حركية واسعة بين مختلف مدن ودول المعمورة، لم يسبق للتاريخ الإنساني أن شهد مثيلا لها، والفضل يعود في ذلك وبشكل أساسي إلى وسائل النقل الحديثة التي ساهمت بشكل قوي في ربط شرق العالم بغربه وشماله بجنوبه.
والجدير بالذكر أن التأثير الإيجابي لهذه الطفرة على مختلف مناحي حياة الإنسان، ودورها البارز في تعزيز التعاون التجاري وتبادل السلع والخدمات وتسهيل تنقل رؤوس الأموال واليد العاملة بين الدول، ومد جسور التآخي والتواصل الثقافي بين مختلف الشعوب وثقافات العـالم، إضافة إلى خدمة الجانب الترفيهي من حياة الإنسان، خصوصا فيما يتعلق بالجوانب السياحية التي ازدهرت بشكل كبير في عصرنا الحالي لتعدد وسائل النقل (طائرات ،بواخر قطارات الحافلات ،السيارات ,,)، يجب أن لا يحجب عنا بعض الظواهر السلبية التي واكبت هذه الطفرة، وتبقى أهم هذه الظواهر ظاهرة حوادث السير الخطيرة التي تسبب فيها وسائل النقل الحديثة.
فقد أصبحت حوادث السير على الطرق في الوقت الراهن مشكلة حقيقة تعاني منها مختلف دول العالم، وتضعها في صلب إهتماماتها، لما لها من انعكاسات سلبية ووخيمة على إقتصاديات هذه الدول من مختلف الجوانب الاجتماعية[1] والنفسية [2]لحياة الأفراد.
إن حوادث السير ليست مشكلة قاصرة على دولة دون أخرى لتولي الإهتمام بها منفردة، بل هي مشكلة عالمية إهتمت بها المنظمات والمؤسسات العالمية، وتعتبر واحدة من أهم المشكلات العالمية التي تواجه المجتمع الدولي لأنها تلحق الضرر بالدول والمجتمعات، نظرا لإنعكاساتها السلبية المتمثلة في مآسيها الإنسانية الأليمة وخسائرها المادية الجسيمة، ومهدرة جزءا ليس بالسهل من الموارد الإقتصادية ومسببة لأخطار إجتماعية تطال الفرد والأسرة .[3]
فعلى المستوى الإقتصادي تشير بعض الإحصائيات أن تكاليف حوادث السير في العالم تقدر بحوالي 230 بليون دولار سنويا [4]،كما بلغت تكاليف حوادث السير في دول آسيا والشرق الأوسط حوالي 60 بليون دولار، وفي أوربا 77 بليون دولار، وفي أمريكا الشمالية 72 بليون دولار، كما أن الخسائر البشرية التي تتسبب فيها حوادث السير، سواء بالوفاة أو بالعجز البدني الكلي أو الجزئي، لها تأثير غير مباشر على الإقتصاد الوطني، وذلك من خلال إعتبار الضحايا عالة على المجتمع بدلا من كونهم عناصر إيجابية تساهم في تنميته والرقي به، إضافة إلى التكاليف التي تتحملها الدولة بخصوص نفقات العلاج والتطبيب، وأثر ذلك على عملية الإنتاج، أضف إلى ذلك الخسائر المادية التي تلحقها حوادث السير بالممتلكات العامة والخاصة .
وفي دراسة أخرى أجراها البنك الدولي بشراكة مع منظمة الصحة العالمية، تم التأكيد على أن التكلفة الإقتصادية الناجمة عن حوادث السير في الدول النامية تبلغ 65 مليار دولار، أي بما يفوق ما تحصل عليه هذه الدول من مساعدات للتنمية، كما تمثل هذه الخسائر نسبة تتراوح ما بين % 1 و% 2 من إجمالي الناتج القومي لهذه الدول[5].
أما عن حجم الظاهرة بالمغرب سنويا ، فيمكن القول أن بلادنا تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي في نسبة حوادث السير، والمرتبة السادسة عالميا،[6] حيث عرفت الحصيلة النهائية لحوادث السير وضحاياها خلال سنة 2012 مقارنة مع سنة2011 ،[7] تسجيل المعطيات الإحصائية التالية :
وبالتالي فان كل هذه الإنعكاسات السلبية لحوادث السير سواء على المستوى الوطني أو الدولي، دفعت بكل المتدخلين في قطاع النقل إلى بذل العديد من المجهودات في سبيل التفكير في إيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة وتقصي أسبابها الحقيقة .
وإذا كان من الصعب القول إن سببا واحدا يؤدي إلى وقوع حادثة سير معينة، فإن الدراسات الميدانية والتحاليل الإحصائية[10] تفيد أن هناك عوامل متعددة تساهم في حدوثها، ويمكن حصرها في ثلاثة عوامل[11]، أولهما العامل البشري الذي يشكل نسبة عالية في وقوع حوادث السير، سواء بالنسبة للراجلين أو سائقي العربات والدرجات، وذلك بسبب ضعف التكوين على السلامة الطرقية، وعدم التقيد بالضوابط المنظمة للسير، ثم تليه في مرتبة ثانية العامل المرتبط بالطرق وجودتها وحجم حركاتها والأحوال المرتبطة بالبيئة المناخية، وفي الختام عامل السيارة وحالتها الميكانيكة .
وأمام هذا الكم الهائل من الخسائر المادية والبشرية التي تسببت فيها حوادث السير ولازالت، عمل المجتمع الدولي على تكثيف الجهود بين مختلف دول العالم ، للحد من هذه الآفة الخطيرة عبر إتفاقيات عديدة من بينها إتفاقية باريس المنعقدة بتاريخ 1926 باشراف من الجمعية العامة للامم المتحدة – عصبة الامم سابق - ، ثم الاتفاقية الدولية المؤرخة في 19 شتنبر 1949، التي هدفت في مجملها إلى اتخاذ التدابير الجديرة بمحاربة حرب الطرق، وتبقى أهم هذه الاتفاقيات "إتفاقية الجولان على الطرقات " المبرمة بفيينا بتاريخ 8 نونبر 1968، التي دخلت حيز التنفيذ في 21 مايو 1977.[12]
بالإضافة إلى جهود المنظمة العالمية للوقاية من حوادث السير، إهتمت هذه المنظمة منذ تأسيسها سنة 1959 وفقا لقانون لكسمبورغ المؤرخ في 21 ابريل 1922 بتطوير السلامة وتفعيل العمل الناجع الخاص بالسلامة الطرقية، وذلك من خلال القيام بمجموعة من التدابير تهدف دعم وتقوية الإرشاد للمؤسسات الوطنية، وتنظيم بعض الأنشطة الوقائية كالندوات والأيام الدراسية والموائد المستديرة والتظاهرات الدولية.
والدول العربية كغيرها من دول العالم، بادرت هي الأخرى إلى الإنخراط في هذه الإتفاقيات للتقليل من حرب الطرقات، كما أولت جامعة الدول العربية لهذه الظاهرة ما تستحقه من عناية، وتولت المنظمة المتخصصة المتفرعة عنها ومنها المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة سابقا، دراسة الموضوع بما يستحقه من اهتمام من ذوي الخبرات، فجعلت من بين الخطوط العريضة لمشروع الخطة الإنمائية منذ سنة 1981 إلى سنة 1985 ،إعداد قانون موحد للمرور إيمانا منها بتوثيق التعاون مع الدول الأعضاء وتبادل الخبرات في مجالات اختصاص المنظمة ،كما تم التوقيع بتونس يوم 26 ابريل 1975 بين الأعضاء في جامعة الدول العربية على الاتفاقية بشان سير السيارات عبر البلاد العربية وبطاقة التامين الدولية العربية الخاصة بالسيارات والتي صادقت عليها المملكة بمقتضى الظهير الشريف 83-1-77 بتاريخ 19 شتنبر 1977 [13]،كما عملت على تنظيم وانعقاد الندوة العلمية حول المشاكل المرورية بمدينة الرباط ما بين 3 و5 يونيو 1981 بمناسبة الؤتمر العربي الثامن لقادة الشرطة والأمن في الدول العربية.
وعلى المستوى الوطني، فقد إنخرطت المملكة المغربية بدورها في إتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات المتنوعة ، بدءا من التشريع الذي يعتبر من أهم الآليات والدعائم التي تنظم مجال السير والجولان، وتلعب دورا فاعلا في الحد من إرتكاب المخالفات من خلال سياسة الزجر والعقاب، الذي هو محور هذه الدراسة، ومرورا من تأهيل العنصر البشري وتحسين البنيات التحتية، وإنتهاءا بنهج المقاربة الوقائية من خلال التحسيس والتربية. [14]
وهكذا فقد قام المشرع المغربي بإصدار مجموعة من التشريعات والأحكام التي تنظم مجال السير والجولان، ويعود أول تشريع للسير الى فترة الحماية بصدور مجموعة من الظهائر المتعلقة بشرطة المرور وهي : ظهير 3 اكتوبر 1914 ، ظهير 5 غشت 1916 ،ظهير 5 أكتوبر 1918، ظهير 21 يوليوز 1920، ظهير4 دجنبر 1934 المتعلق بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان، إلى أن تم إلغاء كل هذه الظهائر بظهير 19 يناير 1953[15]، وكذا بصدور القرار الوزاري 24 يناير 1953[16] المتعلقين بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان [17].
وتعتبر قوانين السير ببلادنا من أكثر التشريعات شتاتا وتعددا[18] من حيث تنوع درجات القاعدة القانونية، بدءا بالقانون ومرورا بالمراسيم والقرارات، إلى غاية القرارات العامليةUsers/imac/Desktop/Nouveau dossier (3)/ØوادØ، إلى درجة أنه يصعب على المهتم القانوني والحقوقي أن يلم بها جميعا، فبالأحرى أن يتأتى ذلك للشخص العادي، هذا فضلا عن كون النصوص السالفة الذكر لم تعد تساير المستجدات التكنولوجية الحديثة .
ونظرا للإعتبارات السابقة فقد كان لزاما على المشرع الانخراط في مسلسل تحديث المنظومة التشريعية، والتأقلم مع ما يشهده العالم من ثورة علمية وتكنولوجية من خلال النهل من الطفرات التي قدمتها تلك المستجدات، والتي تعتبر مدونة السير على الطرق أهم مثال على ذلك.
كما أنه ومما لا شك فيه أن من السمات الظاهرة في الفكر القانوني المعاصر، توظيف القانون الجنائي باعتباره جزءا من النظام القانوني للدولة لخدمة غيره من فروع القانون العام والخاص على حد سواء، لدرجة أن القانون الجنائي العام لم يعد هو المرجع الوحيد في حصر الجرائم والعقوبات، بل أصبح هناك عشرات القوانين الجنائية الخاصة ،التي تكمل القانون الجنائي فتجرم أفعالا لم يجرمها وتفرض عقوبات اصلية وتكميلية تتناسب مع هذه الجرائم، وإذا كانت الأمثلة على ذلك متنوعة فان مدونة السير تعتبر إحدى الأمثلة البارزة على ذلك .
هذه المدونة التي دخلت حيز التنفيذ إبتداء من فاتح أكتوبر 2010[19]، عززت الترسانة القانونية المغربية وعرفت نقاشا حادا داخل البرلمان قبل دخولها حيز النفاذ، واعتبرت بحق ثورة كبيرة في التشريع الجنائي المغربي المتعلق بتنظيم السلم الاجتماعي داخل الطرق العمومية.
ويأتي صدور هذه المدونة، لبلورة تصور جديد يروم دعم الإطار القانوني المنظم لإستعمال الطريق العمومي والحد من الحصيلة المرعبة لحوادث السير ببلادنا، التي تشكل مصدر قلق وانشغال للأجهزة المعنية عبر ربوع العالم، الأمر الذي جعل المشرع المغربي يجعل من المحافظة على أرواح وصحة وممتلكات مستعملي الطريق هاجسه الأساسي، إلى جانب أهداف أخرى لا تقل عنه أهمية كتأهيل القطاعات المتدخلة في مجال السلامة الطرقية، وتشجيع وتحفيز السائقين الملتزمين وتعزيز الوقاية، وتحسين مستوى السلامة الطرقية بشكل عام، وهي بذلك تشكل بحق طفرة على مستوى التشريع، ومرتعا خصبا للاجتهاد القضائي ، وسبيلها للنجاح هو التعامل الدقيق مع بنودها بشكل يراعي علة التشريع وروح النص، ويكفي ـبأنها إمتازت عن غيرها بمراعاة العديد من الأبعاد، كانت الى وقت قريب من باب التنظير الفقهي والترف التشريعي ومنها البعد البيئي ،وذلك بالنص صراحة على ضرورة مراعاة البيئة ، وكذا البعد التربوي من خلال التركيز على التأهيل وإعادته ،بالاضافة الى البعد الوقائي .
ولقد إعتمد المشرع المغربي في معالجته لمضمون هذه المدونة على تقسيمها إلى خمسة كتب، خصص الكتاب الأول منها لشروط السير على الطريق العمومية الذي عالج فيه المقتضيات المتعلقة برخصة السياقة والمركبة وقواعد السير على الطرق، في حين تناول الكتاب الثاني العقوبات والمساطر، وتطرق فيه للعقوبات والتدابير الإدارية والعقوبات الزجرية والمسطرة، أما الكتاب الثالث فقد خصصه لمؤسسات تعليم السياقة والتربية على السلامة الطرقية والمراقبة التقنية للمركبات، في حين استعرض الكتاب الرابع القواعد المتعلقة بالمحافظة على الطريق العمومية، أما الكتاب الخامس فخصصه المشرع للأحكام المتفرقة والانتقالية والختامية.
وضمن هذا الزخم التشريعي يمكن القول أن أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة السير على الطرق تتمثل في ما يلي :
" تنسخ إبتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، الأحكام المخالفة له أو التي قد تكون تكراراً له."[20]
ولعل من مبررات صدور هذا القانون في هذه الفترة الحالية ، التحول الكبير الذي عرفه المغرب على مستوى البنية الطرقية، وما رافق ذلك من ارتفاع في حظيرة العربات وكذا نسبة السكان، الشئ الذي إنعكس على مؤشرات حوداث السير على الطرق، وما خلفه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وخيمة على المجتمع .
ويبدو أن رغبة المشرع المغربي الكبيرة في إعادة تقنين هذا المجال بكل ما عرفه من مستجدات تقنية وحقوقية ، جعله يستلهم من النماذج الدولية، وخاصة قانون السير الفرنسي، الكثير من الأحكام.[21]
كما أن المشرع حرص من خلال مدونة السير على إبراز أمرين، أولهما الإستجابة للمطالبات المتكررة من قبل الفاعلين القانونيين من أجل جمع شتات المنظومة القانونية والتشريعية لمختلف الميادين، حتى يتيسر الولوج إلى المعلومة القانونية، وثانيهما تحديث المنظومة وجعلها أكثر فاعلية في ضبط الأداء اليومي للمجتمع بأفراده ومؤسساته، مما جعل من هذا القانون يشكل حدثا هاما على مستوى تنظيم السير الطرقي، وأعطى دفعة جديدة لتحقيق السلامة الطرقية، والحد من آفة حوادث السير، وذلك من خلال مجموعة من المستجدات التي همت الجوانب القانونية والتنظيمية للإطار القانوني المنظم للسير على الطرق.
وبقراءة متأنية لقانون 05 -52 المتعلق بمدونة السير على الطرق يتبين لنا ملامح قانون جنائي خاص بالسير، بمفاهيم غير تلك التي بنيت عليها قواعد القانون الجنائي العام سواءا من حيث القواعد الموضوع أو قواعد الشكل.
وإذا كان ميل المشرع المغربي إلى التخصص –من خلال إفراد مقتضيات خاصة لقانون السير عن القانون الجنائي يعتبر في ذاته إتجاها محمودا، فإن المبالغة فيه –التخصص- قد تنبني عليها نتائج غير مقبولة، هي في هذا المقام الخروج على أحكامه العامة.
ومن جهة أخرى فإن فروع القانون تتعاون جميعا في تحقيق أهداف القانون، مثل الاستقرار والعدالة وحماية المصالح المشتركة، وكل فرع من فروع القانون له جزاءاته الخاصة، ويتدخل القانون الجنائي بجزاءاته الشديدة لمساعدة الفروع الأخرى في إحترام قواعدها كلما اقتضى الحال ذلك، ومجموعة النصوص التي يتدخل بها القانون الجنائي لمساندة فرع آخر تخضع في تفسيرها وتطبيقها للأحكام العامة في هذا القانون، لأن الشارع لم يخصها بأحكام متميز[22].
ومع ذلك، فان ثمة تشريعات خاصة أعلنت خروجها على أحكام القسم العام من القانون الجنائي، واستأثرت – بوجه عام – في معالجتها للجرائم والعقوبات بمبادئ عامة متميزة، وبتعبير آخر، هناك من المصالح ما يتميز بطابع معين يبرر وضع مجموعة قواعد خاصة به تكون نظاما مستقلا إلى حد ما عن القانون الجنائي، ويطلق عليها القانون الجنائي الخاص[23]، ولعل أبرز مثال على ذلك يكمن في القانون الجنائي للسير .
إذ يتميز هذا القانون عن القانون الجنائي بأنه ينص على جنح ومخالفات لا يشملها هذا الأخير ومن الطبيعي أن تدعم هذه القوانين بجزاءات جنائية وإدارية للتطبيق السليم وزجر المخالفين بكل فعالية بغية الامتثال والخضوع لبنود مدونة السير.
ويترتب على ذلك القول بأن القاعدة العامة تقضي بسريان الأحكام العامة للقانون الجنائي في شقها الموضوعي والاجرائي، على المقتضيات المتعلقة بمدونة السير، في حالة عدم وجود نص في هذا الأخير، بإعتبار أن القانون الجنائي والمسطرة الجنائية تعتبـران الشريعة العامة، كما يجوز أن يقرر المشرع في مدونة السير حكما مغايرا للأحكام العامة، وهنا فإن الحكم الخاص يكون هو الواجب التطبيق في هذه الحالة،[24]تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام.
أهمية الموضوع
تعتبر مشكلة المخالفات المرورية وتزايد حوادث السير الخطيرة في بلادنا، من أهم المشكلات الأمنية التي تهدد المجتمع بأسره، اذا من شأن غياب مقاربة زجرية تردع سلوكات السائقين المتهورين، أن تتطور الامور الى ما لا تحمد عقباه، مما يبرر لجوء المشرع الى توظيف آلية الردع التي يخولها القانون الجنائي، مع الإستعانة بالعقوبات الادارية كوسيلة فعالة في الحد من هذه المخالفات.
غير أن خصوصية مجال السير والجولان باعتباره قطاع حيويا، ولكون التنقل ضرورة قصوى لها إرتبط كبير بالحياة اليومية لشريحة واسعة من المواطنين، جعل المشرع يتعامل بحذر شديد مع سياسة الزجر المخولة له بواسطة آلية التجريم والعقاب، ويتفادى الاثار السلبية التي قد تترتب عنها، وذلك من خلال التعامل بمرونة مع الأحكام والمبادى العامة الواردة في القانون الجنائي، عبر اقرار إستثناءات على هذه الأحكام ، مراعاة منه لخصوصية هذا المجال، للحد ما أمكن من هذه المخالفات والحوادث.
وهنا تكمن أهمية هذه الدراسة من الناحية النظرية، اذ حاولنا قدر الإمكان إستجلاء أهم الخصوصيات الموضوعية والاجرائية للمقتضيات الجنائية لمدونة السير على الطرق ، وبيان ملامحها الرئيســية من خلال البحث والتنقيب بشكل دقيق في المقتضيات القانونية الواردة بكل من القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومدونة السير، مع تعزيز هذه الدراسة بالأحكام والاجتهادات القضائية، لاعطاء صورة متكاملة وواضحة لكيفية تعامل جهاز القضاء مع هذه الخصوصيات ،نظرا لحجم الإشكالات التي أثرتها بنود المدونة على المستوى العملي .
كما أن هذه الدراسة التي قمنا بها من شأنها ان تشكل لبنة أولى لرسم معالم نظرية عامة للقانون الجنائي للسير، وتفتح الطريق للفقه المهتم ،من أجل مقاربة الموضوع من جميع جوانبه الموضوعية والاجرائية .
كما تبرز الاهمية العملية لهذا البحث، في إعطاء القارئ سواءا كان متخصص أم لا، صورة واضحة ومبسطة عن الأحكام والمبادى العامة المؤطرة لمجال السير على الطرق والاستثناءات الواردة عليها، على إعتبار أن نطاق تطبيق مدونة السير يهم فئة واسعة من مستعملي الطريق، ولكون أحكامه المرتبطة بقواعد القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، قد تمس حريته أو ذمته المالية، كما تبرز هذه الأهمية بصفة خاصة من خلال التطرق لمختلف الإشكالات العملية التي صادفت تطبيق أحكام مدونة السير، فضلا عن توضيح طبيعة العلاقة بين مدونة السير وبين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، هل هي علاقة تتسم بالتكامل أم بالتضارب؟
إشكالية الموضوع:
من هذا المنطلق تبرز الإشكالية العامة و الرئيسية لموضوع البحث، على إعتبار أن أي بحث علمي وأكاديمي لا بد له من إشكالية ينطلق منها، ويتم تجزئتها إلى إشكاليات فرعية، تشكل خارطة الطريق للباحث، وهذه الإشكالية مفادها: الى أي حد إستطاع المشرع من خلال سنه للمقتضيات الزجرية الواردة في مدونة السير من تجاوز ثغرات المعالجة الكلاسيكة للحد من مخالفات السير وأثرها السيئة ؟
يتفرع عن هذا الإشكال مجموعة من التساولات من قبيل: ماهية خصوصية الأحكام المقتضيات الجنائية الواردة في مدونة السير؟ أو بمعنى آخر ماهية الإستثناءات التي سنتها مدونة السير خلاف للقواعد العامة الواردة في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية للحد من تزايد مخالفات وجنح السير، والى أي حد تشكل هذه الإستثناءات من الأحكام والمبادى العامة على مستوى قواعد الموضوع والإجراءات قانونا مستقلا بذاته عن أحكام ومبادئ القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، إلى الحد الذي يجعلنا نقول أن المشرع تبنى قانونا جنائيا خاصا بالسير؟
أسباب ودواعي إختيار الموضوع :
من خلال قراءة متانية لمقتضيات مدونة السير على الطرق نجدها تشكل طفرة نوعية على المستوى التشريعي، وتعتبر من أرقى القوانين، وذلك بغض النظر على بعض الثغرات التي تعتبر من مزايا التشريع أحيانا، وذلك للسماح للاجتهاد القضائي أن يمارس دوره كمصدر من مصادر التشريع.
ونظرا لحداثة صدور هذا القانون الذي أتى بمستجدات مهمة على عدة مستويات، خصوصا في الشق الزجري، وقلة الدرسات الفقهية في هذا الموضوع ، من أهم أسباب ودوافع اختيارنا لهذا الموضوع والرغبة في ملامسة ما يثيره من إشكالات نظرية وعملية، رغم مشاق البحث فيه، والصعوبات التي واجهتنا بمناسبة ذلك، على أمل لفت الانتباه الى أهمية موضوع القانون الجنائي للسير ومساهمته في الحد من حوادث السير ، والى لفت نظر الفقه والقضاء والرأي العام الوطني، والمهتمين والباحثين في المجال القانوني لهذا الموضوع، وتحقيق تراكم على المستوى المعرفي، لنجعل بلادنا في مصاف الدول المتقدمة التي تسجل مؤشرتها إنخفاض مهم في حوادث السير والمخالفات المرتكبة خرق لاحكام قانون السير.
هذا الدافع الموضوعي الأخير له علاقة وطيدة بالدوافع الشخصية لإنجاز هذا البحث، ذلك أنه بصفتي ممارس للعمل القضائي كانت رغبتي منصبة على الميدان الجنائي ، وما زاد من إهتمامي بالموضوع حداثة صدور مدونة السير والضجة التي أثارها إبان صدوره وكثرة النقاشات التي صاحبته، وكذا حجم الإشكالات التي لامسناها على مستوى واقع الممارسة العملية، ولدت لدينا الشعور والرغبة في مقاربة الموضوع بصفة أكاديمية، وفتح نقاش علمي حول القانون الجنائي للسير والحلول الكفيلة لتجاوز الإشكالات المطروحة.
صعوبات الدراسة:
لا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام بأن ثمة صعوبات واجهتنا في هذه الدراسة، وتتمثل فـي غياب دراسات فقهية وطنية متخصصة(من الناحية القانونية) حول هذا الموضوع، لكون موضوع مادة البحث التي هي مدونة السير على الطرق لم تمض على دخولها حيز النفاذ الا مدة يسيرة ، وهو ما جعل الدرسات في هذا الشأن شبه منعدمة، اذ أن الانتاج الفقهي المغربي للإسف الشديد – اذا ما إستثنينا الشق المتعلق بالمسؤولية المدنية المترتبة عن حوادث السير- يكاد يكون منعدما بخصوص الشق الجنائي لمقتضيات مدونة السير، اللهم بعض الدراسات والندوات التي تعرضت لها بصورة مقتضية وعرضية، مما دفع بنا الى إعتماد العديد من المؤلفات والمراجع العامة التي تلامس موضوع أطروحتنا بشكل أو بآخر، وذلك ما يظهر من خلال المراجع المعتمدة عليه ، وبالمقابل نجد كثرة الإشكالات المثارة على المستوى العملي والنظري .
ومن الصعوبات التي واجهتنا أيضا في إنجاز هذا البحث، تشعب مجال موضوع الدراسة، ذلك أن الإطار القانوني لموضوع البحث يهم ثلاث قوانين رئيسية، وهي مدونة السير والقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وهو ما جعلنا نقتصر فقط على دراسة أهم الأحكام المتعلقة بالشق الزجري التي تشكل خصوصية على مستوى قواعد الموضوع والإجراءات، دون التطرق للأحكام العامة الأخرى .
منهجية البحث :
إنطلاقاً من طبيعة الموضوع محل البحث وما يثيره من إشكالات إرتأينا أنه من الملائم معالجته في إطار منهج مزدوج يجمع في طياته بين المنهج الوصفي و التحليلي، محاولين قدر الإمكان تقصي وإستقراء النصوص التشريعية، مع الاستعانة بالقانون المقارن وخصوصا القانون الفرنسي نظرا للتشابه الكبير لقانون السير بالمغرب مع نظيره الفرنسي ،وذلك كلما إقتضت الحاجة ذلك، لكونه يفيد في معرفة التوجهات الحديثة لنصيغ على ضوئها تصورا عاما يمكن من خلاله بناء معالم جديدة لنظرية القانون الجنائي للسير.
تصميم البحث
إحترما للمنهجية المتعارف عليها في الكتابات القانونية في المغرب، والتي لا تخرج في مجملها عن إطار المنهج اللاتيني، واقتناعا منا أيضا بجدوى هذا المنهج خصوصا فيما يتعلق بالبحوث الأكاديمية، وذلك من حيث إهتمامه بالموضوع، وبالقالب المنهجي الذي سيقدم في إطاره الموضوع، فقد إرتأينا معالجة موضوع الأطروحة وفقا للتقسيم الثنائي ،وذلك من خلال بابين :
الباب الاول:خصوصية المقتضيات الجنائية للقواعد الموضوعية في مدونة السير:
الباب الثاني :خصوصية القواعد الإجرائية في مدونة السير .
http://www.maghress.com/annahar/3921 تاريخ الولوج 15/12/2014 الساعة h4521.
مقدمـة:.................................................................... 1
الباب الأول: خصوصية المقتضيات الجنائية للقواعد الموضوعية في مدونة السير........ 18
الفصل الأول: خصوصيات التجريم والمسؤولية الجنائية في مدونة السير............ 22
الفرع الأول: التجريم وخصوصيته في مدونة السير ............................... 24
المبحث الأول: خصوصية الركن القانوني للجريمة المرورية..................... 26
المطلب الأول: الخصوصية المتعلقة بصياغة النصوص.................... 27
المطلب الثاني: الخصوصية المتعلقة بالسلطة الموكول إليها إنتاج القواعد القانونية..32
المبحث الثاني: الخصوصية على مستوى الركن المادي.............................. 36
المطلب الأولى: السلوك أو النشاط الإجرامي في جريمة المرور.............. 37
الفقرة الأولى: أنماط السلوك الإيجابي..................................... 39
الفقرة الثانية: أنماط السلوك السلبي........................................ 40
المطلب الثاني: النتيجة الإجرامية في جرائم المرور............................... 41
المطلب الثالث:علاقة السببية بين السلوك والنتيجة في جرائم المرور وأحكام المحاولة....... 43
الفقرة الاولى : علاقة السببية بين السلوك والنتيجة في جرائم المرور............... 43
الفقرة الثانية :أحكام المحاولة ..................................................... 45
المبحث الثالث: خصوصية على مستوى الركن المعنوي.............................. 48
الفرع الثاني: خصوصيات المسؤولية الجنائية في مدونة السير ....................... 54
المبحث الأول: خصوصية المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي في مدونة السير..... 56
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية في مدونة السير تكريس لمبدأ المسؤولية الشخصية....57
المطلب الثاني: إستثناءات مبدأ المسؤولية الشخصية ............................... 63
الفقرة الأولى: مبررات المسؤولية المفترضة.......................................... 64
الفقرة الثانية: أهم تطبيقات الخطأ المفترض......................................... 67
أولا: مسؤولية مالك المركبة....................................................... 67
ثانيا: المسؤولية عن فعل الغير.................................................... 73
المبحث الثاني: خصوصية المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في مدونة السير..........83
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي وفقا للاحكام العامة ...... 85
الفقرة الأولى: الموقف التشريعي الفرنسي:............................. 85
الفقرة الثانية: الموقف التشريعي المغربي.............................. 86
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في مدونة السير......... 88
الفصل الثاني: خصوصيات الجزاء في مدونة السير................................ 94
الفرع الأول: خصوصية العقوبات الجنائية في مدونة السير.......................... 96
المبحث الأول: مميزات العقوبة الجنائية وخصوصيتها في مدونة السير ................ 97
المطلب الاول : مميزات العقوبة الجنائية .............................................97
الفقرة الاولى : شرعية وقضائية العقوبة............................................ ...97
أولا شرعية العقوبة .................................................................98
ثانيا : قضائية العقوبة ..............................................................100
الفقرة الثانية : شخصية العقوبة ومبدأ المساوة في تطبيقها............................100
أولا : شخصية العقوبة ............................................................101..
ثانيا :المساوة فيالعقوبة ...............................................................101
المطلب الثاني: خصوصية تطبيق العقوبة في مدونة السير............................ 102
الفقرة الأولى: : ضم العقوبات...................................................... 103
أولا: تعريف تعدد الجرائم........................................................... 103
ثانيا : أحكام ضم العقوبات......................................................... 105
الفقرة الثانية : تحديد مدد العود...................................................... 108
المبحث الثاني: أنواع العقوبات الجنائية المرورية...................................... 111
المطلب الأول: العقوبات المشتركة بين القانون الجنائي و مدونة السير................. 112
الفقرة الأولى: العقوبات الأصلية.................................................... 113
أولا ـ العقوبة السالبة للحرية......................................................... 114
ثانيا : الغرامة ................................................................. 118
الفقرة الثانية: العقوبات الإضافية.................................................... 124
اولا:المصادرة.................................................................. 125
ثانيا-نشروتعليق الحكم الصادر بالإدانة:..................................... 128
المطلب الثاني: العقوبات والتدابير الواردة فقط في مدونة السير........................ 129
الفقرة الأولى: العقوبات المتعلقة برخصة السياقة.............................. 130
أولا: توقيف رخصة السياقة..................................................... 131
ثانيا: الإلغاء القضائي لرخصة السياقة............................................ 135
الفقرة الثانية: التدابير الوقائية الخاصة برخصة السياقة........................ 144
أولا: الحرمان من اجتياز امتحان الحصول على رخصة سياقة لمدة معينة.............. 145
ثانيا: إلزامية الخضوع إلى تكوين خاص في التربية والسلامة الطرقية.................. 147
الفرع الثاني :العقوبات والتدابير الادارية في مدونة السير............................150
المبحث الأول: تعريف العقوبات والتدابير الإدارية..................................... 152
المطلب الأول: ماهية العقوبة والتدابير الادارية ............................... 153
الفقرة الاولى : ماهية العقوبة الادارية ............................................... 154
الفقرة الثانية : تعريف التدابير الادارية...............................................157
المطلب الثاني : التنظيم القانوني لرخصة السياقة بالنقط .............................160
الفقرة الاولى :عدد النقط المخصصة لرخصة السياقة ................................161
أولا: عدد نقط رخصة السياقة للفترة الاختبارية....................................... 161
ثانيا: عدد نقط رخصة السياقة بعد انتهاء الفترة الاختبارية............................. 162
الفقرة الثانية : خصم النقط من رصيد رخصة السياقة ...............................163
الفقرة الثالثة : إجراءات خصم النقط من رصيد رخصة السياقة ......................168
المبحث الثاني: العقوبات والتدابير الإدارية في مدونة السير.......................... 171
المطلب الاول : العقوبات الإدارية..................................................172
الفقرة الأولى: العقوبات الإدارية ذات الطبيعة المالية .............................. 172
الفقرة الثانية : العقوبات الإدارية المقيدة أو المانعة للحقوق في قانون السير........... 173
أولا: توقيف رخصة السياقة........................................................ 173
ثانيا : سحب رخصة السياقة .......................................................178
ثالثا : عقوبة الإغلاق............................................................ 178
رابعا: سحب التراخيص........................................................... 180
المطلب الثاني: التدابير الإدارية في مدونة السير................................... 185
الفقرة الاولى : السحب الإداري لرخصة السياقة وإنتهاء مفعوله........................ 185
أولا: السحب الإداري لرخصة السياقة............................................... 185
ثانيا :انتهاء مفعول السحب الاداري لرخصة السياقة.................................188
الفقرة الثانية : توقيف المركبة وإيداعها بالمحجز.................................... 189
أولا : توقيف المركبات........................................................... 189
ثانيا : إيداع المركبات في المحجز................................................ 191
الباب الثاني: خصوصية القواعد الإجرائية في مدونة السير......................... 196
الفصل الأول : اختصاصات المؤسسات الجنائية في مدونة السير....................200
الفرع الأول: خصوصية الإطار القانوني للأشخاص المكلفة بالبحث.................. 202
المبحث الأول: تنوع الإطار القانوني للأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات.............203
المطلب الأول : فئة الشرطة القضائية المنصوص عليها في إطار ق .م .ج.........203
الفقرة الأولى:الضباط السامون للشرطة القضائية.................................... 204
الفقرة الثاني: الضباط العاديون للشرطة القضائية................................... 206
الفقرة الثالثة : أعوان الشرطة القضائية............................................. 208
المطلب الثاني: الأعوان المكلفون بمعاينة المخالفات طبقا لمدونة السير............... 211
الفقرة الأولى: الأعوان المكلفون بمعاينة المخالفات ................................ 212
الفقرة الثانية: الشروط التي يقتضي توافرها في الأعوان المكلفين بالإثبات.............. 219
الفقرة الثالثة: المركز الوطني للابحث التقنية والإدارية في حوادث السير المميتة....... 220
المبحث الثاني: خصوصية المحاضر المثبة لجنح والمخالفات السير.................. 223
المطلب الأول: الإطار العام للمحضر الإلكتروني في ظل مدونة السير............... 224
الفقرة الأولى: تعريف المحضر الإلكتروني وبيان كيفية اشتغال نظام المعاينة الآلية
للمخالفات...................................................................... 225
أولا: تعريف المحضر الإلكتروني في ظل مدونة السير.............................. 225
ثانيا: طريقة اشتغال نظام المعاينة الآلية للمخالفات................................. 230
الفقرة الثانية: الأحكام المتعلقة بشكليات المحضر المستخرج إلكترونيا................. 231
أولا: مدى الزامية توقيع المحضر الإلكتروني للمخالفات من طرف العون.............. 236
ثانيا: الجزاء القانوني لعدم وجود توقيع العون في المحضر الالكتروني .......................237
ثالثا :طبيعة التوقيع الالكتروني ................................................... 239
المطلب الثاني: الحجية القانونية لمستخرجات الوسائل التقنية أمام القضاء............. 242
الفرع الثاني: خصوصية دور المؤسسات القضائية في مدونة السير................... 246
المبحث الأول: دور النيابة العامة في إطار مدونة السير............................ .247
المطلب الأول: علاقة النيابة العامة بالأعوان المكلفين بضبط المخالفات وبالسلطة
الحكومية المكلفة بالنقل.......................................................... 248
الفقرة الأولى: علاقة النيابة العامة بالأجهزة المكلفة بالتثبت من المخالفات ............ 248
أولا: مراقبة الأعوان المكلفين بمعاينة مخالفات السير والإشراف على مهامهم........... 249
ثانيا: تلقى المحاضر من طرف الضابطة القضائية ودراستها........................ 249
ثالثا: معاينة حوادث السير الخطيرة وتوجيه الأبحاث ............................... 250
الفقرة الثانية: النيابة العامة وعلاقتها بالسلطة الحكومية المكلفة بالنقل ................ 251
المطلب الثاني: الاختصاصات الجديدة للنيابة العامة .............................. 259
الفقرة الاولى : الإشراف على عمليات الاحتفاظ برخصة السياقة...................... 259
الفقرة الثانية: تلقى تقارير المركز الوطني للابحاث التقنية والادارية وتحديد مبلغ الكفال 262
المبحث الثاني: دور مؤسسة قاضي التحقيق في مدونة السير........................ 263
المطلب الأول: ماهية التحقيق الإعدادي........................................... 264
المطلب الثاني: نطاق اختصاص قاضي التحقيق في مجال حوادث السير ..........267
الفقرة الأولى: الاختصاص النوعي ...............................................267
الفقرة الثانية: الاختصاص المكاني ............................................ 269
الفصل الثاني: وسائل الإثبات والعدالة التصالحية في مدونة السير أي خصوصية ؟....... 274
الفرع الأول: خصوصية وسائل الإثبات في مدونة السير........................... 276
المبحث الأول: طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل التقليدية والعلمية..279
المطلب الاول : طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل التقليدية......280
الفقرة الاولى : الإعتراف ......................................................... 281
الفقرة الثانية : المعاينة........................................................... 284
الفقرة الثالثة : الخبرة ............................................................ 286
المطلب الثاني: طائفة الجنح والمخالفات التي يتم إثباتها بالوسائل العلمية ........... 290
المبحث الثاني: طائفة المخالفات التي يتم إثباتها بواسطة الوسائل العلمية أوالتـــــــقليدية ........... 296
الفرع الثاني: خصوصية العدالة التصالحية في مدونة السير.......................... 309
المبحث الأول: خصوصية العدالة التصالحية في مدونة السير....................... 310
المطلب الاول :الطبيعة القانونية للصلح الجنائي وإيجابياته........................... 312
الفقرة الاولى : الطبيعة القانونية للصلح الجنائي والغرامة التصالحية................... 312
الفقرة الثانية: إيجابيات العدالة التصالحية في مدونة السير........................... 314
المطلب الثاني: الأحكام العامة لمسطرة الصلح في مدونة السير...................... 316
الفقرة الأولى: مخالفات السير التي يجوز فيها التصالح.............................. 316
الفقرة الثانية: شروط التصالح في مخالفات السير................................... 318
المبحث الثاني: مسطرة المنازعة في المخالفات..................................... 323
المطلب الأول: شروط المنازعة في المخالفة........................................ 324
الفقرة الأولى: الجهات المختص في تلقي شكاية موضوع المنازعة ................... 324
الفقرة الثانية: أجل رفع الشكاية موضوع المنازعة.................................... 326
الفقرة الثالثة: ضرورة أداء المبلغ المالي المحدد في القانون .......................... 327
المطلب الثاني: نطاق المنازعة في المخالفة وأثرها المترتبة عنها...................... 329
الفقرة الاولى: نطاق المنازعة في المخالفة.......................................... 329
الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن تقديم الشكاية...................................... 332
خاتمة ......................................................................... 336
لائحة المراجع .................................................................. 341
الفهرس......................................................................... 365:
مقدمة الكتاب
لقد كان للتطور الهائل الذي عرفته وتعرفه البشرية، وما صاحبه من تغيير في نمط حياة الإنسان ورغبته وفضوله فيما يخص التنقل بين مختلف الأقطار لقضاء مختلف حاجاته، كبير الأثر في خلق حركية واسعة بين مختلف مدن ودول المعمورة، لم يسبق للتاريخ الإنساني أن شهد مثيلا لها، والفضل يعود في ذلك وبشكل أساسي إلى وسائل النقل الحديثة التي ساهمت بشكل قوي في ربط شرق العالم بغربه وشماله بجنوبه.
والجدير بالذكر أن التأثير الإيجابي لهذه الطفرة على مختلف مناحي حياة الإنسان، ودورها البارز في تعزيز التعاون التجاري وتبادل السلع والخدمات وتسهيل تنقل رؤوس الأموال واليد العاملة بين الدول، ومد جسور التآخي والتواصل الثقافي بين مختلف الشعوب وثقافات العـالم، إضافة إلى خدمة الجانب الترفيهي من حياة الإنسان، خصوصا فيما يتعلق بالجوانب السياحية التي ازدهرت بشكل كبير في عصرنا الحالي لتعدد وسائل النقل (طائرات ،بواخر قطارات الحافلات ،السيارات ,,)، يجب أن لا يحجب عنا بعض الظواهر السلبية التي واكبت هذه الطفرة، وتبقى أهم هذه الظواهر ظاهرة حوادث السير الخطيرة التي تسبب فيها وسائل النقل الحديثة.
فقد أصبحت حوادث السير على الطرق في الوقت الراهن مشكلة حقيقة تعاني منها مختلف دول العالم، وتضعها في صلب إهتماماتها، لما لها من انعكاسات سلبية ووخيمة على إقتصاديات هذه الدول من مختلف الجوانب الاجتماعية[1] والنفسية [2]لحياة الأفراد.
إن حوادث السير ليست مشكلة قاصرة على دولة دون أخرى لتولي الإهتمام بها منفردة، بل هي مشكلة عالمية إهتمت بها المنظمات والمؤسسات العالمية، وتعتبر واحدة من أهم المشكلات العالمية التي تواجه المجتمع الدولي لأنها تلحق الضرر بالدول والمجتمعات، نظرا لإنعكاساتها السلبية المتمثلة في مآسيها الإنسانية الأليمة وخسائرها المادية الجسيمة، ومهدرة جزءا ليس بالسهل من الموارد الإقتصادية ومسببة لأخطار إجتماعية تطال الفرد والأسرة .[3]
فعلى المستوى الإقتصادي تشير بعض الإحصائيات أن تكاليف حوادث السير في العالم تقدر بحوالي 230 بليون دولار سنويا [4]،كما بلغت تكاليف حوادث السير في دول آسيا والشرق الأوسط حوالي 60 بليون دولار، وفي أوربا 77 بليون دولار، وفي أمريكا الشمالية 72 بليون دولار، كما أن الخسائر البشرية التي تتسبب فيها حوادث السير، سواء بالوفاة أو بالعجز البدني الكلي أو الجزئي، لها تأثير غير مباشر على الإقتصاد الوطني، وذلك من خلال إعتبار الضحايا عالة على المجتمع بدلا من كونهم عناصر إيجابية تساهم في تنميته والرقي به، إضافة إلى التكاليف التي تتحملها الدولة بخصوص نفقات العلاج والتطبيب، وأثر ذلك على عملية الإنتاج، أضف إلى ذلك الخسائر المادية التي تلحقها حوادث السير بالممتلكات العامة والخاصة .
وفي دراسة أخرى أجراها البنك الدولي بشراكة مع منظمة الصحة العالمية، تم التأكيد على أن التكلفة الإقتصادية الناجمة عن حوادث السير في الدول النامية تبلغ 65 مليار دولار، أي بما يفوق ما تحصل عليه هذه الدول من مساعدات للتنمية، كما تمثل هذه الخسائر نسبة تتراوح ما بين % 1 و% 2 من إجمالي الناتج القومي لهذه الدول[5].
أما عن حجم الظاهرة بالمغرب سنويا ، فيمكن القول أن بلادنا تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي في نسبة حوادث السير، والمرتبة السادسة عالميا،[6] حيث عرفت الحصيلة النهائية لحوادث السير وضحاياها خلال سنة 2012 مقارنة مع سنة2011 ،[7] تسجيل المعطيات الإحصائية التالية :
- إرتفاع بنسبة 0,10% في عدد حوادث السير الذي إنتقل من67.082 حادثة سير إلى 67.151 حادثة سير ؛
- ارتفاع بنسبة 0,64% في عدد المصابين بجروح خفيفة الذي انتقل من89.529 مصابا إلى90.009 مصابا بجروح خفيفة.
- انخفاض بنسبة 2,89% في عدد الحوادث المميتة الذي انتقل من 3.636 قتيلا إلى 3.531 حادثة مميتة ؛
- انخفاض بنسبة 1,30% في عدد القتلى الذي انتقل من 4.222 قتيلا إلى 4.167 قتيلا؛
- انخفاض بنسبة 1,85% في عدد المصابين بجروح بليغة الذي انتقل من 12.482 مصابا إلى 12.251 مصابا بجروح بليغة ؛
وبالتالي فان كل هذه الإنعكاسات السلبية لحوادث السير سواء على المستوى الوطني أو الدولي، دفعت بكل المتدخلين في قطاع النقل إلى بذل العديد من المجهودات في سبيل التفكير في إيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة وتقصي أسبابها الحقيقة .
وإذا كان من الصعب القول إن سببا واحدا يؤدي إلى وقوع حادثة سير معينة، فإن الدراسات الميدانية والتحاليل الإحصائية[10] تفيد أن هناك عوامل متعددة تساهم في حدوثها، ويمكن حصرها في ثلاثة عوامل[11]، أولهما العامل البشري الذي يشكل نسبة عالية في وقوع حوادث السير، سواء بالنسبة للراجلين أو سائقي العربات والدرجات، وذلك بسبب ضعف التكوين على السلامة الطرقية، وعدم التقيد بالضوابط المنظمة للسير، ثم تليه في مرتبة ثانية العامل المرتبط بالطرق وجودتها وحجم حركاتها والأحوال المرتبطة بالبيئة المناخية، وفي الختام عامل السيارة وحالتها الميكانيكة .
وأمام هذا الكم الهائل من الخسائر المادية والبشرية التي تسببت فيها حوادث السير ولازالت، عمل المجتمع الدولي على تكثيف الجهود بين مختلف دول العالم ، للحد من هذه الآفة الخطيرة عبر إتفاقيات عديدة من بينها إتفاقية باريس المنعقدة بتاريخ 1926 باشراف من الجمعية العامة للامم المتحدة – عصبة الامم سابق - ، ثم الاتفاقية الدولية المؤرخة في 19 شتنبر 1949، التي هدفت في مجملها إلى اتخاذ التدابير الجديرة بمحاربة حرب الطرق، وتبقى أهم هذه الاتفاقيات "إتفاقية الجولان على الطرقات " المبرمة بفيينا بتاريخ 8 نونبر 1968، التي دخلت حيز التنفيذ في 21 مايو 1977.[12]
بالإضافة إلى جهود المنظمة العالمية للوقاية من حوادث السير، إهتمت هذه المنظمة منذ تأسيسها سنة 1959 وفقا لقانون لكسمبورغ المؤرخ في 21 ابريل 1922 بتطوير السلامة وتفعيل العمل الناجع الخاص بالسلامة الطرقية، وذلك من خلال القيام بمجموعة من التدابير تهدف دعم وتقوية الإرشاد للمؤسسات الوطنية، وتنظيم بعض الأنشطة الوقائية كالندوات والأيام الدراسية والموائد المستديرة والتظاهرات الدولية.
والدول العربية كغيرها من دول العالم، بادرت هي الأخرى إلى الإنخراط في هذه الإتفاقيات للتقليل من حرب الطرقات، كما أولت جامعة الدول العربية لهذه الظاهرة ما تستحقه من عناية، وتولت المنظمة المتخصصة المتفرعة عنها ومنها المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة سابقا، دراسة الموضوع بما يستحقه من اهتمام من ذوي الخبرات، فجعلت من بين الخطوط العريضة لمشروع الخطة الإنمائية منذ سنة 1981 إلى سنة 1985 ،إعداد قانون موحد للمرور إيمانا منها بتوثيق التعاون مع الدول الأعضاء وتبادل الخبرات في مجالات اختصاص المنظمة ،كما تم التوقيع بتونس يوم 26 ابريل 1975 بين الأعضاء في جامعة الدول العربية على الاتفاقية بشان سير السيارات عبر البلاد العربية وبطاقة التامين الدولية العربية الخاصة بالسيارات والتي صادقت عليها المملكة بمقتضى الظهير الشريف 83-1-77 بتاريخ 19 شتنبر 1977 [13]،كما عملت على تنظيم وانعقاد الندوة العلمية حول المشاكل المرورية بمدينة الرباط ما بين 3 و5 يونيو 1981 بمناسبة الؤتمر العربي الثامن لقادة الشرطة والأمن في الدول العربية.
وعلى المستوى الوطني، فقد إنخرطت المملكة المغربية بدورها في إتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات المتنوعة ، بدءا من التشريع الذي يعتبر من أهم الآليات والدعائم التي تنظم مجال السير والجولان، وتلعب دورا فاعلا في الحد من إرتكاب المخالفات من خلال سياسة الزجر والعقاب، الذي هو محور هذه الدراسة، ومرورا من تأهيل العنصر البشري وتحسين البنيات التحتية، وإنتهاءا بنهج المقاربة الوقائية من خلال التحسيس والتربية. [14]
وهكذا فقد قام المشرع المغربي بإصدار مجموعة من التشريعات والأحكام التي تنظم مجال السير والجولان، ويعود أول تشريع للسير الى فترة الحماية بصدور مجموعة من الظهائر المتعلقة بشرطة المرور وهي : ظهير 3 اكتوبر 1914 ، ظهير 5 غشت 1916 ،ظهير 5 أكتوبر 1918، ظهير 21 يوليوز 1920، ظهير4 دجنبر 1934 المتعلق بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان، إلى أن تم إلغاء كل هذه الظهائر بظهير 19 يناير 1953[15]، وكذا بصدور القرار الوزاري 24 يناير 1953[16] المتعلقين بالمحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان [17].
وتعتبر قوانين السير ببلادنا من أكثر التشريعات شتاتا وتعددا[18] من حيث تنوع درجات القاعدة القانونية، بدءا بالقانون ومرورا بالمراسيم والقرارات، إلى غاية القرارات العامليةUsers/imac/Desktop/Nouveau dossier (3)/ØوادØ، إلى درجة أنه يصعب على المهتم القانوني والحقوقي أن يلم بها جميعا، فبالأحرى أن يتأتى ذلك للشخص العادي، هذا فضلا عن كون النصوص السالفة الذكر لم تعد تساير المستجدات التكنولوجية الحديثة .
ونظرا للإعتبارات السابقة فقد كان لزاما على المشرع الانخراط في مسلسل تحديث المنظومة التشريعية، والتأقلم مع ما يشهده العالم من ثورة علمية وتكنولوجية من خلال النهل من الطفرات التي قدمتها تلك المستجدات، والتي تعتبر مدونة السير على الطرق أهم مثال على ذلك.
كما أنه ومما لا شك فيه أن من السمات الظاهرة في الفكر القانوني المعاصر، توظيف القانون الجنائي باعتباره جزءا من النظام القانوني للدولة لخدمة غيره من فروع القانون العام والخاص على حد سواء، لدرجة أن القانون الجنائي العام لم يعد هو المرجع الوحيد في حصر الجرائم والعقوبات، بل أصبح هناك عشرات القوانين الجنائية الخاصة ،التي تكمل القانون الجنائي فتجرم أفعالا لم يجرمها وتفرض عقوبات اصلية وتكميلية تتناسب مع هذه الجرائم، وإذا كانت الأمثلة على ذلك متنوعة فان مدونة السير تعتبر إحدى الأمثلة البارزة على ذلك .
هذه المدونة التي دخلت حيز التنفيذ إبتداء من فاتح أكتوبر 2010[19]، عززت الترسانة القانونية المغربية وعرفت نقاشا حادا داخل البرلمان قبل دخولها حيز النفاذ، واعتبرت بحق ثورة كبيرة في التشريع الجنائي المغربي المتعلق بتنظيم السلم الاجتماعي داخل الطرق العمومية.
ويأتي صدور هذه المدونة، لبلورة تصور جديد يروم دعم الإطار القانوني المنظم لإستعمال الطريق العمومي والحد من الحصيلة المرعبة لحوادث السير ببلادنا، التي تشكل مصدر قلق وانشغال للأجهزة المعنية عبر ربوع العالم، الأمر الذي جعل المشرع المغربي يجعل من المحافظة على أرواح وصحة وممتلكات مستعملي الطريق هاجسه الأساسي، إلى جانب أهداف أخرى لا تقل عنه أهمية كتأهيل القطاعات المتدخلة في مجال السلامة الطرقية، وتشجيع وتحفيز السائقين الملتزمين وتعزيز الوقاية، وتحسين مستوى السلامة الطرقية بشكل عام، وهي بذلك تشكل بحق طفرة على مستوى التشريع، ومرتعا خصبا للاجتهاد القضائي ، وسبيلها للنجاح هو التعامل الدقيق مع بنودها بشكل يراعي علة التشريع وروح النص، ويكفي ـبأنها إمتازت عن غيرها بمراعاة العديد من الأبعاد، كانت الى وقت قريب من باب التنظير الفقهي والترف التشريعي ومنها البعد البيئي ،وذلك بالنص صراحة على ضرورة مراعاة البيئة ، وكذا البعد التربوي من خلال التركيز على التأهيل وإعادته ،بالاضافة الى البعد الوقائي .
ولقد إعتمد المشرع المغربي في معالجته لمضمون هذه المدونة على تقسيمها إلى خمسة كتب، خصص الكتاب الأول منها لشروط السير على الطريق العمومية الذي عالج فيه المقتضيات المتعلقة برخصة السياقة والمركبة وقواعد السير على الطرق، في حين تناول الكتاب الثاني العقوبات والمساطر، وتطرق فيه للعقوبات والتدابير الإدارية والعقوبات الزجرية والمسطرة، أما الكتاب الثالث فقد خصصه لمؤسسات تعليم السياقة والتربية على السلامة الطرقية والمراقبة التقنية للمركبات، في حين استعرض الكتاب الرابع القواعد المتعلقة بالمحافظة على الطريق العمومية، أما الكتاب الخامس فخصصه المشرع للأحكام المتفرقة والانتقالية والختامية.
وضمن هذا الزخم التشريعي يمكن القول أن أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة السير على الطرق تتمثل في ما يلي :
- اعتماد نظام رخصة السياقة بالنقط ؛
- مراجعة شاملة لشروط الحصول على رخصة السياقة ؛
- إحداث إطار تنظيمي جديد لمؤسسات تعليم السياقة ؛
- إحداث "بطاقة سائق مهني" لسائقي سيارات الأجرة ونقل الأشخاص والبضائع.
- اختبار مستوى تناول الكحول قصد محاربة السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو الأدوية التي تحظر السياقة بعد تناولها ؛
- إحداث نظام للمعاينة الآلية للمخالفات وإقرار إمكانية توجيه المحاضر المتعلقة بالمخالفات التي تمت معاينتها بهذا النظام معلوماتياً إلى السلطات القضائية المختصة.
- اعتماد نظام زجري للعقوبات وتشديدها والرفع من سقف الغرامات .
- احداث مركز وطني للابحاث التقنية والإدارية في حوادث السير المميتة ؛
- تنظيم وتقنين مراكز المراقبة التقنية للمركبات ؛
- تمكين أجهزة المراقبة من إستعمال تقنيات حديثة لضبط المخالفات (جهاز قياس نسبة الكحول، المحطات الثابتة لمراقبة وزن وحمولة الشاحنات ...) ؛
- إلزام الضباط والأعوان المكلفين بضبط المخالفات بحمل الشارة المتضمنة إسمهم الشخصي والعائلي وصفتهم وصورهم ورقمهم المهني لتمكين المواطن من معرفة الجهة التي يتعامل معها.
" تنسخ إبتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، الأحكام المخالفة له أو التي قد تكون تكراراً له."[20]
ولعل من مبررات صدور هذا القانون في هذه الفترة الحالية ، التحول الكبير الذي عرفه المغرب على مستوى البنية الطرقية، وما رافق ذلك من ارتفاع في حظيرة العربات وكذا نسبة السكان، الشئ الذي إنعكس على مؤشرات حوداث السير على الطرق، وما خلفه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وخيمة على المجتمع .
ويبدو أن رغبة المشرع المغربي الكبيرة في إعادة تقنين هذا المجال بكل ما عرفه من مستجدات تقنية وحقوقية ، جعله يستلهم من النماذج الدولية، وخاصة قانون السير الفرنسي، الكثير من الأحكام.[21]
كما أن المشرع حرص من خلال مدونة السير على إبراز أمرين، أولهما الإستجابة للمطالبات المتكررة من قبل الفاعلين القانونيين من أجل جمع شتات المنظومة القانونية والتشريعية لمختلف الميادين، حتى يتيسر الولوج إلى المعلومة القانونية، وثانيهما تحديث المنظومة وجعلها أكثر فاعلية في ضبط الأداء اليومي للمجتمع بأفراده ومؤسساته، مما جعل من هذا القانون يشكل حدثا هاما على مستوى تنظيم السير الطرقي، وأعطى دفعة جديدة لتحقيق السلامة الطرقية، والحد من آفة حوادث السير، وذلك من خلال مجموعة من المستجدات التي همت الجوانب القانونية والتنظيمية للإطار القانوني المنظم للسير على الطرق.
وبقراءة متأنية لقانون 05 -52 المتعلق بمدونة السير على الطرق يتبين لنا ملامح قانون جنائي خاص بالسير، بمفاهيم غير تلك التي بنيت عليها قواعد القانون الجنائي العام سواءا من حيث القواعد الموضوع أو قواعد الشكل.
وإذا كان ميل المشرع المغربي إلى التخصص –من خلال إفراد مقتضيات خاصة لقانون السير عن القانون الجنائي يعتبر في ذاته إتجاها محمودا، فإن المبالغة فيه –التخصص- قد تنبني عليها نتائج غير مقبولة، هي في هذا المقام الخروج على أحكامه العامة.
ومن جهة أخرى فإن فروع القانون تتعاون جميعا في تحقيق أهداف القانون، مثل الاستقرار والعدالة وحماية المصالح المشتركة، وكل فرع من فروع القانون له جزاءاته الخاصة، ويتدخل القانون الجنائي بجزاءاته الشديدة لمساعدة الفروع الأخرى في إحترام قواعدها كلما اقتضى الحال ذلك، ومجموعة النصوص التي يتدخل بها القانون الجنائي لمساندة فرع آخر تخضع في تفسيرها وتطبيقها للأحكام العامة في هذا القانون، لأن الشارع لم يخصها بأحكام متميز[22].
ومع ذلك، فان ثمة تشريعات خاصة أعلنت خروجها على أحكام القسم العام من القانون الجنائي، واستأثرت – بوجه عام – في معالجتها للجرائم والعقوبات بمبادئ عامة متميزة، وبتعبير آخر، هناك من المصالح ما يتميز بطابع معين يبرر وضع مجموعة قواعد خاصة به تكون نظاما مستقلا إلى حد ما عن القانون الجنائي، ويطلق عليها القانون الجنائي الخاص[23]، ولعل أبرز مثال على ذلك يكمن في القانون الجنائي للسير .
إذ يتميز هذا القانون عن القانون الجنائي بأنه ينص على جنح ومخالفات لا يشملها هذا الأخير ومن الطبيعي أن تدعم هذه القوانين بجزاءات جنائية وإدارية للتطبيق السليم وزجر المخالفين بكل فعالية بغية الامتثال والخضوع لبنود مدونة السير.
ويترتب على ذلك القول بأن القاعدة العامة تقضي بسريان الأحكام العامة للقانون الجنائي في شقها الموضوعي والاجرائي، على المقتضيات المتعلقة بمدونة السير، في حالة عدم وجود نص في هذا الأخير، بإعتبار أن القانون الجنائي والمسطرة الجنائية تعتبـران الشريعة العامة، كما يجوز أن يقرر المشرع في مدونة السير حكما مغايرا للأحكام العامة، وهنا فإن الحكم الخاص يكون هو الواجب التطبيق في هذه الحالة،[24]تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام.
أهمية الموضوع
تعتبر مشكلة المخالفات المرورية وتزايد حوادث السير الخطيرة في بلادنا، من أهم المشكلات الأمنية التي تهدد المجتمع بأسره، اذا من شأن غياب مقاربة زجرية تردع سلوكات السائقين المتهورين، أن تتطور الامور الى ما لا تحمد عقباه، مما يبرر لجوء المشرع الى توظيف آلية الردع التي يخولها القانون الجنائي، مع الإستعانة بالعقوبات الادارية كوسيلة فعالة في الحد من هذه المخالفات.
غير أن خصوصية مجال السير والجولان باعتباره قطاع حيويا، ولكون التنقل ضرورة قصوى لها إرتبط كبير بالحياة اليومية لشريحة واسعة من المواطنين، جعل المشرع يتعامل بحذر شديد مع سياسة الزجر المخولة له بواسطة آلية التجريم والعقاب، ويتفادى الاثار السلبية التي قد تترتب عنها، وذلك من خلال التعامل بمرونة مع الأحكام والمبادى العامة الواردة في القانون الجنائي، عبر اقرار إستثناءات على هذه الأحكام ، مراعاة منه لخصوصية هذا المجال، للحد ما أمكن من هذه المخالفات والحوادث.
وهنا تكمن أهمية هذه الدراسة من الناحية النظرية، اذ حاولنا قدر الإمكان إستجلاء أهم الخصوصيات الموضوعية والاجرائية للمقتضيات الجنائية لمدونة السير على الطرق ، وبيان ملامحها الرئيســية من خلال البحث والتنقيب بشكل دقيق في المقتضيات القانونية الواردة بكل من القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومدونة السير، مع تعزيز هذه الدراسة بالأحكام والاجتهادات القضائية، لاعطاء صورة متكاملة وواضحة لكيفية تعامل جهاز القضاء مع هذه الخصوصيات ،نظرا لحجم الإشكالات التي أثرتها بنود المدونة على المستوى العملي .
كما أن هذه الدراسة التي قمنا بها من شأنها ان تشكل لبنة أولى لرسم معالم نظرية عامة للقانون الجنائي للسير، وتفتح الطريق للفقه المهتم ،من أجل مقاربة الموضوع من جميع جوانبه الموضوعية والاجرائية .
كما تبرز الاهمية العملية لهذا البحث، في إعطاء القارئ سواءا كان متخصص أم لا، صورة واضحة ومبسطة عن الأحكام والمبادى العامة المؤطرة لمجال السير على الطرق والاستثناءات الواردة عليها، على إعتبار أن نطاق تطبيق مدونة السير يهم فئة واسعة من مستعملي الطريق، ولكون أحكامه المرتبطة بقواعد القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، قد تمس حريته أو ذمته المالية، كما تبرز هذه الأهمية بصفة خاصة من خلال التطرق لمختلف الإشكالات العملية التي صادفت تطبيق أحكام مدونة السير، فضلا عن توضيح طبيعة العلاقة بين مدونة السير وبين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، هل هي علاقة تتسم بالتكامل أم بالتضارب؟
إشكالية الموضوع:
من هذا المنطلق تبرز الإشكالية العامة و الرئيسية لموضوع البحث، على إعتبار أن أي بحث علمي وأكاديمي لا بد له من إشكالية ينطلق منها، ويتم تجزئتها إلى إشكاليات فرعية، تشكل خارطة الطريق للباحث، وهذه الإشكالية مفادها: الى أي حد إستطاع المشرع من خلال سنه للمقتضيات الزجرية الواردة في مدونة السير من تجاوز ثغرات المعالجة الكلاسيكة للحد من مخالفات السير وأثرها السيئة ؟
يتفرع عن هذا الإشكال مجموعة من التساولات من قبيل: ماهية خصوصية الأحكام المقتضيات الجنائية الواردة في مدونة السير؟ أو بمعنى آخر ماهية الإستثناءات التي سنتها مدونة السير خلاف للقواعد العامة الواردة في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية للحد من تزايد مخالفات وجنح السير، والى أي حد تشكل هذه الإستثناءات من الأحكام والمبادى العامة على مستوى قواعد الموضوع والإجراءات قانونا مستقلا بذاته عن أحكام ومبادئ القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، إلى الحد الذي يجعلنا نقول أن المشرع تبنى قانونا جنائيا خاصا بالسير؟
أسباب ودواعي إختيار الموضوع :
من خلال قراءة متانية لمقتضيات مدونة السير على الطرق نجدها تشكل طفرة نوعية على المستوى التشريعي، وتعتبر من أرقى القوانين، وذلك بغض النظر على بعض الثغرات التي تعتبر من مزايا التشريع أحيانا، وذلك للسماح للاجتهاد القضائي أن يمارس دوره كمصدر من مصادر التشريع.
ونظرا لحداثة صدور هذا القانون الذي أتى بمستجدات مهمة على عدة مستويات، خصوصا في الشق الزجري، وقلة الدرسات الفقهية في هذا الموضوع ، من أهم أسباب ودوافع اختيارنا لهذا الموضوع والرغبة في ملامسة ما يثيره من إشكالات نظرية وعملية، رغم مشاق البحث فيه، والصعوبات التي واجهتنا بمناسبة ذلك، على أمل لفت الانتباه الى أهمية موضوع القانون الجنائي للسير ومساهمته في الحد من حوادث السير ، والى لفت نظر الفقه والقضاء والرأي العام الوطني، والمهتمين والباحثين في المجال القانوني لهذا الموضوع، وتحقيق تراكم على المستوى المعرفي، لنجعل بلادنا في مصاف الدول المتقدمة التي تسجل مؤشرتها إنخفاض مهم في حوادث السير والمخالفات المرتكبة خرق لاحكام قانون السير.
هذا الدافع الموضوعي الأخير له علاقة وطيدة بالدوافع الشخصية لإنجاز هذا البحث، ذلك أنه بصفتي ممارس للعمل القضائي كانت رغبتي منصبة على الميدان الجنائي ، وما زاد من إهتمامي بالموضوع حداثة صدور مدونة السير والضجة التي أثارها إبان صدوره وكثرة النقاشات التي صاحبته، وكذا حجم الإشكالات التي لامسناها على مستوى واقع الممارسة العملية، ولدت لدينا الشعور والرغبة في مقاربة الموضوع بصفة أكاديمية، وفتح نقاش علمي حول القانون الجنائي للسير والحلول الكفيلة لتجاوز الإشكالات المطروحة.
صعوبات الدراسة:
لا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام بأن ثمة صعوبات واجهتنا في هذه الدراسة، وتتمثل فـي غياب دراسات فقهية وطنية متخصصة(من الناحية القانونية) حول هذا الموضوع، لكون موضوع مادة البحث التي هي مدونة السير على الطرق لم تمض على دخولها حيز النفاذ الا مدة يسيرة ، وهو ما جعل الدرسات في هذا الشأن شبه منعدمة، اذ أن الانتاج الفقهي المغربي للإسف الشديد – اذا ما إستثنينا الشق المتعلق بالمسؤولية المدنية المترتبة عن حوادث السير- يكاد يكون منعدما بخصوص الشق الجنائي لمقتضيات مدونة السير، اللهم بعض الدراسات والندوات التي تعرضت لها بصورة مقتضية وعرضية، مما دفع بنا الى إعتماد العديد من المؤلفات والمراجع العامة التي تلامس موضوع أطروحتنا بشكل أو بآخر، وذلك ما يظهر من خلال المراجع المعتمدة عليه ، وبالمقابل نجد كثرة الإشكالات المثارة على المستوى العملي والنظري .
ومن الصعوبات التي واجهتنا أيضا في إنجاز هذا البحث، تشعب مجال موضوع الدراسة، ذلك أن الإطار القانوني لموضوع البحث يهم ثلاث قوانين رئيسية، وهي مدونة السير والقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وهو ما جعلنا نقتصر فقط على دراسة أهم الأحكام المتعلقة بالشق الزجري التي تشكل خصوصية على مستوى قواعد الموضوع والإجراءات، دون التطرق للأحكام العامة الأخرى .
منهجية البحث :
إنطلاقاً من طبيعة الموضوع محل البحث وما يثيره من إشكالات إرتأينا أنه من الملائم معالجته في إطار منهج مزدوج يجمع في طياته بين المنهج الوصفي و التحليلي، محاولين قدر الإمكان تقصي وإستقراء النصوص التشريعية، مع الاستعانة بالقانون المقارن وخصوصا القانون الفرنسي نظرا للتشابه الكبير لقانون السير بالمغرب مع نظيره الفرنسي ،وذلك كلما إقتضت الحاجة ذلك، لكونه يفيد في معرفة التوجهات الحديثة لنصيغ على ضوئها تصورا عاما يمكن من خلاله بناء معالم جديدة لنظرية القانون الجنائي للسير.
تصميم البحث
إحترما للمنهجية المتعارف عليها في الكتابات القانونية في المغرب، والتي لا تخرج في مجملها عن إطار المنهج اللاتيني، واقتناعا منا أيضا بجدوى هذا المنهج خصوصا فيما يتعلق بالبحوث الأكاديمية، وذلك من حيث إهتمامه بالموضوع، وبالقالب المنهجي الذي سيقدم في إطاره الموضوع، فقد إرتأينا معالجة موضوع الأطروحة وفقا للتقسيم الثنائي ،وذلك من خلال بابين :
الباب الاول:خصوصية المقتضيات الجنائية للقواعد الموضوعية في مدونة السير:
الباب الثاني :خصوصية القواعد الإجرائية في مدونة السير .
[1] - للإطلاع على بعض الاثار الإجتماعية السلبية لحوادث السير ،أنظر أحمد الاحمر ،حوادث المرور مشكلة اجتماعية ،ندوة "حوادث السير على الطرقات"، معهد الإنماء العربي، دار الكتب الوطنية ،بنغازي، طبعة 1991، ص 191 وما يليها.
2 – للإطلاع على بعض من الاثار النفسية لحوادث السير على الافراد انظر :محمود السيد ابو النيل،علم النفس ومشكلا ت المرور ، مجلة الامن والقانون، السنة الثانية عشر ،العدد الثاني ،يوليوز 2004 ص 115 وما يليها .
[3] - خالد بن سليمان الخلوي ،الآثار الاقتصادية لحوادث المرور ،مركز الدارسات والبحوث ،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ،الرياض ،سنة 2005 ،ص 187.
[4] -راضي عبد العاطي السيد ،الآثار الاقتصادية لحوادث المرور ،جامعة نايف للعلوم الامنية ،الرياض طبعة 2008 ص 133.
[5] -عبد الهادي مزراري ،"حصة شمال افريفيا والشرق الاوسط في حوادث السير " ،مقالة منشورة على الموقع الالكتروني لجريدة الاحداث المغربية www.almaghribia.ma/reports/article.asp?idr=7ids7754 تاريخ الولوج 25/11/2014 الساعة 20h00.
[6] - احمد لمأدب ،"مدونة السير والقانون الجنائي " مقالة منشورة بمجلة القضاء والقانون ،منشورات وزارة العدل والحريات ،عدد 113 ،سنة 2013 ص 153.
[7] - حصيلة حوادث السير وضحاياها خلال سنة 2011 :
عرفت الحصيلة النهائية لحوادث السير الجسمانية برسم سنة 2011 ، مقارنة مع سنة 2010 تسجيل المعطيات الإحصائية التالية :
http://www.cnpac.ma/index.php/ar/2012-05-25-15-16-17/2012-05-28-08-44-58تاريخ الولوج 30/11/2014 الساعة 16h30 .
عرفت الحصيلة النهائية لحوادث السير الجسمانية برسم سنة 2011 ، مقارنة مع سنة 2010 تسجيل المعطيات الإحصائية التالية :
- ارتفاع بنسبة 2,84 % في عدد حوادث السير الذي انتقل من 564.52 حادثة سيرإلى 584071 حادثة سير ؛
- ارتفاع بنسبة 11,57 % في عدد القتلى الذي انتقل من 3.778 . قتيلا إلى 4111قتيلا ؛
- ارتفاع بنسبة 9,63 % في عدد المصابين بجروح بليغة الذي انتقل من . 224.2مصابا إلى 214.71 مصابا بجروح بليغة ؛
- ارتفاع بنسبة 2,48 % في عدد المصابين بجروح خفيفة الذي انتقل من 87.058 مصابا إلى 89.529 مصابا بجروح خفيفة.
http://www.cnpac.ma/index.php/ar/2012-05-25-15-16-17/2012-05-28-08-44-58تاريخ الولوج 30/11/2014 الساعة 16h30 .
http://www.maghress.com/annahar/3921 تاريخ الولوج 15/12/2014 الساعة h4521.
[9] - يقصد الناتج الوطني الخام هو مجموعة ايرادت القطاعات الاقتصادية لدولة معينة خلال سنة معينة .
[10]- عامر بن ناصر المطير ، حوادث المرور في الوطن العربي حجمها تكاليفها الاقتصادية ، منشورات مركز الدرسات والبحوث القانونية ،جامعة نايف للعلوم الامنية الرياض ،طبعة 2006،.ص 178.
[11] - وهذه الاسباب يمكن تلخيصها كالاتي :
للمزيد من الاطلاع يرجى مراجعة كتاب : بوحموش عمر ، القانون وحوادث السير ،دراسة تطبيقية ،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط طبعة 2002 ،ودراسة نور الدين الواهلي ،" حوادث السير في المغرب اسبابها والجهود المبذولة للحد منها ،ندوة السلامة الطرقية ومجالات التامين من خلال اجتهادات المجلس الاعلى ،الندوة الجهوية العاشرة ،19 يوليوز 2007 مطبعة الأمنية الرباط 200 ص 300 .
= 62 % من حوادث السير داخل المجال الحضري تقع على مستوى الطرق غير المجهزة باضواء التشوير وعلامة قف (عرض السيد الوزير التجهيز والنقل )،نفس المرجع ص 3 .
-المرتفعات والاودية والضباب الكثيف في الكثير من الاماكن
-العواصف الرملية والرياح وما تسسبع من غبار واتربة
-اشعة الشمس والسراب وارتفاع درجة الحرارة وتأثيرها على نشاط الانسان وانتباهه .
- ناجح محمد حسن عصيدة ،حوادث السير في التشريع الجنائي الاسلامي ،دراسة فقهية مقارنة ،رسالة لنيل درجة الماجستير في الفقه والتشريع ،نوقشت بكلية الدرسات العليا بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ،فلسطين ،السنة الجامعية 2010/2011،ص 66.
- اسباب مرتبطة بالسائق
للمزيد من الاطلاع يرجى مراجعة كتاب : بوحموش عمر ، القانون وحوادث السير ،دراسة تطبيقية ،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط طبعة 2002 ،ودراسة نور الدين الواهلي ،" حوادث السير في المغرب اسبابها والجهود المبذولة للحد منها ،ندوة السلامة الطرقية ومجالات التامين من خلال اجتهادات المجلس الاعلى ،الندوة الجهوية العاشرة ،19 يوليوز 2007 مطبعة الأمنية الرباط 200 ص 300 .
- اسباب مرتبطة بالعربة :
- = الاسباب المرتبطة بالبنيات التحتية :
= 62 % من حوادث السير داخل المجال الحضري تقع على مستوى الطرق غير المجهزة باضواء التشوير وعلامة قف (عرض السيد الوزير التجهيز والنقل )،نفس المرجع ص 3 .
- عوامل طبيعة والظروف الجوية : من خلال الاطلاع على واقع الحوادث في بلدان العالم عامة ،تبين انه لا يمكن تجاهل أثر العوامل الطبيعية – من تضاريس ومناخ وتقلبات الطقس المفاجئة ،وخاصة الظروف الجوية المحيطة على حوادث السير والمرور ، والمتمثلة في التضاريس والعوامل الجوية والمناخية والتي يمنكن اجمالها كما هو آت ذكره:
-المرتفعات والاودية والضباب الكثيف في الكثير من الاماكن
-العواصف الرملية والرياح وما تسسبع من غبار واتربة
-اشعة الشمس والسراب وارتفاع درجة الحرارة وتأثيرها على نشاط الانسان وانتباهه .
- ناجح محمد حسن عصيدة ،حوادث السير في التشريع الجنائي الاسلامي ،دراسة فقهية مقارنة ،رسالة لنيل درجة الماجستير في الفقه والتشريع ،نوقشت بكلية الدرسات العليا بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ،فلسطين ،السنة الجامعية 2010/2011،ص 66.
[12] -للاطلاع على بعض مضامين هذه الاتفاقية وبعض الاتفاقيات الاخرى ،انظر: محسن العجمي عيسى ،السلامة الطرقية الواقع والتطلعات ،جامعة نايف العربية للعلوم الامنية ،الرياض، طبعة 2009 ،ص 162 وما يليها .
[13]- نشر بالجريدة الرسمية تحت عدد 3403 بتاريخ 18/01/1978 الصفحة 145.
[14] - يونس كريمي: السياسة الجنائية هي مجال الوقاية من حوادث السير" رسالة نوقشت برحاب كلية الحقوق بفاس لنيل شهادة الماستر، السنة الجامعية 2011-2010،
[15] -ظهير شريف صادر في 3 جمادى الاولى 1372 موافق 19 يناير 1953 /منشور بالجريدة الرسمية عدد 2104 بتاريخ 5 جمادى الثانية 1372 (20-2-1953) ص 659.
[16] - قرار وزاري صادر في 8 جمادى الاولى 1372 موافق 24 يناير 1953 /منشور بالجريدة الرسمية عدد 2104 بتاريخ 5 جمادى الثانية 1372 (20-2-1953) ص 659.
[17]-Mourad boussetta, Genése du code de la route au maroc et ses orientation pénal série,<<Séminaires et colloques>>N 10 :les victimes des accidents de la circulation :quelle protection,marrakech les 19 et 20 decembre 1997,p7 .
[18] - ظهير 19-01-1953 بشأن المحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير والجولان.
– القرارالوزاري الصادر بتاريخ 24-01-1953 بشأن مراقبة السير والجولان.
– ظهير 12-11-1963 المتعلق بالنقل بواسطة السيارات عبر الطرق.
– مرسوم 26-12-1964 المتعلق بفرض ضريبة على ناقلات البضائع.
– قرار 23-04-1970 المتعلق باثبات اسطوانة في مؤخرة العربات.
– مرسوم 23-06-1993المتعلق بتجهيز الناقلات المستعملة لنقل الاسماك.
– قرار 31-01-1995 المتعلق بالشارات التي تحملها العربات الناقلة لمواد خطيرة ….. واللائحة طويلة.
– القرارالوزاري الصادر بتاريخ 24-01-1953 بشأن مراقبة السير والجولان.
– ظهير 12-11-1963 المتعلق بالنقل بواسطة السيارات عبر الطرق.
– مرسوم 26-12-1964 المتعلق بفرض ضريبة على ناقلات البضائع.
– قرار 23-04-1970 المتعلق باثبات اسطوانة في مؤخرة العربات.
– مرسوم 23-06-1993المتعلق بتجهيز الناقلات المستعملة لنقل الاسماك.
– قرار 31-01-1995 المتعلق بالشارات التي تحملها العربات الناقلة لمواد خطيرة ….. واللائحة طويلة.
[19]- ظهير شريف رقم 1.10.07 صادر في 26 من صفر 1431 (11 فبراير 2010) بتنفيذ القانون رقم 52-05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، منشور بالجريدة الرسمية تحت عدد 5824 المؤرخة في 8 ربيع الاخر 1431 موافق 25 مارس 2010.
[20]- وهي الأحكام التالية :-أ حكام الظهير الشريف الصادر في 3 جمادى الأولى 1372 (19 يناير 1953) بنسخ وتعويض الظهير الشريف الصادر في 26 من شعبان 4 ديسمبر 1934) بشأن المحافظة على الطريق العمومي ومراقبة السير والمرور، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
تعوض الإحالات إلى أحكام الظهير الشريف الصادر في 3 جمادى الأولى 1372 (19يناير 1953) السالف الذكر، الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية بالإحالات المطابقة الواردة في هذا القانون.
-أحكام المواد 7 و 11 و 12 و 13 مكرر و 14 و 15 و 16 و 17 و 19 و 20 و 21 و22 من القانون رقم 4.89 المتعلق بالطرق السيارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.91.109 بتاريخ 6 صفر 1413 (6 أغسطس 1992)، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.179 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1392 (30 ديسمبر 1972) بشأن تعليم سياقة السيارات ذات المحرك ؛
أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 24 المكرر مرتين من الظهير الشريف رقم 1.63.260 الصادر في 24 من جمادى الآخرة 1383 (12 نوفمبر 1963) بشأن النقل بواسطة السيارات عبر الطرق."
تعوض الإحالات إلى أحكام الظهير الشريف الصادر في 3 جمادى الأولى 1372 (19يناير 1953) السالف الذكر، الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية بالإحالات المطابقة الواردة في هذا القانون.
-أحكام المواد 7 و 11 و 12 و 13 مكرر و 14 و 15 و 16 و 17 و 19 و 20 و 21 و22 من القانون رقم 4.89 المتعلق بالطرق السيارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.91.109 بتاريخ 6 صفر 1413 (6 أغسطس 1992)، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.179 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1392 (30 ديسمبر 1972) بشأن تعليم سياقة السيارات ذات المحرك ؛
أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 24 المكرر مرتين من الظهير الشريف رقم 1.63.260 الصادر في 24 من جمادى الآخرة 1383 (12 نوفمبر 1963) بشأن النقل بواسطة السيارات عبر الطرق."
[21] من ذلك الأحكام المتعلقة بتخصيص نقط لرخصة السياقة واثبات المخالفات بواسطة المعاينة الالية …إلخ.
[22] . محمود محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة العاشرة 1983، ص 29.
[23] . فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، 2000.، ص 24.
[24] - أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005 ، ص 6.