رفقته نسخة مصففة للتحميل
اعتبارا لغنى التراث الحضاري للمملكة المغربية، والتنوع الثقافي والفني الذي تزخر به بلادنا، وارتكازا على أحكام الدستور الجديد الذي يقر ويضمن، ولا سيما الفصول 5 و25 و26 و31و33 التنوع الثقافي والتعدد اللغوي وحرية الفكر والابداع، والدعم العمومي للثقافة والفنون، والحقوق الثقافية للجميع، وتوسيع مشاركة الشباب وتسيير ولوجهم للثقافة والفنون، وعملا بالتوجهات الملكية السامية لصحاب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده فيما يتعلق بتثمين الثقافة والفن المغربيين كمجالين مهمين من مجالات الرأسمال المادي واللامادي للمغرب، وإحدى الدعامات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاشعاع الثقافي لبلادنا، وتكريس العناية السامية التي ما فتئ جلالته يوليها لنساء ورجال الثقافة والفن ولهياكل الإنتاج وبنيات الإبداع الثقافي وتداوله والاستثمار فيه، باعتباره جزء لا يتجزأ من الثروة اللامادية للمغرب، وتعزيزا للمكتسبات التي أسس لها القانون رقم 71.99 المتعلق بالفنان الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.113 بتاريخ 18 من ربيع الاخر 1424(19 يونيو 2003)، والذي خص الفنان بالمكانة الرمزية والاعتبارية اللائقة به، ووفر له الشروط الملائمة لتأطير مهنته، وسعيا على مواكبة الإبداع الثقافي والفني وتطوير سيادته ودعمه تشريعيا وتنظيميا وماليا لتمكين الفنانين المغاربة من وضع قانوني يحفظ كرامتهم ويضمن مجالات اشتغالهم والعناية بأوضاعهم المادية والاجتماعية المهنية، وحرصا على تشجيع مؤسسات الإنتاج الثقافي والفني وترسيخ ممارسات جديدة لتداول المنتوج الثقافي والفني، ومواكبة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المجتمعات[1].
هذا يحتم على الدولة حماية الفنان اجتماعيا واقتصاديا وفكريا، فالملكية الفكرية، تعد أرقى وأسمى صور الملكية على الإطلاق إذ تخول صاحبها السلطات الثلاثة على نتاج الفكر والعقل في مجال الإبداع الذهني سواء الأدبية أو الفنية في مجال حق المؤلف والصناعية والتجارية في مجالا الاختراع والعلامات التجارية، وهي مصطلح قانوني في المقام الأول يراد به في إنتاجه العلمي والأدبي والفني السنيمائي ليستفيد من ثماره وأثاره المادية والمعنوية، وبالنظر إلى أهمية الملكية الفكرية على المفهوم السابق باعتبارها أساس قيام النهضة في المجتمعات المتقدمة، بل وأساس لحفز الإبداع والمبدعين، وانسجاما مع الطبيعة القانونية لثمار الذهن وقابليتها للانتشار في جميع أنحاء العالم، من حماية حقوق الفنان والمؤلف داخل حدود موطنها الأصلي غير كافية، لذلك ووعيا من المجتمع بخطورة التأثيرات السلبية للاعتداءات على حماية الإبداع وصيانة مكتسبات المبدعين، وأمام الحاجة الملحة إلى وضع قوانين وتشريعات تحمي تلك الحقوق والمصنفات من عبث القراصنة والمقلدين، من كل أنواع التعدي المادية والرمزية على حرمة الفكر والإبداع، لذلك برزت الحاجة إلى والضرورة حماية المصنفات الأدبية والفنية على الصعيد الدولي، والذي بدأ وجوده الطبيعي بإبرام اتفاقية برن(سويسرا) الخاصة بحماية المصنفات الأدبية والفنية 9شتنبر1886 وكملت في باريس1896، والتي أصبحت المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق الأدبية والفنية بموجب تشريعات خاصة، وأضحت في الوقت ذاته القاعدة المكملة لسائر التشريعات الدولية بدءا باتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة التي جاءت لتوحيد معايير الحماية الدولية ضمن سائر حقوق الملكية الفكرية، وليس من شك أن الصورة النهائية التي أصبحت عليها اتفاقية برن لم تصبح كما هو عليه الآن، وإنما خضعت إلى تعديلات أهمها تعديل برلين1908، وكذا تعديل برن1914، ثم تله تعديل 1967 بروما، وفي بروكسيل سنة1948، وفي ستوكهولم1967 وأخيرا في باريس1971.[2]
وعليه فحماية الفنان والمؤلف تقوم على مبادي، بل هي حق من حقوق الحقوق الإنسان الأساسية، المنصوص عليها في إعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 حيث جاء في المادة 22 من هذا الإعلان أنه (لكل فرد من أي أفراد المجتمع في التمتع بضمان الاجتماعي)، فهذا المبدأ كحق من حقوق الإنسان، يتفرع عليه مجموعة من المبادئ التي تدعو إلى بناء مجتمع ديمقراطي يتمتع بالعدل والمساواة والتكافل الاجتماعي، وتتجلى هاته المبادئ كشكل التالي:
- مبدأ التضامن: يعكس مبدأ التضامن التعبير عن إرادة جماعة الفنانين والمؤلفين لحل الأوضاع الفردية داخل المجتمع الفني عبر تحمل المخاطر التي تهدد كل فنان وسط البيئة التي يوجد بها، فتمويل التعاضديات يقوم على تشارك جميع المنخرطين في أداء الاشتراكات، حيث تستقي مواردها من اشتراكات أرباب العمل و اشتراكات النشطين في المجال الفني، وهو ما يحقق التضامن التعاضدي بين مختلف المنخرطين أي بين النشطين و المتقاعدين، و أيضا بين ذوي الدخل المنخفض وذوي الدخل المرتفع، ومن جهة أخرى يوفر تضامنا بين المنخرطين المساهمين في النظام، و المؤمنين الغير المساهمين أي ذوي حقوقه، وقد يساهم الصندوق وأنظمة التقاعد، في تعزيز قيم التضامن عن طريق اشتراكات التي تقطع من الرواتب و التي تساهم في تكوين الاحتياطي الضروري لتغطية مصاريف وتكاليف الخدمات المقدمة للفنانين والمؤلفين.[3]
- مبدأ المساواة: يسعى المبدأ بصورة عامة إلى تنظيم الحياة الاجتماعية عبر تحقيق مبدأ المساواة، و العدل بين ا الفنانين المؤلفين بهدف تحقيق التوازن الاجتماعي،[4] وإن ضمان هذه المبدأ و العمل على تحقيق الإنصاف لجميع فئات المجتمع الفني في الاستفادة من الحماية الاجتماعية، يعتبر من أولويات الدولة في هذا المجال، و هو واجب يقع على عاتقها اتجاه فئة الفنانين والمؤلفين، اذا تم تكريسه في دستور2011،[5] كما أقرته مجموعة من المواثيق الدولية، كالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الثقافية، والمادة الاولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ أكدت أن جميع الناس قد ولدوا أحرار و متساويين في الكرامة و الحقوق، كما أقرته مدونة الشغل من خلال المساواة بين الأجراء بصفة عامة والفنانين والمؤلفين بصفة خاصة، خاصة وأن الفنان يعتبر أجير في مادتها العاشرة حيث منعت التمييز بين الأجراء على أساس الجنس و الحالة العائلية يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة، لاسيما فيما يتعلق بالاستخدام و إدارة الشغل وتوزيعيه والتكوين المهني و الأجر والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية.
- مبدأ الإنصاف: يقتضي مبدأ الإنصاف من الدولة العمل على توفير الحماية الاجتماعية لجميع الفنانين والمؤلفين بشكل عادل ومنصف، حيث يجب أن تكون الخدمات مقدمة للفنانين والمؤلفين موزعة توزيعا كافيا على سائر التراب الوطني من أجل توفير هاته الخدمات المرفقية لمختلف شرائح المجتمع الفني، وهذا المبدأ مكرس بالدستور المملكة المغربية لسنة 2011 في الفصل 154 حيث ينص على أن “يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنين والمواطنات في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني والاستمرارية في أداء الخدمات“، وضمان الاستفادة من هذه الخدمات لفائدة جميع الفئات الفنية عن طريق التكفل الجماعي والتضامني بالنفقات الصحية.[6]
- مبدأ الولوجية: يقوم مبدأ الولوجية على أربع عناصر أساسية تتمثل في عدم التمييز وإمكانية الوصول المادي وكذا إمكانية الوصول بالمنظور الاقتصادي، وامكانية الوصول للمعلومات،[7] إذ يجب أن يتمتع كل فنان بإمكانية الوصول للمرافق والخدمات الصحية لا سيما الفئات الأكثر تضررا منهم دون تميز على أي سبب غير مشروع، كما يجب أن تكون المرافق متيسرة الوصول إليها سواء بالمنظور المادي بأن تكون متواجدة بالعدد الكافي، وفي الأخير يتعين على الدولة أن تكفل لكل فنان الحق في التغطية الصحية.
- الفنان: هو كل شخص ذاتي يبدع أو يشارك من خلال أدائه في إبداع أو إعادة إبداع أعمال فنية والذي يعتبر العمل الفني عنصرا رئيسيا في حياته ويساهم بذلك في تطوير الفن والثقافة أو خريج إحدى المؤسسات المتخصصة في التعليم الفني المعترف بشهادتها من طرف الدولة ويعتبر فنانا مهنيا كل فنان يمارس نشاطا فنيا بصفة دائمة أو متقطعة مقابل أجر فني، أو في إطار القيام بعمل فني لحسابه أو لبيعه أو كرائه لصالح الغير، وتحدد الوضعية المهنية للفنان المهني من حيث طبيعة العقد وتعدد الأجر الفني بحيث يكون فنانا مشتغلا بصفة دائمة كل شخص ذاتي مرتبط بعقد شغل غير محدد المدة مع مؤسسات العروض والإنتاج والترويج الفنية العمومية أو الخاصة الفنية لاعتباره أجير. فنانا مشتغلا بصفة متقطعة هو كل شخص ذاتي يمارس نشاطا فنيا متقطعا يشكل دخله الأساسي، تبعا لعقود شعل محددة المدة. وفنانا يشتغل لحسابه الخاص وهو كل شخص ذاتي يعمل لحسابه الخاص ويخضع للضريبة المهنية، أو يشتغل في إطار مقاولة ذاتية. هو كل شخص ذاتي يعمل لحسابه الخاص ويخضع للضريبة المهنية، أو يشتغل في إطار مقاولة ذاتية. فنانا يشتغل مقابل دخل إضافي وهو كل موظف أو عون بإحدى الإدارات العمومية والجماعات الترابية أو مستخدم بإحدى المؤسسات العمومية أو الخاصة والذي يمارس نشاطا فنيا مقابل دخل إضافي بصفة متقطعة.
- المؤلفون: لاسيما كتاب الدراما كتاب كلمات الأغاني المخرجون مصممو الرقصات الموزعون الموسيقيون الملحنون السينوغرافيون مصممو الملابس الديكور والاضاءة بحكم تنفيذ تصورهم الفني ولاسيما في إطار ورشات الإنجاز والتدريب أو العرض أو التسجيل أو التصوير أو البث.
- المؤسسة الفنية: هي كل شخص ذاتي يعمل لحسابه الخاص ويبرم مع فنان أو أكثر عقد شغل أو كل شخص اعتباري يأخذ شكل شركة خاصة أو عمومية أو جمعية أو تعاونية تنشط في المجال الفني، يبرم مع فنان او أكثر عقد شغل أو عقد مقاولة يكون موضوعهما القيام بنشاط فني مقابل أجر فني.
- العقد الفني: هو اتفاق يربط المؤسسة الفنية بالفنان أو بتقني أو إداري الأعمال الفنية ويمكن أن يكون عقدا فرديا وهو اتفاق يربط المؤسسة الفنية بالفنان أو تقني أو إداري الأعمال الفنية بصفة فردية، أو عقدا مشتركا هو كل اتفاق يبرم بين المؤسسة الفنية ومجموعة من الفنانين أو إداري الأعمال الفنية بصفة جماعية.
- الأجر الفني: يقصد به المداخيل المالية وتوابعها التي يتقاضها الفنان أو تقني أو إداري الأعمال الفنية مقابل قيامهم بنشاط فني، المستحقات التي يتقاضها الفنان مقابل سماحه باستعمال حق من حقوقه الفكرية التي تمون ثمرة استغلال الابداع الفني أو العرض الفني[8].
- زاوية نظرية: يمكن حصرها في إبراز مظاهر الحماية تجاه الفنان والمؤلف على ضوء القانون والاتفاقيات الدولية.
- زاوية عملية: تتجلى في تكريس حماية الفنان والمؤلف من خلال الواقع المعاش.
ومن هذا المنطلق سنقوم بطرح التساؤلات التالية:
- ماهي مظاهر حماية الفنان والمؤلف؟
- وماهي تجليتها على أرض الواقع؟
- وماهي التدابير التي يمكن اتخاذها في هذا الشأن؟
- وماهي الاليات المعتمدة للحد من معانات الفنان والمؤلف؟
- وكيف تعمل الدولة المغربية في ظل التوجهات الملكية السامية في هذا الشأن؟
- وبما أن الفنان والمؤلف صورة من صور الرأسمال المادي وللامادي الثقافي كيف يمكن حماية هذه الفئة داخل المجتمع؟
- وكيف يضمن القانون والقضاء الحماية تجاه هذه الفئة؟
- وأين تتجلى الحماية الاجتماعية والصحية لهذه الفئة؟
المبحث الأول: حماية المصنفات الأدبية والفنية على ضوء اتفاقية برن.
المبحث الثاني: التدابير القضائية والقانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
المبحث الثالث: الحماية الاجتماعية للفنان والمؤلف على ضوء القانون والممارسة.
المبحث الأول: حماية المصنفات الأدبية والفنية على ضوء اتفاقية برن.
تعتبر اتفاقية برن من أبرز الوثائق ذات الطابع الدولي في القرن 19، لأنها أصبحت المصدر الأول للقوانين الوطنية.
المطلب الأول: سياق إبرام اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
شكلت اتفاقية برن المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق الأدبية والفنية بموجب تشريعات خاصة، وتعد هذه الاتفاقية أقدم اتفاقية متعددة الأطراف وتوفر أعلى مستوى من مستويات الحماية، وتتضمن مقتضيات جوهرية وردت على عدة مراحل متعاقبة وطورت ونقحت منذ توقيعها1908، ثم عدلت في باريس 1986 وعدلت في برلين سنة 1908، ثم كملت في برن 1914، ثم عدلت في روما سنة 1969، وفي بروكسيل سنة1948، وفي ستوكهولم1967 وأخيرا في باريس 1971،[9] وتبوأت هذه الاتفاقية السبق التاريخي والموضوعي في تأصيل الحماية القانونية للحقوق على الأعمال الأدبية والفنية، وأضحت القاعدة المستلهمة لسائر المصادر الدولية اللاحقة بدءا باتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة تريبس التي جاءت لتوحيد معايير الحماية الدولية ضمن سائر حقوق الملكية الفكرية، بما فيها الحقوق على الأعمال الأدبية والفنية، وتنقسم أحكام الاتفاقية إلى قسمين، الأحكام الجوهرية أو الموضوعية التي تتمثل في مجموعة من القواعد الواجبة التطبيق بصورة موحدة توفر الحد الأدنى من الحماية، وعندما يكون التشريع الوطني لدولة عضو في الاتحاد قاصرا على بلوغ الحد الأدنى من الحماية المتفق عليها في الاتفاقية تحل أحكام الاتفاقية محل التشريع عن طريق الأحكام التنظيمية المشتركة، أما قواعد الإحالة فهي تسعى لحل التنازع الذي ينشأ بين مختلف القواعد القانونية، عن طريق إحالة الأمر إلى النظام القانوني للبلد الذي تجري فيه المطالبة بالحماية، وتتمثل القواعد الإدارية والأحكام الختامية في الأجهزة التي يتكون منها اتحاد برن، وتعتبر اتفاقية برن مفتوحة أمام الدول للانضمام إليها ولهذا فحسب الفقرة الأولى(أ) من المادة 28 من الاتفاقية فإنه يجوز لكل دولة من دول الاتحاد الموقعة على هذه الوثيقة أن تصدق عليها، وإذا لم تكن قد وقعتها فبوسعها الانضمام إليها، وتودع وثائق التصديق أو الانضمام لدى المدير العام.[10]
المطلب الثاني: المصنفات المشمولة بالحماية.
إن أهم ما وفرته اتفاقية برن من تدابير خاصة اعتدت بها معظم التشريعات الوطنية أنها اعتمدت إلى تعداد المصنفات المشمولة بالحماية في المادة الثانية، والتي تقسم إلى مصنفات أصلية وأخرى مشتقة.
أولا: المصنفات الأصلية: تعتبر الأعمال التي يبتكرها المؤلف مصنفات أصلية ومباشرة لأنه لم يتم اللجوء إلى إسقاطها من عمل سابق أو دون أن يكون مصدرها عملا فكريا سابقا أو مستندا إلى عناصر مما سبقه، وسنحاول توضيح حقيقة المقصود بكل نوع من أنواع هذا المصنفات التي أقرتها اتفاقية برن.
1/ الكتب والكتيبات وغيرها من المصنفات المكتوبة: جمعت اتفاقية برن بين هذه المصنفات، وأوردتها في بند واحد تتسم به من وجود إطار مشترك بينهما[11]، وهو أن الكتابة هي وسيلة نقلها إلى الجمهور، فاتفاقية برن تحمى المصنفات الكتابية بمختلف مجالاتها سواء الأدبية أو العلمية أو الفنية.
2/المحاضرات والمواعظ والأعمال الأخرى: ويقصد بها المصنفات التي جرى العرف على توجيهها شفويا إلى الجمهور بقصد التأثير فيهم كالمحاضرات[12] والخطابات[13] والمواعظ[14].
3/ المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية: تمتد مظلة الحماية القانونية التي توفرها اتفاقية برن لتشمل المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية، والتي هي شكل من أشكال الفن التي تؤدى أمام الجمهور، ويترجم فيه الممثلون نصا مكتوبا إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح[15].
4/المصنفات المؤدية بحركات أو خطوات فنية والتمثيليات الإيمائية: تشمل الحماية بموجب اتفاقية برن المصنفات الموسيقية، سواء المقترنة بالألفاظ كالأغاني والأناشيد والأعمال الأوبرية والتواشيح الدينية المصحوبة بموسيقى، أو غير المقترنة بالألفاظ، كالسيمفونيات والموسيقى التصويرية المصاحبة للأعمال الدرامية.[16]
5/ مصنفات الرسوم والنحت والطباعة: تتمتع مصنفات الفنون الجميلة، ممثلة في الرسم والنحت أو الطباعة أو غيرها بالحماية القانونية باعتبارها مصنفات أدبية بمعنى المادة الأولى من اتفاقية برن.
6/ المصنفات الفوتوغرافية والمصنفات الأخرى المعبر عنها بأسلوب مماثل: يقصد المصنفات الفوتوغرافية صورة أشياء حقيقية منتجة على سطح سريع التأثر بالضوء أو أي إشعاع آخر، أو بتعبير أدق فالمصنفات الفوتوغرافية هي كل تسجيل للضوء أو إشعاع أخر على دعامة، ينتج أو يمكن إنتاج صورة منه، أيا كانت التقنية التي أنجز بها، أما المقصود بما يماثل المصنفات الفوتوغرافية، فهي تلك الأعمال التي يستخدم فيها أسلوب مشابه للتصوير الفوتوغرافي، كما هو الحال بالنسبة للصور المنقولة من خلال شاشات التليفزيون أو عن طريق برامج الحاسوب أو شبكة الانترنت والتي يكون لها ما للمصنف الفوتوغرافي من تأثير بصري.[17]
6/ مصنفات الفنون التطبيقية والتشكيلية: يقصد بمصنفات الفن التطبيقي والتشكيلي مختلف الأعمال والنقوش والزخارف والتلوينات، المطبقة تطبيقا عمليا لتخرج في النهاية في شكل مادي مجسم، كالأواني المزخرفة والأدوات المنقوشة، وكل ما يقتضي مهارة فنية ويتميز بطابع أصيل.
7/الصور التوضيحية والخرائط الجغرافية والتصميمات والرسومات التخطيطية المصنفات المجسمة المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العمارة أو العلوم: تمتد الحماية لتشمل مختلف الابتكارات التي يكون الهدف منها زخرفة المصنفات المكتوبة أو توضيح محتواها، وكذلك تتمتع بالحماية وفقا لأحكام اتفاقية برن، الرسوم التخطيطية والمصنفات المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافية أو التصميمات المعمارية[18].
ثانيا: المصنفات المشتقة:[19] هو كل مصنف يوضع بالاستناد إلى مصنف آخر سابق له، إذ إنه يستعير بعض العناصر من مصنف سابق بعد أن يتم تحويلها في عمل جديد، كترجمات الأعمال وتكييفها لفن من الفنون وإعادة التوزيع الموسيقي ومجموعات الأعمال[20]، وقد نصت اتفاقية برن في المادة الثانية الفقرة الثالثة على الحماية القانونية لهذه الفئة من الأعمال من خلال تنصيصها على أنه:” تتمتع الترجمات والتحويرات والتعديلات الموسيقية وما يجرى على المصنف الأدبية أو الفنية من تحويلات أخرى بنفس الحماية التي تتمتع بها المصنفات الأصلية وذلك دون المساس بحقوق مؤلف المصنف الأصلي”، وانطلاقا من ذلك، فإننا سنتطرق لنوعين من المصنفات المشتقة فقط وهي:
- ترجمات المصنفات: إن الترجمة علم قائم بحد ذاته توجب على المترجم إتقان اللغة وبذل الجهد لكي يأتي العمل معبرا عن نفس المعنى للمصنف الأصلي، ويندرج هذا الصنف ضمن الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف، وبالتالي فإن ترجمة أي مصنف توجب الحصول على إذن من مؤلفه، ما لم يكن ذلك المصنف قد دخل في الملك العام، والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عملا محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا.
- المختارات ومجموعات الأعمال: جاء في الفقرة الخامسة من المادة الثانية على أن:” تتمتع مجموعات المصنفات الأدبية أو الفنية لدوائر المعارف والمختارات الأدبية التي تعتبر ابتكارا فكريا، بسبب اختيار وترتيب محتوياتها، بالحماية بهذه الصفة وذلك دون المساس بحقوق المؤلفين فيما يختص بكل مصنف يشكل جزءا من هذه المجموعات.”
المطلب الثالث: مضمون حق المؤلف.
أولا: الحقوق الأدبية: الحق الأدبي هو عبارة عن مجموعة من الصلاحيات الامتيازات التي يستأثر بها المؤلف المبتكر للدفاع عن شخصيته التي تجلت في المصنف الذي ابتكره، هذه الحقوق التي تعتبر من الحقوق الشخصية التي لا يمكن الحديث عنها إلا إذا كان هناك مصنف مبتكرا، وتترتب عن هذا الحق عدة حقوق فرعية والتي تمثل امتيازات وسلطات يمكن للمؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني، وكرست اتفاقية برن هذا الحق اللصيق بشخصية في المادة السادسة مكررة التي جاء فيها:” بغض النظر عن الحقوق المالية للمؤلف، بل وحتى بعد انتقال هذه الحقوق، فإن المؤلف يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه، وبالاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لهذا المصنف أو كل مساس آخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه أو بسمعته ” ، إلا أنه رغم كون اتفاقية برن تشكل أولى الأسس التشريعية على المستوى الدولي، التي بسطت الحماية القانونية للحقوق الأدبية والفنية، وبالرجوع الى الفقرة الثانية من المادة السادسة على أنه:” الحقوق الممنوحة للمؤلف بمقتضى الفقرة (1) السابقة تظل محفوظة بعد وفاته، وذلك على الأقل إلى حين انقضاء الحقوق المالية، ويمارس هذه الحقوق الأشخاص أو الهيئات المصرح لها من قبل تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها ومع ذلك، فإن الدول التي لا يتضمن تشريعها المعمول به، عند التصديق على هذه الاتفاقية أو الانضمام إليها، نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة المؤلف لكل الحقول المنصوص عليها في الفقرة السابقة، يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق لا يحتفظ بها بعد وفاة مؤلف.” خلاف ما ذهبت إليه اتفاقية برن للمصنفات الأدبية والفنية والتي اعتبرت بموجب المادة السادسة مكررة أن الحقوق المعنوية ليست حقا مؤبدا وأنه يعود لكل دولة أن تحدد مدة حماية الحق، فإن معظم التشريعات أقرت للمؤلف الحقوق المعنوية باعتبارها جزء لا يتجزأ من شخصية المؤلف وجعلتها مستمرة لا تسقط بمرور الزمن ولا يجوز التصرف أو الحجز عليها، إنما يجوز انتقال تلك الحقوق إلى الغير عن طرق الوصية أو قوانين الإرث.[22]
1/ حق الأبوة Droit De Paternité: نصت المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن على أن المؤلف:”…يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه” ، وعليه فهذه الاتفاقية اعترفت للمؤلف بحقه في نسبة مصنفه إليه، أو ما يعرف في الأوساط الفقهية بالحق في الأبوة، ومضمون هذا الحق أن للمؤلف التمسك بالاعتراف بأن مصنفه الذي أبدعه هو من نتاج فكره، كذلك حق في أن يصل مصنفه إلى الجمهور حاملا اسمه ولقبه ومؤهلاته العلمية، كما أن له الحق في أن يتم الإعلان عن اسمه عند الاقتباس من مصنفاته أدبية كانت أو فنية أو علمية، فضلا عن حقه في إتاحة مصنفه للجمهور بدون أن يحمل أي اسم على الإطلاق أو تحت اسم مستعار، وفي منع الغير من طرح مصنفاته تحت اسم آخر.[23]
2/الحق في احترام المصنف: إذا كان الحق في احترام المصنف ملازم للحق في إشهار المصنف، فإذا كان هذا الأخير يعكس حكما شخصية المؤلف الذي له أن يحدد الوقت المناسب لإشهار عمله، فإن له الحق بالإضافة إلى ذلك في أن يصل مصنفه إلى الجمهور وفقا للصورة التي أرادها ودون أي تشويه أو تغيير وإلا امتنع عن إشهار المصنف.[24]
3/ الحق في سحب المصنف من التداول : يحدث في كثير من الأحيان أن يقرر المؤلف بإتاحة مصنفه للجمهور للحكم عليه ويقوم بطرحه للتداول فعلا، عن طريق التعاقد بين ناشر أو منتج معين تنتقل إليه حقوق استغلال المالي، ثم يشعر من بعد ظهور المصنف وتداوله بين أفراد المجتمع أن أفكاره التي عبر عنها قد تغيرت ولم يعد مصنفه مطابقا لأرائه ومعتقداته، فيقوم بإجراء تعديلاته عليه سواء بإضافة بعض الأفكار أو حذف بعضها، أو يقوم بسحب المصنف من التداول نظرا لما يترتب على استمرار تداوله من إساءة إلى سمعته ومكانته الأدبية وذلك كله بإرادته المنفردة.[25]
ثانيا: الحق المالي للمؤلف: أقرت اتفاقية برن للمؤلف بحقوق مالية إلى جانب الحقوق الأدبية، بمقتضاها يكون للمؤلف حق استثمار مصنفه، والحصول على مقابل من وراء نشره أو إذاعته أو استنساخه والسماح باستعماله، وقوام هذا الحق أنه يتضمن عنصرا ماليا يفيد المؤلف فيما يدره عليه استغلال الإنتاج الأدبي أو الفني من لأرباح مادية أو اقتصادية، وخولت هذه الاتفاقية لصاحب المؤلف الحق الاستئثاري في استغلال مصنفه، وذكرت على سبيل المثال ما يشتمل عليه هذا الجانب من جوانب الملكية الفكرية من حقوق والتي تتمثل في[26]:
1/حق الترجمة وحق إعادة النشر واستنساخ المصنف: إن ترجمة العمل إلى أي لغة أخرى هو حق من الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف، وبالتالي فإن ترجمة أي مصنف توجب الاستحصال على إذن من مؤلفه، ما لم ذلك المصنف قد دخل في الملك العام، والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عملا محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا وذلك بصريح المادة8 من اتفاقية برن التي جاء فيها :” يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية الذين تحميهم هذه الاتفاقية بحق استئثاري في ترجمة أو الصريح بترجمة مصنفاتهم طوال مدة حماية ما لهم من حقوق في المصنفات الأصلية.”
2/الحق في نسخ:[27] طبع وتسجيل وتصوير العمل بجميع الوسائل المتوفرة بما فيها التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو على أشرطة الفيديو والأسطوانات والأقراص المدمجة مهما كان نوعها أو بأي طريقة أخرى كما تؤكد على ذلك المادة التاسعة:” يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية الذين تحميهم هذه الاتفاقية بحق استئثاري في التصريح بعمل نسخ من هذه المصنفات بأية طريقة وبأي شكل كان.”
3/الحق في الأداء العلني والتأجير والتوزيع: الحق في نقل المصنف إلى الجمهور يتمثل في وضع المصنف إلى الجمهور إما بصورة مباشرة من خلال الأداء العلني وإما بصورة غير مباشرة من خلال أجهزة الإرسال ويجد هذا الحق اساسه في المادة 11/1:” …بتمثيل مصنفاتهم وأدائها علنا بما في ذلك التمثيل والأداء العلني بكل الوسائل أو الطرق.” علاوة على ذلك فالمؤلف كامل الحق في توزيع وتأجير وإعارة مصنفه، ومعناه أن يكون للمؤلف الحق في المشاركة في عائد استغلال مصنفه من عمليات التأجير.[28]
المبحث الثاني: التدابير القضائية والقانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
المطلب الأول: الحماية القضائية للمصنفات الأدبية والفنية على ضوء اتفاقية برن.
من التدابير المهمة التي أرستها اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية أنها خولت للمؤلفين إمكانية اللجوء إلى القضاء للدفاع عن مصنفاتهم المحمية، وذلك من أجل زجر كل اعتداء أو مس غير مشروع بحق المؤلف.
المطلب الاول: شروط المطالبة بالحماية القضائية.
إن استخدام أي مصنف أو عمل مشمول بالحماية بصورة غير مشروعة هو اعتداء على حقوق المؤلف، ولكي تكون حقوق هذا الأخير محل حماية لا بد من توافر شروط وهي:
1/ أن يكون المصنف محميا: إن المصنفات المحمية هي حكما من إبداعات العقل البشري، لذا لابد من توفر شرط وحيد لكي يتمتع المصنف بالحماية، وهو أن يكون العمل مبتكرا، فالإبداع شرط أساسي وضروري لحماية أي مصنف أو عمل، أو وفقا لما يرى البعض أنه يشكل الصبغة ال وراثية[29]ADN، فبمجرد توفره يكتسب المصنف أو العمل الحماية ويتولد للمؤلف.
2/ألا يكون الاستعمال المعني قد تم إعمالا لقيد وارد على حقوق المؤلف: إذا كان المبدأ أنه يعود لصاحب حق المؤلف وحده الحق الاستئثاري في استغلال العمل ماديا ولا يجوز للغير الحصول على نسخة من غير إذن المؤلف، إلا هذا الحق ليس مطلقا، إذ أن اتفاقية برن قد أوردت عدة استثناءات التي يحرم فيها المؤلف من حق الاعتراض على انتفاع غيره بمصنفه، ولو كان ذلك بغير ترخيص منه كما هو الشأن بالنسبة:
- الاستعمال لأغراض شخصية: تنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة من اتفاقية برن على أنه:” تختص تشريعات دول الاتحاد، والاتفاقات الخاصة المعقودة أو التي قد تعقد فيما بينها، وفي حدود ما يبرره الغرض المنشود، بإباحة استعمال المصنفات الأدبية أو الفنية على سبيل التوضيح للأغراض التعليمية وذلك عن طريق النشرات والإذاعات اللاسلكية والتسجيلات الصوتية أو البصرية بشرط أن يتفق مثل هذا الاستخدام وحسن الاستعمال.”
- استعمال مقتطفات: يجوز لوسائل الإعلام من غير موافقة المؤلف ومن غير دفع أي تعويض له وضمن الحدود الإعلامية المتعارف عليها استعمال مقتطفات قصيرة من الأعمال التي ظهرت أو سمعت أثناء أحداث جارية ومن خلال وصف وسائل الإعلام لتلك الأحداث شرط ذكر اسم المؤلف والمصدر.
- الاستنساخ لأغراض شخصية: تنص المادة التاسعة في فقرتها الثانية على أنه:” تختص تشريعات دول الاتحاد بحق السماح بعمل نسخ من هذه المصنفات في بعض الحالات الخاصة بشرط ألا يتعارض عمل مثل هذه النسخ مع الاستغلال العادي للمصنف وألا يسبب ضررا بغير مبرر للمصالح المشروعة للمؤلف.” غير أن الاتفاقية أوجبت على دول الاتحاد التي تضع قيودا على حماية حقوق المؤلفين طبقا لأحكام هذه المادة، أن تخطر ذلك إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويشار إليه فيما بعد باسم “المدير العام”) بموجب إعلان كتابي تحدد فيه الدول التي تقيد الحماية في مواجهتها وكذا القيود التي تخضع لها حقوق المؤلفين من رعايا هذه الدول. ويقوم المدير العام بإبلاغ هذا الإعلان في الحال إلى جميع دول الاتحاد[30].
المطلب الثاني: الحماية القانونية للمصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن.
تتجلى الحماية القانونية من خلال الحماية الجناية والتي تتخذ صورا متعددة وأشكالا ويأتي على رأسها جريمة التزوير واستيراد أو تصدير نسخ من دولة لا يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته، هاتين الصورتين اللتين تناولتها اتفاقية برن في المادة 16، وتعتبر جريمة التقليد من أبرز الاعتداءات التي تشكل اعتداء على حقوق المؤلف، أما بالنسبة لتعريف هذه الجريمة فلم تضع هذه الاتفاقية تعريفا لجريمة التقليد لذلك اجتهد الفقه في تعريف هذه الأخيرة حيث عرفها البعض بأنها:” كل اعتداء مباشر أو غير مباشر على حقوق التأليف في مصنفات الغير واجبة الحماية”، في حين عرفها بعض الفقه الفرنسي بأنها كل اعتداء يقع على الملكية الأدبية والفنية، أو هي كل تزييف يستهدف منه الفاعل إحلال نموذج مفتعل محل النسخة الأصلية، أو تقديم إنتاج الغير كما إنتاجا خاصا من غير إذن مؤلف. وهناك أيضا من يعرفها بأنها: نقل مصنف لم يسقط في الملك العام من غير إذن مؤلفه” وعليه ولقيام جريمة التقليد إذن يجب توافر ركنيين أساسيين هما:
1/ الركن المادي: وهو الذي ينصب على تقليد وتزوير العمل الإبداعي ذاته، من خلال عمل نسخ من المصنف الإبداعي الأصلي بدون وجه حق، وبدون خروج النسخة الأصلية من حيازة صاحب الحق عليها، فالركن المادي إذن لهذه الجريمة يتجلى في طبع أو صنع الشيء المقلد، حتى وإن لم يتم تداوله، أي محاكاة الأصل، وضابط ذلك هو مدى التشابه بين النسخة الأصلية والنسخة المقلدة، وللسلطة المختصة السلطة التقديرية في تقدير وجود هذا التشابه من عدمه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك شرطا ضمنيا لتحقق جريمة التقليد هو عدم موافقة صاحب الحق على هذا النسخ[32].
2/الركن المعنوي: يمتثل في القصد العام يتضمن العلم بجانب الإرادة، والعلم هنا ينصرف إلى عناصر الواقعة المادية، أي يعلم الجاني بما يقوم به من فعل تقليد، أو أن يتعامل فيه هو أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي مقلد، من خلال استقراء مقتضيات الفقرة الأولى من المادة16 يتضح أن جميع النسخ التي تم نشرها بطرق غير قانونية كما في المادة3 من نفس الاتفاقية، يعتبر مساسا واعتداء على حق المؤلف، وأوكلت إلى الجهة المختصة بمصادرة جميع النسخ المتأتية من التقليد أو الاستغلال غير المشروع للمصنف المشمول بالحماية، وذلك بصريح المادة المشار إليها أعلاه والتي جاء فيها ما يلي :” تكون جميع النسخ غير المشروعة لمصنف محلا للمصادرة في دول الاتحاد التي يتمتع فيها المصنف الأصلي بالحماية القانونية” والمصادرة باعتبارها من العقوبات التكميلية أو الإضافية، تعني نزع ملكية الأشياء التي حصلت نتيجة لجنحة و جناية والغرض منها هو منع تداول الأشياء غير المشروعة تطبق هذه العقوبة أيضا على النسخ الواردة من دولة لا يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته تجري المصادرة وفقا لتشريع كل دولة.[33]
المبحث الثالث: الحماية الاجتماعية للفنان والمؤلف على ضوء القانون والممارسة.
بالرجوع الى المادة 20 من قانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية تطبق أنظمة الحماية الاجتماعية الجاري بها العمل حسب طبيعة العقد وطبيعة النشاط الذي يزاول في إطاره الفنان أو تقني أو إداري الأعمال الفنية الذين تسري عليهم أحكام هذا القانون .............ولهده الغاية تقتطع نسب من الأجور الفنية المتضمنة في العقود الفنية المبرمة في سوق الشغل الفنية، يتم تحديدها وطرق تحصيلها وصرفها بنص تنظيمي.
المطلب الثاني: الإطار التشريعي للحماية الاجتماعية للفنان والمؤلف.
تعتبر الحماية الاجتماعية مقياس لمدى تقدم المجتمع ونهضته ومؤشر تماسك مكوناته المتعلقة: بالمعاش، العجز، الأمومة، التعويض عن حوادث الشغل، وعن البطالة والتعويضات العائلية وكذا التغطية الصحية، ويتجلى الإطار التشريعي المنضم للحماية الاجتماعية للفنان والمؤلف في كل من نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية ونظام التغطية الصحية الأساسية، وقانون رقم 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
1/ نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية.
لم يعرف المغرب قبل الحماية أي نص قانوني يحمي المؤلف والفنان العامل الأجير من حوادث الشغل إلى غاية سنة 1913، التي تم خلالها صدور قانون الالتزامات و العقود الذي أقر في الفصل 750، مسؤولية المخدوم عن الحوادث التي يقع ضحيتها الأجير،[34] إلا أنه سرعان ما تبين عدم كفاية هذا النص لتوفير الحماية الكافية للفنان الأجير، لأنه لم يكن بوسعه الحصول على التعويض إلا إذا أثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيم يمكن اعتباره سبب لارتكاب الحادثة، ومع تطور ونمو الصناعة و الأخطار المرافقة لها أصبح من الضروري إصدار تشريع أكثر حماية للفنان الأجير والمؤلف وهذا ما تم من خلاله إصدار سنة 1927 ظهير المتعلق بحوادث الشغل و الذي خضع لمجموعة من التعديلات كان أهمها ظهير سنة 1963، و الذي بموجبه تم رفع الحيف عن الأجراء حيث أصبحت مسؤولية المشغل للفنان، مسؤولية بدون خطاء أي تقوم على نظرية التبعية. يستفيد من هذا القانون حسب المادة الخامسة منه الفنانون المتدربون والمأجورون والعاملون لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين.[35]
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 29من قانون 12ـ18، ألزمت المشغلين الخاضعين لنظام الضمان الاجتماعي إبرام عقد التأمين لدى مقاولات التأمين المرخص لها، قصد ضمان أداء المصاريف والتعويضات، حيث تحل هاته المقاولات محل المشغل في أداء المصاريف والتعويضات الناتجة عن حوادث الشغل أو بسببها، كما أنه طبق للمادة 34 من نفس القانون يمكن للمشغل الغير المؤمن أن يبرم مع مصاب الفنان بحادثة الشغل أو ذوي حقوقه صلح قضائي بالمحكمة الابتدائية المختصة من أجل تمكينهم من الحصول على المصاريف والتعويضات التي يقرها هذا القانون، سواء تم أداء هاته المصاريف من المشغل أو مقاولات التأمين، فإن هاته الأداءات تتمثل فيما يلي: المصاريف المحتملة، وهي حسب المادة 37 مصاريف التشخيص والمستلزمات الطبية ومصاريف نقل المصاب ومصاريف الجنازة في حالة الوفاة، التعويضات اليومية في حالة العجز المؤقت، حيث في هاته الحالة تعويضات يومية تعادل ثلثي الأجر اليومي ابتداء من اليوم الموالي لوقوع الحادثة دون تميز بين أيام العطل و الراحة الأسبوعية إلى غاية يوم الشفاء أو الوفاة، الإيراد الممنوح للفنان الأجير المصاب بعجز دائم، حيث يستحق الفنان الأجير إيراد يساوي الأجرة السنوية مضروبة في مقدار العجز، الإيراد الممنوح لذوي الحقوق في حالة وفاة الفنان الأجير جراء اصابته بحادثة الشغل أو بحادثة طريق أو مرض مهني استحق ذوي حقوقه ايراد سنوي ويتعلق الأمر بكل من الزوج المتوفى عنه ولأبناء و الأصول و الكافلين.[36]
2/ نظام التغطية الصحية الأساسية.
الصحة تاج الإنسان وهي الرأسمال الحقيقي للإنسان، لذلك نجد أن المشرع قد أولى لها اهتماما خاصا فشدد على ضرورة احترام معايير الصحة والسلامة للفنان والمؤلف، وبما أن الفنان يعتبر الأجير فصحته هي الرأسمال الحقيقي له والذي يعول عليها حتى يجلب رزقه لذا فإذا فقد صحته أو تدهورت فقد مصدر رزقه أي فقد عمله، وبالتالي أصبح معرضا للضياع والتشرد خاصة إذا علمنا أن الغالبية العظمى من الفنان يقدمون مجهودهم البدني والفكري عندما يشتغلون، فالصحة أهم حق من حقوق الإنسان التي أجمعت على حمايته العديد من الاتفاقيات الدولية، هذا الحق يفرض على الحكومة المغربية تهيئة الظروف التي تتيح لكل فنان ومؤلف إمكانية الاستفادة من أكبر مستوى ممكن من الصحة، ويقوم نظام التأمين الإجباري على مبدأ المساهمة في التمويل عن طريق واجب الاشتراك، كما أن الدولة تساهم كذلك باعتبارها مشغلة وهو ما يوفر دخل القار للفئة المحمية من الفنانين والمؤلفين، هذا النظام لا يهدف إلى تحقيق الربح، إلا أن ما يعاب على هذا النظام أنه لا يوفر الحماية للفئات الضعيفة من الفنانين والمؤلفين، وشكل موضوع التغطية الصحية للفنان محور اجتماع عقده اليوم الأربعاء بالرباط وزيرا الصحة والثقافة والاتصال، وأوضح بلاغ لوزارة الصحة أن الاجتماع، الذي انعقد بحضور ممثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى جانب ممثلين عن الهيئات المهنية للفنانين، تمحور حول موضوع تفعيل الإجراءات والمساطر المرتبطة بالرعاية الاجتماعية للفنانين خصوصا ما يتعلق بالتغطية الصحية، وأشار المصدر إلى أن الاجتماع يأتي، كما جاء في كلمة كل من وزير الصحة ووزير الثقافة والاتصال، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية في مجال تعميم التغطية الصحية، وكذا العناية المولوية بالفنانات والفنانين والمؤلفين، كما تم بالمناسبة استحضار المكتسبات الدستورية المرتبطة بتثمين الإبداع الفني والثقافي بكل الوسائل الممكنة، وتم في السياق ذاته الاستماع إلى عرض مفصل حول الإجراءات المرتبطة بالصحة من جانبهم، يضيف البلاغ، ثمن ممثلو الهيئات المهنية للفنانين والنقابات أعضاء لجنة البطاقة المهنية للفنان، أهمية الإسراع في تفعيل هذه الإجراءات، والتي ستكون لها انعكاسات إيجابية على الوضعية الصحية للفنان، وذلك بهدف تفادي معانات الفانين والمؤلفين بهذا الخصوص.[37]
3/ وضع الفنان في إطار الإنتاج والدعم العمومي.
وفق المادة 21 من القانون 68.16 يحظى فنانون العروض المؤدون الحاملون للبطاقة المهنية للفنان المشتغلون لصالح مقاولة أو مؤسسة عمومية أو خاصة مغربية بالأولية في التشغيل بنسبة 60 في المائة على الأقل من مجموع الفنانين المهنيين العاملين في كل الأعمال المنتجة أو المدعمة من قبل الدولة أو الجماعات الترابية او المؤسسات العمومية أو الشركات العمومية او الشركات التي تساهم فيها الدولة أو جماعات الترابية في قطاع العروض الفنية الحية أو المسجلة..............................ويحظى فنانون وتقنيو وإداريو الفنون التشكيلة والبصرية والنون الإبداعية الحاملون لبطاقة الفنان أو بطاقة تقني او إداري العروض الفنية بالأولية في الحصول على دعم المقدم من قبل الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أو الشركات العمومية أو الشركات التي تساهم فيها الدولة أو الجماعات الترابية حسب مقتضيات النصوص التنظيمية ودفاتر التحملات المنظمة للدعم المذكور.[38]
4/ حماية الفنان من الطرد التعسفي.
إن عدم احترام المشغل لمسطرة الفصل أو قيامه بطرد الفنان من العمل من دون أن يرتكب أي خطأ يستلزم توقيع الطرد، فإن طرده هذا يعتبر طردا تعسفيا ويجب على المشغل أن يعوض الفنان الأجير، إن التعويض الذي يستحقه الفنان قد يكون عن طريق الصلح أو عن طريق القضاء.
- التعويض عن طريق الصلح: [39]هو ذلك التعويض الذي يتفق عليه بين الفنان والمشغل دون اللجوء إلى مسطرة التقاضي، والتعويض الذي يتم عن طريق الاتفاق قد يتم بين الأجير والمشغل ويتم بدون وساطة أي بدون تدخل من أي جهة خارجة ويسمى هذا الصلح بالصلح المباشر، أوقد يتم هذا الصلح بتدخل من مفتش الشغل الذي يلعب دورا بارزا في تفعيل مقتضيات القانون الاجتماعي[40].
- التعويض عن طريق القضاء: هذا التعويض يمنح بموجب حكم قضائي[41] بعد اقتناع المحكمة بجدية الفصل، والتعويض الذي تحكم به محكمة الموضوع لا يعتبر من النظام العام بمعنى أن المحكمة تتقيد بالطلبات المرفوعة أمامها فقط ولا يمكن لها أن تبت في أكثر من ذلك.[42]
أناط المشرع المغربي مهمة تقديم الخدمات الاجتماعية لمجموعة من المؤسسات والأجهزة، هذه المؤسسات يجب أن تقوم بالدور المنوط بها من أجل تفادي معانات هذه الفئة المهمة داخل المجتمع، خاصة وأننا نرى فنانين ومؤلفين كبار ينتهي بهم المطاف بالمعانات النفسية والاجتماعية والصحية، فيكيف يعقل أن الفنان والمؤلف في أخر مشوراه الفني يلتجا إلى الاحسان العمومي بعدما أفنى شبابه في المجال، وعليه فيجب الاعتناء بها في الحياة والممات، خاصة أنه ضحى بالغالي والنفيس من أجل نشر ثقافة الفن وطنيا ودوليا، كما ساهم في التنمية وجسد الرأسمال اللامادي الثقافي وفق التوجهات والخطابات المكية أبرزها خطاب العرش لسنة 2014 المتعلق بالرأسمال اللامادي.
1/البطاقة الفنية.
تمنح السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة بموجب المادة 3 من قانون 68.16 بطاقة مهنية للفنان وفقا للمهن الفنية المشار أليها في المادة 2 أعلاه.
تمنح السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة بطاقة مهنية لتقني وإداري الأعمال الفنية.
تحدد شروط وأليات ومعايير منح وسحب البطاقتين بنص تنظيمي.
ويحق للإداريين والتقنيين الحاملين لبطاقة المركز السينمائي المغربي والخاضعين لبطاقة المركز السينمائي المغربي والخاضعين لمقتضيات القانون رقم 20.99 المتعلق بتظليم الصناعة السينماتوغرافية الصادرة بتنفيذه الظهير الشريف الحصول على بطاقة المعنية لتقني وأداري الأعمال الفنية قصد الاستفادة من مقتضيات هذا القانون ولاسيما ما يتعلق بالحماية الاجتماعية ومساطر المفاوضة الجماعية.[43]
2/المؤسسة الفنية.
يرتكز النشاط المهني للمؤسسة الفنية على:
- إنتاج أو ترويج العروض الفنية والتنسيق بين مكوناتها وتحمل كل تبعاتها المتعاقد عليها.
- تقديم العروض الفنية بفضاءات العرض المعدة أو التي يتم إعدادها لهذا الغرض.
- توزيع وتسويق المنتوج الفني الجاهز.
- استغلال الفضاءات لإعدادها وتهيئيها لتقديم العروض الفنية ولتنظيم المعارض الثقافية وكذا لكرائها للفرق والمجموعات الفنية لاستعماله.
- تنظيم الجولات للعروض الفنية الحية المنتجة من قبل الغير.[44]
يمنع تشغيل أي طفل دون سن الثامنة عشر، ممثلا أو مشخصا في العروض الفنية دون إدن مكتوب، يسلمه مسبقا مفتش الشغل، وذلك بعد موافقة كتابية، يسلمه مفتش الشغل، وذلك بعد موافقة كتابية، مصادق عليها، من ولي أمر الطفل وإشعار السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة والسلطة الحكومية المكلفة بالطفولة مع مراعات مقتضيات قانون إلزامية التعليم.
ويمنع تكليف أطفال دون سن الثامنة عشر بأداء ألعاب خطيرة أو أن يعهد إليهم بعروض تشكل خطرا على حياتهم أو صحتهم أو أخلاقهم.
يمنع تشغيل أطفال دون السادسة عشرة في أي عمل فني بين الحدية عشرة ليلا والسادسة صباحا طبقا لمقتضيات القوانين الجاري بها العمل.
خلافا لمقتضيات الفقرة السابقة أعلاه يمكن تشغيل الأطفال المتراوحة أعمارهم بين سن السادسة عشرة والثامنة عشرة. في أعمال فنية بين الحادية عشرة ليلا والسادسة صباحا بموجب إذن مكتوب يسلمه مسبقا مفتش الشغل وفق الكيفيات والشروط المشار إليها في المادة 23 أعلاه. مع إشعار المشغل للسلطة الحكومية المكلفة بالثقافة جهويا او إقليميا.
يمنع القيام بكل إشهار استغلالي يهدف إلى جلب الأطفال لتعاطي المهن الفنية من خلال إبراز طابعها المربح.[45]
4/ اشتغال الفنانين الأجانب.
يحق للفنانين وتقني وإداري الأعمال الفنية الأجانب المقيمين بالمغرب بصفة دائمة الحصول على بطاقة المهنية للفنان أو بطاقة تقني او إداري العروض الفنية شريطة التقيد بمقتضيات هذا القانون والقوانين الجاري بها العمل. ويخضعون للاقتطاعات المطبقة على الفنانين المغاربة وفق مقتضيات النص التنظيمي المشار إليه في المادة 20 من قانون 68.16.
يحق للفنانين وتقني وإداري الأعمال الفنية الأجانب غير المقيمين المرتبطين بعقود عمل محددة المدة. الاشتغال في الأعمال الفنية لصالح مؤسسة مغربية، بعد حصول المؤسسة المشغلة على رخصة مسلمة من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل وفق أحكام مدونة الشغل ووفق مقتضيات هذا القانون.[46]
5/ وكالة الخدمات الفنية.
تحدث وكالات الخدمات الفنية بعد حصولها على ترخيص من السلطة المكلفة بالتشغيل طبقا لأحكام المادة 492 من مدونة الشغل، وبعد استشارة السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالثقافة وبالاتصال، وتحدد كيفيات وشروط منح الترخيص وتجديده وسحبه بنص تنظيمي.[47]
6/ تمثليه الهيئات المهنية.
يحق لكل فنان أو تقني او إداري الأعمال الفنية، الذي تنطبق عليه أحكام هذا القانون، أن يؤسس أو يشارك في تأسيس أي هيئة تمثيلية مهنية أو أن ينظم إليها، كما يحق لكل مؤسسة فنية أن تحدث أو أن تضم لأي غرفة أو جمعية مهنية وفقا لمقتضيات القوانين الجاري بها العمل.
ويمكن لهيئتين فما فوق من الهيئات النقابية أو الغرف الجمعيات المهنية الفنية المشار إليها أعلاه، أن تشكل اتحادا فيما بينها، طبقا للقوانين الجاري بها العمل في هذا الصدد.
ويمكن لها أن تقوم تبعا لذلك، لقاء مقابل، بالتقرب والوساطة الفنية العاملة بالمسرح أو الموسيقى أو السنيما أو الدراما الإذاعية والتلفزيونية أو المهرجانات أو السيرك وما إلى ذلك من المؤسسات الفنية.[48]
3/صناديق التقاعد.
تشكل أنظمة التقاعد أهمية كبيرة في حماية المتقاعدين من الفقر والحاجة، وذلك من خلال توفير مصدر مالي لهم بعد انتهاء حياتهم المهنية، فالتقاعد هو مرحلة انتقالية في حياة الإنسان، حيث ينتقل من مرحلة العمل إلى مرحلة الراحة والاسترخاء، وفي هذه المرحلة يحتاج المتقاعد إلى مصدر مالي ثابت يمكنه من تأمين احتياجاته الأساسية، مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية، كما تساهم في تخفيف العبء على الدولة، حيث إنها توفر مصدرا ماليا للمتقاعدين، إذ تساعد في تحسين مستوى معيشة المتقاعدين، حيث إنها تضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم وتساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وذلك عبر تحفيز الادخار وزيادة الاستثمارات، فالشغل بصورة عامة أهم ظاهرة إنسانية، اجتماعية و اقتصادية، فهو يشكل عنصر أساسي من عناصر الحياة الإنسانية في جميع المجتمعات سواء القديمة أو الحديثة، نظرا لفاعلية العنصر البشري في بناء الاقتصاديات الحديثة، توجب على الدول البحث عن عناصر لترغيب و تشجيع العنصر البشري و ذلك عن طريق ضمان الحق في التقاعد ليتمكن من أن يسدد حاجياته عند نهاية الخدمة، فالإنسان يملك طاقة عقلية و عصبية محدودة تتناقص شيء فشيء مع مرور الزمن، حيث يصبح الفرد أكثر عرضة للأمراض المزمنة و التعب العقلي و الفكري و العضلي لذلك وجب عليه التوقف عن العمل نهائيا، مقابل الحصول على المعاش، ويعتبر هذا الأخير من أهم الأليات الذي يوفر الحماية الاجتماعية للعامل أو الموظف بصفة عامة وللفنان والمؤلف بصفة خاصة، ولذوي حقوقهم من جهة أخرى،[49] و يساهم نظام التقاعد في إعادة توزيع الثروات و الحفاظ على السلم الاجتماعي، وتوطيد مبدأ التضامن. ويتضمن قطاع التقاعد بالمغرب مجموعة من الصناديق التي سنقتصر على أهمها:
أ/ الصندوق الوطني للضمان ال اجتماعيCNSS: أنشئ سنة 1959والهدف من هذا النظام توفير الحماية الاجتماعية للأجراء، وهو يعتبر حق من حقوق الأنسان نصت عليه عدة مواثيق دولية، كالإعلان العالمي للحقوق الإنسان من خلال المادة [50]22 منه وكذلك اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 157 سنة 1982 في المادة الثانية منها.[51]
ب/ النظام الجماعي لمنح والرواتب التقاعد RCAR: أحدث بتاريخ 4 أكتوبر 1977، حيث يتوجه بخدماته لفائدة الأجراء الغير المرسمين والمؤقتين والمياومون والعرضين العاملين بالإدارات العمومية والمؤسسات العامة والجماعات الترابية والمستخدمين، ويقوم بتسييره صندوق الإيداع والتدبير.[52]
وعليه فصناديق التقاعد في المغرب من أهم الوسائل التي تساهم في تأمين حياة كريمة للفنان والمؤلف، خاصة وأنها تعتبر مؤسسات مالية تهدف إلى توفير دخل ثابت للمتقاعدين من الفانين والمؤلفين بعد انتهاء فترة عملهم، وتعتمد على تحصيل اشتراكات شهرية من العاملين خلال فترة عملهم، ومن هنا يأتي دور الحكومة في تحديث وتطوير نظام التقاعد لضمان استمراريته وتحقيق العدالة الاجتماعية لذا الفنانين والمؤلفين، وبالتالي لابد على الحكومة الاستثمار في مشاريع تنموية تعزز الاقتصاد الوطني وتزيد من فرص العمل لدى الفانين والمؤلفين، مما يساهم في دعمهم ماديا ومعنويا وصحيا، كما يمكن تشجيع الشركات الفنية على تقديم مزايا وحوافز لهم من أجل زيادة مساهماتهم في الصندوق، كما يجب الحكومة والمؤسسات المعنية العمل سويًا على وضع استراتيجيات فعالة لضمان استدامة صناديق التقاعد في المغرب، ويجب أن تكون هذه الاستراتيجيات شاملة ومتكاملة، تراعي تطورات السوق واحتياجات المتقاعدين من الفنانين والمؤلفين، وعلى الجميع أن يدركوا أهمية صناديق التقاعد في تأمين مستقبلهم المالي بعد التقاعد، وأن يساهموا بشكل فعال في دعم هذه الصناديق من خلال دفع اشتراكاتهم بانتظام، إن تحقيق التوازن بين الاستهلاك الحالي والادخار للمستقبل هو مفتاح الاستقرار المالي والاقتصادي للفنان والمؤلف والمجتمع على حد سواء.
صفوة القول:
تواجه تطبيق مبادئ التنمية المستدامة في المجال الفني والثقافي العديد من التحديات، منها قلة الدعم المالي للمشاريع الفنية والثقافية المستدامة، حيث يحتاج العديد من الفنانين والمثقفين والمؤلفين إلى تمويل لتحقيق أفكارهم وتطبيق مشاريعهم الفنية والثقافية، كما تشمل التحديات أيضاً عدم التوعية الكافية بأهمية التنمية المستدامة في المجال الفني والثقافي، مما يؤدي إلى قلة الاهتمام والدعم الاجتماعي لهذه القضية وعدم اتخاذها بجدية كبيرة، كما أن الوضعية المادية والصحية والنفسية جد متدهور لغالبية الفنانين والمؤلفين، وبالتالي لابد على الحكومة المغربية أن تقف على هذا الموضوع بحزم بهدف تنظيم المهن الفنية وتكريس الحق في الإبداع ممارسته والمساهمة في حماية الموروث الفني، وتثمينه والنهوض بالإنتاج الأدبي والفني في جميع أشكاله ومضامينه بما يدعم الثقافة الوطنية في تأصلها وانفتاحها، ويسهم في تحقيق التنمية الثقافية، كما لابد عليها أن تدعم الفنان والمؤلف ماديا ونفسيا وصحيا في حياته وتدعم عائلته ودويه بعد مماته، كما لابد من حماية الفنان والمؤلف وضمان حرياته المتفق عليها في المواثيق الدولية والوطنية كحرية التعبير الفني والثقافي، والحق في تكوين الجمعيات والنقابات والهيئات التي يعني موضوعها بالدفاع عن مصالح الفنان المهنية والاجتماعية والسمو بمكانته داخل المجتمع، والعمل على دعم قدرة الفنان على تحقيق العيش الكريم من خلال ممارسة نشاطه الفني، وحقه في التمتع بتأجير عادل ومنطقي مقابل استغلاله لإبداعه .
[1] -أنظر ظهير شريف رقم 1.16.116 صادر في 21 من ذي القعدة 1437(25 أغسطس 2016) بتنفيذه القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[2] - وداد العيدوني: الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية، مطبعة سيليكي الأخوين طنجة، الطبعة ال ثانية2019، ص28.
[3] -أنظر تقرير مجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: حول الحماية الاجتماعية بالمغرب واقع الحال والحصيلة وسبل تعزيز أنظمة الضمان والمساعدة الاجتماعية، الجمعية العامة 85، المنعقدة بتاريخ 26 أبريل 2017، ص 15.
[4]-أ- عبد الجليل عينوسي: شرح القانون الاجتماعي المغربي؛ الجزء الأول؛ تنظيم عقد الشغل، مطبعة دار القلم الرباط، طبعة 2016ـ2017.ص 3.
[5] - ظهير الشريف رقم 91.11.1، الصادر في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011).
[6] -أنظر دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في الفصل 154.
[7] - وهذا ما تم التنصيص عليه بمقتضى الفصل 27 من دستور 2011 المملكة المغربية “للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة حوزة الإدارة العمومية…............
[8] - أنظر ظهير شريف رقم 1.16.116 صادر في 21 من ذي القعدة 1437(25 أغسطس 2016) بتنفيذه القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[9] -أ- وداد العيدوني:" الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، ص 28 مرجع سابق.
[10] -أ- محمد محبوبي: مظاهر حماية الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2015، ص44.
[11] -أ- محمد سامي عبد الصادق: الوجيز في حقوق الملكية الفكرية، بدون ذكر المطبعة القاهرة، طبعة2002، ص56
[12] - المحاضرات هي الأحاديث التي تلقى على مجموعة من الطلاب أو الأشخاص في فرع معين من فروع العلم أو المعرفة.
[13] - الخطابات هي تلك الكلمات الملقاة علنا على جمع من الأفراد كخطب رجال السياسة.
[14] - المواعظ فهي الأدعية والخطب الدينية التي تهدف إلى الارتقاء بالنفس البشرية والوصول بها إلى درجة الرفعة والكمال.
[15] -أ- وداد العيدوني: مرجع سابق، ص96.
[16] -أ- محمد سامي عبد الصادق، مرجع سابق، ص59.
[17] -أ- بلال محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، ص95.
[18] -أ- مصطفى أسوباي: اتفاقية برن وتأصيل الحماية القانونية للمصنفات الأدبية والفنية، مقال منشور بالمجلة المغربية الالكترونية القانون والأعمال الدولية المعتمدة.
[19] -عرف المشرع المغربي المصنف المشتق بموجب الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم2.00 كما عدل وتمم بأنه:” هو كل إبداع جديد تم تصوره وإنتاجه انطلاقا من مصنف موجود من قبل أو مصنفات موجودة من قبل.
[20] -أ- بلال محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، مرجع سابق، ص72.
[21] مصطفى أسوباي: اتفاقية برن وتأصيل الحماية القانونية للمصنفات الأدبية والفنية، مرجع سابق.
[22] -أ- سامر محمود الذلالعة: مرجع سابق، ص6.
[23] -أ- ايدي صليحة، زادية وردية، الحق الأدبي للمؤلف، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق فرع القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية عبد الرحمان ميرة بجاية، ال سنة2015-2016، ص3.
[24] -أ- بلال محمود عبد الله، مرجع سابق، ص176.
[25] -أ- عبد الله بن مهيدي: الحماية الجزائية للمصنفات الرقمية، مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق تخصص القانون الجنائي للأعمال، كلية العلوم القانونية والسياسية العربي بن مهيدي أم البواقي، ص22.
[26] -أ- محمد محبوبي، مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2015، ص23.
[27] - النسخ هو صنع نسخة أو أكثر من أي مصنف بأي طريقة أو بأي شكل كان بما في ذلك التسجيل الدائم أو المؤقت على أسطوانات او أشرطة أو أقراص أو ذاكرة إلكترونية.
[28] -أ- وداد العيدوني، مرجع سابق، ص157.
[29] -أ- محمود عبد الله، مرجع سابق، ص39.
[30] - الفقرة الثالثة من المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن.
[31] - الفقرة الرابعة من المادة 15من اتفاقية برن.
[32] -أ- سلوى جميل أحمد حسن: الحماية الجنائية للملكية الفكرية، مركز الدراسات العربية، الطبعة الأولى 2016، ص170.
[33] -أ- بوزيد صدام: حماية حقوق المؤلف على شبكة الانترنت، مذكرة لنيل شهادة الماستر في قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية المسيلة، ص61.
[34] -أنظر قانون الالتزامات والعقود الذي أقر في الفصل 750.
[35] - أنظر ظهير 1963المتعلق بحوادث الشغل.
[36] - أنظر لمسطرة الاستفادة من التعويض عن حوادث الشغل في ظل القانون 12.18.
[37] -أ- الزياني عبد البارئ: حماية الأجير بين الواقع والقانون، مقال منشور بالمجلة الالكترونية المعتمدة القانون والأعمال الدولية.
[38] - أنظر ظهير شريف رقم 1.16.116 صادر في 21 من ذي القعدة 1437(25 أغسطس 2016) بتنفيذه القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية، المادة 21.
[39] -أ- أحمد حميوي: الوسيط في قانون الشغل المغربي – علاقات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل وأراء الفقه وأحكام القضاء – الجزء الأول، الطبعة الأولى 2013
[40] -أ- عزيز فرفاش: مفتشية الشغل وحماية الأجراء، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص _ جامعة عبد المالك السعدي بطنجة _ السنة الدراسية 2010 / 2011، ص: 49.
[41] - تجدر الإشارة إلى أن الدعاوى في نزاعات الشغل تتقادم بمرور سنتين من تاريخ وقوع الفصل.
[42]-أ- زكرياء المرابط ، يوسف الحمدوني : مظاهر حماية الأجير في مدونة الشغل – مقال منشور بالموقع الإلكتروني www.marocdroit.com .
[43] -أنظر المادة 3 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[44] - أنظر المادة 4 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[45] - أنظر المادة 23 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[46] - أنظر المادة 29 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[47] - أنظر المادة 33 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[48] - أنظر المادة 4 من القانون 68.16 المتعلق بالفنان والمهن الفنية.
[49] -أ- يوسف الماموني، محمد العسري: أسس الحماية الاجتماعية، عرض ألقي أمام طلبة ماستر قانون المقاولة وحدة الحماية الاجتماعية، تحت إشراف أستاذ عبد الجليل عينوسي، جامعة محمد الخامس سويسي الرباط، موسم 2019/2020.
[50] - نصت المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “لكل شخص بصفته عضو في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية…”..
[51] - عبد اللطيف كرزي: الوجيز في القانون الاجتماعي، مطبعة قرطوبة، الطبعة الأولى 2017، ص:192.
[52] - أ- حسن المرضي: النظرية العامة لأنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية، دراسة عامة على ضوء إصلاحات أنظمة التقاعد، مطبعة بني ازناسن سلا-المغرب، دون ذكر سنة النشر.