اذا كان المضاد الحيوي عبارة عن مادة مركبة تقتل أو تعيق نمو الجراثيم أو الفيروسات، واستخدامها للعلاج، كما أن تسميتها راجعة للعالم واكسمان wakssman سنة 1942، باعتبارها وصفا لأي مادة تنتجها كائنات حية دقيقة تعاكس نمو الكائنات الدقيقة الأخرى في وسط مخفف جدا، وعلاقة بالوباء المتفشي حاليا بالعالم تحت اسم فيروس كورونا الذي صنفته منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 "بالجائحة" 2019-20 والذي يمس بشكل مباشرة المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة(SARS-CoV-2)، وأطلق عليه اسم cov-19، كما انه لم يوجد له علاج إلى حدود كتابة هاته الأسطر.
مما حذا بالعديد من الدول لاتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشار هذا الوباء الفتاك التي منها المملكة المغربية .
فأمام هذا المنطلقات العلمية و العملية كان لزاما أن تقوم كل المنتظمات الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية بحث جميع الدول للرفع من منسوب يقظتها لمجابهة عدو غير مرئي لا يرحم، مما حذا بالمغرب ليكون من الدول الأولى القلائل التي نهجت سياسة إستباقية لتطويق إنتشار هذا الفيروس المستجد بدءا من إغلاق الحدود مرورا لتطويق الحالات الوافدة الحاملة للفايروس وصولا لرصد المخالطين وغيرها من الإجراءات القوية ذات الطابع الاحترازي.
هذا الذي مكنها وفي وقت وجيز أن تصدر رمزة من النصوص التنظيمية و الإجرائية مسابقة عقارب الزمن للإعلان عن حالة الطوارئ بموجب المرسوم رقم 2.20.293 الصادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية لسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد19 بموجب المادة الأولى منه وذلك إلى غاية يوم 20 أبريل في الساعة السادسة مساء الذي أوجب بموجبه إعطاء السلطات العمومية المعنية إتخاذ تدابير من أجل :
أ- عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع
عدم مغادرة الاشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات
الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية؛
ب- منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى التالية:
- التنقل من محل السكنى إلى مقرات العمل، ولا سيما في المرافق العمومية الحيوية والمقاولات الخاصة والمهن الحرة في القطاعات
والمؤسسات الأساسية المحددة بقرارات للسلطات الحكومية
المعنية، مع مراعاة الضوابط التي تحددها السلطات الادارية المعنية من أجل ذلك ؛
- التنقل من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية المعيشة،
بما في ذلك اقتناء الأدوية من الصيدليات ؛
- التنقل من أجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحاليل الطبية ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها من
المؤسسات الصحية، لأغراض التشخيص والاستشفاء والعالج؛
- التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة، أو في حاجة إلى الإغاثة.
ج- منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، ويستثنى من هذا المنع الاجتماعات التي تنعقد لأغراض مهنية، مع مراعاة التدابير الوقائية المقررة من قبل السلطات الصحية؛
د- إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة، ولا يمكن فتح هذه المحلات والمؤسسات من قبل أصحابها إلا لأغراضهم الشخصية فقط.
بالإضافة لتدعيم كل ما تمت الإشارة إليه سالفا بمقتضيات تشريعية ذات طبيعة آمرة وزجرية وخاصة مقتضيات المادة الرابعة من المرسوم رقم 292.20.2 الصادر بتاريخ 24/03/2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ والذي جاء فيه :" یجب على كل شخص یوجد في منطقة من المناطق التي أعلنت فیھا حالة الطوارئ الصحیة، التقید بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومیة المشار إلیھا في المادة الثالثة أعلاه.
یعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس من شھر إلى ثلاثة أشھر وبغرامة تتراوح بین 300 و 1300 درھم أو بإحدى ھاتین العقوبتین، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائیة الأشد.
یعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفیذ قرارات السلطات العمومیة المتخذة تطبیقا لھذا المرسوم بقانون، عن طریق العنف أو التھدید أو التدلیس أو الاكراه، وكل من قام بتحریض الغیر على مخالفة القرارات المذكورة في ھذه الفقرة، بواسطة الخطب أو الصیاح أو التھدیدات المفوه بھا في الأماكن أو الإجتماعات العمومیة، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبیعة أو الموزعة أو المعروضة للبیع أو المعروضة في الأماكن أو الإجتماعات العمومیة، أو بواسطة الملصقات المعروضة علىً أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعیة البصریة أو الإكترونیة، وأي وسیلة أخرى ستعمل لھذا الغرض دعامة إلكترونیة".
الشئ الذي يجعل من هاته المقتضيات المشار إليها بمثابة أرضية تشريعية مسعفة لفرض الامتثال لضوابط حالة الطوارئ الصحية على كل المخالفين لها متى تم ضبطهم بمناسبة إرتكابها .
هذا الذي يفرض معه طرح العديد من الإشكالات ذات الصلة بكيفية إنزال هذه النصوص ومدى ملائمتها للمنظومة الجنائية من جهة ؟ ومدى الحاجة لسن نصوص زاجرة في الوقت الذي تزخر فيه مجموعة القانون الجنائي بنصوص قد تفي بالغرض والحالة هاته وخاصة مقتضيات الفصل 300 من القانون الجنائي المتعلق بجريمة العصيان الذي نص على أنه :
"كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا.
والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه".
وكذا الفصل 302 الذي نص على أن :"جريمة العصيان التي تقع من أكثر من شخصين مجتمعين يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم.
ويكون الحبس من سنتين إلى خمس والغرامة من مائتين إلى ألف درهم إذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة.
أما إذا وجد أحد الأشخاص حاملا لسلاح غير ظاهر، فإن العقوبة المقررة في الفقرة السابقة تطبق عليه وحده " .
بالإضافة للنقاش الدائر حول إمكانية الاستناد للفصل 308 من نفس القانون الذي أجده مستبعدا طالما أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الطوارئ قد تطرقت بشكل واضح و دقيق للحالة التي تتم فيها عرقلة تنفيد مقررات أمرت بها السلطة العمومية طالما أن الفصل 308 لا يتضمن عقوبات أشد حتى يتم الاستكانة اليه .
أعتقد على أن المشرع كان جد موفق حينما نص صراحة على جريمة مخالفة حالة الطوارئ الصحية كجريمة مستقلة الأركان عن غيرها من الجرائم من جهة بتعريجه على ما الحالات المشروعة التي يسمح فيها القانون بالتمتع بحقهم في التنقل أو مغادرة محل سكناهم دون إيكالها لأي جهة كانت مع إسناد السلطات العامة اتخاذ كل التدابير بما في ذلك التدابير الوقائية لحسن تنزيل مرسوم القانون أعلاه .
ومن جهة أخرى حسنا فعل عندها أعطى امكانية مراعاة الجريمة الأشد في حالة وقوعها أو مصاحبتها للجريمة الاصلية في حالة تعدد الجرائم .
مع تمكين القضاء صلاحية الخيار بحسب الظروف والملابسات من سلطة تقديرية للزجر وإنزال العقاب بتخييره بين الحبس و الغرامة أو هما معا .
بيد أن التنصيص على هذه الجريمة بمقتضى القانون الجديد لا يمكن أن يحمل على كون المنظومة الجنائية غير كافية للتصدي لمثل هاته الجرائم بقدر ما هو تتميم تشريعي لفعل كان بالأمس القريب حقا فاضحى بفترة الطوارئ المعلن عنها جريمة تأسيسا القاعدة الفقهية المأثورة بالمجال الجنائي.
واقعية الفعل من واقعية الجريمة
إذ لا يستساغ عقلا أو نقلا أن تكون القاعدة القانونية غائبة في مشهد يهتز له مفهوم النظام العام الصحي أو ما يمكن تسميته بالأمن الصحي العام أو حتى تأخرها بعدم مواكبتها لما تشهده الصحة العامة من تهديد مباشر لإنتشار فيروس عجزت عن التصدي له مراكز الأبحاث البيولوجية و الفيروسية لإيجاد مصل له.
فإذا كانت الالة المخبرية لم تتوصل بعد لإيجاد لقاح فعال يقضي بشكل نهائي عن إنتشاره أو على الأقل الحد من إنتشاره.
فإن الآلة التشريعية سرعان ما لبت نداء توصيات منظمة الصحة العالمية وتوصيات وزارة الصحة المتمثلة في ضرورة فرض الحجز الصحي المنزلي و حضر للتجول و التنقل للأفراد وكذا منع كل التجمعات لما أضحى يشكله العنصر البشري في ممارسته لحقه في التنقل و التجوال خطرا على نفسه وغيره كأنه أداة مساعدة على تفشي الوباء بواسطة نقله للغير واصابته من الغير .
هاته الاستجابة التشريعية كان لزاما أن تترجم على شكل نصوص قانونية قادرة على توفير مناخ آمن و معقم من خلال إعادة النظر في مفهوم الحرية الكتسبة للتنقل والتجوال وعلاقتها بالصحة العامة و الأمن الصحي بمفهومه القومي بتغليب المصلحة العليا لجميع المواطنين عن المصالح الخاصة واطلاق العنان لقيام مفهوم النظام العام الصحي كبديل تشريعي مؤقت أملته الضرورة القصوى لمجابهة فيروس بتقوى عن طريق البشر بالانتشار حفاظا على صحة المواطنين وسلامتهم مما أدى لا محالة لفرض حدود مرسومة تشريعيا لتنقل المواطنين و الذي بطبيعة الحال لم ولن يكون غاية بحد ذاته بقدر ما هو آلية من بين العديد من الآليات المقررة لحفظ ما هو أثمن ألا وهو الصحة العامة لكل المغاربة.
كل ذلك يجعلنا نعيد التفكير في معالم الجريمة الكلاسيكية بزمن وباء كورونا، وخاصة إذا ما تنبهنا على أن مرتكب الفعل المخالف لحالة الطوارئ لأول مرة يجمع بين كل الصفات المتعارف عليها بالفقه القانوني الجنائي إذ أن مرتكب الجريمة قد يكون إما فاعلا أصليا أومشاركا أومساهما إلا أنه و الحالة هاته كما قلنا نجده قد يجمع بين كل تلك الصفات بنفس الوقت في خروج تام للقواعد العامة و يتحقق ذلك من خلال تصوره :
١- فاعلا أصليا في مواجهة نفسه من خلال عدم اتخاذه شروط السلامة الصحية و الحجر المنزلي مما قد يعرض نفسه لخطر الاصابة،
٢- و مساهما في مواجهة غيره أي أن مخالفة قد تنطوي على إمكانية نقله لذويه وللغير،
٣- ومشاركا في مواجهة الفيروس بسخير جسده بشكل غير مباشر أو نقصود كأداة ناقلة للأغيار.
الشئ الذي يؤدي بالتبعية لتضخم مفهوم الضرر اللاحق في مواجهة نفسه وغيره من محيطه الخاص سواءا تعلق الأمر بعائلته أو ذويبه وكذا بالمجتمع ككل
بيد أن ظاهر السلوك الخارجي قد ينطوي على مجرد مخالفة بسيطة لقواعد السلوك الإنساني المتمثل في الحق في حرية التجول الذي يصبح جريمة قائمة الذات متى وقع ذلك خارجا عن ما تم السماح به قانونا بحسب ما سبق الإشارة اليه .
هذا بالإضافة أن هذا الفعل يعتبر مرتكبه في حالة تلبس اي أنه يقع تحت طائلة مقتضيات المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية الذي نص على أنه:
“تتحقق حالات التلبس :
أولا: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها.
ثانيا: إذا كان الفاعل أثناء مازال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها.
ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي أو وجد عليه أثر أو علامات تثبت هذه المشاركة.
ويعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة، إذا إلتمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية معاينتها”.
ويتضح من النص أعلاه أن التلبس وصف واقعي يتعلق بموضوع الجريمة ولا ينصرف إلى شخص الفاعل، وهو يتضح من خلال مظاهر مادية محسوسة يمكن معاينتها وتتحقق بضبط مرتكب الفعل مخالفة للقواعد و النظم المقررة بموجب قانون الطوارئ الصحية من قبل ضباط الشرطة القضائية بصفتهم هاته سواء كانوا ممثلين للسلطة العمومية أو ضباط شرطة قضائية المنتمين لسلك الشرطة أو الأمن الوطني أو الدرك الملكي أو حتى من مساعديهم متى توفرت لهم الصفة، والتي تكون هي الصورة الأكثر بروزا في الجريمة الوبائية المتعلق بخرق نظام الطوارئ ،هذا الذي يميزها عن غيرها من الجرائم التي قد نتصور فيها قيام حالة التلبس بباقي صورها كإمكانية مطاردته من قبل الجمهور .
الشئ الذي ينضاف كمعيار مؤثر للتمييز بين خصوصية الجريمة الوبائية إن صح التعبير عن غيرها من الجرائم العادية دون إغفال إمكانية تحقق حالة التلبس ببعض الصور الأخرى التي قد تتحقق عن طريق مشاهدتها وملاحظتها من قبل العموم كما هو الحال في فعل التحريض على مخالفة قانون الطوارئ بواسطة الوسائط الإجتماعية ببث تسجيلات صوتية أو مقاطع فيديو يحث فيها المرتكب على العصيان أو مخالفة المقتضيات المشار إليها سالفا
وبذلك فإن وقوع الجريمة على مرأى ومسمع من ضابط الشرطة القضائية أو جمهور الناس بواسطة التسجيلات الصوتية أو المرئية، أو ضبطها بعد وقوعها بزمن يسير، يجيز لمنح السلطة العمومية صلاحية التدخل المباشر لصيانة وحفظ نفاذ القانون بضبط المعني بالأمر مع الاشعار الفوري للنيابة العامة لترتيب الآثار القانونية .
وقد تتعدد الصور لتطال حتى الأشخاص الذين قد يقدمون للمخالفين مساعدات إما بتوفير وسائل الفرار أو أماكن للإيواء في حالته تلك أو حتى استعمال التدليس بإدعاءات كاذبة للتملص من المسؤولية الجنائية .
وبالتأمل في ما جاد به المشرع من خلال صناعته للنص الجنائي السالف الذكر أي مقتضيات المادة الرابعة من القانون الخاص بأحكام حالة الطوارئ الصحية يمكن القول على المشرع المغربي أبان على قدرته في مواكبة التطوارات الوبائية لفيروس كرونا -19 وتكييفه مع كل التطورات الصحية
مما يحذوا للقول أن القاعدة القانونية لا يمكن النظر إليها من منظور أدبي أو علمي بحت بقدر ما أنها في موطإ يجعلها بين المنزلتين .
الشئ الذي دفعنا لا محالة لإقتباس مفاهيم علمية أو طبية لمحاولة النيل أو الاقتراب لتحقق المعنى بالقول على أن قانون حالة الطوارئ بالمغرب بمثابة مضاد تشريعي جنائي يجابه وباء فيروس كورونا 19وآلية قانونية لكبح إنتشاره، فإذا كانت وظيفة المضادات الحيوية إما القضاء على الفايروسات و الجراثيم أو الحد من انتشارها فإن قانون 2.20.293 لا يقل أهمية عنه بكونه مصل تشريعي مضاد للجريمة الوبائية لفيروس كورونا كوفيد 19 ، هدفه الاول والأخير محاولة إبطاء إنتشار الفيروس عن طريق الحد من تنقل المواطنين الذين أكدت كل المعامل المخبرية عبر العالم أن قوته الأولى والاخيرة هي في الانتشار الواسع بين البشر مستغلا تقاربهم فيما بين بعضهم البعض وتجمعاتهم، وكأنه ينظر للإنسان كأداة ناقلة توفر له كل شروط الإستمرارية والبقاء، هذا بالإضافة إلى أن كل المؤسسات الساهرة على تطبيق هذا القانون عملت على تسخير ما في وسعها لحسن تنزيله بدءا من عملية التعوية وصولا للمساطر القضائية التي وصل فيها عدد المخالفين لقانون الطوارئ بأسبوع واحد ما يناهز 1462 شخص بعموم التراب الوطني بحسب ما تم الإعلان عنه من الجهات الرسمية لرئاسة النيابة العامة
الذي إن دل يدل على أمرين :
اولهما : أن هذا الرقم المعلن عنه يظل بسيطا جدا اذا ما قارناه مع معدل الكثافة السكانية بالمغرب الذي يصل بنحو 35.5 مليون نسمة، بحسب الإحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 .
هذا إن دل فإنه يدل على منسوب الوعي المجتمعي للمواطن المغربي وإصطفافه إلى جانب كل المؤسسات العاملة بالصفوف الأولى وغيرها حفاظا على الصحة العامة وترسيخ جاد لقيم المواطنة في فترة يمر منها العالم بأسره لمواجهة فيروس cov-19 .
ثانيهما : على التعاطي الجاد و الصارم لمؤسسة رئاسة النيابة العامة والى جانبها كل أعضاء السلطة القضائية وباقي سلط الدولة في التعاطي مع مخالفي حالة الطوارئ وعدم التهاون مع كل من يهدد سلامة وصحة المواطنين
وفي الاخير لابد للقول على أن المجابهة الحقيقية المعول عليها في محاربة تفشي وباء كورونا كوفيد 19 هو ترسيخ قيم المواطنة الحقة القائمة على التضامن والانضباط لكل التوجيهات المعلن عنها من قبل السلطات العامة المعنية، لمحاولة خلق وتقوية مناعة وطن بكل مؤسساته و أفراده وجماعاته تجاه عدو واحد على أمل القضاء عليه.
مما حذا بالعديد من الدول لاتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشار هذا الوباء الفتاك التي منها المملكة المغربية .
فأمام هذا المنطلقات العلمية و العملية كان لزاما أن تقوم كل المنتظمات الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية بحث جميع الدول للرفع من منسوب يقظتها لمجابهة عدو غير مرئي لا يرحم، مما حذا بالمغرب ليكون من الدول الأولى القلائل التي نهجت سياسة إستباقية لتطويق إنتشار هذا الفيروس المستجد بدءا من إغلاق الحدود مرورا لتطويق الحالات الوافدة الحاملة للفايروس وصولا لرصد المخالطين وغيرها من الإجراءات القوية ذات الطابع الاحترازي.
هذا الذي مكنها وفي وقت وجيز أن تصدر رمزة من النصوص التنظيمية و الإجرائية مسابقة عقارب الزمن للإعلان عن حالة الطوارئ بموجب المرسوم رقم 2.20.293 الصادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية لسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد19 بموجب المادة الأولى منه وذلك إلى غاية يوم 20 أبريل في الساعة السادسة مساء الذي أوجب بموجبه إعطاء السلطات العمومية المعنية إتخاذ تدابير من أجل :
أ- عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع
عدم مغادرة الاشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات
الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية؛
ب- منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى التالية:
- التنقل من محل السكنى إلى مقرات العمل، ولا سيما في المرافق العمومية الحيوية والمقاولات الخاصة والمهن الحرة في القطاعات
والمؤسسات الأساسية المحددة بقرارات للسلطات الحكومية
المعنية، مع مراعاة الضوابط التي تحددها السلطات الادارية المعنية من أجل ذلك ؛
- التنقل من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية المعيشة،
بما في ذلك اقتناء الأدوية من الصيدليات ؛
- التنقل من أجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحاليل الطبية ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها من
المؤسسات الصحية، لأغراض التشخيص والاستشفاء والعالج؛
- التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة، أو في حاجة إلى الإغاثة.
ج- منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، ويستثنى من هذا المنع الاجتماعات التي تنعقد لأغراض مهنية، مع مراعاة التدابير الوقائية المقررة من قبل السلطات الصحية؛
د- إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة، ولا يمكن فتح هذه المحلات والمؤسسات من قبل أصحابها إلا لأغراضهم الشخصية فقط.
بالإضافة لتدعيم كل ما تمت الإشارة إليه سالفا بمقتضيات تشريعية ذات طبيعة آمرة وزجرية وخاصة مقتضيات المادة الرابعة من المرسوم رقم 292.20.2 الصادر بتاريخ 24/03/2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ والذي جاء فيه :" یجب على كل شخص یوجد في منطقة من المناطق التي أعلنت فیھا حالة الطوارئ الصحیة، التقید بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومیة المشار إلیھا في المادة الثالثة أعلاه.
یعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس من شھر إلى ثلاثة أشھر وبغرامة تتراوح بین 300 و 1300 درھم أو بإحدى ھاتین العقوبتین، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائیة الأشد.
یعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفیذ قرارات السلطات العمومیة المتخذة تطبیقا لھذا المرسوم بقانون، عن طریق العنف أو التھدید أو التدلیس أو الاكراه، وكل من قام بتحریض الغیر على مخالفة القرارات المذكورة في ھذه الفقرة، بواسطة الخطب أو الصیاح أو التھدیدات المفوه بھا في الأماكن أو الإجتماعات العمومیة، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبیعة أو الموزعة أو المعروضة للبیع أو المعروضة في الأماكن أو الإجتماعات العمومیة، أو بواسطة الملصقات المعروضة علىً أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعیة البصریة أو الإكترونیة، وأي وسیلة أخرى ستعمل لھذا الغرض دعامة إلكترونیة".
الشئ الذي يجعل من هاته المقتضيات المشار إليها بمثابة أرضية تشريعية مسعفة لفرض الامتثال لضوابط حالة الطوارئ الصحية على كل المخالفين لها متى تم ضبطهم بمناسبة إرتكابها .
هذا الذي يفرض معه طرح العديد من الإشكالات ذات الصلة بكيفية إنزال هذه النصوص ومدى ملائمتها للمنظومة الجنائية من جهة ؟ ومدى الحاجة لسن نصوص زاجرة في الوقت الذي تزخر فيه مجموعة القانون الجنائي بنصوص قد تفي بالغرض والحالة هاته وخاصة مقتضيات الفصل 300 من القانون الجنائي المتعلق بجريمة العصيان الذي نص على أنه :
"كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا.
والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه".
وكذا الفصل 302 الذي نص على أن :"جريمة العصيان التي تقع من أكثر من شخصين مجتمعين يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم.
ويكون الحبس من سنتين إلى خمس والغرامة من مائتين إلى ألف درهم إذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة.
أما إذا وجد أحد الأشخاص حاملا لسلاح غير ظاهر، فإن العقوبة المقررة في الفقرة السابقة تطبق عليه وحده " .
بالإضافة للنقاش الدائر حول إمكانية الاستناد للفصل 308 من نفس القانون الذي أجده مستبعدا طالما أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون الطوارئ قد تطرقت بشكل واضح و دقيق للحالة التي تتم فيها عرقلة تنفيد مقررات أمرت بها السلطة العمومية طالما أن الفصل 308 لا يتضمن عقوبات أشد حتى يتم الاستكانة اليه .
أعتقد على أن المشرع كان جد موفق حينما نص صراحة على جريمة مخالفة حالة الطوارئ الصحية كجريمة مستقلة الأركان عن غيرها من الجرائم من جهة بتعريجه على ما الحالات المشروعة التي يسمح فيها القانون بالتمتع بحقهم في التنقل أو مغادرة محل سكناهم دون إيكالها لأي جهة كانت مع إسناد السلطات العامة اتخاذ كل التدابير بما في ذلك التدابير الوقائية لحسن تنزيل مرسوم القانون أعلاه .
ومن جهة أخرى حسنا فعل عندها أعطى امكانية مراعاة الجريمة الأشد في حالة وقوعها أو مصاحبتها للجريمة الاصلية في حالة تعدد الجرائم .
مع تمكين القضاء صلاحية الخيار بحسب الظروف والملابسات من سلطة تقديرية للزجر وإنزال العقاب بتخييره بين الحبس و الغرامة أو هما معا .
بيد أن التنصيص على هذه الجريمة بمقتضى القانون الجديد لا يمكن أن يحمل على كون المنظومة الجنائية غير كافية للتصدي لمثل هاته الجرائم بقدر ما هو تتميم تشريعي لفعل كان بالأمس القريب حقا فاضحى بفترة الطوارئ المعلن عنها جريمة تأسيسا القاعدة الفقهية المأثورة بالمجال الجنائي.
واقعية الفعل من واقعية الجريمة
إذ لا يستساغ عقلا أو نقلا أن تكون القاعدة القانونية غائبة في مشهد يهتز له مفهوم النظام العام الصحي أو ما يمكن تسميته بالأمن الصحي العام أو حتى تأخرها بعدم مواكبتها لما تشهده الصحة العامة من تهديد مباشر لإنتشار فيروس عجزت عن التصدي له مراكز الأبحاث البيولوجية و الفيروسية لإيجاد مصل له.
فإذا كانت الالة المخبرية لم تتوصل بعد لإيجاد لقاح فعال يقضي بشكل نهائي عن إنتشاره أو على الأقل الحد من إنتشاره.
فإن الآلة التشريعية سرعان ما لبت نداء توصيات منظمة الصحة العالمية وتوصيات وزارة الصحة المتمثلة في ضرورة فرض الحجز الصحي المنزلي و حضر للتجول و التنقل للأفراد وكذا منع كل التجمعات لما أضحى يشكله العنصر البشري في ممارسته لحقه في التنقل و التجوال خطرا على نفسه وغيره كأنه أداة مساعدة على تفشي الوباء بواسطة نقله للغير واصابته من الغير .
هاته الاستجابة التشريعية كان لزاما أن تترجم على شكل نصوص قانونية قادرة على توفير مناخ آمن و معقم من خلال إعادة النظر في مفهوم الحرية الكتسبة للتنقل والتجوال وعلاقتها بالصحة العامة و الأمن الصحي بمفهومه القومي بتغليب المصلحة العليا لجميع المواطنين عن المصالح الخاصة واطلاق العنان لقيام مفهوم النظام العام الصحي كبديل تشريعي مؤقت أملته الضرورة القصوى لمجابهة فيروس بتقوى عن طريق البشر بالانتشار حفاظا على صحة المواطنين وسلامتهم مما أدى لا محالة لفرض حدود مرسومة تشريعيا لتنقل المواطنين و الذي بطبيعة الحال لم ولن يكون غاية بحد ذاته بقدر ما هو آلية من بين العديد من الآليات المقررة لحفظ ما هو أثمن ألا وهو الصحة العامة لكل المغاربة.
كل ذلك يجعلنا نعيد التفكير في معالم الجريمة الكلاسيكية بزمن وباء كورونا، وخاصة إذا ما تنبهنا على أن مرتكب الفعل المخالف لحالة الطوارئ لأول مرة يجمع بين كل الصفات المتعارف عليها بالفقه القانوني الجنائي إذ أن مرتكب الجريمة قد يكون إما فاعلا أصليا أومشاركا أومساهما إلا أنه و الحالة هاته كما قلنا نجده قد يجمع بين كل تلك الصفات بنفس الوقت في خروج تام للقواعد العامة و يتحقق ذلك من خلال تصوره :
١- فاعلا أصليا في مواجهة نفسه من خلال عدم اتخاذه شروط السلامة الصحية و الحجر المنزلي مما قد يعرض نفسه لخطر الاصابة،
٢- و مساهما في مواجهة غيره أي أن مخالفة قد تنطوي على إمكانية نقله لذويه وللغير،
٣- ومشاركا في مواجهة الفيروس بسخير جسده بشكل غير مباشر أو نقصود كأداة ناقلة للأغيار.
الشئ الذي يؤدي بالتبعية لتضخم مفهوم الضرر اللاحق في مواجهة نفسه وغيره من محيطه الخاص سواءا تعلق الأمر بعائلته أو ذويبه وكذا بالمجتمع ككل
بيد أن ظاهر السلوك الخارجي قد ينطوي على مجرد مخالفة بسيطة لقواعد السلوك الإنساني المتمثل في الحق في حرية التجول الذي يصبح جريمة قائمة الذات متى وقع ذلك خارجا عن ما تم السماح به قانونا بحسب ما سبق الإشارة اليه .
هذا بالإضافة أن هذا الفعل يعتبر مرتكبه في حالة تلبس اي أنه يقع تحت طائلة مقتضيات المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية الذي نص على أنه:
“تتحقق حالات التلبس :
أولا: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها.
ثانيا: إذا كان الفاعل أثناء مازال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها.
ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي أو وجد عليه أثر أو علامات تثبت هذه المشاركة.
ويعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة، إذا إلتمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية معاينتها”.
ويتضح من النص أعلاه أن التلبس وصف واقعي يتعلق بموضوع الجريمة ولا ينصرف إلى شخص الفاعل، وهو يتضح من خلال مظاهر مادية محسوسة يمكن معاينتها وتتحقق بضبط مرتكب الفعل مخالفة للقواعد و النظم المقررة بموجب قانون الطوارئ الصحية من قبل ضباط الشرطة القضائية بصفتهم هاته سواء كانوا ممثلين للسلطة العمومية أو ضباط شرطة قضائية المنتمين لسلك الشرطة أو الأمن الوطني أو الدرك الملكي أو حتى من مساعديهم متى توفرت لهم الصفة، والتي تكون هي الصورة الأكثر بروزا في الجريمة الوبائية المتعلق بخرق نظام الطوارئ ،هذا الذي يميزها عن غيرها من الجرائم التي قد نتصور فيها قيام حالة التلبس بباقي صورها كإمكانية مطاردته من قبل الجمهور .
الشئ الذي ينضاف كمعيار مؤثر للتمييز بين خصوصية الجريمة الوبائية إن صح التعبير عن غيرها من الجرائم العادية دون إغفال إمكانية تحقق حالة التلبس ببعض الصور الأخرى التي قد تتحقق عن طريق مشاهدتها وملاحظتها من قبل العموم كما هو الحال في فعل التحريض على مخالفة قانون الطوارئ بواسطة الوسائط الإجتماعية ببث تسجيلات صوتية أو مقاطع فيديو يحث فيها المرتكب على العصيان أو مخالفة المقتضيات المشار إليها سالفا
وبذلك فإن وقوع الجريمة على مرأى ومسمع من ضابط الشرطة القضائية أو جمهور الناس بواسطة التسجيلات الصوتية أو المرئية، أو ضبطها بعد وقوعها بزمن يسير، يجيز لمنح السلطة العمومية صلاحية التدخل المباشر لصيانة وحفظ نفاذ القانون بضبط المعني بالأمر مع الاشعار الفوري للنيابة العامة لترتيب الآثار القانونية .
وقد تتعدد الصور لتطال حتى الأشخاص الذين قد يقدمون للمخالفين مساعدات إما بتوفير وسائل الفرار أو أماكن للإيواء في حالته تلك أو حتى استعمال التدليس بإدعاءات كاذبة للتملص من المسؤولية الجنائية .
وبالتأمل في ما جاد به المشرع من خلال صناعته للنص الجنائي السالف الذكر أي مقتضيات المادة الرابعة من القانون الخاص بأحكام حالة الطوارئ الصحية يمكن القول على المشرع المغربي أبان على قدرته في مواكبة التطوارات الوبائية لفيروس كرونا -19 وتكييفه مع كل التطورات الصحية
مما يحذوا للقول أن القاعدة القانونية لا يمكن النظر إليها من منظور أدبي أو علمي بحت بقدر ما أنها في موطإ يجعلها بين المنزلتين .
الشئ الذي دفعنا لا محالة لإقتباس مفاهيم علمية أو طبية لمحاولة النيل أو الاقتراب لتحقق المعنى بالقول على أن قانون حالة الطوارئ بالمغرب بمثابة مضاد تشريعي جنائي يجابه وباء فيروس كورونا 19وآلية قانونية لكبح إنتشاره، فإذا كانت وظيفة المضادات الحيوية إما القضاء على الفايروسات و الجراثيم أو الحد من انتشارها فإن قانون 2.20.293 لا يقل أهمية عنه بكونه مصل تشريعي مضاد للجريمة الوبائية لفيروس كورونا كوفيد 19 ، هدفه الاول والأخير محاولة إبطاء إنتشار الفيروس عن طريق الحد من تنقل المواطنين الذين أكدت كل المعامل المخبرية عبر العالم أن قوته الأولى والاخيرة هي في الانتشار الواسع بين البشر مستغلا تقاربهم فيما بين بعضهم البعض وتجمعاتهم، وكأنه ينظر للإنسان كأداة ناقلة توفر له كل شروط الإستمرارية والبقاء، هذا بالإضافة إلى أن كل المؤسسات الساهرة على تطبيق هذا القانون عملت على تسخير ما في وسعها لحسن تنزيله بدءا من عملية التعوية وصولا للمساطر القضائية التي وصل فيها عدد المخالفين لقانون الطوارئ بأسبوع واحد ما يناهز 1462 شخص بعموم التراب الوطني بحسب ما تم الإعلان عنه من الجهات الرسمية لرئاسة النيابة العامة
الذي إن دل يدل على أمرين :
اولهما : أن هذا الرقم المعلن عنه يظل بسيطا جدا اذا ما قارناه مع معدل الكثافة السكانية بالمغرب الذي يصل بنحو 35.5 مليون نسمة، بحسب الإحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 .
هذا إن دل فإنه يدل على منسوب الوعي المجتمعي للمواطن المغربي وإصطفافه إلى جانب كل المؤسسات العاملة بالصفوف الأولى وغيرها حفاظا على الصحة العامة وترسيخ جاد لقيم المواطنة في فترة يمر منها العالم بأسره لمواجهة فيروس cov-19 .
ثانيهما : على التعاطي الجاد و الصارم لمؤسسة رئاسة النيابة العامة والى جانبها كل أعضاء السلطة القضائية وباقي سلط الدولة في التعاطي مع مخالفي حالة الطوارئ وعدم التهاون مع كل من يهدد سلامة وصحة المواطنين
وفي الاخير لابد للقول على أن المجابهة الحقيقية المعول عليها في محاربة تفشي وباء كورونا كوفيد 19 هو ترسيخ قيم المواطنة الحقة القائمة على التضامن والانضباط لكل التوجيهات المعلن عنها من قبل السلطات العامة المعنية، لمحاولة خلق وتقوية مناعة وطن بكل مؤسساته و أفراده وجماعاته تجاه عدو واحد على أمل القضاء عليه.