تمر بلدان العالم في الظرفية الراهنة بأزمة صعبة، والسبب في ذلك هو ظهور وباء كورونا المستجد -كوفيد 19-، الذي ظهر للوهلة الأولى بالصين، ليمتد ودون انحصار إلى باقي دول المعمور، مخلفا لدى النفوس البشرية وقعا صحيا، وحاصدا وراءه أرواحا تفوق عشرات الألاف، ناهيك عن الأضرار النفسية؛ من عدم الطمأنينة وبث الخوف في النفوس، ولم يكن الاقتصاد العالمي بمنأى عما خلفه الوباء من أضرار مادية، فمخاطر الأوبئة والأمراض الفتاكة، تطرح العديد من الإشكاليات الاجتماعية، والقانونية، ليمتد ذلك إلى الاقتصاد والأسواق المالية والتجارة العالمية.
فقد شهدت الأسواق العالمية بسبب جائحة كورونا، تدنيا وصفه الاقتصاديون بأنه سيهدد بإحداث عدوى مالية في الاقتصاد العالمي، ومن المؤكد أنه سيعاني من نقاط ضعف مختلفة تماما عما كان يعانيه العالم قبل عقود خلت، حيث أضحى العالم مثقلا بالديون بشكل كبير أكثر مما كان عليه الحال حين اندلعت الأزمة المالية الأخيرة لسنة 2008، ففي الوقت الذي تتعامل فيه الشركات مع احتمال حدوث توقف مفاجئ لتدفقاتها النقدية، سيكون جيل جديد نسبيا من الشركات التي تكافح لسداد ديونها العالقة بذمتها، أشد تأثرا بهذه الأزمة، فضلا عن التداعيات الخطيرة على النشاط الاقتصادي بسبب توقف حركة الملاحة الجوية، والبحرية، وتعليق كافة الخدمات بالمطارات والموانئ، فضلا عن توقف حركة القطارات، وغيرها من وسائل النقل.
فخلال القرن الماضي، كانت حالات الركود دائما ما تبتدأ بفترة متواصلة من ارتفاع أسعار الفائدة، لكن ما تعرفه كبريات الشركات العالمية اليوم لا علاقة له بسعر الفائدة، وإنما تراجع مستوى الطلب، في ظل وفرة العرض، الشيء الذي أدى إلى تدني الأسعار، فعندما تنخفض حركة الأسواق، سيشعر الملايين من المستثمرين بأن ثرواتهم ستقل، مما سيدفعهم إلى التقليل من حجم الإنفاق.
فالمغرب بدوره عرف انتكاسة حقيقية على مستوى البنية الاقتصادية، من جراء تداعيات وباء كورونا، وذلك بسبب التدابير الصحية التي اتخذتها السلطات الحكومية في مواجهة الوباء، من خلال إقرار حالة الطوارئ الصحية بتاريخ 23 مارس 2020[1]، والذي يحدد في المادة الأولى منه مدة التدبير المتخذ إلى حين 20 أبريل 2020 على الساعة السادسة، مع إمكانية تمديد المدة لأجل غير مسمى، كما أن القانون المذكور يتعلق فقط بتقييد الحركة في الجهات والأقاليم، أو المناطق التي تعرف انتشارا للفيروس، ليصدر مرسوم أخر يعلن حالة الطوارئ الصحية بكافة التراب الوطني[2]، وذلك في اليوم الموالي لصدور المرسوم بقانون السالف الذكر.
وكتدبير موازي للتصدي للأزمة التي تسبب فيها تفشي الوباء أحدث بتاريخ 16 مارس 2020، وبتعليمات من السلطة العليا في البلاد أحدث الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا -كوفيد 19-[3]، وعيا من المشرع المغربي بأن المرحلة تستدعي التدبير المعقلن للموارد، ودعم المقاولات، والفئات الهشة، ومنع كل أشكال الاحتكار، والمضاربة.
ونلاحظ أن هاته الأزمة كان لها دور في إعادة الدور الرقابي، والتقريري الذي يتجلى في تدخل الدولة لتحديد الأسعار بعدما كان الأمر على خلاف ذلك، أي خضوع منظومة الأسعار لضابط اقتصادي متحكم في عملية تداول رؤوس الأموال، ألا وهو قانون العرض والطلب، بحيث يشكل هذا الأخير حلقة الوصل بين المنتجين والموردين المهنيين، وبين المستهلكين، ولعل ما يؤكد هذا التوجه، هو تحرير السوق من كل القيود وتركه مفتوحا للمنافسة الحرة، شريطة التقيد بقواعدها، كما تم التنصيص على ذلك في دستور المملكة لفاتح يوليوز 2011[[4]]url:#_ftn4 ، في نفس السياق ينص القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه، على أنه:" باستثناء الحالات التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك، تحدد أسعار السلع والمنتوجات والخدمات عن طريق المنافسة الحرة مع مراعاة أحكام الفقرة 2 بعده والمادتين 3 و4 أدناه."[5].
إن المتمعن في المقتضيات القانونية الواردة أعلاه ينساق وراء فكرة أساسية مفادها، هو أن الدولة عبر السلطات الحكومية المعنية، لا يمكن أن تتدخل لتحديد أسعار بيع المنتوجات، أو تقديم الخدمات، طالما أن الأمر متروك للمنافسة الحرة، وأن قانون السوق هو الذي يتحكم في السعر، نعم يمكن القول بصحة ذلك، لكن هناك استثناءات جاء بها المشرع، في المادة الثانية من نفس القانون، بحيث نص على استثناء بعض السلع، والمنتوجات، والخدمات التي تحدد قائمتها بنص تنظيمي من دائرة الحرية، إلى تقنين أسعارها عبر تحديدها، وزجر المخالفين بغرامات مهمة أو عقوبات سالبة للحرية، بسبب الزيادة غير المعقولة، أو المضاربة فيها، كما نص قانون حرية الأسعار والمنافسة في المادة 3 منه على إمكانية تدخل الإدارة، فيما يتعلق بالقطاعات أو المناطق الجغرافية التي تكون فيها المنافسة بالأسعار محدودة، إما بسبب حالات احتكار قانوني، وإما بفعل دعم الإدارة لبعض القطاعات أو المواد عند الإنتاج، أو التسويق، أو بفعل صعوبات دائمة في التموين، وإما نتيجة أحكام تشريعية أو تنظيمية، علاوة على ذلك يبرر تدخل الدولة في تحديد الأسعار نص المادة 4 من نفس القانون الذي نص على إمكانية اتخاذ تدابير مؤقتة[6] ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية، أو كارثة عامة، أو وضعية غير عادية، بشكل واضح في السوق بقطاع معين، فالغاية من وراء تدخل المشرع في تحديد الأسعار هي ظرفية أملتها تداعيات تفشي وباء كورونا، لكن ما يزيد من أهمية التدخل ومشروعيته، هو التنصيص على ذلك في صلب القانون الذي ينظم حرية الأسعار والمنافسة.
تتجلى أهمية هذه المقالة العلمية في تسليط الضوء على تدخل الدولة في تحديد الأسعار انطلاقا من محدد أساسي يتجلى في الحالة الوبائية بالمغرب، وفي كون مسألة التسعير محط بحث عدة تخصصات، قانونية، اقتصادية، اجتماعية، وشرعية، ويسترعي انتباه الباحث في القانون الاقتصادي ارتباط تدخل الدولة في تحديد الأسعار بالمرجعية القانونية التي تتبنى الفكر الليبرالي الحر، وبين المرجعية الدينية التي تستند في مسألة التسعير لقول فقهاء المسلمين بالجواز، أو التحريم، بحيث نجد أن أغلب النصوص الشرعية تلزم بترك آلية التسعير حرة دون تدخل من الدولة في تحديدها[7]، الشيء الذي يوحد المرجعيتين القانونية والدينية رغم اختلاف مشاربهم في ترك مسألة التسعير لتقلبات السوق وحرية التجارة.
إن الحاجة للتدخل الحكومي لاستعادة آليات السوق الحرة من مثل التدخل في محاربة بعض الظواهر المخلة بالتوازن الاقتصادي، كالاحتكار وتغالي التجار، أو الموردين المهنيين في الأسعار، أمر لا محيد عنه.
والإشكال المطروح هو إلى أي حد سيمكن تدخل الدولة في تحديد الأسعار من غل يد التجار ومقدمي الخدمات لاستغلال الظرفية الراهنة التي يمر منها المغرب ودول العالم؟
وعليه سنسلط الضوء على تدخل الدولة في تحديد الأسعار وفق محورين رئيسيين أولهما الوقوف عند الضوابط القانونية لتحرير الأسعار وعدم تقييدها، ثم تأثير الحالة الوبائية بالمغرب على التدخل في تقنينها، لننتقل في محور ثان لأسباب تحديد أسعار بعض المنتجات ارتباطا بالظرفية الراهنة، وآثار ذلك على الاقتصاد والقدرة الشرائية للمستهلكين.
المطلب الأول:
ضوابط حرية الأسعار وحالات تحديدها
إن الحرية التنافسية ليست على إطلاقها؛ ذلك أن انسحاب الدولة من القطاعات الاقتصادية، يستدعي ضرورة ضبط نشاط الفاعلين فيها من خلال إحداث هيئات ضبط مستقلة، تعمل على بسط الرقابة، والتصدي لكل محاولات التعطيل والعرقلة لقواعد المنافسة؛ وهو الأمر الذي استرعى انتباه المشرع المغربي ودفع به إلى إحداث ما يصطلح عليه عند الاقتصاديين بدركي المنافسة، ألا وهو مجلس المنافسة[8].
ويلاحظ وجود حالة من عدم الاستقرار في السوق المغربية، والناتج عن تذبذب في العرض بسبب استغلال الحالة الوبائية المتجلية في تفشي وباء كورونا بهدف تحقيق الربح من جهة؛ ومن جهة أخرى رغبة المتعاملين الاقتصاديين في تفادي تطبيق تشريع صارم، كما نلاحظ أن المقاولات تنشأ وتنحل في بعض القطاعات الاقتصادية كالنسيج وبالأخص مجالات الأغذية، مع العلم أن الأسعار تنخفض وترتفع في مقابل وفرة أو ندرة السلع في السوق، وذلك تبعا لتزايد الطلب على المتوجات، والخدمات في السوق.
إن المشرع المغربي كان واعيا بالخطورة التي يمكن أن تنجم عن تحرير الأسعار بالنسبة للمقاولات والمستهلكين فيما مضى، خاصة مع هشاشة النسيج الاقتصادي المغربي من جهة، ولمحدودية السوق التي لا تشكل بعد مجالا للعراك المتوازن بين العرض والطلب من جهة أخرى، نظرا لانعدام المساحات الكبرى للتوزيع مما يؤدي لظهور وانتشار الأسواق الموازية، أو ما يصطلح عليه بالاقتصاد غير المهيكل.
فغالبا ما يحدد السعر من قبل المهني سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، وذلك بحكم مركزه الاقتصادي القوي، حيث يقوم بفرض أسعار معينة على التجار الذين يبيعون منتجاته إلى المستهلكين، وهو ما يسمى بالسعر المفروض (Le prix Imposé)، وهي ممارسة ضارة وخطيرة، من حيث كونها عامل من عوامل التضخم، ومن حيث أنها تحول دون ممارسة الإدارة لرقابتها الفعلية على الأسعار، و من زاوية مغايرة تتمثل مخاطرها أساسا في تعزيز التواطؤ الأفقي بين المنتجين، أو الموزعين، وهنا تطرح مسألة شفافية الأسعار في الاتفاقيات الأفقية[9]، خاصة إذا كان المنتج في وضعية احتكارية للتوزيع وبالتالي يلغي المنافسة بين الموزعين كما ذكرنا، إذ نجد السعر المفروض خاصة في عقود التوزيع التي تربط المنتج بالموزع بشرط حصرية التموين، وهنا يوجد خطر عرقلة السوق.
يضاف في نفس السياق سعر النداء (le prix D’appel)، وهو منهج تجاري يرتكز على الحصول أو القيام بإشهار مهم لعدد ضئيل من المنتوجات؛ وهنا تساق الزبائن المجتذبة عن طريق الإشهار لاختبار منتوجات أخرى، ذلك أن القائم بالإشهار ليس لديه مخزون كاف مقابل عدد البيع الناتج عن الإشهار [10]، أما من وجهة نظر الزبون فإن سعر النداء يعتبر إشهارا خادعا لأن الإشهار يترك ظنا بوفرة المخزون والتي هي في الحقيقة غير موجودة، كذلك يمكن اعتباره بيعا بخسارة وهو أمر مخالف لما جاء به القانون رقم 104.12[11]، فالخطر يكمن في عدم كفاية المخزون وبالتالي الزبائن اجتذبت بمنافع وهمية[12].
ونظرا للمزايا المختلفة للمنافسة الحرة على التطور والتقدم الاقتصادي، فقد حظيت بحماية فعالة من طرف المشرع المغربي، أسوة بالقوانين والتشريعات المقارنة، وعليه عمد إلى إدخال إجراءات لتنمية المنافسة وتشجيعها ومحاربة الممارسات التي تحد منها.
فحرية الأسعار تتطلب مراعاة التشريع والتنظيم المعمول بهما، إلى جانب قواعد الإنصاف والشفافية، خصوصا ما تعلق بتركيبة الأسعار لأنشطة الإنتاج والتوزيع، وتأدية الخدمات، واستيراد السلع لبيعها على حالها، وهوامش الربح فيما يخص إنتاج السلع، وتوزيعها، أو تأدية الخدمات، فضلا عن شفافية الممارسات التجارية.
وبالتالي يمكن القول إن الحرية التنافسية في مجال الأسعار مشروطة بضوابط قانونية يمكن حصرها في كل من ضمان حرية الأسعار، عن طريق منع الممارسات المقيدة للمنافسة، وشفافية الممارسات التجارية.
الفقرة الأولى:
شفافية الممارسات التجارية
تعد من أهم الالتزامات الواقعة على عاتق الفاعل الاقتصادي، سواء في العلاقات بين المحترفين فيما بينهم، أو بينهم وبين المستهلكين؛ وتتعلق أساسا بالإعلام بالأسعار والتعريفات وشروط البيع (أولا)، والفوترة (ثانيا)[13].
أولا:
الإعلام بالأسعار والتعريفات وشروط البيع
يتم إشهار الأسعار بوضع علامات، أو ملصقات، أو أي وسيلة مناسبة أخرى، ظاهرة لعموم المستهلكين، إذ يجب أن يكون الإعلام بالأسعار والتعريفات، بواسطة جداول الأسعار، أو النشرات البيانية أو دليل الأسعار حسب المهنة، وهو ما نصت عليه المادة 3 من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
فإعلام العموم بالأسعار والتعريفات يدعم المساواة فيما بينهم، ويسمح للتجار من التحقق فيما إذا كان مورديهم لم يفرضوا عليهم أسعارا أو شروط بيع مجحفة، تخالف الأسعار والشروط الممنوحة لفاعلين اقتصاديين آخرين.
وارتباطا بالحالة الوبائية بالمغرب في ظل تفشي وباء كورونا المستجد -covid 19-، لاحظنا أن السلطات الإدارية تقوم بتفعيل ما جاءت به النصوص القانونية المنظمة لإشهار الأسعار وإعلانها، بكل حزم، تحت طائلة توقيع العقوبات في حق المخالفين للإجراء المذكور، وتبرز أهمية الإعلام بالأسعار أكثر في الظرفية الراهنة، خاصة وأن هناك من التجار من يقوم بإخفائها بهدف المضاربة فيها، ومنه المساس بالقدرة الشرائية للمستهلكين.
ثانيا:
الفوترة
حرصا من المشرع المغربي في تحقيق الشفافية أوجب أن يكون كل بيع سلع، أو تأدية خدمات بين التجار والمهنيين حسب المادة 58 من القانون رقم 104.12، مصحوبا بفاتورة أو بوثيقة تقوم مقامها؛ إذ ألزم البائع أو مقدم الخدمة بتسليمها والمشتري بطلب أي منهما حسب الحالة، وتسلمان عند البيع أو عند تأدية الخدمة [14].
فالمشرع أوجب تسليمها للمشتري المهني، كما يجب على الأخير طلبها من البائع، فالمشتري مسؤول على حد سواء مع البائع في طلب الفاتورة ومراقبة ما ورد فيها، ويعاقب كل مخالف لإلزامية الفوترة بغرامات مالية[15].
فمن أهداف إلزام فئات التجار بتسليم وثيقة تكون بمثابة فاتورة، هو إضفاء طابع قانوني على نشاطهم وتمكين الدولة من التعرف عليهم، وأداء دورها في التحكم، ومراقبة المعاملات التجارية في مختلف المراحل بدءا بالإنتاج، ثم التصدير أو الاستيراد، إلى حين توزيعها بهدف إرساء قواعد الشفافية.
ثالثا:
حظر الاتفاقات غير المشروعة حول الأسعار
إن هذه الاتفاقات أو الأعمال المدبرة يمكن أن تتخذ عدة أشكال قانونية، تهدف أو يمكن أن تهدف لعرقلة المنافسة، أو الحد منها أو الإخلال بها، فالمشرع المغربي جرم هذا السلوك على أساس الأثر الاحتمالي على المنافسة، وفقا لنص المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة[16].
ومن تحليل المادة يتبين ضرورة وجود اتفاق، وأن يكون الهدف منه عرقلة المنافسة أو الحد منها:
أ-وجود اتفاق: حيث يقصد بالاتفاق التعبير عن الإرادة المستقلة من طرف مجموعة من التجار المهنيين، سواء كان صريحا أو ضمنيا، بهدف عرقلة المنافسة والإخلال بها، فتعريفه وبيان عناصره لم يرد في قانون المنافسة، إنما اكتفى بمنعه، فلا يشترط القانون أن يكون في صورة عقد، بل صورة ترتيبات ودية من قبل الأطراف أو سلوك مدبر.
ب- الإخلال بالمنافسة: أي إلى جانب وجود الاتفاق يجب البحث عن آثاره على المنافسة، سواء تقييدها أو الإخلال بها أو الحد منها، وهنا يكفي توافر نية تقييد المنافسة دون تحقق ضرر لها، وهو ما يستشف من مصطلح "يمكن أن تهدف" لذلك فإن كل الاتفاقات التي لا تهدف تخرج عن نطاق هذا الخطر.
وعلى هذا الأساس وجب الإثبات سواء كان بالدليل المادي كوثائق الاتفاق، أو التحقيق من قبل الباحثين المعينين لأجل هذه المهمة، أو من طرف مجلس المنافسة، أو عن طريق الاعتماد على ما توفر من قرائن ومؤشرات مثبتة في مجموعها على وجود اتفاق محظور.
والحالات الواردة في فقرات المادة 6 جاءت على سبيل المثال لا الحصر والمبينة من عبارة" لاسيما عندما ترمي تقييد نشاط المتنافسين حول أسعار السلع أو الخدمات، سواء بتجميدها أو تصفيتها وهي أغلب الاتفاقات التي تتم في السوق بغية إقصاء أي منافسة فيها، ومنه فإن الاتفاق حول عرقلة تحديد الأسعار حسب قواعد السوق-وهي أكثر ما يهمنا، تكون بالتشجيع المصطنع لارتفاع الأسعار أو لانخفاضها بعدة طرق، فالمنافسة تقوم على النزاهة وحرية الأسعار، إلا ما استثني بنص خاص[17]، ونذكر على سبيل المثال ما قام به المشرع المغربي في ظل تفشي وباء كورونا -كوفيد 19- من تحديد أسعار بعض المنتوجات التي عرفت نوع من المضاربة في أسعارها، واحتكار فعلي برر تدخل السلطات الحكومية تحديده.
رابعا:
ممارسة أسعار بيع منخفضة تعسفيا
ويتمثل البيع بأسعار منخفضة في الفعل الذي يقوم به أحد التجار المهنيين بصفة منفردة أو مشتركة، والمنصب على السعر، حيث يقوم هؤلاء بالتعامل بأسعار تتحدى كل منافسة تصل حد الخسارة، وذلك عن طريق البيع بأقل من سعر التكلفة الحقيقة؛ وهي في الوهلة الأولى تبدو أنها ممارسة تجارية لا عقلانية، غير أنها ترمي إلى تحقيق أهداف معينة باستعمالها لجلب أكثر قدر ممكن من الزبائن؛ فكثيرا ما تلجأ شركة أو مشروع تجاري ما إلى اتباع هذا السلوك بهدف طرد منافسيها من السوق، ومنع المنافسين المحتملين من دخول وزيادة إنتاجها.
وقد تصدى المشرع المغربي لمثل هذه الممارسات من خلال المادة 8 من القانون رقم 104.12[18] ويتضح من المادة أن البيع بسعر أقل من سعر التكلفة الحقيقي هو ما يعرف بالإغراق في التجارة الدولية، وهو محظور كذلك لمساسه بالمنافسة، فالمادة 8 تبين أن المشرع لم يكتف بحظر ممارسة أسعار منخفضة بل منع حتى عرضها على المستهلكين، في حين أنها تقتصر فقط على المنتوجات دون الخدمات.
كما تجد هذه الممارسة مجالها بصفة خاصة في المراكز الكبرى للتوزيع، إذ تعرض سلع بأسعار زهيدة وأخرى بأسعار معقولة، فالأولى تكون بمثابة فخ، للإغراء الواقع على المشتري بحيث يدفعه للشراء أكثر؛ وهو ما عبر عنه أحد الباحثين[19] بجزيرة من الخسائر في محيط من الأرباح "un îlot de perte dans un océan de profits "، ومنه يمكن القول إن البيع بأسعار منخفضة تعسفيا قد تكون في شكل السعر المنصوح به وهو يختلف عن السعر المفروض؛ فحالة الأولى يقوم فيها المنتج، المستورد أو بائع الجملة بتوصية بائع التجزئة على سعر ما دون أن يكون ملزما به حيث يبقى الأخير حرا، أما السعر المفروض يقوم البائع بفرض أسعار معينة على التجار الذين يبيعون منتجاته، وقد يكون في شكل فرض سعر، أو هامش بيع، أو في شكل سعر مفروض عن طريق التعريفة أو التسعيرة.
الفقرة الثانية:
تقنين أسعار بعض المنتجات تأثرا بتفشي وباء كورونا
إن تحديد السعر من قبل الدولة فيما يخص السلع والخدمات واسعة الاستهلاك يختلف عن الاتفاقات التي تتم بين التجار، والتي عادة ما يكون الغرض منها رفع، تحديد، تقييد أو تثبيت الأسعار في السوق، وتجدر الإشارة – كما جاء في عنوان هذه الفقرة- أن الأسعار المقننة لا تشمل جميع السلع والخدمات واسعة الاستهلاك إنما يرجع سب وضرورة ذلك لتقدير الدولة للمخاطر والظروف، بالتشاور مع القطاعات المعنية.
فالدولة إذن إما أن تقوم بتسقيف الأسعار، أو تحديد هوامش الربح القصوى لبعض السلع، والخدمات، وعليه نعرف أولا السعر وهامش الربح فيما يلي:
أولا:
تعريف السعر وهامش الربح
يمثل السعر نقطة الالتقاء بين القانون والاقتصاد، اللذان مرت علاقتهما بمراحل متعاقبة حتى وصلت إلى دائرة المصالح المتبادلة، فاقتصاديا يمثل السعر العنصر الأساسي الذي يعبر عن التوازن في المبادلات لأنه يعتبر عن قيمة شيء ما أو خدمة ما، فقيمة التبادل التي تحدد في وقت معين في سوق ذي طابع تنافسي هو سعر متوازن يعرف على أساس العرض والطلب[20].
كما أن هامش الربح لم يعرف قانونا، وإنما اقتصاديا[21]، والمتمثل في الفرق بين ثمن البيع، وتكاليف الإنتاج، بما في ذلك تكلفة الأجور والمواد الخام والإيجار وغيرها، هذا ويتأثر بسعر بيع الوحدة وزيادة سعر البيع. وما يؤثر في السعر إجمالا هو خصائص السلعة، عامل العرض والطلب، ودرجة وعي المستهلك، فضلا عن دور الدولة في ميدان الأعمال، إلى جانب درجة المنافسة وأسعار خدمات عناصر الإنتاج.
ثانيا:
المنتوجات المحدد ة أسعارها في ظل تفشي وباء كورونا
تقوم السلطات الحكومية بتحديد أسعار بعض السلع والخدمات الخاصة واسعة الاستهلاك، وذلك في عدة قطاعات، لكن شريطة تحقق شرطين متزامنين ومتلازمين، وهما؛ حصول ارتفاع أو انخفاض فاحش للأسعار، التأكد مما إذا كان هذا الارتفاع أو الانخفاض الفاحش مبررين بالاعتبارات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون 104.12.
ونميز بين السلع والخدمات، فمنها السلع الغذائية وغير الغذائية، وما يهمنا في هذا الباب هو هذه الأخيرة التي قامت الحكومة بتحديد أسعارها، وهي في أغلبها منتوجات صناعية أو صيدلانية؛ فبالنسبة للمنتوج الصيدلاني فقد صدر قرار لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة[22] يقضي باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية[23]، فضلا عن صدور قرار أخر يقضي باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار الكمامات الواقية والذي ينص في المادة الثانية منه على تحديد السعر الأقصى للبيع للعموم[24].
إن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الباب هو أن الإدارة لا تتدخل من تلقاء نفسها، بل يؤطر تدخلها مجموعة من القواعد القانونية تتجلى بالأساس في القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، بطبيعة الحال وكما تنص على ذلك مقتضيات المادة الرابعة بعد استشارة مجلس المنافسة[25].
المطلب الثاني:
مبررات تدخل الدولة في تحديد أسعار بعض المواد الاستهلاكية وأثاره
تضمن قانون حرية الأسعار والمنافسة الأخير بندا يمنح الحق للدولة بتحديد أسعار المواد الاستهلاكية الموجودة في وضعية الهيمنة والاحتكار، قصد مواجهة ظاهرة المضاربة والتلاعب بالأسعار على حساب جهود الدولة في هذا الاتجاه من جهة، والقدرة الشرائية للمواطن من جهة أخرى وذلك بالتحايل على القانون، فالتدخل لا يعني الرجوع لعهد تحديد الأسعار في نظام الاقتصاد الموجه، وإنما التنظيم وتسوية الاختلالات الواقعة في أسواق المنتوجات؛ إما حسب القطاعات أو لمدة ظرفية مؤقتة حددها قانون حرية الأسعار في 6 أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بعد طلب رأي مجلس المنافسة.
و على نفس النهج سار المشرع الفرنسي في حالة عدم كفاية المنافسة، والارتفاع المفرط للأسعار، أو انخفاضها وذلك ما نصت عليه الفقرة 03 من المادة 01 من الأمر رقم 86– 1243[26]، في حين أن المشرع المغربي أجاز بموجب المادة 02 من القانون رقم 104.12 تقنين أسعار السلع والخدمات الاستراتيجية؛ مع إمكانية اتخاذ إجراءات استثنائية للحد من ارتفاع الأسعار، أو تحديديها في حالة ارتفاعها المفرط إما بسبب اضطرابات في السوق أو كارثة أو صعوبات مزمنة في التموين لقطاع نشاط ما أو في منطقة جغرافية معينة، أو في حالات الاحتكار الطبيعي.
غير أن المشرع لم يشر إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات في حالة الانخفاض المحسوس في الأسعار بعكس المشرع الفرنسي، ذلك أن الارتفاع يؤثر على المستهلك لتبقى خياراته محدودة، أما الانخفاض فيؤثر على المنتجين أو الفلاحين.
فمن أسباب هذا التدخل نذكر الارتفاعات في أسعار المواد الأولية الفلاحية في الأسواق الدولية وبالتالي ارتفاع بعض المواد الغذائية الأساسية كالسكر، والزيوت النباتية، الحليب، والحبوب، وغيرها من المواد الواسعة الاستهلاك؛ حيث إن هذا الارتفاع أخذ منحا تصاعديا نتيجة عدة عوامل مباشرة على الأسعار في الأسواق العالمية، نذكر منها:
- الظروف المناخية غير المواتية التي عرفتها بعض الدول المنتجة لهذه المواد، كفيضانات استراليا، والجفاف غير المسبوق في منطقة البحر الأسود وروسيا، المتسبب في إحداث حرائق كبيرة مما أثر سلبا على المحاصيل الزراعية، حيث انخفض إنتاج الحبوب في روسيا بنسبة الثلث في سنة 2010 مما أدى إلى تعليق الصادرات الروسية.
فغالبا ما ترتفع الأسعار تصاعديا فيؤدي ذلك إلى نقص القدرة الشرائية، أو ما يعرف بحالة التضخم[27]، والسبب وراء ذلك هو وجود احتكار فعلي، أو المضاربة (الفقرة الأولى)، خاصة وأن تدخل الإدارة عبر تحديد الأسعار، وزجر المضاربين فيها يؤدي إلى إعادة التوازن في البنية الاقتصادية للدولة، (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:
وباء كورونا يبرر تدخل الإدارة لمنع الاحتكار والقضاء على المضاربة
بعد التعديل الذي عرفه قانون حرية الأسعار والمنافسة بنسخ القانون رقم 06.99 فإن المشرع المغربي أبقى على تحديد هوامش الربح، وأسعار السلع، والخدمات، أو تسقيفها على أساس اقتراحات القطاعات المعنية وبناء على قرارات صادرة في هذا الباب، فضلا عن صدور رأي مجلس المنافسة، وذلك للأسباب الرئيسية التالية:
-خلق الاستقرار في منظومة أسعار المواد الضرورية في حال الاضطراب المحسوس في السوق، خاصة وأن الوضع الراهن يعرف تفشي وباء كورونا.
- مكافحة المضاربة بجميع أشكالها والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك.
أولا:
مكافحة الاحتكار التعسفي
اعتبر المشرع المغربي الاحتكار في المادة الثالثة من القانون رقم 104.12 ممارسة مقيدة للمنافسة، ولعل الهدف من ذلك رغبته في تحقيق توازن في العقود المبرمة بين أطراف غير متكافئة في القوة.
وفي السوق الوطنية يجد المحتكر نفسه وحيدا، بناء على احتكار فعلي، أو قانوني استنادا إلى عقد امتياز حصل عليه من الدولة على سبيل المثال، وفي تلك الحالة يحاول المحتكر الاستفادة من مركزه الاحتكاري برفع الثمن لعدم وجود منافسة على سلعته، وبالتالي يتحكم في السوق.
ومن بين مساوئ الاحتكار نذكر: إهدار حرية التجارة والصناعة والزراعة ومن تم التحكم في الأسواق، وبالتالي عدم المساواة بين المتعاملين الاقتصاديين في الدخول للسوق، بحكم سيطرة المحتكر على السوق مما يمكنه من فرض أسعار مرتفعة بالرغم من تساوي تكاليف الإنتاج.
إلا أنه هناك عوامل تحد من قوة المحتكر ويمكن اختصارها في تدني مستوى الطلب نظرا لارتفاع الأسعار، أو عدم توافق السلعة مع أذواق ورغبات المستهلكين، ومن المعروف أيضا أن تدني الجودة يؤدي إلى تقليل الطلب على السلعة، فاستغلال المحتكر لمركزه الاحتكاري في السوق إلى أقصى حد في الأجل القصير، قد يفقده هذه المكانة في الأجل الطويل، مما يدعو الحكومة إلى التدخل لحماية المستهلك من خلال تحديد الأسعار، أو حدوث مقاطعة جماعية للسلعة المعنية بعدم شرائها لارتفاع سعرها.
ثانيا:
القضاء على المضاربة
تعد المضاربة ممارسة تجارية تدليسية، تهدف لإحداث تقلبات غير طبيعية في السوق بغية الاستفادة من الأوضاع المستجدة وتحقيق أرباح ذاتية، وتكون نتيجة ندرة السلع المعروضة في السوق، أي قلة المعاملات وليس الإنتاج، خصوصا بالنسبة للسلع الواسعة الاستهلاك وبالتالي ترتفع أسعارها.
وسعيا من المشرع لحماية المستهلك والاقتصاد الوطني على حد سواء، جرم هذه الممارسة غير المشروعة نتيجة للضرر اللاحق منها.
وسواء تمت المضاربة بين المنتجين، أو المستوردين والمتعاملين الاقتصاديين الناشطين في مجال التحويل، والتوزيع، فهي ظاهرة تؤدي لارتفاع الأسعار، إذ نجد في بعض الأسواق أن الإنتاج يكفي الطلب عموما، غير أن المضاربة ونقص التغطية في مجال التوزيع في بعض المناطق يساهمان في رفع أسعاره.
وقد تتعدد أشكالها، فإما أن تكون على شكل اتفاقات غير مشروعة، أو على شكل ادخار سري مثل ما جاء في المادة 62 من القانون رقم 104.12 حيث نص على أنه: "تعتبر بمثابة ادخار سري وتمنع:1 - حيازة تجار أو أرباب الصناعة العصرية أو التقليدية أو الفلاحين لمدخرات من بضائع أو منتوجات يخفونها قصد المضاربة فيها بأي محل كان ؛..."، فالنص هنا يتحدث عن حيازة مخزون من المنتوجات بهدف تحفيز الارتفاع غير المبرر للأسعار، سواء كان المنتوج محفوظا في المحل التجاري أو ملحقاته أو في أي مكان مصرح به أو لا، حيازة مخزون خارج موضوع التجارة المعتاد والمقيد في السجل التجاري، ولا يشترط أن يكون الفاعل تاجرا فقط، بل يشمل حتى الناشطين في القطاع الفلاحي وتربية المواشي؛ وبمعنى شامل جميع الفاعلين الاقتصاديين.
ومن المعلوم أن النظام الاقتصادي يقوم على حرية الأسعار وفقا لقانون العرض والطلب، مع اشتراط احترام قواعد المنافسة، وعلى هذا الأساس سعى المشرع المغربي لتجريم بعض الأعمال التي من شأنها أن تمس بالأسعار وتؤدي لعدم استقرارها، والمؤثرة بالتأكيد على السوق والمستهلك على حد سواء، حيث اعتبر المضاربة جريمة غير مشروعة[28].
غير أن المضاربة باعتبارها جريمة فإنها من اختصاص المحاكم الزجرية، شريطة توفر أركان الجريمة من ركن مادي وهو الفعل أو الشروع فيه، ومعنوي وهو نية الحصول على ربح عمدا غير خاضع للسير الطبيعي لقانون العرض والطلب أي العلم والإرادة، والضرر الناتج عنه على المستهلك والمنافسة وكذا العلاقة السببية بينهما.
الفقرة الثانية:
إجراءات تدخل الدولة في تحديد الأسعار وآثار ذلك
يمكن القول إن الدولة تقوم بالتأثير في السعر النهائي عن طريق الضرائب، وتدعم السلع، والخدمات التي تراها ضرورية، ولكي تكون هذه الضرائب في خدمة التنمية يجب التمييز بين السلع والخدمات المستوردة ومدى حاجة الدولة إليها، فبالنسبة للسلع، والخدمات التي تحتاج إليها الدولة تقوم باستيرادها وبالتالي انخفاض تكلفة الإنتاج؛ مما يؤدي إلى فرض الضرائب على السلع الاستهلاكية الضرورية التي تعاني الدولة نقصا في إنتاجها، الشيء الذي يؤدي لارتفاع ثمنها، مما يضر بالمستوى المعيشي والقدرة الشرائية للمستهلك، أما السلع والخدمات التي لا تحتاج إليها الدولة، أو السلع الكمالية، أو الترفيهية، تفرض عليها ضرائب جمركية مضاعفة وغير مباشرة، هذا فيما يتعلق بطرق ضبط الأسعار من قبل الدولة في الحالات العادية، لكن عندما يرتبط الوضع بتفشي وباء كورونا المستجد، نلاحظ تغيرا مهما في الدولة الضبطي الرامي للحفاظ على التوازنات (الماكرو اقتصادية)، إلى دور اجتماعي أساسه هو النهوض بفئة المستهلكين ومنع مغالاة التجار عبر زجر ومنع كل أشكال المضاربة والاحتكار، فضلا عن تقديم الدعم اللازم للمقاولات، والتجار عموما.
أولا:
كيفيات وإجراءات تحديد الأسعار
يعتبر التحكم في الأسعار، وتسقيفها أمرا يدخل ضمن صميم الصلاحيات التقنية للوزارات التابع لها المنتوج الضروري أو الوزارة المعنية بالنشاط الخدماتي؛ حيث تقوم الدولة بتخفيف الضرائب عن المنتوجات التي تقدر أنها ضرورية، فالضريبة تؤثر على الاستهلاك ذلك أن درجة مرونة الطلب (السلعة الكمالية) يتأثر استهلاكها بالضريبة بصورة مطلقة، أكثر من السلع ذات الطلب غير المرن (السلع الضرورية كالأدوية والمواد الغذائية)، وعليه فإن الدولة تقوم بالإعفاء أو التخفيف من الحقوق الجمركية المطبقة على استيراد بعض المنتوجات، وكذا الرسم على القيمة المضافة، والضريبة على أرباح الشركات، كل هذا المحافظة على استقرار الأسعار.
فالتعامل في السوق العالمية يستند إلى آليات ضمان السلع بأن يكون الرسم على القيمة المضافة مرنا حماية للمستهلك والمنتج على السواء، في حالة ارتفاع الأسعار نحمي المستهلك، في الانخفاض نحمي المنتج وأدوات الإنتاج.
وقد خول كل من القانون رقم 104.12، إلى جانب المراسيم التي سبقت الإشارة إليها بشأن تحديد أسعار المعقمات الكحولية، والكمامات الواقية، للسلطات الحكومية الحق في تحديد أسعار السلع التي ترى هذه السلطات أنها تسبب حلة من عدم الاستقرار وستؤدي إلى المضاربة والاحتكار، وذلك كما أسلفنا بعد استشارة مجلس المنافسة الذي يكون وجوبيا في هذه الحالة، حسب الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 104.12، كل ذلك بهدف تقديم الاقتراحات التي يراها ضرورية باعتباره الهيئة المكلفة بالضبط في حال اتخاذ تدابير استثنائية للحد من ارتفاع الأسعار.
أما بالنسبة للقانون الفرنسي فإن استشارة مجلس المنافسة إجراء وجوبي[29] حسب الفقرة الثانية من المادة 2-410 L من القانون التجاري الفرنسي، لكن ما يجب الإشارة إليه هو تغيير تسمية مجلس المنافسة إلى سلطة المنافسة منذ 15 نوفمبر 2008 بموجب الأمر رقم 2008- 1161 المؤرخ في 18 نوفمبر 2008 المتضمن استحداث تنظيم المنافسة[30] ( La Modernisation de la régulation de la concurrence) حيث نصت المادة على اتخاذ معايير تنظيمية جديدة فيما يخص الأسعار عن طريق مر سوم مجلس الدولة بعد أخذ رأي سلطة المنافسة وذلك في حال القطاعات أو المناطق التي تكون المنافسة حول الأسعار محددة بسبب وضعية احتكارية، أو صعوبات التموين، كما تقدم سلطة المنافسة رأيها حول كل مسألة تتعلق بالمنافسة بطلب من الحكومة، المهنيين أو المستهلكين.
ثانيا:
آثار تدخل الدولة في تحديد الأسعار
من النتائج الإيجابية لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، هو حلولها دون تحكم كبار المنتجين في صغار الباعة أو الباعة بالتقسيط، إلى جانب حلولها دون المنافسة غير المشروعة أو المضاربة في الأسعار، ونجد هذه الحالة وبخاصة عند البيع بسعر أدنى -كما أشرنا إلى ذلك سلفا- من سعر التكلفة الحقيقي وهي الحالة التي حظرها المشرع المغربي بالمادة 76 من القانون 104.12، وعليه فهو يهدف لاستئصال وباء أخر إن صح التعبير، وهو التلاعب بالأسعار والحد من استغلال المهنيين وتحقيقهم أرباحا على حساب المستهلكين، فمن مزايا تحديد الأسعار أنها تكون معلومة لدى الكافة مما يمكن المستهلك من مواجهة التاجر حتى بطريقة الشكوى للجهات الرقابية.
ففي حال كانت أسعار المواد الغذائية الأولية لبعض السلع مرتفعة، فإنه كنتيجة حتمية سيكون السعر النهائي الموجه للمستهلك مرتفعا؛ وهنا نكون أمام حالتين إما مقاطعة المستهلكين لهذه المواد (هذه الحالة لا يمكن تصورها في مجتمع نسبة الوعي الاستهلاكي فيه جد متدنية) وبالتالي عزوف التجار، أو المتدخلين في العملية الاقتصادية عن التعامل في هذه السلع، أو حدوث اضطراب خطير في السوق، مما قد يؤدي إلى المقاطعة التي حدثت في 2019.
هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يخفى علينا الآثار السلبية، لذلك يمكننا القول إنه بالرغم من أن هذا التدخل القانوني هو وسيلة لحماية المستهلك وبعض السلع من المضاربة والاحتكار، إلا أنها تحد من المنافسة الحرة، ذلك أن الأخيرة تقوم على حرية تحديد الأسعار وهوامش الربح.
فهنا نلاحظ أن أرباح المهنيين أو الباعة متساوية، مما يؤدي لا محالة لضعف الابتكار، وفضلا عن ذلك، فإن هذا التدخل يمنع القيام بأي عروض تخفيض، أو ما شاكل ذلك من وسائل الترويج.
وعليه يمكننا القول بأن أهم جانب من جونب المشكلة التي نعالجها هنا، هو معرفة ما إذا كان من الواجب إلغاء هذا التدخل، والتصدي له حفاظا على المنافسة الحرة أم لا؟
ومنه فإن الهدف الأسمى هو السعي إلى تمكين المستهلك الحصول على أقصى حد من الإشباع والرضاء بالنظر لمصلحته الاقتصادية، وذلك بالعمل على إنتاج السلع، أو تقديم خدمات بأقل سعر تكلفة؛ غير أنه في المقابل قد يؤدي ذلك للمساس بجودة السلع أو لإحجام المنتجين الجدد عن دخول ميدان الإنتاج.
بالإضافة لما سبق لا يمكن تصور إنتاج مؤسسة ما للسلع المحددة أسعارها عن طريق التنظيم فقط، لأنها بذلك لن تحقق الهدف الأول في ممارسة التجارة ألا وهو الربح، إنما تقوم بتقديم مماثلة لها لكن تختلف عنها في المواصفات الفنية والتقنية؛ وبالحديث عن المواصفات التقنية فإنه كثيرا ما يخلط المستهلك بين تلك ذات الأسعار المحددة، وغيرها من المنتجات البديلة أو المشابهة، فلو أخذنا مثلا الدقيق الوطني للقمح الطري كسلعة تخضع للأسعار المقننة [31] فإننا نجد المشرع أوجب توافر بعض الشروط والمقاييس حيث ميز بين الدقيق المدعم.
وعموما فإن النتيجة النهائية تتوقف على سلوك المستهلكين، فإذا انصرف اهتمامهم إلى زيادة استهلاك مادة معينة فالنتيجة بالتأكيد ستكون ارتفاع أسعارها، وعليه يجب تغيير النمط الاستهلاكي واعتماد ثقافة استهلاكية متوازنة.
وفي سياق متصل تعمل الأسواق الموازية وانعدام شبكات التوزيع الكبرى على عرقلة الحرية التنافسية حول الأسعار ما يحتم تدخل الدولة لتنظيمها، سواء كان غير مباشر بالنصوص القانونية التي تحظر بعض الممارسات أو بطريق مباشر عن طريق النصوص التنظيمية التي تقنن أسعار بعض المواد والخدمات، أو قرارات وإجراءات استثنائية مؤقتة للحد من الارتفاع المفرط للأسعار.
ختاما يمكن القول إن المنافسة هي الصفوة الأساسية لنظام السوق الحر، والتي تقوم بتنظيم الإنتاج والاستهلاك كما تفتح الباب أمام الابتكار، التنويع والتحسين؛ إلا أن المنافسة الحرة على إطلاقها لا تحقق دائما النتائج المرجوة منها خصوصا لما قد ينعكس على الأهداف الاجتماعية، كما أن كثرة المنافسة تقتل المنافسة، وتضر أو تقصي أطرافا في السوق لا تتمتع بالقدرة الكبيرة.
وفي الأخير رغم أن تحديد الأسعار يقصي أي منافسة في السلع والخدمات، إلا أن على الدولة تقدير مدى الفائدة التي تترتب على فرض قيود على منافسة الأسعار، بالأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة الاقتصادية والمصلحة المشتركة للمستهلكين.
وعليه فإن الآليات المتبعة من قبل الحكومة خاصة المتعلقة بدعم الدولة ضمن السياسة الاقتصادية، تساعد على تحفيز الاستثمار، والإنتاج الفلاحي والصناعي وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي المؤدي لوفرة المنتوجات ومنه المساهمة بطريقة غير مباشرة في استقرار الأسعار.
كما أن تدخل الدولة في الظرفية الراهنة خاصة في ظل تفشي وباء كورونا أعاد لقانون حرية الأسعار والمنافسة اعتباره من خلال وعي كافة التجار والفاعلين الاقتصاديين بالمقتضيات التي يتضمنها، وفعل دور مجلس المنافسة من خلال إبداءه ثاني رأي بعد ذاك الذي صدر في شأن تسقيف أسعار المحروقات، وأصبح المواطن المستهلك محط اهتمام متزايد من لدن الدولة وأجهزتها الحكومية.
[1]) مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 28 رجب 1441 الموافق ل 23 مارس 2020، المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 29 رجب 1441 الموافق ل 24 مارس 2020، ص 1783.
[2]) مرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 29 رجب 1441 الموافق ل 24 مارس 2020، المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا -كوفيد 19-، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 29 رجب 1441 الموافق ل 24 مارس 2020، ص 1783.
[3]) مرسوم رقم 2.20.269 الصادر بتاريخ 21 رجب 1441 الموافق ل 16 مارس 2020، المتعلق بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم "الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19""، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 22 رجب 1441 الموافق ل 17 مارس 2020، ص 1540.
[4]) حيث جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 35 من الدستور المغربي على أنه: " تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر. كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة."، ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.
[5]) القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30 يونيو 2014) الجريدة الرسمية عدد 6276 الصادرة بتاريخ 26 رمضان 1435 (24 يوليو 2014)، ص 6077.
[6]) لعل المدة التي نص عليها المشرع المغربي في القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والمحددة في ستة (6) أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف الإدارة، جاءت منسجمة مع التقلبات التي تعرفها الظرفية الراهنة بسبب تفشي الوباء.
[7]) بالرغم من أن التسعير من المسائل التي تثير نقاشا حادا بين فقهاء المسلمين، فهناك إجماع على جعله استثناء من الأصل، وهو الحرية في البيع والتجارة، إذ أن روح النصوص الشرعية منها ما جاء في السنة، هي ترك آلية التسعير مرهونة بالسوق شريطة عدم وجود احتكار، والدولة مهمتها مراقبة هذه الآلية حتى تمنع أي ظلم يلحق بالمستهلكين وقوتهم الشرائية في حال الاحتكار وارتفاع الأسعار، وتأتي النصوص المتقاربة لتصب في نفس الفهم للتسعير، كالحديث الذي رواه أنس بن مالك في صحيح ابن حبان حيث ورد فيه: «غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله ، غلا السعر ، فسعر لنا سعرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق ، وإني لأرجو أن لا ألقى الله بمظلمة ظلمتها أحدا منكم في أهل ولا مال )، وكذلك ماورد في سنن أبي داوود عن أبي هريرة : (أن رجلا جاء فقال يا رسول الله سعر، فقال بل أدعو. ثم جاءه رجل فقال يا رسول الله سعر، فقال بل الله يخفض ويرفع، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة).
[8]) تنص المادة الأولى من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.117 بتاريخ 2 رمضان 1435 (30 يونيو 2014) على أنه: "طبقا للفصل 166 من الدستور، يعتبر مجلس المنافسة، المسمى بعده في هذا القانون ب "المجلس" هيأة مستقلة مكلفة، في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. يتمتع المجلس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي"، الجريدة الرسمية عدد 6276 بتاريخ 26 رمضان 1435 (24 يوليو 2014)، ص 6095.
[9]) M-A FRISON- ROCHE et M-S PAYERT : « Droit de la concurrence et de la consommation », édition Dalloz 2001, n°63, p. 117.
[10]) F. DEKEUWER-DEFOSSER et E.B. CLÉMENT :« Droit commercial : actes de commerce, fonds de commerce, commerçants, concurrence », édition 12, L.G.D.J, 2019 P. 400.
[11]) تنص المادة 8 من القانون 104.12 على أنه:" تحظر عروض أسعار أو ممارسة أسعار بيع للمستهلكين تكون منخفضة بصورة تعسفية بالنسبة إلى تكاليف الإنتاج والتحويل والتسويق وذلك بمجرد ما يكون الغرض من العروض أو الممارسات المذكورة ويمكن أن يترتب عليها في نهاية المطاف إقصاء منشأة أو أحد منتوجاتها من سوق ما أو الحيلولة دون دخول هذه المنشأة أو أحد منتوجاتها إلى سوق ما".
[12]) G. GUIDICELI-DENLGE : « Droit pénal des affaires », Mémentos Dalloz, 5ème édition, 2002, P. 219.
[13]) حيث نصت المادة 22 من القانون رقم 08-31 على أنه: "يجب أن يكون كل إشهار مقارن حول الأسعار أو التعريفات متعلقا بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات المماثلة والمبيعة وفق نفس الشروط وأن يشير إلى المدة التي يحتفظ خلالها بالأسعار أو التعريفات المحددة من لدن المعلن باعتبارها خاصة به". كما تنص المادة 3 من نفس القانون على أنه " في كل عقد يكون موضوعه بيع منتوجات أو سلع أو تقديم خدمات إلى المستهلك، إذا تجاوز الثمن أو التعريفة المتفق عليها الحد المقرر بنص تنظيمي وكان تسليم المنتوجات أو السلع أو تقديم الخدمات غير فوري، يجب على المورد أن يحدد كتابة في العقد أو الفاتورة أو تذكرة الصندوق أو المخالصة أو أي وثيقة أخرى تسلم للمستهلك الأجل الذي يتعهد فيه بتسليم المنتوجات أو السلع أو تقديم الخدمات'.
[14]) تنص المادة 58 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة على أنه: "يجب أن تحرر فاتورة عن كل شراء لسلع أو منتوجات أو عن تقديم كل خدمة فيما بين المهنيين.
يلزم البائع بمجرد إنجاز البيع أو تقديم الخدمة بتسليم الفاتورة أو ما يحل محلها إذا كانت هذه المبيعات أو الخدمات تدخل في إطار تعامل شهري شرط تسليم الفاتورة نهاية كل شهر وعلى المشتري أن يطلب تسليمها.
يجب أن تحرر الفاتورة في نظيرين وأن تكون مرقمة من قبل ومسحوبة من سلسلة متصلة أو أن تطبع بنظام معلوماتي وفق سلسلة متصلة.
يجب على كل من البائع والمشتري أن يحتفظ بنظير منها طوال خمس سنوات ابتداء من تاريخ تحرير الفاتورة وذلك دون الإخلال بالأحكام الواردة في التشريع الضريبي الجاري به العمل.
يجب أن تتضمن الفاتورة ما يلي، مع مراعاة تطبيق جميع الأحكام الأخرى الواردة في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل ولاسيما أرقام التسجيل في السجل التجاري ومبلغ رأس مال الشركة وعنوان المقر الاجتماعي ورقم التعريف الضريبي ورقم القيد في الضريبة المهنية (الباتنتا):
- أسماء الأطراف أو تسمياتهم أو عناوينهم التجارية وكذا عناوينهم؛
- تاريخ بيع السلعة أو المنتوج أو تقديم الخدمة وإن اقتضى الحال تاريخ التسليم؛
- كميات السلع أو المنتوجات أو الخدمات وتسميتها الدقيقة؛
- سعر الوحدة من السلع أو المنتوجات المبيعة والخدمات المقدمة دون اعتبار الرسوم أو باعتبارها؛
- عند الاقتضاء التخفيضات الممنوحة ومبلغها المقدر وقت البيع أو تقديم الخدمة أيا كان تاريخ تسديدها؛
- مجموع المبلغ باعتبار الرسوم؛
- شكليات الدفع.
يمنع تسليم فاتورات تتضمن بيانات غير صحيحة فيما يتعلق بأسعار السلع أو المنتوجات المبيعة أو الخدمات المقدمة وبكميتها وجودتها.
يمكن أن يثبت الامتناع من تسليم الفاتورة بأي وسيلة من الوسائل ولاسيما بإعذار في شكل رسالة مضمونة الوصول أو بمحضر يحرره أي عون من أعوان القوة العمومية.".
يلزم البائع بمجرد إنجاز البيع أو تقديم الخدمة بتسليم الفاتورة أو ما يحل محلها إذا كانت هذه المبيعات أو الخدمات تدخل في إطار تعامل شهري شرط تسليم الفاتورة نهاية كل شهر وعلى المشتري أن يطلب تسليمها.
يجب أن تحرر الفاتورة في نظيرين وأن تكون مرقمة من قبل ومسحوبة من سلسلة متصلة أو أن تطبع بنظام معلوماتي وفق سلسلة متصلة.
يجب على كل من البائع والمشتري أن يحتفظ بنظير منها طوال خمس سنوات ابتداء من تاريخ تحرير الفاتورة وذلك دون الإخلال بالأحكام الواردة في التشريع الضريبي الجاري به العمل.
يجب أن تتضمن الفاتورة ما يلي، مع مراعاة تطبيق جميع الأحكام الأخرى الواردة في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل ولاسيما أرقام التسجيل في السجل التجاري ومبلغ رأس مال الشركة وعنوان المقر الاجتماعي ورقم التعريف الضريبي ورقم القيد في الضريبة المهنية (الباتنتا):
- أسماء الأطراف أو تسمياتهم أو عناوينهم التجارية وكذا عناوينهم؛
- تاريخ بيع السلعة أو المنتوج أو تقديم الخدمة وإن اقتضى الحال تاريخ التسليم؛
- كميات السلع أو المنتوجات أو الخدمات وتسميتها الدقيقة؛
- سعر الوحدة من السلع أو المنتوجات المبيعة والخدمات المقدمة دون اعتبار الرسوم أو باعتبارها؛
- عند الاقتضاء التخفيضات الممنوحة ومبلغها المقدر وقت البيع أو تقديم الخدمة أيا كان تاريخ تسديدها؛
- مجموع المبلغ باعتبار الرسوم؛
- شكليات الدفع.
يمنع تسليم فاتورات تتضمن بيانات غير صحيحة فيما يتعلق بأسعار السلع أو المنتوجات المبيعة أو الخدمات المقدمة وبكميتها وجودتها.
يمكن أن يثبت الامتناع من تسليم الفاتورة بأي وسيلة من الوسائل ولاسيما بإعذار في شكل رسالة مضمونة الوصول أو بمحضر يحرره أي عون من أعوان القوة العمومية.".
[15]) تنص المادة 78 من القانون 104.12 على أنه: " تعاقب المخالفات لمقتضيات الباب الأول من القسم السادس والمادتين 65 و67 من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقها بغرامة من خمسة آلاف (5.000) إلى ثلاثمائة ألف (300.000) درهم. في حالة العود داخل أجل خمس (5) سنوات، يرفع مبلغ الغرامة المطبقة إلى الضعف.".
[16]) تنص المادة 6 من القانون رقم 104.12 على أنه: "تحظر الأعمال المدبرة، أو الاتفاقيات، أو الاتفاقات، أو التحالفات الصريحة، أو الضمنية، كيفما كان شكلها وأيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما، ولا سيما عندما تهدف إلى: 1-.....2 - عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها؛".
[17]) M-A FRISON- ROCHE et M-S PAYERT : « Droit de la concurrence et de la consommation », Op. Cit, P. 208.
[18]) تنص المادة 8 من القانون رقم 104.12 على أنه: "تحظر عروض أسعار أو ممارسة أسعار بيع للمستهلكين تكون منخفضة بصورة تعسفية بالنسبة إلى تكاليف الإنتاج والتحويل والتسويق وذلك بمجرد ما يكون الغرض من العروض أو الممارسات المذكورة ويمكن أن يترتب عليها في نهاية المطاف إقصاء منشأة أو أحد منتوجاتها من سوق ما أو الحيلولة دون دخول هذه المنشأة أو أحد منتوجاتها إلى سوق ما.".
تقابلها المادة 5-420L من القانون التجاري الفرنسي المعدلة بالقانون رقم 2005-882 المؤرخ في 02 غشت 2005، حيث تنص على أنه:
« Sont prohibées les offres de prix ou pratiques de prix de vente aux consommateurs abusivement bas par rapport aux coûts de production, de transformation et de commercialisation, dès lors que ces offres ou pratiques ont pour objet ou peuvent avoir pour effet d’éliminer d’un marché ou d’empêcher d’accéder à un marché une entreprise ou l’un de ses produits ».
تقابلها المادة 5-420L من القانون التجاري الفرنسي المعدلة بالقانون رقم 2005-882 المؤرخ في 02 غشت 2005، حيث تنص على أنه:
« Sont prohibées les offres de prix ou pratiques de prix de vente aux consommateurs abusivement bas par rapport aux coûts de production, de transformation et de commercialisation, dès lors que ces offres ou pratiques ont pour objet ou peuvent avoir pour effet d’éliminer d’un marché ou d’empêcher d’accéder à un marché une entreprise ou l’un de ses produits ».
[19]) Olivier Dehoorne : « Les petits territoires insulaires : positionnement et stratégies de développement », Études caribéennes, 27-28 Avril-Août 2014, mis en ligne le 14 août 2014.
URL:http://journals.openedition.org/etudescaribeennes/7250 .
تم الاطلاع عليه بتاريخ 5 أبريل 2020.
URL:http://journals.openedition.org/etudescaribeennes/7250 .
تم الاطلاع عليه بتاريخ 5 أبريل 2020.
[20]) يعتبر السعر في النظريات الاقتصادية نقطة التوازن بين العرض والطلب في، فبتغير سعر سلعة معينة تتغير الكميات المقتناة من قبل المستهلك، وإذا كان السعر هو حلقة الوصل بين العرض والطلب، فإن تحديده وفق القانون الأخير تحدده تقلبات السوق. للمزيد من الاطلاع أنظر:
Cindy CHEVALIER : « LE PRIX : SON INFLUENCE SUR LA DECISION D'ACHAT DU CONSOMMATEUR ET SON ROLE AU SEIN DE LA CONCURRENCE », CENTRE DU DROIT DE LA CONSOMMATION ET DU MARCHE (UMR 5815 CNRS Dynamiques du Droit) Master 2 Consommation ET Concurrence, UNIVERSITE MONTPELLIER I, Année universitaire 2010 / 2011, page 18.
Cindy CHEVALIER : « LE PRIX : SON INFLUENCE SUR LA DECISION D'ACHAT DU CONSOMMATEUR ET SON ROLE AU SEIN DE LA CONCURRENCE », CENTRE DU DROIT DE LA CONSOMMATION ET DU MARCHE (UMR 5815 CNRS Dynamiques du Droit) Master 2 Consommation ET Concurrence, UNIVERSITE MONTPELLIER I, Année universitaire 2010 / 2011, page 18.
[21]) Nathalie Grandfils : « Fixation et régulation des prix des médicaments en France », Revue française des affaires sociales 2007/3, p. 53-72.
[22]) أسند هذا الاختصاص لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بموجب مرسوم رقم 2.19.956، الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2019، والمتعلق باختصاصات وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، جريدة رسمية عدد 6826 الصادرة بتاريخ 31 أكتوبر2019، ص 10154.
[23]) قرار وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة تحت رقم 986.20 بتاريخ 16 مارس 2020، المتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية، بحيث ينص في المادة الأولى منه على تنظيم أسعار البيع القصوى بالجملة والتقسيط للمطهرات الكحولية لفترة لا تتعدى 6 أشهر، ويضيف نفس القرار في المادة الثانية أ الأسعار المذكورة تحدد بملحق هذا القرار، جريدة رسمية عدد 6865 مكرر، بتاريخ 17 مارس 2020، الصفحة 1541.
[24]) قرار وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة تحت رقم 1020.20 بتاريخ 31 مارس 2020 المتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار الكمامات الواقية، والذي ينص في المادة الثانية منه على السعر الأقصى للبيع للعموم مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة، جريدة رسمية عدد 6870، بتاريخ 2 أبريل 2020، الصفحة 1933.
[25]) في هذا الشأن تقدم وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في إطار الصلاحيات المخولة إليه بنص القانون بطلب رأي إلى مجلس المنافسة، هذا الأخير الذي أكد الدستور المغربي، والقانون المحدث له رقم 20.13 بأنه هيأة مستقلة تعنى بتدبير الوضع الاقتصادي داخل الدولة، ومن مهامه أيضا إبداء الأراء بشأن الأسعار والمنافسة والحالة الاقتصادية داخل الدولة، واستنادا لمقتضيات المادة الرابعة من القانون رقم 104.12 جاء في رأي مجلس المنافسة المتعلق بتنظيم أسعار المواد المطهرات الكحولية والكمامات الواقية تحت عدد 02/ر/2020 الصادر بتاريخ 21 رجب 1441 الموافق ل16 مارس 2020 ما يلي: " وحيث إنه يستفاد من مضمون طلب الرأي وكذا المعطيات الموضوعية للسوق وجود مضاربة في أسعار المنتجين المذكورين نظرا لازدياد الطلب الوطني والدولي عليها جراء انتشار جائحة كوفيد 19، وبالتالي فإن الشرط الأول المنصوص عليه في المادة الرابعة من القوانين قد تم استفاؤه، وحيث إن المشرع قد حدد بشكل حصري وليس على سبيل الاستلال قائمة الأسباب التي من شأنها إضفاء طابع الشرعية للجوء إلى التدابير المؤقتة المنصوص عليها في نفس المادة (أ) ظروف استثنائية (ب) كارثة عامة (ت) وضعية غير عادية بشكل واضح للسوق المعني، وحيث إنه يمكن تعريف الظروف الاستثنائية على أنها أحداث غير عادية وغير متوقعة من شأنها المساس بالسوق، وما يستلزم التدخل الفوري للسلطات العمومية قصد وضع حد لأي مسلسل تضخمي كخصاص في المواد أو ارتفاع فاحش في أسعارها. وحيث إنه بالنظر إلى السياق الدولي والوطني المرتبط بانتشار مرض كوفيد 19 والذي انتقل من صفة وباء إلى جائحة حسب وصف منظمة الصحة العالمية بتاريخ 11 مارس 2011، وكذا الخسائر البشرية والمادية الوخيمة الناجمة عن هذه الجائحة، فإن الشرط الثاني المذكور أعلاه قد تم استفاؤه أيضا."، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر، بتاريخ 17 مارس 2020، الصفحة 1543.
[26]) Art 01 Alinéa 03 du l’ordonnance 86-1243 : « Les dispositions des deux premiers alinéas ne font pas obstacle à ce que le Gouvernement arrête, par décret en Conseil d’Etat, contre des hausses ou des baisses excessives de prix, des mesures temporaires motivées par une situation de crise, des circonstance exceptionnelles, une calamité publique ou une situation manifestement anormale du marché dans un secteur déterminé. Le décret est pris après consultation du Conseil nation al de la consommation. Il précise sa durée de validité qui ne peut excéder six mois ».
[27]) يعتبر التضخم انعكاسا ونتيجة للسياسات الاقتصادية المتبعة؛ كما أن وجود في الاقتصاد الوطني يعني فشل السياسات الاقتصادية في تحقيق أحد أهم أهدافها ألا وهو هدف الحفاظ على الاستقرار العام للأسعار.
([28] تنص المادة 76 من القانون رقم 104.12 على أنه:" يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من عشرة آلاف (10.000) إلى خمسمائة ألف (500.000) درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من افتعل أو حاول افتعال رفع أو تخفيض سعر سلع أو خدمات أو سندات عامة أو خاصة، باستعمال أية وسيلة كانت لنشر معلومات كاذبة أو افتراءات أو بتقديم عروض في السوق قصد الإخلال بسير الأسعار أو عروض مزايدة على الأسعار التي طلبها الباعة أو باستخدام أية وسيلة أخرى من وسائل التدليس.
عندما يتعلق رفع أو تخفيض الأسعار المفتعل بالمواد الغذائية أو الحبوب أو الدقيق أو المواد الطحينية أو المشروبات أو العقاقير الطبية أو الوقود أو السماد التجاري، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا يزيد مبلغها عن ثمانمائة ألف (800.000) درهم.
يمكن أن ترفع مدة الحبس إلى خمس سنوات والغرامة إلى مليون (1.000.000) درهم إذا تعلقت المضاربة بمواد غذائية أو بضائع لا تدخل في الممارسة الاعتيادية لمهنة المخالف".
عندما يتعلق رفع أو تخفيض الأسعار المفتعل بالمواد الغذائية أو الحبوب أو الدقيق أو المواد الطحينية أو المشروبات أو العقاقير الطبية أو الوقود أو السماد التجاري، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا يزيد مبلغها عن ثمانمائة ألف (800.000) درهم.
يمكن أن ترفع مدة الحبس إلى خمس سنوات والغرامة إلى مليون (1.000.000) درهم إذا تعلقت المضاربة بمواد غذائية أو بضائع لا تدخل في الممارسة الاعتيادية لمهنة المخالف".
[29]) J-J BIOLAY :« Transparence tarifaire et pratiques relatives aux prix –organisation de la concurrence par les prix », Juris- Classeur, N° 27, P. 8-9.
([30] الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية الصادرة بتاريخ 14 نوفمبر 2008، ص : 17391.
[31]) أنظر الملحق رقم 1 من قرار الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة رقم 1899.15 الصادر بتاريخ 13 شعبان 1436 الموافق لفاتح يونيو 2015، المتعلق بتحديد قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المنظمة أسعارها.