عرض موجز للوقائع
المدعي الأجير نشر النزاع أمام المحكمة الإبتدائية بواسطة مقال افتتاحي للدعوى يعرض فيه أن التحق بالعمل لدى المدعى عليها كإطار تقني ومكلف بتتبع الوثائق التقنية منذ 01/12/2000 إلى أن تم فصله عن العمل بصفة تعسفية بتاريخ 20/09/2004 دون أن تحترم المشغلة مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل ومن أجل ذلك فهو يلتمس القضاء له بالتعويضات عن الإخطار والفصل والضرر.
وأجابت المدعى عليها أن الأجير بعد مرور ثلاثة أشهر من استخدامه طلب ترقيته إلا أن المشغلة رفضت كما أنه طلب التكوين فساعدته على ذلك وبعد انتهائه من الدراسة لم يعتن بمهامه ورفض انجاز عمل من اختصاصه دون مبرر، وبذلك يكون قد ارتكب خطأ جسيما يبرر فصله.
وعقب المدعي بأنه لم يمتنع عن أداء عمله وأن المشغلة لم تحترم الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادتين 62 و 64 من مدونة الشغل قبل اتخاذ قرار الفصل.
وبعد إجراء البحث واستكمال الإجراءات أمام المحكمة الإبتدائية أصدرت حكمها برفض الطلب بعلة أن الخطأ الجسيم ثابت في حقه.
وأن المدعي أعاد نشر النزاع أمام محكمة استئناف بالدار البيضاء مؤاخذا على الحكم الإبتدائي عدم الجواب وخرق القانون، ذلك أن الأجير دفع في المرحلة الإبتدائية بكون المشغلة لم تحترم مقتضيات المواد 62 و 64 من مدونة الشغل وأنها بمجرد ما ثبت لها أنه ارتكب خطأ سلمته رسالة الفصل دون أن تتيح له فرصة الدفاع عن نفسه وفق الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادة 62 من مدونة الشغل.
وبعد إدراج الملف بعدة جلسات حجز الملف للمداولة لجلسة 02/11/2006 وبها صدر القرار الإستئنافي والذي قضى بتأييد الحكم الإبتدائي.
وأجابت المدعى عليها أن الأجير بعد مرور ثلاثة أشهر من استخدامه طلب ترقيته إلا أن المشغلة رفضت كما أنه طلب التكوين فساعدته على ذلك وبعد انتهائه من الدراسة لم يعتن بمهامه ورفض انجاز عمل من اختصاصه دون مبرر، وبذلك يكون قد ارتكب خطأ جسيما يبرر فصله.
وعقب المدعي بأنه لم يمتنع عن أداء عمله وأن المشغلة لم تحترم الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادتين 62 و 64 من مدونة الشغل قبل اتخاذ قرار الفصل.
وبعد إجراء البحث واستكمال الإجراءات أمام المحكمة الإبتدائية أصدرت حكمها برفض الطلب بعلة أن الخطأ الجسيم ثابت في حقه.
وأن المدعي أعاد نشر النزاع أمام محكمة استئناف بالدار البيضاء مؤاخذا على الحكم الإبتدائي عدم الجواب وخرق القانون، ذلك أن الأجير دفع في المرحلة الإبتدائية بكون المشغلة لم تحترم مقتضيات المواد 62 و 64 من مدونة الشغل وأنها بمجرد ما ثبت لها أنه ارتكب خطأ سلمته رسالة الفصل دون أن تتيح له فرصة الدفاع عن نفسه وفق الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادة 62 من مدونة الشغل.
وبعد إدراج الملف بعدة جلسات حجز الملف للمداولة لجلسة 02/11/2006 وبها صدر القرار الإستئنافي والذي قضى بتأييد الحكم الإبتدائي.
التعليق
لقد ذهب القرار الإستئنافي الصادر عن الغرفة الإجتماعية بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء إلى اعتبار أن الأجير عندما لم يلجأ إلى مفتش الشغل بقصد طلب إجراء المسطرة رغم توصله بمقرر الفصل يكون قد تنازل عن حقه في اللجوء إلى مسطرة الإستماع.
ومن هذا المنطلق وإذا ما تماشينا مع هذا القرار فالأجير الذي لم يسلك المسطرة المنصوص عليها في المادة 62 وذلك بالتوجه إلى مفتش الشغل لا حق له في التمسك بأن المشغل عندما أقدم على فصله لم يحترم المقتضيات المنصوص عليها في المادة 62 وما بعدها من مدونة الشغل.
وأن المحكمة في هذه الحالة غير ملزمة إلا بالإقتصار على ما ورد في مقرر الفصل في حالة وجوده دون سوى ذلك من دفوعات.
وبالرجوع إلى مدونة الشغل باعتباره القانون المنظم للعلاقة الشغلية بين الأجير والمشغل نجده قد نظم مسطرة الفصل من خلال المواد 61 ، 62 ، 63 ، 64 و 65.
ونعتقد أن المشرع المغربي لما أدرج هذه المواد بهذا التسلل لم يكن ذلك عن غير إدراك بالمغزى الذي توخاه من التدرج في سن مقتضيات مسطرة الفصل.
إذ من خلال المادة 61 أعطى إمكانية فصل الأجير من دون أي تعويض في حالة ارتكابه خطأ جسيم، لكنه مقابل ذلك منع فصل الأجير دون أن تتاح له فرصة الإستماع للدفاع عن نفسه وذلك من خلال المادة 62.
والملاحظ أن المخاطب من خلال المادة 61 هو المشغل، إذ خول المشرع لهذا المشغل إمكانية فصل الأجير الذي ارتكب خطأ جسيما.
واستمر المشرع في مخاطبة المشغل لما أوجب عليه قبل فصل الأجير إتاحة الفرصة لهذا الأخير من أجل الدفاع عن نفسه وذلك بالإستماع إليه أولا وذلك بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي للمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه، ثم ثانيا تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان وتسلم منه نسخة إلى الأجير.
ومن خلال الوقوف على المادة 61 والفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 62 نلاحظ أن المشرع من خلالهم ظل يخاطب المشغل بمفرده، ولم يخاطب الأجير إلا من خلال الفقرة الثالثة من المادة 62، وذلك لما أتاح المشرع لكلا الطرفين الأجير والمشغل في حالة رفض إجراء أو إتمام المسطرة إمكانية اللجوء إلى مفتش الشغل.
ومن هنا يتضح أن دور المشغل في مسطرة الفصل هو دور ايجابي وأن مسطرة الفصل ملقاة بالأساس على عاتقه باعتباره صاحب المبادرة إلى إمكانية فصل الأجير التي تحدث عنها المشرع في المادة 61 وأن هذا المشرع نفسه هو الذي منع هذه الإمكانية قبل الإستماع إلى الأجير من أجل الدفاع عن نفسه وتحرير محضر بذلك وتسليم نسخة منه إلى الأجير.
فقبل التحدث عن اللجوء إلى مفتش الشغل هناك مراحل وإجراءات عديدة يجب سلوكها في حالة عزم المشغل فصل الأجير لإرتكابه خطأ جسيم وهي:
- إتاحة فرصة الإستماع للأجير للدفاع عن نفسه من قبل المشغل أو من ينوب عنه.
- حضور مندوب الإجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير.
- ألا يتعدى أجل الإستماع للأجير ثمانية أيام من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.
- تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان.
- تسليم نسخة من المحضر إلى الأجير.
إذن، وعلى عكس ما ذهب إليه القرار الإستئنافي موضوع التعليق فلا يمكن القفز على جميع هذه المراحل لنقول بأن عدم لجوء الأجير لمفتش الشغل يسقط حقه في التمسك بعدم احترام المشغل لمسطرة الفصل المنصوص عليه في المواد من 61 إلى 65.
لأن مسطرة الفصل ملقاة بالأساس على عاتق المشغل كما سبق وقلنا، وذلك على اعتبار أنه صاحب المبادرة، وكذلك على اعتبار أنه هو المخاطب أساسا من خلال المادة 61 وكذلك من خلال المادة 62 في فقرتيها الأولى والثانية، والتي لا يمكن تطبيق المادة 61 بــمـعـزل عــنـهــا.
وهذا ما كرسه المجلس الأعلى من خلال القرار عدد 276 الصادر بتاريخ 14/03/2007 في الملف عدد 913/5/1/2006 والذي جاء فيه:
"لكن إنه من استقراء مقتضيات المواد 61 و 62 و 63 و 64 و 65 من مدونة الشغل يتجلى بأن تطبيق مسطرة الفصل (أي الطرد) ملقاة بالأساس على كاهل المشغل، باعتباره صاحب المبادرة في فصل الأجير بادعاء ارتكابه للخطأ الجسيم، وبالتالي فدور المشغل في هذه المسطرة هو دور ايجابي وليس سلبي ..."
ومن هذا المنطلق فعدم لجوء الأجير لمفتش الشغل لن يضفي على فصل هذا الأجير المشروعية في حالة عدم احترام المشغل للإجراءات المنصوص عليها في المادة 62
في الفقرتين الأولى والثانية، وهذا ما كرس عكسه القرار موضوع التعليق.
إذ بتوجهه هذا قفز على مقتضيات قانونية أتت بإجراءات غاية في الدقة وواجبة السلوك وهي المنصوص عليها في المادة 62 في فقرتيها الأولى والثانية والتي لا يمكن القفز عنها لإلقاء اللوم على الأجير الذي لم يحترم الفقرة الثالثة من المادة 62 بعدم لجوئه إلى مفتش الشغل لأن مسطرة الفصل ليست هي اللجوء إلى مفتش الشغل فقط، بل إن هذه الخطوة تعتبر الإستثناء، لأنه لا يلجأ إليها إلا في حالة رفض أحد الطرفين إتمام إجراء أو إتمام المسطرة، والقاعدة هي أن المشغل قبل إقدامه على فصل الأجير، يجب عليه أولا احترام مقتضيات الفقرة 1 و 2 من المادة 62 وهي إجراءات سابقة لإجراء اللجوء إلى مفتش الشغل، لأنه دائما وحسب ما يستشف من استقراء المواد المنظمة لمسطرة الفصل قراءة متأنية فالمبادرة إلى سلوك هذه المسطرة ملقاة بالأساس على كاهل المشغل لأنه حتى ولو لم يلجأ الأجير إلى مفتش الشغل، فالمشغل من الواجب عليه اللجوء إلى مفتش الشغل في إطار الفقرة الثالثة من المادة 62 وفي هذه الحالة فقط يمكن القول بان الأجير لا حق له في التمسك بعدم احترام المشغل لمقتضيات المادة 62 وما بعدها، لأن المشغل الذي يعزم فصل أجير لإرتكابه خطأ جسيم وجب عليه ما يلي:
- إتاحة فرصة الإستماع للأجير للدفاع عن نفسه من قبل المشغل أو من ينوب عنه.
- حضور مندوب الإجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير.
- ألا يتعدى أجل الإستماع للأجير ثمانية أيام من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.
- تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان.
- تسليم نسخة من المحضر إلى الأجير.
- في حالة رفض الأجير إتمام المسطرة وذلك بعدم استجابته لدعوة المشغل لجلسة الاستماع وباقي الإجراءات الأخرى وجب على المشغل اللجوء إلى مفتش الشغل اعتمادا على مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 63.
وبذلك يكون المشغل قد احترم الإجراءات المنصوص عليها في المادة 62.
أما والحال أن المشغل لم يلجأ بدوره إلى مفتش الشغل، فلا مجال للقول بأن حق الأجير سقط في التمسك بمقتضيات المادة 62 وما بعدها بعدم لجوئه إلى مفتش الشغل.
والقول بعكس ذلك هو صورة لتأويل خاطئ وغير صائب للمواد المتعلقة بمسطرة الفصل المنصوص عليها في مدونة الشغل، وعدم إدراك للفلسفة التي توخاها المشرع من خلال سنه للمواد المتعلقة بمسطرة الفصل، ألا وهي حماية الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية وخلق توازن بين المراكز القانونية لطرفيها من أجل خلق الإستقرار على الجهتين جهة الإقتصاد وكذا جهة حقوق وكرامة العامل.
وهذا ما أكدت عليه ديباجية القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل إذ جاء فيها:
"العمل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البلاد وصيانة كرامة الإنسان والنهوض بمستواه المعيشي وتحقيق الشروط المناسبة لاستقراره العائلي وتقدمه الإجتماعي".
"تعتبر المقاولة خلية اقتصادية واجتماعية تتمتع باحترام حق الملكية الخاصة وتلزم باحترام كرامة الذين يشتغلون بها وضمان حقوقهم الفردية والجماعية، كما تعمل على تحقيق التقدم الاجتماعي لأجرائها خاصة فيما يتعلق بأمنهم المادي ورعاية صحتهم".
ومن هذا المنطلق وإذا ما تماشينا مع هذا القرار فالأجير الذي لم يسلك المسطرة المنصوص عليها في المادة 62 وذلك بالتوجه إلى مفتش الشغل لا حق له في التمسك بأن المشغل عندما أقدم على فصله لم يحترم المقتضيات المنصوص عليها في المادة 62 وما بعدها من مدونة الشغل.
وأن المحكمة في هذه الحالة غير ملزمة إلا بالإقتصار على ما ورد في مقرر الفصل في حالة وجوده دون سوى ذلك من دفوعات.
وبالرجوع إلى مدونة الشغل باعتباره القانون المنظم للعلاقة الشغلية بين الأجير والمشغل نجده قد نظم مسطرة الفصل من خلال المواد 61 ، 62 ، 63 ، 64 و 65.
ونعتقد أن المشرع المغربي لما أدرج هذه المواد بهذا التسلل لم يكن ذلك عن غير إدراك بالمغزى الذي توخاه من التدرج في سن مقتضيات مسطرة الفصل.
إذ من خلال المادة 61 أعطى إمكانية فصل الأجير من دون أي تعويض في حالة ارتكابه خطأ جسيم، لكنه مقابل ذلك منع فصل الأجير دون أن تتاح له فرصة الإستماع للدفاع عن نفسه وذلك من خلال المادة 62.
والملاحظ أن المخاطب من خلال المادة 61 هو المشغل، إذ خول المشرع لهذا المشغل إمكانية فصل الأجير الذي ارتكب خطأ جسيما.
واستمر المشرع في مخاطبة المشغل لما أوجب عليه قبل فصل الأجير إتاحة الفرصة لهذا الأخير من أجل الدفاع عن نفسه وذلك بالإستماع إليه أولا وذلك بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي للمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه، ثم ثانيا تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان وتسلم منه نسخة إلى الأجير.
ومن خلال الوقوف على المادة 61 والفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 62 نلاحظ أن المشرع من خلالهم ظل يخاطب المشغل بمفرده، ولم يخاطب الأجير إلا من خلال الفقرة الثالثة من المادة 62، وذلك لما أتاح المشرع لكلا الطرفين الأجير والمشغل في حالة رفض إجراء أو إتمام المسطرة إمكانية اللجوء إلى مفتش الشغل.
ومن هنا يتضح أن دور المشغل في مسطرة الفصل هو دور ايجابي وأن مسطرة الفصل ملقاة بالأساس على عاتقه باعتباره صاحب المبادرة إلى إمكانية فصل الأجير التي تحدث عنها المشرع في المادة 61 وأن هذا المشرع نفسه هو الذي منع هذه الإمكانية قبل الإستماع إلى الأجير من أجل الدفاع عن نفسه وتحرير محضر بذلك وتسليم نسخة منه إلى الأجير.
فقبل التحدث عن اللجوء إلى مفتش الشغل هناك مراحل وإجراءات عديدة يجب سلوكها في حالة عزم المشغل فصل الأجير لإرتكابه خطأ جسيم وهي:
- إتاحة فرصة الإستماع للأجير للدفاع عن نفسه من قبل المشغل أو من ينوب عنه.
- حضور مندوب الإجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير.
- ألا يتعدى أجل الإستماع للأجير ثمانية أيام من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.
- تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان.
- تسليم نسخة من المحضر إلى الأجير.
إذن، وعلى عكس ما ذهب إليه القرار الإستئنافي موضوع التعليق فلا يمكن القفز على جميع هذه المراحل لنقول بأن عدم لجوء الأجير لمفتش الشغل يسقط حقه في التمسك بعدم احترام المشغل لمسطرة الفصل المنصوص عليه في المواد من 61 إلى 65.
لأن مسطرة الفصل ملقاة بالأساس على عاتق المشغل كما سبق وقلنا، وذلك على اعتبار أنه صاحب المبادرة، وكذلك على اعتبار أنه هو المخاطب أساسا من خلال المادة 61 وكذلك من خلال المادة 62 في فقرتيها الأولى والثانية، والتي لا يمكن تطبيق المادة 61 بــمـعـزل عــنـهــا.
وهذا ما كرسه المجلس الأعلى من خلال القرار عدد 276 الصادر بتاريخ 14/03/2007 في الملف عدد 913/5/1/2006 والذي جاء فيه:
"لكن إنه من استقراء مقتضيات المواد 61 و 62 و 63 و 64 و 65 من مدونة الشغل يتجلى بأن تطبيق مسطرة الفصل (أي الطرد) ملقاة بالأساس على كاهل المشغل، باعتباره صاحب المبادرة في فصل الأجير بادعاء ارتكابه للخطأ الجسيم، وبالتالي فدور المشغل في هذه المسطرة هو دور ايجابي وليس سلبي ..."
ومن هذا المنطلق فعدم لجوء الأجير لمفتش الشغل لن يضفي على فصل هذا الأجير المشروعية في حالة عدم احترام المشغل للإجراءات المنصوص عليها في المادة 62
في الفقرتين الأولى والثانية، وهذا ما كرس عكسه القرار موضوع التعليق.
إذ بتوجهه هذا قفز على مقتضيات قانونية أتت بإجراءات غاية في الدقة وواجبة السلوك وهي المنصوص عليها في المادة 62 في فقرتيها الأولى والثانية والتي لا يمكن القفز عنها لإلقاء اللوم على الأجير الذي لم يحترم الفقرة الثالثة من المادة 62 بعدم لجوئه إلى مفتش الشغل لأن مسطرة الفصل ليست هي اللجوء إلى مفتش الشغل فقط، بل إن هذه الخطوة تعتبر الإستثناء، لأنه لا يلجأ إليها إلا في حالة رفض أحد الطرفين إتمام إجراء أو إتمام المسطرة، والقاعدة هي أن المشغل قبل إقدامه على فصل الأجير، يجب عليه أولا احترام مقتضيات الفقرة 1 و 2 من المادة 62 وهي إجراءات سابقة لإجراء اللجوء إلى مفتش الشغل، لأنه دائما وحسب ما يستشف من استقراء المواد المنظمة لمسطرة الفصل قراءة متأنية فالمبادرة إلى سلوك هذه المسطرة ملقاة بالأساس على كاهل المشغل لأنه حتى ولو لم يلجأ الأجير إلى مفتش الشغل، فالمشغل من الواجب عليه اللجوء إلى مفتش الشغل في إطار الفقرة الثالثة من المادة 62 وفي هذه الحالة فقط يمكن القول بان الأجير لا حق له في التمسك بعدم احترام المشغل لمقتضيات المادة 62 وما بعدها، لأن المشغل الذي يعزم فصل أجير لإرتكابه خطأ جسيم وجب عليه ما يلي:
- إتاحة فرصة الإستماع للأجير للدفاع عن نفسه من قبل المشغل أو من ينوب عنه.
- حضور مندوب الإجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير.
- ألا يتعدى أجل الإستماع للأجير ثمانية أيام من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه.
- تحرير محضر بذلك يوقعه الطرفان.
- تسليم نسخة من المحضر إلى الأجير.
- في حالة رفض الأجير إتمام المسطرة وذلك بعدم استجابته لدعوة المشغل لجلسة الاستماع وباقي الإجراءات الأخرى وجب على المشغل اللجوء إلى مفتش الشغل اعتمادا على مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 63.
وبذلك يكون المشغل قد احترم الإجراءات المنصوص عليها في المادة 62.
أما والحال أن المشغل لم يلجأ بدوره إلى مفتش الشغل، فلا مجال للقول بأن حق الأجير سقط في التمسك بمقتضيات المادة 62 وما بعدها بعدم لجوئه إلى مفتش الشغل.
والقول بعكس ذلك هو صورة لتأويل خاطئ وغير صائب للمواد المتعلقة بمسطرة الفصل المنصوص عليها في مدونة الشغل، وعدم إدراك للفلسفة التي توخاها المشرع من خلال سنه للمواد المتعلقة بمسطرة الفصل، ألا وهي حماية الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية وخلق توازن بين المراكز القانونية لطرفيها من أجل خلق الإستقرار على الجهتين جهة الإقتصاد وكذا جهة حقوق وكرامة العامل.
وهذا ما أكدت عليه ديباجية القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل إذ جاء فيها:
"العمل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البلاد وصيانة كرامة الإنسان والنهوض بمستواه المعيشي وتحقيق الشروط المناسبة لاستقراره العائلي وتقدمه الإجتماعي".
"تعتبر المقاولة خلية اقتصادية واجتماعية تتمتع باحترام حق الملكية الخاصة وتلزم باحترام كرامة الذين يشتغلون بها وضمان حقوقهم الفردية والجماعية، كما تعمل على تحقيق التقدم الاجتماعي لأجرائها خاصة فيما يتعلق بأمنهم المادي ورعاية صحتهم".