أبو محمد أمين، باحث في القانون
لا بد في البداية الإشارة إلى الوقائع التالية :
* تم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب بموجب بلاغ رسمي للسيد وزير الداخلية على أساس أن تبتدأ يوم الجمعة 20 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء، وأكد ذلك بلاغ السيد رئيس الحكومة بتاريخ 22 مارس 2020 المتعلق بالمجلس الحكومي الذي صادق على مشروعي المرسوم بقانون والمرسوم الخاصين بحالة الطوارئ الصحية.
* المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020.
* المرسوم رقم 2.20.393 المعلن لحالة الطوارئ الصحية لسائر أرجاء التراب الوطني تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020.
* المرسوم رقم 2.20.293 المذكور أشار في المادة الأولى منه على أن حالة الطوارئ الصحية تنتهي في 20 أبريل 2020 ولم يشر إلى بداية حالة الطوارئ.
* بعد سرد هذه الوقائع، وأمام سكوت المرسوم المعلن لحالة الطوارئ عن ذكر تاريخ بداية حالة الطوارئ الصحية، السؤال المطروح هو ماهو تاريخ بداية حالة الطوارئ الصحية على ضوء المعطيات المشار إليها أعلاه؟
هناك أربعة توجهات في الإجابة على هذا السؤال :
1. التوجه الأول يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 20 مارس 2020 أي التاريخ الذي أعلنت عنه الدولة من خلال البلاغ الرسمي لوزير الداخلية في إطار القواعد العامة القانونية التي تنظم عمل السلطة العامة بهدف حماية المجتمع، والذي أكده بلاغ السيد رئيس الحكومة ليوم 22 مارس 2020.
2. التوجه الثاني يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 22 مارس 2020 أي تاريخ بلاغ رئيس الحكومة المتعلق بالمجلس الحكومي الذي صادق على مشروعي المرسوم بقانون والمرسوم الخاصين بحالة الطوارئ الصحية.
3. التوجه الثالث يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 24 مارس 2020 أي تاريخ نشر المرسوم المعلن لحالة الطوارئ بالجريدة الرسمية.
4. التوجه الرابع يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 25 مارس 2020 أي تاريخ اليوم الموالي لتاريخ نشر المرسوم المعلن لحالة الطوارئ بالجريدة الرسمية، ويستدل أصحاب هذا التوجه بقرار لمحكمة النقض مفاده أن النص الذي لا يشير إلى تاريخ نفاذه، يدخل حيز التنفيذ في اليوم الموالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
أمام ضيق الوقت من أجل مناقشة كافة التوجهات، فإننا سنقتصر على التوجه الذي نميل إليه، حيث إنه بعد استيعاب كافة التوجهات نميل إلى التوجه الأول أي اعتبار تاريخ 20 مارس 2020 (التاريخ الفعلي لبداية حالة الطوارئ في الواقع) هو التاريخ المنطقي الذي ينبغي اعتباره كبداية لحالة الطوارئ الصحية، وذلك الاعتبارات التالية :
* من أجل تحقيق الأمن القانوني بالنظر إلى أن الدولة أعلنت على حالة الطوارئ الصحية منذ 20 مارس 2020 من خلال بلاغ رسمي موجه إلى عموم الشعب المغربي، وأكد ذلك المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020 من خلال بلاغ السيد رئيس الحكومي المتعلق به.
* استجابة للمنطق القانوني والواقعي لأن من أهم التدابير الاستثنائية المتخذة نتيجة الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية كما جاء في بلاغ وزارة الداخلية وأكده بلاغ المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020 هو تقييد حركة المواطنين من خلال منعهم من عدم مغادرتهم محل سكناهم، ومنعهم من التنقل إلا في حالة الضرورة القصوى بموجب ترخيص إداري من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي أو تلقي العلاجات الضرورية أو اقتناء الأدوية من الصيدليات. وهذا معناه عدم تمكنهم من مباشرة حقوقهم المرتبطة بآجال قانونية.
* من أجل حماية أكثر لمصالح المواطنين، خصوصا بعد صدور البلاغ الرسمي للسيد وزير الداخلية بانطلاق حالة الطوارئ الصحية، والذي على إثره لم يتمكن عموم المواطنين، تنفيذا لحالة الطوارئ المعلنة فعليا منذ ذلك التاريخ، من مباشرة حقوقهم المرتبطة بآجال قانونية، وهذا من الغايات الأساسية لسن نصوص قانونية لحماية الأشخاص من ضياع حقوقهم نتيجة مطالبتهم بلزوم منازلهم.
* صحيح أنه كان من المفترض أن يشار في المرسوم بقانون المذكور المنشور بالجريدة الرسمية في 24 مارس 2020 في إطار مثلا " أحكام استثنائية أو انتقالية" إلى أن حالة الطوارئ الذي انطلقت في البلاد قبل ذلك في 20 مارس 2020 تخضع لمقتضيات هذا المرسوم بقانون؛ الشيء الذي لم يقع للأسف.
* لذلك فإن غياب مثل هذا المقتضى في المرسوم بقانون يجب أن لا يجعلنا نذهب في اتجاه يهضم حقوق الكثير من المواطنين الذي استجابوا لحالة الطوارئ التي أعلنت يوم 20 مارس 2020، مع الإشارة أنهم لم يكن لهم أي اختيار آخر، فالشخص الذي انتهى أجل استئناف حكم ابتدائي صادر ضده في 23 مارس 2020 ، صعب جدا أن نقتنع برأي يقول له لقد انتهى أجل الطعن بالنسبة لك لأن حالة الطوارئ انطلقت يوم 24 مارس 2020، في حين أنه كان يصعب عليه وعلى المحامي الذي ينوب عنه منذ 20 مارس 2020 تاريخ البداية الفعلية لحالة الطوارئ، ممارسة الطعن المذكور.
* إن مبدأ عدم رجعية القانون مقيد للقاضي وليس للمشرع، بمعنى أنه كان للمشرع كامل الصلاحية في أن يجعل المقضيات المضمنة في المرسوم بقانون سارية على حالة الطوارئ التي كانت قد انطلقت بالفعل منذ 20 مارس 2020.
* إن مبدأ عدم رجعية القانون يستند إلى اعتبارات المنطق والعدل والمصلحة العامة، كما أن تطبيقه يتم من أجل حماية الأفراد من تعسف السلطة العامة لتطبيق قانون جديد على وضعيات سابقة نشأت قبل صدوره أو المساس بحقوق مكتسبة في ظل قانون سابق، وهذا لا ينطبق على الواقع الذي نحن بصدده لأنه على العكس تماما من شأن عدم اعتبار 20 مارس 2020 بداية قانونية لحالة الطوارئ الصحية مساس بالعديد من الحقوق.
* صحيخ أن مبدأ عدم رجعية القانون مبدأ دستوري (تم النص عليه في الفصل 6 من دستور 2011)، لكنه مع ذلك ليس مبدأ جامدا بل يمكن أن ترد عليه بعض الاستثناءات درج الفقه على بيانها وتتلخص فيما يلي :
- النص الصريح على رجعية القانون في القانون المعني نفسه، وذلك لتحقيق مصلحة عامة.
- تطبيق القانون الجنائي الأصلح للمتهم.
- القانون المتعلق بالنظام العام والآداب العامة، والنصوص القانونية المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية لها علاقة بالنظام العام.
- القانون التفسيري لقانون سابق.
خلاصة القول، على فرض صعوبة قبول التأويل القانوني الذي يرى أن بداية حالة الطوارئ الصحية هي 20 مارس 2020 انسجاما مع التاريخ الفعلي لبداية حالة الطوارئ كما بينا أعلاه، فإني أرى، عوض الانتصار للتأويلات الأخرى، أنه يجب على الدولة بالسرعة المطلوبة، عند الاقتضاء، تدارك اللبس القانوني الذي نتج عن عدم التنصيص في المرسوم بقانون على أن حالة الطوارئ انطلقت منذ 20 مارس 2020، لأن من شأن ذلك أن يحقق المصلحة العامة ويحافظ على هبة الدولة.
لا بد في البداية الإشارة إلى الوقائع التالية :
* تم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب بموجب بلاغ رسمي للسيد وزير الداخلية على أساس أن تبتدأ يوم الجمعة 20 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء، وأكد ذلك بلاغ السيد رئيس الحكومة بتاريخ 22 مارس 2020 المتعلق بالمجلس الحكومي الذي صادق على مشروعي المرسوم بقانون والمرسوم الخاصين بحالة الطوارئ الصحية.
* المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020.
* المرسوم رقم 2.20.393 المعلن لحالة الطوارئ الصحية لسائر أرجاء التراب الوطني تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020.
* المرسوم رقم 2.20.293 المذكور أشار في المادة الأولى منه على أن حالة الطوارئ الصحية تنتهي في 20 أبريل 2020 ولم يشر إلى بداية حالة الطوارئ.
* بعد سرد هذه الوقائع، وأمام سكوت المرسوم المعلن لحالة الطوارئ عن ذكر تاريخ بداية حالة الطوارئ الصحية، السؤال المطروح هو ماهو تاريخ بداية حالة الطوارئ الصحية على ضوء المعطيات المشار إليها أعلاه؟
هناك أربعة توجهات في الإجابة على هذا السؤال :
1. التوجه الأول يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 20 مارس 2020 أي التاريخ الذي أعلنت عنه الدولة من خلال البلاغ الرسمي لوزير الداخلية في إطار القواعد العامة القانونية التي تنظم عمل السلطة العامة بهدف حماية المجتمع، والذي أكده بلاغ السيد رئيس الحكومة ليوم 22 مارس 2020.
2. التوجه الثاني يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 22 مارس 2020 أي تاريخ بلاغ رئيس الحكومة المتعلق بالمجلس الحكومي الذي صادق على مشروعي المرسوم بقانون والمرسوم الخاصين بحالة الطوارئ الصحية.
3. التوجه الثالث يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 24 مارس 2020 أي تاريخ نشر المرسوم المعلن لحالة الطوارئ بالجريدة الرسمية.
4. التوجه الرابع يرى أن بداية حالة الطوارئ هو 25 مارس 2020 أي تاريخ اليوم الموالي لتاريخ نشر المرسوم المعلن لحالة الطوارئ بالجريدة الرسمية، ويستدل أصحاب هذا التوجه بقرار لمحكمة النقض مفاده أن النص الذي لا يشير إلى تاريخ نفاذه، يدخل حيز التنفيذ في اليوم الموالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
أمام ضيق الوقت من أجل مناقشة كافة التوجهات، فإننا سنقتصر على التوجه الذي نميل إليه، حيث إنه بعد استيعاب كافة التوجهات نميل إلى التوجه الأول أي اعتبار تاريخ 20 مارس 2020 (التاريخ الفعلي لبداية حالة الطوارئ في الواقع) هو التاريخ المنطقي الذي ينبغي اعتباره كبداية لحالة الطوارئ الصحية، وذلك الاعتبارات التالية :
* من أجل تحقيق الأمن القانوني بالنظر إلى أن الدولة أعلنت على حالة الطوارئ الصحية منذ 20 مارس 2020 من خلال بلاغ رسمي موجه إلى عموم الشعب المغربي، وأكد ذلك المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020 من خلال بلاغ السيد رئيس الحكومي المتعلق به.
* استجابة للمنطق القانوني والواقعي لأن من أهم التدابير الاستثنائية المتخذة نتيجة الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية كما جاء في بلاغ وزارة الداخلية وأكده بلاغ المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 22 مارس 2020 هو تقييد حركة المواطنين من خلال منعهم من عدم مغادرتهم محل سكناهم، ومنعهم من التنقل إلا في حالة الضرورة القصوى بموجب ترخيص إداري من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي أو تلقي العلاجات الضرورية أو اقتناء الأدوية من الصيدليات. وهذا معناه عدم تمكنهم من مباشرة حقوقهم المرتبطة بآجال قانونية.
* من أجل حماية أكثر لمصالح المواطنين، خصوصا بعد صدور البلاغ الرسمي للسيد وزير الداخلية بانطلاق حالة الطوارئ الصحية، والذي على إثره لم يتمكن عموم المواطنين، تنفيذا لحالة الطوارئ المعلنة فعليا منذ ذلك التاريخ، من مباشرة حقوقهم المرتبطة بآجال قانونية، وهذا من الغايات الأساسية لسن نصوص قانونية لحماية الأشخاص من ضياع حقوقهم نتيجة مطالبتهم بلزوم منازلهم.
* صحيح أنه كان من المفترض أن يشار في المرسوم بقانون المذكور المنشور بالجريدة الرسمية في 24 مارس 2020 في إطار مثلا " أحكام استثنائية أو انتقالية" إلى أن حالة الطوارئ الذي انطلقت في البلاد قبل ذلك في 20 مارس 2020 تخضع لمقتضيات هذا المرسوم بقانون؛ الشيء الذي لم يقع للأسف.
* لذلك فإن غياب مثل هذا المقتضى في المرسوم بقانون يجب أن لا يجعلنا نذهب في اتجاه يهضم حقوق الكثير من المواطنين الذي استجابوا لحالة الطوارئ التي أعلنت يوم 20 مارس 2020، مع الإشارة أنهم لم يكن لهم أي اختيار آخر، فالشخص الذي انتهى أجل استئناف حكم ابتدائي صادر ضده في 23 مارس 2020 ، صعب جدا أن نقتنع برأي يقول له لقد انتهى أجل الطعن بالنسبة لك لأن حالة الطوارئ انطلقت يوم 24 مارس 2020، في حين أنه كان يصعب عليه وعلى المحامي الذي ينوب عنه منذ 20 مارس 2020 تاريخ البداية الفعلية لحالة الطوارئ، ممارسة الطعن المذكور.
* إن مبدأ عدم رجعية القانون مقيد للقاضي وليس للمشرع، بمعنى أنه كان للمشرع كامل الصلاحية في أن يجعل المقضيات المضمنة في المرسوم بقانون سارية على حالة الطوارئ التي كانت قد انطلقت بالفعل منذ 20 مارس 2020.
* إن مبدأ عدم رجعية القانون يستند إلى اعتبارات المنطق والعدل والمصلحة العامة، كما أن تطبيقه يتم من أجل حماية الأفراد من تعسف السلطة العامة لتطبيق قانون جديد على وضعيات سابقة نشأت قبل صدوره أو المساس بحقوق مكتسبة في ظل قانون سابق، وهذا لا ينطبق على الواقع الذي نحن بصدده لأنه على العكس تماما من شأن عدم اعتبار 20 مارس 2020 بداية قانونية لحالة الطوارئ الصحية مساس بالعديد من الحقوق.
* صحيخ أن مبدأ عدم رجعية القانون مبدأ دستوري (تم النص عليه في الفصل 6 من دستور 2011)، لكنه مع ذلك ليس مبدأ جامدا بل يمكن أن ترد عليه بعض الاستثناءات درج الفقه على بيانها وتتلخص فيما يلي :
- النص الصريح على رجعية القانون في القانون المعني نفسه، وذلك لتحقيق مصلحة عامة.
- تطبيق القانون الجنائي الأصلح للمتهم.
- القانون المتعلق بالنظام العام والآداب العامة، والنصوص القانونية المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية لها علاقة بالنظام العام.
- القانون التفسيري لقانون سابق.
خلاصة القول، على فرض صعوبة قبول التأويل القانوني الذي يرى أن بداية حالة الطوارئ الصحية هي 20 مارس 2020 انسجاما مع التاريخ الفعلي لبداية حالة الطوارئ كما بينا أعلاه، فإني أرى، عوض الانتصار للتأويلات الأخرى، أنه يجب على الدولة بالسرعة المطلوبة، عند الاقتضاء، تدارك اللبس القانوني الذي نتج عن عدم التنصيص في المرسوم بقانون على أن حالة الطوارئ انطلقت منذ 20 مارس 2020، لأن من شأن ذلك أن يحقق المصلحة العامة ويحافظ على هبة الدولة.