MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



كلمة وزير العدل والحريات المصطفى الرميد بمناسبة انعقاد الدورة 25 لمجلس حقوق الانسان

     

جنيف
3 مارس 2013



كلمة وزير العدل والحريات المصطفى الرميد بمناسبة انعقاد الدورة 25 لمجلس حقوق الانسان

السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة
السيد رئيس مجلس حقوق الإنسان
السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
السيدة المفوضة السامية لحقوق الإنسان
أصحاب السعادة
حضرات السيدات والسادة؛


يشرفني أن أتناول الكلمة باسم المملكة المغربية أمام مجلسكم الموقر، الذي لا يخفى دوره الكبير في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

و أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن تهاني الصادقة لسعادة السيد بودلير ندونغ إيلا بمناسبة توليه رئاسة الدورة الثامنة لمجلس حقوق الإنسان، متمنيا لمعاليه ولكافة أعضاء مكتب المجلس كامل التوفيق والنجاح. كما لا يفوتني ان أشيد بالجهود المتواصلة للسيدة نفانثيم بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، في مجال حماية هذه الحقوق والنهوض بها عبر العالم
.

السيد الرئيس،
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة
،

كما لا يخفى على حضراتكم فقد حظيت المملكة المغربية يوم 12 نونبر 2013 بثقة غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بانتخابها مجددا لعضوية مجلس حقوق الإنسان، الذي تعد المملكة أحد الأعضاء المؤسسين له؛ وإذ أجدد الشكر لكافة الدول على هذه الثقة، فإنني أؤكد استعداد المملكة التام للمساهمة في دعم وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها عبر العالم ، منتهجة في ذلك سبل الحوار البناء والتسامح والاعتدال، ومولية كامل الأهمية للتعاون والتضامن الدوليين ولدعم قدرات بلدان الجنوب وضمان الحق في التنمية، والحرص على عدم التوظيف السيئ لحقوق الإنسان؛ مسترشدة في جهودها بالقيم الإنسانية الكونية، وبمبادئ مساواة الدول في السيادة، ومسؤوليتها عن حماية مواطنيها واستقلالها ووحدتها الترابية، وباقي القيم والمبادئ التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.

انطلاقا من إيماننا التام بهذه القيم والمبادئ نجدد العزم على مواصلة مساهمتنا الفعالة في مسار تعزيز وإصلاح منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على نفس النهج الذي اعتمدناه منذ فترة عضويتنا الأولى وعلى امتداد السنوات الثمانية من عمر هذا المجلس الموقر، فضلا عن مساهمتنا في صياغة ووضع النصوص المؤسسية للمجلس ومراجعة أساليب عمله، بما فيها آلية الاستعراض الدوري الشامل .

وعلى غرار مبادراته السابقة التي ساهمت في تعزيز منظومة الامم المتحدة لحقوق الإنسان في جوانبها المعيارية والمؤسساتية، سيواصل المغرب التزامه بالعمل لصالح الفئات الهشة، ولاسيما النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقات والمهاجرين، من خلال النهوض بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحمايتهم من التمييز والإقصاء

السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة

 

موازاة مع ذلك، فإن المملكة المغربية ستواصل انفتاحها وتعاونها الفعالين مع مؤسسات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومتابعتها لتنفيذ التوصيات الصادرة عنها، لا سيما آلية الاستعراض الدوري الشامل التي سيقدم المغرب في إطارها طواعية تقريره النصف مرحلي في شهر يونيو المقبل، بعدما اعتمد خطة عمل لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذه الالية والتي حظيت كلها تقريبا بالقبول.

ومن نفس المنطلق، تولي المملكة أهمية كبيرة للإجراءات الخاصة، حيث ستواصل استقبالها وتسهيل مهماتها والتفاعل مع ملاحظاتها وتوصياتها، والاستفادة من تقييماتها.

وبنفس روح التعاون الإيجابي والتفاعل البناء تتميز علاقاتنا مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي تدعمها المملكة المغربية وتدافع عن استقلاليتها، وتجدد اليوم الدعوة إلى تمكينها من الوسائل المالية اللازمة للاضطلاع بمهامها على الوجه الأمثل.

أما فيما يخص وضعية المغرب تجاه هيئات المعاهدات، اسمحوا لي السيد الرئيس أن أذكر بمصادقة المملكة المغربية على الصكوك الدولية التسعة التي تشكل النواة الصلبة للقانون الدولي الاتفاقي لحقوق الإنسان، وكذا على عدد من بروتوكولاتها الاختيارية الأساسية، وهي بصدد استكمال اجراءات الانضمام إلى ثلاثة بروتوكولات اختيارية أخرى
.

السيد الرئيس
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة؛

إن انخراط المملكة المغرب في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الدولي هو امتداد لعمل تشاركي يندرج ضمن خيار استراتيجي لا رجعة فيه لحماية وتعزيز هذه الحقوق، يشكل فيه الالتزام الشخصي لجلالة الملك حفظه الله مصدر دعم وإلهام مستمرين، وتجسده الاوراش الإصلاحية الكبرى التي حظيت باشادة آليات الأمم المتحدة، لاسيما توسيع مجال الحريات الفردية والجماعية والحفاظ على الكرامة الإنسانية وتعزيز حماية حقوق المواطنين والأشخاص المهاجرين واللاجئين.
وفي هذا الإطار فإن المملكة المغربية، بناء على التوجيهات السامية لجلالة الملك، تبنت سياسة جديدة للهجرة تعتمد مقاربة إنسانية وحقوقية، وفقا للالتزامات الدولية للمملكة وللشراكات المتجددة مع منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وجميع الأطراف المعنية .حيث قام المغرب، في إطار هذه السياسة الجديدة، بتسوية وضعية 530 لاجئ معترف بهم من طرف تمثيلية المفوضية السامية للاجئين، وذلك قبل أن يطلق عملية استثنائية لتسوية حالات المهاجرين الموجودين في وضعية غير نظامية.
وتأتي هذه المبادرة في إطار الأهمية القصوى التي يوليها المغرب لقضية الهجرة في جميع جوانبها، بما في ذلك تحسين ظروف المهاجرين المغاربة في البلد المضيف والمهاجرين الأجانب المقيمين في المغرب. وهي مناسبة ندعو فيها إلى التسريع بالمصادقة على اتفاقية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التحديات العالمية التي تطرحها الهجرة. علما أن المملكة المغربية سبق لها أن دعت عبر هيئة الأمم المتحدة إلى تبني مبادرته الرامية إلى تعميق رؤية إفريقية مشتركة بشأن الهجرة ترتكز على مبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أطلق عليها اسم "التحالف الإفريقي للهجرة والتنمية".
وعلى مستوى آخر، استكملت المملكة المغربية حوارها الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في شهر يوليوز 2013، وهو الحوار الذي توج باعتماد ميثاق وطني لإصلاح العدالة أصبح يشكل خارطة طريق ومخطط عمل مضبوط لتأهيل منظومتنا القضائية.
وبهدف مواصلة تأهيل المنظومة المؤسساتية الوطنية لحقوق الإنسان والحكامة والتنمية المستدامة تبذل المملكة المغربية جهودها لتنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بذلك ولاسيما الإطار القانوني المنظم للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومجلس المنافسة والقانونيين المتعلقين بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، كل ذلك وفق مقاربة تشاركية موسعة، فضلا عن تنفيذ مضامين الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة.
هذا، كما حظي موضوع حرية الرأي والتعبير باهتمام بالغ من طرف بلادنا من خلال الشروع في مراجعة الإطار القانوني المنظم للصحافة والنشر والحق في الحصول على المعلومات
.
السيد الرئيس؛
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة؛

إن استراتيجية المملكة المغربية في مواصلة ترسيخ دولة الحق والقانون من خلال الإصلاحات القانونية والمؤسساتية تقوم كذلك على مفهوم القرب، عبر إنشاء آليات جديدة لتطوير وتعزيز حقوق الإنسان الأساسية بمفهومها الواسع، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، وذلك في جميع مناطق وجهات المملكة بما فيها أقاليمنا الجنوبية، بإحداث فروع للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واعتماد المبادرة الخاصة بتنمية الأقاليم الجنوبية التي أطلقها جلالة الملك والتي عهد بإعدادها وتنفيذها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بهدف تعزيز الحقوق الأساسية لمواطني هذه الأقاليم في إطار مشروع الجهوية المتقدمة الذي نص عليه الدستور المغربي.
أما فيما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، فإن المغرب، إذ تحركه هذه الرؤية الطموحة، يواصل تفاعله بجدية وبحسن نية مع دعوات مجلس الأمن لإيجاد حل سياسي ودائم ومتفاوض عليه، من خلال مبادرته الشجاعة للحكم الذاتي الموسع، المعترف لها بالجدية والمصداقية من طرف القرارات التي تبناها مجلس الأمن منذ سنة 2007.
واغتنم هذه الفرضة لأجدد الالتزام الكامل للمملكة المغربية بالمسار السياسي، تحت رعاية الأمم المتحدة، استنادا إلى معايير واضحة حددها مجلس الأمن في قراراته الأخيرة للتوصل إلى حل سياسي توافقي، داعيا الأطراف الأخرى لإظهار روح التوافق والواقعية من أجل تحقيق الحل السياسي المطلوب من قبل مجلس الأمن وبدعم من المجتمع الدولي
.
السيد الرئيس؛
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة؛

بالنظر إلى انتمائها المتجذر في إفريقيا، تلتزم المملكة المغربية بمواصلة تعزيز قدرات البلدان الإفريقية التي تعبر عن حاجتها في هذا المجال، سواء على مستوى مجلس حقوق الإنسان وآلياته أو على المستوى الوطني. كما أنها لن تدخر جهدا في الدفاع عن القضايا الأفريقية، وخاصة تلك المتعلقة بالتنمية، ومكافحة الفقر، والحق في التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والغذاء، فضلا عن القضايا المتعلقة بالسلم والأمن في القارة.
وفي نفس الإطار فإن المملكة المغربية عازمة على مواصلة مساهماتها في الجهود الدولية الرامية لدعم السلام في منطقة الساحل والصحراء، خاصة من خلال تعزيز التعاون الإقليمي بين دول المغرب الكبير ودول الساحل وبقية القارة الأفريقية في سياق شراكات تعاون بين بلدان الجنوب قوامها العنصر البشري وازدهاره.
وفي هذا السياق، قامت المملكة المغربية في أول نشاط رسمي لها كعضو في مجلس حقوق الإنسان، بالتعبير عن تضامنها ودعمها لجمهورية أفريقيا الوسطى، وذلك أياما قليلة بعد مساهمتها الفعالة في إعادة الاستقرار من خلال مشاركتها ضمن وحدات الامم المتحدة. وإن تبين منذ ذلك الحين أن النداء الإنساني للأمم المتحدة لصالح هذا البلد لم يكن متبوعا بالدعم المالي اللازم، الأمر الذي يستدعي المجتمع الدولي ليلبي احتياجات شعب أفريقيا الوسطى الشقيق.
وعلى صعيد آخر، فإننا نغتنم فرصة هذا اللقاء لنؤكد لشعب مالي الشقيق دعم المملكة المغربية لعملية إعادة الاعمار والمصالحة الوطنية في إطار الاحترام الكامل للوحدة الترابية والسيادة الوطنية لدولة مالي، التي جسدت قدرة البلدان الأفريقية وشجاعتها في مواجهة تحديات التطور الديمقراطي وتحقيق السلام والأمن والرفاه لشعوبها.
ومن جهة أخرى، فان المملكة المغربية ما فتئت تجدد من هذا المنبر التعبير عن أملها في أن ترى الشعب الفلسطيني الشقيق يتمتع بكامل حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف. ولكن للأسف، فإن تقارير مختلف آليات مجلس حقوق الإنسان تظهر أن وضعية هذه الحقوق لم تسجل أي تحسن بسبب تواصل الاستيطان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، والمحاولات المتكررة لتغيير معالم الأماكن المقدسة وطمس مظاهر التعدد الديني لهذه المدينة المقدسة وهويتها.
وانطلاقا من دعمه المستمر للشعب الفلسطيني وموازاة مع جهوده الدبلوماسية لتحقيق حل عادل وشامل ودائم للصراع في الشرق الأوسط، يواصل المغرب عمله الميداني من خلال العديد من الأوراش المخصصة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني، وخاصة سكان القدس الشريف. وفي هذا السياق ترأس جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يوم 17 يناير 2014 في مراكش، الاجتماع العشرين لهذه اللجنة.
أما فيما يتعلق بالوضع في سوريا، فاسمحوا لي السيد الرئيس أن أذكر بمشاركة المملكة المغربية منذ اندلاع الأزمة، بوصفها العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، في الجهود العربية والدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي لوضع حد لدوامة العنف وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري للحرية والديمقراطية في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية لسوريا.
وإذ نرى أن الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتخفيف معاناة الشعب السوري الشقيق هي جهود مشجعة، فإننا نطالب جميع أطراف هذا الصراع المميت بممارسة الحكمة وضبط النفس، والالتزام الصادق والشجاعة أثناء اجتماعات جنيف الثانية، للخروج من هذه الأزمة ذات التكلفة البشرية الباهظة
.

السيد الرئيس؛
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة؛

إن المملكة المغربية وإدراكا منها بأن الكمال لا حد له في مجال حقوق الإنسان التي تبقى، بطبيعتها، قابلة للتطور المستمر. فإنها تعي جيدا أن تعزيز دولة الحق والقانون ورش مجتمعي مستمر يتأسس على التطبيق اليومي لجميع حقوق الإنسان في كونيتها وترابطها وعدم قابليتها للتجزيء، والمشاركة الفعلية لجميع الأطراف المعنية.
وفي هذا الصدد، أود أن أؤكد على دور ودينامية المجتمع المدني المغربي الملتزم والمسؤول، والذي يقدم دعما قيما لجهود مؤسسات الدولة في مجال حقوق الإنسان؛ ووعيا بأهمية هذا الدور ، وفي سياق تنفيذ الفصل 12 من الدستور، الذي يكرس دور المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية في المملكة، أطلق المغرب يوم 23 مارس 2013 مبادرة "الحوار الوطني حول المجتمع المدني وصلاحياته الدستورية
الجديدة
" .

السيد الرئيس
حضرات السيدات والسادة،

إن هذه المبادرات وغيرها، وسياسة الانفتاح على جميع الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان التي ينهجها المغرب، جعلته محط تقدير الأطراف المعنية التي اختارته لاستضافة النسخة الثانية من "المنتدى العالمي لحقوق الإنسان"، المقرر عقده في دجنبر 2014، والذي أؤكد لكم بالمناسبة أن المملكة المغربية لن تدخر جهدا لضمان نجاحه.
شكرا لاهتمامكم.




الثلاثاء 11 مارس 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter