تضع المادة 19 من القانون التنظيمي رقم 13-065 المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها على عاتق رئيس الحكومة، بموجب قرار، إرفاق مشاريع القوانين الرامية إلى سن أي تشريع جديد أو مراجعة تشريع قائم بدراسة حول آثارها، وهي أداة تساعد على اتخاذ القرارات بهدف توجيه اختيارات الحكومة والبرلمان وتحسين جودة القواعد التشريعية. ومن ثم، تعدّ دراسة الأثر أساسية لتقييم جدوى الإصلاحات المقترحة، وإن كانت لا تعوض قرار التشريع من عدمه والذي يعود إلى السلطة السياسية؛ لكن لها دور محوري وأساس في تقييم الآثار القانونية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية والإدارية وكذا الأثار على الجماعات المحلية، ومدى احترام تراتبية القواعد القانونية وتناسق وتداخل مجموع القوانين المطبقة وسهولة فهم النص القانوني ووضوحه وجودته، دون أن ننسى متطلبات الأمن القانوني. هذا المبدأ الذي يتزايد الاهتمام به؛ بالنظر إلى ما أصبح يعيشه العالم المعاصر من تطورات متسارعة ومتلاحقة على جميع الأصعدة، سواء تعلق الأمر بما هو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، بشكل أصبحت معه التحولات توحي بعدم الاستقرار بالنسبة إلى البشرية وأصبح النظام القانوني مواجها بتحديات تفرض عليه تجنب الآثار السلبية مع الحفاظ على دور المؤسسات كعامل استقرار، لأن النتيجة المحتملة بالنسبة إلى القانون والقضاء أثناء مواكبته للمستجدات المعاصرة قد تؤدي إلى تزايد نسبة عدم الاستقرار بدل التقليص منه.
وإن أي تشريع يحدث الظلم أكثر مما يشيعه من العدل يكون مصيره التجاهل والنكران والاستنكار مهما تسلحت قواعده بأشد الجزاءات، ومن ثم يجب ألا تستبعد الدراسة مراعاة اقتناع المواطنين بأن القاعدة التشريعية لازمة لسير حياتهم محققة لمصالحهم الراجحة موفرة العدل لهم، وبذلك أصبح الأمن القانوني sécurité juridique الذي عرفته ألمانيا منذ 1961 يتجلى في حماية الثقة المشروعة confiance légitime التي تجعل الفرد محميا من المخاطر القادمة من قاعدة قانونية سواء كان مصدرها التشريع أو التنظيم أو الاجتهاد القضائي.
طلب مناخا قانونيا سليما منذ إعداد وتحرير وجودة القاعدة القانونية إلى تطبيقها وتنفيذها على الوجه المطلوب، وأن يتوافق الأمن القانوني مع الحاجة إلى مواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع المعاصر دون الاقتصار على النقل والإملاءات المختلفة من مختلف الجهات، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة للإعلام الوقائي والتدابير الانتقالية، مع تفادي تضخم التشريع أو الفوران التشريعي الرديء، والتعقيد المبالغ فيه للقواعد القانونية وعدم جودة النصوص، وعسر فهم القانون أو تناقض القواعد، والأمثلة في هذا المجال عديدة. وهنا أستحضر ما جاء في تقرير للبنك الدولي سنة 2007، بكون كثرة النصوص القانونية الصادرة في المغرب، ذات الارتباط بمجال التطبيق القضائي تستلزم القيام وقفة تشريعية pause législative، علما بأنه خلال الولاية التشريعية المنتهية، وهي التأسيسية بامتياز، لم تكلف الحكومة نفسها عناء تفادي المخاطر التي تهدد الأمن القانوني ووسائل الحد منه بإرفاق مشاريع القوانين بدراسات للأثر، وفق ما تنص عليه المادة الـ19 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها من أجل تقييم الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية للمقتضيات التشريعية المرتقبة أو التي ينبغي مراجعتها، خصوصا أن الولاية شهدت عرض مشاريع قوانين جديدة لها أهمية قصوى بالنسبة إلى المواطن الذي لا حيلة له سوى الإذعان والقبول والتشكي والسخط، أو مراجعة تشريعات قائمة تكون أحيانا مجحفة،
نستنتج من خلال عرض هذا النص التشريعي، وهناك أمثلة كثيرة ربما نذكر منها المادة الثانية من الحقوق العينية التي تفرض على المالك مراقبة سلامة رسمه العقاري ويسقط حقه إن لم يقم الدعوى داخل أربع سنوات،
عن انحراف المشرع وعدم جمعه المعلومات الأساسية التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم مدى الحاجة إلى سن تشريعات جديدة أو تعديلها وكذا تحديد الوسائل الضرورية لتحقيق الهدف الذي يتوخى مشروع القانون بلوغه دون إغفال الآثار التي يمكن رصدها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المختلفة؛ وهو ما يتطلب الالتفات إلى هذا الإهمال مع توخي توفر واضعي النصوص القانونية على تقنية صياغة التشريع، وتفادي النصوص التي تؤدي إلى كثرة المنازعات مع التقييم القبلي للمرحلة السابقة على وضع القاعدة القانونية ومدى أهميتها وجودة تحريرها، ألم يقل مونتيسكيو: "لا نشرع إلا بأياد ترتجف"؟، إلى جانب التقييم البعدي المرتبط بتضخم القوانين وعدم الانسجام بين النصوص القانونية وأثر التعديل المفاجئ للقوانين ومدى تقبل أو انزعاج الفئات المعنية بها، مع تتبع -وهذه نقطة جد مهمة- صدور المراسيم التطبيقية للقوانين التي يؤدي عدم صدورها إلى شل القوانين.
موازاة مع ذلك، واحتراما لمبدأ الأمن القانوني، يتعين إعطاء أهمية إلى مسألة تقييم مخاطر عدم الأمن القانوني ووضع خلايا وفرق عمل خاصة لليقظة القانونية، مع انخراط المجتمع المدني في هذه الخلايا على اعتبار أن الدستور منح للمواطنين الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع ضمن شروط يحددها قانون تنظيمي، ومن باب أولى اعتبار رأيهم في خلايا اليقظة القانونية، بالإضافة إلى كون الدستور نص على إحداث هيئات للتشاور
من لدن السلطات العمومية قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.
ومن ثم، أصبح لزاما على رئيس الحكومة، وتفاديا للتضخم في سن النصوص وعدم استقرار القانون وتناقض بعض القواعد أو إلحاقها الإجحاف بالمواطنين، إنجاز دراسات للأثر تحت إشراف السلطة الحكومية صاحبة المبادرة في إعداد مشروع القانون وإرفاقها بمشروع القانون بمجرد إحالته على الأمانة العامة للحكومة، وإلا فما الفائدة من سن قوانين والإشارة إلى مجالات تطبيقها وتركها حبراً على ورق؟
وإن أي تشريع يحدث الظلم أكثر مما يشيعه من العدل يكون مصيره التجاهل والنكران والاستنكار مهما تسلحت قواعده بأشد الجزاءات، ومن ثم يجب ألا تستبعد الدراسة مراعاة اقتناع المواطنين بأن القاعدة التشريعية لازمة لسير حياتهم محققة لمصالحهم الراجحة موفرة العدل لهم، وبذلك أصبح الأمن القانوني sécurité juridique الذي عرفته ألمانيا منذ 1961 يتجلى في حماية الثقة المشروعة confiance légitime التي تجعل الفرد محميا من المخاطر القادمة من قاعدة قانونية سواء كان مصدرها التشريع أو التنظيم أو الاجتهاد القضائي.
وبناء عليه، فإن ربط دراسة الأثر، التي لم تلجأ إليها الحكومة السابقة ولا الحالية طبقًا للقانون التنظيمي 13-065، بمبدأ الأمن القانوني لا يكون القصد منه إرهاقها بالمزيد من الدراسات وتعقيد الإجراءات؛ وإنما لكونالأمن القانوني يت
طلب مناخا قانونيا سليما منذ إعداد وتحرير وجودة القاعدة القانونية إلى تطبيقها وتنفيذها على الوجه المطلوب، وأن يتوافق الأمن القانوني مع الحاجة إلى مواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع المعاصر دون الاقتصار على النقل والإملاءات المختلفة من مختلف الجهات، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة للإعلام الوقائي والتدابير الانتقالية، مع تفادي تضخم التشريع أو الفوران التشريعي الرديء، والتعقيد المبالغ فيه للقواعد القانونية وعدم جودة النصوص، وعسر فهم القانون أو تناقض القواعد، والأمثلة في هذا المجال عديدة. وهنا أستحضر ما جاء في تقرير للبنك الدولي سنة 2007، بكون كثرة النصوص القانونية الصادرة في المغرب، ذات الارتباط بمجال التطبيق القضائي تستلزم القيام وقفة تشريعية pause législative، علما بأنه خلال الولاية التشريعية المنتهية، وهي التأسيسية بامتياز، لم تكلف الحكومة نفسها عناء تفادي المخاطر التي تهدد الأمن القانوني ووسائل الحد منه بإرفاق مشاريع القوانين بدراسات للأثر، وفق ما تنص عليه المادة الـ19 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها من أجل تقييم الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية للمقتضيات التشريعية المرتقبة أو التي ينبغي مراجعتها، خصوصا أن الولاية شهدت عرض مشاريع قوانين جديدة لها أهمية قصوى بالنسبة إلى المواطن الذي لا حيلة له سوى الإذعان والقبول والتشكي والسخط، أو مراجعة تشريعات قائمة تكون أحيانا مجحفة،
نستنتج من خلال عرض هذا النص التشريعي، وهناك أمثلة كثيرة ربما نذكر منها المادة الثانية من الحقوق العينية التي تفرض على المالك مراقبة سلامة رسمه العقاري ويسقط حقه إن لم يقم الدعوى داخل أربع سنوات،
عن انحراف المشرع وعدم جمعه المعلومات الأساسية التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم مدى الحاجة إلى سن تشريعات جديدة أو تعديلها وكذا تحديد الوسائل الضرورية لتحقيق الهدف الذي يتوخى مشروع القانون بلوغه دون إغفال الآثار التي يمكن رصدها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المختلفة؛ وهو ما يتطلب الالتفات إلى هذا الإهمال مع توخي توفر واضعي النصوص القانونية على تقنية صياغة التشريع، وتفادي النصوص التي تؤدي إلى كثرة المنازعات مع التقييم القبلي للمرحلة السابقة على وضع القاعدة القانونية ومدى أهميتها وجودة تحريرها، ألم يقل مونتيسكيو: "لا نشرع إلا بأياد ترتجف"؟، إلى جانب التقييم البعدي المرتبط بتضخم القوانين وعدم الانسجام بين النصوص القانونية وأثر التعديل المفاجئ للقوانين ومدى تقبل أو انزعاج الفئات المعنية بها، مع تتبع -وهذه نقطة جد مهمة- صدور المراسيم التطبيقية للقوانين التي يؤدي عدم صدورها إلى شل القوانين.
موازاة مع ذلك، واحتراما لمبدأ الأمن القانوني، يتعين إعطاء أهمية إلى مسألة تقييم مخاطر عدم الأمن القانوني ووضع خلايا وفرق عمل خاصة لليقظة القانونية، مع انخراط المجتمع المدني في هذه الخلايا على اعتبار أن الدستور منح للمواطنين الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع ضمن شروط يحددها قانون تنظيمي، ومن باب أولى اعتبار رأيهم في خلايا اليقظة القانونية، بالإضافة إلى كون الدستور نص على إحداث هيئات للتشاور
من لدن السلطات العمومية قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها.
ومن ثم، أصبح لزاما على رئيس الحكومة، وتفاديا للتضخم في سن النصوص وعدم استقرار القانون وتناقض بعض القواعد أو إلحاقها الإجحاف بالمواطنين، إنجاز دراسات للأثر تحت إشراف السلطة الحكومية صاحبة المبادرة في إعداد مشروع القانون وإرفاقها بمشروع القانون بمجرد إحالته على الأمانة العامة للحكومة، وإلا فما الفائدة من سن قوانين والإشارة إلى مجالات تطبيقها وتركها حبراً على ورق؟