عمر زواكي باحث في المجال القانوني وجهة نظر قانونية حول قرار رئيس جماعة لوطا تعليقا على قرار السيد رئيس جماعة لوطا، القاضي بتمكين المواطنين داخل الجماعة الترابية التي يرأسها من حرية التنقل خارج الوقت المحدد بمقتضى قرار الحكومة المتعلق بالإغلاق الليلي من فاتح شهر رمضان على الساعة الثامنة مساءً إلى الساعة السادسة صباحا، وذلك بالنظر إلى الوضعية الوبائية وتسجيل ظهور سلالات متحورة من كوفيد 19، فإن قرار رئيس جماعة لوطا غير سليم من الناحية القانونية وذلك للأسباب التالي: أولا: حسب مبادئ القانون الإداري فإن إنشاء أو خلق أي شخص معنوي (جماعة ترابية، مؤسسة عمومية، شركة ...)، لابد لكي تبرز للوجود أن يكون لها من منشئ والجماعة الترابية أنشأتها أو خلقتها الدولة التي هي سابقة في الوجود على الجماعة الترابية، ثم منحتها الاستقلال الإداري والمالي وبالتالي يسمح لها القانون بممارسة مهام الشرطة الإدارية كذلك في حدود مجالها الترابي، لكن بالرجوع إلى قرار رئيس جماعة لوطا فإننا نجده يمس السياسة العامة الصحية داخل النفوذ الترابي وخارجه ولم يحترم قرار الحكومة الذي هو قرار دولة التي هي الأصل في اتخاذ مثل هاته القرارات وصاحبة الاختصاص بمقتضى الدستور(الفصل 90 و92 من الدستور)، وبالتالي يمكن للحكومة استعمال سلطتها وبسطها على المجال الترابي لجماعة لوطا وتحل محل هذه الأخيرة. ثانيا: حسب قواعد القانون الدستوري فإن الجماعة الترابية تمارس اختصاصاتها بناء على مبدأ التفريع المنصوص عليه في الفصل 140 من الدستور وكذلك الفصل 4 من القانون التنظيمي113.14 المنظم للجماعات الترابية، ومعناه أنه يجب احترام التراتبية في ممارسة المهام وبالتالي لا يمكن لأي جماعة ترابية أن تمارس مهام الشرطة الإدارية في المجال الصحي نموذجا وهي عاجزة عن تأمينه من المخاطر، علما أن محاربة فيروس كورونا لا تستطيع أن تتصدى له لا الجماعة الترابية ولا الجهة، وبالتالي يبقى الاختصاص للحكومة في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة وضرورية في هذا المجال وتلزم جميع الأشخاص الذاتية والمعنوية باحترامها. ثالثا: رغم أن رئيس الجماعة الترابية هو ضابط للشرطة الإدارية داخل النفوذ الترابي للجماعة التي يرأسها حسب القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم الجماعات الترابية، فإن مما تم استثناؤه من مهام الشرطة الإدارية داخل الجماعة الترابية هو المحافظة على النظام والأمن العمومي الذي جعله القانون التنظيمي ضمن صلاحيات ممثل السلطة المحلية السيد العامل أو من ينوب عنه حسب الفصل 110، وحظر التنقل في زمن كورونا يدخل ضمن النظام والأمن العمومي الصحي، زيادة على ذلك فقرار رئيس جماعة لوطا يتعارض مع قرار الحكومة التي هي السلطة التنفيذية في البلاد والتي تمارس من طرف رئيس الحكومة ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء (الفصل 90 من الدستور) والوالي والعامل يمثل السلطة المركزية في الجماعات الترابية (الفصل 145 من الدستور)، ثم إن الحكومة هي التي تضطلع بالسياسة العامة للدولة في كافة مجموع أقاليم التراب الوطني بما فيها جماعة لوطا، وفي جميع المجالات بما فيها المجال الصحي والأمن الصحي العام لجميع المواطنين بما فيهم القاطنين بالجماعة المذكورة، وبالتالي فقرار الحكومة يلزم الجميع ويجب الامتثال له سواء من طرف الأشخاص المعنوية أو الذاتية. رابعا: وأخيرا بغض النظر عن القانون التنظيمي المنظم للجماعات الترابية الذي يمنح الاختصاص للعامل في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على النظام والأمن العمومي، فإن مرسوم بقانون الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 ومرسوم الصادر بتاريخ 24 مارس 2020 المتعلقين بحالة الطوارئ الصحية بالمغرب والذي صدر بناء أسس دستورية كذللك (الفصل 21 و40)، قد منح الاختصاص للوالي والعامل في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة سواء كانت هذه التدابير ذات طابع توقعي أو وقائي أو حمائي، أو كانت ترمي إلى فرض أمر بحجر صحي اختياري أو إجباري، أو فرض قيود مؤقتة على إقامة الأشخاص بمساكنهم أو الحد من تنقلاتهم أوتجمعهم، أو إغلاق المحلات المفتوحة للعموم، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة الإدارية، وبالتالي حسب قانون الطوارئ الصحية يمكن للعامل استثناء في هذه الظروف اتخاذ إجراءات تهم مهام الشرطة الإدارية حتى ولو كانت تدخل ضمن صلاحيات رئيس الجماعة الترابية. وإجمالا لما سبق نخلص للقول إن الإشكال الذي وضعه رئيس جماعة لوطا بمقتضى هذا القرار هو وضع المواطنين بهذه الجماعة إزاء قراره بتمكينهم من حرية التنقل وإجراءات المنع المتخذة من طرف الحكومة، هل يتبعون رئيس الجماعة أم الحكومة؟؟؟ طبعا لا يمكن أن نحشر أنفسنا والمواطنين في نقاش كبير والدخول في تجاذبات أخرى ليس لها معنى ونحن في غنى عنها، لكون قرار رئيس جماعة لوطا غير سليم قانونا، ولا يجب اتباعه ومخالفة السلطة التنفيذية الأعلى في البلاد التي تظل صاحبة الاختصاص الأصلي وبالتالي فجماعة لوطا ملزمة بالخضوع بقوة القانون لسلطة الحكومة وكذا ممثليها في جميع أقاليم التراب الوطني.