اثارت مخاطر الأوبئة والأمراض عبر العصور الكثير من الأسئلة والاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية كذلك، وهو نفس النقاش الذي تطرحه الان جائحة كورونا باعتبارها وباء صحي عالمي، أثر بشكل مباشر على المعاملات الدولية البشرية والتجارية والسياسية، وكان له عظيم الأثر على حياة الشعوب في العديد من دول المعمور، حيث غير الوباء الكثير من العادات الحميمية المرتبطة بالحياة اليومية، وفرص على شعوب أخرى العزل والحجر الصحي، مما خلف ركودا اقتصاديا وفاقم المشاكل الاجتماعية من تسريح وفصل وانهاء للعلاقات الشغلية.
ووفقا لتقييم جديد أجرته منظمة العمل الدولية[[1]]url:#_ftn1 انتهى إلا أن الأزمة الاقتصادية وأزمة سوق الشغل التي أحدثها انتشار جائحة كورونا COVID-19 يمكن أن تؤدي إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العالم بنحو 25 مليون شخص، وذلك استناداً إلى السيناريوهات المختلفة لتأثير الجائحة على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي والتي تتراوح بين سيناريو متفائل يقدر ارتفاع البطالة العالمية بنسب تتراوح بين 5.3 مليون وسيناريو متشائم يقدر الارتفاع بنسبة 24.7 مليون، وذلك زيادة على عدد العاطلين عن العمل في عام 2019 وعددهم 188 مليوناً، مقابل توقع بزيادة كبيرة للعمالة الناقصة أو البطالة المقنعة ( تخفيضات في ساعات العمل وفي الأجور وضعف على مستوى أنظمة الحماية الاجتماعية...) ، مما يعني بالنتيجة أن يزداد عدد العاملين الفقراء زيادة كبيرة أيضاً، قد تصل حسب تقديرات منظمة العمل الدولية ما بين 8.8 مليون و35 مليون شخص إضافي من العاملين في العالم سيعيشون في فقر، مقارنة بالتقدير الأصلي لعام 2020 (وهو 14 مليوناً في جميع أنحاء العالم).
والأكيد ان المغرب ليس في منى عن هذه الجائحة الصحية العالمية، حيث توقفت العديد من العلاقات التجارية الدولية من والى المغرب، وعرفت الكثير من المقاولات العابرة للحدود والمستقرة بالمغرب حالات توقف اضطراري، أضف إلى ذلك مجموعة من الشركات العاملة في العديد من القطاعات الإنتاجية، والتي توقفت إما بسبب القرار الإداري القاضي بإيقاف بعض الأنشطة الاقتصادية[[2]]url:#_ftn2 ، هذا الوضع الاستثنائي كان له كذلك أثر على علاقات العمل بين المشغل والاجير، فكيف نظم القانون هذا الوضع على مستوى الحقوق والواجبات والتزامات أطراف العلاقة الإنتاجية؟
أولا: محاولة للتكيف القانوني لأثر جائحة كورونا على علاقات الشغل
التكييف القانوني هو تحليل الوقائع والتصرفات القانونية تمهيداً لإعطائها وصفها الحق ووضعها في المكان الملائم من بين التقسيمات السائدة في فرع معين من فروع القانون، وتحديد طبيعة الواقعة وضمها إلى نظام قانوني أمر لاحق على تحليل الواقعة القانونية، وهو إعمال النظر في أمر مجتهد فيه، وهو العملية الذهنية المتمثلة في إنزال حكم القانون على الواقع، أو إدراج الواقعة في طائفة محددة، أو حتى بيان القاعدة القانونية الواجب إعمالها على الواقعة المطروحة، ومن هنا تظهر الحاجة للتكييف القانوني لجائحة كورونا باعتبارها واقعة طبيعية، حيث أن الوقائع هي غير متناهية في حين أن النصوص القانونية هي متناهية، مما يترتب عنه ضرورة التفكير في التكييف القانوني لأثر جائحة كورونا على علاقات الشغل.
ويظهر من واقعة انتشار جائحة كورونا أن الامر يتعلق بوباء عالمي استعصى على العلماء لحد الساعة إيجاد دواء او لقاح للوقاية منه، وبمعاينة الظروف المحيطة بانتشار هذه الجائحة، يمكن تكيفها على انها واقعة مادية لا يستطيع الانسان أن يتوقعها ( الاجير / المشغل)، ويستحيل دفع الضرر الناشئ عنها، فضلا عن أنها حادث خارج عن إرادة الطرفين مما يجعلها في مرتبطة القوة القاهرة، تجعل تنفيذ الالتزامات التعاقدية عموما، والالتزامات الشغلية على وجه الخصوص مستحيلة أو صعبة بناء على وضعية المقاولة وطبيعة النشاط الاقتصادي.
ثانيا: اثر جائحة كورونا على التزامات القانونية لأطراف علاقات الشغل
بما أن محاولة التكييف القانوني لجائحة فيروس كورونا قادنا إلى الإقرار بكونها قوة قاهرة تعيق تنفيذ الالتزامات القانونية، وكونها توقف عقد الشغل بشكل مؤقت ولا تنهيه، هنا تثار مشروعية سؤال أثر عدم تنفيذ الالتزامات القانوني للأجير والمشغل على عقد الشغل، وبما ان خاصية الالتزامات العقدية في قانون الشغل هي تبادلية، فما هو أثر جائحة كورونا على تنفيذ التزامات الاجير والمشغل؟
جائحة فيروس كورونا ليست مجرد أزمة صحية عالمية، بل أيضاً أزمة سوق عمل وأزمة اقتصادية كبرى سيكون لها أثر هائل على البشر في القادم من السنوات، بما يعني أن اثارها لن تشمل فقط الشركات والاجراء من الخسائر الفورية في الوظائف والدخل فحسب، بل من المحتمل حدوث سلسلة من صدمات التوريد (فقدان القدرة الإنتاجية للأجراء) والطلب (خفض الاستهلاك من قبل الأجراء وأسرهم) مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي طويل الأمد، كما أن لها أثار مباشرة آنية على بعض الفئات من المشغلين في القطاعات الإنتاجية المختلفة وخاصة المشروعات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، وفئات من الاجراء جراء أزمة البطالة، مما يفاقم مظاهر عدم المساواة عبر العالم.
وعلى مستوى المغرب ينبغي أن نتوقف عند فئة الأجراء الأقل حماية وأدنى أجرا ( القطاع غير المهيكل/ سلاسل التوريد الطويلة والمعقدة) ولاسيما الشباب والعاملين الأكبر سنا، والنساء والمهاجرين، وهي فئات تعرف الهشاشة لكونها مهددة بضعف الحماية الاجتماعية ونقص على مستوى التمتع بالحقوق الاساسية في العمل، كل هذا يستدعي من الدولة المغرب اتخاذ التدابير التي من شأنها التقليل من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي لحقت أو من المحتمل ان تلحق تلك الفئات على الأمد المتوسط والطويل جراء جائحة كورونا، وذلك من خلال:
ووفقا لتقييم جديد أجرته منظمة العمل الدولية[[1]]url:#_ftn1 انتهى إلا أن الأزمة الاقتصادية وأزمة سوق الشغل التي أحدثها انتشار جائحة كورونا COVID-19 يمكن أن تؤدي إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العالم بنحو 25 مليون شخص، وذلك استناداً إلى السيناريوهات المختلفة لتأثير الجائحة على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي والتي تتراوح بين سيناريو متفائل يقدر ارتفاع البطالة العالمية بنسب تتراوح بين 5.3 مليون وسيناريو متشائم يقدر الارتفاع بنسبة 24.7 مليون، وذلك زيادة على عدد العاطلين عن العمل في عام 2019 وعددهم 188 مليوناً، مقابل توقع بزيادة كبيرة للعمالة الناقصة أو البطالة المقنعة ( تخفيضات في ساعات العمل وفي الأجور وضعف على مستوى أنظمة الحماية الاجتماعية...) ، مما يعني بالنتيجة أن يزداد عدد العاملين الفقراء زيادة كبيرة أيضاً، قد تصل حسب تقديرات منظمة العمل الدولية ما بين 8.8 مليون و35 مليون شخص إضافي من العاملين في العالم سيعيشون في فقر، مقارنة بالتقدير الأصلي لعام 2020 (وهو 14 مليوناً في جميع أنحاء العالم).
والأكيد ان المغرب ليس في منى عن هذه الجائحة الصحية العالمية، حيث توقفت العديد من العلاقات التجارية الدولية من والى المغرب، وعرفت الكثير من المقاولات العابرة للحدود والمستقرة بالمغرب حالات توقف اضطراري، أضف إلى ذلك مجموعة من الشركات العاملة في العديد من القطاعات الإنتاجية، والتي توقفت إما بسبب القرار الإداري القاضي بإيقاف بعض الأنشطة الاقتصادية[[2]]url:#_ftn2 ، هذا الوضع الاستثنائي كان له كذلك أثر على علاقات العمل بين المشغل والاجير، فكيف نظم القانون هذا الوضع على مستوى الحقوق والواجبات والتزامات أطراف العلاقة الإنتاجية؟
أولا: محاولة للتكيف القانوني لأثر جائحة كورونا على علاقات الشغل
التكييف القانوني هو تحليل الوقائع والتصرفات القانونية تمهيداً لإعطائها وصفها الحق ووضعها في المكان الملائم من بين التقسيمات السائدة في فرع معين من فروع القانون، وتحديد طبيعة الواقعة وضمها إلى نظام قانوني أمر لاحق على تحليل الواقعة القانونية، وهو إعمال النظر في أمر مجتهد فيه، وهو العملية الذهنية المتمثلة في إنزال حكم القانون على الواقع، أو إدراج الواقعة في طائفة محددة، أو حتى بيان القاعدة القانونية الواجب إعمالها على الواقعة المطروحة، ومن هنا تظهر الحاجة للتكييف القانوني لجائحة كورونا باعتبارها واقعة طبيعية، حيث أن الوقائع هي غير متناهية في حين أن النصوص القانونية هي متناهية، مما يترتب عنه ضرورة التفكير في التكييف القانوني لأثر جائحة كورونا على علاقات الشغل.
- جائحة كورونا كقوة قاهرة
ويظهر من واقعة انتشار جائحة كورونا أن الامر يتعلق بوباء عالمي استعصى على العلماء لحد الساعة إيجاد دواء او لقاح للوقاية منه، وبمعاينة الظروف المحيطة بانتشار هذه الجائحة، يمكن تكيفها على انها واقعة مادية لا يستطيع الانسان أن يتوقعها ( الاجير / المشغل)، ويستحيل دفع الضرر الناشئ عنها، فضلا عن أنها حادث خارج عن إرادة الطرفين مما يجعلها في مرتبطة القوة القاهرة، تجعل تنفيذ الالتزامات التعاقدية عموما، والالتزامات الشغلية على وجه الخصوص مستحيلة أو صعبة بناء على وضعية المقاولة وطبيعة النشاط الاقتصادي.
- جائحة كورونا كسبب مؤقت لتوقف عقد الشغل
- اولا: أنه يمتاز بانه عبارة عن عدم تنفيذ مؤقت للالتزامات العقدية.
- ثانيا: عدم استدراك الالتزامات الموقوفة بعد انتهاء فترة الوقف.
- ثالثا: ان التوقف يؤدي إلى بقاء الرابطة العقدية ولا ينهيها.
ثانيا: اثر جائحة كورونا على التزامات القانونية لأطراف علاقات الشغل
بما أن محاولة التكييف القانوني لجائحة فيروس كورونا قادنا إلى الإقرار بكونها قوة قاهرة تعيق تنفيذ الالتزامات القانونية، وكونها توقف عقد الشغل بشكل مؤقت ولا تنهيه، هنا تثار مشروعية سؤال أثر عدم تنفيذ الالتزامات القانوني للأجير والمشغل على عقد الشغل، وبما ان خاصية الالتزامات العقدية في قانون الشغل هي تبادلية، فما هو أثر جائحة كورونا على تنفيذ التزامات الاجير والمشغل؟
- أثر جائحة كورونا على تنفيذ التزامات الاجير
- حالة مرض الاجير بفيروس كورونا المثبت بشهادة طبية (الحجر الصحي الاجباري): حيث يتوقف عقد الشغل عند تغيب الأجير بسبب المرض أو الإصابة غير المهنيتين المثبتتين بواسطة الطبيب إثباتا قانونيا، وذلك بشرطين، الأول دون أن تزيد مدة التغيب على 180 يوما متوالية خلال فترة 365 يوما، والثاني دون ان يترتب عن المرض أو الإصابة فقد الأجير لقدرته على الاستمرار في مزاولة شغله، وفي هذه الحالة سيكون هذا التغيب مشمول بمقتضيات قانون الضمان الاجتماعي، وأي فصل للأجير خلاله يمكن تكيفيه كفصل تعسفي.
- حالة مرض الاجير بفيروس كورونا الغير مثبوت بشهادة طبية ( الحجر الصحي الاختياري): وهنا يمكن اعتبار ذلك بمثابة تغيب بدون مبرر على العمل، والذي يعتبر قانونا بموجب المادة 39 من مدونة الشغل في حكم الأخطاء الجسيمة التي يمكن ان يرتكبها الاجير إذا تجاوز مدة التغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال الاثني عشر شهرا، وفي حالة تحريك المشغل لمسطرة الخطأ الجسيم واحترامه الآجال القانونية، يمكن أن يفصل الاجير عن العمل ويعتبر ذلك فصلا مبررا، بما يعني ان مدونة الشغل لم تتناول حالة الحجر الصحي الطوعي.
- حالة الاجير الذي يرفض أداء العمل بسبب انتشار جائحة كورونا: في الحقيقة نجد هذه الامكانية متاحة بمقتضى اتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالسلامة والصحة المهنيتين وبيئة العمل رقم 155 والتي أقرت حق الانسحاب من خلال منطوق المادة 13 التي تسمح للأجير بأن ينسحب من موقع عمل يعتقد لسبب معقول أنه يشكل تهديدا وشيكا وخطيرا لحياته أو صحته ( لم يصادق عليها المغرب)، بينما المشرع المغربي في مدونة الشغل لا يتيح هذه الامكانية ولو في حالة الخطر الحال المقررة في المادة 543 من مدونة الشغل، ويعتبر في هذه الحالة الاجير الذي يرفض أداء العمل بسبب انتشار فيروس كورونا بمثابة المرتكب لخطا جسيم تقرره المادة 39 من مدونة الشغل، المعتبر بمثابة رفض إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر، وفي حالة تحريك المشغل لمسطرة الخطأ الجسيم واحترامه الآجال القانونية، يمكن أن يفصل الاجير عن العمل ويعتبر ذلك فصلا مبررا، بما يعني أن مدونة الشغل لم تتناول حالة إمكانية رفض أداء العمل بسبب خطر حال وحماية لصحة الاجير، وهنا يمكن أن ننتظر القضاء الذي قد يكيف رفض أداء العمل بسبب انتشار جائحة كورونا كقوة قاهرة توقف التزامات الاجير ولا تنهيها بما يعني جعل الفصل الواقع في هذه الحالة فصلا تعسفيا.
- أثر جائحة كورونا على تنفيذ التزامات المشغل
- حالة استفادة الأجراء من عطلة سنوية: يستحق كل أجير، قضى ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة عطلة سنوية مؤدى عنها، تحدد مدتها بناء على مقتضيات المادة 231 من مدونة الشغل، ويمكن الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها، خلال أية فترة من فترات السنة، ويتولى المشغل تحديد تواريخ العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي الجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم، ويمكن تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها، أو الجمع بين أجزاء من مددها، على مدى سنتين متتاليتين، ويتم تحديد تواريخ مغادر الاجراء لشغلهم قصد قضاء عطلهم السنوية المؤدى عنا، بعد استشارة المعنيين بالأمر بناء على مقتضيات المادة 245 من مدونة الشغل، مع ضرورة اشعار مفتش الشغل إذا اقترنت العطلة بالإغلاق الكلي او الجزئي للمؤسسة، وهنا يمكن أن تستفيد المقاولة من هذه الامكانية كإجراء وقائي من الحد من انتشار جائحة فيروس كورونا وخلال فترة الطوارئ الصحية، وهنا يستحق الاجراء اجورهم عن أيام العطلة السنوية.
- حالة الاتفاق على العمل عن بعد : تتيح المادة 8 من مدونة الشغل إمكانية تشغيل الأجراء عن بعد ( بمناولهم)، مع ربط هذه الإمكانية بتوفير شروط الصحة والسلامة المهنية ( مرسوم رقم 2.12.262 بتاريخ 10 يوليوز 2012(، وبتوفر التامين ضد حوادث الشغل ( القانون رقم 18.12) وشريطة حصول اتفاق بين اطراف العلاقة الشغلية ودون المساس بالحقوق المكتسبة، وفي حالة جائحة كورونا يمكن أن يكون العمل عن بعد من ضمن الإجراءات القانونية الممكنة للحد من انتشار الوباء والحفاظ على صحة وسلامة الاجراء وعلى مناصب الشغل وضمان حقوق اطراف العلاقة الإنتاجية[[3]]url:#_ftn3 .
- حالة تخفيض مدة العمل الاجراء: يمكن للمشغل للوقاية من الأزمات الدورية العابرة تخفيض مدة العمل وفقا لمقتضيات المادة 185 من مدونة الشغل، مع احترام شرط استشارة مندوب الاجراء والممثل النقابي بالمقاولة عند وجودهم، والتزامه بأداء الجرة عن مدة الشغل الفعلية على ألا يقل في جميع الحالات عن 50% من الجر العادي ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء.
- حالة تقليص عدد الأجراء الاجراء بالمقاولة ( الاغلاق الجزئي): تسمح المادة 66 من مدونة الشغل للمشغل بالتخفيض من عدد الاجراء بالنسبة للمقاولات التي تشغل إعتياديا عشرة اجراء أو اكثر، ولأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، وفق إجراءات استشارة والتفاوض مع مندوب الاجراء او الممثل النقابي بالمقاولة عند وجودهم، أو عبر لجنة المقاولة، وتوجيه محضر نتائج المشاورات والمفاوضات إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، والحصول على إذن يسلمه عامل العمالة او الإقليم، ويمكن اعتبار جائحة فيروس كورونا من الأسباب المؤدية لتقليص عدد الجراء وتدخل في خانة ما يماثل الأسباب الاقتصادية، وفي هذه الحالة يستفيد الاجراء من التعويض عن اجل الإخطار والتعويض عن الفصل، مع تمتيع الاجراء المفصولين بالأولوية في إعادة تشغيلهم.
- حالة الإغلاق القانوني للمقاولة ( الاغلاق الكلي ): تسمح المادة 66 من مدونة الشغل للمشغل إغلاق المقاولة من عدد الاجراء بالنسبة للمقاولات التي تشغل اعتياديا عشرة اجراء أو اكثر، ولأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، وفق إجراءات استشارة والتفاوض مع مندوب الاجراء او الممثل النقابي بالمقاولة عند وجودهم، أو عبر لجنة المقاولة، وتوجيه محضر نتائج المشاورات والمفاوضات إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل، والحصول على إذن يسلمه عامل العمالة او الإقليم، ويمكن اعتبار جائحة فيروس كورونا من الأسباب المؤدية لتقليص عدد الجراء وتدخل في خانة ما يماثل الأسباب الاقتصادية، وفي هذه الحالة يستفيد الاجراء من التعويض عن اجل الإخطار والتعويض عن الفصل، مع تمتيع الاجراء المفصولين بالأولوية في إعادة تشغيلهم.
- حالة اغلاق المقاولة بناء على قرار السلطات العمومية (امر اداري) : يمكن للسلطات الإدارية عند ممارسة صلاحياتها في الحالات العادية، او في حالة الطوارئ أن تتخذ مجموعة من القرارات الإدارية المعتبرة من قبيل تدابير الشرطة الادارية (الضبط او البوليس الاداري) لحفظ النظام العام المتجلي في الصحة العامة (النظام العام مدلولاته ثلاثة الامن العام السكينة العامة الصحة العامة)، ان تمنع بعض الأنشطة الاقتصادية وتأمر بإغلاقها مؤقتا، وهو ما يقع للعديد من القطاعات الاقتصادية في المغرب بسبب جائحة فيروس كورونا، وهو ما يمكن تكييفه على انه قوة قاهرة، مما يثير سؤال حول حقوق الاجراء في الاجر، وهنا يمكن أن نعمل منطق مدونة الشغل ( الاجر مقابل العمل)، مما يعني أن المشغل يبقى من حقه عدم اداء الأجرة في فترة العزل الصحي، علما ان هذه الفترة تحتسب ضمن في ساعات الشغل الفعلية.
جائحة فيروس كورونا ليست مجرد أزمة صحية عالمية، بل أيضاً أزمة سوق عمل وأزمة اقتصادية كبرى سيكون لها أثر هائل على البشر في القادم من السنوات، بما يعني أن اثارها لن تشمل فقط الشركات والاجراء من الخسائر الفورية في الوظائف والدخل فحسب، بل من المحتمل حدوث سلسلة من صدمات التوريد (فقدان القدرة الإنتاجية للأجراء) والطلب (خفض الاستهلاك من قبل الأجراء وأسرهم) مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي طويل الأمد، كما أن لها أثار مباشرة آنية على بعض الفئات من المشغلين في القطاعات الإنتاجية المختلفة وخاصة المشروعات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، وفئات من الاجراء جراء أزمة البطالة، مما يفاقم مظاهر عدم المساواة عبر العالم.
وعلى مستوى المغرب ينبغي أن نتوقف عند فئة الأجراء الأقل حماية وأدنى أجرا ( القطاع غير المهيكل/ سلاسل التوريد الطويلة والمعقدة) ولاسيما الشباب والعاملين الأكبر سنا، والنساء والمهاجرين، وهي فئات تعرف الهشاشة لكونها مهددة بضعف الحماية الاجتماعية ونقص على مستوى التمتع بالحقوق الاساسية في العمل، كل هذا يستدعي من الدولة المغرب اتخاذ التدابير التي من شأنها التقليل من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي لحقت أو من المحتمل ان تلحق تلك الفئات على الأمد المتوسط والطويل جراء جائحة كورونا، وذلك من خلال:
- تعزيز أدوار وتركيبة لجنة اليقظة الاقتصادية: وهي لجنة تم احداثها لمناقشة التدابير المقرر اتخاذها من أجل حماية الوضعية الاقتصادية بالمغرب في مواجهة فيروس كورونا، وكان من المفروض ان تناقش الجانب الاجتماعي للأجراء كذلك، وهو ما يقتضي أن تحمل تسمية " لجنة اليقظة الاقتصادية والاجتماعي"، وان تصبح مؤسسة لتعزيز الحوار الاجتماعي، والمشاركة مع الأجراء وأصحاب العمل وممثليهم والحكومة، باعتبار ان يكتسي أهمية بالغة لإعادة بناء الثقة وسط المغاربة ودعم التدابير التي نحتاجها للتغلب على هذه الأزمة، بما يعني ضرورة تعزيز عضويتها[[4]]url:#_ftn4 بالنقابات العمالية.
- أحداث نظام للرصد والتتبع الاقتصادي والاجتماعي: يلزم وضع اليات وطنية لرصد وتتبع الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، تمكن من رصد التطور السريع للجائحة ورصد التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتتبع التدخلات العمومية والخاصة للتأكد من فعاليتها لمواجهة الأزمة، وتمكن من التقييم الأنى والعلمي للتدابير الاستباقية المتخذة، مع تعزيز وتجويد التنسيق بين القطاعات الحكومية والخاصة المتدخلة على المستوى القطاعي والجهوي والوطنية.
- توسيع تدابير الحماية الاجتماعية والاقتصادية: عبر اقرار تدابير استعجالية لتعزيز الحماية الصحية للعمال وأصحاب العمل وأسرهم من المخاطر الصحية لجائحة فيروس كورنا، من قبيل إدخال وتعزيز تدابير الحماية في مكان العمل وهو ما يتطلب دعما واستثمارا عموميا مباشر او غير مباشر، وبذل جهود منسجمة واسعة النطاق في الوقت المناسب لتوفير فرص العمل ودعم الدخل وتحفيز الاقتصاد والطلب على اليد العاملة، بما يعني دعم الحفاظ على مناصب الشغل(عن طريق تقليص ساعات العمل، والعطلة السنوية، والعمل عن بعد..)، والإعفاءات المالية والضريبية، بما فيها للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، واقرار تدابير على صعيد السياسة المالية والنقدية، والإقراض والدعم المالي لقطاعات اقتصادية محددة.
- تعزيز التنسيق والتعاون الدولي: باعتبار جائحة فيروس كورونا وباء عالميا صحيا، يؤثر على المعاملات الدولية البشرية والاقتصادية والسياسية، ويجتهد كل من جهته للحد من انتشاره وعلاجه أو على الأقل تدبير اثاره السلبية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يعني ضرورة انخراط المغرب في هذه الجهود الدولية عبر تعزيز العمل والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وتقوية التشاور مع منظمة العمل الدولية من خلال التصديق على الاتفاقية الدولية رقم 155 المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية، وكل المنظمات الدولية والدول المعنية بشكل مباشر او غير مباشر بتدبير هذه الازمة الصحية ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية.
[[1]]url:#_ftnref1 دراسة بعنوان "وباء COVID-19 وعالم العمل: آثار المرض وردود الأفعال عليه " منظمة العمل الدولية، 18 مارس 2020.
[[2]]url:#_ftnref2 بلاغ وزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة بتوقيف الدراسة ابتداء من يوم الاثنين 16 مارس 2020/ قرار السلطات المغربية تقرر تعليق الرحلات الجوية / بلاغ وزارة الداخلية بإغلاق المقاهي، والمطاعم، والقاعات السينمائية، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب وملاعب القرب في وجه العموم، وحتى إشعار آخر، وذلك انطلاقا من يومه الاثنين 16 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء...
[[3]]url:#_ftnref3 دليل توضيحي حول الإجابات عن الأسئلة المحتملة لتدبير ظروف العمل في ظل الوضع الاستثنائي المتعلق بخطر تفشي فيروس كورونا المستجد، أصدارات مديرية الشغل، وزارة الشغل والإدماج المهني، 18 مارس 2020.
[[4]]url:#_ftnref4 تضم في عضويتها (وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ، ووزارة الداخلية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الصحة، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة الشغل والإدماج المهني، وبنك المغرب، والتجمع المهني للأبناك المغربية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب. واتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب، وجامعة غرف الصناعة التقليدية).