MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الحق في زيارة المحضون و إشكالاته القانونية إبان حالة الطوارئ الصحية.

     

حسن بوزياني.



الحق في زيارة المحضون و إشكالاته القانونية إبان حالة الطوارئ الصحية.
 
مقدمة:

لعل من أبرز الآثار القانونية لانحلال ميثاق الزوجية، اختيار واحد من الأبوين لحضانة الإبن[1] و القيام بشؤونه ورعايته، و التي غالبا ما تكون الأم، حيث لا خلاف في ذلك بين الفقهاء[2]، بل إنه مما توحي به الفطرة السليمة[3]، و بالمقابل يتم تخويل الأب حق زيارته و استزارته و لا يصح للأم منعه من ذلك، حيث يقول الله تعالى في محكم كتابه العزير:"لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده"[4].
    إن أهمية حق الزيارة المخول لغير الحاضن من الأبوين تكمن في كونه يندرج ضمن المفهوم العام لصلة الرحم التي حث عليها الشارع الحكيم، إذ يقول جلت قدرته:"واتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام"[5]، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنة قاطع رحم"[6]، على أن المشرع المغربي كما سائر التشريعات الوضعية ينظر إلى هذا الحق من زاوية ضيقة بقصره على الأب وقوفا عند المصلحة الآنية للمحضون[7]، وباستحضار أنه في الوقت ذاته يشكل التزاما يقع على عاتقه حيث يتجاوز طابعه الأخلاقي ليكتسي صبغة الالتزام القانوني[8].
هذا ويرجع سبب أغلب الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع إلى الشنآن الحاصل بين الزوجين المفترقين و الصراع الدفين بينهما، الذي قد يؤدي إلى حرمان صاحب الحق من ممارسة حقه، بتشويش أو تحايل أو إضرار متعمد[9]، الأمر الذي يفرض تدقيقا كبيرا من المشرع أثناء تناوله هذا الموضوع، وتنظيما مفصلا من قبل المحكمة أثناء تحديدها فترات الزيارة.
على أنه بالرغم من ذلك التفصيل فقد تستجد بعض الظروف يكون من شأنها التأثير على تنفيذ تلك الزيارة، كما هو حاصل في الفترة الحالية التي تشهد تفشي فيروس كورونا في المغرب كما في باقي دول العالم، الأمر الذي أدى إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية و تقييد حرية التنقل في البلاد.
ولكل ذلك يجدر بنا طرح السؤال التالي: ما هي حدود الحماية القانونية التي خصها المشرع المغربي للحق في زيارة المحضون قبل وإبان حالة الطوارئ الصحية؟

للإجابة على هذا الإشكال سنقسم الموضوع إلى مطلبين كالآتي:
 
  • المطلب الأول: الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية.
  •     المطلب الثاني: حدود الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون إبان حالة الطوارئ الصحية.
 
المطلب الأول: الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية.

خص المشرع المغربي موضوع زيارة المحضون بحماية قانونية متميزة سواء على مستوى مدونة الأسرة (أولا)، أو على مستوى القانون الجنائي (ثانيا).
 
  • : الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون في مدونة الاسرة.
لقد نظم المشرع المغربي موضوع زيارة المحضون ضمن القسم الذي خصصه للحضانة، بشكل مفصل على الأقل عند مقارنته مع بعض التشريعات العربية الأخرى[10]، وذلك من خلال المواد من 180 إلى 186، وهو تنظيم يغلب عليه الطابع الآمر، و تتحكم فيه قاعدة جوهرية مفادها ضرورة مراعاة المصلحة الفضلى للمحضون، فمن مظاهر هذه المصلحة أن زيارة المحضون من قبل غير الحاضن من الأبوين هي مسألة من صميم النظام العام، فلا يمكن تبعا لذلك تعطيلها باتفاق أو غيره، وهو ما نص عليه المشرع صراحة من خلال المادة 180 من م.أ:"لغير الحاضن من الأبوين حق زيارة و استزارة المحضون".
وللسبب ذاته قرر المشرع في المادة 181 من م.أ أنه:"يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة، الذي يسجل مضمونه في مقرر إسناد الحضانة"، فالأصل إذن في تنظيم زيارة المحضون لفائدة غير الحاضن من الأبوين أن يتم ابتداء بواسطة اتفاق بينهما يحدد زمان ومكان إجرائها، وهذا الاتفاق في حالة التوصل إليه أفضل بكثير من ترك تحديده لسلطة المحكمة، فالأول نابع من إرادتهما و يراعي ظروف كل واحد منهما، كما أنه يسهل مهمة إنفاذه بكل سلاسة و يسر، ويكرس استمرارية العلاقة بين الطرفين إلى ما بعد الطلاق مراعاة لمصلحة الأطفال، ومع ذلك فهذه الحالة نادرة جدا على الصعيد العملي، إذ هي كما يقول الأستاذ محمد الكشبور، تتطلب وعيا فكريا وأخلاقا عالية تراعي كل المصالح المتعارضة[11]، مع أن العكس هو الذي يحصل مع الأسف في خضم استعار الخصام بين الطرفين بمجرد طرق باب المحكمة الذي يكون ضحيته في الأول و الأخير الأطفال.
ولأجله نص المشرع في المادة 182 من م.أ على أنه:"في حالة عدم اتفاق الأبوين، تحدد المحكمة في قرار إسناد الحضانة، فترات الزيارة وتضبط الوقت و المكان بما يمنع قدر الإمكان التحايل في التنفيذ، تراعي المحكمة في كل ذلك، ظروف الأطراف و الملابسات الخاصة بكل قضية، ويكون قرارها قابلا للطعن".
ففي غيبة الاتفاق الكتابي يتم تحديد يوم الزيارة من قبل المحكمة[12] الذي يغلب أن يكون في كل يوم أحد من كل أسبوع، لكونه يوم عطلة في النظام الوظيفي المغربي، كما يشمل التحديد أيضا الأعياد الوطنية و الدينية، و العطل المدرسية، مع ضرورة تحديد وقت تسلم المحضون ووقت إرجاعه الذي غالبا ما يكون من التاسعة صباحا إلى السادسة مساء، وفي جميع الأحوال لا يبيت المحضون إلا عند حاضنته، إلا إذا قبلت هذه الأخيرة غير ذلك، ودون إضرار بالمحضون في كافة الأحوال[13].
و المبدأ أن تحديد وقت الزيارة ومكانها مما تستقل به محكمة الموضوع حسب ظروف القضية التي يجب توضيحها، فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:"...إن المحكمة لما حددت وقت الزيارة لصلة الرحم في يومي السبت و الأحد ببيت الحاضنة، فإنها تكون قد راعت، وفق سلطتها التقديرية في هذا الشأن، ظروف جميع الأطراف خصوصا مصلحة المحضونة التي تعاني من مرض عضوي و نفسي لا تستطيع معه مفارقة والدتها الحاضنة، وأما ما أثاره الطالب بشأن الصعوبات التي قد تطرأ أثناء التنفيذ، فإن ذلك سابق لأوانه مما يجعل ما قضت به المحكمة في هذا الشأن مبنيا على أساس ولم تخرق مقتضيات المادة 182 من م.أ"[14].
ومع كل ذلك فإن الفقه المغربي[15] يعيب على المشرع وعن حق عدم إفراده هذا الحق بأي نص قانوني، قبل مرحلة الفصل في النزاع، أي خلال مرحلة الشقاق بين الطرفين، مادامت الحضانة بقوة القانون في هذه الحالة من واجبات الأبوين[16]، لكن ما العمل إذا احتفظ  بالمحضون أحد الطرفين دون الآخر، ما السبيل لضمان حق الطرف الآخر لزيارته، فلعل المسألة تقتضي مزيدا من التدقيق من أجل تمكين غير الحاضن من حق زيارة ابنه و استزارته إلى حين صدور حكم بإنهاء العلاقة الزوجية.
وتجدر الإشارة إلى أنه عملا بالمادة 183 من م.أ، يسوغ تعديل نظام الزيارة اتفاقا أو قضاء وذلك في الحالات التي تستجد ظروف يصبح معها تنفيذ تلك الزيارة ضارا بأحد الطرفين، ومن أمثلة هذه الظروف أن يتضح فيما بعد أن وقت الزيارة التي حددته المحكمة للأب أصبح المحضون خلاله مشغولا بدراسته، أو بلقائه مع طبيبه، أو ممارسته لرياضة ما[17].
   وذلك لأن الإخلال بهذا الحق بحرمان غير الحاضن منه يؤدي حتما إلى سقوط الحضانة عن الحاضن و منحها لمن وقع الإخلال بحقه، وهذا ما نص عليه المشرع في المادة 184 من م.أ و التي جاء فيها:"تتخد المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات، بما في ذلك تعديل نظام الزيارة، و إسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة".
وهو الأمر الذي كرسته محكمة النقض في مجموعة من القرارات الصادرة عنها معتبرة أن الحرمان من حق الزيارة أو حتى مجرد الإخلال به أو التحايل بشأنه مسقط للحضانة، فقد جاء في إحداها:" لكن؛ حيث إنه تطبيقا لمقتضيات المادة 184 من مدونة الأسرة فإن المحكمة تتخذ ما تراه مناسبا من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة وإسقاط حق الحاضنة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة. والبين من أوراق الملف أن المطلوب عزز طلبه بمحضر امتناع مؤرخ في 27-02-2006 صرحت فيه الطاعنة بأنها تصر على امتناعها عن تنفيذ مقتضيات الأمر الصادر بتاريخ 14-01-2003 تحت عدد 17-04 في الملف رقم 605-8-2003 والقاضي بأن تمكن المطلوب من صلة الرحم مع ابنه مرة كل أسبوع؛ والمحكمة لما قضت بإسقاط حضانتها عن الطفل المذكور تكون قد طبقت مقتضيات المادة 184 من مدونة الأسرة تطبيقا سليما ويبقى ادعاء الطاعنة بكون هذا القرار ليس في مصلحة المحضون و سوف يلحق به ضررا سابق لأوانه وغير ثابت مما يجعل ما أثير غير مؤسس"[18].
ذلك أن زيارة المحضون إذا كانت حقا لغير الحاضن من الأبوين، فإنها تنطوي في جانب كبير منها على واجب المراقبة الذي يتحمله الأب باعتباره وليا شرعيا للمحضون[19]، لذلك لم تتوان المحاكم في الحكم بإسقاط الحضانة عن الحاضن كلما ثبت ما يعيق تلك المراقبة، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض:"لكن حيث إن القانون أعطى حق مراقبة المحضون ونص على أن الحاضنة إذا استوطنت بلدا تعسر معه مراقبة المحضون سقطت حضانتها"[20]،  وفي قرار آخر:"إن المحكمة لما استخلصت إخلال الطاعنة بحق الزيارة من خلال تغييرها لمحل سكناها و انتقالها من مدينة إلى أخرى دون إشعار المطلوب بذلك حتى يتمكن من تتبع ابنته، وتعذر صلة الرحم عليه...، وقضت بتأييد الحكم الابتدائي القاضي باسقاط الحضانة للاخلال بنظام الزيارة الذي لا تأثير لسن المحضون عليه، تكون قد طبقت مقتضيات المادة 184 من مدونة الاسرة تطبيقا سليما"[21]، ذلك أن النصوص القانونية المتعلقة بالحضانة في المجمل تراعى فيها مصلحة المحضون، و قضاء محكمة النقض في هذا الإطار يراعي مصلحة أساسية تضمن اتصال المحضون بأبيه ومراقبته له و الوقوف على أحواله التربوية و التعليمية و الصحية[22].
    وما يؤكد تلك المصلحة أيضا، ما نص عليه المشرع في المادة 179 من م.أ، على أنه يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة، أو النائب الشرعي للمحضون، أن تضمن في قرار إسناد الحضانة، أو في قرار لاحق، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب، دون موافقة نائبه الشرعي[23]، وذلك لأن السفر بالمحضون خارج المغرب قد يقطع الصلة بينه وبين أبيه أو نائبه الشرعي الذي تتثبت له حق الزيارة، وغالبا ما يكون ذلك بعد انحلال الزواج المختلط، حيث يعمد الطرف الحاضن وغالبا ما تكون الزوجة الأجنبية إلى نقل الطفل إلى بلدها الأصلي لتحرم بذلك الطرف الآخر من رعاية ابنه وصلة الرحم به والاطلاع على أحواله[24].
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن هناك بعض المقتضيات الإجرائية، التي قد يكون من شأنها المساس بهذا الحق، والحول بين الإبن ووليه الشرعي ولو مؤقتا، ذلك أن قرار المحكمة بتحديد فترات الزيارة هو على خلاف الحكم بإنهاء العلاقة الزوجية قابل للطعن فيه، حيث إنه كثيرة هي الحالات التي تمتنع فيها الأم الحاضنة من تمكين الاب من زيارة ابنه وتفقد أحواله بسلوك طرق الطعن، مما يعرقل ممارسة الأب لحقه في الزيارة وواجبه في الوقوف على أحوال ابنه.
لذلك فلابد من وسيلة تمكن الأب من إنفاذ حقه هذا على سبيل الاستعجال بمجرد صدور الحكم دون صيرورته باتا، فإذا كان بالإمكان إقرانه بالنفاذ المعجل القضائي الجوازي في شقه المتعلق بالزيارة، فإنه لا يجور للمحكمة الحكم بذلك من تلقاء نفسها، إلا إذا طلب الأب ذلك صراحة، التزاما بقاعدة البت في حدود طلبات الأطراف، مع أنه في الغالب ما يهمل الأب أو دفاعه طلب ذلك، اعتقادا بأن هذا الأمر على غرار المستحقات المترتبة عن الطلاق أو التطليق يتم تلقائيا دونما حاجة إلى طلب صريح[25].
وذلك بالرغم من أن هذا الحق له من المؤيدات ما يشفع له لأن يكون قابلا للتنفيذ بقوة القانون بمجرد صدوره، كونه يحقق مصلحة المحضون التي أوجب المشرع مراعاتها عند تطبيق المقتضيات المتعلقة بالحضانة، فالأمر يقتضي إذن تدخلا تشريعيا بجعله مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون وفق ما ذكر.
 
  •       : الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون في القانون الجنائي.
    لا يجادل أحد في أهمية الحماية الجنائية للحق، بل و للنظام القانوني ككل، إذ يكون من شأنها حمل الملتزم على تنفيذ ما التزم به أكثر من أي وسيلة أخرى، ولذلك فقد سارت معظم التشريعات الوضعية، إلى إقران حق زيارة المحضون بجزاءات جنائية مؤيدة.
فبالنسبة للقانون الجنائي المغربي، فقد جاء في الفصل 476 على أن:"من كان مكلفا برعاية طفل، وامتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة"[26]، ذلك أن الحاضن من الأبوين يقع على عاتقه تقديم المحضون لمن له الحق في المطالبة به، خاصة وليه الشرعية للقيام بزيارته التي يتم تحديدها بمقتضى اتفاق بين الطرفين أو بحكم قضائي.
وقد كان المشرع الجزائري أكثر صرامة عندما نص في المادة 327 على أن:"كل من لم يسلم طفلا موضوعا تحت رعايته إلى الأشخاص الذين لهم الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات"[27].
أما المشرع التونسي فقد أسس قانونا تحت رقم 62ـ22، بتاريخ 24 ماي 1962، يتعلق بجريمة عدم إحضار المحضون، ضمنه فصلا وحيدا جاء فيه أنه:"في صورة حكم وقتي أو بات بالحضانة فإن الأب أو الأم أو كل شخص آخر لا يحضر المحضون لمن له الحق في طلب إحضاره أو يتعمد ولو بدون حيلة أو قوة اختطاف ذلك المحضون واختلاسه أو يكلف من يتولى اختطافه أو اختلاسه من أيدي من هو بحضانتهم أو من المكان الذي وضعوه به يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى عام وبخطية من أربعة و عشرين دينارا إلى مائتين و أربعين دينارا أو بإحدى العقوبتين فقط".
   أما المشرع الفرنسي فقد نص بدوره على أن من يرفض تقديم طفل بدون مبرر لمن له الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس لمدة سنة وبغرامة قدرها 15000 أورو[28]، و الظاهر أن هذه الجنحة في التشريع الفرنسي تتطلب لقيامها توفر النية الإجرامية عند مقترف الفعل.
   وعموما فإنه يشترط لمتابعة الممتنع بالجرم المذكور توافر جميع الأركان التكوينية لهذه الجنحة، فيجب أن يكون الركن المادي المتمثل في الامتناع عن التسليم ثابتا، إما باعتراف الممتنع الصريح، أو بحالة الامتناع الثابتة من خلال محضر إثبات حال، أو معاينة منجزة من لدن مفوض قضائي، ثم أن يكون صاحب الحق مستفيدا فعلا من حقه المذكور بمقتضى سند تنفيذي متمثل في حكم حائز لقوة الشيء المقضي به[29].
ويرى أحد الفقهاء أن الامتناع المذكورلا يشترط فيه أن يكون مقرونا بسوء نية الممتنع، إذ يكفي الامتناع الفعلي الذي يعتبر في حد ذاته فعلا جرميا، لأن العبرة بالنتائج و بحرمان صاحب الحق من حقه في زيارة ابنه، فالقصد الجنائي يتحقق بمجرد إتيان الواقعة السلبية المتمثلة في الامتناع[30].
  
    المطلب الثاني: حدود الحماية القانونية للحق في زيارة المحضون إبان حالة الطوارئ الصحية.

          إن إعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد وما نتج عنها من تباعد اجتماعي، من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل زيارة المحضون من قبل غير حاضنه ولو نسبيا، فما هو الأساس القانوني لذلك؟ (أولا)، وماهي الآثار القانونية المترتبة عليه (ثانيا).
 
  • : مصلحة المحضون كأساس لتعطيل حق الزيارة.
     
  في ظل الأوضاع التي تعيشها مختلف دول العالم، بما فيها بلدنا الحبيب، وذلك نتيجة تفشي فيروس كورونا « Covid 19 »، الذي أدى إلى
عرقلة الحياة العامة، و إيقاف أغلب الأنشطة بما فيها الأنشطة الاقتصادية، حيث تم إعلان حالة الطوارئ الصحية، فلا يجادل أحد في أن الاستمرار في تنفيذ الحكم القضائي الذي يسمح بزيارة المحضون من قبل غير الحاضن من الأبوين ينطوي على خطر يهدد سلامة المحضون، وهذا الأمر بالإضافة إلى أن منطق الحال يفرضه، فإن له مؤيدات قانونية، على مستوى الاتفاقيات الدولية وكذلك القانون الداخلي، حيث هيمنة مصطلح "المصلحة الفضلى للطفل"، الذي كان له دور في تعطيل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالحضانة حتى في الأوضاع العادية[31].
    فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل:"في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى"[32].
      كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة التاسعة منها:"تحترم الدول الأطراف حق الطفل    المنفصل عن والديه أو عن أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بكلا والديه، إلا إذا تعارض ذلك مع مصالح الطفل الفضلى".
   أما المشرع المغربي فقد أوجب في المادة 186 من مدونة الأسرة ضرورة مراعاة مصلحة المحضون في كافة المواد المتعلقة بالزيارة، وهو الأمر الذي كرسه القضاء في مجموعة القرارات الصادرة عنه جاء في إحداها :"إن هذه المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف ومحتوياته على الصعيد الابتدائي و الاستئنافي، تبين لها أن ما نعته الجهة المستأنفة مبدئيا هو في محله، ذلك أن حق زيارة المحضون وفق مقتضيات الفصول 180 وما يليه من مدونة الأسرة تراعى فيه المحكمة مصلحة المحضون دائما وهي الأولى بالحماية من غيرها..."[33].
    ومراعاة لهذه المصلحة فإن هناك بعض الأوامر الصادرة عن جهاز القضاء التي قضت برفض طلب السفر بالمحضون إلى خارج المغرب مستشهدة في ذلك بالأوضاع الحالية التي يشهدها العالم، فقد جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط:"...، حيث إنه وإن كان يحق للحاضنة عملا بمقتضيات المادة 179 من مدونة الاسرة اللجوء لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات من أجل الإذن لها بالسفر العرضي بمحضونها خارج التراب الوطني عند امتناع نائبه الشرعي، إلا أن مناط كل ذلك هو مراعاة المصلحة الفضلى للمحضون التي اوكل للقضاء مسؤولية حمايتها و الحرص على ضمانها...، وحيث إنه باستحضار الوضع الراهن للعالم الذي يشهد تفشي فيروس كورونا بالعديد من دول المعمور، و باعتبار الحق في الحياة و الحق في الصحة من الحقوق الأساسية لأي طفل، وخشية ما قد ينجم عن الإذن بالسماح للمحضون بالسفر في الظروف الحالية...، و استحضارا لمصلحة هذا الأخير...، و تأسيسا على ما نصت عليه قوانبن المملكة في هذا الإطار، وكذا المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و الاجتماعية و الثقافية...، وكذا الفقرة الأولى من المادة الثالثة من الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل..أنه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى، وأنه حرصا على مواجهة الوضع الاستثنائي المتعلق بخطر تفشي فيروس كورونا، وإعمالا للاجراءات الاحترازية و الوقائية للحد من انتشاره، ولكون منح الإذن بالسفر من عدمه يدور مع مصلحة المحضون وجودا وعدما، وباعتبار الإذن له بالسفر في الظروف الحالية فيه إهدار لتلك المصلحة التي تبقى هي الأولى بالحماية، فإنه ولمجمل ما ذكر يكون طلب الإذن للحاضنة في الوقت الراهن بالسفر بمحضونها خارج أرض الوطن على ضوء ما فصل غير مبرر يكون مآله الرفض"[34].
     وللعلة ذاتها فقد صدر قرار عام عن قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمدينة "مدنين"، بدولة تونس، يقضي بتعليق زيارة المحضون بالنسبة لجميع الملفات المفتوحة في المحكمة عملا بالمصلحة الفضلى للطفل، فقد جاء في حيثيات هذا القرار:".. بعد الاطلاع على المطلب المقدم من السيد مندوب حماية الطفولة.. وعملا بأحكام مجلة حماية الطفل، و بالنظر للوضع الصحي الذي تعيشه البلاد و المتعلق بمخاطر تفشي فيروس"كورونا".. وعملا بالأوامر الرئاسية و الحكومية الصادرة في الغرض و المتعلقة بحظر التجول و بالحضر الصحي الشامل، وضمانا لمصلحة الأطفال الفضلى في هذا الظرف الاستثنائي، قررنا تعليق حق الزيارة و حق الاصطحاب.. و الابقاء على المحضونين لدى حاضنيهم مع إمكانية ممارسة حق الرؤية فقط.."[35]
  وقياسا على ما ذكر أعلاه فإن الامتناع عن تنفيذ الحكم المتعلق بزيارة المحضون بالنسبة للمغرب، يكون مبررا في ظل هذه الأوضاع، لكن ما السبيل لضمان مشروعية ذلك؟
   ينبغي التذكير أنه طبقا للقواعد المسطرية العامة يمكن للمنفذ عليه إثارة توافر صعوبة في تنفيذ الحكم القضائي، ونخص بالذكر صعوبات التنفيذ الوقتية، وهي المنازعات التي يثيرها الأطراف المنفذ لهم أو المحكوم عليهم، أو العون المكلف بالتنفيذ وذلك بهدف إيقاف عملية و إجراءات التنفيذ[36]، وقد نظمها المشرع المغربي في الفصلين 149و[37]436 من قانون المسطرة المدنية، غير أنه يشترط لقبولها توافر مجموعة من الشروط؛ من أهمها أن تكون الصعوبة جدية، حيث إنه طبقا للفصل 436 السالف الذكر يقوم رئيس المحكمة بتقدير مدى جدية الصعوبة في التنفيذ فإذا تبين له أن هذه الادعاءات مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي إلى المساس بالشيء المقضي به فإنه يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك، وإذا ظهر أن الصعوبة جدية أمكن له أن يأمر بإيقاف التنفيذ، وتعتبر صعوبة التنفيذ التي يثيرها الحاضن لتعطيل حق زيارة المحضون، في ظل الأوضاع الحالية جدية بامتياز، تفرض نفسها على قاضي المستعجلات الذي يقع عليه الأمر بإيقاف تنفيذ المقرر المتعلق بالزيارة إلى ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية.
على أنه إذا كان الامر كذلك، فإن هناك مجموعة من الوسائل الأخرى التي يكون من شأنها أن تقوم مقام الزيارة، كالهاتف وما يحتويه من تطبيقات مهمة تساعد على إيصال الصوت و الصورة و الفيديو، وتسهل مهمة التواصل مع المحضون، بل إنها قد تكون وسيلة للاتصال به و الوقوف على أحواله حتى خارج أوقات الزيارة المحددة اتفاقا أو بحكم قضائي، إذا كان هناك تفهم من قبل الحاضن، أما إذا كان العكس فإن ذلك يكون من شأنه جعل هذا الاتصال صعبا على الرغم من أن مصلحة المحضون تقتضيه، وبشكل أكثر إلحاحا في هذه الظرفية الحرجة.
ذلك أن الأزواج المتفارقون مع الأسف يفرطون في الكراهية حد الاضرار بالمحضون دون شعور، وذلك بالتحايل في تنفيذ المقرر المحدد للزيارة، الذي يمكن أن يتعداه إلى عدم الرد عن المكالمات الهاتفية التي يهدف من خلالها النائب الشرعي للمحضون الاطمئنان على أحواله ولاسيما تتبع مدى مواظبته على دروسه، ففي بعض الأحيان يكون لكلمة واحدة منه الأثر البارز عليه، لذلك فالاختصاص ينعقد مجددا لقاضي المستعجلات لضمان تنفيذ ذلك، حيث إنه حتى غياب نص قانوني، فإن العمل القضائي في المغرب مستقر بشأن إضفاء الصبغة الاستعجالية على طلبات زيارة المحضون، فقد جاء في أمر استعجالى صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء:"صلة الرحم حق طبيعي وشرعي ضمنه القانون لكل واحد من الطرفين بعد وقوع الطلاق، وقاضي المستعجلات مختص باتخاذ  أي إجراء لضمان ممارسة هذا الحق، طبيعة صلة الرحم في إطار الاستعجال تقتضي النفاد المعجل على المسودة"[38]، فقاضي المستعجلات في هذا الإطار مختص باتخاذ أي إجراء لضمان اتصال المحضون بنائبه الشرعي في حدود ما تسمح به الظرفية الحالية، كما يمكنه شفع أمره بغرامة تهديدية بناء على طلب المعني بالأمر يكون من شأنها حمل الحاضن على تنفيذ التزامه بتمكين المحضون من نائبه الشرعي في الحدود المشار إليها أعلاه.
على أن الأمر في الحقيقة يحتاج إلى تدخل تشريعي صريح بمنح هاته الوسائل أهميتها، وفرض الاعتماد عليها على الأقل بشكل مؤقت و استثنائي عند تعذر الاتصال المادي بين النائب الشرعي و المحضون، خاصة في حالة وجود صعوبة في التنفيذ أو في الحالات الأخرى التي يتعذر فيها ذلك الاتصال بسبب جائحة أو بعد النائب الشرعي للمحضون عن مكان سكنى الحاضنة إلى غير ذلك من الأسباب، وهذا الأمر يحقق غايتين أساسيتين، أولهما تقليص هامش السلطة التقديرية للقاضي بهذا الخصوص، وإلزامه بالمقتضى الجديد، وثانيهما ضمان إثارة المساءلة القانونية للحاضن و ترتيب الجزاء القانوني حال المخالفة.
ثانيا: آثار تعطيل حق زيارة المحضون لفائدة غير الحاضن من الأبوين.
يترتب عن الاخلال بتنفيذ المقرر أو الاتفاق المتعلق بالزيارة كما سبقت الإشارة بعض الآثار المهمة منها؛ سقوط الحضانة تجاه الطرف الممتنع، بالإضافة الى المتابعة الجنائية، فما مدى انطباق كل ذلك على حالة الاخلال المتزامنة مع الظرفية الحالية؟
تجدر الإشارة إلى أن القضاء المغربي ممثلا في محكمة النقض كثيرا ما يبدي صرامة كبيرة تجاه المخل بالاتفاق او المقرر المتعلق بالزيارة، ولو تعلق الامر بأسباب يمكن ان تكون معتبرة يثيرها الحاضن، فقد جاء في قرار لها:"تكون المحكمة قد طبقت مقتضيات المادة 184 من مدونة الاسرة تطبيقا سليما لما قضت بإسقاط حضانة الأم بسبب حرمانها الأب من حق زيارة ولده المحضون وذلك بزعمها أنه لا يرجع المحضون إليها في الوقت المحدد، إذ أنه على فرض وجود إخلال أو تحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر القضائي المنظم لحق الزيارة، فإنه كان على الحاضنة أن تلجأ إلى المحكمة لتتخذ الإجراء المناسب لمعالجة هذا الأمر بدل منع الأب من ممارسة حقه ضدا على القانون"[39]، فقضاء محكمة النقض في هذا الإطار يؤكد بصفة ضمنية أن الامتناع عن تنفيذ الحكم او الاتفاق المتعلق بزيارة المحضون ولو كان مبررا لا يمكن ان يكون مشروعا إلا تحت إشراف القضاء الذي يقع على عاتقه وحده تقدير تلك الظروف و الأمر بالإجراء المناسب.
على أنه بالمقابل فإن إسقاط الحضانة يقع تجاه الطرف الممتنع الذي يعرقل و بكيفية إرادية هذا الحق،  وهو ما تؤكد عليه مجموعة من القرارات القضائية الأخرى، حيث إنه بالنظر لخطورة هذا الإجراء، فإنه يقع على عاتق المحكمة التأكد من وجود الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق او المقرر المنظم للزيارة، سواء بالاعتماد على إقرار الممتنع الصريح أو محضر إثبات حال، أو معاينة منجزة من لدن مفوض قضائي.
وبشأن هاته الحالة الأخيرة يطرح السؤال حول حجية محاضر المعاينة المنجزة من لدن السادة المفوضين القضائيين[40] المتضمنة واقعة امتناع الحاضن عن تسليم المحضون لمن له الحق في زيارته في ظل هذه الفترة المتزامنة مع إعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد؟
تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الآباء سيئي النية يبادرون إلى انتداب مفوض قضائي في هذه الفترة بالذات بغية الحصول على محضر معاينة للاعتماد عليه لإسقاط حضانة الأم، مع العلم ان تحرير محضر في ظل هذه الأوضاع يتنافى مع تقييد حرية التنقل التي نص عليها القانون المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية[41]، الذي استثنى فقط المرافق العمومية الحيوية، و المهن الحرة في القطاعات و المؤسسات الحيوية[42]، بالإضافة إلى أن الأمر في كافة الأحوال يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للمحكمة التي يجب عليها مراعاة ظروف الحال[43].
كما أن متابعة الممتنع بمقتضيات الفصل 476 من ق.ج المشار إليه سلفا، غير وارد في الفترة الحالية لأن الفاعل مضطر في هذه الحالة، وامتناعه مبرر للحفاظ على صحة المحضون و حياته، على اعتبار دفع الضرر الأشد بالضرر الأخف، كما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، على أنه كان يجدر بالمشرع المغربي الاستفادة من نظيره الفرنسي بهذا الخصوص، باشتراط ضرورة توافر النية الاجرامية عند مقترف الفعل، والنص صراحة على أنه إذا كان الفعل مبررا بسبب ظروف طارئة أو عائق ما فان المسؤولية الجنائية تكون منعدمة.
 
  
خاتمة:
         ختاما يمكن القول إن المشرع المغربي ومن خلال المواد التي خصصها لهذا الموضوع قد أولاه أهمية كبيرة منعا لكل تعسف من قبل أحد الطرفين يؤدي إلى حرمان الطرف الآخر من حق زيارة ابنه، فرتب على ذلك جزاءات مدنية وجنائية مهمة، لكن بالمقابل فإن الممارسة العملية أثبتت بعض النواقص يجدر بالمشرع تداركها لتحصين هذا الحق، إذ ينبغي العمل على جعل الحكم المتعلق بانحلال ميثاق الزوجية مشمولا بالنفاذ المعجل القانوني في شقه المتعلق بالزيارة، كما يلزم إيجاد نص قانوني يعالج هذه المسألة إبان مرحلة الشقاق، بالإضافة إلى إيلاء مؤسسة القضاء الاستعجالي أهميتها للحسم في الإشكالات التي يثيرها عبر تخويلها مهمة الفصل فيها بشكل صريح وفق اجتهاد معاصر يراعي كافة المتغيرات، دون إغفال ضرورة إيجاد نص قانوني يعالج الموضوع بشكل مساير للتطور الحاصل على مستوى وسائل الاتصال الحديثة، وأخيرا فإنه لتجاوز مختلف الإشكالات السالفة الذكر ينبغي تدعيم مساعي الصلح للحصول على اتفاق بتنظيم تلك الزيارة لضمان إنفاذه بكل يسر.
 
 
 
 
 
 
  
  
         
  
  
  
  
 
[1]ـ الحضانة حسب المادة 163 من مدونة الأسرة:"حفظ الولد مما قد يضره و القيام بتربيته و مصالحه".
[2]ـ جاء في جديث رسول الله صلى الله عليه و سلم أن امرأة جاءت إلى النبي فقالت: يا رسول الله هذا ابني، كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء، وإن أباه طلقني و أراد أن ينتزعه مني. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"أنت أحق به ما لم تتزوجي" أخرجه أحمد و أبو داوود و البيهقي.
ـ المادة 171 من مدونة الاسرة:"تخول الحضانة للأم، ثم للأب، ثم لأم الأم، فإن تعذر ذلك، فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون، اسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية، مع جعل توفير سكن لائق للمحضون من واجبات الحضانة".
[3]ـ حتى أن المشرع المغربي منع إسقاط الحضانة عنها ولو بعد تنازلها عنها، أو حال زواجها بأجنبي، إذا لم يزد عمر المحضون عن سبع سنين، أو كان من شأن ذلك أن يلحقا به ضررا، حسبما تنص علية المادة 175 من مدونة الأسرة.
[4]ـ جزء من الآية 233 من سورة البقرة.
[5] ـ جزء من الآية الاولى من سورة النساء.
[6] ـ رواه البخاري، كتاب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب ما ينهى عن إضاعة المال، برقم 2408.
[7]ـ وعلى الرغم من ذلك فقد نص المشرع في المادة 185 من مدونة الأسرة على أنه:"إذا توفي أحد والدي المحضون، يحل محله أبواه في حق الزيارة المنظمة بالأحكام السابقة"، وذلك مراعاة للارتباط الكبير للأجداد بأحفادهم الذي قد يكون في بعض الأحيان أقوى من رابطة الأبوة نفسها.
[8]ـ يصرح أحد الفقهاء في هذا الإطار أن:"...الغرض منها لا يقتصر على تحقيق مصلحة صاحبها فحسب، وإنما في نفس الوقت تحقيق صالح الخاضع لها نفسه، وصالح الأسرة ككل باعتبارها خلية المجتمع، ولذلك فإن استعمال هذه الحقوق من جانب من تثبت له من أفراد الأسرة، إنما يقرب من أن يكون تكليفا يتعين عليه القيام به، فللأب على سبيل المثال حق الطاعة على أولاده، و استعمال هذا الحق بتهذيبهم هو في حقيقة الامر أقرب إلى الواجب إليه..."، محمد شكري سرور"النظرية العامة للحق، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى 1979، ص 43و 44.
[9]ـ يقول الله تعالى في كتابه العزيز:"الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، سورة البقرة الاية 229.
[10]ـ نظم المشرع الجزائري موضوع زيارة المحضون في المادة 64 من قانون الأسرة التي جاء فيها:"الأم أولى بحضانة ولدها، ثم الأب، ثم الجدة لأم، ثم الجدة لأب، ثم الخالة، ثم العمة، ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في كل ذلك، وعلى القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة"، القانون رقم 84/11 المؤرخ في 9 يونيو 1984، المتضمن قانون الأسرة كما عدل وتمم.
ـ أما المشرع التونسي فقد نظم هذا الموضوع في المادة 66 من قانون الأحوال الشخصية و التي جاء فيها:"الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر من زيارته ومن تعهده وإذا طلب نقله إليه للزيارة فكلفة الزيارة عليه"، قانون مؤرخ في 6 محرم 1376 الموافق ل 13 أوت 1956 يتعلق بإصدار مجلة الأحوال الشخصية، كما عدل و تمم.
[11]ـ محمد الكشبور:"الوسيط في شرح مدونة الاسرة ـانحلال ميثاق الزوجيةـ"، الطبعة الثالثة 2015، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 532.
  1. ـ من مظاهر حماية مصلحة المحضون في هذا الإطار أيضا، أن القاضي  يبت في الشق المتعلق بالزيارة تلقائيا دون طلب من الأطراف، خروجا عن القاعدة التي مفادها وجوب تقيد القاضي بطلبات الخصوم المضمنة في الفصل الثالث من ق.م.م.
[13]ـ عادل حاميدي:"الدليل الفقهي و القضائي للقاضي و المحامي في المنازعات الأسرية"، الطبعة الأولى 2016، مطبعة المعارف الجديدة/الرباط، ص 481 و482.
[14]ـ قرار صادر بتاريخ 20/09/2006، ملف رقم 295/2/1/2005، تحت عدد 534.
[15]ـ محمد كرادة:"ضابط مصلحة الأسرة ـخصائصه ومظاهره في العمل القضائي المغربي ـ"، طبعة 2019، مطبعة المعارف الجديدة/الرباط، ص 119.
[16]ـ المادة 164 من مدونة الأسرة:"الحضانة من واجبات الأبوين، مادامت علاقة الزوجية قائمة".
[17]ـ محمد الكشبور،م.س، ص 532.
ـ وهو ما حرصت محكمة النقض على التأكيد عليه من خلال مجموعة من القرارات جاء في إحداها:"حيث صح ما عابه الطاعنان على القرار المطعون فيه ذلك أن المادة 183 من مدونة الأسرة نصت على أنه إذا استجدت ظروف أصبح معها تنظيم الزيارة المقرر باتفاق الأبوين أو المقرر القضائي ضار بأحد الطرفين أو بالمحضون، أمكن مراجعته وتعديله بما يلائم ما حدث من ظروف"، قرار صادر بتاريخ 1/11/2006 ملف عدد 268/2/2/2006، المنتقي من عمل القضاء في مدونة الأسرة، ج1، ط 2009، جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، ص 333,
[18]ـ القرار 554 الصادر بتاريخ 04-11-2009 في الملف رقم 450-2-1-2008، منشور على الموقع الإلكتروني التالي: https://www.mahkamaty.com/blog/2016/08/24/، بتاريخ 24/08/2016، تم الاطلاع عليه بتاريخ 05/04/2020 على الساعة 22:30.
[19]ـ على خلاف ذلك نص المشرع التونسي في الفقرة الأخيرة من المادة 67 من قانون الأحوال الشخصية :"... وتتمتع الأم في صورة إسناد الحضانة إليها بصلاحيات الولاية فيما يتعلق بسفر المحضون ودراسته والتصرف في حساباته المالية. ويمكن للقاضى أن يسند مشمولات الولاية إلى الأم الحاضنة إذا تعذر على الولى ممارستها أو تعسف فيها أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرة عنها على الوجه الاعتيادى، أو تغيب عن مقره وأصبح مجهول المقر، أو لأى سبب يضر بمصلحة المحضون"، قانون مؤرخ في 6 محرم 1376 الموافق ل 13 أوت 1956 يتعلق بإصدار مجلة الأحوال الشخصية، كما عدل و تمم.
[20]ـ قرار صادر بتاريخ 26/06/1972، مجلة قضاء المجلس الأعلى، إ.ر. م ت ن ق. دجنبر 2000، العدد:25، ص 118، أشار إليه: محمد نعناعي"ضوابط التكييف في قضايا الأسرة"، الطبعة الأولى 2018، مطبعة الأحمدية، ص 191.
[21]ـ قرار صادر بتاريخ 16 فبراير 2016، عدد 168 ملف شرعي عدد 7/17/2/1/2015، نشرة قرارات محكمة النقض العدد 28، السنة 2017، ص 67.
[22]ـ نص المشرع التونسي صراحة على هذا الحكم في الفصل 61 من مدونة الأحوال الشخصية الذي جاء فيه:"إذا سافرت الحاضنة سفر نقلة لمسافة يعسر معها على الولى القيام بواجباته نحو منظوره سقطت حضانتها"، أما المشرع المغربي فقد نص في المادة 178 من م.أ، على أنه:"لا تسقط الحضانة بانتقال الحاضنة أو النائب الشرعي للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب، إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط مراعاة لمصلحة المحضون و الظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي، و المسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي"..
[23]ـ على أنه إذا كانت هناك ظروف خاصة و استعجالية تبرر ذلك السفر، كالسفر لأجل الاستشفاء أو غيره، فإنه يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك، ولا يستجاب للطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب. وهذا ما نصت عليه الفقرتين الأخيرتين من المادة 179 من م.أ.
[24]ـ إدريس الفاخوري:"دور النيابة العامة في المادة الأسرية"، مقال منشور بتاريخ 29/06/2017، على الموقع التالي: http://cieersjo.com/2017/06/29/، تم الإطلاع عليه بتاريخ 06/04/2020 على الساعة 21:20.
[25]ـ عادل حاميدي، م.س، ص 484.
[26]ـ ظهير شريف رقم 1.59.413 بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي ل 26 نونبر 1962. الذي دخل حيز التنفيد في 17 يونيو 1963، كما تم تعديله و تميمه.
[27]ـ الأمر رقم 156-66المؤرخ في 18صفر عام 1386الموافق 8يونيو سنة ،1966الذي يتضمن قانون العقوبات الجزائري، المعدل والمتمم.
[28]- Art 227-5. loi 92-684 1992-07-22.
[29]ـ عادل حاميدي، م.س، ص 487.
[30]ـ المرجع السابق، ص 488.
[31]ـ جاء في حكم صادر عن ابتدائية أكادير:"...، وحيث إنه وإن كان زواج الحاضنة يسقط حضانتها طبقا لمقتضيات الفصل 105 من مدونة الأحوال الشخصية، فإن مصلحة المحضون باعتبارها أولى بالرعاية و الحماية القانونية لحقوقه، تستدعي التحقق بعدم المساس بهذه المصلحة وبهذه الحقوق، وذلك طبقا لمقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل...، و التي تنص على أنه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال... يولى الاعتبار الأول لمصلحة الطفل الفضلى، وحيث إن المحكمة واستنادا للحيثيات المفصلة أعلاه واعتبار لمصلحة البنت الفضلى تقرر عدم الاستجابة لطلب اسقاط الحضانة ونصرح برفضه"، ملف عدد 952/97، بتاريخ 4 يونيو 1998، أشار إليه، محمد كرادة، م.س، ص 112.
[32] ـ اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 تاريخ بدء النفاذ: 2 أيلول/سبتمبر 1990، صادق عليها المغرب بتاريخ 12 يونيو 1993.
[33]ـ قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 22/03/2006، في الملف عدد 507/05، المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، الجزء الأول، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، سلسلة المعلومة للجميع، العدد 17، فبراير 2009، مطبعة اليت، سلا، ص 334.
[34]ـ أمر استعجالي صادر بتاريخ 11/03/2020، عدد 275، ملف رقم 223/1101/2020، منشور على الموقع التالي: www.legal-agenda.com، بتاريخ 14/03/2020، تم الإطلاع عليه بتاريخ 10/04/2020 على الساعة 22:30.
[35]ـ قرار عدد 3696/2020، بتاريخ 25/03/2020، منشور بالموقع التالي بتاريخ https://www.legal-agenda.com/article.php?id=6603، بتاريخ 28/03/2020، تم الاطلاع عليه بتاريخ 10/04/2020، على الساعة 17.30.
[36]ـ محمد الغماد"صعوبة التنفيذ"، منشور بمجلة الملحق القضائي، ع 7ـ8، فبراير 1983، أشار إليه: عبد الكريم الطالب"الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"، طبعة 2013ـ2014، مطبوعات المعرفة مراكش، ص 403.
[37]ـ جاء فيه:" يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات.
إذا عاق الرئيس مانع قانوني أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة.
إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستيناف مارس هذه المهام رئيسها الأول.
تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس".
أما الفصل 436 فقد جاء فيه:" إذا أثار الأطراف صعوبة واقعية أو قانونية لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله أحيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ له أو المحكوم عليه أو العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي ويقدر الرئيس ما إذا كانت الادعاءات المتعلقة بالصعوبة مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي إلى المساس بالشيء المقضي به حيث يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك. وإذا ظهر أن الصعوبة جدية أمكن له أن يأمر بإيقاف التنفيذ إلى أن يبت في الأمر.
لا يمكن تقديم أي طلب جديد لتأجيل التنفيذ كيفما كان السبب الذي يستند إليه".
ـ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تعديله وتتميمه.
 
 
[38]ـ أمر استعجالي بتاريخ 19/01/1992، منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد المزدوج 64و65، ص 208 وما بعدها.
[39]ـ قرار صادر بتاريخ 07 يناير 2009، رقم 11 ملف شرعي عدد 317/2/1/2008، أشار إليه: عبد العزيز توفيق"قضاء محكمة النقض في مدونة الأسرة، من سنة 1957 إلى 2012"، الطبعة الأولى 2013، مطبعة النجاح الجديدة، ص 269.
[40]ـ جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 15 من القانون المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين:" ينتدب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي ، ويمكن له أيضا القيام بمعاينات من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه الأمر".ظهير شريف رقم 23-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 03-81.
[41]ـ مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 رجب 1441 (24 مارس 2020).
[42]ـ على خلاف ذلك هناك من يرى أن هذا المنع لا يشمل في كافة الأحوال المعاينة المنصوص عليها في المادة 15 من القانون المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، حيث يستلزم القيام بها في وقتها خوفا من اندثار الحجة و الواقعة محل المعاينة، صالح كردافي"إجراءات المفوض القضائي بين المادة 30 من القانون المنظم للمهنة و المرسوم المتعلق بحالة الطوارئ الصحية"، مقال منشور بمجلة الباحث، العدد 17ـ أبريل 2020، ص 145.
[43]ـ أما بالنسبة للحالة المقابلة حيث يقع استغلال هاته الظرفية من طرف بعض الأمهات اللائي يمتنعن عن الرد عن المكالمات الهاتفية التي يوجهها النائب الشرعي، فإن ذلك لا يمكن ان يترتب عنه شيء من ذلك في غياب اتفاق أو أمر قضائي بذلك حسب ما توحي به مقتضيات المادة 184 من م.أ.
 



الثلاثاء 28 أبريل 2020
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter