MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




حالة الطوارئ الصحية بين التمديد المفروض والرفع المشروط

     



حالة الطوارئ الصحية بين التمديد المفروض والرفع المشروط

 
جواد لفتيني
طالب باحث بسلك ماستر المعاملات اللإلكترونية


 
أيام قلائل تفصلنا عن انتهاء المدة التي حددتها الحكومة كإضافة للحجر الصحي (20 ماي) نتيجة استمرار حالات الإصابة بفيروس كورونا كوفيد-19، والكل اليوم يتطلع إلى ما ستسفر عنه الأحداث، هل سينتهي الحجر الصحي عند الأجل الذي تم تحديده، أم سيكون هناك تمديد، خصوصا وان المبرر الذي على أساسه كان التمديد الأول ما يزال قائما، إذ لحد الساعة ما تزال هناك بؤر تسجل من خلالها حالات إصابة جديدة.
وقد كان رئيس الحكومة قد صرح من قبل لإحدى القنوات الوطنية بأنه لا يتوفر على تصور معين حول الوضعية الراهنة، كل ما هنالك سيناريوهات واجتماعات مكثفة للأجهزة الحكومية، ومباحثات لتدبير المرحلة المقبلة، مع الوعي بأن الخروج من الحجر الصحي أصعب مرحلة، وهو يتطلب المزيد من الصبر والاحتياط لتفادي تفاقم الوضع.
وعليه، فمن بين السيناريوهات المطروحة، أن يتم العمل على الرفع من حالة الحجر بشكل تدريجي، عبر مراحل تراعي تطور الوضع الوبائي العام، بحيث كلما كان هناك استقرار نسبي للحالة الوبائية وتراجع قياس العدوى الأساسي إلا وساعد هذا المؤشر على السعي قدما نحو الرفع الشامل لحالة الحجر الصحي، والعكس بالعكس، وهذا يتطلب تضافر الجهود؛ خصوص من جهة الساكنة، التي يلاحظ في الآونة الأخيرة عدم التزامها الدقيق بالتعليمات الصحية الخارجية، مما خلف بؤرا للعدوى في المناطق والمواضع التي ليس فيها التزام بمسافة الأمان الاجتماعية.
 
جدلية الصحي والاقتصادي في التعامل مع الوباء
ليس قرار رفع الحظر من تمديده يرجع بشأنه للحسابات السياسية، بل هناك معطيات أساسية تشكل طرفي المعادلة، فمن جهة نجد الوضع الصحي الذي ما يزال مؤشر قياس العدوى بعيد عن 1 الذي هو مؤشر المرض المعتمد دوليا في المجال الطبي، فلحد اليوم ما تزال هناك حالات تم رصدها وإن كانت على نحو منخفض عما كان عليه الأمر من قبل. ومن جهة ثانية هناك العامل الاقتصادي، الذي بات يدق ناقوس الخطر. ففي اتصال له بـ(شوف تيفي) حذر رئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، عبد اللطيف معزوز من استمرار الحجر الصحي، وتداعياته السلبية على الاقتصاد الوطني، مشددا على أنه لا يمكن له أن يستمر بهذه الكيفية، نتيجة الركود الاقتصادي المهول الذي تم تسجيله في هذه الفترة، وبحسبه فإن الحذر المفرط قد يؤدي إلى سكتة قلبية اقتصادية، وسيكون الضرر حينها أكثر من هذا الفيروس، وفي تصريح آخر له لـ(هيسبريس)، أشار إلى أن ما يفوق 140 ألف مقاولة متوقفة عن العمل، وهو عدد يمثل ثلثي النسيج المقاولاتي، بالإضافة إلى توقف ثلث الشغيلة، ناهيك عن أن 4 ملايين أسرة تعيش اليوم على دعم الدولة المخصص للقطاع غير المهيكل، وجل هؤلاء يعيشون اليوم إما على مساعدات الدولة أو عن طريق الادخار، وهو وضع لا يمكن أن يستمر كثيراً، علماً أننا بأن الحكومة توجد بين المطرقة والسندان، لكن بطبيعة الحال صحة المواطن أولا. ليخلص من تحليله إلى إمكانية الرفع التدريجي لحالة الطوارئ الصحية، والعمل على تعايش الوباء مع الاقتصاد، حيث تشير كثير من المعطيات إلى أن الوضع سيطول أكثر، وإعداد مخطط شامل للتكيف مع الوضع الاستثنائي بدون توقف عجلة الاقتصاد.
        سيناريو (التدرج) في رفع حالة الطوارئ
من بين السيناريوهات المطروحة، بناءً على تطور الوضع الصحي بالمغرب اقترح استئناف النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي للحد من تفاقم الآثار الاقتصادية للوباء، بالتوازي مع العمل على تعزيز قواعد الصحة والسلامة في أماكن العمل، والتخفيف من قيود السفر بين المناطق والمدن وتنقل العمال والموظفين، وذلك بمراعاة الخصوصية الإقليمية، ومن ذلك المناطق الجنوبية التي تعرف تحسنا مهما في الوضع الصحي تبعا للخاصية المناخية لهذه المناطق، وذلك في أفق فتح الحدود الخارجية بالتدريج تبعا للوضع الصحي العام.
    مراحل رفع حالة الطوارئ
وتبعا للتحليلات المقدمة التي تناولت وضعية الطوارئ الصحية، يمكن استخلاص أربعة مراحل يمكن اعتمادها في الخروج من حالة الحظر الصحي.
  • مرحلة الاستعداد: وهي التي انطلقت من فاتح ماي، حيث عملت الأجهزة المختصة على تعميم ارتداء الكمامات، ورصد المناطق التي سجلت نسبة أقل من الإصابات حتى تتمكن اللجان الخاصة بتحديد قائمة الأنشطة المأذون بها؛
  • مرحلة الإطلاق: وهي التي تنطلق من 20 ماي أجل نهاية الفترة الممتدة للحظر، إلى غاية فاتح يونيو، حيث من المنتظر إعادة النظر في المرسوم المتعلق بالطوارئ الصحية، يعدل من المقتضيات القانونية المتخذة في الفترة السابقة، وتليين الإجراءات تبعا لتحسن الوضع الصحي.
  • مرحلة الرصد الدقيق: وتمتد من نهاية الفترة السابقة إلى فاتح يوليوز، ويقترح فيها مجموعة من التدابير تتخذها لجنة اليقظة الاقتصادية بناء على تقييمها للتدابير السابقة، والتي بمقتضاها يتم تقرير الخطوات المقبلة، بحيث إذا ما استمر الوضع الصحي بالتحسن إلا ودفع إلى المزيد من التخفيف التدريجي لحالة الطوارئ على مستوى مختلف القطاعات الاقتصادية.
  • مرحلة العودة إلى الوضع الطبيعي: فتبعا لتطورات الوضع الوبائي، فإنه إذا ما وصل مؤشر قياس العدوى أقل من 1 فإن ذلك سيشجع السلطات الحكومية على السماح بالعودة إلى الوضع المعيشي الطبيعي، وتعمل على العناية بالقطاعات المتضررة ودعمها للنهوض مجددا من كبوتها، والعمل على الاستئناف التدريجي لحركة التنقل البري والبحري والجوي وطنيا ودوليا، والعكوف على إعداد مخططات ما بعد الأزمة، والعمل على علاج مخلفاتها الاجتماعية والاقتصادية.
وفي الختام فإن مصير الحجر الصحي -حسب وزارة الصحة- يبقى رهين بمدى تراجع سرعة انتشار الفيروس، وهذا الخير بدوره يبقى رهين بمدى الانخراط الجاد والمسؤول للمواطنات والمواطنين في الالتزام بالتدابير الوقائية، لتفادي انتشار العدوى والتغلب على الفيروس.
وحسب خالد آيت الطالب وزير الصحة، شدد في لقاء تلفزيوني،  فإن هذا الوباء غريب الأطوار ومعروف على المستوى الدولي، وإذا كان هناك أي تراخي أو تقصير خلال الأيام المقبلة فمن الممكن أن تعود الحالة الوبائية إلى نقطة الانطلاقة، ولهذا يجب أن تبقى درجة اليقظة جد مرتفعة لأن الحالة متحكم فيها ، وبحسبه فإنه تم بعض البؤر، مما اضطر المعنيين للتدخل بسرعة للاستحواذ عليها واحتوائها حتى لا يكبر عدد المخالطين، وبالتالي الحالة الوبائية متحكم فيها بفضل الحجر الصحي وبفضل الدواء وكذا استعمال الكمامات ودرجة الوعي لدى المواطنين الذي يلتزمون بتوجيهات وزارة الصحة، لنعود لنقطة البدء، بأن مصير الوضع العام سيكون مرتهن بمدى تضافر الجهود من كل الفعاليات، سواء الحكومية أو عموم المواطنات والمواطنين، بحيث جعلهم الوباء في المسؤولية على حد سواء، ولن ترفع حالة الطوارئ الصحة إلا بشرط نزول مؤشر انتشار الفيروس لمدة زمنية ممتدة لأسبوعين.
 
 




الاثنين 18 ماي 2020
MarocDroit "منصة مغرب القانون الأصلية"

تعليق جديد
Twitter