MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




حوار - المحامي الهيني: أغلب الأشخاص يرمي بالمسؤولية علىى عاتق السلطات العمومية في انتشار الفساد وكأن محاربة الفساد مجهود عمومي فقط وليس مجهود جماعي ويخص الجميع سلطات عمومية وأفراد

     



حوار - المحامي الهيني: أغلب الأشخاص يرمي بالمسؤولية علىى عاتق السلطات العمومية في انتشار الفساد وكأن محاربة الفساد مجهود عمومي فقط وليس مجهود جماعي ويخص الجميع سلطات عمومية وأفراد


 
حوار للدكتور محمد الهيني المحامي بهيئة الرباط مع جريدة الصباح حول تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من  الرشوة ومحاربتها لسنة 2023 


-أولا-تحدث التقرير الأخير لهيأة النزاهة عن تفشي خطير للفساد في قطاعات عدة، كيف تفسرون ذلك؟

يرجع أهم سبب لتفشي الفساد في الحياة العامة  من وجهة نظري الشخصي هو عامل التطبيع معه أي العامل المعنوي الواسع الانتشار والمعروف بالعقليات وانهيار مفهوم  أو قيمة القيم ، حيث صار الأمر عاديا لدى طائفة كبيرة من الأشخاص الطبيعية والمعنوية اذ يعتبر عامل أساسي في نيل حقوق أو مطالب أو رخص بصرف النظر عن استحقاقها من عدمه وبصرف النظر عن العامل الديني أو الوطني أو القانوني .

كما أن العامل الثاني يرجع لغياب  فعالية المحاسبة عن الفساد ،إذ يعتبر العديد من الأشخاص  أن القانون الواقعي لا يعاقب على الفساد السري أي غير المبلغ عنه وما يمكن تسميته" بالفساد الاتفاقي "أو شراء السوق أو من تحت الطاولة لأنه افضل وسيلة لقضاء المصالح وتحقيق المآرب وأنه لا سلطة تعلو على الفساد والمال،إذ بها يتحقق الانعتاق من المساطر والشروط والتقييدات ليبدو مرنا وسهلا ومقضيا ،إذ العبرة بالنتائج والمصالح بصرف النظر عن الوسائل وللزمن قيمته وللسرعة فضيلة وللنتيجة قيمة .للأسف هذا ما هو متداول لدرجة أن صار عاديا ومألوفا لدى عامة الناس اذ كلما وجد نفسه محاطا بآلية القانون الا واحتمى بآلية الفساد والمال لتجنب مشاكل وازمات "وصداع رأس " وكأن السعادة والنجاح والخبرة تقارن بتحقيق النتائج والمصالح  ولو بآلية الفساد؟لأن الأمي من وجهة نظرهم هو من يتكل على الاخلاق والشفافية والضمير ويقابل تحقيق مصالحه بشعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع فتتعثر مصالحه وتفسد مشاريعه ويتعرض للنكسات ؟؟

إن أغلب الأشخاص يرمي بالمسؤولية علىى عاتق السلطات العمومية  في انتشار الفساد وكأن محاربة الفساد مجهود عمومي فقط وليس مجهود جماعي ويخص الجميع سلطات عمومية وأفراد، إذ أن التطبيع مع الفساد يهدر القيم ويفسد الثقة ويشوه منظومة الإدارة والعدالة ويعري أسس المجتمع .

وأما العامل الثالث فيرجع لغياب الشفافية والبيروقراطية الإدارية بما يترتب عنه من إهدار الحقوق والزمن والعامل الأخير هو غياب التربية على المواطنة بما يتضمنه ذلك من إشاعة ثقافة احترام القانون وتكريس ثنائية الحق والواجب ومراعاة قواعد الضمير والخوف من العقاب الدنيوي والأخروي ومراعاة أهمية الصحافة والاعلام في الدفاع عن سيادة القانون . 

ثانيا-من بين السلطات التي عرفت تراجعا السلطة القضائية، إذ تراجع المغرب في مؤشر الفساد 19 نقطة عن السنوات السابقة، بماذا تفسرون ذلك؟

شخصيا لا اعتقد ذلك ،ولا أتفق مع هذا المعطى، لأن التقرير غالبا ما يعتمد آراء مجردة وانطباعات لبعض العينات أو المصادر  الأجنبية لا تنطلق من احصائيات قضائية رسمية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة ،وهما مصدران أمينان على المعلومة القانونية والقضائية ،باعتبار أنهما الفاعلان الأساسيان في ميدان المحاسبة ويمكن الاستدلال على ذلك بتطور عدد القضايا المعروضة على أقسام الجرائم المالية بالمقارنة مع السنوات السابقة وهذا معطي إيجابي جدا لا يمكن الا تفسيره بالتقدم وليس بالتأخر في مؤشر الفساد ،كما أن ما يؤكد ذلك هو النظرة المتشددة للقضاة إزاء جرائم الفساد المالي والحكم بعقوبات صارمة مع مصادرة الأموال لفائدة الدولة وهو معطى لا يمكن الا الإشادة به لنجاعته وفعاليته في مجال الوقاية والزجر ،ولا يمكن أن نغفل أيضا تأكيد التقرير أن أعضاء السلطة القضائية لا يستغلون سلطاتهم في تحقيق مكاسب شخصية وهي قيمة قانونية ومعنوية كبيرة في ضمان شفافية وعدل السلطة القضائية بما يعزز الثقة في احكامها وقراراتها وتحقيق الأمن القانوني والقضائي.

-ثالثا- في نظركم هل هذا التقرير يعكس الواقع الحقيقي للفساد في المغرب؟

الحقيقة أن التقرير في عمومه هو عمل احترافي ومهني كبير عكس بشكل موضوعي الواقع الحقيقي للفساد من خلال تشخيص واقعي محكم ودراسات معمقة بمقترحات معمقة وواعدة ،وهو آلية مهمة مساعدة لجميع المؤسسات الإدارية والقضائية وكذا المؤسسات الخاصة في الوقاية ومكافحة الفساد ،ولعل التطبيق العملي لمخرجاته من شأنه تحقيق تقدم ملموس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد شريطة الانفتاح على المجتمع المدني والاعلام  والمدرسة والكلية والمساجد ،وعدم الاكتفاء بسياسة الانصات والتقارير والاعتماد على آليات العمل والنجاعة واختراق المناطق المظلمة للفساد بجرأة وشجاعة وباجراءات عملية وملموسة 

 -رابعا -ما هي الإجراءات التي يتوجب اعمالها للقضاء على هذا الفيروس الذي ينخر المجتمع

فعلى مستوى الإجراءات الوقائية نقترح  :

-ادخال منهج ممكافحة الفساد في نظم التعليم والمساجد عبر تكريس الوعي الجماعي بأهمية النزاهة والشفافية والضمير الحي 
-تعزيز الشراكات بين المؤسسات العامة والخاصة والمجتمع المدني في الوقاية من الفساد وإبراز مخاطره 

وعلى مستوى إجراءات المحاسبة 

-تعميم المنصات والإجراءات الالكترونية للتبليغ عن الفساد في جميع المؤسسات العامة والخاصة 
-تدعيم جهود المجتمع المدني في التبليغ عن الفساد وإلغاء ما تضمنه مشروع المسطرة الجنائية في عدم اعتماد شكايات الجمعيات في تحريك متابعات الفساد المالي 
-دعم استقلالية السلطة القضائية مؤسساتيا وماليا واطلاق يد النيابة العامة في تحريك المتابعات في مجال الفساد المالي وعدم تقييد سلطتها في هذا الباب وإلغاء ما تضمنه مشروع المسطرة الجنائية من تقييد لسلطاتها.

 -دعم استقلالية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة  وتعزيز سلطاتها من خلال ملاءمة التشريعات مع المعايير الدولية في تقوية الإطار العام لمكافحة الفساد.

-رقمنة الإجراءات الإدارية والقضائية والقطع أو التخفيف من الإجراءات المادية والورقية.

-تعزيز منظومة حماية المبلغين والشهود في اطار مكافحة الفساد 

-دعم التحفيز للموظفين والعاملين في المرافق العمومية 

-خلق جوائز وطنية لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة 
-



الاثنين 21 أكتوبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter