انطلاقا من مدونة الشغل التي عملت على تـحديد الحالات و الأسباب التي يمكن للمشغل بموجبها اللجوء لفصل أجير أو عدة أجراء وباعتبار أن تركيزنا سينصب لدراسة الإشكالية القانونية التي تطرحها المادة 62 و المتعلقة بمسطرة الاستماع إلى الأجير المرتبطة بالفصل التأديبي.
فالملاحظ أن المشرع المغربي ربط مبرر الفصل بالمادتين 37 و39 فإن كانت المادة 37 حددت العقوبات التأديبية المخول للمشغل إستعمالها بمبدأ التدرج في حق الأجير لإرتكابه خطأ غير جسيم, فإن المادة 39 قد حددت الأفعال التي إعتبرها المشرع أخطاء جسيمة قد تؤدي إلى الفصل و إنطلاقا من هذه الفقرة يتم إعمال مسطرة الإستماع للأجير و التي حددها المشرع في المادة 62 والتي نص فيها على " يجب قبل فصل الأجير, أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالإستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الاجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه و ذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام إبتدأ من التاريخ الذي تبين فيه إرتكاب الفعل المنسوب إليه.
يحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة, يوقع الطرفان, وتسلم نسخة منه إلى الأجير.
إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة, يتم اللجوء إلى مفتش الشغل."
و إنطلاقا من تقديمنا هذا الذي حاولنا فيه الوصول لمسطرة الإستماع للأجير بطرق قانونية وفق لما تتضمنه مدونة الشغل و على إعتبار أننا نحاول طرح إشكال قانوني هم نطاق واسع من الباحثين القانونين فإننا إرتأينا أن نقسم هذه الإشكالية إلى قسمين :
- مسطرة الإستماع للأجير و تأصيلها القانوني
- الإشكالية القانونية المرتبطة بمسطرة الإستماع للأجير
- مسطرة الإستماع للأجير و تأصيلها القانوني
- تحديد مفهوم مسطرة الإستماع
- ارتكاب جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة او الأدب العامة بشأنها حكم نهائي وسالب للحرية
- إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة
- السرقة
- خيانة الأمانة
- السكر العلني
- تعاطي المادة المخدرة
- الاعتداء بالضرب
- السبب الفادح
- رفض انجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر
- التغيب بدون مبرر لأكثر من 4 أيام أو 8 أنصاف يوم خلال 12 شهرا
- إلحاق ضرر جسيم بالمجهزات أو الآلآت أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح
- ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل
- عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتبت عنه خسارة جسيمة
- التحريض على الفساد
- استعمال أي نوع من أنواع التعسف والاعتداء البدني الموجه ضد أجير او مشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة[[1]]url:#_ftn1
و ترتبط مسطرة الإستماع اللأجير وفق المادة 62 من مدونة الشغل بالخطأ الجسيم كسبب من أسباب اللجوء إلى المسطرة و التي جاء بها المشرع حفاظا على حق الأجير للدفاع عن نفسه و دحظ إدعاءات المشغل و تبرير موقفه .
و قد إعتبرها بعض القضاة مسطرة قبلية يتم إجراؤها من لدن المشغل أو من ينوب عنه مع الأجير الذي ارتكب خطأ جسيما أو غير جسيم، قبل توقيع إحدى العقوبات التأديبية المحددة قانونا لإجراء المسطرة في حق الأجير أو تراجع المشغل أو من ينوب عنه عن توقيع العقوبات.[[2]]url:#_ftn2
و منه يمكن تعريف مسطرة الإستماع بأنها مجموعة من الإجراءات الواجب إتباعها قبل إنهاء عقد الشغل من عدمه، سواء تعلق الأمر بالفصل من العمل إرتباطا بارتكاب الأجير لخطأ جسيم، أو أنها قد تكون عقوبة تأديبية عن إخلاله ببعض التزاماته.
- الإطار القانوني لمسطرة الإستماع للأجير
و منه فقد عمل المشرع المغرب على تنزيل مقتضيات الإتفاقية رقم 158[[4]]url:#_ftn4 في مدونة الشغل و منها النص القانوني المتعلق بالإستماع للأجير و نجد أن التأطير القانوني لمسطرة متمثل من المادة 62 إلى المادة 65 من القانون 65-99 المتعلق بمدونة الشغل
- الإشكالية القانونية المرتبطة بمسطرة الإستماع للأجير
و إذا كان جل المحللين القانونين يدلون بدلوهم في هذا الموضوع فقد رتأينا نحن أيضا نعطي رأينا في هذا الموضوع إستنادا للقانون و العمل القضائي.
فقد حملت المادة 62 عدت إشارات غامضة إصتعصا على المقاولات فهمها و كذا الأمر مع الأجراء. و مع كثرت هذا النقاط الغامضة رتأينا تقسيمها إلى قسمين :
.1 الإشكالات المرتبطة الإجراءات و المهام
فبالعودة إلى مضامين المادة 62 نجد أنها نصت على مايلي " يجب، قبل فصل الأجير، أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره…. "
- و خلال تأملنا للمادة نجد أنها تتحدث عن الإستماع للأجير مباشرة دون التنصيص على إستدعاء الأجير للجلسة و لا كيفية الإستدعاء و شكل الإستدعاء و مضمونه و لا ضمانات وصول الإستدعاء بطرق قانونية, وهذا ما يخلق نوعا من الجدل لدى المقاولات و الأجراء فمن جهة يجب إحترام المسطرة و من جهة أخرى المسطرة فيها فراغات قانونية تطرح الكثيرمن علامات الإستفهام. و بسبب هذا الفراغ جاء دور القضاء للحد من هذه الإشكالات المطروحة.
- و الملاحظ في الفقرة الأولى من المادة 62 أنها أوكلت مهمة الاستماع إلى الأجير الذي اقترف خطأ جسيما إلى المشغل أومن ينوب عنه، غير أنها لم تحدد صفة هذا النائب إذ كان عليها وضمان للحياد أن يشترط ألا يكون من ينوب عن المشغل في هذه الحالة هو من ادعى اقتراف الأجير للخطأ أو اكتشف هذا الأخير.
- و إذا كانت المادة 62 قد نصت قبل فصل الأجير على ".…أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه…. "
- ويلاحظ من الفقرة أن مدونة الشغل خولت للأجير فرصة الاستماع إليه و ان يختار من مندوبي الأجراء أو الممثلين النقابيين بالمؤسسة ليكون حاضرا في جلسة الإستمتاع، غير أنها لم تبين الدور الذي سيقومنا به ,و إن كان لهم حق المشاركة في حيثيات هذع الجلسة و تكيف الخطأ المنسوب للأجير، إذ أنه في غياب تحديد دقيق للدور الذي يلعبه الممثل النقابي أو مندوب الأجراء في هذه المسطرة فإن حضوره يبقى حضورا معنويا لا تأثير له على مسار القرار الذي سيتخذه المشغل خاصة وأن هذا الأخير يلعب دور الخصم والحكم في هذه المسطرة.
- و بالعودة للفقرة الأخيرة من المادة 62 نجدها تنص على "… إذا رفض أحد الطرفين إجراء أو إتمام المسطرة، يتم اللجوء إلى مفتش الشغل"
- - ……………………
- - ……………………
- - …………………….
- – إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية.
- "
- الإشكالية القانونية المرتبطة بالأجال
- :
لقد حاولنا في مقالنا هذا أن نسلط الضوء على أبرز الإشكالات القانونية المطروحة في المادة 62 من مدونة الشغل و التي شغلة الرأي العام بسب الغموض الذي تطرحه و كذا الفراغات التي تعتريه فإن كان اهل الإختصاص يعتبرونها غموض يمكن تفسيره عبر الإجتهاد القضائي إلا أن أرباب المقاولات و مدراء الموارد البشرية و الأجراء يجيدون صعوبة في فهم هذا الغموض و إجاد حلول لهذه الفراغات دون اللجوء إلى القضاء.
و المستنتج أن الشكليات وراء سوء الفهم و ذلك راجع بالأساس إلى عدم تحديد الإجراءات الشكلية بدقة، والاكتفاء بذكر مراحل مسطرة الاستماع، وهو الفراغ الذي يقع فيه أغلب المشغلين أو مسؤولو الموارد البشرية، حين يباشرون مسطرة الاستماع.
و بالتالي تتكبد المقاولات خسائر مهمة بسب عدم التقيد بالمسطرة و من جهة فالمسطرة فيها فراغات قانونية .
و منه فقد وجب على المشرع الإحاطة بهذه الفراغات حتى تلعب المسطرة الدور المتحدثة من أجله وفقا للأتفاقية رقم 158 و ما جاءت به مدونة الشغل.
-[1] ظهير الشريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003) بتنفيذ القانون المنظم لمدونة الشغل
-[2] تقرير بعنوان "المادة 62 من مدونة الشغل تحت المجهر" مشور في جريدة الصباح بتاريخ 11 يناير 2018
-[3]ظهير شريف رقم 1.98.167 صادر في فاتح رمضان 1432 (2 أغسطس 2011) بنشر الاتفاقية رقم 158 المتعلقة بإنهاء علاقة الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل المعتمدة من قبل المؤتمر الدولي للعمل في دورته الثامنة و الستين المنعقدة بجنيف في شهر يونيو 1982.
[4] - ظهير شريف رقم 1.98.167 صادر في فاتح رمضان 1432 (2 أغسطس 2011) بنشر الاتفاقية رقم 158 المتعلقة بإنهاء علاقة الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل المعتمدة من قبل المؤتمر الدولي للعمل في دورته الثامنة و الستين المنعقدة بجنيف في شهر يونيو 1982.