يعتبر الاعتقال الاحتياطي من أهم إجراءات التحقيق وأخطرها على الإطلاق والتي يمكن أن تمس بحرية المتهم سواء أثناء القيام بهذه الاجراءات أو أثناء المحاكمة، وهو تلك الفترة التي يقضيها المتهم على ذمة التحقيق بسبب جناية أو جنحة منسوبة إليه أو خلال فترة المحاكمة قبل صدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، وقد أكدت المادة 159 من قانون المسطرة الجنائية[1] المغربي على ما يلي:"الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي تدبيران استثنائيان، يعمل بهما في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية".
ويرمي الاعتقال الاحتياطي إلى وضع المتهم في السجن، ويصدر في شكل أمر بالإيداع في السجن إذا كان حاضرا أو إلقاء القبض عليه إذا كان في حالة فرار، وتبلغ هذه الأوامر فورا وشفهيا للمتهم ويسجل هذا التبليغ في محضر ويبلغه أيضا إلى ممثل النيابة العامة داخل أربع وعشرين ساعة، ويحق للمتهم أو دفاعه تسلم نسخة من الأمر بالاعتقال الاحتياطي بمجرد طلبه[2].
وقد نظم المشرع المغربي الاعتقال الاحتياطي في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحري عن الجرائم ومعاينتها في المواد159 و من 175 إلى 188 من قانون المسطرة الجنائية.
والجدير بالاشارة أنه مع تفشي وباء كورونا الخطيرعلى صحة الانسان، والذي يهدد أسمى حق له ألا وهوالحق في الحياة المضمون دستوريا بمقتضى الفصل [3]20 من الدستور المغربي لسنة 2011، اعتمدت الدولة المغربية مجموعة من التدابير الاحترازية للحد من انتشار الوباء، ومن بين هذه التدابير الوقائية المرسوم بمثابة قانون رقم292.20.2 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي أكد في المادة السادسة منه على أنه يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة باستثناء آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.
ومن هذا المنطلق فما هي أحكام مؤسسة الاعتقال الاحتياطي؟ وما مدى تأثرها بفيروس كورونا المستجد ؟
المطلب الأول: تحديد مؤسسسة الاعتقال الاحتياطي
أولا :الجهة المختصة بتوقيع الاعتقال الاحتياطي وشروطه
بما أن الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي صارم يرمي الى إيداع المتهم داخل المؤسسة السجنية وحرمانه من حريته فإنه يتم وفق شروط خاصة خلال إجراءات التحقيق أو خلال المحاكمة.
وعليه يتم وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي بناء على أمر من قاضي التحقيق في الحالة التي تستدعي إجراء تحقيق، استنادا إلى المادة 175 من ق م ج، أو بقرار النيابة العامة وكيل الملك إذا تعلق الأمر بجنحة، أو الوكيل العام للملك إذا تعلق الأمر بجريمة تكيف جناية، وذلك في حالة الإحالة المباشرة على المحكمة.
ويجب أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الاعتقال الاحتياطي، كما يتعين القيام باستنطاق المتهم قبل اعلان قرار الاعتقال أمام قاضي التحقيق بحضور محاميه أو بعد استدعائه بطريقة قانونية ما لم يتنازل المتهم، وإذا لم يتحقق هذا الشرط أو شابه عيب البطلان، بطل أيضا الأمر بالاعتقال الاحتياطي وهذا ما نصت عليه المادة [4]210 من ق م ج.
ثانيا : آجال الاعتقال الاحتياطي وحالاته
لقد حدد المشرع المغربي مدة الاعتقال الاحتياطي خلال فترة التحقيق في كل من الجنح بمقتضى المادة 176 من ق م ج وكذا في الجنايات من خلال المادة 277 من ق م ج.
وهكذا أكدت المادة 176 من ق م ج على أنه لا يجوز أن تتجاوز مدة الاعتقال الاحتياطي في القضايا الجنحية شهرا واحدا، وذا ظهرت عند انصرام هذا الاجل ضرورة لاستمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا، يصدر بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب.
ولا يمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة، وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمرا بالإحالة طبقا لمقتضيا المادة 217 من ق م ج، يطلق سرح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق.
أما إذا تعلق الأمر بجناية فإن مدة الاعتقال الاحتياطي يجب أن لا تتعدى شهرين، قابلة للتمديد خمس مرات لنفس المدة، بناء على أمر معلل صادر عن قاضي التحقيق بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب[5]، ليصبح الحد الأقصى للاعتقال الاحتياطي سنة كاملة.
وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة، يطلق سراح المتهم بقوة القانون، ويستمر التحقيق، وذلك حسب ماورد في المادة177 من ق م ج.
وقد حدد قانون المسطرة الجنائية الحالات التي يجوز فيها اللجوء الى هذا التدبير الاستثنائي، في المواد 47و74و73و160منه.
فبالنسبة للحالة الاولى التي نصت عليها المادة 47 من ق م ج التي أعطت لوكيل الملك في غير التلبس بجنحة أن يصدر أمرا بالإيداع في السجن في حق المشتبه فيه الذي اعترف بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو ظهرت معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها والذي لا تتوفر فيه ضمانات الحضور أوظهر أنه خطير على النظام العام وعلى سلامة الأشخاص أو الأموال.
أما بالنسبة للحالة الثانية للاعتقال الاحتياطي فقد نصت عليها المادة 74 من ق م ج والتي أعطت الحق للوكيل العام للملك إذا ظهر له أن القضية جاهزة للحكم إصدار أمر بوضع المتهم رهن الاعتقال وإحالته على غرفة الجنايات داخل أجل 15 يوما على الأكثر.
أما الحالة الثالثة فقد نصت عليها المادة [6]73من ق م ج إذ أعطت الحق لوكيل الملك أن يصدر أمرا بإيداع المتهم بالسجن إذا تعلق الأمر بالتلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس، أوإذا لم تتوفر في مرتكبيها ضمانات كافية للحضور.
أما الحالة الرابعة والأخيرة للاعتقال الاحتياطي فقد نصت عليها المادة 160 من
ق م ج والتي أعطت لقاضي التحقيق إمكانية اعتقال المتهم احتياطيا إذا تطلبت ضرورة التحقيق ذلك أو الحفاظ على أمن الأشخاص والنظام العام.
المطلب الثاني: مدى تأثير انتشار فيروس كورونا على مؤسسة الاعتقال الاحتياطي وسبل وقاية السجناء منه
ثانيا:تأثير انتشار فيرؤس كورونا على مؤسسة الاعتقال الاحتياطي
مع انتشار فيروس كورونا المستجد في مختلف أنحاء العالم بصفة عامة وفي المغرب بصفة خاصة،قامت الدولة المغربية باتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس، وإصدار العديد من القوانين والمراسم من بينها المرسوم المتعلق بحالة الطوارئ الصحية الصادر بتاريخ 24/03/2020.
وقد أورد المشرع المغربي بمقتضى المادة الساسة من المرسوم المذكور جملة من الاستثناءات على عموم الأجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية، بقوله:"تستثنى من الفقرة الأولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص الوضوعين تحت الحراسة النظرية و المتابعين في حالة اعتقال احتياطي"[7].
ومن ثم يمكن القول بعدم خضوع مدة الاعتقال الاحتياطي للإيقاف بسبب الظروف الطارئة، أي أنها ستظل سارية المفعول خلال فترة حالة الطوارئ، على خلاف آجال الإجراءات المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية والتي يجب إيقافها مؤقتا إلى حين انتهاء مدة الطوارئ الصحية، وهذا ما أكدته المادة السادسة أعلاه.
وعليه فإن إبقاء مدة الاعتقال الاحتياطي سارية خلال فترة الطوائ الصحية تثير أكثر من إشكال، لاسيما أن بقاء المعنيين بالاعتقال الاحتياطي وراء القضبان من شأنه أن يؤثر على صحة السجين وحقه في السلامة الجسدية، خاصة مع تزايد حالات الاصابة بفيروس كورونا المستجد، علما أن الاعتقال الاحتياطي ما هوالا تدبير استثنائي احترازي تتخذه سلطة التحقيق ضد المتهم وتأمر بايداعه في المؤسسات السجنية أثناء النظر في الدعوى الزجرية إلى حين صدور القرار النهائي في التهمة الموجهة إليه، كما أنه يعمل به في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، ويمكن استبداله بالتدابير الاحترازية الأخرى المنصوص عليها قانونا مع استمرار الاجراءات .
ثانيا: إعمال بدائل الاعتقال الاحتياطي حماية للسجناء من انتشار فيروس كورونا
لا شك أن استبدال الاعتقال الاحتياطي بالتدابير البديلة كالافراج المؤقت[8] والوضع تحت المراقبة القضائية[9] سيخفف من أعباء السجون التي تعرف نوعا من الاكتظاظ والاختلاط[10] والتقارب ونقص شروط النظافة والتعقيم، والتي يعتبر خطر الإصابة بفيروس كورونا داخلها مرتفعا ومهددا لهاته الفئة من المواطنين.
وهكذا فقد أكد المشرع المغربي بمقتضى قانون المسطرة الجنائية على بعض بدائل الاعتقال الاحتياطي كنظام الكفالة أو الضمانة المالية المخولة للنيابات العامة، ونظام المراقبة القضائية المخول لقضاة التحقيق.
والضمانة المالية تعني عدم اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي إذا أدى المتهم كفالة مالية تودع بصندوق المحكمة ضمانا لحضوره لإجراات الدعوى.
وتصادر الكفالة لفائدة الدولة إذا تخلف المتهم عن الحضور دون مبرر مقبول.
كما تكون الضمانة شخصية، أي أن يقدر قاضي النيابة العامة ان المتهم يتوفر على ارتباطات ومصالح بالبلد تجعل حضوره واستدعاءه أو القاء القبض عليه خلال مراحل الدعوى متاحا.
وأما المراقبة القضائية التي أحدثها قانون المسطرة الجنائية سنة2003، ونظمها في المواد من 159 إلى 174 من ق م ج فتتضمن 18 إجراء بديل للاعتقال الاحتياطي يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر واحد منها أو أكثر بدل اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.
وعموما يمكن القول أن اتخاذ من التدابير الاحترازية للحد من انتقال فيروس كورونا ومنح المعتقلين احتياطيا السرح المؤقت وتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي من شأنه أن يخفف من الاكتظاظ والتقارب والاختلاط من جهة، ومن جهة يساهم في الحماية من انتشار الوباء داخل المؤسسات السجنية .
ويرمي الاعتقال الاحتياطي إلى وضع المتهم في السجن، ويصدر في شكل أمر بالإيداع في السجن إذا كان حاضرا أو إلقاء القبض عليه إذا كان في حالة فرار، وتبلغ هذه الأوامر فورا وشفهيا للمتهم ويسجل هذا التبليغ في محضر ويبلغه أيضا إلى ممثل النيابة العامة داخل أربع وعشرين ساعة، ويحق للمتهم أو دفاعه تسلم نسخة من الأمر بالاعتقال الاحتياطي بمجرد طلبه[2].
وقد نظم المشرع المغربي الاعتقال الاحتياطي في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحري عن الجرائم ومعاينتها في المواد159 و من 175 إلى 188 من قانون المسطرة الجنائية.
والجدير بالاشارة أنه مع تفشي وباء كورونا الخطيرعلى صحة الانسان، والذي يهدد أسمى حق له ألا وهوالحق في الحياة المضمون دستوريا بمقتضى الفصل [3]20 من الدستور المغربي لسنة 2011، اعتمدت الدولة المغربية مجموعة من التدابير الاحترازية للحد من انتشار الوباء، ومن بين هذه التدابير الوقائية المرسوم بمثابة قانون رقم292.20.2 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي أكد في المادة السادسة منه على أنه يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة باستثناء آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.
ومن هذا المنطلق فما هي أحكام مؤسسة الاعتقال الاحتياطي؟ وما مدى تأثرها بفيروس كورونا المستجد ؟
المطلب الأول: تحديد مؤسسسة الاعتقال الاحتياطي
أولا :الجهة المختصة بتوقيع الاعتقال الاحتياطي وشروطه
بما أن الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي صارم يرمي الى إيداع المتهم داخل المؤسسة السجنية وحرمانه من حريته فإنه يتم وفق شروط خاصة خلال إجراءات التحقيق أو خلال المحاكمة.
وعليه يتم وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي بناء على أمر من قاضي التحقيق في الحالة التي تستدعي إجراء تحقيق، استنادا إلى المادة 175 من ق م ج، أو بقرار النيابة العامة وكيل الملك إذا تعلق الأمر بجنحة، أو الوكيل العام للملك إذا تعلق الأمر بجريمة تكيف جناية، وذلك في حالة الإحالة المباشرة على المحكمة.
ويجب أن تكون الجريمة مما يجوز فيها الاعتقال الاحتياطي، كما يتعين القيام باستنطاق المتهم قبل اعلان قرار الاعتقال أمام قاضي التحقيق بحضور محاميه أو بعد استدعائه بطريقة قانونية ما لم يتنازل المتهم، وإذا لم يتحقق هذا الشرط أو شابه عيب البطلان، بطل أيضا الأمر بالاعتقال الاحتياطي وهذا ما نصت عليه المادة [4]210 من ق م ج.
ثانيا : آجال الاعتقال الاحتياطي وحالاته
لقد حدد المشرع المغربي مدة الاعتقال الاحتياطي خلال فترة التحقيق في كل من الجنح بمقتضى المادة 176 من ق م ج وكذا في الجنايات من خلال المادة 277 من ق م ج.
وهكذا أكدت المادة 176 من ق م ج على أنه لا يجوز أن تتجاوز مدة الاعتقال الاحتياطي في القضايا الجنحية شهرا واحدا، وذا ظهرت عند انصرام هذا الاجل ضرورة لاستمرار الاعتقال الاحتياطي، جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا، يصدر بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب.
ولا يمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة، وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمرا بالإحالة طبقا لمقتضيا المادة 217 من ق م ج، يطلق سرح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق.
أما إذا تعلق الأمر بجناية فإن مدة الاعتقال الاحتياطي يجب أن لا تتعدى شهرين، قابلة للتمديد خمس مرات لنفس المدة، بناء على أمر معلل صادر عن قاضي التحقيق بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب[5]، ليصبح الحد الأقصى للاعتقال الاحتياطي سنة كاملة.
وإذا لم يتخذ قاضي التحقيق أمرا بانتهاء التحقيق أثناء هذه المدة، يطلق سراح المتهم بقوة القانون، ويستمر التحقيق، وذلك حسب ماورد في المادة177 من ق م ج.
وقد حدد قانون المسطرة الجنائية الحالات التي يجوز فيها اللجوء الى هذا التدبير الاستثنائي، في المواد 47و74و73و160منه.
فبالنسبة للحالة الاولى التي نصت عليها المادة 47 من ق م ج التي أعطت لوكيل الملك في غير التلبس بجنحة أن يصدر أمرا بالإيداع في السجن في حق المشتبه فيه الذي اعترف بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو ظهرت معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها والذي لا تتوفر فيه ضمانات الحضور أوظهر أنه خطير على النظام العام وعلى سلامة الأشخاص أو الأموال.
أما بالنسبة للحالة الثانية للاعتقال الاحتياطي فقد نصت عليها المادة 74 من ق م ج والتي أعطت الحق للوكيل العام للملك إذا ظهر له أن القضية جاهزة للحكم إصدار أمر بوضع المتهم رهن الاعتقال وإحالته على غرفة الجنايات داخل أجل 15 يوما على الأكثر.
أما الحالة الثالثة فقد نصت عليها المادة [6]73من ق م ج إذ أعطت الحق لوكيل الملك أن يصدر أمرا بإيداع المتهم بالسجن إذا تعلق الأمر بالتلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس، أوإذا لم تتوفر في مرتكبيها ضمانات كافية للحضور.
أما الحالة الرابعة والأخيرة للاعتقال الاحتياطي فقد نصت عليها المادة 160 من
ق م ج والتي أعطت لقاضي التحقيق إمكانية اعتقال المتهم احتياطيا إذا تطلبت ضرورة التحقيق ذلك أو الحفاظ على أمن الأشخاص والنظام العام.
المطلب الثاني: مدى تأثير انتشار فيروس كورونا على مؤسسة الاعتقال الاحتياطي وسبل وقاية السجناء منه
ثانيا:تأثير انتشار فيرؤس كورونا على مؤسسة الاعتقال الاحتياطي
مع انتشار فيروس كورونا المستجد في مختلف أنحاء العالم بصفة عامة وفي المغرب بصفة خاصة،قامت الدولة المغربية باتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس، وإصدار العديد من القوانين والمراسم من بينها المرسوم المتعلق بحالة الطوارئ الصحية الصادر بتاريخ 24/03/2020.
وقد أورد المشرع المغربي بمقتضى المادة الساسة من المرسوم المذكور جملة من الاستثناءات على عموم الأجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية، بقوله:"تستثنى من الفقرة الأولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص الوضوعين تحت الحراسة النظرية و المتابعين في حالة اعتقال احتياطي"[7].
ومن ثم يمكن القول بعدم خضوع مدة الاعتقال الاحتياطي للإيقاف بسبب الظروف الطارئة، أي أنها ستظل سارية المفعول خلال فترة حالة الطوارئ، على خلاف آجال الإجراءات المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية والتي يجب إيقافها مؤقتا إلى حين انتهاء مدة الطوارئ الصحية، وهذا ما أكدته المادة السادسة أعلاه.
وعليه فإن إبقاء مدة الاعتقال الاحتياطي سارية خلال فترة الطوائ الصحية تثير أكثر من إشكال، لاسيما أن بقاء المعنيين بالاعتقال الاحتياطي وراء القضبان من شأنه أن يؤثر على صحة السجين وحقه في السلامة الجسدية، خاصة مع تزايد حالات الاصابة بفيروس كورونا المستجد، علما أن الاعتقال الاحتياطي ما هوالا تدبير استثنائي احترازي تتخذه سلطة التحقيق ضد المتهم وتأمر بايداعه في المؤسسات السجنية أثناء النظر في الدعوى الزجرية إلى حين صدور القرار النهائي في التهمة الموجهة إليه، كما أنه يعمل به في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، ويمكن استبداله بالتدابير الاحترازية الأخرى المنصوص عليها قانونا مع استمرار الاجراءات .
ثانيا: إعمال بدائل الاعتقال الاحتياطي حماية للسجناء من انتشار فيروس كورونا
لا شك أن استبدال الاعتقال الاحتياطي بالتدابير البديلة كالافراج المؤقت[8] والوضع تحت المراقبة القضائية[9] سيخفف من أعباء السجون التي تعرف نوعا من الاكتظاظ والاختلاط[10] والتقارب ونقص شروط النظافة والتعقيم، والتي يعتبر خطر الإصابة بفيروس كورونا داخلها مرتفعا ومهددا لهاته الفئة من المواطنين.
وهكذا فقد أكد المشرع المغربي بمقتضى قانون المسطرة الجنائية على بعض بدائل الاعتقال الاحتياطي كنظام الكفالة أو الضمانة المالية المخولة للنيابات العامة، ونظام المراقبة القضائية المخول لقضاة التحقيق.
والضمانة المالية تعني عدم اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي إذا أدى المتهم كفالة مالية تودع بصندوق المحكمة ضمانا لحضوره لإجراات الدعوى.
وتصادر الكفالة لفائدة الدولة إذا تخلف المتهم عن الحضور دون مبرر مقبول.
كما تكون الضمانة شخصية، أي أن يقدر قاضي النيابة العامة ان المتهم يتوفر على ارتباطات ومصالح بالبلد تجعل حضوره واستدعاءه أو القاء القبض عليه خلال مراحل الدعوى متاحا.
وأما المراقبة القضائية التي أحدثها قانون المسطرة الجنائية سنة2003، ونظمها في المواد من 159 إلى 174 من ق م ج فتتضمن 18 إجراء بديل للاعتقال الاحتياطي يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر واحد منها أو أكثر بدل اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.
وعموما يمكن القول أن اتخاذ من التدابير الاحترازية للحد من انتقال فيروس كورونا ومنح المعتقلين احتياطيا السرح المؤقت وتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي من شأنه أن يخفف من الاكتظاظ والتقارب والاختلاط من جهة، ومن جهة يساهم في الحماية من انتشار الوباء داخل المؤسسات السجنية .
[1] ـ ظهير شريف رقم 255.02.1 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر2002) بتنفيذ القانون رقم 01.22 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
[2] ـ نصت المادة 175 من ق م ج على ما يلي:" يمكن إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي في أي مرحلة من مراحل التحقيق، ولو ضدمتهم خاضع للوضع تحت المراقبة القضائية.
يبلغ هذا الأمر فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة العامة، وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 160.
يصدر قاضي التحقيق عندئذ أمرا بالايداع في السجن يكون سندا للاعتقال، أو أملر بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار...".
يبلغ هذا الأمر فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة العامة، وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 160.
يصدر قاضي التحقيق عندئذ أمرا بالايداع في السجن يكون سندا للاعتقال، أو أملر بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار...".
[3] ـ ظهير شريف رقم 91.11.1 صادر في 27 من شعبان 1432(29 يوليو2011) بتنفيذ نص الدستور .
[4] ـ المادة 210 من ق م ج:"يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و 135 من هذا القانون المنظمين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاق والمواجهات، والمواد 59و60و62و101 المنظمة للتفتيشات، وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة211.
[5] ـ أحمد الخمليشي" شرح قانون المسطرة الجنائية"،مطبعة المعرف الجديدةالرباط1999 ص158.
[6] ـ نصت المادة 73 من ق م ج على ما يلي :"..إذا ظهر أن القضية جاهزة للحكم، أصدر الوكيل العام للملك أمرا بوضع المتهم رهن الاعتقال وأحاله على غرفة الجنايات داخل أجل خمسة عشر يوما على الأكثر..."
[7] ـ نصت المادة 6 من مرسوم القانون الصادر بتاريخ 24/03/2020 المتعلق بحالة الطوارئ الصحية على مايلي:" يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة.
تستثنى من أحكام الفقرة الأولى آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالةاعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي".
تستثنى من أحكام الفقرة الأولى آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالةاعتقال، وكذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي".
[8] ـ نصت المادة 178 من ق مج على ما يلي :"يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا، بعد استشارة النيابة العامة، أن يأمر بالافراج المؤقت تلقائيا، إذا كان الإفراج غير مقرر بموجب القانون، بشرط ان يلتزم المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعي لذلك، وبأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته أو بالإقامة في مكان معين، كما يمكن ربط الإفراج المؤقت بإدلاء المعني بالأمر بشهادة من مؤسسة عمومية أو مؤسسة خاصة للصحة أو التعليم تؤكد تكفلها بالمتهم أثناء مدةهذا الغفراج.
يمكن كذلك أن يتوقف هذا الإفراج على وجوب الالتزام بتقديم ضمانة مالية أو ضمانة شخصية.
يمكن علاوة على ذلك أن يكون الإفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية وفقا للشكليات المقررة في المواد 160 إلى 174 من ق م ج.."
يمكن كذلك أن يتوقف هذا الإفراج على وجوب الالتزام بتقديم ضمانة مالية أو ضمانة شخصية.
يمكن علاوة على ذلك أن يكون الإفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية وفقا للشكليات المقررة في المواد 160 إلى 174 من ق م ج.."
[9] ـ نصت المادة 161من ق م ج على مايلي:" يتضمن الأمر بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية، الخضوع تبعا لقرار قاضي التحقيق لواحد أو أكثر من التدابير أو للالتزامات التالية:
1ـ عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق.
2ـ عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القانون المذكور.
3ـ عدم التردد على بعض الأمكنة التي يحددها قاضي التحقيق...".
1ـ عدم مغادرة الحدود الترابية المحددة من طرف قاضي التحقيق.
2ـ عدم التغيب عن المنزل أو السكن المحدد من طرف قاضي التحقيق إلا وفق الشروط والأسباب التي يحددها القانون المذكور.
3ـ عدم التردد على بعض الأمكنة التي يحددها قاضي التحقيق...".