يواصل قضاة المملكة إصدار أحكام اجتهادية تصب في اتجاه تعزيز المصلحة الفضلى لمختلف أفراد الأسرة، انسجاما مع مقتضيات مدونة الأسرة؛ فقد أصدر قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب حكما يقضي بأحقية الجدة من جهة الأب بزيارة المحضون طالما أن الأب غائب. وفي تفاصيل الواقعة، فقد تقدمت والدة طليق بدعوى إلى المحكمة المذكورة، ضد زوجة ابنها سابقا، تطالب فيها بحقها في زيارة حفيدتها المحضونة من طرف أمها؛ لأن ابنها غادر أرض الوطن بعد واقعة الطلاق، ويتعذر عليه زيارة ابنته. وحسب المعطيات الواردة في المقال الافتتاحي للدعوى، فإن الجدّة (المدّعية) قامت مرارا وتكرارا بجميع المحاولات الحبية قصد زيارة حفيدتها؛ غير أن المدعى عليها (طليقة ابنها) امتنعت عن ذلك، ملتمسة من المحكمة تمكينها من زيارة حفيدتها. بالمقابل، التمست المدّعى عليها الحكم بعدم قبول طلب المدعية، بداعي أن صفتها غير ثابتة في الدعوى وأنها لم تعزز دعواها بما يثبت أنها منعتها من زيارة حفيدتها؛ غير أن المدعية تمسكت، في رسالتها الجوابية بطلبها، مستندة إلى مقتضيات المادتين 180 و181 من مدونة الأسرة. وتنص المادة 180 من المدونة على أن “لغير الحاضن من الأبوين حق زيارة واستزارة المحضون”، وتنص المادة التي تليها على “يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة، الذي يسجل مضمونه في مقرر إسناد الحضانة”. ويأتي الحكم القضائي الصادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب ليسد ثغرة في القانون الذي لم يحدد من يحل محل أحد والدي المحضون في حق الزيارة، إذا كان خارج أرض الوطن. واستندت المحكمة المذكورة إلى الفصل 185 من مدونة الأسرة، الذي يتحدث عن حالة وفاة أحد والدي المحضون، إذ يحلّ محله أبواه في حق الزيارة. وبما أن المدعية والمدعى عليها لم يضعا اتفاقا مسبقا على تنظيم صلة الرحم، فعّلت المحكمة صلاحيتها في تنظيم الزيارة، “أخذا بعين الاعتبار ظروف الطرفين والمصلحة الفضلى للطفلة (المحضونة)”، جاعلة صلة رحم المدعية كل يوم أحد من كل أسبوع، واليوم الموالي لكل عيد ديني.
عن هسبريس