قد يبدو عنوان المقال غامضا وغريبا لدى البعض لربطه بين مدونة الأسرة ومحكمة العدل الدولية والفقه المالكي، وقد يدفع للتساؤل، إذا كانت العلاقة بين الفقه المالكي ومدونة الأسرة معروفة، فما علاقة محكمة العدل الدولية بالموضوعين ؟ وهو غموض قد ينفك بشرح وتوضيح العلاقة.
من المطالب التي ترفعها بعض الجهات هو حذف أو تعديل المادة 400 من مدونة الأسرة والتي تنص على أنه “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”، بحيث تطالب تلك الجهات بحذف الرجوع للمذهب المالكي للفصل في النزاعات المتعلقة بالأسرة.
إن الدفع الذي يقدمه المطالبون بذلك الحذف هو إغلاق الباب أمام قاضي الأسرة في توظيف المذهب المالكي حين لا يسعفه النص في التعاطي مع النازلة المثارة أمامه، بحيث يزعم المطالبون بذلك الحذف بأن مقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة تفتح الباب أمام اجتهادات مخالفة للمدونة.
ودون التطرق لموقع المذهب المالكي ضمن الثوابت التي تقوم عليها الدولة المغربية، والدور التاريخي الذي قام ويقوم به المذهب في توحيد المغاربة وتجاوز بعض النزاعات التي تهدد تلك الوحدة والانسجام الوطنيين كما وقع في بعض الأقطار الاسلامية، والعلاقة العضوية لمدونة الأسرة بالشريعة الإسلامية وضمنها المذهب المالكي، فإن الدعوة لإلغاء اللجوء للمذهب هي دعوة مناقضة لأحد المبادئ التي يقوم عليها العمل القانوني والقضائي، وهو فتح الباب أمام القاضي لإعمال الاجتهاد حين لا يسعفه النص في التعاطي مع النازلة.
إن اللجوء للمذهب المالكي في المغرب غير مرتبط فقط بمدونة الأسرة، بحيث نجد المشرع أقر اللجوء للمذهب كذلك في مدونة الحقوق العينية، بحيث نصت المدونة في الفقرة الثانية من المادة الأولى على تطبيق مقتضيات قانون الالتزامات والعقود فيما لم يرد به نص في هذا القانون، وإلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي عندما لا يوجد نص.
فالمشرع فتح الباب هنا لإعمال المذهب المالكي حين لا تسعف مدونة الحقوق العينية وقانون الالتزامات والعقود في التعاطي مع النازلة، وكما هو معلوم فمدونة الحقوق العينية تتعلق بالأموال، وبالتالي فمدونة الأسرة أدعى لإعمال المذهب عندما لا يسعف النص، لأنها تتعلق بأخص العلاقات داخل المجتمع، وهي العلاقات الأسرية.
إن اللجوء للفقه عندما لا يسعف النص من المبادئ التي تنص عليها الكثير من القوانين في مختلف دول العالم، بل تم التنصيص عليها في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وهي أعلى جهاز قضائي دولي، بحيث نصت المادة 38 من النظام الأساسي للمحكمة على ان من جملة المصادر التي تستند عليها المحكمة حينما تقوم في الفصل بين المنازعات ” أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم”، وهذه المادة هي التي أصبحت مرجعا في معرفة وترتيب مصادر القانون الدولي
فمحكمة العدل الدولية هنا توظف مذاهب كبار المؤلفين للفصل في النزاعات الدولية حينما لا تجد في الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي والقوانين الوطنية ما يؤطر النزاع المعروض، حتى ان مذاهب الفقهاء أصبحت مصدرا من مصادر القانون الدولي.
والخلاصة، إن المادة 400 من مدونة الأسرة ليس الهدف منه تجاوز نوصوص المدونة كما يذهب لذلك البعض في سعيه نحو التغليط والتضخيم، بل الهدف منها منح القاضي هامشا للفصل في النازلة المعروضة أمامه، ومساعدته في ذلك، عبر تحديد المرجع الذي يلجأ إليه للفصل في النازلة، والأهم هو تأطير اجتهادات القضاء حتى تتوافق مع التوجه العام داخل المجتمع وحتى يتم ضبط الاجتهاد القضاء وفقا لمرجعية المجتمع والدولة، وسعيا نحو توحيد الاجتهاد القضائي.
من المطالب التي ترفعها بعض الجهات هو حذف أو تعديل المادة 400 من مدونة الأسرة والتي تنص على أنه “كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”، بحيث تطالب تلك الجهات بحذف الرجوع للمذهب المالكي للفصل في النزاعات المتعلقة بالأسرة.
إن الدفع الذي يقدمه المطالبون بذلك الحذف هو إغلاق الباب أمام قاضي الأسرة في توظيف المذهب المالكي حين لا يسعفه النص في التعاطي مع النازلة المثارة أمامه، بحيث يزعم المطالبون بذلك الحذف بأن مقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة تفتح الباب أمام اجتهادات مخالفة للمدونة.
ودون التطرق لموقع المذهب المالكي ضمن الثوابت التي تقوم عليها الدولة المغربية، والدور التاريخي الذي قام ويقوم به المذهب في توحيد المغاربة وتجاوز بعض النزاعات التي تهدد تلك الوحدة والانسجام الوطنيين كما وقع في بعض الأقطار الاسلامية، والعلاقة العضوية لمدونة الأسرة بالشريعة الإسلامية وضمنها المذهب المالكي، فإن الدعوة لإلغاء اللجوء للمذهب هي دعوة مناقضة لأحد المبادئ التي يقوم عليها العمل القانوني والقضائي، وهو فتح الباب أمام القاضي لإعمال الاجتهاد حين لا يسعفه النص في التعاطي مع النازلة.
إن اللجوء للمذهب المالكي في المغرب غير مرتبط فقط بمدونة الأسرة، بحيث نجد المشرع أقر اللجوء للمذهب كذلك في مدونة الحقوق العينية، بحيث نصت المدونة في الفقرة الثانية من المادة الأولى على تطبيق مقتضيات قانون الالتزامات والعقود فيما لم يرد به نص في هذا القانون، وإلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي عندما لا يوجد نص.
فالمشرع فتح الباب هنا لإعمال المذهب المالكي حين لا تسعف مدونة الحقوق العينية وقانون الالتزامات والعقود في التعاطي مع النازلة، وكما هو معلوم فمدونة الحقوق العينية تتعلق بالأموال، وبالتالي فمدونة الأسرة أدعى لإعمال المذهب عندما لا يسعف النص، لأنها تتعلق بأخص العلاقات داخل المجتمع، وهي العلاقات الأسرية.
إن اللجوء للفقه عندما لا يسعف النص من المبادئ التي تنص عليها الكثير من القوانين في مختلف دول العالم، بل تم التنصيص عليها في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وهي أعلى جهاز قضائي دولي، بحيث نصت المادة 38 من النظام الأساسي للمحكمة على ان من جملة المصادر التي تستند عليها المحكمة حينما تقوم في الفصل بين المنازعات ” أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم”، وهذه المادة هي التي أصبحت مرجعا في معرفة وترتيب مصادر القانون الدولي
فمحكمة العدل الدولية هنا توظف مذاهب كبار المؤلفين للفصل في النزاعات الدولية حينما لا تجد في الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي والقوانين الوطنية ما يؤطر النزاع المعروض، حتى ان مذاهب الفقهاء أصبحت مصدرا من مصادر القانون الدولي.
والخلاصة، إن المادة 400 من مدونة الأسرة ليس الهدف منه تجاوز نوصوص المدونة كما يذهب لذلك البعض في سعيه نحو التغليط والتضخيم، بل الهدف منها منح القاضي هامشا للفصل في النازلة المعروضة أمامه، ومساعدته في ذلك، عبر تحديد المرجع الذي يلجأ إليه للفصل في النازلة، والأهم هو تأطير اجتهادات القضاء حتى تتوافق مع التوجه العام داخل المجتمع وحتى يتم ضبط الاجتهاد القضاء وفقا لمرجعية المجتمع والدولة، وسعيا نحو توحيد الاجتهاد القضائي.