MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




النظام القانوني لاستحالة التنفيذ في التشريع المغربي

     

ماستر المنازعات القانونية والقضائية


رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص '' تخصص مدني معمق''
تحت عنوان:

النظام القانوني لاستحالة التنفيذ في التشريع المغربي



من إنجاز الطالب: رشيد السروت تحت إشراف وتأطير الأستاذ: الدكتور عدنان عبد العلي

لجنة المناقشة

الدكتور عدنان عبد العلي
رئيسا ومشرفا أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا

الدكتور لفريخي محمد
عضوا أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا

الدكتور الستاتي سعد
عضوا أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا.

الموسم الجامعي: 2023/2024



نسخة مجهزة للتحميل أسفل الصفحة

النظام القانوني لاستحالة التنفيذ في التشريع المغربي
 
مقدمة

تسعى التشريعات جاهدة لضمان استقرار المجتمع، ومن أجل ذلك تحمي أهم عنصرين تستند عليهما المعاملات التعاقدية وهما عنصرا الثقة والائتمان، فيمنع المشرع الأفراد من الإخلال بالتزاماتهم التعاقدية انطلاقا من أن الفرد عندما يتعهد بالتزام ما فذلك يكون بغرض تنفيذه وليس الإخلال به، فالفرد عندما قبل بالالتزام كان حرا وتعهده صدر بناء عن إرادته، فإخلاله بالتزامه يؤدي إلى قيام مسؤوليته العقدية.
إلا ا أن طبيعة الأشياء قد تفرض على المتعاقد ألا ينفذ التزامه، ولهذا قدم المشرع احتياطات منها ما هو مرتبط
بالشيء محل الالتزام ومنها ما هو مرتبط بالالتزام بذاته. فلا يمكن إلزام المتعاقد على تنفيذ التزام محله شيء غير موجود، إذ عندها يكون الالتزام أصلا باطلا، ومن هنا يكون المتعاقد ملزما بتنفيذ الالتزام الممكن وجوده.
فمتى وجد الالتزام الممكن نشأ صحيحا، ويكون على المتعاقد أن ينفذه وألا يخل به، وإن أخل به فإنه يتم
التنفيذ عليه عينيا أو بمقابل. ونقصد بذلك أن محل الالتزام هو عينه المتفق على تنفيذه، فيلتزم المدين بتنفيذ الالتزام الذي اتفق عليه في العقد بذاته أو بعينه، فإن لم يمكن تنفيذ هذا الالتزام العقدي المتفق عليه وجب تعويضه بمقابل وهو ما يسمى بالتنفيذ بمقابل.
فالمدين يبقى ملزما بالتنفيذ حتى ولو لم يمكن تنفيذ ذات الالتزام المتفق عليه، إذ يمكنه تعويض هذا الالتزام
بمقابل، فهذا هو الأصل من غاية نشأة الالتزام العقدي و هو أن يتم تنفيذه وفاء لما تعهد به المدين تجاه الدائن.
إلا أن المشرع احتاط مرة أخرى؛ فبعد نشوء الالتزام صحيحا لم تعد عملية تنفيذه تخضع للعشوائية، بل أدرك أن
هناك ظروفا قد تعيق عملية التنفيذ، لهذا و تحقيقا للعدالة التعاقدية، فإنه وبعد حماية الثقة و الائتمان، جاء لحماية
المتعاقد المدين مما قد يكون تعسفا في حقه إذا ما أجبر على تنفيذ التزام استحال عليه بسبب أجنبي عنه، و ليس
هناك ما يعفيه من المسؤولية عن عدم تنفيذ ما التزم به إلا أن يحول دون ذلك التنفيذ ظروف أو أحداث تفوق
طاقة المدين و قدراته على تخطي تلك الظروف و الأحداث، و من هنا تبرز استحالة التنفيذ كسبب من أسباب
انقضاء الالتزام لأي نزاع متعلق بالمعاملات التعاقدية، فاستحالة التنفيذ تمثل الحل النهائي، بحيث أخذت به جل
التشريعات المدنية وأدرجته ضمن أسباب انقضاء الالتزام و كون أنه انقضاء بدون وفاء و بدون مقابل، فلا يكون
إلا باستنفاذ الحلول الممكنة من أجل التنفيذ، فيكون من المنطقي ترتيبه كحل أخير، ذلك أن العقد أصلا يبرم لينفذ
إذ هو النظام الذي تقوم عليه المعاملات الاقتصادية، و الإخلال به يؤدي إلى الإخلال بالنظام الاقتصادي، لهذا
تسعى التشريعات إلى المحافظة على عنصري الثقة و الائتمان بعدة وسائل.
فاستحالة التنفيذ هي وضع استثنائي وضعه المشرع في ضمان استقرار المعاملات العقدية ؛ فهي إذن تمثل
رخصة تعفي المتعاقد المدين من تنفيذ التزامه و ينقضي بها الالتزام. وكغيره من التشريعات المدنية الأجنبية، أخذ المشرع المغربي باستحالة التنفيذ في المواد من 335 إلى 339 من قانون الالتزامات والعقود، وتعتبر استحالة التنفيذ سببا معف من تنفيذ الالتزام وأدرجها ضمن أسباب انقضاء الالتزام معتمدا على منهجية تدرج الحلول من وقائية، علاجية إلى نهائية. ونظرا لخطورة استحالة التنفيذ باعتبارها سببا في انقضاء الالتزام وبالتالي قد تؤدي إلى المساس بالمراكز القانونية والواجبات والحقوق التي أنشأها العقد، فإنه من الواجب الاهتمام باستحالة التنفيذ لتأثيرها على المعاملات التعاقدية وبالتالي على استقرار المجتمع. ولكن رغم هذه الخطورة فإن الفقه لم يتناولها بالتعريف، وإنما فقط تطرق إلى عناصرها التي تدخل في مفهومها بصفة عامة. و بهذا يكون الفقه قد انتهج فيما يخص الاستحالة منهجا مخالفا لما هو متعارف عليه في منطق و منهج التعريف بالمفاهيم القانونية، باعتبار أن استحالة التنفيذ هي وضع استثنائي، فهي مقيدة بشروط، فإذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه، و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، ، فيجب أولا التحقق من إمكانية التنفيذ العيني، فإن لم يكن التنفيذ العيني ممكنا فالتنفيذ يكون بمقابل، و إن امتنع المدين فينفذ عليه . وفي آخر هذه الحلول نص على استحالة التنفيذ والتي يجب على المدين أن يثبت شروطها بحيث يجب أن تكون مطلقة، ولن تكون كذلك إلا إذا صدرت عن سبب أجنبي عن المدين.
و استحالة التنفيذ لا تمثل قاعدة عامة وإنما استثناء منح به المشرع رخصة للمدين في أن يستعمل حقه في تبرئة
ذمته من الالتزام متى وجد سبب أجنبي جعل تنفيذ هذا الالتزام مستحيلا .وبتحقق هذه الاستحالة بسبب توفر شروطها فإنه حتما سيكون لها أثر مختلف عن آثار المفاهيم القانونية أو الطرق التي تكلمنا عنها سابقا، إذ أثرها يتسع ليشمل الذمة المالية للمدين وللدائن، ليس فقط فيما رتبه العقد من التزامات وحقوق، بل أيضا تؤثر على المراكز القانونية، فيستوجب عندها تحديد من سيتحمل تبعة هذه الاستحالة أو الخسارة الناتجة عنها وذلك على أساس المراكز التي كان العقد المنفسخ قد أنشأها عند إبرامه .فأثر استحالة التنفيذ لا يعني فقط مجرد براءة ذمة المدين بسبب انقضاء الالتزام وبالتالي الانفساخ، بل أكثر من ذلك تنتج هنا خسارة يستوجب تحديد من سيتحملها. ومن هنا كان لا بد للمشرع أن يضع حلولا مسبقة حتى لا يتردد المتعاملون في إبرام العقود، مخافة حصول نزاعات وكذلك تجنبا للتخوف الذي بسببه قد يتردد الأشخاص في إبرام العقود، لهذا كانت إرادة الأطراف الحل الأمثل في مسألة تحمل تبعة الخسارة، فأجاز للأطراف وضع شرط يحدد من يتحمل التبعة، لهذا استحالة التنفيذ ليست من النظام العام، فيمكن تحاشي أثرها أيضا بالاتفاق.

أهمية الموضوع:
 
تتحلى أهمية موضوع " استحالة تنفيذ الالتزام " في ضبط المعاملات والالتزامات بين المتعاقدين وحل النزاعات التي قد تنشأ بينهم لعدم تنفيذ أحد المتعاقدين لالتزاماته بسبب استحالة التنفيذ.
 
دوافع اختيار الموضوع:


تتمثل دوافع اختيارنا لهذا الموضوع باعتبارنا طلبة في ماستر المنازعات القانونية والقضائية تخصص " مدني معمق " في:
  • اندراج الموضوع ضمن تخصص القانون المدني باعتبار هذا الأخير هو الشريعة العامة لجميع فروع
    القانون الخاص، والمرجع الأساسي لمختلف القوانين اللاحقة.
  • محاولة منا اختتام مسارنا الدراسي الجامعي ببحث متميز يعكس جل المكتسبات المعرفية والمنهجية التي
    تلقيناها في سلك دراسات الماستر ولا سيما في تخصص المدني المعمق.
  • رغبتنا في إغناء المكتبة القانونية بمثل هذه الدراسات المتميزة التي تناقش مجموعة من الإشكالات
    المطروحة في مجال تنفيذ الالتزامات التعاقدية، وقلة الدراسات الأكاديمية التي تناولت مثل هذه المواضيع
    القانونية.
  • وجود علاقة وطيدة بين هذا الموضوع وماستر " المنازعات القانونية والقضائية " بحيث أن معظم النزاعات
    التي تنشأ بين المتعاقدين يكون سببها عدم تنفيذ الالتزام بسبب الاستحالة أو لأسباب أخرى من طرف
    المدين، وبذلك يتم اللجوء إلى القضاء لحل النزاع.
  • الأهمية البالغة لموضوع الالتزام في حياة الناس ومعاملاتهم.
 
إشكالية الموضوع
وبناء عما تم الإشارة إليه سابقا سنقوم بطرح الإشكالية الرئيسية التي سنحاول الإجابة عليها وتتمثل في ما يلي:
إلى أي حد وفق المشرع المغربي في تحقيق التوازن العقدي من خلال المقتضيات القانونية المؤطرة لموضوع استحالة التنفيذ؟


وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية التي يمكن ايجازها على الشكل التالي:
إذا كان الأصل في الالتزام انقضاءه بالوفاء فإلى أي مدى يمكنه أن ينقضي بدون الوفاء به من الناحية القانونية؟
ما هو المفهوم القانوني لاستحالة التنفيذ؟
ما هي الآثار القانونية المترتبة عن استحالة التنفيذ؟ من يتحمل تبعة الاستحالة بعد انقضاء الالتزام؟
المنهج المعتمد في الموضوع:


وللإجابة على الإشكالية المطروحة اعتمدنا في ذلك على منهجين بهدف تقريب الفهم الصحيح للالتزامات والنصوص القانونية المنظمة لها، فقد اعتمدنا على المنهج الوصفي، باعتباره من أكثر المناهج العلمية قدرة على دراسة المشكلات والمواضيع القانونية، وإيجاد التفسيرات والحلول المناسبة لها. كما قمنا بالاعتماد على المنهج المقارن من خلال المقارنة بين ظهير الالتزامات والعقود وبعض القوانين المقارنة العربية والأروبية.
فرضية الموضوع:


الملاحظ أن استحالة التنفيذ في التشريع المغربي من خلال التنظيم الذي سنه المشرع طرح العديد من
الإشكالات على مستوى العمل القضائي، مما كشف عن بعض العيوب التي تعتري وتشوب هذا النظام القانوني.
وللإلمام بجميع جوانب الموضوع سنقسم هذا البحث من خلال التصميم التالي:
الفصل الاول: الطبيعة القانونية لاستحالة التنفيذ
المبحث الأول: ماهية استحالة التنفيذ
المبحث الثاني: تطبيقات نظرية لاستحالة التنفيذ
الفصل الثاني: الآثار القانونية المترتبة عن استحالة التنفيذ
المبحث الأول: انقضاء الالتزام وتوابعه
المبحث الثاني: تحمل تبعة الاستحالة
الفصل الاول: الطبيعة القانونية لاستحالة التنفيذ


تعد استحالة التنفيذ من المفاهيم القانونية التي تشير إلى وجود أمر معين، أو ظرف غير متوقع ومن الصعب السيطرة
عليه.
مما يؤدي بطبيعة الحال إلى عرقلة تنفيذ العقد، أو الالتزام أو جعل تنفيذه غير عادل مما يعطي ذلك حق الأطراف المتعاقدة
في فسخ العقد. هذا ما جعل المشرع المغربي يسعى إلى تنظيم مؤسسة استحالة التنفيذ باعتبارها سبب من أسباب انقضاء الالتزام، غير أنه لم يعرفها وإنما ترك المهمة للفقه والقضاء (المبحث الأول) كما سنتحدث عن التطبيقات النظرية لاستحالة التنفيذ (المبحث الثاني. ( 
المبحث الأول: ماهية استحالة التنفيذ
استحالة تنفيذ الالتزام المترتب عن العقد يؤدي إلى انتهاء الالتزام، ولهذا سنتطرق لتعريف استحالة التنفيذ ) المطلب
الاول ( فيما سنتحدث عن أقسام استحالة التنفيذ)  المطلب الثاني.(
المطلب الأول : تعريف استحالة التنفيذ
لم يعرف لنا المشرع المغربي استحالة التنفيذ بل اكتفى بتحديد شروطها فقط بمقتضى الفصل 335 من ق ل ع، و إنما
ترك تعريفها للفقه والقضاء وتحديد مفهومها ) الفقرة الأولى ( وكذا أنواعها ) )الفقرة الثانية.(
الفقرة الأولى : مفهوم استحالة التنفيذ
اختلف الفقه القانوني حول مفهوم استحالة التنفيذ على ثلاثة مذاهب:
المذهب التقليدي: يقوم هذا المذهب على أن الاستحالة التي يترتب عليها انقضاء الالتزام هي الاستحالة المطلقة-
والموضوعية. وهذا هو المذهب الغالب في الفقه القانوني الفرنسي والإيطالي والمصري والجزائري[1].
المذهب الحديث: ينجح أصحاب هذا المذهب إلى التخفيف من مفهوم الاستحالة، فيكفي أن تكون نسبية وشخصية، وقد
ظهر هذا الاتجاه في الفقه الألماني، ومن أوائل من نادى به الفقيه الألماني فند شايد[2]
المذهب التوفيقي: جاء هذا المذهب وسطا بين المذهبين السابقين، حيث حاول جمع كل مذهب ما فيه قدر من الصحة، -
ويرى ضرورة التفرقة بين الالتزام بوسيلة والالتزام بنتيجة، فإذا كانت الالتزامات من النوع الأول فإن ذمة المدين تبرأ
عند تحقق الاستحالة الشخصية بشرط ألا يكون لها دخل في حدوثها، أما إذا كانت الالتزامات من النوع الثاني فإن المدين
لا يبرأ إلا عند تحقق الاستحالة الموضوعية المطلقة، ومن من مؤسسي هذا المذهب الأستاذ الألماني " بيرنهوفت " ومن
أنصاره الأستاذ " فيشر " الألماني[3]
هناك مفاهيم عديدة قيلت بشأن الاستحالة التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام العقدي، ومن هنا يتعين علينا تحديد معنى
)استحالة التنفيذ) أولا (وشروطها) ثانيا
أولا : تحديد معنى استحالة التنفيذ
يختلف معنى استحالة التنفيذ حسب النظام القانوني لكل دولة، لذا فسيتم اختيار من كل نظام من هذه الأنظمة قانونا
يمثلها، لمعرفة موقف هذا القانون من معنى الاستحالة. ومن هذه القوانين نجد ظهير الالتزامات والعقود المغربي (1)
والقانون المدني المصري (2) والقانون المدني الفرنسي (3)
1 - معنى استحالة التنفيذ في ظهير الالتزامات والعقود المغربي
ينقضي الالتزام إذا نشأ ثم أصبح محله مستحيلا، استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطأه وقبل أن يصير في
حالة مطل. [4]
2 - معنى استحالة التنفيذ في القانون المدني المصري
إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن الاستحالة نشأت
عن سبب لا يد له فيه[5]
3 - معنى استحالة التنفيذ في القانون المدني الفرنسي
إن المدين يكون مسؤولا عن التعويض إذا كان له محل، إما بسبب عدم تنفيذ الالتزام أو بسبب التأخير فيه، وذلك في
جميع الأحوال ما لم يثبت أن عدم التنفيذ قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، لم يكن ثمة سوء نية من جانب المدين. [6]

ثانيا : شروط استحالة التنفيذ
نص المشرع المغربي من خلال ق ل ع على أنه " ينقضي الالتزام إذا نشأ ثم أصبح محله مستحيلا، استحالة طبيعية
أو قانونية بغير فعل المدين أو خطإه وقبل أن يصير في حالة مطل[7]" من خلال هذا النص يتبين أن استحالة التنفيذ التي ينقضي معها الالتزام لا يمكنها أن تتحقق إلا يتوفر الشروط الثلاثة التالية:
الشرط الأول:  يجب أن يكون الالتزام نشأ ممكنا، فالاستحالة التي من شأنها أن تؤدي إلى انقضاء الالتزام هي الاستحالة التي تطرأ بعد نشوء التزام يكون محله ممكنا.
أما إذا كان محل الالتزام مستحيلا منذ البداية فإننا نصبح أمام التزام باطل في الأصل، لأن من شروط قيام الالتزام كون محله ممكنا وهذا ما نصت عليه المادة  59من ق ل ع، وبمقتضاها " يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا أو عملا مستحيلا إما بحسب طبيعته أو بحكم القانون[8]"
الشرط الثاني : يجب أن يكون الوفاء قد أصبح مستحيلا لا مرهقا فالاستحالة التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام هي التي يترتب عليها تعذر الوفاء الكلي . أما إذا ظل الوفاء ممكنا وإن أصبح مرهقا، فإن الالتزام لا ينقضي، وإن كان من الجائز عندئذ أن يثير تطبيق نظرية الحوادث الطارئة تؤدي عند الأخذ بها- إلى تخفيف العبء عن المدين برد الالتزام إلى الحد المعقول.[9]
يجب ان يصبح تنفيذ هذا الالتزام مستحيلا على المدين استحالة تامة أو مطلقة بحيث تجعل هذه الاستحالة الوفاء بالالتزام
غير ممكن البتة.  ويجب التمييز بين الإرهاق في التنفيذ " الظروف الطارئة " والاستحالة في التنفيذ " القوة القاهرة
والسبب الأجنبي والحادث الفجائي " ذلك أنه في الحالة الأولى لا ينقضي الالتزام وإنما يجوز للمحكمة أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. والاستحالة قد تكون مادية كهلاك الشيء بفعل الحريق أو استحالة قانونية كقيام الدولة باستملاك العقار أو الأرض محل العقد للمنفعة العامة. وتقدر الاستحالة المطلقة بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، فلا يعتبر الوفاء بالتزام مدين معين انه صار مستحيلا وانقضى بالاستقالة إلا إذا كان يستحيل على الرجل العادي أن يفي به في مثل ظروف هذا المدين[10]
إذا طرأت ظروف جعلت تنفيذ الالتزام مرهقا فلا يؤدي ذلك إلى انقضاء الالتزام بل يبقى الالتزام واجب التنفيذ حتى لو كان ذلك يلحق بالمدين خسائر فادحة.
وتجدر الملاحظة هنا إلى أن القضاء الإداري، تطبيقا لنظرية الحوادث الطارئة)، (théorie de l'inprévision
يفسح المجال عندما يصبح تنفيذ الالتزام مرهقا، برد الالتزام إلى الحد المعقول.
وقد أخذت بعض التقنيات المدنية كالقانون المدني المصري والقانون السوري بهذه النظرية. أما قانون الالتزامات والعقود المغربي فهو لم يأخذ بهذه النظرية شأنه في ذلك شأن القانون المدني الفرنسي وقانون الموجبات والعقود اللبناني. وعليه فالمدين حسب التشريع المغربي يبقى مجبرا على تنفيذ التزامه حتى لو طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وأصبح معها تنفيذ الالتزام مرهقا[11].
الشرط الثالث : يجب أن تكون استحالة التنفيذ بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه تحدث المشرع المغربي في المادتين  268و 269 من قانون الالتزامات و العقود عن شروط تحقق القوة القاهرة المعفية من التعويض و الموجبة للفسخ و اشترط بأن يكون السبب خارج عن إرادة الملزم و غير متوقع وغير قابل للدفع، إذن فالمشرع المغربي تحدث فقط عن استحالة التنفيذ في علاقتها المباشرة بالقوة القاهرة و لم يتعدى ذلك للحديث عن عسر التنفيذ و إمكانية إيجاد حلول أو إبرام اتفاقات بشروط أخرى، كما تؤسس لذلك نظرية الظروف الطارئة، لكن كيف يتعين النظر لشرط الاستحالة؟
إذا كان المشرع المغربي لم يشرع بعد أي نص يتبنى نظرية الظروف الطارئة و اكتفى بالحديث عن القوة القاهرة و
الحادث الفجائي و هو ما يمكن تسجيله كفراغ تشريعي، فإن اشتراطه لوجود استحالة في التنفيذ , ينظر إليه القضاء و
الفقه بشكل متشدد، فالاستحالة الفعلية ينظر إليها بصفتها هذه , أي أن تكون حقا فعلية أي مانعة للتنفيذ بصفة مطلقة و على من يتمسك بالدفع بالقوة القاهرة أو من يؤسس دعوى الفسخ على وجودها , أن يثبت بأنه بدل عنايته و كل ما في وسعه لتنفيذ الالتزامات و التعهدات الواقعة على عاتقه بعد انتهاء الحادث الاستثنائي مع إثبات أنه كان بالنسبة له مانعا حقيقيا و حال دون التنفيذ بصفة نهائية وليس مانعا مؤقتا أو يمكن التغلب على آثاره[12].
تعتبر القوة القاهرة"  " La force majeureواقعة مادية خارجة عن نشاط المدين ، و هي أحد أهم الأسباب
القانونية التي تجعل المدين عادة في حل من تنفيذ التزاماته العقدية من غير أن يتحمل أية مسؤولية مدنية . ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه[13].
أما الحادث الفجائي"  " Cas Fortuitفهو كل طارئ ليس بوسع الإنسان توقعه .
والمثال على ذلك انفجار عجلة في سيارة المدين أو تعطيل أحد آلاته التي يستعملها لمزاولة نشاطه الحرفي أو المهني ، أو اندلاع النيران في مؤسسه أو إصابته بمرض يمنعه من القيام بالتزاماته خصوصا عندما تقتضي تدخله الشخصي لا تدخل أحد[14].
فإذا استحال على المدين تنفيذ التزامه نتيجة قوة قاهرة أو حادث فجائي كأن يتعذر على مزارع تسليم المحصول التزم
بتسليمه نتيجة فيضان لم يكن بالوسع دفعه ولا توقعه، أو نتيجة فعل الغير كأن يكون استولى سارق على الشيء الذي
كان التزم المدين بأدائه دون أي تقصير منه، أو نتيجة خطأ الدائن نفسه كأن يكون الشيء محل الالتزام قد هلك بعد أن رفض الدائن دون سبب معتبر قانونا استفاء الأداء المعروض عليه من المدين، فإن المدين في مثل هذه الحالات جميعا تبرأ ذمته من الالتزام الذي كان مترتبا عليه فينقضي هذا الالتزام و يتحلل منه بصورة نهائية. [15]
الفقرة الثانية : أنواع استحالة التنفيذ
بعدما تطرقنا لمعنى استحالة تنفيذ الالتزام وشروط تحققها، سنتطرق في هذه الفقرة إلى أنواع الاستحالة والمتمثلة في
الاستحالة المادية أو الطبيعية (أولا) والاستحالة القانونية (ثانيا (
أولا : الاستحالة المادية أو الطبيعية
الاستحالة المادية تعني وجود مانع مادي ملموس يترتب عليه أن يصبح محل الالتزام غير ممكن الحدوث في ذاته نتيجة
ذهاب الشيء بمقوماته الطبيعية، يستوي في هذا المانع أن يكون مانعا ماديا ناتجا عن أحد عوامل الطبيعة مثل الزلازل و
البراكين و الفيضانات أو مانعا ناتجا عن فعل الإنسان مثل الحروب أو الغزو المسلح، أو الاستيلاء غير المشروع على
شيء بالقوة والقهر والحريق بفعل فاعل. وعلى ذلك فالالتزام يصبح تنفيذه مستحيلا استحالة مادية أو هلك محل الالتزام
المعين بالذات، أو ضاع بحيث لا يمكن العثور عليه[16]
أو مرض المدين مرضا يمنعه من تنفيذ الالتزام كالمصور الملتزم برسم صورة إذ أصيب بفقد بصره، أو بتر يده إذ لم يعد قادرا على الرسم[17].
والاستحالة المادية مسألة واقع يقدرها قاضي الموضوع تقديرا نهائيا[18].
والذي يفصل في التفرقة بين الاستحالة المادية الناتجة عن فعل الإنسان والاستحالة المادية الناتجة عن أحد عوامل الطبيعة، يكمن في مدى إرادة الإنسان في إحداث تلك الاستحالة فواقع الإرادة هي التي تحدد طبيعة هذه الاستحالة من ناحية كونها راجعة إلى فعل الإنسان، كخطف ممرضة مثلا مما تعذر معه تنفيذ العقد الذي التزمت به تلك الممرضة مع وزارة الصحة[19].
ثانيا : الاستحالة القانونية
لم يعرف لنا المشرع المغربي الاستحالة القانونية بل أشار لها فقط في الفصل 335 من ق ل ع بحيث نص عل انه"
ينقضي الالتزام إذا نشأ ثم أصبح مستحيلا، استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطإه و قبل أن يصير في حالة
مطل " و من هنا يتبين لنا أن المشرع ترك مهمة تعريف الاستحالة القانونية للفقه والقضاء.
يصعب في الحقيقة وضع تعريف عام و محدد للاستحالة القانونية ينطبق على كل أمثلتها ، و مع ذلك أعتقد بأن تلك
الاستحالة تتمثل في صدور أمر يجب على الملتزم التقيد به ، و الامتثال لأحكامه ، و إلا اوقع نفسه تحت طائلة العقاب ، سواء أكان الأمر في صورة قوانين كمصدر تشريع يقصر مزاولة مهنة على فئة معينة من الناس و بشروط محددة أم كان في صورة قرارات كقرار بمصادرة أموال ، أو أوامر إدارية كأمر بإغلاق منشئة ) مؤسسة ( ، أو كانت في صورة قواعد تنظم و تحدد أو تحظر ممارسة أو مزاولة عمل أو مهنة معينة كالاستدعاء للخدمة الالزامية لبعض العمال أو شطب الترخيص بالعمل أو حضر الاستمرار في موقع المنشأة ، و يترتب على صدور ذلك الأمر في أي صورة كأن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا[20].
والاستحالة القانونية تكون بصدور قانون أو تشريع أو أوامر من جهة مختصة، كأن يكون المدين ملتزما بنقل ملكية أرض، فتنتزع ملكيتها قبل التنفيذ للمصلحة العامة، أو أن تكون ملتزما بتوريد شيء ثم يحرم القانون صنعه، أو تقوم السلطات بتقيدها للكميات التي تورد[21]  .
كما يمكن أن تكون الاستحالة معنوية، كأن يتعهد فنان بإقامة حفلة غنائية ثم يصاب بمرض في أسنانه يمنعه من الغناء، أو يصاب بحزن او ألم شديدين من جراء فقده شخصا عزيزا عليه يمنعه من إقامة الحفلة في موعدها. [22]ولا تقتصر الاستحالة القانونية على صدور قانون داخل الدول نفسها يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، بل إن الأمر يعتبر كذلك إذا ما صدر قانون في دول أخرى يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، كأن تصدر دولة تشريعا يقضي بحظر تصدير سلعة مما يجعل تنفيذ العقود المرتبطة بها مستحيلا، أو تصدر تشريعا يجعل إجراء بعض العقود للأجانب غير مشروع. ومن هنا فإنه يشترط في الأمر حتى يمكن اعتباره استحالة قانونية تعفي المدين من التزامه شروط ثلاثة هي:
  • أن تكون صادرة من سلطة مختصة
  • أن يكون صادرات بصيغة الأمر
  • أن يتضمن العقوبة عند مخالفة أحكامه. [23]
المطلب الثاني : أقسام استحالة التنفيذ
تنقسم الاستحالة إلى قسمين بحيث نجد ) الاستحالة الكلية ) الفقرة الأولى ( و الاستحالة الجزئية ) الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : الاستحالة الكلية
يمكن تعريف الاستحالة الكلية بأنها " ما وقع المانع فيها على كل الأداء فجعل الوفاء به مستحيلا استحالة كلية " ، لذلك
عندما نتحدث عن الاستحالة الكلية يجب استحضار وقوع المانع الذي أدى إلى الاستحالة على الأداء في ذاته، فإن وقع
المانع على الأداء كله اعتبرت الاستحالة كلية أما إن وقع المانع على جزء منه اعتبرت الاستحالة جزئية[24].
إذا استحال على أحد العاقدين تنفيذ كامل التزاماته العقدية لسبب أجنبي لا يد له فيه انفسخ العقد بقوة القانون ودون
حاجة لأي إنذار، وزالت جميع أثاره بمفعول رجعي. جاء في الفصل  335من ق ل ع ) : ينقضي الالتزام إذا نشأ ثم أصبح محله مستحيلا استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطئه و قبل أن يصير في حالة مطل[25].
وتفترض الاستحالة الكلية أن الأداء غير قابل الانقسام إلى أجزاء، و غالبا ما يتعلق مثل هذا الأداء بالالتزام بإعطاء
محله شيئا بالذات، فمثلا هذا الالتزام غالبا ما يكون غير قابل الانقسام بطبيعته ومن أمثلة الاستحالة الكلية، نشوب حريق أو قصف جوي يهلك المواد والبضائع هلاكا كليا محل التعاقد قبل تسليمها[26]. ومما لا شك فيه أن الهلاك أو التلف الكلي لمحل التعاقد هو الصورة المثالية التي تؤدي إلى الاستحالة الكلية، بصرف النظر عن الكيفية التي حدث بها الهلاك، فقد ينشأ الهلاك نتيجة الحريق أو الاتلاف أو التدمير أو القصف أو ما إلى ذلك[27].
الفقرة الثانية : الاستحالة الجزئية
ينص المشرع المغربي من خلال الفصل 336 من ق ل ع على انه " إذا كانت الاستحالة جزئية لم ينقض الالتزام إلا
جزئيا. فإذا كان من طبيعة هذا الالتزام أن لا يقبل الانقسام إلا مع ضرر للدائن ، كان له الخيار بين أن يقبل الوفاء الجزئي
و بين أن يفسخ الالتزام في مجموعه" فالاستحالة الجزئية لا يقع المانع فيها على كل الأداء بل على جزء منه أو على بعض أجزائه ، إذ يكون الوفاء بهذا الجزء الذي وقع عليه المانع هو مستحيل فحسب من دون الجزء أو الأجزاء الاخرى المتبقية ، إذ يمكن الوفاء بها ، وتفترض الاستحالة الجزئية أن يكون الأداء قابلا للانقسام، و يكون كل قسم محتفظا بالصفة نفسها التي للأداء الكلي ، و تنصب الاستحالة على جزء أو أجزاء منها من دون سائر الأجزاء[28].
فإذا كانت الاستحالة جزئية فان الالتزام ينقضي جزئيا أي ينقضي بالنسبة للجزء الذي لحقته الاستحالة ويبقى الجزء
الآخر ساري النفاذ ومن ثم وجب على المدين تنفيذه إذا كان الالتزام مما يقبل التجزئة فإذا هلك مثلا نصف الشيء المبيع في المستودع سبب حريق لايد للمدين فيه فيبقى التزام البائع قائما بالنسبة للنصف الباقي[29].
إن الحديث عن الاستحالة الجزئية للتنفيذ يقتضي استحضار العديد من الفرضيات: فإما أن يفتك الحادث المكون للقوة
القاهرة جزئيا بتنفيذ الالتزام الأساسي والرئيسي للعقد، أو يمنع تنفيذ أحد أو بعض الالتزامات الثانوية، أو يخلق مزيجا
من الفرضيتين السابقين: وفي كل الأحوال تبقى للمحكمة السلطة التقديرية لقياس أهمية استحالة التنفيذ، وذلك كي تحكم بخصوص مصير العلاقة العقدية. ذلك مع العلم أن ما يهم ليس هو تكييف الحادث المكون للقوة القاهرة في حد ذاته وإنما قياس أثاره على تنفيذ العقد[30].
المبحث الثاني : تطبيقات نظرية لاستحالة التنفيذ

إن الحديث عن تطبيقات نظرية استحالة التنفيذ يقودنا إلى التطرق لهذه النظرية على مستوى القوانين المقارنة وظهير
الالتزامات والعقود (المطلب الأول) و كذلك تطبيقات الاستحالة على مستوى عقود العمل (المطلب الثاني (
المطلب الاول : على مستوى القوانين المقارنة و ظهير الالتزامات و العقود

نظم المشرع المغربي استحالة تنفيذ الالتزام من خلال الباب الثاني المتعلق باستحالة التنفيذ، بمقتضى الفصول من335
إلى  339من ظهير الالتزامات والعقود ، إلا أن المشرع لم يعرف لنا الاستحالة و إنما ترك الأمر للفقه ، و اكتفى بالحديث
عن شروطها والآثار المترتبة عنها ، و لهذا الموضوع أهمية بالغة في العلاقات التعاقدية بين الأفراد و المنازعات التي
قد تنشأ بينهم من خلال عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن استحالة التنفيذ وذلك في حالة حدوث مانع أو قوة قاهرة تحول دون
قيام المدين بالتزامه . سنتطرق في هذا المطلب لاستحالة التنفيذ على مستوى) القوانين المقارنة) الفقرة الأولى (ثم ظهير الالتزامات والعقود المغربي) الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : على مستوى القوانين المقارنة

نظرا لتبني مختلف الدول أنظمة قانونية عديدة تختلف فيما بينها في الفكر القانوني الذي تنتجه، لذلك فسيتم اختيار من
كل نظام من هذه الأنظمة قانونا يمثلها لمعرفة موقف هذا القانون من مفهوم الاستحالة. وبناء عليه سوف نختار بعض
الأنظمة القانونية العربية كالقانون الأردني والقانون الجزائري وكذا القانون المصري بالإضافة إلى القانون العراقي، كما سنختار القانون الإنكليزي ليكون نموذجا للنظام الأنجلوسكسوني، ثم نختار القانون الالماني بوصفه نموذجا للنظام الجرماني، ونختار القانون الفرنسي باعتباره نموذجا للنظام اللاتيني.
 
القانون الأردني:
لقد نص المشرع الأردني على استحالة التنفيذ بموجب نص المادة   448من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة
1976 والتي نصت على أنه " ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له
فيه. "باستقراء نص هذه المادة يتضح أنه يشترط لتحقيق استحالة التنفيذ توافر شرطين ، الأول أن يصبح تنفيذ الالتزام
مستحيلا ، والثاني أن تكون تلك الاستحالة ناشئة عن سبب أجنبي.
لقد نص المشرع الأردني على هذا السبب من أسباب استحالة التنفيذ بمقتضى نص المادة   310 من المذكرة
الإيضاحية للقانون المدني الأردني رقم 43 لسنة  1976بحيث” تناولت هذه المادة استحالة التنفيذ كسبب لانقضاء الحق متى أثبت المدين أن الوفاء به قد أصبح مستحيلا لسبب أجنبي لا يد له فيه وهو حكم تقتضيه طبيعة الأشياء.
ويتضح من النص أنه يتعين أن يثبت أن التنفيذ قد أصبح مستحيلا وأن هذه الاستحالة ترجع إلى سبب لا يد للمدين فيه . ويجب أولا أن ينشأ الحق ممكنا لأن الاستحالة لا ترد على شيء ليس موجودا وإذا كان التنفيذ منذ البداية مستحيلا فانه لا ينشأ أصلا ويكون العقد الذي رتبه باطلا لانعدام محله ويجب أن تكون الاستحالة فعلية أو قانونية.
-
أن تكون استحالة التنفيذ لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه لا يكفي لاستحالة التنفيذ المبرأة لذمة المدين توافر الاستحالة بمعناها السابق بل يشترط أيضا أن تكون تلك الاستحالة راجعه لسبب أجبني فإذا كانت هذه الاستحالة راجعه لخطأ من المدين جعل من شأن التنفيذ العيني مستحيلا فإن العقد يتم تنفيذه بطريق التعويض لذلك يشترط أن تكون تلك الاستحالة راجعه لسبب أجنبي ولم يورد المشرع الأردني تعريفا محدد للسبب الأجنبي ولكنه قد أورد صور للسبب الأجنبي بموجب نص المادة  261من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 والتي نصت على أنه » إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشا عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو فعل المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يقض القانون أو الاتفاق بغير ذلك[31]«
ويستفاد من نص المادة السابقة أن السبب الأجنبي هو عبارة عن قوة قاهرة أو آفة سماوية أو حادث فجائي أو فعل الغير أو فعل المتضرر.
كما نصت المادة   173من المذكرة الإضاحية للقانون المدني الأردني ، ىلع حالة استحالة تنفيذ الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين بقوة قاهرة ) بآفة سماوية ( سواء وردت هذه العقود على الملكية كالبيع أو وردت على المنفعة كالإجارة أو كان العقد شركة ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام الذي استحال لأنه لا التزام بمستحيل وينقضي الالتزام المقابل له لارتباطه به، ففي البيع مثلا إذا هلك المبيع في يد البائع قبل التسليم فاستحال على البائع الوفاء بالتزامه بالتسليم سقط عنه هذا الالتزام لاستحالته ولكن من باب المقابلة يسقط عن المشتري الالتزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن.
فإذا كانت الاستحالة كلية أي أصبح تنفيذ الالتزام كله مستحيلا بأن هلك البيع كله قبل التسليم سقط الالتزام المقابل بجملته فيسقط الثمن كله عن المشتري.
و تنص المادة 247 من القانون المدني الأردني بأن " في العقود الملزمة للجانبين ، إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ
الالتزام مستحيلا انقضى معه الالتزام المقابل له ، و انفسخ العقد من تلقاء نفسه ، فإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما
يقابل الجزء المستحيل ، و مثل الاستحالة الجزئية الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة و في كليهما يجوز للدائن فسخ
العقد بشرط علم المدين "  و المعروف في هذا النص عدم وجود تعريف محدد و دقيق لحالة القوة القاهرة و اكتفى المشرع بذكر معيار " استحالة التنفيذ " و اعتبره عنصرا أساسيا في تقييم الحادث على انه حالة من حالات القوة القاهرة .  
ومن الملاحظ أيضا أن المشرع لم يهتم بتشخيص مصدر هذه الاستحالة وظروفها ومدى تأثيرها الخاص على تنفيذ التزامات المدين. إن موقف القانون هذا يترك المجال واسعا لسلطة القضاء لغرض تحليل الحادث والبت فيما إذا كانت الحالة موضوع الدعوى تتمتع بصفة القوة القاهرة وتقييم ما ينتج عنها من آثار على قدرة المدين بالتنفيذ.
كما أن تقييم الحادث يجب أن يأخذ بعين الاعتبار زمن وقوعه والمكان الذي حصل فيه والظروف التي رافقته، وهذه
العناصر بحد ذاتها متنوعة وليست ثابتة وخاصة في ظروف تنفيذ عقد البيع التجاري الدولي.
وقد ينتج عن ذلك إصدار قرارات قضائية متباينة ومتنوعة وقد تكون أحيانا متناقضة. ولقد جاء النص مطلقا لمعيار استحالة التنفيذ. ولا شك انه يبقى بهذا التجريد مبهما وغير محدد المعالم ولكنه بنفس الوقت شاملا. رغم ذلك يمكننا تعريفه بأنه " ذلك الحادث الذي يجعل المدين عاجزا بشكل مطلق من إنجاز أو متابعة إنجاز التزامه بصورة دائمة أو مؤقتة."
واستحالة التنفيذ متعددة المصادر، فقد تنصب الاستحالة على العين محل العقد. فإذا كانت تستند على سبب مادي فتسمى الاستحالة المادية.
أو قد تكون ناتجة عن سبب قانوني مصدره التشريع الداخلي أو قرار السلطة فتسمى بالاستحالة القانونية وقد يحصل الحادث بفعل الوضع الاقتصادي العام أو الخاص بالمدين بالتنفيذ فتسمى بالاستحالة الاقتصادية. واستحالة التنفيذ مهما كان سببها أو مصدرها تتمتع بقوة الإلزام أمام القضاء إذا حدد الطرفان مضمونها ونطاقها صراحة في العقد[32].
القانون الجزائري:

تنص المادة 176من القانون المدني الجزائري على أنه " إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه
بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه." كما تنص المادة
 307من نفس القانون على أنه " ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي عن
إرادته."
ومن الواضح أن هاتين المادتين تقرران مبدأ استحالة التنفيذ لغير المخطئ وهو السبب الوحيد الذي يؤدي إلى
إعفاء المدين من المسؤولية عن عدم التنفيذ. وعلى ذلك فالقانون المدني الجزائري لم يأخذ بالمذهب الحديث في الاستحالة، وإنما أخذ بالمذهب التقليدي، حيث يشترط لإعفاء المدين من مسؤولية عدم التنفيذ ضرورة توفر السبب الأجنبي، سواء أكان الالتزام ببذل عناية أم كان الالتزام بتحقيق نتيجة فالذي منع بذل العناية العادية في الالتزام الأول هو السبب الأجنبي، كما أنه هو أيضا الذي منع في الالتزام الثاني تحقق النتيجة المطلوبة. [33]
استحالة موضوع الالتزام التي تتوافر وقت إرادة إنشاءه تؤدي إلى عدم نشأته، غير أن الالتزام قد يكون ممكنا وقت هذه
الإرادة فينشأ صحيحا ثم طرأت بعد ذلك استحالة تمنع من تنفيذه وهذه الاستحالة الطارئة بعد نشوء الالتزام تؤدي إلى عدم إمكان تنفيذه عينا إذا كان بخطأ المدين، ولكنها لا فمتى أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه امتنع من إمكان تنفيذه عن طريق التعويض. تنفيذ الالتزام عينا أو عن طريق التعويض فان الالتزام لامحالة ينقضي، و هذا ما تقتضيه طبائع الأشياء ''إذ لا التزام بمستحيل[34].
فاستحالة التنفيذ سبب من أسباب انقضاء الالتزام يقع حالة ما إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا بسبب أجنبي لايد للمدين فيه فإما أن تكون القوة القاهرة أو الحادث الفجائي وإما أن تكون خطأ المضرور أو خطأ الغير طبقا لنص المادة 127 من القانون المدني الجزائري.
غير أنه ليس دائما كما هو شائع أن استحالة التنفيذ تؤدي إلى انفساخ العقد بقوة القانون إذا أصبحت جميع الالتزامات الناشئة عن العقد مستحيلة، وإنما تختلف آثارها حسب طبيعة الاستحالة فإما أن تكون استحالة مطلقة بمعنى كلية دائمة وإما أن تكون مؤقتة. فالاستحالة المطلقة تؤدي إلى انقضاء الالتزام ومنه زوال العقد بقوة القانون، أما الاستحالة الجزئية لا تؤدي إلى انفساخ كل العقد إذ لا يقع المانع في كل الأداء وإنما على جزء منه أو بعض أجزائه، بحيث يكون الوفاء بهذا الجزء من الشيء الذي وقع عليه المانع هو المستحيل دون الأجزاء الأخرى المتبقية حيث يمكن الوفاء , اومن يتم لا ينفسخ العقد بقوة-القانون وإنما يمكن المطالبة بها بفسخ العقد.
أما الاستحالة المؤقتة لا تؤدي إلى انفساخ العقد وإنما وقف تنفيذه خلال فترة الاستحالة وعودة تنفيذه عند زوال المانع،
ومن ثم يقع لازما البحث عن أثر الاستحالة المؤقتة التي لا تؤدي إلى انقضاء الالتزام وزوال العقد وإنما إلى بقائه.
فالاستحالة المؤقتة مفادها وقف العقد حتى يزول المانع الذي يهدد العقد بالزوال والانقضاء،
وعلى هذا الأساس يتعين علينا تناول مسألة وقف العقد وبقائه على الرغم من تعرضه لاستحالة التنفيذ، محاولا بذلك تحديد نوع الاستحالة التي لا تؤدي إلى انقضاء الالتزام وإنما بقائه عن طريق نظام وقف العقد، مسلطين الضوء على استحالة التنفيذ المؤقتة الناتجة عن القوة القاهرة دون الأسباب الأخرى[35].
نص المشرع الجزائري في المادة 121 المعدلة بالمادة 32 في القانون رقم 10 - 05الصادر بتاريخ 20جوان2005
جاء في هذه المادة في العقود الملزمة لجانبين إذا انقضى الالتزام بسبب استحالة التنفيذ انتقضت معه الالتزامات المقابلة
له ويفسخ العقد بحكم القانون.
في هذا التعديل حمل المشرع انقضاء الالتزام في العقود الملزمة لجانبين باستحالة تنفيذه وقرر له جزاء هو الفسخ بقوة
القانون. وقد كانت هذه المادة 121 في ظل القانون القديم تنص على أنه في العقود الملزمة لجانبين إذا انقضى الالتزام بسبب استحالة تنفيذه، انقضت معه الالتزامات المقابلة له ويفسخ العقد بقوة القانون. ما يلاحظ على هذا التعديل، أنه تناول استحالة التنفيذ المؤدية إلى انقضاء الالتزام في العقود الملزمة لجانب واحد وانقضاء ما يقابله من التزامات وقد كان القانون القديم في نفس النص يتناول انقضاء الالتزام بسبب تنفيذه ومازال النص يقرر الفسخ بقوة القانون[36]
القانون المصري:
تنص المادة 159 من القانون المدني المصري على أنه، في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى الالتزام بسبب استحالة
تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه.
شرح المادة 159 المتعلقة باستحالة تنفيذ العقد وفسخ العقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي الفسخ القانوني يقع عند انقضاء الالتزام على أثر استحالة تنفيذه فانقضاء هذا الالتزام يستتبع انقضاء الالتزام المقابل له إذا تخلف سببه، ولهذه العلة ينفسخ العقد من تلقاء نفسه أو بحكم القانون بغير ما حاجة إلى التقاضي بل وبغير إعذار متى وضعت استحالة التنفيذ وضوحا كافيا.… ثم يقضى بالتعويض تبعا لما إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره أو إلى سبب أجنبي لايد له فيه. ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملا ا بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. تنص المادة 569 / 1 من القانون المدني المصري على أنه” إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكا كليا انفسخ العقد من تلقاء نفسههذا النص يعتبر تطبيقا للقاعدة العامة التي تقضي بانفساخ العقد لاستحالة التنفيذ الراجع إلى انعدام المحل لهلاك العين المؤجرة هلاكا كليا أصبح معه تنفيذ عقد الإيجار مستحيلا ومن ثم ينفسخ من تلقاء نفسه وبحكم القانون[37].
نصت المادة 215 على أنه إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه. ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه. كما نصت المادة 216 على أنه يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في احداث الضرر أو زاد فيه. وجاء نص المادة : 217 يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجئ والقوة القاهرة . وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم، ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه[38].
فالمادة 165 من التقنين المدني المصري تنص على أنه:  
"إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبى لا يد له فيه كحادث مفاجئ ، أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر، مالم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك."
كما تنص المادة 373 على أنه «: ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لايد له فيه."
والواضح من نص المادة 373 أن الاستحالة الناشئة عن القوة القاهرة إنما ترد على الوفاء بالتزام محدد، ويستوي في
هذه الحالة أن يكون هذا الالتزام، عملا يقوم المدين بأدائه أو وقتا محددا يلتزم المدين خلاله بالقيام بهذا العمل. وفي نطاق عقد المقاولة يستوي أن يكون الالتزام الذي استحال تنفيذه هو تنفيذ الأعمال محل عقد المقاولة، أو يكون الالتزام الذي استحال تنفيذه هو الانتهاء من تنفيذ هذه الأعمال في وقت الإتمام المتفق عليه، وإن كان تنفيذ الأعمال محل العقد لم ترد عليه الاستحالة في ذاته. وهذا المعنى واضح وضوحا لا لبس فيه في أحكام المادة 215 أعلاه من القانون المدني المصري من التقنين المدني المصري.
فالفقرة الأخيرة من المادة 215 حين نصت على أنه " ويكون الحكم كذلك " فإنما قضت بأنه إذا تأخر المدين في تنفيذ
التزامه حكم عليه بالتعويض لتأخره في الوفاء بالالتزام، مالم يثبت أن تأخره في تنفيذ الالتزام قد نشأ عن سبب أجنبي لا
يد له فيه. وعليه تكون المادة 215 قد تناولت في فقرتها الأولى استحالة تنفيذ الالتزام في ذاته، وتكون قد تناولت في
فقرتها الأخيرة لا استحالة تنفيذ الالتزام في ذاته، وإنما استحالة تفيذه في الوقت المتفق عليه بسبب القوة القاهرة[39].
القانون العراقي:
لم يعرف المشرع العراقي الاستحالة في القانون المدني شأنه شأن بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المغربي و
المصري والجزائري ...، واكتفى بذكر أسباب تحققها وآثارها، وترك مهمة تعريفها للفقه.
تنص المادة 168من القانون المدني العراقي على أنه " إذا استحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عينا حكم
عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد تنشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه. وكذلك يكون الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه. "
كذلك تنص المادة   425على أنه " ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد فيه. " يتضح من هاتين المادتين أن الالتزام لا ينقضي بسبب استحالة تنفيذه إلا إذا كانت هذه الاستحالة ترجع إلى سبب أجنبي وبناء على هذه النصوص تكون الاستحالة من المبادئ المسلم بها في القانون المدني العراقي.
و إن النص على الاستحالة لم يقف عند هذه المواد فقط ، و إنما أورد القانون المدني العراقي نصوصا، أقرت بالأخذ
بالاستحالة كسبب من أسباب انقضاء الالتزام. ومن أهم هذه المواد، ما نصت عليه المادة   211و التي تعدا لإطار العام للمسؤولية المدنية بنوعيها العقدية والتقصيرية، فقد نصت على أنه «إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك [40]
"تقسم الاستحالة إلى أنواع عديدة، باعتبارات مختلفة، فتقسم إلى استحالة مطلقة واستحالة نسبية" بالنسبة للأثر المانع في القدرة على تنفيذ الالتزام، وإلى موضوعية وشخصية باعتبار طبيعة المانع، وإلى مادية وقانونية باعتبار مصادرها التي تنشأ عنها، وإلى دائمة ومؤقتة باعتبار تأريخ زوال المانع ومن حيث أثرها ووقوعها على الالتزام فتقسم إلى استحالة كلية أو جزئية.
يجب توافر شرطين لتحقق استحالة التنفيذ، وهما: أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا، وأن ترجع استحالة التنفيذ إلى
سبب أجنبي لا يد للمدين فيه.
إن أهم ما يميز الاستحالة عن الظروف الطارئة هو أن الظروف الطارئة يقتصر تطبيقها على العقود المتراخية التنفيذ،
بينما الاستحالة تشمل العقود الفورية والمتراخية، ويشترط في الظروف الاستثنائية أن تكون عامة ولا يقتصر أثرها على
المدين وحده، بينما الاستحالة قد تتعلق بشخص المدين كوفاته، أو حبسه، وقد تكون عامة تشمل غيره، كالاستحالة
الناتجة عن الفيضانات والحروب، وأخيرا يترتب على الظروف الطارئة صعوبة تنفيذ الالتزام وخسارة فادحة للمدين، بينما يترتب على الاستحالة استحالة تنفيذ الالتزام، سواء كان بصورة نهائية أو مؤقتة[41].
نصت المادة 246 على شرطين، إضافة الى شرطين آخرين يمكن استخلاصهما من طبيعة عمل القضاء:
اولا: أن يكون التنفيذ العيني ممكنا: يحق للدائن مطالبة المدين بالتنفيذ العيني وللمحكمة أن تقضي به مادام ممكنا،
فان استحال التنفيذ العيني فلا مجال للمطالبة به، وينظر الى سبب الاستحالة، فإن كانت بسبب أجنبي انقضى التزام المدين
بحكم القانون وامتنع الرجوع عليه بالتعويض.  أما إذا تحققت الاستحالة بخطأ المدين فإن التنفيذ العيني يتحول إلى التنفيذ بطريق التعويض. وعدم إمكان التنفيذ العيني واستحالته بخطأ المدين متصورة في جميع أنواع الالتزامات عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود، ولكن عدم الإمكانية هذه تتأثر بعاملين أولهما طبيعة الالتزام ووسائل تنفيذه المادية وثانيهما ميعاد التنفيذ:
فمن حيث الطبيعة، مثلا، فان استحالة تنفيذ الالتزام بنقل حق عيني على عقار تتحقق عندما يمتنع البائع عن تسجيل
العقد في دائرة التسجيل العقاري، وتبدو الاستحالة بالنسبة للالتزام بنقل حق عيني على منقول عندما يقدم البائع على بيعه لمشتر ثان تسلمه بحسن نية، وتتحقق الاستحالة بالنسبة للالتزام بالامتناع عن عمل عند إقدام المدين على القيام بالعمل الذي تعهد بالامتناع عنه.… وتبدو استحالة التنفيذ من حيث ميعاد التنفيذ فيما لو تحدد في الاتفاق ميعاد لتنفيذه وانقضى الميعاد دون أن يتم التنفيذ فلا تبقى جدوى من التنفيذ العيني إلا إذا أقام المدين الدليل على عكس ذلك، كاتفاق صناعي مع مقاول بأن يبني له جناح في معرض دولي لعرض مصنوعاته أمام الزوار وانقضت مدة المعرض دون أن يقيم المقاول البناء[42].
القانون الإنكليزي:
لقد كانت القاعدة العامة في القانون الإنكليزي ولغاية عام 1863 تقضي بأن على أي طرف في العقد مسئولية تنفيذ كامل التزاماته العقدية ولا يتمتع بعد ذلك بأي عذر عند عدم تنفيذه للالتزام بحجة أن هذا التنفيذ قد أصبح لاحقا مستحيلا وغير ممكنا. ويرى القضاء بأنه كان على الطرفين تنظيم نتائج المخاطر ذات السبب الأجنبي ضمن العقد. ونذكر على سبيل المثال
قضية  Paradieu  2حيث قررت المحكمة ما يلي:
When the party by his own contract create a duty or charge upon "himself , he
is bound to make it good , not withstanding any accident by inevitable
necessity , because he might have provided against it by his contract "
وهذا يعني أن " الطرف الذي أنشأ بإرادته العقدية التزاما ، يفرض عليه تنفيذه ، ولا يتذرع بوجود حادث لا يمكن تجنبه
، لأن عليه توقع ذلك عند التعاقد. "
ولقد كان موقف القضاء هذا سببا في أن تحتوي أغلب العقود على قائمة طويلة تذكر الحوادث التي تعتبر بأنها مخاطر متوقعة risks exepted يرغب الطرف المتعاقد تجنبها.
إلا أن تغييرا في موقف القضاء قد طرأ في قضية Taylor [43] التي عرضت أمام محكمة Qeens Bench حيث أعتبر القضاء فيها بأن في بعض الافتراضات، حتى وإن كان العقد لا يتضمن اتفاق صريح يسمح بإبراء الطرف الآخر من الالتزامات، فمن الممكن تفسير هذا العقد من قبل القضاء وكأنه يحتوي ضمنيا مثل هذا الاتفاق ولا شك أن مثل هذا الموقف يعطي سلطات تقديرية واسعة للقضاء في إمكانية إعفاء المدين. ولم يبقى القانون الإنكليزي عند حدود ما قدم لنا افتراضا آخر سمي معيار استحالة التنفيذ، وإنما قدم لنا افتراضا آخر سمي بحالة الإحباط التجاري La frustration commerciale التي قد يتعرض لها المدين وقت تنفيذ العقد. وهي تعني حالة إخفاق المدين كليا في قدرته على تنفيذ التزاماته والتي يمكن اعتبارها سببا للإعفاء من المسئولية العقدية. وحالة الإحباط هذه تقود إلى تحليل العقد موضوعيا واعتباره شيئا متكاملا، بحيث لا يتوقف فقط عند معيار التوقع أو عدم التوقع، أو أن يكون الحادث لا يمكن مقاومته، إنما ينبغي كذلك النظر إلى تطور الظروف المحيطة بالعقد وأخذ جميع هذه العناصر بنظر الاعتبار كحوادث تؤدي مجتمعة إلى الإعفاء من المسؤولية.
فإذا فقد العقد غايته الاقتصادية لطرف من أطرافه، فهل يستوجب بعد ذلك إكراه المدين على تنفيذ العقد؟
فعندما يفقد العقد هذه المحصلة الاقتصادية يمكن القول بان العقد لم يعد وجوده ممكنا. وهذا المفهوم الذي جاء به
القانون الإنكليزي ينسجم إلى حد ما مع حاجة العقود التي يطول زمن تنفيذها والتي تسمى بالعقود الطويلة الأمد
Les contrats de longue duré ، أو في عقود التوريد المستمرة.  وبدون شك يبدو موقف القانون الإنكليزي هذا أكثر ملاءمة لتطور المعاملات الاقتصادية أو عقود التصنيع ذات التكنولوجيا العالية التي يستهدفها تنفيذ العقد الدولي والتي يطول دائما زمن تنفيذها. من ناحية أخرى يبدو هذا الحل أكثر مرونة مقارنة بالمفهوم التقليدي للقوة القاهرة في القانون الفرنسي، كما أنه يقربنا من مبدأ الظرف الطارئة. مع ذلك فإن تطبيق مفهوم القوة القاهرة في القانون الإنكليزي يستوجب بعض الافتراضات التي اعتبرها الفقه الإنكليزي سببا لاستحالة تنفيذ العقد كليا: هنالك من الأحداث ما يكون فيها تنفيذ العقد مستحيلا بسبب تدمير عين معينة وجوهرية يقوم عليها تنفيذ العقد، أو عندما يتضمن العقد تقديم خدمات شخصية تجعل التنفيذ مستحيلا بالوفاة أو العجز أو مرض المدين[44].
وقد يصبح إنجاز العقد مستحيلا عندما تطرأ تعديلات في القانون الداخلي لا تسمح للمدين بتنفيذ التزاماته، أو إعلان حالة الحرب، وخاصة عندما يكون أحد طرفي العقد من رعايا الدولة المعادية[45].
القانون الألماني:
تنص المادة " 275بأن يعفى المدين من التزامه من أداء العمل، عندما يصبح هذا العمل مستحيلا نتيجة ظرف حصل
منذ نشوء الدين والذي لم يكن مسؤولا عنه. " و موقف القانون هذا لا يشترط عدم توقع الحادث وإنما يستند فقط على
معيار استحالة التنفيذ. وقد وجد القضاء الألماني من جانبه بأن استحالة التنفيذ قد تكون مادية أو قانونية أو اقتصادية و
بالتالي فقد جعل من مبدأ المادة 275 من قانون الالتزامات الألماني أساسا للتمتع بمفهوم القوة القاهرة والظرف الطارئ
حسب تقديره إلى حجم طبيعة الحادث ومقدار عدم التوق في حصوله[46].
القانون الفرنسي:
إن المدين يكون مسؤولا عن التعويض إذا كان له محل، إما بسبب عدم تنفيذ الالتزام أو بسبب التأخير فيه، وذلك في
جميع الأحوال ما لم يثبت أن عدم التنفيذ قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، لم يكن ثمة سوء نية من جانب المدين[47].
يجعل التقنين المدني الفرنسي، ومعه بعض التقنينات الأخرى، تبعة الهلاك المبيع المعين بالذات بسبب أجنبي قبل
التسليم، على مالكه وهو المشتري ) المادة 1624مدني فرنسي ( ، ومصدر هذا الحكم نصوص جستنيان في القانون الروماني venditae rei Periculum  على أساس أن المالك يغنم من ملكه فيغرم قيمته عند هلاكه، لأن الغرم بالغنم، وذلك حتى إذا هلك المبيع قبل تسليمه إلى المشتري، باعتبار يد البائع على المبيع يد أمانة بعد انتقال الملكية للمشتري، يتدخل السبب الأجنبي[48].
إذا انقضى التزام المدين لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه، فإن عليه أن ينزل للدائن عما عسى يترتب له من
حقوق ودعاوى قبل الغير: فلو استحال تسليم الشيء للدائن بسبب هلاكه، وكان هذا الشيء مؤمنا عليه لدى شركة
تأمين، أو كان علامة الشيء بفعل الغير ويترتب على الغير تعويض الضرر الناجم عن الهلاك، فإن على المدين أن يتنازل للدائن عن حقه في التأمين أو التعويض[49].
تتحقق استحالة التنفيذ المادي لمحل العقد فيما إذا تعرضت البضاعة للحريق، أو غرقت أثناء سفرها أو فقدت في ميناء المغادرة أو ميناء الوصول بسبب قصف عسكري أصاب الميناء. وقد اعتبر القضاء في مثل هذه الحالة وجود سبب أجنبي لا يعود بصلة للبائع[50].
وبعض أحكام القضاء الفرنسي ترى أنه لا يحق للمشتري المطالبة بتسليم البضاعة نظرا لوجود قرار يمنع تصديرها
،حيث اختلفت ظروف التسليم عن تلك التي كانت في تاريخ الاتفاق وقد يتمسك القضاء بالنتائج المباشرة للحرب
واعتبارها قوة قاهرة. مثال ذلك احتلال العدو لبلد آخر تجعل فيه التاجر المدين بالتنفيذ في حالة استحالة مطلقة أن
يستمر في نشاطه الصناعي أو التجاري أو تعليق حركة النقل كغلق شبكات السكك الحديدية وهناك أحكام قضائية مغايرة، حيث اعتبرت أن قرار السلطة العامة الذي استهدف مصادرة البضاعة محل العقد أو إلغاء إجازة الترخيص لا يعفي المدين من تنفيذ التزاماته التعاقدية.
بل قضي أنه كل عمل ناتج عن الحرب لا يعتبر بحد ذاته غير متوقع أو بأنه لا يمكن مقاومته ولا يمكن تجاوزه.
وهذا الموقف القضائي ينسجم مع المبدأ العام بأن " حالة وجود الحرب المعلنة رسميا لا تمنع بحد ذاتها تنفيذ العقد،
إنما ما يترتب على هذه الحرب " من نتائج تحول دون تنفيذه مثل غلق الموانئ أو المصانع...
نأخذ مثلا الاستحالة القانونية juridique I,mpossibilitéالتي تمنع المشتري في العقد الدولي تنفيذ التزاماته.
ويحصل ذلك عندما يتعرض للموانع الإدارية المتعلقة بتعليمات الاستيراد أو إصدار الأذونات الرسمية في كثير من الدول بنقل العملات اللازمة لتسديد الثمن. وغير ذلك من القرارات الظرفية التي تفرضها السلطة التشريعية أو التنفيذية وتكون بلا شك مصدر لنشوء إمكانية تنفيذ الاستحالة القانونية.
وهي تتعارض أيضا مع مبدأ " القدرة المستقلة " للمدين بالوفاء وإمكانية تنفيذ الالتزامات في العقود الدولية فهل من الجائز التساؤل فيما إذا كانت مثل هذه الوقائع تنشئ فعلا معيار الاستحالة في تنفيذ الالتزام كما تطرقت إليها بعض القوانين الداخلية و التي اعتبرتها قوة قاهرة و سببا معفيا من المسئولية لعدم التنفيذ ؟[51] رغم ذلك ، قدمت إحدى لجان التحكيم الدولي حكما مغايرا لهذا الافتراض حينما استندت فقط على خصائص المفهوم التقليدي للقوة القاهرة ، معتبرة أن المدين لم يقدم الإثبات في الدعوى بتوفر العناصر الثلاثة للقوة القاهرة وهي ) سبب أجنبي ، لا يمكن مقاومته ، و غير متوقع ( وعليه لا يتمكن المدين بالتنفيذ التمتع بشرط الإعفاء من المسؤولية التي جاءت بها الفقرة ) ( 181من العقود المبرمة بين الطرفين . أما الدفع بأن البنك المركزي ... لم يضع تحت تصرفه العملات الأجنبية اللازمة لتسديد الفواتير، فإنها لا تنشأ حالة القوة القاهرة. [52]
ومن خلال تحليلنا لهذه الأنظمة القانونية المقارنة لمجموعة من الدول، يتبين لنا أن جميع التشريعات على اختلاف أيديولوجيتها قد نصت وبشكل صريح وواضح على استحالة التنفيذ، بوصفها سببا من أسباب انقضاء الالتزام.
الفقرة الثانية : على مستوى ظهير الالتزامات و العقود المغربي
ينقضي الالتزام وتبرأ ذمة المدين منه إذا أصبح تنفيذه مستحيلا. ومادام أن الالتزام قد استحال تنفيذه فمن الطبيعي أن
ينقضي، ولا يلتزم المدين بتنفيذه تنفيذا عينيا، إذ لا التزام بمستحيل، ومادام أن المدين لم يخطئ – حيث إن الاستحالة لا ترجع إلى فعله – فلا يلتزم بالتعويض. فالاستحالة إذن تنهي الالتزام، فهي تسقطه، فلا ينفذ لا تنفيذا عينيا ولا عن طريق التعويض[53]
وقد نص المشرع المغربي على استحالة التنفيذ بمقتضى ظهير الالتزامات والعقود في الفصول 335 إلى. 339و على
ضوء هذه النصوص تحدث المشرع عن الشروط التي ينقضي معها الالتزام لاستحالة تنفيذه من خلال الفصل 335 من ظ ل ع ، بحيث لابد حتى تتحقق الاستحالة من توافر الشروط التالية :
أن يكون الالتزام نشأ ممكنا أن يكون محله أصبح مستحيلا أن تكون هذه الاستحالة بسبب أجنبي، لا يد للمدين فيه. [54]
إذا تحققت هذه الشروط نتج عن ذلك مجموعة من الآثار حول استحالة التنفيذ، التي تتجمع حول القواعد الثلاث التالية:
انقضاء الالتزام وتوابعه انتقال حقوق ودعاوى المدين إلى الدائن عند الاقتضاء تبعة الاستحالة على الدائن في العقود غير التبادلية وعلى المدين في العقود التبادلية [55]  فإذا توافرت هذه الشروط انقضى الالتزام، وبرئت ذمة المدين منه ويصبح الالتزام غير قابل للتنفيذ عينا بسبب الاستحالة، كما أنه لا يمكن مساءلة المدين بالتعويض عنه، لأن الاستحالة لا ترجع إلى فعله. وذلك ما لم يتفق على أن المدين يتحمل تبعة السبب الأجنبي. [56]
وتنقضي مع الالتزام توابعه كالتأمينات العينية والشخصية التي كانت تضمنه المواد 336و 337و 338و339 وانقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه تحول دون إمكانية استيفاء الدائن حقه لا عينا ولا عن طريق التعويض.
فالدائن هو الذي يتحمل تبعة استحالة التنفيذ. [57]
واستحالة التنفيذ بغير اختيار العاقدين وبغير مطل من المدين تبرأ بها ذمته فيسقط حقه في مطالبة الطرف الآخر بتنفيذ
ما ترتب في ذمته من التزامات [58] .
يقضي الفصل 338 من ق ل ع المغربي، أنه في حال استحالة تنفيذ التزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، فإن التزام المدين ينقضي وتبرأ ذمته تبعا لذلك، وبذلك يتعذر على الدائن استيفاء حقه عينا، كما يتعذر عليه الحصول على تعويض، وعليه: إذا كان الالتزام الذي انقضى قد نشأ عن عقد غير تبادلي، فإن الذي يتحمل تبعة الاستحالة ليس هو المتعاقد الذي استحال- تنفيذ التزامه، بل المتعاقد الآخر، صاحب الحق الذي يضيع عليه حقه. من هنا كانت القاعدة أو تبعة الاستحالة في العقود غير التبادلية يقع على الدائن. أما إذا كان الالتزام الذي انقضى قد نشأ عن عقد تبادلي، فإن انقضاء هذا الالتزام يفضي إلى انقضاء الالتزام المقابل له المترتب في ذمة المتعاقد الآخر. ومن ثم فتبعة الاستحالة في العقد التبادلي تقع على المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه: ذلك أن المدين يهلك حينئذ محل التزامها دون أن يستطيع مطالبة الطرف الآخر بشيء، فيكون هو الذي تحمل الخسارة [59] .
وقد أيد المشرع المغربي هذه القاعدة بالفقرة الأولى من الفصل 338 من ظ ل ع حيث قالت) إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين، وبدون أن يكون المدين في حالة مطل، برئت ذمة هذا الأخير، ولكن لا يكون له الحق في أن يطلب أداء ما كان مستحقا على الطرف الآخر. فإذا كان الطرف الآخر قد أدى فعلا التزامه، كان له الحق في استرداد ما أداه كلا أو جزءا بحسب الأحوال باعتبار أنه غير مستحق. (كما جاء ضمن الفصل 268 من نفس القانون) : لا محل لأي تعويض ، إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن [60]
وبذلك يتضح لنا أن السبب الأجنبي الذي ينقضي معه الالتزام العقدي، يكون بالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو فعل الدائن أو الغير. بالنسبة لتحمل التبعة يختلف بحسب سبب الاستحالة، بحيث ميز المشرع المغربي بين صورتين، الأولى يكون فيها عدم تنفيذ الالتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين. [61]في حين تتمثل الصورة الثانية في كون عدم تنفيذ الالتزام راجع إلى فعل الدائن. [62]
وبالرجوع إلى العمل القضائي المغربي، نجد محكمة الاستئناف بالرباط في قرار لها بتاريخ 27 فبراير، 1943ذهبت
إلى أنه يترتب تعويض الضرر عن تأخير المدين في تسديد مبلغ مالي ولو انعدم سوء النية في حين أن المدين أنذر
بمقتضى الحكم الصادر عليه. لا يجوز للمدين أن يثير استحالة التنفيذ المنصوص عليها في الفصل 339 من ق ل ع إلا إذا ثبت أن عدم التنفيذ راجع إلى فعل الدائن. [63]
تحدث المشرع المغربي في المادتين 268 و269 من قانون الالتزامات والعقود عن شروط تحقق القوة القاهرة المعفية
من التعويض والموجبة للفسخ واشترط بأن يكون السبب خارج عن إرادة الملزم وغير متوقع وغير قابل للدفع، إذن،
فالمشرع المغربي تحدث فقط عن استحالة التنفيذ في علاقتها المباشرة بالقوة القاهرة ولم يتعدى ذلك للحديث عن عسر التنفيذ وإمكانيات إيجاد حلول أو إبرام اتفاقات بشروط أخرى، كما تؤسس لذلك نظرية الظروف الطارئة، لكن كيف يتعين
النظر لشرط الاستحالة؟ إذا كان المشرع المغربي لم يشرع بعد أي نص يتبنى نظرية الظروف الطارئة و اكتفى بالحديث عن القوة القاهرة و الحادث الفجائي و هو ما يمكن تسجيله كفراغ تشريعي، فإن اشتراطه لوجود استحالة في التنفيذ , ينظر إليه القضاء و الفقه بشكل متشدد، فالاستحالة الفعلية ينظر إليها بصفتها هذه , أي أن تكون حقا فعلية أي مانعة للتنفيذ بصفة مطلقة و على من يتمسك بالدفع بالقوة القاهرة أو من يؤسس دعوى الفسخ على وجودها , أن يثبت بأنه بدل عنايته و كل ما في وسعه لتنفيذ الالتزامات و التعهدات الواقعة على عاتقه بعد انتهاء الحادث الاستثنائي مع إثبات أنه كان بالنسبة له مانعا حقيقيا و حال دون التنفيذ بصفة نهائية وليس مانعا مؤقتا أو يمكن التغلب على آثاره.
من العبث القول بوجود قوة قاهرة معفية من التنفيذ و التعويض إذا لم تكن الاستحالة لا زالت متحققة إثر زوال الحادث
المتسبب ، فإذا كانت الدولة مثلا قد أطلقت برامج تمويلية و أدخلت صندوق الضمان المركزي كضامن للديون و إذا كانت
المؤسسات البنكية قد منحت للمقاولات آجال تعليق استخلاص الاقساط تصل إلى سنتين، فليس من المقبول بتاتا أن
يتمسك مقاول ما بانعدام وجود السيولة إثر توقفه المؤقت عن مزاولة نشاطه لحصول ظرف استثنائي تمثل في الحجر الصحي, في حين أنه لا يحتاج سوى الى مبلغ بسيط لإعادة تشغيل مقاولته و الحفاظ على مناصب الشغل بها , فقدرته في
الحصول على قرض بنكي و بشروط مخففة تجعل من العقد قابلا للتنفيذ ببساطة و تجعل من تمسكه بالقوة القاهرة مجرد محاولة للتملص من مسؤوليته العقدية و من هذا المنظور فالاستحالة يتم تقييمها كذلك في مرحلة ما بعد انتهاء الظرف الاستثنائي, لتشمل أيضا عدم استطاعة المدين التخلص من النتيجة السلبية للظروف المتمثلة في عدم التنفيذ. [64]
المطلب الثاني : تطبيقات استحالة التنفيذ على مستوى عقود الشغل
يعد الحق في الشغل من أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لضمان مستوى معيشي لائق، فهو من الحقوق الاقتصادية،
لأنه يؤمن الفرد ماديا واقتصاديا ويوفر له متطلبات معيشته. وهو من الحقوق الاجتماعية لارتباطه الوثيق بالمجتمع،
والحق في الشغل يعني الحق في المشاركة في إنتاج وخدمة أنشطة المجتمع الانساني، والذي يكفل مستوى معيشيا لائقا.
وبهذا فإن الحق في الشغل يكفل عدم استبعاد أي فرد من الحياة الاقتصادية، أما نوع العمل الذي يقوم به الإنسان فيعتمد
على إمكانية انتفاعه من الموارد والتعليم والتدريب.
كما يشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لكل فرد لكسب رزقه عن طريق أداء عمل يختاره أو يرتضيه بحرية. فحرمان الإنسان من هذا الحق يجعل منه كائن لا فائدة له، وهو شعور قاتل بطبعه، لذلك يسعى الإنسان دائما للبحث عن فرصة شغل، وعندما يحصل عليها، يحاول أن يحافظ عليها بكل الطرق كي تستمر حياته.
ومن المعروف أن عقد الشغل هو من العقود الملزمة للجانبين، كما أنه من العقود الزمنية، التي تحتاج الى وقت
لتنفيذها، كما أن هناك عقود محددة المدة وعقود غير محددة المدة، ولذلك، فأنه خلال تنفيذ عقد الشغل قد يعتريه طارئ، يجعل تنفيذ الالتزامات المترتبة على هذا العقد مستحيلة، كليا. أو جزئيا، بصفة مؤبدة، أو بصفة مؤقتة كالوضع الذي فرضه انتشار فيروس كورونا المستجد على المعطيات الاقتصادية ليس فقط في المغرب، وإنما على مستوى العالم كله.
إن استحالة عقد الشغل قد تعزى لأسباب عدة منها ما يرجع إلى شخص الأجير) الفقرة الأولى) ومنها ما هو مرتبط
بالمشغل (الفقرة الثانية (
الفقرة الأولى : أسباب استحالة تنفيذ عقد الشغل من طرف الأجير
إن استحالة تنفيذ عقد الشغل هي عبارة عن، تعذر تنفيذ الالتزام المترتب على العقد، بسبب أجنبي، نهائي، لا يد للأجير
والمشغل فيه، بحيث يصبح مستحيل تنفيذه بأي شكل من الأشكال، مما يؤثر على استمرار العقد، إما بوقفه أو بانتهائه.
ومن أهم أسباب استحالة تنفيذ عقد الشغل التي تعوق الأجير عن أداء عمله نوضحها على الشكل التالي:


أولا: العجز عن العمل:
إذا تبين أن الأجير عاجز عن القيام بالأعمال الملتزم بها، فإن ذلك قد يؤدي إلى إنهاء عقد الشغل بمبادرة من المشغل،
علما أن فصل الأجير بسبب مرتبط بكفاءته، يعتبر فصلا مبررا. بحيث لا يرتب أية مسؤولية على عاتق المشغل، وذلك
وفقا لما تقضي به المادة 35 من مدونة الشغل. لذلك فالأجير إذا تعرض لحادثة نتج عنها عجز عن العمل فيستحيل عليه الرجوع إلى عمله مما يؤدي إلى إنهاء عقد الشغل الذي يربط بينه وبين مشغله لاستحالة تنفيذه.
يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء: فترة العجز المؤقت الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني[65].
يعتبر عجز العامل عن أداء العمل المنوط به، سببا من أسباب استحاله تنفيذ عقد العمل، إذا كان هذا العجز كليا، و
تنص المادة    124من قانون العمل المصري على أنه " : ينتهي عقد العمل بعجز العامل عن تأدية عمله عجزا كليا أيا
كان سبب هذا العجز . فإذا كان عجز العامل عجزا جزئيا فلا تنتهي علاقة العمل بهذا العجز، إلا إذا ثبت عدم وجود عمل
آخر لدى صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرض. ويثبت وجود أو وجود العمل الآخر وفقا لأحكام
قانون التامين الاجتماعي. وإذا ثبت علي صاحب العمل بناء على طلب العامل أن ينقله إلى ذلك العمل مع عدم الاخلال
بأحكام قانون التامين الاجتماعي". [66]
 
ومن خلال المادة 124 من قانون العمل المصري يتبين أن هناك نوعان من عجز الأجير عن أداء العمل المنوط به، على
الشكل التالي:
أ العجز الجزئي المستديم:
لا يؤدي هذا العجز إلى انتهاء عقد الشغل، ولا يعد سببا من أسباب استحالة تنفيذ هذا العقد، إلا إذا ثبت عدم وجود عمل
آخر لدى صاحب العمل يناسب هذا العمل، وذلك وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي المصري.
بحيث يعد العجز الجزئي سببا لاستحالة تنفيذ العقد، ويؤدي إلى إنهاء خدمة المؤمن عليه للعجز الجزئي المستديم بشرط
عدم وجود عمل آخر لدى صاحب العمل، استثناؤه، تحديد حالاته بقرار من وزير التأمينات الاجتماعية. [67]
ب – العجز الكلي المستديم:
العجز الكلي يعد سببا من أسباب انتهاء العقد، كحالة من حالات استحالة التنفيذ، وهو ذلك العجز الذي يفقد الأجير قدرته
على العمل كليا، ويؤدي إلى عدم قدرته على الكسب، وعدم قدرته على الاستمرار في مهنته الأصلية.
ومن ثم فمعيار تحديد العجز الكلي هو عدم القدرة على الكسب. [68]
ثانيا: المرض الطويل:
يمكن للمشغل أن يعتبر الأجير في حكم المستقيل، إذا زاد غيابه لمرض غير المرض المهني، أو لحادثة غير حادثة
الشغل، على مائة وثمانين يوما متوالية خلال فترة ثلاثة مائة وخمسة وستين يوما، أو إذا فقد الأجير قدرته على
الاستمرار في مزاولة شغله. [69]
جرى الاجتهاد القضائي والعمل القضائي بمحاكم المملكة بالاعتداد باستحالة التنفيذ في عقود الشغل، بحيث جاء في قرار
لمحكمة النقض:
إن مرض الأجير المثبت قانونا يوقف عقد شغله مؤقتا طبقا لما تنص عليه المادة 32 من مدونة الشغل ولما كان الثابت
فقها وقضاء عدم جواز اتخاذ أي عقوبة تأديبية في حق الأجير أثناء توقف عقد عمله المبرر، فإن فصله خلال الفترة
المذكورة يكون فصلا تعسفيا. [70]
من المسلم به أن المرض القصير يؤدي إلى وقف عقد العمل وليس إنهائه، وهو المرض الذي لا يتجاوز حدود الإجازة
المرضية، وحددها قانون العمل المصري في 180 يوما، والذي يكون سببا في استحالة تنفيذ العقد. حيث قضي بأنه"
ينتهي عقد العمل إذا انقطع العامل عن العمل بسبب مرضه مدة متصلة، لا تقل عن مائة وثمانين يوما. [71]
وتنص المادة 127 من قانون العمل المصري على أنه:
) يحظر على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل إلا إذا استنفذ العامل إجازته المرضية وفقا لما يحدده قانون التأمين الاجتماعي، بالإضافة إلي متجمد إجازاته السنوية المستحقة له).
وعلى صاحب العمل أن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوما من تاريخ استنفاذ العامل
إجازاته. فإذا شفي العامل قبل تمام الإخطار امتنع علي صاحب العمل إنهاء العقد لمرض العامل. [72]
لا ينتهي عقد العمل من تلقاء نفسه في حالة المرض الطويل وإنما يتوقف على إرادة صاحب العمل، ومن ثم فهو أمر
جوازي لصاحب العمل، ولا بد أن يخطر العامل قبل إنهاء العقد بخمسة عشر يوما، إذا شفي العامل قبل انتهاء مدة
الإخطار لا يحق لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل. [73]
ثالثا: وفاة الأجير:
لم ينص المشرع المغربي في م ش بنص صريح عن استحالة تنفيذ عقد الشغل بسبب وفاة الأجير، إلا أنه باستحضار
القواعد العامة في جميع أنواع العقود كيفما كان نوعها سواء عقد الكراء أو عقد المقاولة و غيرها من العقود الأخرى انه بمجرد وفاة الأجير تنتهي العلاقة الشغلية ويستحيل معها تنفيذ العقد، مع وجود تمييز بحيث أن عقود الشغل
تقوم على الاعتبار الشخصي، و بالتالي وفاة الأجير ينتهي عقد الشغل مباشرة و لا تنتقل تلك الحقوق المتعلقة بالعمل إلى
الورثة.
عكس المشرع المغربي نجد بعض التشريعات العربية نصت بنصوص صريحة على أن وفاة الأجير تعتبر سببا من أسباب
استحالة تنفيذ عقد الشغل. ومن بين هذه التشريعات نجد التشريع التونسي الذي نص على أن: وفاة الأجير يعتبر سبب لتعذر الإنجاز أي استحالة عقد الشغل نظرا لطبيعة هذا العقد، لقيامه على الاعتبار الشخصي للأجير. في المقابل فإن وفاة المؤجر) المشغل (
لا تنهي العلاقة الشغلية حماية لمصلحة الأجراء. فقد أبقى المشرع التونسي في الفصل 15 من مدونة الشغل على عقد الشغل بين الورثة والأجراء.[74]
كما نص التشريع المصري على أنه:
ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكما طبقا للقواعد القانونية المقررة ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لاعتبارات تتعلق بشخص صاحب العمل أو بنشاطه الذي ينقطع بوفاته. وإذا توفي العامل وهو في الخدمة يصرف صاحب العمل لأسرته ما يعادل أجر شهرين كاملين لمواجهة نفقات الجنازة بحد أدنى قدره مائتان وخمسون جنيها، كما يصرف منحة تعادل أجر العامل كاملا عن الشهر الذي توفى فيه والشهرين التاليين له طبقا لقواعد قوانين التأمين الاجتماعي. ويلتزم صاحب العمل بنفقات تجهيز ونقل الجثمان إلى الجهة التي استقدم العامل منها أو الجهة التي تطلب أسرته نقله إليها.[75]
ونجد أن وفاة العامل تؤدي إلى انتهاء العقد، سواء أكانت الوفاة حقيقة أو حكما وينتهي عقد العمل في هذه الحالة بقوة
القانون، حتى ولو كان سبب الوفاة الانتحار ولا يمكن أن يحل الورثة محل العامل في عقد العمل، حتى ولو قام أحد الورثة بالحلول محل العامل المتوفى، ففي تلك الحالة لا يعد امتداد لعقد العمل وإنما يكون العقد المبرم بين أحد الورثة وصاحب العمل عقد عمل جديد. [76]
الفقرة الثانية : أسباب استحالة تنفيذ عقد الشغل من طرف المشغل
تتمثل أسباب انتهاء عقد الشغل لاستحالة التنفيذ من جانب المشغل في القوة القاهرة، إغلاق المقاولة، وتغيير المشغل.
أولا : القوة القاهرة
لم ينص المشرع المغربي بنص صريح على استحالة تنفيذ عقود الشغل بسبب القوة القاهرة من خلال مدونة الشغل إلا
أنه أشار إلى ذلك أثناء حديثه على التعويض للطرف الآخر في المادة 33 من مدونة الشغل بحيث جاء فيها:
ينتهي عقد الشغل المحدد المدة بحلول الأجل المحدد للعقد، أو بانتهاء الشغل الذي كان محل له يستوجب قيام أحد الطرفين بإنهاء عقد الشغل المحدد المدة، قبل حلول أجله، تعويضا للطرف الآخر، ما لم يكن الإنهاء مبررا، بصدور خطأ جسيم عن الطرف الآخر، أو ناشئا عن قوة قاهرة. لكن بالعودة للقواعد العامة المتمثلة في ق ل ع باعتباره الشريعة العامة نجده يعرف لنا القوة القاهرة من خلال الفصل ،269 الذي جاء فيه:
القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية) الفيضانات والجفاف، والعواصف
والحرائق والجراد (وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا. ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.
وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين" كما جاء في قرار لمحكمة النقض: نزاع شغل– دفع المشغلة بالقوة القاهرة التي حالت دون استمرار العلاقة الشغلية أثره. طبقا للفصل 268 من ق ل ع لا يكون للتعويض محل إذا كان سبب عدم الوفاء بالالتزام يعزى إلى القوة القاهرة التي عقدها المشرع ضمن حالات استحالة التنفيذ بموجب الفقرة الثالثة من الفصل 745 من نفس القانون، والطاعنة دفعت بالقوة القاهرة التي حالت دون استمرار العلاقة الشغلية التي كانت تربطها والمطلوب لنشوب حريق بالمقاولة مقر العمل ولما كان ثابتا في النازلة ان الحريق لم يكن من الممكن مقاومته لنشوبه ليلا وخارج أوقات العمل، وأن سببه ظل مجهولا فإن خطأ الطاعنة يكون منتفيا، ومتى انتفى الخطأ انتفت المسؤولية. والمشرع أكد من خلال الفقرة الثانية من المادة 33 من مدونة الشغل مبدأ الإعفاء من التعويض في الحالة التي يكون فيها إنهاء عقد الشغل ناشئا عن قوة قاهرة ما لم يكن سبب الإنهاء ناتجا عن خطأ المشغل، في حين لم يشر إلى ذلك عند حديثه عن العقد غير المحدد المدة كما ينص عليه بخصوص المقتضيات الخاصة بالتعويض عن الفصل. لأن الأجير محق فيه، فالإنهاء بسبب القوة القاهرة يستوجب من حيث المبدأ التعويض عن الفصل. [77]
إذا استحال على صاحب العمل تنفيذ عقد العمل لسبب أجنبي، أو قوة قاهرة ينفسخ العقد بقوة القانون، وتنقضي كافة
الالتزامات المترتبة على هذا العقد، دون أدنى مسؤولية على عاتق صاحب العمل، متى كانت الاستحالة نهائية. [78]
أما إذا كانت الاستحالة مؤقتة، فإنها لا تؤدي إلى إنهاء عقد العمل وإنما تؤدي إلى وقف عقد العمل وكذلك لا يترتب
على اندماج الشركات انتهاء عقد العمل، بالنسبة للعمال الذين تندمج شركاتهم، وكذلك لا يترتب علي اندماج تنفيذ كافة
الالتزامات المترتبة على عقد. [79]
لذلك فإذا قامت الاستحالة بسبب القوة القاهرة من جانب المشغل أدت إلى عدم القدرة النهائية على الاستمرار في النشاط
فإن عقود الشغل تنتهي وبقوة القانون وبدون أدنى مسؤولية على المشغل.
بالنسبة للأمر الطارئ أو القوة القاهرة، هذا يعني أن الأجير إذا فقد عمله بسبب القوة القاهرة أو الأمر الطارئ، لا يحق
له مطالبة المؤجر بأي تعويض، لكن هذا يفترض توفر شروط القوة القاهرة، أي أن يكون سبب قطع العقد خارجا عن إرادة المؤجر غير متوقع ولا يمكن تجنبه.
مثال ذلك فإن وجود صعوبات اقتصادية مالية أو فنية تمر بها المؤسسة لا تعتبر قوة قاهرة لأنها من المخاطر المتوقعة.
إذن هي لا تبرر انتهاء العلاقة الشغلية لتعذر الإنجاز، كما أن القوة القاهرة والأمر الطارئ لا ينهيان العلاقة الشغلية إلا
إذا أدى إلى توقف نشاط المؤسسة، مثلا نشوب حريق في المعمل لا يبرر إنهاء العلاقة الشغلية إلا إذا توقف المعمل عن
النشاط.[80]
وعرفت محكمة النقض المصرية القوة القاهرة بأنها: القوة القاهرة بالمعنى الوارد في المادة 165 من القانون المدني
تكون حربا أو زلزالا أو حريقا، كما قد تكون أمر إداريا واجب التنفيذ، بشرط أن يتوافر فيها استحالة التوقع واستحالة الدفع. [81]الطعن رقم 14696 لسنة 83 جلسة 15 / 12 / 2014
ثانيا : إغلاق المقاولة نهائيا
يقصد بالإغلاق، هو الإجراء القانوني الذي يلجأ اليه صاحب العمل لمواجهة صعوبات اقتصادية. [82]
ينص المشرع المغربي في المادة 66 من مدونة الشغل على أنه:
يجب على المشغل في المقاولات التجارية، أو الصناعية ، أو في الاستغلالات الفلاحية أو الغابوية وتوابعها، أو
في المقاولات الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر ، والذي يعتزم فصل الأجراء، كلا أو بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، وأن يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، بما فيها أسباب الفصل، وعدد وفئات الأجراء المعنيين، والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل.
ويجب عليه أيضا استشارتهم، والتفاوض معهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى.
تحل لجنة المقاولة محل مندوبي الأجراء في المقاولات التي يزيد عدد الأجراء بها عن خمسين أجيرا، تحرر إدارة المقاولة محضرا تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات المذكورة، يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه لمندوبي الأجراء، وتوجه نسخة أخرى إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل. كما ينص المشرع في المادة 67 من نفس المدونة على أنه:
يتوقف فصل الأجراء العاملين في المقاولات المشار إليها في المادة 66 أعلاه، كلا أو بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية
أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، على إذن يجب أن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم في أجل أقصاه شهران من تاريخ
تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
وجاء في المادة 69 من مدونة الشغل:
لا يسمح بإغلاق المقاولات أو الاستغلالات المذكورة في المادة 66 أعلاه، كليا أو جزئيا، لأسباب غير الواردة في نفس
المادة، إذا كان سيؤدي إلى فصل الأجراء، إلا في الحالات التي يستحيل معها مواصلة نشاط المقاولة، وبناء على إذن
يسلمه عامل العمالة أو الإقليم طبقا لنفس المسطرة المحددة في المادتين 66 و67 أعلاه.
واستحالة التنفيذ لسبب أجنبي، والتي تؤدي إلى عدم تنفيذ صاحب العمل عقد العمل، يتمثل في إغلاق المنشأة بصفة
نهائية، ويتحقق الإغلاق النهائي في صور عدة منها، تدمير المحل، وقوع زلزال، أو نشوب حريق لا يرجع إلى خطأ صاحب العمل. [83]وكذلك انعدام المادة الأولية بسبب الحرب، أو صدور تشريع يحظر إنتاج هذه السلعة التي تنتجها المنشأة، ويترتب على ذلك استحالة تنفيذ عقد العمل، إغلاق المنشأة نهائيا. [84]وبذلك إذا أغلقت المنشأة فإنه يستحيل على صاحب العمل تبعا لذلك، أن ينفذ التزامه، فإذا كان الإغلاق النهائي فأنه يترتب عليه استحالة تنفيذ صاحب العمل التزاماته الناشئة عن عقد العمل بصفة نهائية. [85]
إذا كان إغلاق المقاولة راجعا الى قوة قاهرة، أو لسبب أجنبي لا يد للمشغل فيه، فإن عقود الشغل في هذه الحالة تنتهي بقوة القانون، فور إغلاق المقاولة، سواء أكانت هذه العقود محددة المدة أو غير محددة المدة. ويجب أن يتوافر في السبب الأجنبي الذي أدى إلى إغلاق المنشأة، كافة الشروط التي تقضي بها القواعد العامة فيما يتعلق بالقوة القاهرة أو السبب الأجنبي، فيجب أن تكون الواقعة التي أدت إلى إغلاق المنشأة غير متوقعة، ولا يمكن دفعها، ولا تر جع إلى خطأ صاحب العمل.[86] مثال على ذلك: حدوث حرب أدت إلى انقطاع المواصلات وعدم وصول المواد الخام إلى المنشأة مما أدى إلى إغلاقها، أو صدور تشريع بحظر الصناعة والتجارة التي تعمل بها المنشأة، أو وقوع زلزال أدى إلى تهدم المنشأة وتلف كل المعدات بها، أو نشوب حرب بالمنشأة أتى على المعدات بالهلاك. [87]
أما في القانون الفرنسي، فأنه إذا انتهى النشاط أو توقف نهائيا ومن ثم أغلق المشروع، فإن الوظائف التي كانت عالقة
بهذا النشاط تختفي، ومن ثم تنتفي الحكمة من تطبيق قاعدة استمرار عقود العمل لاستحالة التنفيذ.[88]
 
ثالثا : تغيير المشغل
لقيام الحالة الثالثة من حالات الاستحالة من جانب رب العمل (المشغل) والتي تتمثل في تغيير رب العمل مع تغيير
النشاط الذي كان يقوم به رب العمل القديم.  
ومن ثم إذا تغير رب العمل بالانتقال أو الاندماج أو البيع أو الإجار أو الهبة أو غيرها، بدون تغيير في نشاط المؤسسات، فلا يؤثر ذلك على عقود العمل، تظل العقود سارية في مواجهة رب العمل الجديد.[89]
ويستمر العقد في تلك الأحوال دون حاجة إلى رضاء العامل أو رب العمل، كما تعتبر خدمة العامل متصلة بما يترتب على
ذلك من نتائج تؤثر في حقوقه. [90]
بالرجوع للقواعد العامة، من انتقال عقد العمل، مع المنشأة إلى صاحب العمل الجديد، لم يكن يمكن تقريره إلا بنص
خاص، كما فعل قانون العمل المصري الحالي في المادة التاسعة منه، حيث أن تغيير صاحب العمل، لا يترتب عليه
انقضاء عقود العمل التي كانت مبرمة بمعرفة صاحب العمل الأول، لأن ذلك لا يعد سببا أجنبيا عن صاحب العمل، يجعل
التزامه مستحيلا. [91]
و كان للعمل القضائي نظر في هذا الموضوع من خلال القرار الصادر عن المجلس الأعلى سابقا) محكمة النقض (  حاليا
/اجتماعي : عقد عمل – مشغل جديد – استمرار ) نعم – ( تغيير في نقطة بداية عقد العمل – رفض الأجيرة – طرد  –
 تعسفي ) نعم) و الذي جاء فيه:
إن تفويت المشغل لقطاع التنظيف إلى شركة أخرى، والتزام هذه الأخيرة لتشغيل جميع العمال المرتبطين بهذا القطاع،
يسري في مواجهة جميع الأجراء المعنيين بهذا القطاع. [92]
كما جاء في قرار آخر لمحكمة النقض يتعلق بعقد شغل تغيير الوضعية القانونية للمشغل – أثره ما يلي:
بمقتضى المادة 19 من مدونة الشغل انه " إذا طرأ تغيير على الوضعية القانونية للمشغل، أو على الطبيعة القانونية
للمقاولة، وعلى الأخص بسبب الإرث، أو البيع، أو الإدماج، أو الخوصصة، فإن جميع العقود التي كانت سارية المفعول
حتى تاريخ التغيير، تظل قائمة بين الأجراء وبين المشغل الجديد، الذي يخلف المشغل السابق في الالتزامات الواجبة
للأجراء، وخاصة في ما يتعلق بمبلغ الأجور، و التعويضات عن الفصل من الشغل، و العطلة المؤدى عنها." وبذلك
فإن مقتضيات هذه المادة إنما تتعلق بالحلول القانوني للمشغل الجديد محل المشغل السابق الذي يخلفه في الوفاء بالالتزامات المستحقة لفائدة الأجراء. [93]
وفي هذا السياق ذهبت محكمة النقض الفرنسية، إلى أنه " لا يشترط أن يكون المشروع نفسه، هو الذي يستمر بل يكفي
باستمرار النشاط، الذي كان يمارسه العاملون قبل التغيير على النحو الذي يمكن معه القول بأن فرص العمل وإمكانياته
مازالت قائمة، ومن ثم يستطيع العمال الاستمرار في مزاولة نشاطهم، رغم تغيير العمل. [94]
أ -اختلاف طبيعة النشاط:


باختلاف طبيعة النشاط الذي يمارسه صاحب العمل الجديد المنتقل إليه المنشأة بأي صورة كانت، عن النشاط الذي كان
يمارسه صاحب العمل القديم، وفي هذه الحالة لا يمكن الحديث عن استمرار عقد العمل مع تغيير صاحب العمل، كصوره
من صور استحالة التنفيذ التي لا يد لصاحب العمل في وجودها. [95]وبهذا الخصوص، قضت محكمة النقض الفرنسية على انه " في الحالة التي كان يقوم فيها مصنع حراريات، بتحويل القمامة إلى رماد، ثم انتقال المصانع إلى صاحب عمل جديد، والذي قام بدوره بتغيير طبيعة النشاط، إلى مصانع إنتاج البخار، الذ يستخدم في تشغيل السخانات الحديثة، فلا يمكن تطبيق قاعدة استمرار عقود العمل.[96]
ب -التعديل الجوهري في شروط العمل أو ظروفه:
الاصل انه في حالة إجراء صاحب العمل أي تعديل لشروط أو ظروف العمل داخل منشأته لا يؤثر على استمرار عقود
العمل، متى كان هذا التعديل غير جوهري ولا يغير من طبيعة نشاط المنشأة.
و لذلك ذهب القضاء الفرنسي إلى أنه "  لا يؤثر على استمرار عقود العمل، استمرار النشاط نفسه أو نشاط مماثل ، و لا
يهم بعد ذلك قيام صاحب العمل بإدخال تعديلات على الطريقة التي يتم بها توزيع البضاعة أو الطريقة التي تتم بها صناعة
الملابس " [97]أما في حالة قيام صاحب العمل الجديد، بإجراء تعديلات جوهرية على المشروع بعد انتقال إليه، و الذي أدى إلى تغيير طبيعة النشاط، فلا تطبق قاعدة استمرار عقود العمل، و هذا ما قضت باه محكمة النقض الفرنسية، من أنه " عدم تطبيق
قاعدة استمرار عقود العمل، على الحالة، التي قام فيها صاحب العمال الجديد، بالاستغناء عن عمال الأمن و الحراسة،
بعد الاستعانة بأجهزة مراقبة تلفزيونية حديثة، تتولى عملية الحراسة عوضا عنهم". [98]
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني : الآثار المترتبة عن استحالة تنفيذ الالتزام
إذا ما تحققت شروط استحالة تنفيذ الالتزام العقدي وبالشكل الذي تم بحثه في الفصل الأول، فإنه يترتب عليها آثار
قانونية عديدة، وهذا الأمر يتطلب منا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين، سنتطرق إلى انقضاء الالتزام العقدي وانفساخ العقد (المبحث الأول (وكذا للأثر المتمثل في تحمل التبعة في الاستحالة (المبحث الثاني (
المبحث الأول : انقضاء الالتزام العقدي و انفساخ العقد
يترتب على استحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه انقضاء الالتزام وانتقال حقوق ودعاوى المدين إلى
الدائن (المطلب الأول) وانفساخ العقد (المطلب الثاني (
المطلب الاول : انقضاء الالتزام العقدي و انتقال حقوق و دعاوى المدين إلى الدائن
تتمثل آثار استحالة التنفيذ بتنفيذ الالتزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، في انقضاء الالتزام وتوابعه (الفقرة الأولى) و
انتقال حقوق و دعاوى المدين إلى الدائن عند الاقتضاء ) الفقرة الثانية(
الفقرة الأولى : انقضاء الالتزام العقدي
إذا توافرت الشروط القانونية انقضى الالتزام، وبرئت ذمة المدين منه، فالالتزام أصبح غير قابل للتنفيذ عينا بسبب
الاستحالة، كما أنه لا يمكن مساءلة المدين بالتعويض عنه. لأن الاستحالة لا ترجع إلى فعله.  وذلك ما لم يتفق على أن المدين يتحمل تبعة السبب الأجنبي.[99]
ينص المشرع المغربي في الفصل 337 من ق ل ع على أنه " إذا انقضى الالتزام لاستحالة تنفيذه، بغير خطأ المدين فإن الحقوق والدعاوى المتعلقة بالشيء المستحق والعائدة للمدين تنتقل منه للدائن. وجاء في قرار لمحكمة النقض بشأن الدفع باستحالة التنفيذ:
إن محكمة الاستئناف لما عللت ما انتهت إليه بأن المستأنف اقتصر على الدفع باستحالة تنفيذ العقد المبرم بينه وبين
المجلس البلدي ولم يثبت ذلك بمقبول، وبخصوص الطعون الموجهة إلى الخبرة فإن المحكمة استجابت لدفوعه بشأنها
إلا أنه لم يستجب لأداء أتعاب الخبرة، وعليه تبقى المديونية ثابتة لعدم إدلائه بما يثبت تحلله من الالتزام سواء بالأداء أو
بفسخ العقد، تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني وعللته تعليلات سائغا. [100]
يترتب على استحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه انقضاء الالتزام، هذا إذا كانت الاستحالة كاملة كأن
يهلك الشيء محل الالتزام، ولا يبقى له أثر. أما إذا كانت الاستحالة جزئية فقد قررت المادة 336 من ق ل ع الالتزام لا
ينقضي إلا جزئيا. فلو أن شخصا التزم بتوريد قطيع من الغنم إلى آخر، وهلك عدد من الأغنام بسبب وباء، فإن التزام
المورد ينقضي بالنسبة للأغنام التي هلكت ليس إلا ويبقى ملزما بتوريد بقية القطيع. على أن المشرع نص في المادة
336 نفسها حالة ما إذا كان الالتزام بطبيعته " لا يقبل الانقسام إلا مع ضرر للدائن" ،
كان يكون محل الالتزام وضع دار تحت تصرف شخص لينتفع منها وتهلك بعض اقسام الدار، بحيث يصبح الانتفاع بالدار بعد هلاكها جزئيا لما يضر بالدائن، و قرر في هذه الحالة أن للدائن )) الخيار بين أن يقبل الوفاء الجزئي وبين أن يفسخ الالتزام في مجموعه[101]. ((
وينقضي مع الالتزام الأصلي توابعه، فتنقضي التأمينات العينية أو الشخصية التي كانت تضمنه لأن هذه الضمانات هي بحكم التابع، والتابع يتبع المتبوع وجودا وعندما: فإذا كان الالتزام مضمونا بكفالة شخصية أو عينية، انقضت هذه الكفالة تبعا لانقضاء الالتزام الأصلي، وبرئت ذمة الكفيل، وإذا كان يوجد ثمة رهن حيازي اورهن رسمي، فإن الرهن بنفضي كذلك، ويجب رد المرهون إلى الراهن أو شطب قيد الرهن الرسمي السجل العقاري.
هذا وتجدر الملاحظة إلى أن الالتزام إذا كان مترتبا في ذمة مدينين متضامنين، واستحال تنفيذه لسبب أجنبي لا يد
لأحدهما فيه، انقضى في مواجهتها جميعا، وبرئت ذمة كل واحد منهم.
أما إذا استحال التنفيذ بخطأ أحد المدينين المتضامنين، فإن هذا المدين يكون مسؤولا وحده عن تنفيذ الالتزام بطريق
التعويض، أما بقية المدينين المتضامنين فينقضي التزامهم، وتبرأ ذمتهم منه، إذا تعتبر الاستحالة بالنسبة إليهم ناجمة
عن فعل الغير وعائدة بالتالي لسبب أجنبي لا يد لهم فيه. وكذلك إذا استحال على المدين تنفيذا التزام مترتب لمصلحة
عدة دائنين متضامنين لسبب أجنبي لا يد له فيه، فإن الالتزام ينقضي في مواجهة جميع الدائنين المتضامنين تبرأ ذمة
المدين تجاه كل واحد منهم. [102]
كما انه يترتب أن الاستحالة إذا توافرت شروطها القانونية، انقضاء الالتزام العقدي، أيا كان نوعه بإعطاء، أو بعمل، أو بامتناع عن عمل وبجميع توابعه. [103]
الفقرة الثانية: انتقال حقوق ودعاوى المدين إلى الدائن
يتمثل هذا الأثر، في كون انقضاء التزام المدين نتيجة استحالة تنفيذ الدين بسبب أجنبي لا يد له فيه، أن ينزل المدين
للدائن عن كل ما يترتب له من حقوق ودعاوى قبل الغير. [104]وقد نص المشرع المغربي على هذا الحكم في الفصل 337 ق ل ع  . الذي جاء فيه ما يلي " إذا انقضى الالتزام لاستحالة تنفيذه، بغير خطأ المدين فإن الحقوق والدعاوى المتعلقة بالشيء المستحق والعائدة للمدين تنتقل منه للدائن. " فإذا هلك الشيء المؤمن عليه بغير فعل المدين أو خطإه و كان مؤمنا ، فإن حق التعويض المترتب في ذمة شركة التأمين ينتقل إلى الدائن. [105]
إذا انقضى التزام المدين لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه، فإن عليه أن ينزل للدائن عما عسى يترتب له من
حقوق ودعاوى قبل الغير: فلو استحال تسليم الشيء للدائن بسبب هلاكه، وكان هذا الشيء مؤمنا عليه لدى شركة
تأمين، أو كان هلاك الشيء بفعل الغير وترتب على هذا الغير تعويض الضرر الناجم عن الهلاك، فإن على المدين أن يتنازل للدائن عن حقه في التأمين أو التعويض. ومن الملاحظ أن المشرع الفرنسي والمشرع اللبناني من بعد حرصا أيضا على تأكيد الحكم نفسه بنص مماثل.
 أما المشرع المصري والمشرع السوري فلم يعرضا للموضوع بنص صريح اكتفاء منهما بمقتضيات القواعد العامة. [106]ويلاحظ ايضا، أنه إذا كانت الاستحالة مؤقتة، فإن الالتزام لا ينقضي، بل يقف مدة قيام الاستحالة، ثم بعد زواله. [107]
المطلب الثاني: انفساخ العقد وأثاره
يمكن اعتبار العقد الركيزة الأساسية التي تقوم عليها جل المعاملات بين الأفراد وهو مؤسسة قانونية تهدف إلى استقرار
المعاملات وتنظيم العلاقات التعاقدية. فإذا نشأ العقد صحيحا، ومستجمعا لكافة أركانه وشروطه، تترتب عنه آثار،
وأهمها القوة الملزمة للعقد، وهي التي عبر عنها بعض الفقهاء بقولهم “: من قال عقدا قال عدلا.” وبمقتضى هذا المبدأ،
يصبح كل طرف ملزم بتنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه. غير أنه في بعض الحالات قد تطرأ ظروف تجعل التزامه بالتنفيذ أمرا مستحيلا، وحينما تتحقق استحالة تنفيذ الالتزام وفق الشروط القانونية، فإنه يترتب على ذلك انفساخ العقد (الفقرة الأولى) وما يترتب على هذا الانفساخ من آثار (الفقرة الثانية (
الفقرة الأولى: انفساخ العقد
الانفساخ هو انحلال العقد بقوة القانون    de plein droitإذا استحال تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي خارج عن إرادة
المدين، أي لا يد له فيه. [108]إذا استحال على أحد العاقدين تنفيذ كامل التزاماته العقدية لسبب أجنبي لا يد له انفسخ العقد بقوة القانون ودون حاجة لأي إنذار، وزالت جميع آثاره بمفعول رجعي.
جاء في الفصل 335 من ق ل ع ) : ينقضي الالتزام إذا نشأ ثم أصبح محله مستحيلا استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطئه وقبل أن يصير في حالة مطل(.
ومن تطبيقات الانفساخ نذكر ما نص عليه ق ل ع ضمن الفصلين:
الفصل 563 وجاء فيه: ( إذا هلك الشيء المبيع بسبب العيب الذي كان يشوبه أو بحادث فجائي ناتج عن هذا العيب ،
كان هلاكه على البائع ، فيلتزم برد الثمن و يلتزم أيضا بالتعويضات إذا كان سيء النية .(
والفصل 659 الذي أورد أنه: إذا هلكت العين المكتراة أو تعيبت أو تغيرت كليا أو جزئيا بحيث أصبحت غير صالحة للاستعمال في الغرض الذي اكتريت من أجله، وذلك دون خطإ أي واحد من المتعاقدين، فإن عقد الكراء ينفسخ، من غير أن يكون لأحدهما على الآخر أي حقفي التعويض، ولا يلزم المكتري من الكراء إلا بقدر انتفاعه وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر. [109]
 
تنص المادة 121 من القانون المدني الجزائري على أنه " : في العقود الملزمة الجانبين إذا انقضى الالتزام بسبب
استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له و ينفسخ العقد بحكم القانون " كما تنص المادة 307 من نفس القانون على أنه" ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي عن إرادته " والمادة 176 تنص على أنه:
"
إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ما لم يثبت أن
استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه.
و يبدو من مجموع هذه النصوص أن الالتزام لا ينقضي بسبب استحالة تنفيذ إلا إذا كانت هذه الاستحالة ترجع إلى سبب
أجنبي ، و أن العقد لا ينفسخ من تلقاء نفسه بحكم القانون إلا إذا انقضى الالتزام بسبب أجنبي ، و إذا لم يثبت المدين هذا
السبب الأجنبي فبقي ملزما بالعقود و يحكم عليه بالتعويض. [110]
قضت محكمة النقض المصرية بأنه " من المقرر أن عقد البيع ينفسخ حتما ومن تلقاء نفسه طبقا للمادة 159 من
القانون المدني المصري بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي.[111] ولقد ذهب الفقه إلى تحديد الطبيعة القانونية للانفساخ أن له طبيعة خاصة يمكن استخلاصها من نصوص القانون على النحو التالي:
  • إنه لا يقع نتيجة خطأ من المدين أو امتناعه عن تنفيذ التزامه بل يقع الانفساخ نتيجة تحقق شروطه.
  • هو أثر تلقائي حيث لا يشترط إجراء معين لحدوثه ولا يشترط أن يتمسك به أحد ولا يكون للدائن خيار آخر
    غير انقضاء الالتزام.
  • يسري بطبيعته على العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد. [112]
لكي يتحقق لنا انفساخ العقد لا بد من توفر الشروط الآتية:
  • الشرط الأول: أن يكون العقد ملزما للجانبين
  •  الشرط الثاني: لأن تغدو التزامات أحد العاقدين مستحيلة استحالة مطلقة تحمل بين طياتها سمة القوة والقهر بالنسبة للجميع
  • الشرط الثالث: أن تكون التزامات أحد العاقدين مستحيلة استحالة دائمة
  • الشرط الرابع: أن تكون الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي
  • الشرط الخامس: أن تنشأ الاستحالة بعد انعقاد العقد أو خلال تنفيذه. [113]
والانفساخ بهذا المعنى لا يعدو كونه صورة من صور انحلال العقد، ويختلف الانفساخ عن الفسخ من حيث السبب الذي أدى إلى حدوث أي منهم، فالفسخ يحدث بسبب إرادي راجع لإرادة أحد المتعاقدين أو كلاهما أما الانفساخ فيحدث بسبب أجنبي لا يد للطرفين فيه. [114]
و يترتب على الانفساخ مجموعة من الآثار القانونية و هو ما سنتعرف عليه في ) الفقرة الثانية(
 
الفقرة الثانية : آثار الانفساخ

تترتب على انفساخ العقد آثار مهمة، منها ما يأتي:
  • الأثر الأول : انقضاء أو انحلال العقد:
يترتب على وقوع الانفساخ انحلال العقد انحلالا كليا، فبمجرد تحقق شروط الانفساخ فإن العقد يزول، وذلك بانحلاله واختفائه، وهذا الانحلال للانفساخ يشير إلى أن العقد قد انحل قبل انتهاء موعده المحدد له، حيث لم يتم تنفيذه، وذلك لحدوث الاستحالة التي يترتب عليها انفساخ العقد. ويترتب على انحلال العقد بالانفساخ أن ينقضي الالتزام إذا ما أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه بسبب لا يد له فيه.
  • الأثر الثاني : الرجعية في الانفساخ:
يستمد الانفساخ هذا الأثر من كونه انحلالا كليا، فبمقتضى هذا الانحلال اعتبار العقد كأن لم يكن من تاريخ إبرامه، وبمعنى آخر أن الانفساخ يرجع أثره إلى الماضي، فالعقد المنفسخ يعتبر كأن لم يكن، وهذا إذا كان العقد منشئا لالتزام فوري كالبيع، أما إذا كان منشئا لالتزام متتابع، كالإجارة فإنه ليس للانفساخ أثره في الماضي، بل إن أثره يقتصر على المستقبل، وهذا يعني أن العقود الزمنية لا تتحقق فيها رجعية الانفساخ بالنسبة لما تم تنفيذه من محل الالتزام، لأن طبيعة
العقود الزمنية تستعصي على هذا الأثر، ذلك أن العقد الزمني، فإذا نفذ لفترة من الزمن، وكان من العقود المستمرة فإن
آثار تلك العقود تظل قائمة كما هي، ولا يؤدي الانفساخ إلى زوالها، وإنما يقتصر أثرها على المستقبل فحسب.
  • الأثر الثالث : عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد:
يترتب على القول بالأثر الرجعي للانفساخ عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فيرد كل منهما ما تسلمه بمقتضى العقد بعد أن تم انفساخه، وإذا ما أصبح الرد مستحيلا وجب التعويض على الملتزم وفقا للأحكام الخاصة بدفع غير المستحق. كما أنه ينبغي على القول بالأثر الرجعي للانفساخ أنه يجوز لكل من المتعاقدين أن يحبس ما أخذه بموجب العقد ما دام المتعاقد الآخر لم يرد إليه ما تسلمه منه، أو يقدم ضمانة لهذا الرد، وذلك طبقا للقواعد المقررة في حق الحبس. فإذا اعتبرنا أن التزام البائع برد الثمن قد ترتب في ذمته سبب التزام المشتري برد المبيع وارتبط كل التزام بالآخر طبقا للمادة 200 مدني جزائري التي تقابلها المادة 246 مدني مصري، كان لكل من الطرفين أن يحبس ما بيده حتى يسترد ما بيد الآخر. وتأكيدا لأهمية أثر عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد قضت محكمة النقض المصرية بأن عقد البيع ينفسخ حتما ومن تلقاء نفسه طبعا للمادة 159 من القانون المدني المصري بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين بسبب أجنبي، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ. [115]
 
  • الأثر الرابع : إعفاء المدين من المسؤولية العقدية:
ويعد هذا الأثر من الأثار الخاصة بالانفساخ وهو مرتكزها وأساسها جميعا، والذي يميز نظام الانفساخ عن باقي الأنظمة القانونية الاخرى ومنها الفسخ، فالفسخ يؤكد قيام المسؤولية باتجاه المدين في حالة عدم تنفيذ الالتزام من قبل أحد المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين. ذلك أن الفسخ هو جزاء عدم تنفيذ الالتزام، فاذا استحال تنفيذ الالتزام لسبب أجنبي لا يد فيه ولم يستطيع إثبات ذلك، حكم عليه بالتعويضي لعدم تنفيذ التزامه ولكن إذا كانت استحالة تنفيذ الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي فان الالتزام ينقضي ويترتب على ذلك أن ينفسخ العقد، وفي حالة تقرير انفساخ العقد فان الاثر الذي يترتب على هذا الانفساخ هو براءة ذمة المدين، أي انتفاء المسؤولية العقدية للمدين، فليس هناك خطا أو تقصير أو إهمال يمكن اسناده إلى المدين، حتى لو تحقق الضرر بالفعل في جانب الدائن، إذ أن السبب الأجنبي هو الذي قطع علاقة السببية بين الخطأ والضر.
  • الأثر الخامس : عدم الحكم بالتعويض:
إن النتيجة المنطقية لإعفاء المدين من المسؤولية العقدية، هو عدم الحكم بالتعويض ذلك أن امتناع المسؤولية يعني امتناع التعويض. وعلى اية حال، فان التنفيذ بطريق التعويض هو طريق استثنائي لان الأصل هو قيام المدين بتنفيذ التزامه طوعا واختيارا، والوارد على المحل نفسه المتفق عليه، وعلى وفق الشروط المتفق عليها من قبل طرفي الالتزام، وإذا لم يقم المدين بتنفيذ هذا الالتزام فان للدائن اللجوء إلى القضاء في حالة ما إذا أصبح التنفيذ غير ممكن، فينقلب التنفيذ العيني هنا إلى التنفيذ بمقابل الا وهو التعويض.
  • الأثر السادس: عدم الحاجة إلى الاعذار:
يترتب على الانفساخ انعدام المسؤولية العقدية وبالتالي انعدام التعويض، لذلك فمن البديهي أن لا تثار مسألة الحاجة إلى الأعذار، ذلك أن الأثر مرتبط بانعدام التعويض ، ويشترط لوجوب الأعذار أن يتأخر المدين في تنفيذ التزامه، لحق محدد قانونا وواجب التنفيذ، وان يقوم الدائن بشكل صريح أو ضمني، بالمطالبة بالوفاء بدينه ليدفع وهم المدين بان الدائن متسامح معه في اداء الدين ومن ذلك يتبين لنا، أن الأعذار يجب أن يسبق أي تعويض لإثبات كون المدين مقصر في أداء واجبه أو تأخر فيه، فان حدثت قوة قاهرة لا يمكن تنفيذ الالتزام بسببها فلا ينسب إلى المدين أي تقصير، وبالتالي لا محل للتعويض ومن ثم لا حاجة للأعذار، لأنه يفقد الأهمية القانونية التي اوجدها القانون له، الا وهي تنبيه المدين عن انه متأخر في تنفيذ الالتزام.
  • الأثر السابع : إحالة الحقوق و والدعاوى إلى الدائن:
إن المدين في حالة استحالة تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي ينقضي التزامه، ولكن ليس من العدالة بمكان أن يثري المدين على حساب دائنه، لان الدائن يتحمل تبعة هلاك محل الالتزام في العقود الملزمة لجانب واحد.[116]
 
 
  • الأثر الثامن: تلقائية الانفساخ
يراد بأثر تلقائية الانفساخ انه يترتب على توفر استحالة التنفيذ بسبب أجنبي انفساخ العقد من تلقاء نفسه وبقوة القانون من غير حاجة إلى حكم القاضي. ويستمد الانفساخ هده التلقائية من نص المادة 121من القانون المدني الجزائري. [117]
المبحث الثاني : تحمل تبعة الاستحالة
من يتحمل تبعية الاستحالة، هل يتحملها المدين الذي استحال عليه تنفيذ الالتزام، أم يتحملها الدائن الذي لم يتحصل على
حقه بسبب استحالة التنفيذ؟
يعد تحمل التبعة اثرا مهما من اثار استحالة تنفيذ الالتزام العقدي لسبب أجنبي بوصفه المرحلة النهائية التي تصل
عندها تلك الاستحالة. وتأسيسا على ذلك، فإننا سنعالج في هذا المبحث تحمل تبعة الاستحالة على مستوى القانون
)المطلب الأول) ثم سنبحث عن تحمل التبعة على مستوى الفقه الإسلامي (مطلب الثاني(.
المطلب الأول : تبعة الاستحالة على مستوى القانون
يقضي الفصل 338 من ق ل ع على أنه في حال استحال تنفيذ الالتزام بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، فإن التزام المدين
ينقضي وتبرأ ذمته تبعا لذلك وبالتالي يتعذر على الدائن استيفاء حقه عينا، كما يتعذر عليه الحصول على تعويض،
والمقصود بتحمل التبعة هو تحديد من المسؤول عن هلاك الشيء هل هو الدائن أم المدين. وللحديث عن تبعة الاستحالة
على المستوى القانوني ومن يتحملها، هل الدائن أم المدين لا بد لنا التمييز بين تبعة الاستحالة في العقود غير التبادلية
)الفقرة الأولى) والعقود التبادلية (الفقرة الثانية (
الفقرة الأولى : تبعة الاستحالة في العقود غير التبادلية
إذا كان الالتزام الذي انقضى نشأ عن عقد غير تبادلي أو ملزم لجانب واحد فإن الذي يتحمل تبعة الهلاك ليس هو المتعاقد
الذي استحال تنفيذ التزامه بل المتعاقد الآخر، صاحب الحق الذي يضيع عليه حقه. ففي الوديعة مثلا، إذا استحال رد الشيء المودع لهلاكه بسبب أجنبي لا يد لوديع فيه، برئت ذمة الوديع وتحمل المودع تبعة هذه الاستحالة. ومن هنا كانت القاعدة أن تبعة الاستحالة في العقود غير التبادلية تقع على الدائن.[118]
فإذا انقضى التزام المدين باستحالة تنفيذه برأت ذمته فالعقد هناك يكون ملزم لجانب واحد ويستطيع الدائن المطالبة
بالتنفيذ العيني باعتباره أصبح مستحيلا وبما أن الاستحالة لم تكن بخطأ منه لا يمكن المطالبة حتى بالتعويض. فإذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا انفسخ العقد الملزم لجانبين من تلقاء نفسه، وأما إذا كانت الاستحالة جزئية فانه يجوز للدائن في العقد الملزم بجانب واحد أن يتمسك بالعقد فيما يبقى من الالتزام ممكن التنفيذ.[119]
لذلك يمكننا القول بأنه في العقد الملزم لجانب واحد فان الدائن هو المسؤول الوحيد على تحمل التبعة في العقود.
في العقود الملزمة لجانب واحد يتحمل الدائن وحده تبعة الهلاك، حيث أن الالتزام انقضى دون تنفيذ سواء عينا أو بمقابل
ولا يصبح في هذه الحالة المدين ملتزم بأي شيء فلا يتحمل تبعة الهلاك فيتحملها الدائن وحده. [120]
بتعبير آخر: إذا كان الالتزام ناشئا عن عقد ملزم لجانب واحد، انتهى الأمر بانقضاء هذا الالتزام وانحلال العقد تبعا لذلك. وتحمل الدائن الخسارة الناشئة عن الهلاك. فيقال تبعة الهلاك على الدائن" " Res perit creditori
وقد أورد المشرع المغربي أحد تطبيقات هذه القاعدة في الفصل 808 من ق ل ع المتعلق بهلاك الوديعة نتيجة قوة قاهرة أو حادث فجائي، والذي نص على ما يأتي:
المودع عنده لا يضمن:
  • أولا الهلاك أو التعييب الحاصل بفعل الطبيعة، أو نتيجة عيب في الأشياء المودعة أو بسبب إهمال المودع
  • ثانيا حالات القوة القاهرة أو الحادث الفجائي، ما لم يكن مماطلا في رد الوديعة، أو ما لم تكن القوة القاهرة قد تسببت-
  • بخطإه أو بخطأ الأشخاص الذين يسأل عنهم. ويتحمل عبء إثبات القوة القاهرة أو إثبات عيب الأشياء المودعة، إذا كان يأخذ أجرا عن الوديعة، أو إذا كان قد تسلم الوديعة بحكم مهنته أو وظيفته. [121]
ففي العقود الملزمة لجانب واحد أو ما يسمى بالعقود التبادلية، ومثالها الوديعة غير المأجورة، فإنه إذا استحال تنفيذ الالتزام وهو هنا التزام المودع عنده برد الشيء المودع – لسبب أجنبي، بأن هلك الشيء بقوة قاهرة مثلا، فإن الذي يتحمل تبعة هذه الاستحالة هو الدائن لا المدين، أي الذي يتحمل تبعة الاستحالة في هذا المثال هو المودع لا المودع لديه، فهو الذي يتحمل الخسارة نتيجة استحالة تنفيذ التزام المدين. ومرجع ذلك أن الدائن – وهو هنا المودع – لا يوجد في ذمته التزاما مقابلا لالتزام المدين المودع عنده يتحلل منه في مقابل تحلل المدين – المودع عنده من التزامه، فيتحمل الدائن الخسارة الناشئة عن استحالة التنفيذ العائدة للسبب الأجنبي الذي لا يد للمدين فيه. القاعدة إذن في العقود الملزمة لجانب واحد فإن تبعة هذه الاستحالة يتحملها الدائن بالالتزام الذي استحال تنفيذه. [122]
بالنسبة للعقود غير الناقلة للملكية ) أي المنشئة لمجرد التزامات شخصية. مثلا عقود المقاولة و التطبيب و رسم لوحة
فنية و عرض مسرحية (... يقضي الفصل  – 338فقرة أولى – من ق ل علما يلي  :
إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين وبدون أن يكون المدين في حالة مطل، برئت ذمة هذا الأخير، ولكن لا يكون له الحق في أن يطلب أداء ما كان مستحقا على الطرف الآخر. (وعليه فبالنسبة للعقود السالفة و ما شابهها يتحلل المدين الذي يستحيل عليه تنفيذ كامل التزاماته التعاقدية نتيجة لسبب أجنبي ، كما يفقد في ذات الوقت كل حق في المطالبة بالوفاء بالالتزامات المقابلة التي تقع على عاتق الطرف الآخر. [123]
 
 
الفقرة الثانية: تبعة الاستحالة في العقود التبادلية
في العقود التبادلية أو الملزمة لجانبين يجري التساؤل عن مآل الالتزام الذي يقع على عاتق الطرف الآخر والذي يمكن
الوفاء به. أو بتعبير آخر من يتحمل نتيجة الاستحالة في العقود التبادلية، هل يتحملها الدائن أم المدين؟ فمثلا في عقد
البيع هل يتحملها البائع الذي يعتبر مدينا أم المشتري باعتباره دائنا؟
إذا كان الالتزام الذي انقضى قد نشأ عن عقد تبادلي، فإن انقضاء هذا الالتزام يفضي إلى انقضاء الالتزام المقابل له
المترتب في ذمة المتعاقد الآخر. ومن ثم فتبعة الاستحالة في العقد التبادلي تقع على المدين بالالتزام الذي استحال
تنفيذه:
ذلك أن المدين يهلك حينئذ محل التزامه دون أن يستطيع مطالبة الطرف الآخر بشيء، فيكون هو الذي تحمل الخسارة.
ففي البيع مثلا، إذا هلك المبيع قبل نقل ملكيته وتسليمها نتيجة قوة قاهرة، انقضى التزام البائع، وانقضاء التزام
البائع، وانقضاء التزام البائع يفضي إلى انقضاء التزام المشتري بتأدية الثمن، بحيث يتحمل تبعة هلاك المبيع، البائع الذي هو المدين بالالتزام الذي أضحى تنفيذه مستحيلا. من هنا كانت القاعدة أن تبعة الاستحالة في العقود التبادلية تقع على المدين[124].
وفي هذا تنص الفقرة الأولى من الفصل 338 من ق ل ع على أنه:
((إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعا إلى سبب خارج عن إرادة المتعاقدين و بدون أن يكون المدين في حالة مطل، برئت ذمة هذا الأخير، و لكن لا يكون له الحق في أن يطلب أداء ما كان مستحقا على الطرف الآخر(( ...  وإذا كانت استحالة التنفيذ تعود إلى فعل الدائن أو إلى سبب ينسب إليه، فإنه يثبت المدين الحق في أن يطلب تنفيذ الالتزام بالنسبة إلى ما هو مستحق له شريطة أن يرد للطرف الآخر ما وفره بسبب عدم تنفيذ التزامه، أو ما استفاد من الشيء محل الالتزام. فلو أن الشيء المبيع هلك بخطأ المشتري، فإن للبائع أن يلزم المشتري بالوفاء بالثمن شريطة أن يدفع المشتري النفقات التي كان سيدفعها لولا خطأ المشتري كنفقة نقل الشيء المبيع وتسليمه إذا كانت ملزمة بموجب عقد البيع، كما يلتزم بأن يرد للمشتري الفائدة التي يجنيها من الشيء التالف فيما إذا تصرف فيما تخلف عن الشيء محل عقد البيع. وهكذا لو كان عقد البيع تناول سفينة وهلكت السفينة بخطأ المشتري، يبقى للبائع أن يلزم المشتري بالثمن أي ثمن السفينة بعد استنزال المصروفات التي كان سيتحملها لو أنه نفذ التزامها بتسليم السفينة، كان ويلزم بأن يرد إليه ما يجنيه إذا باع حطام السفينة الهالكة. [125]
وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من الفصل 388 من ق ل ع المغربي، فلو أن المشتري، في مثالنا أعلاه سبق له أن دفع
 كل الثمن أو جزءا منه إلى البائع، كان له، وقد تحلل هذا الأخير من التزامها لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي، أن يطالب
باسترداد ما كان أداه البائع.
غير أن استحالة تنفيذ التزام أحد الطرفين المتعاقدين في العقد التبادلي، إذا كانت راجعة إلى فعل الطرف الآخر أو إلى أي
سبب يعزى إليه، بقي للطرف الذي استحال تنفيذ التزامه الحق في أن يطلب تنفيذ الالتزام المقابل المستحق له، شرط أن
يرد للطرف الآخر ما وفره بسبب عدم تنفيذ التزامه، أو ما استفاد ه من الشيء محل هذا الالتزام.[126]
و يلاحظ أن القانون المدني المصري قد أورد حكما مماثلا يلتزم فيه تلك القاعدة، إذ جاء بنص المادة 159 ما يلي :
"
 في العقود الملزمة الجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له ، و ينفسخ العقد من تلقاء نفسه ، و يترتب على ذلك أن المدين في العقد الملزم للجانبين إذا انقضى التزامها لاستحالة تنفيذه بسبب أجنبي يتحمل مع ذلك تبعة استحالة التنفيذ لا يتحملها الدائن. [127]
" بالنسبة 1582 خلال عقود الناقلة للملكية فتقع تبعات هلاك محل التعاقد على عاتق المالك " Res perit
ففي "dominou "  البيع مثلا الأصل أنه يحدث انتقال الملكية بصورة فورية من وقت تراضي العاقدين.
ويترتب على ذلك أنه إذا استحال على البائع لسبب أجنبي تسليم المبيع لا يتحرر المشتري الذي لم يرد الثمن من التزامها هذا، لأن التبعات تقع على عاتقه ما دام أصبح مالكا من وقت حصول التراضي على البيع والشراء. لكن إذا حصل السبب الأجنبي قبل انتقال الملكية تظل التبعات على عاتق البائع الذي لا يجوز له مطالبة المشتري بالوفاء بالثمن.
و قد أجمل المشرع المغربي هذا الحكم ضمن الفصل 493 من ق ل ع الذي جاء فيه) : بمجرد تمام العقد ... يتحمل المشتري تبعة هلاك المبيع ، و لو قبل حصول التسليم...(
غير أن المشرع أدخل جملة من الاستثناءات على قاعدة انتقال ملكية المبيع وتبعات هلاكه إلى المشتري بمجرد التعاقد،
منها على الخصوص:
  • بيع العقار أو الحقوق العقارية:
يتعين لصحة هذا البيع أن يتم العقد كتابة في محرر ثابت التاريخ. جاء بهذا الخصوص ضمن الفصل 489من ق ل ع:
)
إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر
ثابت التاريخ. ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون(
فضلا عن ذلك لا يكون البيع الوارد على عقار محفظ ناقلا للملكية – بين العاقدين أو في مواجهة الغير إلا من وقت تقييده
– - في الرسم العقاري . وينبني على ذلك وقوع تبعة هلاك العقار المبيع بقوة قاهرة أو بحادث فجائي قبل تقييد البيع على كاهل البائع لأنه يعتبر مازال هو المالك، حيث يستتبع هذا براءة ذمة المشتري من الثمن إذا لم يف به بعد، وحقه في استرجاعه من البائع إذا سبق له الوفاء به. فإذا حصل الهلاك بعد التقييد تحمل المشتري نتيجة ذلك لأن الملكية آلت إليه قبل حصول الهلاك، لذلك يلتزم بدفع الثمن للبائع إذا لم يؤديه بعد.
  • بيع المنقول المعين بنوعه:
الاشياء المثلية المعينة بنوعها هي كما أسلفنا أشياء يميز النوع عن غيره من الأنواع ولا يميز الفرد منها عن غيره من الأفراد، أو هي التي تتشابه أحادها ويقوم بعضها مقام البعض الآخر في الوفاء. وهي تعين عادة بالنوع وبالمقادير وزنا او كيلا أو عددا أو قياسا. وعليه إذا كان المبيع شيئا منقولا مثليا لم تحدد ذاتيه بعد فإن المبيع يقع على محل قابل للتجديد لا تنتقل ملكيته، وبالتالي تبعاته إلى المشتري إلا بعد إفرازه وتمييزه عن غيره. و هذا ما أكد عليه الفصل 494 من ق ل ع بقوله) : إذا وقع البيع بالقياس أو الكيل أو العد ... فإن البائع يبقى متحملا بتبعة هلاك المبيع ، مادام لم يجر قياسه أو كيله أو عده[128] ...(.
المطلب الثاني: تحمل تبعة الاستحالة في الفقه الإسلامي
أما الفقه الإسلامي، فشأنه شأن القوانين المقارنة، فيما يتعلق بمعالجة موضوع تحمل تبعة الهلاك، لا سيما هلاك المبيع،
إذ لم يتفق الفقهاء على من يتحمل تبعة الهلاك في حالة ما إذا كان الهلاك بقوة قاهرة وكان المبيع لا يزال في يد البائع،
فيحمل بعضهم البائع تبعة الهلاك، ويحمل بعضهم الآخر المشتري تبعة الهلاك.
السؤال الذي يمكن طرحه بخصوص تحمل تبعة الاستحالة في الفقه الإسلامي، من يتحمل تبعة الهلاك عند انفساخ العقد؟ وهل يفرق الفقه الإسلامي بين تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين وبين تحملها في العقد الملزم لجانب واحد؟ وقبل
الإجابة على هذا التساؤل نلاحظ أن الفقه الإسلامي يقر بفكرة تحمل تبعة الشيء على مالك هذا الشيء، وإنه هو وحده
الذي يتحمل تبعة هذا الهلاك الذي أصاب ملكه عندما يكون الهلاك حدث بسبب أجنبي كآفة سماوية أو جائحة، كما لو كان
ثمر فأتلفته الأمطار الغزيرة أو الرياح الشديدة أو السموم – وهو الحر الشديد – أو كان يمتلك دارا فانهدمت أو
سيارة فاحترقت، فإن لم يتسبب أحد في هذا الهلاك بل حدث نتيجة قوة قاهرة، فإنه يهلك على مالكه، ولا يحق لهذا المالك أن يلقى بالتبعة على غيره من الناس، طالما أنه وقت حدوث سبب الهلاك كان جامعا بين صفتي المالك والحائز.
أما بالنسبة لتحمل التبعة في العقود، فإننا نستطيع القول في هذا الصدد بأن الفقه الإسلامي لم يأخذ بمبدأ التفرقة بين كون
الهلاك واقعا على محل عقد ملزم للجانبين أو محل عقد ملزم لجانب واحد وإنما حدد من يتحمل تبعة هلاك المعقود عليه
في سائر أنواع العقود وفقا لقاعدة أخرى وهي كون يد العاقد على المعقود عليه أثناء الهلاك هل هي يد أمانة ) الفقرة
الأولى أو يد ضمان؟ ) الفقرة الثانية(
الفقرة الأولى: تحمل التبعة في يد الأمانة
اختلف فقهاء المسلمين في تعريفهم ليد الأمانة لاختلافهم في بعض أحكامها، فذهب الحنابلة والشافعية إلى
أنها " ما كانت عن ولاية شرعية، ولم يكن الوضع لمصلحة صاحب اليد وذكرها بعض المالكية أنها " اليد
المسيطرة على مال الآخرين بإذن من مالكها أو الشارع على وجه الائتمان " وذكرها بعض الحنفية أنها "  تلك التي لا تستوجب ضمان القابض لما تحت يده " [129] أطلق الفقهاء في هذا الصدد قاعدة مؤداها : أن من كانت يده على المعقود عليه أثناء هلاكه يد أمانه فلا يضمن هلاك محل العقد إلا إذا حدث منه تقصير أو تعد أو تفريط  . [130]
ذهب فقهاء المسلمين إلى أن صاحب يد الأمانة أمين، والأمين لا ضمان عليه إن تلف المال تحت يده دون تعد منه
أو تقصير، فالأمانة غير مضمونة على الامين فاذا هلكت أو ضاعت دون صنع الامين وتقصير تبرأ ذمته ولا
يلزمه الضمان، فالوديع لا يضمن هلاك الوديعة إذا لم يكن الهلاك بتعد أو بتقصير منه لقوله صلى الله عليه وسلم :
"
لا ضمان على مؤتمن " وكذلك الحال بالنسبة للمستأجر الذي لا يضمن هلاك المأجور إلا إذا كان الهلاك بتقصير
أو تعد منه ومما تقدم يتبين، أن الأمين وإن كان ملزما بالحفظ والرد إلا انه غير ضامن لهلاك الأمانة قبل
ردها، ما دام قد قام بحفظها على وفق المعيار المطلوب منه، ولم يكن متعديا فتبرأ ذمته منها، ولكنه متى ما أخل بالتزامه بالحفظ أو تعدى عليها كان ضامنا للهلاك. ولقد قيل فيما يغير حالة العارية من أمانة إلى ضمان " هو التعدي وترك الحفظ والإتلاف حقيقة أو معنى، كالامتناع عن الرد عن طلب الرد أو بعد انقضاء المدة، لأن رد العارية واجب في كلتا الحالتين[131].
وقد أخذ المشرع العراقي بالأحكام المتقدمة للفقه الإسلامي، إذ نصت المادة   426من القانون المدني العراقي على
أنه ) إذا انتقل الشيء إلى يد غير صاحبه بعقد أو بغير عقد وهلك دون تعد أو تقصير ... وان كانت يد أمانة هلك الشيء على صاحبه(.
كذلك نصت المادة   950على ما يلي :
(والأمانة غير مضمونة على الأمين بالهلاك سواء كان بسبب يمكن التحرز منه أم لا، وانما يضمنها إذا هلكت بصنعه أو بتعد أو تقصير منه .(  فيد الأمانة إذا على وفق هذا النص لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير . والجدير بالذكر، أن يد الضمان قد تنقلب في بعض الحالات إلى يد أمانة، وعندها تأخذ حكم يد الأمانة المتقدمة، ومن هذه الحالات تحول يد المالك القديم ) البائع (  قبل التسليم من يد ضمان إلى يد أمانة إذا امتنع واجب التسليم لقيام سبب للحبس، فتنص المادة 428 من القانون المدني العراقي.
" إذا انتقلت ملكية الشيء بعقد كانت يد المالك القديم قبل التسليم يد ضمان وتنقلب يد أمانة إذا امتنع واجب التسليم لقيام سبب الحبس"
وحالة هلاك المبيع في يد البائع إذا حدث الهلاك بعد أعذار المشتري لتسلم المبيع، فان الهلاك يكون على المشتري وليس على البائع، لان يد الأخير قد تحولت إلى يد أمانة . [132]
مما تقدم يتبين، أن هلاك الأمانة أو فقدها دون تعد أو تقصير من الأمين يترتب عليه براءة ذمته منها.
الفقرة الثانية : تحمل التبعة في يد الضمان
لقد اختلف الفقهاء المسلمين أيضا في تعريفهم ليد الضمان تبعا لاختلافهم في تعريف يد الأمانة، فقد ذكر بعض
الحنفية يد الضمان بأنها " ما استوجبت ضمان صاحب اليد لما تحت يده " وعرفها الحنابلة والشافعية بأنها
"ما وضعت على الشيء بدون إذن صاحبه أو ولاية شرعية ولم تكن لمنفعته".
''كما عرفها المالكية بأنها اليد التي توضع على المال عينا أو منفعة بغير ولاية مع القصد إليه. "
بهذا المفهوم يميز المالكية بين اليد الضامنة للذات فقط، واليد الضامنة للمنفعة دون الذات، كما لو قصد المستولي على ملك الغير بنية الانتفاع به دون قصد تملكه، وان وضع يده على المال كان لمجرد التمكن من الانتفاع. فمن كانت يده على المعقود عليه وقت الهلاك يد ضمان، فإنه هو الذي يتحمل تبعة الهلاك ولو لم يحدث منه تعد أو تفريط [133]  .
أما بالنسبة لتحمل تبعة الهلاك في عقد البيع في الفقه الإسلامي، فيمكننا أن نقسم الهلاك الكلي للمبيع قبل القبض إلى
الحالات التالية:
الحالة الأولى: هلاك المبيع بآفة سماوية
ذهب إجماع الفقهاء على أن الهلاك في مثل هذه الحالة يترتب عليه انفساخ البيع، ويتحمل البائع ضمان هذا الهلاك.
الحالة الثانية: هلاك المبيع كله بفعل المشتري
لا خلاف في هذه الحالة بين الفقهاء على أن تبعة الهلاك تكون على المشتري، وذلك لوقوع الاتلاف منه،
ويترتب على ذلك أن البيع لا ينفسخ، ويعد اهلاك المشتري للمبيع قبضا له، ويقع عليه بالتالي الثمن المسمى للبائع
أن لم يكن للبائع خيار الشرط أو لم يكن العقد فاسدا. فإن كان البيع كذلك بطل البيع ولزم المشتري قيمة البيع يوم
اهلاكه أن كان قيميا، ومثله أن كان مثليا.
الحالة الثالثة: هلاك المبيع كله بسبب أجنبي
اتفق الفقهاء على وجوب الضمان على الجاني لما أتلفه، لأنه أهلك مالا مملوكا لغيره، فيلزمه أن يغرم مثل ما اتلف أن
كان مثليا وقيمته أن كان قيميا، واختلفوا بعد ذلك في أثر هذا الهلاك على البيع.
الحالة الرابعة: هلاك المبيع كله بفعل البائع
اختلف الفقهاء على ثلاثة آراء في هذه الحالة:
الرأي الأول: يرى أصحاب هذا الرأي أن العقد لا ينفسخ بل يبقى دائما، كما انه لا يثبت للعاقد الخيار في فسخه
بسبب الهلاك، ويرتب اصحاب هذا الرأي على انه طالما كان العقد قائما فانه يلزم العاقدين الوفاء بمقتضاه، فيجب على المشتري دفع الثمن كاملا للبائع كما يجب على البائع دفع بدل ما أتلفه المشتري والى هذا ذهب المالكية
الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي أن المشتري بالخيار أن شاء أمضي العقد، وان شاء فسخه، والى هذا ذهب
الحنابلة إذا ما وقعت الجناية على المبيع وهو في ضمان البائع سواء هلك كله أو بعضه، والى هذا الرأي ذهب
الحنفية ايضا، إذ يرون أن المشتري إذا اختار امضاء العقد لزمه الباقي من الثمن، وذلك لانفساخ العقد في القدر
التالف، ويستند اصحاب هذا الرأي فيما ذهبوا اليه من ثبوت الخيار للمشتري بقياس هذا الهلاك على الهلاك في
حالة إتلاف الاجنبي.
الرأي الثالث :  يرى أصحاب هذا الرأي أن العقد ينفسخ ويسقط الثمن عن المشتري، فلا يطلب به إذا كان لم يدفعه
ويسترده أن كان قد دفعه والى هذا ذهب الشافعية في الرأي الراجح عندهم والى هذا ايضا ذهب الحنفية.
ويستند اصحاب هذا الرأي فيما ذهبوا اليه من انفساخ العقد وسقوط الثمن من المشتري، من أن المبيع في يد
البائع يكون مضمونا عليه بالثمن، لأنه لو تلف في يده بآفة سماوية سقط الثمن عن المشتري، واذا كان
المبيع مضمونا بالثمن، فلا يكون مضمونا بضمان اخر، لان المبيع محله واحد، ولا يقبل ضمانين مختلفين في
وقت واحد، لهذا فانه لا يمكن الرجوع على البائع بالقيمة، لان المبيع مضمون عليه بالثمن، وبالتالي لا يجوز أن
يكون مضمونا عليه القيمة، بخلاف الهلاك بفعل الاجنبي فان المبيع غير مضمون عليه بالثمن، فجاز لذلك أن
يضمنه بالقيمة . [134]
فيما يخص تحمل هلاك زوائد المبيع في الفقه الإسلامي، فقد ذهب الشافعية والحنابلة والأمامية إلى أن زوائد المبيع
مثل الولد والثمرة واللبن والكسب وغيرها تكون للمشتري قبل القبض وبعده، لأنها من ملكه ويكون عليه ضمانها قبل
القبض وبعده، فلو هلكت في يد البائع قبل أن يقبضها المشتري، يكون هلاكها على المشتري، إلا إذا كان ذلك بتفريط
البائع، فيكون ضمانها منه، لأنها قبل القبض تعتبر في يده أمانة. أما الحنفية فذهبوا إلى أن الاصل في زوائد
المبيع أن تكون مبيعة تبعا مع المبيع ، سواء أكانت متصلة أم منفصلة، وسواء أكانت ايضا متولدة من الاصل أو غير متولدة منه الا الهبة والصدقة والكسب وعلى هذا الاساس: إن هلكت زوائد المبيع قبل القبض بآفة سماوية ،فلا يضمنها البائع ولا يسقط شيء من الثمن عن- المشتري، لأنها مبيعة تبعا، وان هلكت زوائد المبيع بفعل المشتري ضمنها، ولا يسقط عنه شيء من الثمن لأنه صار قابضا لها بالإتلاف، اما وان هلكت زوائد المبيع بفعل البائع ضمنها وتسقط حصتها من الثمن عن المشتري، كما لو اتلف جزء المبيع، وقد اختلف في حق المشتري في الخيار، فذهب الامام ابو حنيفة إلى انه
ليس للمشتري الخيار، بينما ذهب الصاحبان إلى أن للمشتري الخيار.
وإن هلكت زوائد المبيع بفعل اجنبي، فإن ضمانها يكون على الاجنبي ويكون المشتري بالخيار أن شاء اختار الفسخ، ويرجع البائع على الجاني بضمان جنايته، و ان شاء اختار إمضاء البيع والرجوع على الاجنبي بالضمان، وعليه أداء جميع الثمن للبائع، كما لو أتلف الاصل. وان هلكت زوائد المبيع بعد القبض فيكون ضمانها على المشتري.[135]
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                                         خـــــــــــاتمة
من خلال دراستنا لهذا الموضوع نخلص لما يلي:
أن الاستحالة المؤدية للانفساخ هي التي تقع بعد انعقاد العقد صحيحا لا قبله ولا أثناءه، وهذه الاستحالة قد تكوف
استحالة مادية / طبيعية أو قانونية وقد تكون استحالة كلية أو جزئية. الاستحالة المؤدية للانفساخ هي التي تكوف راجعة لسبب أجنبي، لا يد للمتعاقد فيها، بحيث لا يمكن توقعها ولا دفعها، وتتمثل صور السبب الأجنبي في القوة القاهرة، الحادث الفجائي، خطأ الغير. الانفساخ المترتب على استحالة التنفيذ ينتج عنه زوال العقد أو انقضاؤه بأثر رجعي وكذلك زوال المراكز القانونية مما يؤدي إلى براءة ذمة عقد المدين، ومن تم انتفاء المسؤولية عنه. من أهم آثار الانفساخ المؤدية إلى استحالة التنفيذ مسألة تحمل تبعية الهلاك، ففي النظام القانوني يتحمل المدين تبعية الهلاك إذا كان العقد من العقود الملزمة للجانبين بينما يتحمل الدائن تبعية الهلاك إذا كان العقد ملزم لجانب وحدا. إذن استحالة التنفيذ التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام تمس بالمراكز القانونية التي يكون العقد قد أنشأها، ولا يمكن المحافظة عليها إلا بموجب نص قانوني أو اتفاق. إلا أن أثر استحالة التنفيذ على الالتزام لا يمحو المراكز القانونية التي أنشأها العقد بصفة عاجلة و بمجرد حصول الاستحالة، بل تبقى الآثار الأولية ) المراكز القانونية ( قائمة، و نقصد بها مركزي الدائن و المدين، فهما مركزان قانونيان معترف بهما لا يمكن التغاضي عنهما ذلك لأن العقد نشأ صحيحا و العقد الصحيح له آثار، بينما العقد الباطل لا ينشئ هذه المراكز القانونية. فالمشرع المغربي إلى جانب التشريعات المقارنة أخذت بنظام استحالة التنفيذ كرخصة للمدين من أجل حمايته من التعسف باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية ، و كذا حماية الأجير في عقد الشغل باعتباره الطرف الضعيف في حال استحال عليه تنفيذ التزامه الناتج عن ظروف خارجة عن إرادته كالقوة القاهرة، إلى جانب تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة يبن الأطراف المتعاقدة، و خلق نوع من الموازنة بين مصلحة الدائن و المدين، والهدف من ذلك التشجيع على التعاقد دون خوف من هضم الحقوق التي قد يرتبها العقد ، فيحافظ على مصلحة الدائن من جهة بإلزامه للمدين أن يثبت توفر استحالة التنفيذ على كافة شروطها، فلا يحق له الاحتجاج بوضعيات تشبه الاستحالة، ومن جهة أخرى يحافظ على مصلحة المدين بمنحه هذه الرخصة حماية له من إمكانية تحميله أكثر مما يقدر على تنفيذه. كما نجد المشرع المغربي لم يتبنى نظرية الظروف الطارئ،  التي تتيح للقضاء تعديل شروط الالتزامات و تحقيق التوازن و العدالة الاقتصادية للعقود و لا زالت سلطة القاضي في التعديل تقتصر على منح آجال إضافية للتنفيذ في إطار نظرة الميسرة أو تتمثل في مراجعة الشروط الجزائية ، و اعتبار الاستحالة المطلقة وحدها الموجبة للفسخ و المعفية من التنفيذ و التعويض ، مما يطرح لنا مجموعة من الإشكالات منها : أن تنفيذ بعض العقود إثر زوال الظروف الطارئة , قد يحمل المدين خسائر مادية كبيرة أو من الممكن أن تهدده بالإفلاس أو تجعل منه مديونا بشكل لا يطاق. لذلك في نظرنا أصبح من الضروري على المشرع المغربي السير في مسار التشريعات المقارنة وسن مقتضيات قانونية تتبنى نظرية الظروف الطارئة، التي تحل بشكل سلس المشاكل المترتبة عن اختلال التوازنات العقدية وعسر التنفيذ والتي تمنح للقضاء سلطات واسعة لتعديل العقود بالتعليق والنقصان والزيادة، مما يضمن تحقيق عدالة اقتصادية ومالية للفاعلين الاقتصاديين ولمختلف الشرائح المجتمعية، وسيحسن من مناخ الاعمال ويزيد من درجة النجاعة القضائية ويعزز دور القضاء في حماية وتشجيع الاستثمار.
 
                                     لائحة المراجع


الكتب و المؤلفات:

 
  • د مأمون الكزبري / نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي /  الجزء الثاني : أوصاف الالتزام و- انتقاله و انقضاؤه
  • د عبد السلام أحمد فيغو ) نظرية الالتزام في القانون المغربي ( ، دراسة مقارنة الجزء الرابع ، أحكام الالتزام الطبعة- الأولى2022
  • د عبد الحق صافي : أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية / القانون المدني الجزء الأول :  المصدر الإرادي- للالتزامات، الكتاب الثاني أثار العقد
  • السنهوري / الوسيط في شرح القانون المدني / نظرية الالتزام بوجه عام / الجزء الثالث، دار النهضة العربية القاهرة1958-
  • د عبد الكريم شهبون ) أستاذ جامعي سابق ( محامي بهيئة المحامين بتطوان ، الطبعة الثانية في الكتاب الأول
  • - بوجه عام ( مكتبة الرشاد سطات للنشر و التوزيع .
  • المحامي د عبد القادر الفار ، رئيس قسم القانون الخاص / كلية الدراسات القانونية العليا جامعة عمان العربية للدراسات  لعليا سابقا.
  • د عبد الرحمان الشرقاوي / القانون المدني، دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام / الكتاب الثاني : أحكام الالتزام ، الطبعة-الأولى2016
  • د جلال إبراهيم ، د فاطمة الرزاق : الوسيط في شرح قانون العمل و التأمينات الاجتماعية 2001
  • د همام محمد محمود:  قانون العمل – عقد العمل الفردي – دار المعرفة الجامعية – الإسكندرية 1987
  • د محمد حسين منصور :   قانون العمل – دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية2007
  • أحمد محمود محرز:   اندماج الشركات – دار النهضة العربية – بدون سنة نشر
  • أحمد حسن البرعي، د رامي أحمد البرعي : الوسيط في التشريعات الاجتماعية – الجزء الثاني – شرح عقد العمل الفردي وفقا لأحكام القانون 12سنة 2003دار النهضة العربية القاهرة2009
  • د عبد العزيز المرسي :   شرح قانون العمل المصري2001
  • د محمود سلامة جبر  :   الإنهاء التعسفي لعقد العمل الطبعة الأولى2004
  • د محمد علي عمران :  الوسيط في شرح قانون العمل2005
  • د عثمان عبد الحميد الحنفي: أثر تغيير صاحب العمل على عقود العمل في القانونين الفرنسي والمصري –مطبوعات جامعة الكويت-1997
  • د المختار بن احمد عطار / الوسيط في القانون المدني، الطبعة الأولى 1424 2003
  • د محمد حسن قاسم / المجلد الثاني:  أثار العقد – جزاء الإخلال بالعقد
 
 
الرسائل و الأطروحات:
  • بن ددوش نضرة/ أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في القانون-  الخاصالسنة الجامعية 2010/2011 جامعة وهرانالجزائر، كلية الحقوق  العلوم السياسية
  •  حامد شاكر محمود الطائي/ رسالة مقدمة إلى مجلس كلية القانونجامعة بابل كجزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في القانون الخاص، بعنوان «  استحالة التنفيذ و أثرها على الالتزام العقدي » دراسة مقارنة، كلية الحقول
  •  ميلودي إكرام : مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات نيل شهادة الماستر في العلوم الإسلامية تخصص : شريعة وقانون بعنوان : «  انقضاء الالتزام دون الوفاء به بين الشريعة الإسلامية و القانون الجزائري / السنة الجامعية 2020-2021
  •   سعود ستار إبراهيم : رسالة ماجستير في كلية الحقوق جامعة-  تكريت بعنوان : الاثار المترتبة على استحالة تنفيذ الالتزام في نطاق عقود العملدراسة مقارنة ، في القانون الخاص / الأحد 16 أكتوبر 2020
  • وليد براهيم و وجدي معلي، بحث حول إنهاء العلاقة الشغلية،  تحت إشراف الأستاذ :روضة البقلوطي / السنة الجامعية: 2021-2022 – المعهد العالي للدراسات التكنولوجيا بصفاقس.
  • نورة بن عبد الله: مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق فرع القانون الخاص، بعنوان: انقضاء الالتزام لاستحالة التنفيذ/ جامعة الجزائر-بن يوسف بن خدة – كلية الحقوق – بن عنكون / السنة الجامعية: 2013م
المقالات و المجلات:
  • جلال مجاهدي، مستشار قانوني / " القوة القاهرة والاستحالة الفعلية"  8يوليوز . 2020مقال منشور على موقع
  • المغرب الآن ( ، رابط المقال غير متوفر .
  • عبد الكريم عبد السلام حماة الحق – محامي الأردن  28سبتمبر 2021  .
  • المحامي الدكتور أحمد حمصي مدرس قانون الشركات : شرط القوة القاهرة في العقود الدولية.
  • محمد نيب / مستشار القانون الدولي القانون المدني المصري، المقالات القانونية  1 مايو  2023 محامي مصر
  • حامي حياة أستاذة محاضرة ب كلية الحقوق، جامعة الجزائر 1- تنفيذ الالتزام المؤقتة المجلة الجزائرية للعلوم
القانونية والاقتصادية والسياسية.
  • الدكتور رجب عبد الظاهر علي ، مدرس التشريعات الاجتماعية كلية الحقوق – جامعة بني سويف / مجلة الدراسات- القانونية و الاقتصادية ، أثر استحالة التنفيذ على عقود العمل ، دراسة مقارنة بين القانونين المصري و الفرنسي
  • أشرف زهران، صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب- النقيب ، 27 نوفمبر 2022م .
  • TAREK H HAMED مفهوم الاستحالة كنتيجة للقوة القاهرة – ملاحظات متعلقة بعقود المقاولات. تاريخ النشر: 20  يونيو 2020 .
 
 
القرارات القضائية:
 
  • قرار محكمة الاستئناف بتازة رقم ، 146الصادر بتاريخ 28اكتوبر ، 2019في الملف رقم85 / 1402 / 2019
  • قرار محكمة النقض عدد 439الصادر بتاريخ - 04أبريل 2019في الملف الإداري عدد 3168 / 4 / 1 / 2017
  • قرار محكمة النقض رقم 253 / 2الصادر بتاريخ - 22فبراير 2023في الملف الاجتماعي رقم 10 / 5 / 2 / 2020
  • قرار محكمة النقض، رقم 315الصادر بتاريخ - 06أبريل 2022في الملف الاجتماعي رقم 2995 / 5 / 2 / 2019
  • قرار محكمة النقض عدد27الصادر بتاريخ 08يناير2015في الملف الاجتماعي عدد 967 / 5 / 1 / 2014
  • قرار محكمة النقض رقم351الصادر بتاريخ 15مارس2022في الملف الاجتماعي رقم   1036 / 5 / 1/ 2020
  • قرار محكمة النقض عدد91الصادر بتاريخ 18فبراير2021في الملف التجاري عدد 766 / 3 / 1 / 2020
  • قرار محكمة النقض رقم191الصادر بتاريخ 29مارس 2022 في الملف المدني رقم8273 / 1 / 7 / 2021
  • قرار محكمة النقض عدد 608الصادر بتاريخ - 18أكتوبر 2017 في الملف التجاري عدد378 / 3 / 3 / 2016
     
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                                      الــــفهرس

المقدمة05................................................................................................................
الفصل الاول : الطبيعة القانونية لاستحالة التنفيذ08.............................................................
المبحث الأول : ماهية استحالة التنفيذ08...........................................................................
المطلب الاول : تعريف استحالة التنفيذ08.........................................................................
الفقرة الأولى : مفهوم استحالة التنفيذ08...........................................................................
أولا : تحديد معنى استحالة التنفيذ09.........................................................................................
ثانيا : شروط استحالة التنفيذ09.......................................................................................
الفقرة الثانية : أنواع استحالة التنفيذ11..............................................................................
أولا : الاستحالة المادية أو الطبيعية11 ...........................................................................
ثانيا : الاستحالة القانونية12.............................................................................................
المطلب الثاني : أقسام استحالة التنفيذ13.........................................................................
الفقرة الأولى : الاستحالة الكلية13....................................................................................
الفقرة الثانية : الاستحالة الجزئية13......................................................................................
المبحث الثاني : تطبيقات نظرية لاستحالة التنفيذ14....................................................................
المطلب الأول : على مستوى القوانين المقارنة و ظهير الالتزامات والعقود14....................................
الفقرة الأولى : على مستوى القوانين المقارنة14.......................................................................
الفقرة الثانية : على مستوى ظهير الالتزامات و العقود23.............................................................
المطلب الثاني : تطبيقات نظرية لاستحالة التنفيذ على مستوى عقود الشغل25....................................
الفقرة الأولى : أسباب استحالة تنفيذ عقد الشغل من طرف الأجير26.................................................
الفقرة الثانية : أسباب استحالة تنفيذ عقد الشغل من طرف المشغل29................................................
الفصل الثاني : الآثار المترتبة عن استحالة تنفيذ الالتزام34....................................................................
المبحث الأول : انقضاء الالتزام العقدي و انفساخ العقد34..............................................................
المطلب الاول : انقضاء الالتزام العقدي و انتقال حقوق و دعاوى المدين إلى الدائن34..............................................
الفقرة الأولى : انقضاء الالتزام العقدي34..................................................................................
الفقرة الثانية : حقوق و دعاوى المدين إلى الدائن35.......................................................................................
المطلب الثاني : انفساخ العقد وأثاره36.....................................................................................
الفقرة الأولى : انفساخ العقد 36.....................................................................................................
الفقرة الثانية : أثار الانفساخ38..............................................................................................
المبحث الثاني : تحمل تبعة الاستحالة 40..........................................................................................
المطلب الاول : تحمل تبعة الاستحالة على مستوى القانون40...........................................................
الفقرة الاولى : تبعة الاستحالة في العقود غير التبادلية40................................................................
الفقرة الثانية : تبعة الاستحالة في العقود التبادلية42......................................................................
المطلب الثاني : تحمل تبعة الاستحالة على مستوى الفقه الاسلامي44..................................................
الفقرة الأولى : تحمل التبعة في يد الأمانة44.................................................................................
الفقرة الثانية : تحمل التبعة في يد الضمان45...............................................................................
خـــاتمة48.................................................................................................................
لأائحة المراجع 49..................................................................................................................
الفهرس52.................................................................................................................
المرفقات53....................................................................................................................................... 
 
المرفقات








 
[1] السنهوري / الوسيط الجزء الثالث ص. 982
[2] فند شايد مجلد 2جزء 1ص 66و . 90أشار إليه د . عبد الحي حجازي في بحثه نظرية الاستحالة، ص. 173
[3] عبد الحي حجازي / نظرية الاستحالة، م س ص. 188
[4] الفصل 335 من ق ل ع المغربي الصاد بظهير 9 رمضان /133 12غشت1913
[5] المادة 215 من القانون المدني المصري
[6] المادة + 114من القانون المدني الفرنسي
[7] الفصل  335من ق ل ع المغربي م س
[8] د مامون الكزبري الجزء الثاني في نظرية الالتزامات ص- 502 - 503
[9] د . عبد الكريم شهبون ) أستاذ جامعي سابق ( محامي بهيئة المحامين بتطوان الطبعة الثانية في الكتاب الأول
[10] أحكام الالتزام / آثار الحق في القانون المدني للمحامي الدكتور عبد القادر الفار، رئيس قسم القانون الخاص كلية الدراسات القانونية العليا جامعة عمان العربية للدراسات العليا سابقا / مراجعة وتدقيق وتنقيح المادة العلمية الدكتوربشار عدنان ملكاوي أستاذ القانون المدني المساعد كلية الحقوق الجامعة الأردنية– .
[11] مامون الكزبري ج 2م س ص503 – 504
[12] جلال مجاهدي ، مستشار قانوني / مقال بعنوان " : القوة القاهرة والاستحالة الفعلية " / 8يوليوز . 2020منشور على موقع ) المغرب الآن ( ، رابط المقال غير متوفر
[13] د . عبد الحق صافي، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية / القانون المدني ج : 1المصدر الإرادي للالتزامات، الكتاب الثاني أثار العقد ص329
[14] د عبد الحق صافي م س ص329 – 330
[15] مامون الكزبري م س ص507
[16] أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في القانون الخاص للطالبة بن ددوش نضرة، السنة الجامعية 2010 / 2011 جامعة وهران الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية ص. 82
[17] د عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام ج – – – 3دار النهضة العربية القاهرة 1958الفصل 587ص ). 968نقلا عن الطالبة بن ددوش نضرة(
[18] د . عبد الرزاق السنهوري م س نفس ص ونفس الفقرة
[19] رسالة مقدمة إلى مجلس كلية القانون جامعة بابل كجزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في القانون الخاص من قبل الطالب : حامد شاكر محمود الطائي ، بعنوان " إستحالة التنفيذ و أثرها على الالتزام العقدي " دراسة مقارنة، كلية القانون رقم الصفحة غير متوفر
[20] أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في القانون الخاص للطالبة بن ددوش نضرة م س ص83
[21] السنهوري / الوسيط ج 3دار إحياء الثراث العربي 1958ف 587ص985
[22] رزوقي الطيب / دفع المسؤولية العقدية بالقوة القاهرة : دراسة مقارنة بين القانون الجزائري والمصري والفرنسي بحث لنيل دبلوم ماجستير ، جامعة الجزائر ، معهد الحقوق والعلوم السياسية1978
[23] أطروحة دكتوراه / بن ددوش نضرة م س ص84
[24] بن ددوش نضرة م س ص85
[25] د عبد الحق صافي ، ج : 1المصدر الارادي للالتزامات ص357
[26] بن ددوش نضرة أطروحة دكتوراه م س ص85
[27] الهلاك في اللغة : ذهاب مادة الشيء و منافعه، ويقال هلك الشيء هلكا، من باب ضرب ضربا، والمصدر منه أيضا الهلاك ، ويتعدى بالهمزة ، فيقال للشيء : أهلكته و يستعمل بمعنى الفناء والموت
[28] رسالة الماجستير من إعداد الطالب : حامد شاكر محمود الطائي في القانون الخاص م س
[29] مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات نيل شهادة الماستر في العلوم الإسلامية تخصص : شريعة وقانون بعنوان" : انقضاء الالتزام دون الوفاء به بين الشريعة الإسلامية و القانون الجزائري ." من إعداد الطالبة : ميلودي إكرام / السنة 23ص 2020 - 2021 الجامعية
[30] د . عبد الحق صافي ج 1م س ص351 - 353
[31] حماة الحق محامي الأردن / 28سبتمبر ، 2021اطلعت عليه يوم 19دجنبر 2023على الساعة13:07
[32] شرط القوة القاهرة في العقود الدولية ، إعداد : المحامي الدكتور أحمد حمصي مدرس قانون التجارة والشركات 11ص
[33] أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في القانون الخاص ، بعنوان " انقضاء الالتزام دون الوفاء به في القانون- الوضعي و الفقه الإسلامي " ، إعداد الطالبة : بن ددوش نضرة / السنة الجامعية 2010 2011ص76
[34] مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات نيل شهادة الماستر في العلوم الإسلامية، تخصص: شريعة وقانون، بعنوان "انقضاء الالتزام دون الوفاء به بين الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري " من إعداد الطالبة: ميلودي إكرام السنة الجامعية 2020 2021ص 22م س
[35] استحالة تنفيذ الالتزام المؤقتة / / حامي حياة أستاذة محاضرة ب كلية الحقوق. جامعة الجزائر) 1المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية (ص211 212)
[36] المادة 121من القانون المدني الجزائري الصادر بموجب الأمر 85 / 75المعدل بالقانون رقم 10 - 05المؤرخ في 2005 - 06 - 20في المادة 32منه
[37] القانون المدني المصري، المقالات القانونية، 1مايو، 2023محامي مصر: محمد نيب / مستشار القانون الدولي، اطلعت عليه يوم 22دجنبر 2023على الساعة. 19:45
[38] شرف زهران، صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب، 27نوفمبر) 2022اطلعت عليه يوم 22دجنبر 2023على الساعة20:57)
[39] TAREK H HAMEDمفهوم الاستحالة كنتيجة للقوة القاهرة ملاحظات متعلقة بعقود المقاولات. تاريخ النشر : 20يونيو / 2020اطلعت عليه بتاريخ 23دجنبر 2023على الساعة20:02
[40] رسالة الماجستير من إعداد الطالب : حامد شاكر محمود الطائي في القانون الخاص م س
[41] رسالة ماجستير في كلية الحقوق جامعة تكريت تدرس الاثار المترتبة على استحالة تنفيذ الالتزام في نطاق عقود- العمل دراسة مقارنة، في القانون الخاص للطالب: سعود ستار إبراهيم يوم الأحد 16أكتوبر ت2020
[42] أمل المرشدي / محاضرات و دروس قانونية في القانون المدني العراقي، الباب الأول: تنفيذ الالتزام، 24مايو) اطلعت عليه بتاريخ 26دجنبر(2023
[43] : SCHMITTHOFF M Clive , L'exportation , ses problèmes -أنظر leurs solutions , p. 168 , éd. Jupiter, Paris 1975
[44] أنظر Taylor: Blackbrun J. in Caldwel 1863 3B and S. 826. 839
[45] القوة القاهرة في العقود الدولية ، إعداد المحامي الدكتور أحمد حمصي مدرس قانون التجارة والشركات ص 16م س
[46] لقوة القاهرة في العقود الدولية ، إعداد المحامي الدكتور أحمد حمصي مدرس قانون التجارة والشركات ص 14م س
[47] نضرة بن ددوش م س ص119 - 120
[48] المادة + 114من القانون المدني الفرنسي
[49] راجع المادة 1303من القانون المدني الفرنسي
[50] 1973 : Gaz. Pal. 5 mars 1975 ; Cass. Civ. 1e 2 juin 1982 : J C P. 50 . Cass. Civ. 27 fév. 1967 : Dalloz 1967 , p. 415 ;  1982, IV , p. 285 ; Gaz. Pal. 14 dèc. 1982 TGI Paris 17 oct
[51] القوة القاهرة في العقود الدولية ، إعداد المحامي الدكتور أحمد حمصي مدرس قانون التجارة والشركات ص16م س
[52] الحكم الصادر عن محكمة التحكيم للغرفة التجارية الدولية باريس– Affaire 3093 : 3100 , 1979 : Clunet 1980 , p. 954
[53] د . عبد الكريم شهبون / الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود م س ص29
[54] د . مأمون الكزبري / أوصاف الالتزام و انتقاله و انقضاؤه ، ج 2م س ص502
[55] د . مأمون الكزبري / أوصاف الالتزام و انتقاله و انقضاؤه ، ج 2م س ص509
[56] د . عبد الكريم شهبون / الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود م س ص33
[57] اجع د عبد السلام أحمد فيغو، نظرية الالتزام في القانون المغربي، دراسة مقارنة ج 4أحكام الالتزام ط1 224ص2022
[58] د عبد السلام أحمد فيغو نفس م س ص225
[59] د . عبد الكريم شهبون / الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود م س ص35
[60] راجع . عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام / (الكتاب الثاني: أحكام الالتزام. الطبعة الأولى 2016م س ص318 319)
[61] راجع المادة 338من ظهير الالتزامات والعقود المغربي الصادر في 9رمضان  1331  12أغسطس 1913
[62] راجع المادة 339من ظهير الالتزامات والعقود المغربي م س
[63] راجع عبد الرحمان الشرقاوي ، القانون المدني م س ص322
[64] مقال بعنوان " القوة ال القاهرة و الاستحالة الفعلية " للمستشار القانوني جلال مجاهدي . بتاريخ 08يونيو ، 2020 اطلعت عليه بتاريخ 04يناير 2024على الساعة. 19:30 مقال منشور بالموقع الالكتروني:alaan.ma
[65] المادة 32من مدونة الشغل
[66] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية، أثر استحالة التنفيذ على عقود العمل ، دراسة مقارنة بين القانونين المصري و الفرنسي الدكتور رجب عبد الظاهر علي ، مدرس التشريعات الاجتماعية
كلية الحقوق جامعة بني سويف ص 24 25،
[67] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية، أثر استحالة التنفيذ على مستوى عقود العمل م س ص ) 26بتصرف(
[68] د . جلال إبراهيم، د . فاطمة الرزاز: الوسيط في شرح قانون العمل و التأمينات الاجتماعية – – 2001ص ) 339بتصرف(
[69] المادة 272من مدونة الشغل
[70] قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 08مارس2017 في الملف الاجتماعي عدد2016 / 2 / 5 / 554
[71] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية ، أثر استحالة التنفيذ على مستوى عقود العمل م س ص20 - 21
[72] المادة 127 من القانون رقم 12 لسنة  . 2003بإصدار قانون العمل المصري
[73] د . همام محمد محمود: قانون العمل عقد العمل الفردي دار المعرفة- –الجامعية الإسكندرية – – – – 1987ص– 458
[74] بحث حول إنهاء العلاقة الشغلية، من إعداد الطالبين: وليد براهيم ووجدي معلي. تحت إشراف الأستاذ: روضة البقلوطي / السنة الجامعية – : 2021 - 2022المعهد العالي للدراسات التكنولوجيا بصفاقس
[75] المادة 123من قانون العمل المصري م س
[76] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية ، أثر استحالة التنفيذ على مستوى عقود العمل م س ص40
[77] قرار محكمة النقض، رقم315 الصادر بتاريخ 06أبريل2022 في الملف الاجتماعي رقم2995 / 5 / 2 / 2019 منشور بالمنصة الرقمية لقرارات محكمة النقض.
[78] د . محمد حسين منصور : قانون العمل دار الجامعة الجديدة- –– الإسكندرية 2007ص270
[79] د . احمد محمد محرز : اندماج الشركات دار النهضة العربية بدون - سنة نشر ص - 270وما بعدها.
[80] بحث حول إنهاء العلاقة الشغلية ، من إعداد الطالبين: وليد براهيم و وجدي معلي . تحت إشراف الأستاذ: روضة البقلوطي السنة الجامعية : 2021 - 2022م س
[81] 15 / 12 / 2014 ) ) جلسة83 لسنة14696 الطعن رقم81
[82] د . أحمد حسن البرعي، د . رامي أحمد البرعي : الوسيط في التشريعات الاجتماعية – الجزء الثاني – شرح عقد العمل الفردي وفقا لأحكام القانون 12لسنة - 2003دار النهضة
العربية – القاهرة – - 2009ص805
[83] د . عبد العزيز المرسي : شرح قانون العمل المصري . 2001ص521
[84] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية ، أثر استحالة التنفيذ على مستوى عقود العمل م س ص61
[85] د . محمود سلامة جبر : الانهاء التعسفي لعقد العمل الطبعة الأولى - - 2004ص42
[86] د . محمد علي عمران : الوسيط في شرح قانون العمل – – 2005ص331
[87] د . محمود سلامة : م س – ص– 47
[88] د . عثمان عبد الحميد الحفني : أثر تغير صاحب العمل على عقود العمل في القانونين الفرنسي و المصري ) مع دراسة نقدية للمادة 59قانون العمل الأهلي الكويتي – ( مطبوعات جامعة
الكويت – – – 1997ص– 88
[89] د . حسين منصور : م س ص391
[90] د . همام محمد محمود : قانون العمل عقد العمل الفردي دار المعرفة- – الجامعية الاسكندرية – ____________– – – 417ص. – 612
[91] د . أحمد حسن البرعي، د . رامي أحمد البرعي : م س ص– 764
[92] المجلس الأعلى ) الرباط ( القرار عدد : 782بتاريخ 20090624ملف اجتماعي عدد: 2008 / 1 / 5 / 1226 منشور بالمنصة الرقمية لقرارات محكمة النقض
[93] قرار محكمة النقض 253 / 2رقم الصادر بتاريخ 22فبراير2023 في الملف الاجتماعي رقم10 / 5 / 2 / 2020 منشور بالمنصة الرقمية لقرارات محكمة النقض
[94] . cass., soc., 6 mai 1982, bull., civ., p: 208
[95] مجلة الدراسات القانونية و الاقتصادية ، أثر استحالة التنفيذ على مستوى عقود العمل م س ص67
[96] . cass., soc., 6 juill. 1964, bull., civ., p: 418
[97] . cass., soc., 9 juin. 1983, bull., civ., p: 225
[98] . cass., soc., 23 mai. 1984, bull., civ., p: 221
[99] د عبد الكريم شهبون م س ص33
[100] القرار عدد439 الصادر بتاريخ 04أبريل2019 في الملف الإداري عدد3168 / 4 / 1 / 2017 منشور بالمنصة الرقمية لقرارات محكمة النقض
[101] راجع مامون الكزبري م س ج 2ص34
[102] راجع د عبد الكريم شهبون م س ص34
[103] راجع رسالة الماستر للطالبة ميلودي إكرام م س ص26
[104] د . عبد الرحمان الشرقاوي / القانون المدني : دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي / الكتاب الأول : أحكام الالتزام الطبعة الأولى سنة 2016ص321
[105] د . المختار بن أحمد عطار محام مقبول لدى المجلس الأعلى / الوسيط في القانون المدني الطبعة الأولى- 1424 213ص2003
[106] د . مامون الكزبري م س ج 2ص511
[107] د عبد الكريم شهبون م س ص35
[108] بن ددوش نضرة م س ص 102الفقرة الاولى
[109] د عبد الحق صافي م س ص357 - 358
[110] بن ددوش نضرة م س ص102
[111] نقض مدني جلسة يوم : 11 - 1 - 1977نقلا عن بن ددوش نضرة في أطروحة الدكتوراه م س ص- 103
[112] مجلة حماة الحق محامي الأردن ) مجلة إلكترونية أردنية ( من إعداد كريم عبد السلام المحامي / – 28سبتمبر :2021 منشور بالموقع الالكتروني: jordan-lawyer.com
[113] عبد الحق صافي م س ص358 - 359
[114] حماة الحق محامي الأردن م س
[115] راجع أطروحة الدكتوراه للطالبة : بن ددوش نضرة م س ص104 - 106 - 107
[116] راجع رسالة الماجستير في القانون الخاص للطالب: حامد شاكر محمود الطائي م س
[117] بن ددوش نضرة م س ص115
[118] راجع مامون الكزبري ج 2م س ص513
[119] راجع رسالة الماستر للطالبة : ميلودي إكرام م س ص26
[120] : منشور بالموقع الإلكتروني : - --https://jordanenforcement--of--lawyer.com/2021/09/28/impossibility /منشورات حماة الحق محامي الأردن م س
[121] د عبد الحق صافي، ج 1من الكتاب الثاني م س ص364
[122] راجع الأستاذ الدكتور محمد حسن قاسم / العقد، المجلد الثاني ) آثار العقد جزاء الإخلال بالعقد / دراسة فقهيةقضائية مقارنة في ضوء التوجهات التشريعية و القضائية الحديثة و القانون الفرنسي الجديد ص569
[123] راجع د عبد الحق صافي ج 1م س ص 361الفقرة االرابعة
[124] راجع د عبد الكريم شهبون م س ص35
[125] راجع د المختار أحمد عطار / الوسيط في القانون المدني م س ص214
[126] انظر مامون الكزبري، ج 2م س ص513
[127] د عبد الكريم شهبون م س ص36
[128] أنظر د عبد الحق صافي ج 1م س ص362 - 363 – 364
[129] حامد شاكر محمود م س
[130] بن ددوش نضرة م س ص163 - 164
[131] راجع حامد شاكر محمود م س
[132] المادة 547من القانون المدني العراقي
[133] حامد شاكر محمود م س
[134] حامد شاكر محمود مس
[135] أنظر حامد شاكر محمود نفس المرجع السابق



الخميس 17 أكتوبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter