MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الفلسفة التشريعية لـ "مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23" في تحديد مهام واختصاصات كتابة الضبط بالمرفق القضائي

     

د. عبدالسلام قايقاي،

باحث في الشأن القانوني والقضائي.



رفقته نسخة للتحميل

الفلسفة التشريعية  لـ "مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23"  في تحديد مهام واختصاصات كتابة الضبط  بالمرفق القضائي
مقدمة:

يعتبر ظهير 12 غشت 1913، المعتبر بمثابة قانون المسطرة المدنية، أول قانون أخرج مؤسسة كتابة الضبط إلى الوجود، إذ تضمنت ثمانية فصول منه، التعريف بهذه المؤسسة[1]، مبرزة الدور الرئيسي لكتابة الضبط في العملية القضائية، من خلال القيام بمهام الضبط والتوثيق وتحصيل المصاريف القضائية وأعمال المحاسبة، كما كلفت بالإنذارات والمعاينات والتبليغات والتنفيذات والتصفيات القضائية. وفي سنة 1946، نظم المشرع المغربي سلك موظفي كتابة الضبط، ووضع نظامهم الأساسي بمقتضى ظهير 1947.
وبعد حصول المغرب على استقلاله، صدر مرسوم 07 دجنبر 1959، توحدت بموجبه النظم الأساسية لموظفي كتابة الضبط بمحاكم المملكة، ثم صدر بعد ذلك المرسوم الملكي بتاريخ 02 فبراير 1967 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي المحاكم. وخلال سنة 1979 وما بعدها، صدرت مجموعة من المناشير تهم التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط، لتتوج هذه المسيرة التشريعية بصدور المرسوم رقم 2.11.473 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط، بتاريخ 14 سبتمبر 2011.
ولعل المتتبع لعمل كتابة الضبط بالمرفق القضائي عبر التاريخ[2]، سواء من خلال القوانين الإجرائية أو المسطرية المعمول بها في هذا الشأن، أو في التجارب المقارنة للأنظمة القضائية[3]؛ يلحظ مدى المهام الجسيمة التي تضطلع بها هذه المؤسسة داخل المحكمة، والأدوار المتنوعة التي تقوم بها في سبيل تقديم الخدمة القضائية لجميع المرتفقين.
كما أن مقتضيات قانون التنظيم القضائي 38.15، باعتباره قانونا إطارا، وأحد القوانين الأساسية المهيكلة للعملية القضائية، حصر مكونات المحكمة في هيئتين فقط هي: الهيئة القضائية: (رئيس محكمة ورئيس أول للمحكمة- وكيل ملك أو وكيل عام للمحكمة وقضاة أو مستشارون)، وهيئة كتابة الضبط: (رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة وموظفين).
حيث نصت المادة 42 من قانون التنظيم القضائي، على أن المحكمة الابتدائية تتألف من: رئيس- وكيل الملك- نائب أو أكثر للرئيس وقضاة- نائب أول أو أكثر لوكيل الملك وباقي نوابه- رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ورؤساء مصالح وموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة.
ونفس الشي بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية ومحكمة النقض.
لذلك فدراستنا لمشروع قانون المسطرة المدنية 02.23، ستنطلق من بحث أصول فلسفته التشريعية في تحديد وظائف واختصاصات كتابة الضبط، من خلال الوقوف على التوجهات والأراء التي تناولت تحديد طبيعة العمل القضائي، وطبيعة إجراءات التنفيذ الجبري، فكما يقول "فرنسوا جيني Gény"، يتكون القانون من عنصرين: مادته الأولية Le donné ، وهذه يكشف عنها العلم، وثانيها صيغته Le construit، وهذه تدخل في باب الفن التشريعي[4].
فما هي يا ترى المقولات النظرية والفلسفية المستحكمة في تحديد طبيعة العمل القضائي وطبيعة إجراءات التنفيذ الجبري (محور أول)؟وما هي البنية السردية لمشروع قانون المسطرة المدنية 02.23، في تحديد أدوار كتابة الضبط (محور ثاني)؟

 
المحور الأول: محددات العمل ذو الطبيعة القضائية، وطبيعة إجراءات التنفيذ الجبري
المقولة الأولى: محددات العمل ذو الطبيعة القضائية

إن تحديد طبيعة العمل القضائي ليس بالأمر اليسير، بل إنه يعتبر مشكلة معقدة، سواء من الناحية الفقهية أو من الناحية التطبيقية، ذلك أن الجدل الفقهي المحتدم حول طبيعة العمل القضائي، ليس جدلا نظريا تتناوله أقلام الفقهاء فحسب، بحيث يبقى بعيدا عن الواقع العملي، بل نجد له صدى عمليا هائلا في دور المحاكم، إذ لم يستقر القضاء على معيار معين لتمييز العمل القضائي، بل نجد في أحكام القضاء أثرا لكل معيار من المعايير المختلفة التي سنستعرضها، كما سيتأكد لنا أن الجدل الفقهي المحتدم له أثره العملي، بحيث تمثل أحكام القضاء المتعلقة بتحديد طبيعة العمل القضائي، نموذجا واقعيا حيا للاتجاهات الفقهية التي سنستعرضها، وقد كان الغرض من استعراض مختلف الآراء الفقهية والأحكام القضائية توضيح طبيعة الأعمال القضائية التي تمثل الجانب الأعظم والأساسي من أعمال القضاة.
ذلك، أنه قد عرفت محاولات تحديد الطبيعة الخاصة للعمل القضائي توجهات متعددة وتيارات فقهية مختلفة، تباينت مواقفها بشأن تعريف العمل القضائي وتحديد طبيعته، حيث يمكن أن نجمل المعايير التي ارتكزت عليها في ثلاثة معايير[5]:
- المعيار المادي أو الموضوعي: وذلك من خلال النظر إلى موضوع العمل ذاته وآثاره القانونية، دون النظر إلى السلطة التي أصدرته أو الإجراءات التي اتخذت في إصداره.
-المعيار الشكلي: فلا يكون العمل قضائيا إلا إذا صدر عن سلطة لها صفة ونظام المحاكم، سواء كانت جهة قضائية عادية أو استثنائية، بحيث أن كل تصرف يصدر عن هيئة منظمة ومعدة لممارسة القضاء ومحاطة بأشكال وإجراءات معينة يعتبر عملها عملا قضائيا.
-المعيار المختلط: بالجمع بين بعض عناصر كل من المعيارين السابقين.
أولا: المعيار المادي الموضوعي:
عرف هذا المعيار بدوره توجهين:
-الاتجاه الأول: يستند على الخصائص المنطقية التي تحدد فحوى العمل أو موضوعه، وذلك من خلال اعتبار:
  1. النزاع هو هدف العمل القضائي:
يرى الفقيه هيبرون Hébrand[6]، أن المنازعة تتعلق بطبيعة العمل القضائي، لأنها هي المركز الذي يعالجه هذا العمل، كما أنها ترتبط بشكل هذا العمل، إذ أنها تظهر وتنتظم في صورة إجراءات مواجهة Contradictoire، وأنها مسألة عرضية في تنظيم الحياة القانونية تحل بمعرفة القضاء.
أما الفقيه هوريو Hauriou[7]، فيرى أن المنازعة هي مناط القضاء، وحيث لا توجد منازعة فلا حاجة إلى القضاء. والمنازعة هي التعارض بين ادعاءات خصمين، وهذه المنازعة في مادة الخصومة التي هي منازعة ممتدة، بل إن وجود التعارض في الادعاءات أي المنازعة هو الذي يفسر قيام إجراءات الخصومة على أساس المجابهة أو المواجهة بين الخصمين أو تواجهية التقاضي، وعمل القاضي في هذه المنازعة هو أن يجد لها حلا سلميا.
ويرى الفقيه فانسان Vincent[8]، أنه يكفي لكي نكون بصدد نزاع أن يحدث ادعاء من جانب واحد Prétention Unilatérale، وأنه لا يشترط أن يحدث تقابل أو تعارض في المصالح والادعاءات، وأن هذا الادعاء الذي هو من جانب واحد يكفي كمبرر لتدخل القضاء، كالطعن الذي يقدمه المتقاضي لتجاوز السلطة، والطعن الذي ترفعه النيابة العامة في حكم صدر مخالفا للقانون.
  1. العناصر الهيكلية المكونة للعمل القضائي:
يتزعم الفقيه الفرنسي ديجي Duguit[9]، الاتجاه الفقهي المادي أو الموضوعي لتمييز العمل القضائي. حيث ينظر لهذا العمل نظرة مادية بحتة لا تعبأ بالشكل أو الإجراءات، ولا تعطي له اهتماما في تمييز ذلك العمل.
  1.    حلول القضاء محل الخصوم:
وقد قال بهذا المعيار الفقيه الإيطالي جوزيب كيوفندا Giuseppe Chiovenda[10]، فبحسبه لا يعتبر تنفيذ الحكم الجنائي قضاء، وأساس ذلك أنه إذا لم يكن التنفيذ حلولا محل نشاط آخر، فإنه لا يعتبر قضاء.
أما في حالة تنفيذ إرادة القانون، يحل النشاط المادي لهيئات الدولة محل النشاط الواجب لتنفيذ إرادة القانون. والفرق الذي يميز العمل القضائي عن العمل الإداري هو أن الإدارة تطبق قاعدة قانونية موجهة إليها، بينما القضاء يطبق قاعدة قانونية موجهة للخصوم لم تحترم منهم[11].
الاتجاه الثاني: الاستناد إلى الغاية التي يهدف إليها العمل القضائي:
يرى الفقيه ليرو Lureau[12]، أن غاية العمل القضائي هي حل مسألة قانونية Une Question de Droit.، معروضة على القاضي، وهو يرى أنه بالرغم من إحاطة العمل القضائي بإجراءات وأشكال تتزايد بمرور الوقت فإن الفيصل الشكلي لا يصح لتمييز هذا العمل.
أما الفقيه الفرنسي بونار Bonnard[13]، فيرى أن غاية القضاء هي إزالة عوارض النظام القانوني. فالوظيفة القضائية تفترض حدوث منازعة على حق شخصي Une contestation sur un droit subjectif، وهذه المنازعة تعتبر أمرا عارضا يهدد الحياة القانونية، ولذلك يتدخل القضاء لوضع حد لهذه المنازعة، وإزالة القضاء لعوارض النظام القانوني يعتبر مميزا ماديا يميز الوظيفة القضائية.
ثانيا: المعايير الشكلية:
1-العمل القضائي هو الذي يصدر عن جهة منحها القانون ولاية القضاء باتباع إجراءات معينة:
فكل تصرف يصدر عن هيئة منظمة ومعدة لممارسة القضاء ومحاطة بأشكال وإجراءات معينة يعتبر عملا قضائيا.
يتزعم هذا الاتجاه في الفقه الفرنسي الفقيه كاريه دي مالبرج [14]Carre de Malberg، الذي يرى أن الوظيفة القضائية لا تتميز بمحلها ولا بغايتها، ولا بطبيعة أعمالها، وإنما فقط بأشكالها، فالشكل هو معيار القضاء، ولا عبرة بالمحتوى المادي للعمل القضائي.
2-العمل القضائي هو الذي يحوز قوة الشيء المقضي أو الحقيقة القانونية:
يرجع الربط بين العمل القضائي وقوة الشيء المقضي به إلى الفقيه جيز Jéze[15]، الذي ذهب إلى أن العمل الصادر من جهة القضاء هو العمل الذي يتسم بقوة الحقيقة القانونية أو قوة الشيء المحكوم به.
فالعمل القضائي يتمثل في أثره أي قوة الحقيقة القانونية، وإذا تجرد العمل من قوة الحقيقة القانونية أصبح أجوفا خاليا من كل صفة قضائية، وهذه القوة هي المميز الوحيد للعمل القضائي عن غيره من الأعمال، ولمعرفة هذه القوة ينبغي الرجوع للإرادة التشريعية.
3- العمل القضائي هو الذي يستخلص من السياسة التشريعية ومن الأسلوب القضائي الذي يؤدى به العمل.
من الملاحظ أنه يوجد أسلوب إداري في معالجة الأمور، كما أنه يوجد أسلوب قضائي من الممكن أن تلجأ إليه الإدارة لتحقيق أهدافها.
ثالثا: المعايير ذات الصبغة المختلطة:
يعتبر الفقيه كوليان Guillien[16]، من أشهر القائلين بهذا النوع من المعايير، ويتصور العمل القضائي تصورا مختلطا، يجمع بين شكل هذا العمل ومادته، ويعتقد أنه بالخلط في المادة والشكل يكون تمييز هذا العمل أمرا ميسورا.
كما أن العمل القضائي تصرف ذو بناء مركب من شكل وموضوع[17] ، تظهر فيه في البداية فكرة الادعاء التي تطرح أمام القاضي، والتي تنشأ أصلا نتيجة منازعة، ويعقب الادعاء تقرير من جانب القاضي يعمل فيه على الموائمة بين الأوضاع المثارة في الدعوى والقاعدة القانونية، التي يجب أن تحكم النزاع، ثم يعقب ذلك قرار، أ ي حكم يتخذه القاضي، ويكون مؤسسا على التقرير الذي ينتهي إليه القاضي من دراسة النزاع، بحيث يكون هذا الحكم نتيجة للتقرير، وتتم هذه العمليات المتعاقبة طبقا لإجراءات وأشكال ومعينة يحددها القانون.
لا يقتصر القضاء الإداري الفرنسي على العناصر المادية للعمل القضائي كمعيار لتمييزه، بل يستخدم معها بصفة احتياطية معايير عضوية وإجرائية.
وكذلك، استقر القضاء الإداري المصري على الأخذ بالمعيارين الموضوعي والشكلي للتفرقة بين القرار القضائي والقرار الإداري. وقد عرفت المحكمة الإدارية العليا المصرية[18]، القرار القضائي بأنه هو الذي تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية، ويحسم على أساس قاعدة قانونية وخصومة قضائية، تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانوني خاص أو عام، ولا ينشئ القرار القضائي مركزا قانونيا جديدا، وإنما يقرر في قوة الحقيقة القانونية وجود حق أو عدم وجوده.
وبالنسبة للمغرب، فقد شكلت معاهدة الحماية الفرنسية عليه، بداية التـأسيس لإصلاح القضاء بالمغرب، حيث قامت فرنسا بوضع نظام قانوني وقضائي بالمغرب، بدء من 12 غشت 1913، مستمد من الأنظمة الغربية أساسا، ومن النظام القانوني والقضائي الفرنسي على وجه الخصوص[19]، وقد عين من أجل القيام بهذه المهمة قضاة ينتمون في الأصل إلى السلك القضائي الفرنسي[20].
وتعتبر المجموعة المدنية الفرنسية التي صدرت في سنة 1804، أول تقنين في العصر الحديث بالمعنى الدقيق، وانتشرت بعدها حركة التقنين في أوربا وخارجها. وكان لصدور التقنينات الفرنسية، وخصوصا التقنين المدني الفرنسي في بدايات القرن التاسع عشر 1804، أثر كبير في أوربا وخارجها، ودفع الحركة القانونية إلى اتجاه جديد، يقوم على التشريع كمصدر أول للقانون.
ولعل السبب في انتشار التقنيات الفرنسية واستقبالها خارج فرنسا، في الكثير من الدول الأوربية وغير الأوربية، يرجع إلى أنها كانت أول عمل تشريعي ضخم تولته دولة في العصر الحديث، فهو أول مظهر جدي علمي لحركة التقنين[21].
وإذا كان الفقيه الكبير عبد الرزاق أحمد السنهوري، أحد الرواد الأساسيين للفكر والنظام القانوني العربي، وصاحب حركة التقنين وفلسفة التشريع ومنهجه في البلاد العربية، حيث درس القوانين الأجنبية المقارنة، تحت إشراف العالم الكبير ادوارد لامبير[22]؛ فإنه مما لا يخفى على كل متتبع، مدى تأثره بالفقيه البلجيكي جون دابان 1889-1971، في الجانب الأكبر من أعماله، والذي تأثر به أيضا بعض الفقهاء في العالم العربي، من أبرزهم: احمد أبوسيت، وسمير تناغو، وعبد المنعم فرج الصدة وغيرهم كثيرون؛ حيث يعتبر السنهوري من أبرز فقهاء مدرسة التطور التاريخي[23] والمتأثرين بالحركة الرومانسية إلى جانب كل من: سافيني وبوتشي، وفقهاء القرن 20 المتأثرين بفلسفة كل من كانط وهيجل.

        المقولة الثانية: طبيعة إجراءات التنفيذ الجبري ومبدأ ملكية الدعوى

أولا: طبيعة إجراءات التنفيذ الجبري:

اختلفت الأنظمة المقارنة في أمر الجهة التي يمكن أن تسند إليها إدارة التنفيذ، بين من تجعل ذلك اختصاصا كليا للسلطة القضائية كإيطاليا ولبنان، وبين من تجعل ذلك اختصاصا لإدارة التنفيذ التابعة لهيئة كتابة الضبط، باعتبار أن إجراءات التنفيذ مندرجة من حيث الطبيعة لأعمال الإدارة، مع تمكين الأطراف إمكانية حق اللجوء إلى القضاء للبت في النزاعات المترتبة عن التنفيذ كما هو الشأن بالنسبة لمصر والعراق.
وفي فرنسا فإن صلب النقاش لم يكن منصبا حول سلب اختصاصات المكلفين بالتنفيذ وتمكين السلطة القضائية من الهيمنة والاشراف على التنفيذ، وإنما كان منصبا حول إحداث قاضي التنفيذ Juge d’exécution في إطار توجه تشريعي جديد يرمي إلى إرجاع القضاء الفردي إلى المحكمة الابتدائية بفرنسا، وتمكينه من اختصاصات نوعية في اتخاذ الإجراءات التحفظية والبت في نزاعات التنفيذ، كما جعل أوامر قاضي التنفيذ قابلة للاستئناف طبقا للقواعد العامة المعمول بها. وبالتالي يظهر أن الاختصاص المنوط بقاضي التنفيذ في النظام الفرنسي هو اختصاص قضائي أكثر منه إداري.
وإذا كان لكل اختيار من هذه الأنظمة المقارنة إيجابياته وسلبياته، فإن أمر إقرار الحسم في تكريس نظام تنفيذي بالنسبة لنظامنا القضائي، تتحكم فيه مجموعة من المحددات والمبادئ الأساسية التي جاء بها دستور 2011، من قبيل مبدأ فصل السلط، ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والحكامة الجيدة للمرفق القضائي، وجعل الإدارة تحت تصرف الحكومة (الفصل 89 من الدستور)، وكذلك مقتضيات قانون التنظيم القضائي 38.15، والتي حسمت بشكل لا لبس فيه بين الاختصاص المالي والإداري والاختصاص ذو الطبيعة القضائية لكتابة الضبط، وذلك من حيث الجهات التي يمكن أن تكون تابعة لها في كلتا الحالتين، وهو ما يجعل إجراءات المكلفين بالتنفيذ، تكون تحت إشراف السلطة الرئاسية التي يتبعون لها، والمتمثلة في المسؤول الإداري وليس القضائي، على اعتبار أن إجراءات التنفيذ هي أعمال مندرجة من حيث طبيعتها للسلطة الإدارية وليست للسلطة القضائية.
1-التنفيذ الجبري من أعمال الإدارة:
تنص القاعدة العامة على أن القضاء لا يختص بمباشرة إجراءات التنفيذ، وإنما يشرف على أعمال التنفيذ، ويفصل في كل نزاع ينشأ بين أصحاب الشأن يتعلق بجواز التنفيذ أو صحته[24].
فمن المعلوم أن الحق في التنفيذ الجبري ينشأ بناء على تحقق وقائع قانونية قبل البدء في التنفيذ القضائي، وهي وقائع سابقة على التنفيذ، لا تدخل في تكوينه ولا تعد جزء منه، ومع ذلك فإنها لازمة قانونا لمباشرة التنفيذ وصحته، باعتبارها مقدمات للتنفيذ. كما أنها إجراءات تدخل في صميم عمل كتابة الضبط، من خلال الحصول على السند التنفيذي، وإلا كان التنفيذ باطلا، لكونه السبب المنشئ للحق في التنفيذ[25]، وهو بهذا سند التنفيذ وأساسه.
يعتبر الحق في التنفيذ الجبري من الحقوق الدستورية باعتبار أن الاحكام تصدر وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون (الفصل 124)، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة جنائية يعاقب عليها القانون.
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بمصر بأن: " إنكار الحق في الترضية القضائية سواء بمنعها ابتداء، أو بإقامة العراقيل في سبيل اقتضائها، أو بتقديمها متباطئة متراخية دون مسوغ مشروع، لا يعدو أن يكون إهدارا للحماية التي يفرضها الدستور والقانون للحقوق، وهدما للعدالة في جوهر خصائصها وأدق توجهاتها... وأن الترضية القضائية التي لا تقترف بوسائل الحمل على تنفيذها، تفقد قيمتها عمليا، وكلما تعذر قهر المدين على أداء الحقوق التي ماطل على إيفائها لأصحابها؛ وكان سند اقتضائها مستوفيا قوة نفاذة، فإن إعمال مبدأ الخضوع للقانون يكون عندئذ سرابا ويعدوا عبثا..."[26].
فالحق في التنفيذ الجبري Droit à l’exécution هو حق إجرائي يحقق الحماية التنفيذية الجبرية بالحصول على الحق الموضوعي الثابت بالسند التنفيذي[27]. بعبارة أخرى هو سلطة أو مكنة إجرائية تخول للمكلف بالتنفيذ[28] القيام بالإجراءات التي نص عليها القانون، فلا يمكن له أن يقوم بأي إجراء من إجراءات التنفيذ من غير أن يكون بيده أولا وقبل كل شيء سند تنفيذي يؤكد الحق الموضوعي والشكلي الثابتين لصاحبه، على اعتبار أن السند التنفيذي هو الواقعة القانونية المنشئة لهذا الحق.
وهو ما يعني على أن القانون يمنح السند التنفيذي –في ذاته- قوة تنفيذية، فيبدأ التنفيذ عليه، بصرف النظر عن الوجود الحقيقي للحق في الموضوع[29]، ومن هنا يبدئ الدور المنشئ للسند التنفيذي، فهو ينشئ حقا في التنفيذ متميزا ومستقلا عن الحق الموضوعي.
وإذا أراد المنفذ عليه أن ينازع في وجود الحق الموضوعي، فإن هذا لا يحول دون البدء في التنفيذ والاستمرار فيه على نحو صحيح، وإنما يقع عليه عبء اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ولا يزول أثر السند التنفيذي بالنسبة للتنفيذ، إلا إذا نجح في إثبات ما يدعيه، وحصل على حكم قضائي نافذ بهذا.
ويتمظهر السند التنفيذي في شكل وثيقة أو مستند كتابي تؤشر عليها كتابة الضبط بصيغة معينة (الصيغة التنفيذية) Formule exécutoire وتسمى النسخة التنفيذية Copie executoire والتي هي ليست إلا شكلا خارجيا للسند التنفيذي. أما مضمون هذا السند فهو ما تعبر عنه الكتابة الواردة فيه، وهو عبارة عن حكم أو أمر أو تصرف قانوني ...إلخ.
إن السند التنفيذي مكون من عنصرين: المضمون أي العمل القانوني، والشكل وهو النسخة التنفيذية.
وقد جاء في المادة 457 من مشروع قانون 02.23 على أنه: " لا يجوز التنفيذ، في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون، إلا بموجب نسخة تحمل صيغة التنفيذ التالية: " وبناء على ذلك يأمر جلالة الملك جميع المكلفين بالتنفيذ أن ينفذوا هذا السند، كما يأمر الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك لدى مختلف المحاكم أن يمدوا يد المعونة لجميع قواد وضباط القوة العمومية وأن يشدوا أزرهم عندما يطلب منهم ذلك قانونا".
فالأمر الملكي موجه بشكل أساس إلى المكلفين بالتنفيذ من أجل تنفيذ السند التنفيذي،  وبالتالي يتوجب أن يكون طلب التنفيذ موجها للسلطة الرئاسية التي يتبعون لها، وليس لقاضي التنفيذ الذي يجب أن ينحصر اختصاصه في البت في النزاعات والصعوبات المترتبة عن عملية التنفيذ، وليس التأكد من قابلية السند للتنفيذ كما جاء في المادة 485 من المشروع، على اعتبار أن الذي يختص بمراقبة شكليات انعقاد السند التنفيذي هي الجهة المصدرة له وهي كتابة الضبط، وليس السلطة القضائية، وفي حالة النزاع آنذاك يتم اللجوء إلى هذه الأخيرة للحسم في الموضوع بأمر قضائي.
2-السند التنفيذي والعمل القضائي:
فكرة السند التنفيذي فكرة قانونية إجرائية شكلية مستقلة عن العمل القضائي، بدليل أن تبليغ الحكم القضائي إلى المحكوم عليه لا تغني عن تبليغ السند التنفيذي إلى المنفذ ضده[30]. كما أن القانون هو الذي يمنح السند التنفيذي قوته التنفيذية مباشرة، فهي ورادة على سبيل الحصر، ولا يجوز الاتفاق على إضفاء الصفة التنفيذية على محرر معين لم ينص عليه القانون.
والقوة التنفيذية للسند التنفيذي هي السلطة التي تُمنح لصاحب الحق إجبار المدين على التنفيذ الجبري جبرا عنه إذا نكص عن التنفيذ الاختياري، وهي كذلك الأثر الذي يرتبه القانون على الأحكام الموضوعية النهائية أو الانتهائية بإلزام، بما يجعلها صالحة للتنفيذ الجبري متى توافرت شروطه وضوابطه. أي أن القوة التنفيذية هي التعبير عن السلطة الآمرة للحكم كسند تنفيذي بمقتضى القانون[31].
ويختلف مفهوم القوة التنفيذية للحكم عن قوة نفاذه: فقوة نفاذ الحكم هي صلاحيته لتوليد آثاره بمجرد صدوره بقوة القانون دون تدخل من القاضي أو طلب الخصوم، وأيا كان نوعه أو درجة المحكمة التي أصدرته، وهي تتعلق بالنظام العام، وتثبت لكافة الأحكام القضائية، ولا ترتبط بالتنفيذ الجبري، ولا بحيازة أو عدم حيازة الحكم للحجية. فالأحكام المقرر والمنشئة ليست لها قوة تنفيذية، وإنما لها قوة نفاذ تجعلها صالحة لتوليد آثارها القانونية بمجرد صدورها[32].
وتتنوع القوة التنفيذية إلى: قوة تنفيذية عادية وقوة تنفيذية معجلة. ويكتسب الحكم القوة التنفيذية العادية عند امتناع الطعن فيه بطرق الطعن العادية-التعرض والاستئناف-، واكتسابه لقوة الأمر المقضي. وهذه الأخيرة هي صفة إجرائية يكتسبها الحكم عند امتناع الطعن فيه بطرق الطعن العادية، حتى وإن كان قابلا للطعن في بطرق الطعن غير العادية ( كالنقض وإعادة النظر وتدخل الغير الخارج عن الخصومة)، وتم الربط بين القوة التنفيذية العادية للحكم وقت الأمر المقضي به، حتى يكون قد تحقق له درجة معقولة من الاستقرار، بعد تحصنه ضد طرق الطعن العادية، وتحقيق فاعلية الحكم إلى درجة تجعله صالحا للتنفيذ الجبري من أجل التوفيق والتوازن بين المصالح المتعارضة للأطراف[33].
وقد تتمتع أحكام الدرجة الأولى بالقوة التنفيذية العادية، ويكون هو السند التنفيذي، على سبيل الاستثناء في حالات منها: صدور حكم أول درجة انتهائي غير قابل للطعن فيه بالاستئناف، أو لانقضاء ميعاد الطعن فيه بالاستئناف، أو لقبول المحكوم عليه بالحكم، أو لسقوط الخصومة في الاستئناف...إلخ[34].
والقوة التنفيذية المعجلة على أثر تنفيذي وقتي وقائي يلحق بحكم أول درجة الابتدائي، يجعله صالحا للتنفيذ الجبري من وقت مبكر قبل الأوان الطبيعي بقوة القانون، أو بحكم المحكمة، بعد طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل رغم قابليته للطعن فيه بإحدى طرق الطعن العادية كالتعرض والاستئناف، لحماية مصلحة المحكوم له بالرعاية بتوقي ضرر جسيم يتعذر تداركه بتأخير التنفيذ إلى الأوان الطبيعي.
وهذه القاعدة معمول بها في الكثير من النظم القانونية كالقانون المصري والسعودي والعراقي والأردني واللبناني والتونسي والفرنسي والمغربي.
والقوة التنفيذية المشمولة بالنفاذ المعجل، قوة قلقة مؤقتة غير مستقرة مرهونة بنتيجة الطعن في الحكم، وما قد يسفر عنه من تأييد، أو إلغاء، أو تعديل للحكم. فإما أن تزول بزوال الحكم، وإما أن تتحول إلى قوة تنفيذية عادية بتأييد الحكم من محكمة الطعن وخضوعه للقواعد العامة في التنفيذ.
وتثبت بعض النظم القانونية قاعدة التنفيذ الفوري لأحكام الدرجة الأولى، حيث لا تتطلب أن يحوز الحكم وصفا معينا، أو أن يستنفد طرقا معينة للطعن فيه، لأنها لا تسمح بالطعن فيه كقاعدة، لكي يحوز القوة التنفيذية، فيكون للحكم هذه القوة بمجرد صدوره، وهذه القاعدة هي المعتمدة في الفقه السلامي، والقانون السوداني، والعراقي والسعودي والأردني والإنجليزي...إلخ[35].
وتخضع القوة التنفيذية لحكم القانون الساري المفعول عند صدور الحكم باعتباره القانون الذي يحدد طرق الطعن فيه، وليس القانون الساري وقت اتخاذ إجراءات التنفيذ، وذلك لأن قابلية الحكم للتنفيذ الجبري أو عدم قابليته له عبارة عن وصف للحكم يولد معه ويولد بمقتضاه مراكز إجرائية مكتملة[36].
وقد اعتمد القانون الفرنسي فكرة التدرج الإجرائي كأساس، لإضفاء القوة التنفيذية على الحكم القضائي، وتحقيق التوازن بين مصالح الخصوم، فالحكم الابتدائي لا يحوز القوة التنفيذية مراعاة لمصالح المحكوم عليه، لأنه معرض للإلغاء، أو التعديل من محكمة الطعن العادي، فلا يتم تزويد الحكم بالقوة التنفيذية العادية طالما أنه قابل للطعن بالطرق الطعن العادية. وفي حالة ما إذا حاز قوة الأمر المقضي به، فإنه يتمتع بالقوة التنفيذية العادية[37]، ما لم يحصل المدين على أجل قضائي للوفاء أو كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل.
كما فرق القانون الفرنسي بخصوص وقف التنفيذ بين التنفيذ المعجل القانوني، والتنفيذ المعجل القضائي، فلا يجوز وقف التنفيذ المعجل القانوني في الاستئناف، وذلك لأن ما يقرره القانون لا يوقفه القاضي. وقد أراد القانون الفرنسي بهذا الحكم تقديم دعم إضافي للتنفيذ المعجل القانوني، بحيث لا يكون من الممكن المساس به.
 أما التنفيذ المعجل الجوازي فقد أجازت المادة 524 من قنون المسطرة المدنية الفرنسي للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وقف هذا النوع من التنفيذ في حالتين: إحداهما: إذا كان القانون يمنع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، والثانية: إذا كان من شأن التنفيذ المعجل للحكم أن يؤدي إلى نتائج واضحة الإفراط Conséquences manifestement excessives.
وتسمى طلبات وقف القوة التنفيذية من محكمة الطعن، أو التظلم بالتبعية للطعن المدني بمنازعات القوة التنفيذية للأحكام، وهي تعتبر ضمانات حقيقية تمليها السياسة التشريعية، القائمة على أساس التوازن بين مصلحة المحكوم له في التنفيذ، ومصلحة المحكوم عليه في وقف التنفيذ، ومراعاة المصلحة الأحق بالتفضيل بسلطة الملائمة.
وطلب وقف التنفيذ Sursis à exécution، هو طلب وقتي يتحدد من خلال فكرة الاستعجال، التي هي عبارة عن الخشية من فوات الوقت، أي خطر تأجيل حصول المنفذ ضده على الحماية الموضوعية لأصل الحق المتنازع عليه من محكمة الطعن إذا لم توقف محكمة الطعن التنفيذ الجبري مؤقتا، لحين تحديد مصير الحكم المطعون فيه بالإلغاء، أو التأييد أو التعديل من محكمة الطعن، حيث قد يصيب المنفذ ضده ضرر جسيم، يتعذر تداركه بفوات الوقت الذي تستغرقه إجراءات نظر الطعن أمام محكمة الطعن أو التظلم[38].

ثانيا: مبدأ ملكية الدعوى وحياد القاضي:
- مبدأ ملكية الدعوى المدنية للأطراف:

من خصوصيات التقاضي في المادة المدنية، أن ملكية الدعوى خلالها تكون للأطراف، ذلك أنّ الأطراف هم الذين يرفعون دعواهم ويضبطون محتواها من حيث الطلبات والموضوع، وكذلك إنهاء الخصومة، فهم يسيطرون على الدعوى سواء على مستوى وجود الخصومة أو على مستوى تحديد مادة النزاع، كما أنهم يملكون وحدهم حقّ إثارة الخصومة وتسييرها وإنهائها باعتبارها ملكا لهم، وذلك انطلاقا من فكرة أن النزاع المدني لا يهم بالأساس إلا مصلحة المتقاضين الذين يتحكمون فيه، لأن القاضي لا يمكن أن يتعهد بالبت في نزاع مالم يرفع أمامه، بخلاف التقاضي في القضايا الجنائية والتي تكون فيه الدعوى مشطورة إلى قسمين ، قسم يرفع في إطار الدعوى العمومية والتي يكون من اختصاص النيابة العامة، وقسم يكون من اختصاص الضحايا الذين ينتصبون فيه كمطالبين بالحق المدني.
وقد حظي هذا المبدأ لدى الفقه الفرنسي بالدرس، على عكس الفقه العربي، واختلفوا في تحديد مفهومه، حيث يرى مثلا جون فانسون[39]  Jean Vincent، أن الأطراف هم الذين يسيرون الدعوى، وأنه على القاضي أن يبقى محايدا، ويتبنى هذا المفهوم  أيضا روجي بيرو Roger Perrot.[40] (1920-2014)، في حين يرى هنري موتالسكي[41] Henri Motulsky أن هذا المبدأ يترك للأطراف وحدهم تحديد موضوع وسبب النزاع، وعليه فإن الأطراف هم الملزمون ببيان وقائع الدعوى وموضوعها وأدلتها والطلبات الأخيرة ومستنداتها، فالقاضي مقيد بالحدود التي وضعها أطراف النزاع لنزاعهم، فليس له أن ينظر في وقائع لم توجد في عريضة الدعوى، لأن المحكمة تمثل مرفقا عاما، والخدمات التي تقدمها لهم هي أن تنظر في نزاعاهم بمجرد انعقاد الخصومة، وانعقاد الخصومة من عمل الأطراف وحدهم، وتتم بمجرد تبليغ عريضة الدعوى إلى المطلوب أو بمجرد تقييد الدعوى لدى كتابة ضبط المحكمة. وعند تقديم ملف الدعوى للمحكمة يبدأ القاضي في تهيئة القضية للفصل كما حددها الأطراف.
وعلى هذا الأساس فإن انعقاد الخصومة ومواصلة السير في القضية من عمل الأطراف كما يمكن للأطراف أن يضعوا حدّا للخصومة بالصلح، أو بالتنازل في مواصلة الدعوى.
- مبدأ حياد القاضي:
يعد مبدأ "حياد القاضي" من أهم المبادئ التي لا محيد عنها لضمان استقلال القضاء، وتحقيق العدل بين المتقاضين، ولذلك يقال بأن حياد القاضي واستقلاله يعدان وجهان لعملة واحدة، فلا حديث عن حياد للقاضي إلا إذا كان متمتعا باستقلال وظيفي وشخصي، وهو ما أكدته كل القوانين الحديثة وعلى رأسها المشرع المغربي في العديد من المحطات القانونية، بدءا من دستور سنة 2011، مرورا بالقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة رقم 106.13، بالإضافة إلى ما احتوته القوانين المسطرية المتمثلة في قانون المسطرتين المدنية والجنائية، وقانون التنظيم القضائي 35.18، من مقتضيات قانونية تهدف إلى تكريس هذا المبدأ والحيلولة دون المساس به، نذكر منها تلك المتعلقة بتجريح القضاة ومخاصمتهم، وواجب التقيد حين البت في الدعوى  في حدود الطلب، إلى غير ذلك.
ويكتسي الموضوع أهمية بالغة تتجلى في أن الحقيقة القضائية تتأثر بمبدأ حياد القاضي، باعتبارها قائمة على اقتناع القاضي بناء على تفاعله مع وسائل الإثبات، والسلطة المحدودة المخولة له في إجراءات الدعوى، حيث تقوم الحقيقة القضائية التي يصل إليها القاضي في حكمه على ما يصل إليه من البحث والتحري، لكن قد لا يستطيع الوصول إلى كل الحقيقة نظرا لتقييده بوسائل معينة للإثبات، كما أنه قد يخطئ في تقديره أحيانا، فيقضي بما لا يتفق مع الواقع، ومن هنا تأتي نسبية الحقيقة القضائية التي قد تغاير الحقيقة الواقعية، وبالرغم من هذه النسبية، إلا أنها تعتبر صحيحة بصفة نهائية ولا رجوع فيها إذا أصبح الحكم غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن، انطلاقا من أن الأحكام هي عنوان الحقيقة.
يعتبر مفهوم الحياد من أبرز الشروط الملازمة للأنظمة القضائية برمتها، والتي تقوم بتأمين فاعلية القانون، فبقدر ما يكون تناسب بقدر ما يكون ثمة عمل قضائي سليم، لكن إذا ما اختل التوازن في هذا المبدأ سيكون لا محالة فساد في العمل القضائي، فمن المفروض على القاضي أن يتميز بالحياد تجاه أطراف الدعوى القضائية، وتجاه الموضوع الذي بين يديه وتجاه القانون الواجب التطبيق.
وتجدر الإشارة، إلى أنه لا يقصد بمبدأ حياد القاضي عدم تحيزه لمصلحة طرف دون الآخر، فعدم التحيز أمر مفروض بداهة، ويشكل أول قاعدة للبت في النزاعات، ويظهر الفرق بين عدم التحيز والحياد، في أن التحيز يعني وقوف القاضي إلى جانب طرف وتفضيله على خصمه، مما يتعارض مع مبدأ الإنصاف والموضوعية و المساواة بين الخصوم، أما الحياد فيقف القاضي فيه بين الخصوم بموقف الحكم الذي يزن المصالح القانونية للخصوم بالعدل، وحياد القاضي يمنعه أن يقضي بعلمه الشخصي، وعلى هذا الأساس قضت محكمة النقض المصرية في قرار لها بأن: “المبدأ الأساس الذي يحكم النظرية العامة في الإثبات هو مبدأ حياد القاضي، فلا يجوز له أن يقضي بعلمه الشخصي عن وقائع الدعوى دون أن يكون من قبيل ذلك ما يحصله استقاءً من خبرته بالشؤون العامة المفروض إلمام الكافة بها”، كما أن "مبدأ منع القاضي من الحكم بعلمه الشخصي لا يتأتى من مبدأ حق الخصوم في مناقشة الأدلة التي تقدم في الدعوى، وإنما يتأتى من أن ما شاهده القاضي أو ما سمعه مما يتصل بوقائع القضية، سوف يؤثر حتماً في تقديره، بل قد يشل هذا التقدير، وهو عندئذ يصلح أن يكون شاهداً في القضية ليقدر شاهد آخر شهادته، وإنما لا يصلح أن يكون قاضياً، وإلا عد قاضيا وشاهدا في نفس الوقت"[42].
فمبدأ حياد القاضي إذن، هو المبدأ الذي يزن به القاضي المصالح القانونية للخصوم بالعدل، وأن يقف موقفا من الخصومة، يجعله بعيدا عن مظنة الميل لأحد الأطراف، الأمر الذي يجعله من أبرز الضمانات للخصوم ودعامة أساسية لمنح الحقيقة للحكم.
وينطلق مبدأ حياد القاضي من تأثير النزعة الفردية، التي تعتبر الخصومة كمنازعة خاصة بين الأطراف، وبالتالي لا يحق للقاضي أن يتدخل فيها إلا بالقدر اللازم لتنظيمها، كما أن مبدأ شرعية الإثبات، وثيق الصلة بهذه النزعة، وأبرز مظاهر هذا الحياد في الإثبات المدني، تظهر في سلبية دور القاضي فيما يتعلق بأدلة الخصوم أو إتمامها أو إحضارها، فيترك ذلك كله للأطراف، كما يترك لهم تحديد محل النزاع، وهو ما قضت به محكمة النقض في إحدى قراراتها، حيث جاء فيه:" ليس للقاضي المدني-في إطار الحياد- أن يستند إلى دليل يتحراه بنفسه بعيدا عن الخصوم، ولم يعرض عليه وفقا للإجراءات التي يقررها القانون".
يثار التساؤل حول إمكانية فصل القاضي في الدعوى بناء على ما يصل إلى علمه الشخصي من معلومات، إن هذا السؤال وجد أجوبة مختلفة بالنسبة للمذاهب الفقهية التي تعرضت له، أما بالنسبة للقوانين الحديثة، فقد استقر القضاء الفرنسي على أنه لا يحق للقضاة أن يأخذوا بعين الاعتبار إلا تلك الأدلة التي أقرها القانون، والتي قدمها الخصوم طبقا لقواعد الإجراءات، فالقاضي لا يستطيع أن يشير في حكمه إلى أنه قد أسس قضاءه على المعلومات التي تحصل عليها بصفة شخصية، خارج نطاق الأدلة والطرق التي قررها القانون، فيمنع عليه الاستناد إلى المعلومات التي وصلت إلى علمه قبل إصدار حكمه، إما بواسطة الرسائل التي يبعثها الخصوم، وما إليه مباشرة، وإما بواسطة رئيس المحكمة.
وخلاصة القول إن امتناع القاضي عن القضاء بعلمه الشخصي يقوم من جهة أولى على حماية الأطراف من القاضي، وضمان الوقاية من هوى نفسه البشرية، ومن جهة ثانية على حماية حقوق الأطراف في الدفاع، عن طريق منع القاضي من القضاء بناء على دليل لم يعرض على الأطراف لمناقشته.
 
 
المحور الثاني: البنية السردية ل "مشروع قانون المسطرة المدنية" 02.23، في تحديد وظيفة ودور كتابة الضبط.

بعد استعراض مختلف هذه التوجهات الفلسفية لطبيعة محددات العمل ذي الطبيعة القضائية، والوقوف على تحديد الطبيعة الإدارية لإجراءات التنفيذ الجبري، نتساءل في ضوء كل ما سبق، عن مكونات البنية السردية التي تبناها "مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23"، وهو يؤسس لعمل وأدوار كتابة الضبط بالمرفق القضائي؟ وما مدى تبنيه لتوجه من هذه التوجهات المستحكمة في تحديد العمل ذو الطبيعة القضائية؟
أولا: حالة التنافي:
تبدأ سردية "مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23"، حول دور كتابة الضبط في هذا النص المسطري الهام، من خلال تطرقها لحالات التنافي، حيث تنص (المادة 7) على أنه: "لا يجوز لموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة أن يباشروا، في مجال اختصاصهم، أي عمل أو إجراء يدخل في إطار الدعاوى أو الشكاوى الخاصة بهم أو بأزواجهم أو بأصولهم أو فروعهم أو أصهارهم أو أقاربهم إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الإخوة".
يتحدث النص على أنه لا يجوز لموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة، أن يباشروا في مجال اختصاصهم، أي عمل أو إجراء يدخل في إطار الدعاوى أو الشكاوى، وهو أمر يستحيل تطبيقه، وإلا سيتم عرقلة السير العادي للمرفق القضائي، باعتبار كتابة الضبط هي المحرك الأساسي للعملية القضائية بالمحكمة، ذلك أن النص يتحدث عن أي عمل أو إجراء؟ فكيف يمكن تصور هذا الأمر بهذا العموم والشمول وبشكل مطلق؟
فعلى سبيل المثال لا الحصر في هذه الحالة؛ يكون من مستلزمات إثارة حالة التنافي في حالة وجود أحد الأشخاص في علاقتهم بموظفي كتابة الضبط، عند: تلقي مقال الدعوى بصندوق المحكمة من أجل أداء الرسم القضائي وهو عمل يدخل في إطار الدعوى وإجراء أساسي ولازم لفتح ملف الدعوى، وكذلك فتح ملف لدعوى واستخراج شهادة التسليم المرفقة بأمر بالاستدعاء للأطراف، باعتباره إجراء جوهري يدخل في إطار الدعوى، وتضمين بيانات المقال في النظام المعلوماتي وإدراجه بالجلسات، وتسليم وتسلم المذكرات والتأشير عليها وضمها لملف القضية، كلها إجراءات تدخل في إطار الدعوى؛ إضافة إلى مهام كاتب الجلسة الذي يتولى تحرير محاضر الجلسات وتوقيع الأحكام القضائية إلى جانب رئيس الهيئة القضائية.
 مع أنه من المتعارف عليه، والذي لا يخفى على أي ممارس، أنه يمنع على أي كان سواء كان كتابة الضبط، أو قضاة النيابة العامة متى كانت طرفا رئيسيا في الدعوى يتوجب حضورها أثناء عقد الجلسات أو طرف منضما، حضور المداولة للنطق بالحكم؛ وأن ذلك مقتصر حصرا على أعضاء الهيئة القضائية من القضاء الجالس، التي تنظر الدعوى.
وحتى في الصورة التي تعتبر أقرب منطقة على الاطلاق، وحالة التماس إلى الدرجة التي ينزع فيها كاتب الضبط قبعته الإدارية، ويضع قبعة العمل القضائي، باعتباره أحد المكونات الأساسية للهيئة القضائية التي تنظر الدعوى تحت طائلة البطلان، حيث يقترب فيها من سلطة قرار السلطة القضائية في حسم النزاع؛ وهي لحظة ممارسة مهامه ككاتب للجلسة، خاصة في القضايا الجنائية، حيث تكون المسطرة شفوية، ويكون هو من يتولى تدوين ما يروج فيها من اعترافات ودفوعات وطلبات وملتمسات وقرارات، ويكتسب فيها المحضر المنجز حجية المحضر الرسمي.
حتى في هذه اللحظة الدقيقة، تنعدم حالة التأثير على السلطة القضائية في البت في النزاع، لأنه بمقتضى القانون يحق لرئيس الهيئة في أي لحظة يرتئيها، بناء على طلب النيابة العامة أو الأطراف أو الدفاع، أن يأمر -بصيغة الأمر- إعادة تلاوة ما دون في المحضر، وتدارك ما قد يكون تم إغفاله أو عدم تضمينه، مما يجسد ضمانة أساسية لكل متضرر، بأن يتدخل في كل لحظة وحين يحس فيها أن هناك شيئا ما قد تم إغفاله أو عدم التطرق إليه. كما أن من الأمور التي ستزيد من استبعاد أي تأثير على سلطة البت في الدعوى الممنوحة للسلطة القضائية، كضمانة أساسية لتحقيق المحاكمة العادلة، هو الرقمنة التي ستعرفها العملية القضائية أثناء انعقاد الجلسات، بما ستتيحه من توفير تسجيلات صوتية ومرئية لوقائعها من بدايتها إلى نهايتها.
وإذا كان أمر إثارة حالة التنافي، متصورا جدلا لكتابة الضبط على مستوى الرئاسة، فكيف يعقل تصوره بالنسبة لموظفي كتابة النيابة العامة البعيدين كل البعد عن إجراءات كتابة الضبط بالرئاسة؟ ثم متى كان عرض الشكاوى على القضاء المدني من اختصاص هذا الأخير، حتى يتم إثارة حالة التنافي بخصوصها.
إن الصياغة التشريعية لمقتضيات هذه المادة مرتبكة، وغير واضحة، وتنقصها الدقة، ويطبعها عدم الانسجام والتعارض مع مبادئ التقاضي المتعارف عليها، فضلا عن عدم قابليتها للفهم والتطبيق.
فكما هو معلوم، يشكل النص القانوني القالب اللغوي الذي تقدم به القاعدة القانونية[43]. فالقاعدة القانونية هي الفكرة المنظمة لوضع معين، والنص هو اللغة التي تعبر من خلالها الفكرة إلى عالم الوجود القانوني. فاللغة هي أداة التمييز عن الفكرة القانونية كما تكونت لدى المشرع.
والقاعدة القانونية تتكون من عنصرين رئيسيين هما: عنصر العلم وعنصر الصياغة، حيث يتعلق عنصر العلم بجوهر القانون وموضوعه، وهو ما يمكن التعبير عنه بالمادة الأولية التي تتكون منها القاعدة القانونية، وبالعوامل التي تدخل في مضمونها ويستخلصها القانونيون من حقائق الحياة الاجتماعية بالتجربة والعقل[44].
أما عنصر الصياغة، فيتمثل في إخراج مضمون المادة الأولية إلى حيز العمل، وذلك من خلال الوسائل الفنية اللازمة لإنشاء القاعدة القانونية والتعبير عنها، وتسمى بأساليب صناعة أو صياغة التشريع. وعلى هذا الأساس، فإن جوهر الصياغة التشريعية هو تحويل المادة الأولية التي يتكون منها التشريع إلى قواعد قانونية عامة ومجردة، وصالحة للتطبيق الفعلي على الأشخاص المخاطبين فيها وعلى قد،م المساواة فيما بينهم.
ويترتب على صياغة النص القانوني نتائج هامة جدا، إذ أن عدم الدقة في أي من التعابير المستعملة سواء لجهة الكلمة المستعملة أم لجهة مكان هذه الكلمة في النص يولد التباسات في التطبيق، ربما أدت إلى إعمال القاعدة القانونية بصورة لا تتفق مع ما أراد لها المشرع من مفعول وربما أيضا بصورة مخالفة لإرادة المشرع.
يقول الفقيه مايكل زاندر، إن الكفاءة القانونية العامة وحدها لا تكفي لكي تؤهل المرء لأن يكون صائغا جيدا، ذلك أن رجل القانون الكفء الذي يفتقد إلى الخبرة العملية في فن صياغة التشريعات لا يستطيع أن يؤدي هذه المهمة بشكل مقبول[45].
ثانيا: التبليغ:
السردية الثانية التي ترد في مشروع قانون المسطرة المدنية، هي معضلة المادة 111: "يبلغ كاتب الضبط فورا الحكم، الذي صدر حضوريا، إلى الأطراف أو وكلائهم الحاضرين بالجلسة، ويسلم لهم نسخة من الحكم، ويشار في آخره إلى أن التبليغ والتسليم قد وقعا.
ويشعر الرئيس، علاوة على ذلك، إذا كان الحكم قابلا للاستئناف، الأطراف أو وكلائهم بأن لهم الحق في الطعن فيه بالاستئناف داخل الأجل المحدد في المادة 204 من هذا القانون ابتداء من تاريخ صدوره. ويضمن هذا الإشعار في محضر الجلسة من طرف كاتب الضبط بعد التبليغ".
لقد أثارت طريقة التبليغ بالجلسة طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية الساري المفعول، مجموعة من الإشكاليات، حيث أنه باستقراء هذا الفصل يتضح التبليغ التلقائي الذي يقوم به كاتب الجلسة، وأن الأمر لا يتوقف على طلب المحكوم له؛ وإنما يكتفي كاتب الجلسة بتبليغ الخصم بالمنطوق. إلا أن هذا النوع من التبليغ طرح مجموعة من الاشكاليات: فحضور الأطراف للجلسة لا يتوفر دائما، كما أن شهادة منطوق الحكم تتطلب أن يكون عدد نسخها بعدد الأطراف وهو أمر لا يتوفر دائما كذلك.
وحيث أن جل الأحكام التي ينطق بها، تكون غير محررة؛ فإن المقال الاستئنافي المعتمد على منطوق الحكم فقط يبقى غير مستكمل للشروط المطلوبة فيه قانونا طبقا للفصل 142 من قانون المسطرة المدنية في غياب الوقائع والوسائل المثارة في الحكم الذي لم يحرر رغم النطق به.
 لكل ما سبق يتضح أن عملية التبليغ بالجلسة طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية يتعذر في غالب الأحيان تطبيقها، مما أدى إلى تجنب مقتضياته، لما تثيره من إشكاليات، لتعذر توفر كل الشروط التي أقرها هذا الفصل من قانون المسطرة المدنية.
وإذا كان المقصود من عملية التبليغ هو احتساب أجل الطعن بالحكم وجعله من تاريخ التوصل بالتبليغ؛ فما هي الغاية من اعتبار التبليغ طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية تلقائيا واستبعاده في باقي التبليغات؟
وحيث إن إشكالية التبليغ التلقائي لم يحسم في شأنها المشرع بوضوح تبعا لذلك، تبقى إشكالية المصاريف القضائية بدورها معلقة؛ إلا أنه من الناحية العملية يبقى التبليغ بناء على طلب في الموضوع هو المعمول به.
وقد جاء القسم الأول من الباب الثاني ظهير 27 أبريل 1984 المتعلق بالمصاريف القضائية في القضايا المدنية ليبين تسعيرة الصائر القضائي في التبليغ في الفصول 22 – 43 – 54 – 55، منه.
إجمالا، إن مفهوم التبليغ بالنسبة للأحكام القضائية، لا يمكن تصوره إلا من خلال فتح ملف للتبليغ يِؤدى عنه رسم قضائي كما هو منصوص عليه في ظهير المصاريف القضائية لسنة 1984، ويحمل رقما ورمزا خاصا بتبليغ الأحكام القضائية، يضمن في النظام المعلوماتي المعد لهذا الغرض، ويتضمن ملف التبليغ بالضرورة نسخة تبليغية من الحكم، وطلب للتبليغ، حيث يتم استخراج شهادة للتسليم أو غلاف للتبليغ يحمل رقم ملف التبليغ واسم المدعى عليه/ أو عليهم، المنصوص عليه في نسخة الحكم القضائي من أجل إثبات واقعة التوصل من عدمه.
طي التبليغ هذا هو الذي يمنح لكل ذي مصلحة الحق في أن يطعن في عملية التبليغ، وليس نسخة الحكم المراد تبليغها. فعملية تبليغ الحكم لا يمكن تصورها قبل صدور الحكم القضائي، أو في إبانه، وإنما تكون لاحقة لصدور الحكم القضائي وتحريره وتوقيعه من طرف رئيس الهيئة القضائية وكاتب الضبط، وترقيمه، وتحرير منطوق الحكم بمحضر الجلسة، وتوقيعه من طرف رئيس الهيئة القضائية وكاتب الجلسة.
كما أن الذي يتولى القيام بمهمة إنجاز ملف التبليغ لتبليغ الحكم القضائي، هو مكتب التبليغ الذي يتوفر على حساب خاص للولوج إلى التطبيقية المعلوماتية الخاصة بفتح ملفات تبليغ الأحكام واستخراج طيات التبليغ، وتضمين مآلاتها، وليس بمكاتب الغرف القضائية التي يتواجد بها كتاب الجلسات والملفات الرائجة بها، والذي قد يتولى تمكين أطراف الدعوى من نسخ الأحكام عادية كانت أو تبليغية أو تنفيذية حسب الأحوال، حيث نجد بعض المحاكم من تجعل تسليم نسخ الأحكام بمكاتب الواجهة أو بمكاتب داخلية تكون قريبة من مكاتب الحفظ لتسهيل عملية تداول الملفات، هذه المكاتب الأخيرة التي تكون دائما في الطابق ما تحت أرضي.
ثالثا: التنفيذ الجبري:
السردية الثالثة هي تلك المتعلقة بالتنفيذ الجبري، وهي سردية تنبني على التأسيس لمشهد التنفيذ الجبري في نص هذا المشروع، الذي يغلب عليه مصطلح: "التركيز الصفري" لكل إجراءات التنفيذ الجبري في قبضة قاضي التنفيذ، باعتباره الجهة المختصة قضائيا وإداريا، والخصم والحكم في آن واحد.
وهو ما يستوجب منا الرجوع إلى المفاهيم المؤسسة للتنفيذ الجبري، والقواعد النظرية المؤطرة لهذه العملية، واستحضار الأنظمة القضائية المقارنة في هذا الصدد، لكي تمكن من فك الخيوط المتشابكة لهذه السردية، كما سبق التطرق إليها.
حيث جاء في هذا المشهد/التنفيذ الجبري، في مشروع قانون المسطرة المدنية الآتي:
- المادة 474: "يعين قاضي التنفيذ من بين قضاة محكمة الدرجة الأولى وفق مقتضيات قانون التنظيم القضائي.... "؛
-المادة 475: "ينعقد الاختصاص لقاضي التنفيذ بالمحكمة المصدرة للحكم، أو بالمحكمة التي توجد بها أمواله حسب الحالة".
- المادة 476: "يختص قاضي التنفيذ بإصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ ويتولى الإشراف عليه ومراقبة سير إجراءاته".
- المادة 481: "يقدم طلب التنفيذ إلى قاضي التنفيذ...".
-المادة 485: "يأمر قاضي التنفيذ، فورا وبعد التأكد من اختصاصه ومن قابلية السند للتنفيذ، بتبليغ نسخة من السند مع إعذار المنفذ عليه بتنفيذ ما يقضي به اختياريا".
- المادة 526: "يحدد قاضي التنفيذ الشروط الأساسية للبيع والثمن الافتتاحي للمزاد العلني استنادا إلى خبرة تقدر قيمة كل عنصر من عناصر الأصل التجاري ويبلغ تقرير الخبرة لأطراف التنفيذ".
-المادة 533: "يقيد محضر بيع الأصل التجاري بالمزاد العلني، بطلب من المكلف بالتنفيذ، في السجل التجاري وكذا في السجل الوطني للضمانات المنقولة".
-المادة 569: ".... ويمكن مساءلة المكلف بالتنفيذ تأديبيا الذي ثبتت مسؤوليته دون الإخلال بالمتابعات الزجرية في الموضوع.....".
إن مقتضيات هذه المواد والتي هي على سبيل المثال وليس الحصر، تعكس انقلابا حقيقيا على الوظائف والمهام الأصيلة لكتابة الضبط في التنفيذ الجبري باعتبارها السلطة العامة المكلفة بالتنفيذ، منذ 1913 تاريخ اصدار أول قانون للمسطرة المدنية بالمغرب، وإلى يومنا هذا، وانقلابا على المنهجية القضائية المعتمدة في نظامنا القضائي المستوحى بشكل أساسي من النظام الفرنسي، المرتكز على اضطلاع السلطة القضائية بالمهام القضائية الصرفة المعروضة على المحكمة، وتولي كتابة الضبط مهام القيام بالإجراءات القضائية التي من شأنها تجهيز الملفات واستقبال المتقاضين، وتنفيذ قرارات المحكمة، سواء كانت أثناء سريان الدعوى، أو بعد صدور المقررات القضائية، بل قد تتجاوز هذه الاختصاصات إلى ممارسة اختصاصات قضائية محددة، كما في النظام القضائي الاسباني الذي خول لكتابة الضبط البت في الدعاوى من حيث الشكل.
فعوض أن يتم تثمين دور كتابة الضبط في عملية التنفيذ الجبري، والسير به في هذا الاتجاه، تم الانقلاب على المنهجية القضائية المتبعة في هذا المجال منذ 1913، حيث أصبح قاضي التنفيذ بمقتضى هذا المشروع، مكلفا بالتنفيذ، بالإضافة إلى اعتباره جهة قضائية للبت في النزاعات المترتبة عن التنفيذ، ليصبح خصما وحكما في نفس الآن، مما سيفقده أهم مرتكز من مرتكزات تحقيق المحاكمة العادلة، وهو مبدأ الحياد والتواجهية ما بين الخصوم، ومجاوزة شرط البت في حدود طلبات الأطراف.
فبخصوص المادة 474، التي جاء فيها أنه: "يعين قاضي التنفيذ من بين قضاة محكمة الدرجة الأولى وفق مقتضيات قانون التنظيم القضائي.... "؛ نستخلص أن المشرع في هذا المشروع قد خص التنفيذ الجبري بقاض للتنفيذ، من بين قضاة المحكمة، وذلك تماشيا مع المادة 47 من قانون التنظيم القضائي التي جاء فيها:
 "يعين من بين قضاة المحكمة الابتدائية، طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون، رؤساء الغرف ورؤساء الهيئات ونوابهم، وقضاة التنفيذ، وكذا القضاة المنتدبون في قضايا صعوبات المقاولة بالأقسام المتخصصة في القضاء التجاري، والمفوضون الملكيون للدفاع عن القانون والحق بالأقسام المتخصصة في القضاء الإداري.
ويعين بنفس الكيفية، عند الاقتضاء، أي قاض ينتدب لمهمة أخرى بالمحكمة.
يعين قضاة الأسرة المكلفون بالزواج، والقضاة المكلفون بالتوثيق، والقضاة المكلفون بشؤون القاصرين، والقضاة المكلفون بالتحقيق، وقضاة الأحداث، وقضاة تطبيق العقوبات لمدة ثلاث سنوات بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باقتراح من رئيس المحكمة".
وهي مادة تندرج بطبيعتها في الاختصاصات القضائية للمحكمة، حيث جاءت هذه المادة في الفرع الأول تأليف المحاكم الابتدائية وتنظيمها، من الفصل الأول المحاكم الابتدائية، من الباب الأول محاكم الدرجة الأولى، من القسم الثاني تأليف المحاكم وتنظيمها واختصاصها، وهو ما يؤكد الطبيعة القضائية لمهام قاضي التنفيذ، على شاكلة باقي الأصناف الأخرى من القضاة الذي يضطلعون بمهام قضائية خاصة.
 لكن حينما أراد المشرع تنظيم اختصاصاته في المشروع، وعوض أن تبقى لصيقة بما هو قضائي، منحه اختصاصات إدارية، وشبة قضائية، وهو ما يخالف مقتضيات قانون التنظيم القضائي، في مواده 19 و23، التي جعلت المهام الإدارية والمالية والمهام ذات الطبيعة القضائية من اختصاصات كتابة الضبط، كما جعلت مهام الإشراف والمراقبة لعمل لمهام كتابة الضبط من اختصاص المسؤولين المباشرين لها، وليس لقاضي التنفيذ.
كما يمكن ملاحظة نفس التوجه في المادة 476 من المشروع: "يختص قاضي التنفيذ بإصدار الأوامر المتعلقة بالتنفيذ ويتولى الإشراف عليه ومراقبة سير إجراءاته"، حيث تم التنصيص على مفهومي الإشراف والمراقبة، وذلك في مخالفة صريحة للمادة 23 من قانون التنظيم القضائي التي جعلت مهام الاشراف والمراقبة من اختصاصات رئيس كتابة الضبط، حيث جاء فيها: "يعتبر كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة، الرئيس التسلسلي لموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة على صعيد كل محكمة، كل فيما يخصه، ويتولى بهذه الصفة، الإشراف المباشر على الموظفين النابعين له، ومراقبة وتقييم أدائهم، وتنظيم عملهم وتدبير الرخص المتعلقة بهم...".
وفيما يخص المهام الأصيلة بعمل كتابة الضبط في التنفيذ الجبري باعتبارها السلطة العامة المكلفة بالتنفيذ، نجد المشروع يسلب كتابة الضبط هذه المهام ويمنحها لقاضي التنفيذ، مما يجعله جهة مكلفة التنفيذ، وهو ما من شأنه أن يكرس لتوجه جديد في النظام القاضي المغربي، لا نجد له سندا إلا في التشريعات التي تستند على النظام القضائي العثماني، أو في التجربة الإيطالية التي لا تربطها بالنظام القضائي المغربي أية علاقة، وذلك في مخالفة صريحة للممارسة القضائية الطويلة التي قطعتها التجربة المغربية في تنظيم أحكام التنفيذ الجبري، عمرت منذ 1913 وإلى يومه، تمخض عنها ممارسات واجتهادات قضائية وإدارية ومحاسباتية رائدة، أصبحت مادة علمية راسخة في الدرس القانوني والقضائي في محراب الجامعات المغربية، وممارسات فضلى يتأسى بها مجموعة لا يستهان بها من الأنظمة القضائية المقارنة.
حيث جاءت المادة 481 ب: "يقدم طلب التنفيذ إلى قاضي التنفيذ...".
في حين ينص الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية الحالي على أن، تنفيذ الأحكام القضائية يكون بناء على طلب يوجه إلى رئيس كتابة الضبط، باعتباره سلطة عامة مكلفة بالتنفيذ الجبري:
" تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه.
يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون.
يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة...".
فهل أصبح قاضي التنفيذ سلطة عامة مكلفة بالتنفيذ، استعاض به هذا المشروع عن كتابة الضبط، ليضطلع بمهام التنفيذ الجبري؟ وما تبعات هذا التوجه القضائي على الآثار المترتبة عن هذا التنفيذ، من حيث من سيتحمل المسؤولية، هل كتابة الضبط أم قاضي التنفيذ؟ وما مدى ملائمة هذا التوجه، مع باقي المقتضيات القانونية للتنفيذ الجبري وما راكمه القضاء المغربي من ممارسات فضلى واجتهادات قضائية منذ 1913 وإلى يومنا هذا؟
فإذا عدنا إلى المادة 485: "يأمر قاضي التنفيذ، فورا وبعد التأكد من اختصاصه ومن قابلية السند للتنفيذ، بتبليغ نسخة من السند مع إعذار المنفذ عليه بتنفيذ ما يقضي به اختياريا".
فحسب هذه المادة لا يتم الشروع في عملية التنفيذ إلا بعد صدور أمر بذلك من طرف قاضي التنفيذ. فما طبيعة هذا الأمر؟ هل هو أمر قضائي مكتوب؟ وإذا كان كذلك، هل هو قابل للطعن فيه؟ وماهي جهة الاختصاص للبت في هذا الطعن؟
 أم أنه أمر ولائي؟ وهل سيكون مكتوبا أم شفويا؟ وما شكلية الطعن أو التظلم أو الإلغاء فيه؟ أم أنه لا يقبل أي شكل من أشكال الطعن؟ وفي هذه الحالة من سيتحمل مسؤولية الشروع في عملية التنفيذ إذا تمخض عنه بطلان لإجراءات التنفيذ: قاضي التنفيذ أم كتابة الضبط؟
أما بالنسبة للتأكد من قابلية السند التنفيذي للتنفيذ، فهذا إشكال جوهري فيما يخص الاختصاص الذي سيضطلع به قاضي التنفيذ، والذي قد يمس، حياده، وضمان المساواة بين أطراف النزاع، وخرقه لمبدأ التواجهية وحقوق الدفاع.
فالسند التنفيذي –كقاعدة عامة- يشهد على توافر الشروط الشكلية والموضوعية للتنفيذ بمقتضاه، وبه يبدأ التنفيذ، وبه يستمر، وبه يقتضي صاحبه حقه بإجراءات توزيع حصيلة التنفيذ على الدائنين. ولما كان التنفيذ لا يبدأ إلا بمقتضى سند تنفيذي فالأصل أن منازعة التنفيذ لا تتعلق به، وإنما تتعلق بتوافر الشروط الأخرى لإجراء التنفيذ الجبري، أو عدم توافرها، مل لم يحصل التمسك بتزوير السند التنفيذي أو بإلغائه أو بتعديله إذا كان حكما[46].
فما حدود هذا التأكد من قابلية السند التنفيذي للتنفيذ؟ فهل سيقتصر الأمر فقط على المراقبة الشكلية للسند التنفيذي موضوع التنفيذ، من حيث تبليغه حتى أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به، أو شموله بالنفاذ المعجل، ووجود الصيغة التنفيذية ممهورة عليه؟ أم قد يمتد إلى فحص منطوق المقرر القضائي وقابليته للتنفيذ من الناحية العملية والواقعية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف له معرفة ذلك وهو لم ولن يبرح مكانه، وينتقل إلى عين المكان محل موضوع التنفيذ؟ وحتى إذا انتقل إلى عين المكان مع أن الأمر مستبعد، فهل يمتلك من الخبرة التقنية لمعرفة مدى تطابق مقتضيات السند التنفيذي مع محل موضوع التنفيذ؟ أم سيصطحب معه خبيرا لينبئه عن مدى صحة هذه المطابقة؟
إن أمر هذه الإشكاليات الواقعية والقانونية هو ما يصطلح عليه بصعوبات التنفيذ القانونية والواقعية، والتي تكون متروكة لأطراف التنفيذ لإثارتها بسعي منهم، أمام أنظار قاضي التنفيذ للبت فيها، وذلك في احترام تام للاختصاصات القضائية، ومراعاة لمبدأ الحياد وتحقيق المساواة، وتوفير شروط وضمانات المحاكمة العادلة.

 
خاتمة:

كخلاصة لهذه الدراسة المتواضعة، والتي تتبعنا فيها مختلف المدارس الفلسفية التي حاولت تحديد العمل ذو الطبيعة القضائية، وطبيعة إجراءات التنفيذ الجبري، كما عمدنا إلى سرد ثلاثة نماذج على سبيل المثال لا الحصر، لتصور/لسردية، مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23، لعمل كتابة الضبط، من خلال حالات التنافي، وإشكالية التبليغ، ومعضلة قاضي التنفيذ، حيث يمكن أن نستنتج الخلاصات الآتية:
-افتقار البنية السردية لهذا المشروع/العمل السردي، لتصور واضح لعمل كتابة الضبط داخل المرفق القضائي وخلال العملية القضائية، يمكن المطلع/المتلقي من تحديد هوية لها، مما أدى به إلى خلق قواعد قانونية بشكل اعتباطي، تستند على تمثلات شخصية وفردية منعزلة تعود لواضعها/السارد، لا تنبني على أسس واقعية متينة، وتفتقر للتجرد والعمومية والشمولية، إذ يبدو السارد مفتقرا وضئيل المعرفة، وهو يقدم سرديته من خلال ما يسمعه وما يراه دون إمكانية الوصول إلى عمقها الداخلي.
-عدم احترام الانسجام والتطابق مع النظام القانوني والقضائي المعمول به داخل نسق النظام السياسي المغربي، سياسيا وإداريا وتنظيميا وقانونيا وقضائيا، خاصة من حيث التوجهات القانونية والقضائية العامة التي تمتح -شئنا أم أبينا- من المنظومة القانونية والقضائية اللاتينية الفرنسية؛
-ضبابية/ارتباك موقف هذا المشروع، في تحديد ماهية العمل ذو الطبيعة القضائية، والفلسفة المستحكمة في تحديد أسس ممارسة عمل السلطة القضائية، والخلط بينه وبين عمل السلطة التنفيذية المطبوعة أعمالها بالصبغة الإدارية والتنظيمية، مما حدا به إلى أن يمتد إلى منح ما هو إداري ومالي/محاسباتي للسلطة القضائية، في تناقض صارخ مع مبدأ فصل السلط، وما يفرضه من وتوازن السلط قبل تعاونها، واحترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والحكامة الجيدة لسير عمل المحكمة باعتبارها مرفقا عموميا.

المراجع:

--وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني.
-فتحي والي، مناهج البحث في قانون المرافعات.
-أحمد مليجي، أعمال القضاة.
-عبد المنعم الشرقاوي، الوجيز في المرافعات المدنية والتجارية.
–رمزي سيف، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية.
-عبد الباسط جميعي، شرح قانون الإجراءات.
- محمد كامل ليلة، الرقابة على أعمال الإدارة.
- محمد كشبور، الصباغة الفنية للحكم القضائي، محاضرة ضمن الندوة العلمية الكبرى التي نظمتها كلية الحقوق التابعة لجامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء، بتاريخ: 30 و31 ماي 2003، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية.
-حسن كيرة، المدخل إلى القانون، الإسكندرية، منشأة المعارف، ط.1971.
- فايز محمد حسين محمد، أثر مشروع السنهوري في القوانين المدنية العربية، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية بكلية الحقوقـ جامعة الإسكندرية، العدد الثاني 2014.
 -عبد الرزاق السنهوري، من مجلة الأحكام العدلية إلى القانون المدني العراقي وحركة التقنين في العصور الحديثة، مجلة القضاء العراقية، س 2، ع1، 2، مايو، 1936.
-عبدالرزاق السنهوري وأحمد بوسيت، أصول القانون.
-أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، طبعة 2015، مكتبة الوفاء القانونية-الإسكندرية.
-وجدي راغب، النظرية العامة للتنفيذ القضائي في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الفكر العربي.
- الطيب برادة، التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، المعهد الوطني للدراسات القضائية، 1988.
-فتحي والي، التنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991.
- أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية، مطبعة منشأة المعارف، الطبعة الخامسة عشر، بدون ذكر السنة .
- سعد جبار السوداني، القصور في الصياغة التشريعية، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة الحقوق، كلية القانون في الجامعة المستنصرية في العراق، مجلد رقم 4، 2012.
-مصطفى زاهر، دور كتابة الضبط في دعم ورش إصلاح العدالة بالمغرب، رسالة لنيل الدبلوم الجامعي العالي في المهن القضائية والقانونية، بجامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، سنة 2006-2007.
- أحمد قباب، مهام كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته، مكتبة الرشاد، سطات، ط.1.
- جيرار جينيت (1930 ـ 2018)، الناقد والمنظّر الأدبي الفرنسي، صاحب منجز نقدي ضخم وفريد من نوعه في النقد والخطاب السردي وأنساقه وجماليات الحكاية والمتخيل وشعرية النصوص واللغة الأدبية.
-William Seagle , Rudolf  von Jhering : or law as a means to an end, The University of Chicago La w Review, 13 :1 ; 75, 1945.
Michael Zander , The Law-Making Process, 5th ed. London, 1999-
-Hébrand Pierre, revue trimestrielle de droit civil , 1984,
-Hauriou Maurice, Le précis de droit administratif et de droit public, 11° édition. 1927.
-Vincent Jean : Procédure civile 17° édition. Précis Dalloz. 1974 n° 70
-Duguit Léon : Traite de droit constitutionnel. 3° édition ; tome 2. Paris. 1928 n°28.
-Guiseppe chiovenda- Vizioz H. Etude de procédure.
-Lureau Pierre: De l’interprétation des règlements administratifs et de l’appréciation de leur légalité par les tribunaux judiciaires. Thèse. Bordeaux. 1930.
-Bonnard Roger (1878-1944) ; la conception matérielle de la fonction juridictionnelle. Article cite mélang”s. R : carré de Malberg. Paris 1933 ;
- Carré de Malberg : Contribution à la théorie générale de l’Etat- Spécialement d’après les données fournies par le droit constitutionnel français. Paris 1920 tome 1. n° 229.
-Jèze Gaston : Cours de droit public professé à la faculté de droit de Paris. 1923 -1924.
-Guillien Raymond : L’acte juridictionnel et l’autorité de la chose jugée. Bordeaux 1931.
-Joël Monéger, Biographie du code des obligations et contrats, De la réception à l’assimilation d’un code étranger dans l’ordre juridique marocain, R.M.D.E.D, n°7,
 
الهوامش
[1] - من الفصل 26 إلى الفصل 33 من الباب الأول من القسم الثاني.
[2] - يمكن الرجوع في هذا الصدد إلى مصطفى زاهر، دور كتابة الضبط في دعم ورش إصلاح العدالة بالمغرب، رسالة لنيل الدبلوم الجامعي العالي في المهن القضائية والقانونية، بجامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، سنة 2006-2007.
[3] -في فرنسا وإبان ظهور الجمهورية الخامسة، أصبح كاتب الضبط شخصا من اشخاص القانون الخاص ويعمل في قطاع عام، وهو قطاع العدل، حيث أصبح يسمى موظفا عموميا ووزاريا، للتوسع أكثر يمكن الرجوع إلى أحمد قباب، مهام كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته، مكتبة الرشاد، سطات، ط.1، 1915، ص:15.
[4] - لإيضاح هذه الفكرة خصص مؤلفا ضخما يقع في أربعة أجزاء صدرت بين سنة 1914 وسنة 1932، بعنوان العلم والصياغة في القانون الخاص الوضعي.
 
[5] - للتوسع أكثر يمكن الرجوع لمقال لإدريس العلوي العبدلاوي، "تحديد طبيعة العمل القضائي"، مجلة الفقه والقانون، العدد 29، مارس 2015.
[6] -Hébrand Pierre, revue trimestrielle de droit civil , 1984, page :63
[7] -Hauriou Maurice, Le précis de droit administratif et de droit public, 11° édition. 1927 page 365, 432, 648 -650.
[8] -Vincent Jean : Procédure civile 17° édition. Précis Dalloz. 1974 n° 70 pages 84.85.
[9] -Duguit Léon : Traite de droit constitutionnel. 3° édition ; tome 2. Paris. 1928 n°28. Page 418.
[10] -Guiseppe chiovenda- Vizioz H. Etude de procédure. P : 175.
[11] - وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، ص: 70. فتحي والي، مناهج البحث في قانون المرافعات، ص:87. أحمد مليجي، أعمال القضاة، ص:10-37.
[12] -Lureau Pierre: De l’interprétation des règlements administratifs et de l’appréciation de leur légalité par les tribunaux judiciaires. Thèse. Bordeaux. 1930. Page 137.
[13] -Bonnard Roger (1878-1944); la conception matérielle de la fonction juridictionnelle. Article cite mélang”s. R : carré de Malberg. Paris 1933 ; page 3-29.
[14] - Carré de Malberg : Contribution à la théorie générale de l’Etat- Spécialement d’après les données fournies par le droit constitutionnel français. Paris 1920 tome 1. n° 229.
[15] -Jèze Gaston : Cours de droit public professé à la faculté de droit de Paris. 1923 -1924. Pages 11 et 79.
[16] -Guillien Raymond : L’acte juridictionnel et l’autorité de la chose jugée. Bordeaux 1931. Pages 21.
[17] - محمد كامل ليلة، الرقابة على أعمال الإدارة، ص:616.
[18] - الحكم الصادر في 26/04/1960، مبادئ المحكمة الإدارية العليا، السنة الخامسة، العدد الثاني، ص:814-818.
[19]  محمد كشبور، الصباغة الفنية للحكم القضائي، محاضرة ضمن الندوة العلمية الكبرى التي نظمتها كلية الحقوق التابعة لجامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء، بتاريخ: 30 و31 ماي 2003، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، ص:104.
[20] -Joël Monéger, Biographie du code des obligations et contrats, De la réception à l’assimilation d’un code étranger dans l’ordre juridique marocain, R.M.D.E.D, n°7, P.15.
[21] -حسن كيرة، المدخل إلى القانون، الإسكندرية، منشأة المعارف، ط.1971، ص:261.
[22] - فايز محمد حسين محمد، أثر مشروع السنهوري في القوانين المدنية العربية، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية بكلية الحقوقـ جامعة الإسكندرية، العدد الثاني 2014، ص: 13.
[23] -عبد الرزاق السنهوري، من مجلة الأحكام العدلية إلى القانون المدني العراقي وحركة التقنين في العصور الحديثة، مجلة القضاء العراقية، س 2، ع1، 2، مايو، 1936.
[24] -أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، طبعة 2015، مكتبة الوفاء القانونية-الإسكندرية، ص:25.
[25] -وجدي راغب، النظرية العامة للتنفيذ القضائي في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الفكر العربي، ص:33.
[26] - دستورية عليا 17/12/1994، قضية رقم 5 لسنة 15 ق، مج، ج 6، ص:918. نقلا عن خيري عبدالفتاح السيد البتانوني، النظام الإجرائي لوقف القوة التنفيذية من محكمة الطعن المدني، ص:1001.
[27] -محمد عبد الخالق عمر، مبادئ التنفيذ الجبري، ط4، دار العربية بالقاهرة، 1978، ص:25.
[28] - الطيب برادة، التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، المعهد الوطني للدراسات القضائية، 1988، ص:73.
[29] -فتحي والي، التنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، ص: 22.
[30] - فتحي الوالي، التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، ص:29. محمد عبد الخالق عمر، مبادئ التنفيذ، ص:111-112. أحمد محمد حشيش، أساس التنفيذ الجبري في قانون المرافعات، ص: 173.
[31] - نبيل إسماعيل عمر، أصول المرافعات المدنية والتجارية، ط1، منشأة المعارف بالإسكندرية 1986، ص:358. أحمد محمد أحمد حشيش، نظرية القوة التنفيذية لسند التنفيذ، دار الفكر الجامعي، 2002، ص:102.
[32] -أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ، ص:43.
[33] - طلعت محمد دويدار، وظيفة الاستعجال في التوفيق بين المصالح المتعارضة في التنفيذ القضائي، دار الجامعة الجديدة للنشر بالإسكندرية، 2009، ص:38.
[34] - عبد العزيز خليل بديوي، قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري والتحفظ، ط2، دار الفكر العربي بالقاهرة 1980، ص:61.
[35] -عبدالحكم شرف الدين، حجية الأحكام في الشريعة الإسلامية، ط1، 1988، ص:15- أحمد صفوت، النظام القضائي في إنجلترا، ط. 1923، ص:13-21.
[36] - أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ، ص:23-24.
[37] -code de procédure civile Français Article 501 : « Le jugement est exécutoire, sous les conditions qui suivent, à partir du moment où il passe en force de chose jugée à moins que le débiteur ne bénéficie d’un délai de grâce ou le créancier de l’exécution provisoire ». Et Article 539 : « Le délai de recours par une voie ordinaire suspend l’exécution du jugement. Le recours exercé est également suspensif ».
[38] - نبيل عمر، دراسات في قنون المرافعات، ص:28 وما بعدها.
[39] - Jean Vincent est avocat au Barreau des Hauts-de-Seine, spécialisé en droit des contrats, droits d'auteur, droits voisins et droit social des artistes
[40] - Roger Perrot est Professeur émérite de l'Université Panthéon-Assas (Paris II), après avoir enseigné de nombreuses années les Institutions judiciaires et le droit judiciaire privé à cette même Université et en avoir dirigé l'Institut d'études judiciaires.
[41] - هنري موتولسكي فقيه كبير و صاحب نظريات عدة في فقه الاجراءات المدنية لعل أهمها نظرية السبب الواقعي.
[42] - أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية، مطبعة منشأة المعارف، الطبعة الخامسة عشر، بدون ذكر السنة. ص:115.
[43] - مصطفى العوجي، القاعدة القانونية في القانون المدني، دار المنال بيروت، ط.1، 1992، ص:45.
[44] -الدكتور سعد جبار السوداني، القصور في الصياغة التشريعية، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة الحقوق، كلية القانون في الجامعة المستنصرية في العراق، مجلد رقم 4، 2012، ص:78.
[45] - Michael Zander , The Law-Making Process, 5th ed. London, 1999,p.41.
[46] - أحمد أبو الوف، إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، الإسكندرية، ط. 2015، ص: 266.



الخميس 2 يناير 2025
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter