مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وبعد
فلقد حرص الإسلام على وحدة المسلمين، وأكد على أخوة الدين، وأمر بكل ما فيه تأليف القلوب، ونهى عن كل أسباب العداوة والبغضاء والقطيعة والهجران، ومن بينها الخصام؛ الذي يقع بين جميع فئات المجتمع؛ بين الرجل وزوجته، وبين القريب وقريبه، وبين الجار وجاره، وبين الشريك وشريكه، وبين العشائر بعضها مع بعض؛ وهذا أمر طبيعي حتمي ومشاهد لا يمكن إنكاره وأسبابه كثيرة لا حصر لها.
وبالخصام يتحول الحال؛ فبعد المحبة والصفاء تحل العداوة والبغضاء، وبعد القرب والوصال تكون القطيعة والهجران، ويصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم والمستقبل.
لهذا أمر الشرع بالسعي في إصلاح ذات البين بين المتخاصمين وحث عليه، قال تعالى:
" ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[1]
وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم السعي الإصلاح بين الناس وكان يعرض الصلح بين المتخاصمين وقد باشر الصلح بنفسه حين تنازع أهل قباء فندب أصحابه وقال:" اذهبوا بنا نصلح بينهم"[2].
رغم أن القضاء هو الوسيلة الأساسية في حل النزاعات، وبه تظهر الحقوق وتنقطع الخصومات، إلا أنه كثيرا ما يتسبب في القطيعة خاصة بين الأقارب والجيران، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن"[3].
إضافة إلى أن القضاء في الوقت الراهن يعاني من كثرة القضايا المعروضة عليه، والتي باتت تثقل كاهل القضاة والموظفين، الأمر الذي أثر سلبا على سير إجراءات التقاضي؛ التي يطول أمدها، والتي زاد من حدتها تعقد الإجراءات والمساطر الناتجة عن تفاعل عدة مؤثرات وتدخل عدة فاعلين، لا سيما في حل المنازعات العقارية التي تستدعي وقتا طويلا لحلها، ومن واقع بعض الإحصائيات المتوفرة، فإن المنازعات العقارية تشكل نسبة غير قليلة أمام القضاء سواء كانت خلافا حول تملك العقار, أو في عقود المقاولات والإنشاءات، أو في دعاوى القسمة والخروج من الشياع. ولا يخفى ما يستوجبه نظر هذه القضايا من جهد و وقت كبيرين تفرضهما الطبيعة المعقدة غالبا لمثل هذه القضايا.
لذلك وفي سبيل اختصار الطريق أصبح الأفضل اللجوء إلى الصلح التوفيق؛ الذي هو من أقدم الوسائل التي كان يلجأ إليها الأفراد لفض المنازعات بينهم، بل يمكن اعتباره أقدم من القضاء؛ حيث كان الناس في ظل عشائرهم يلجئون إلى أحد الأشخاص المعروف بحكمته ونزاهته؛ لعرض النزاع عليه و طلب تدخله لإبرام صلح وتوفيق بين الطرفين يحفظ ماء الوجه لهما معا لا غالب ولا مغلوب.
ومن بين وسائل وتطبيقات الصلح والتوفيق القسمة الرضائية؛ التي تعتبر أهم حالات إنهاء الملكية الشائعة في العقار؛ التي تقف عقبة أمام المالكين تحد من حرية التصرف كل مالك بالحصة الشائعة بشكل مستقل ومنفرد عن بقية المالكين، مما يترتب عليه كثرة الصراعات والخصومات والنزاعات، في حالة إبقاء الشياع أو في حالة قسمة الشياع قسمة قضائية .
وهذا مشاهد معروف في واقعنا المعاصر من ارتفاع دعاوى القسمة المعروضة على المحاكم والتي غالبا ما تتسبب في تفكيك الروابط الأسرية .
وإن أهم سبب دفعني لأكتب في هذا الموضوع هو أنه واقع معاش في حياتنا اليومية الأسرية، إذ لا يخلوا الإنسان من كونه وارثا أو موروثا، فضلا عن إمكانية كونه شريكا أو خلفا لشريك.
فماهي إذن القسمة الرضائية ؟ وما هي أحكامها ؟ وإلى أي أحد يمكن اعتبارها وسيلة بديلة لحل وفض المنازعات العقارية بعيدا عن القضاء والقسمة القضائية ؟
وسأتناول هذا الموضوع في مبحثين :
المبحث الأول : ماهية القسمة الرضائية
المطلب الأول: تعريف القسمة الرضائية
لغة:
القسمة بكسر القاف اسم مؤنث ومعناه التجزئة ويجمع على قِسْمٌ والفعل قسمه يقسمه والمصدر قَسما بفتح القاف وسكون السين، وللموضع مقسم كمجلس وقسَّمه بفتح القاف وتشديد السين المفتوحة جزأه وهي القسمة، والمقسم كمقلد نصيب الإنسان من الشيء وحظه فيه يجمع على أقسام، يقال قسمت الشيء بين الشركاء وأعطيت لكل شريك قسمه ومقسمه وقسيمه قال الراغب، وحقيقته أنه جزء من تقبل التقسيم، وقاسمه الشيء مقاسمة أخذ كل منهما قسمه والقسِم المقاسم وهو من يقاسم غيره شيئا أرضا أو غيرها من الأموال، يجمع على أقسام وقسماء والقسيم شطر الشيء والقسام الذي يقسم والقسامة بضم القاف وفتح السين: ما يعز له القاسم لنفسه من رأس المال يكون أجرا له، والقسامة بكسر القاف وفتح السين: الصدقة لأنها تقسم على الفقراء،
والقسام : الذي يقسم الدور والأرض بين الشركاء فيها، قال لبيد :
فارضوا بما قسم المليك فإنما قسم المعيشة بيننا قسامها [4].
وفي الصحاح: وتقسمهم الدهر فتقسموا، أي فرقهم فتفرقوا، والتقسيم التفريق.[5]
وتأتي بمعنى التفريق، ومعنى النصيب وجعل الأشياء أجزاء، أو أبعاضا متمايزة[6].
الرضائية من تراضى يتراضى، تَراضَ، تراضيًا، فهو مُتراضٍ
• تراضى الرَّجلان:توافقا، أرضى كلٌّ منهما الآخر " {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} " بالتَّراضي: بالاتِّفاق الودِّيّ دون تدخُّل القضاء.[7]
2_ في الاصطلاح الفقهي:
عرفها ابن عرفة بأنها "تصيير مشاع من مملوك مالكين فأكثر معينا ولو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو تراض"[8].
وعرفت مدونة الحقوق العينية القسمة بأنواعها:
"القسمة إما بتية أو قسمة مهايأة.
القسمة البتية أداة لفرز نصيب كل شريك في الملك وينقضي بما الشياع.
قسمة المهايأة تقتصر على المنافع وهي إما زمانية وإما مكانية.
تتم القسمة إما بالتراضي وإما بحكم قضائي..."[9]
وقد عرفها فقهاء القانون بعدة تعريفات أهمها تعريف الفقيه بلانيول فالقسمة عنده هي "عملية الفرض منها إزالة الشيوع وإنهاء حالته وذلك بتقسيم المال الشائع، وتخصيص كل شريك فيه بجزء مفرز يتناسب مع حصته يستقل بها دون باقي الشركاء، أو بتصفية المال الشائع ببيعه وتوزيع ثمنه على الشركاء كل بما يوازي حصته إذا كان المال غير قابل للقسمة، أو كان من شأنها أحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته"[10].
والقسمة الرضائية هي التي يتوافق الشركاء على إيقاعها ويسلم كل واحد منهم لصاحبه ما أخذه من غير قرعة وهي نوعان : قسمة المراضاة مع التقويم والتعديل وهي التي أشار إليها ابن عاصم في قوله :
وقسمة الوفاق والتسليم لكن مع التعديل والتقويم
ومثيلتها من غير تقويم ولا تعديل :
وقسمة الرضا والاتفاق من غير تعديل على الإطلاق
المطلب الثاني: مشروعية القسمة.
القسمة ثابتة بالكتاب والسنة :
فمن الكتاب: قوله تعالى:
" ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾" [11]
دلت الآية على مشروعية القسمة ذلك أن الحق سبحانه وتعالى شرع لأولى القربى ممن لم يرثوا وكذا اليتامى والمساكين إذا حضروا قسمة التركة بين للورثة أن يعطوا شيئا من المال المقسوم[12].
قال ابن العربي:“... والصحيح أنها مبينة استحقاق الورثة لنصيبهم، واستحباب المشاركة لمن لا نصيب له منهم بان يسهم لهم من التركة ويذكر لهم من القول ما يؤنسهم وتطيب به نفوسهم "[13].
وقال تعالى: " ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾"[14]
فقد دلت الآية على جواز القسمة لأن الحق سبحانه وتعالى سمى قسمة المهايأة على المال قسمة، والآية الكريمة وإن كانت شرعا لمن قبلنا إخبارها بما يرى بين الصالح عليه السلام وقومه إلا أنها تعتبر شرعا لنا مادام لم يثبت نسخها كما قال جمهور المفسرين[15].
ومن السنة النبوية:
1)- حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرف فلا شفعة"[16].
فدل الحديث صراحة على مشروعية القسمة لأن قول الراوي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم معناه أن المال يكون مشتركا بين اثنين فأكثرتم ترد عليه للقسمة.
2)- قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام"[17].
" قال ابن وهب : سألت مالكا عن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية "، فقال لي هو كذالك أيما دار في الجاهلية قسمت ثم أسلم أهلها فهم على قسمتهم يومئذ، وأيما دار في الجاهلية لم تزل بأيدي أصحابها لم يتقسموها حتى كان الإسلام فاقتسموها في الإسلام، فهو على قسم الإسلام، فقلت لمالك أرأيت النصراني يموت ويترك ولدا نصرانيا ثم يموت فيسلم بعض ولده قبل قسم ميراثهم ليس هذا من هذا في شيء غنما يقسم هؤلاء من اسلم منهم ومن لم يسلم على حال قسمهم يوم مات أبوهم " [18]
3)- ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، فيقول الله هذه قسمتي في ما أملك فلا تلمني في ما لا أملك"[19].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كما نقله غير واحد من الفقهاء أنه كان يقسم الغنائم بين أصحابها وقسم خيبر على ثمانية عشر سهما[20].
فأفاد قوله عليه السلام هذه قسمتي فيما أملك ومباشرته لقسمة الغنائم بين أصحابه جواز القسمة قال ابن حزم في محلاه إن قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي" عام لكل قسمة وليس لأحد أن يخص برأسه بين زوجات النبي رضي الله عنهن"[21].
أما الحكمة من مشروعيتها فتلخص في التالي:
المطلب الأول: القسمة المؤقتة:
وهي التي يكون الهدف منها اقتسام منافع الشيء دون عينه وقد درج فقهاء الإسلام على تسميتها بقسمة المهايأة أو قسمة المنافع، وهي لا تزيل الملك بل تنظم كيفية استغلاله بين المشتاعين، وهي لا تجري في المثليات[23]، لأنها لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، ولأنها قابلة للقسمة، فلا حاجة إلى المهايأة، وتكون المهايأة في القيميات[24] التي يمكن الانتفاع بها مع بقاع عينها.[25]
وهي نوعان مهايأة مكانية ومهايأة زمانية.
هي تلك التي يتفق المشتاعون بمقتضاها على تقسيم المال المشترك إلى عدة أجزاء ينفرد كل واحد منهم بجزء يشمل حصته في النصيب المشترك. كما في مدونة الحقوق العينية التي نظمتها في المادة 328 "تكون المهايأة مكانية عندما يتفق الشركاء على أن يختص كل واحد منهم بالانتفاع بجزء مفرز من العقار المشاع يتناسب مع حصته فيه على أن يتنازل لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي أجزائه الأخرى ويجب فيها تعيين الجزء الذي يستقل به كل منهم وإلا عينته المحكمة".
وبالنسبة للبنايات والأغراس التي يقيمها الشريك في المال الشائع، أو في الحصة التي يستغلها فإن قاعدة الالتصاق لا تطبق عليها وإنما مقتضيات المادة 963 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على "ليس لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديداً على الشيء المشاع بغير موافقة الباقين، وعند المخالفة تطبق القواعد الآتية:
إذا كان الشيء قابلا للقسمة، شرع في قسمته، فإن خرج الجزء الذي حصل فيه تجديد في نصيب من أجراه، لم يكن هناك رجوع لأحد على آخر، أما إذا خرج في نصيب غيره، كان لمن خرج في نصيبه، الخيار بين أن يدفع القيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها:
إذا كان الشيء غير قابل للقسمة، حق لباقي المالكين على الشياع أن يلزموا من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء إلى حالها على نفقته، وذلك مع التعويض إن كان له محل".
وإذا ادعى بعض المشتاعين أن القسمة التي أجريت بينهم هي قسمة بتية وادعى آخرون أنها قسمة استغلالية فإن على من يدعي البتية إثبات مدعاه لأنه هو المدعي إعمالا لقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر[26].
قال الونشريسي: "سئل أبو محمد بن أبي جعفر عن شريكين في أرض ادعى أحدهما أنهما اقتسما قسمة بنية، وادعى الآخر أنهما اقتسما قسمة متعة واعتمار، القول قول من يكون منهما؟
فأجاب: القول قول المدعي البتل إن شاء الله تعالى، وفي نوازل ابن الحاج ما نصه في رسم العتق من سماع عيسى: إذا ادعى المشتري مقسوما وقال الشفيع بل اشتريت مشاعا أن القول قول الشفيع، وعلى المدعي للقسمة البينة، قال ولو ادعى المشتري أنها كانت قسمة بت وادعى الشفيع أنها قسمة استغلال واستمتاع لكان القول الشفيع، وعلى المشتري إقامة البينة أنها كانت قسمة بت"[27].
وقد قضت محكمة النقض برفض طلب طالبي النقض حيث دفعوا بأن قسمة سابقة قد وقعت مع المطلوبة في النقض وأنها توصلت بنصيبها وأجابت محكمة النقض على هذه الوسيلة بقوله: "لكن حيث إن المحكمة أجابت عما أثير بالوسيلة بأن الطاعنين لو يدلوا بما يفيد أن المدعي قد توصلت بنصيبها وأن القسمة قد وقعت وكان جوابها كافيا وقرارها معللا تعليلا كافيا ومؤسسا مما يتعين معه رفض الطلب".[28]
وهذا ما تواترت عليه أحكام القضاء المغربي، فقد جاء في قرار آخر لمحكمة النقض : "لكن حيث تبين من الاطلاع على وثائق الملف وعلى القرار المطلوب نقضه أن الطاعن هو الذي قاوم دعوى المطلوب في النقض الرامية للخروج من الشياع وادعى أن القسمة البتية قد وقعت بينهما، ولهذا يكن عليه هو لا على الأخير إثبات هذا الادعاء وكانت المحكمة على صواب حيث قالت بأن المدعى عليه بادعائه القسمة البينة يصبح مدعيا وقد فتح المجال لإثبات الادعاء فعجز فيكون ادعائه مجرداً وأبدت الحكم الابتدائي القاضي بأن القسمة بينهما قسمة استغلالية فقط".[29]
الفرع الثاني : المهايأة الزمانية.
هي التي يتفق الشركاء فيها على الانتفاع بالنصيب الشائع المشترك بينهم عن طريق التناوب مدة تتناسب مع حصتهم ولقد نظم القانون المغربي هذا النوع من القسمة بمقتضى مدونة الحقوق العينية في المادة 327: "تكون المهايأة زمانية عندما يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع العقار المشاع كل منهم مدة تتناسب مع حصته فيه، ويجب فيها تعيين المدة التي يختص بها كل منهم.
إذا وقع خلاف بين الشركاء في هذه المدة تعينها المحكمة تبعا لطبيعة العقار المشاع كما تعين تاريخ الشروع فيها ومن يبدأ منهم بالانتفاع".
ونظمتها المادة 966 من قانون العقود والالتزامات جاء فيها "المالكين على الشياع أن يتفقوا فيما بينهم على أن يتناوبوا على الاستئثار بالشيء أو الحق المشترك، وفي هذه الحالة يسوغ لكل واحد منهم أن يتصرف على سبيل التبرع أو المعاوضة في حقه بالانتفاع بالشيء مدة الانتفاع ولا يلزم بأن يقدم للمالكين حساباً عما يأخذه من الغلة.
غير أنه لا يسوغ له أن يجري أي شيء من شأنه أن يمنع أو ينقص حقوق بقية المالكين في الانتفاع بالشيء عندما يحين دورهم فيه.
وتخضع أحكام المهايأة عند الفقه الإسلامي إلى أحكام عقد الإيجار وهو ما تبنته مدونة الحقوق العينية في المادة 329 حيث جاء فيها: "تخضع قسمة المهايأة زمانية كانت أو مكانية لأحكام عقد إجارة الأشياء مادامت هذه المادة لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة".
يقول الشيخ عليش في شرحه لمختصر خليل عند كلامه عن قسمة المهايأة بقوله: "وهي تشبه عقد الإيجار في المدة إن كانت من غير تعيين زمن لا تكون كالإجارة، إذ ليس من الضروري أن تكون الأجرة في الإيجار كما يكون الثمن في البيع".[30]
وشبهت قسمة المهايأة بالإجارة أو الكراء في اللزوم وشرط تعيين المدة إذ ليس من الضروري أن تكون الأجرة في الإيجار نقدا. ولا يشترط تساوي المدتين بل تحديدها، قال الحطاب: "إن قسمة التهايؤ إذا كانت في زمن معين فهي لازمة كالإجارة".[31]
تعيين المدة في المهايأة.
يجب تحديد المدة في قسمة المهايأة الزمانية دون المكانية، مثل اليوم والشهر أو السنة لأنها نوع من المبادلة إذ تدخل في حكم الإجارة، ولأن تعيين الزمان يعرف به قدر الانتفاع، فتصير به المنافع معلومة، ولا تصير معلومة إلا ببيان زمان معلوم، ولأن هذه المدة المهايأة مقدرة بزمان، أما المهايأة المكانية فمقدرة مجموعة بالمكان، ومكان المنفعة معلوم.[32]
اختلف المالكية في الحالة التي يتم فيها تحديد المدة، فذهب ابن عرفة وبعض المالكية إلى فساد المهايأة اتفاقا إذا لم يكن الزمن معينا كان المقسوم متحدا أو متعددا.
وذهب ابن الحاجب وغيره إلى أنه يشترط تعيين الزمن في المتعدد بل تكون صحيحة ولو لم يعين الزمن، وغايته أنها تكون من العقود الجائزة لكل واحد من الشريكين أن ينقضها متى أراد.[33]
وقد رجح بعض الفقهاء القول الأول وهو رأي ابن عرفة وغيره، وعليه يكون تعيين الزمن في المذهب المالكي شرطا في المهايأة زمانية دون المكانية تعدد المقسوم أو اتحد حتى إذا لم يشترط كانت فاسدة.[34]
والملاحظ أن عدم تحديد الشركاء المدة في القسمة المهايأة يعتبر من الأسباب الأساسية التي قد تؤدي إلى نشوب مجموعة من النزاعات بين الشركاء في العقار نظراً إلى أن الطابع الذي يغلب على ملكية الأرض المشاعة في المغرب هو إصرار الشركاء في غالب الأحيان على قسمتها قسمة مهايأة دون قسمة رقبتها، حيث تنتقل مع طول الوقت إلى الأحفاد، مما قد يثير خلافات بينهم حول طبيعة ما بيد كل طائفة هل هي قسمة استغلالية أم قسمة نهائية بتية.[35]
وحتى لا يعتقد أنه في حال عدم تحديد المدة في قسمة المهايأة يؤدي مع طول المدة إلى قلبها قسمة نهائية فقد قضى محكمة النقض في عدة قرارات إلى أن القسمة الاستغلالية لا تعتبر، إذ جاء في أحد قراراته ما يلي: "القسمة الاستغلالية بين الورثة لا تزيل الشياع، ومن يدع القسمة الاستغلالية يكون قد اعترف بالشياع كشرط لممارسة حق الشفعة".[36]
لأن قسمة المهايأة الزمانية لا تتحول أبداً إلى قسمة نهائية مهما طالت مدتها، لأنها تبقي المال الشائع شائعا على ماله دون إفراز، وإنما تقسم زمن الانتفاع به، فهي لا يهيأ للقسمة النهائية، ومن ثم لا يمكن أن تنقلب إليها.
والغاية من شرط تعيين الزمن في قسمة المهايأة لما في ذلك من العدالة والرعاية لمصالح الشركاء وعدم الإضرار بواحد منهم، فضلا عن استقرار أحوالهم طوال زمن المهايأة.
أما القول بأن الزمن ليس شرطا في المهايأة المكانية، فهو وإن كان وجيها من الناحية النظرية لأن المنافع فيها معلومة بالعلم بمكانها، إلا أنه من الناحية التطبيقية العملية، يؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم التوفر على المنفعة بكمالها وغلبة القوي على الضعيف وبخاصة في زمن سيطرت فيه الماديات على الناس. فماذا لو كانت داران بين شريكين فسكن كل منهما داره، ثم جاء الشريك الثاني لسبب أو لأخر فنقض المهايأة بعض فترة وجيزة لم يكد يلتقط فيها صاحبه أنفاسه، وقد لا يكون له سكن آخر معتمدا على الاستمرار في هذه الدار.[37]
المطلب الثاني : القسمة النهائية أو القسمة البتية .
هي القسمة التي تقع على الملكية أو على جوهر الحق العيني فتقضي نهائيا على الشيوع بين المتقاسمين، بملكية مستقلة أو بحق عيني مستقل.[38]
وبالتالي فالقسمة النهائية هي المقصودة بإنهاء ضرر الشركة، وحل النزاعات المترتبة عنها؛ وذلك بفرز حصة كل شريك في الشيء المشاع، واختصاصه به عن بقية الشركاء ومن بين أحكامها:
أ –الأرض الواحدة الفارغة:
إذا كانت الأرض المشتركة واحدة وفارغة، فإما أن تكون أجزائها متشابهة ومتساوية وإما أن تكون غير متساوية، فإن كانت أجزائها متساوية جمع القاضي نصيب كل شريك على حدة، أما إن كانت غير متساوية، بأن كانت مختلفة في صفتها، كأن كان بعض أجزائها يسقى بلا آلة وبعضها بالة، أي بكلفة مما يرفع قيمة أحد الطرفين على الآخر، يجعل أحدهما جيدا والآخر رديئا، فطلب أحد الشركاء قسمة الجيد وحده والرديء، أما إذا لم يكن من الممكن الفصل، فإن القسمة تجري بالقيمة مادامت لا تحتاج إلى رد، إلحاقا للتساوي في الأجزاء، فيجمع نصيب كل واحد على حدة، كما لو كانت الأرض التي تختلف قيمة أجزائها، قيمة ثلثها كقيمة ثلثيها، حيث يجعل الثلث سهما والثلثين سهما ويقرع بينهما ولا يمنع الإجبار في هذه القسمة الحاجة على بقاء طريق ونحوها مشاعة بينهما يمر كل واحد منهما إلى ما أخرج له، إذا لم يكن إفراد كل بطريق .[39]
وعن ابن القاسم أن قسمة الأرض يراعى فيها وجهين استواء في الرداءة والطيب، وأن تكون قريبا بعضها من بعض، فإذا كان ذلك قسمت قسما واحدا وجمع لكل شخص في موضع واحد، إلا أن أشهب وسحنون ينظران إلى وجه واحد فقط هو قرب بعضها من بعض .[40]
ويبدو أن ما ذهب إليه ابن القاسم هو الأقرب إلى الصواب والمعقول، لأنه لو أخذنا برأي سحنون وأشهب اللذان يريان في الجمع وعدمه، هو مدى قرب أو بعد العقار من بعضه البعض، فقد تكون الأرض مشتركة قريبة من بعضها البعض، لكن طائفة منها جيدة لخصوبة تربتها وقربها من الماء مثلا، وأن الطائفة الثانية حتى وإن كانت قريبة إلا أنها لا ترقى إلى مستوى الأرض المجاورة، لذا يجب إعمال الوجهين معا وهما القرب والبعد والتساوي في الجودة والرداءة.[41]
ب –قسمة المنازل (الدور ).
إذا كان العقار المشترك مكونا من دارين أو أكثر، وتنازع الشركاء في قسمته، فيجوز للقاضي إذا كانت الدور مثلا صفة متساوية، أن يقسمها أعيانا فيجمع نصيب كل واحد في دار على حدة وإن كانت إحداهما متباعدة قسمت كل دار على حدة .[42]
ورد عن الإمام مالك في المدونة عن ابن القاسم " في قرية بين قوم شتى فأرادوا أن يقسموا الدور فقال بعضهم أقسم حظي في كل دار من القرية، وقال بعضهم بل أجمع نصيب كل واحد منا في موضع واحد، قال ابن القاسم : ينظر في ذلك فإن كانت الدور سواء نفاقها[43] عند الناس ورغبتهم فيها وفي موضعها قسمت وجمع لكل إنسان حظه في موضع واحد، وإن كانت الدور متفاوتة مختلفا نفاقها عند الناس وموضعها كذالك فلم يجمع لكل إنسان في موضع واحد، يجمع القاسم كل دار منها إذا كانت صفتها واحدة في رغبة الناس ونفاقها وموضعها فتقسم هذه كلها قسما واحدا، وينظر إلى ما اختلف من القسم فيقسم ذلك على حدة فيعطي كل إنسان حظه من ذلك، قيل وإن اتفقت داران على صفة واحدة جمعهما في القسم وهذا قول مالك " .[44]
أما إذا اختلفت الدور في الصفة فكان منها الجديد والقديم الرث، قسم الجديد على حدة والقديم، وإن كانت داران جديدة وقديمة قسمتا عن طريق القرعة.[45]
ج – قسمة الأرض التي بها أشجار مثمرة:
إذا كانت الأرض بها أشجار من نوع واحد فإن الأمر لا يثير أي إشكال، إذ يكفي أن يتراضى الشركاء على قسمته، فيقتسمون فيما بينهم، أو يقرع القاضي بينهم.
أما إذا كانت هذه الأرض مختلفة الأشجار أو متباعدة، فإنه يقسم كل صنف منها على حدة إن كان يقبل القسمة على أقل الشركاء نصيبا، فإن لم يقبلها فإنه يضم حائط التفاح إلى حائط الرمان ويقسم إن أمكن، فإن لم يكن أيضا فإنه يباع ويقسم ثمنه بين الشركاء .[46]
والمشهور من مذهب مالك أنه إذا اختلفت الأرض ذات الأشجار المختلفة والمتباعدة، أنه لا يجمع فيها بين نوعين ولا بين متباعدين في الإنفاق وفي المسافة، لما في ذلك من الغرر والخطر. ولا يلتفت هنا إلى الشروط التي في جمع الدور، فالتفاح تجمع أفراده ولو اختلفت قيمته وكذلك النخل والرمان، وغيره ذلك ولا يجمع بعضه مع بعض، بل يقسم كل نوع على حدة، وإلى هذا أشار الشيخ خليل في مختصره عند قوله : " وأفرد كل صنف كتفاح إن احتمل "[47]
ونقل عن ابن القاسم أن الإمام مالك لم يتكلم في مثل هذه المسألة، لكنه قال : "أرى إن كانت الأشجار مختلطة في حائط واحد،قسم الحائط وجمع نصيب كل واحد من الشركاء في موضع واحد على القيمة، وإن كانت الجنة جنان على حدة والرمان جنان على حدة، وكل نوع جنان على حدة، وكل واحد منهما يحتمل أن يقسم بينهم قسم بينهم كل جنان على حدة على القيمة وأعطي لكل واحد منهم حظه من كل منهما.[48]"
خاتمة
إن ارتفاع النزاعات العقارية المعروضة على المحاكم بمختلف درجاتها، وعدم توفر العدد الكافي من القضاة للبت في القضايا المحالة على المحاكم، ورغم المجهودات التي تبذلها هذه الأخيرة لتصفية الملفات المدرجة بالجلسات؛ فإن مشكل العامل الزمني والمدة المخصصة للبت في الملفات تبقى مطروحة مما تتسبب في تراكم القضايا التي تضم في ثناياها أكثر من شخص خصوصا في دعاوى القسمة، لذا أصبح لزاما تفعيل الطرق البديلة لحل المنازعات بين الأفراد لتجعلهم يرضون بالنتيجة التي سعوا إليها بأنفسهم تطبيقا للمبدأ القائل بأنه لا توجد عدالة أحسن من تلك التي يتولى الأطراف إدارتها بأنفسهم، خصوصا إذا كان مصدرها الفقه الإسلامي؛ الذي حكم واحتكم إليه لقرون عدة، فكان فيه صلاح العباد والبلاد.
والقسمة الرضائية تتيح للأطراف حلا سلميا وفعالا لإنهاء حالة الشياع؛الذي يعتبر مصدر الخصام والنزاعات، وما يترتب عنه من آثار سلبية على العلاقات، خصوصا إذا كانت من طرف موثق عدل مستعين بخبير في المسح الطبوغرافي يعين موقع وحدود ومساحة كل نصيب مفرز .
وما القسمة الرضائية، إلا واحدة من الوسائل والتطبيقات العملية، للصلح والتوفيق المتأصل في فقهنا الإسلامي في عدة أبواب وكتب، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الإبراء والإقالة والشفعة و ...، فأتمنى استثمار هذا التراث الفقهي في المجالين القانوني والقضائي لحماية الحقوق والمراكز القانونية، وتحقيق الأمن القانوني.
لائحة المصادر والمراجع
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وبعد
فلقد حرص الإسلام على وحدة المسلمين، وأكد على أخوة الدين، وأمر بكل ما فيه تأليف القلوب، ونهى عن كل أسباب العداوة والبغضاء والقطيعة والهجران، ومن بينها الخصام؛ الذي يقع بين جميع فئات المجتمع؛ بين الرجل وزوجته، وبين القريب وقريبه، وبين الجار وجاره، وبين الشريك وشريكه، وبين العشائر بعضها مع بعض؛ وهذا أمر طبيعي حتمي ومشاهد لا يمكن إنكاره وأسبابه كثيرة لا حصر لها.
وبالخصام يتحول الحال؛ فبعد المحبة والصفاء تحل العداوة والبغضاء، وبعد القرب والوصال تكون القطيعة والهجران، ويصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم والمستقبل.
لهذا أمر الشرع بالسعي في إصلاح ذات البين بين المتخاصمين وحث عليه، قال تعالى:
" ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[1]
وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم السعي الإصلاح بين الناس وكان يعرض الصلح بين المتخاصمين وقد باشر الصلح بنفسه حين تنازع أهل قباء فندب أصحابه وقال:" اذهبوا بنا نصلح بينهم"[2].
رغم أن القضاء هو الوسيلة الأساسية في حل النزاعات، وبه تظهر الحقوق وتنقطع الخصومات، إلا أنه كثيرا ما يتسبب في القطيعة خاصة بين الأقارب والجيران، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن"[3].
إضافة إلى أن القضاء في الوقت الراهن يعاني من كثرة القضايا المعروضة عليه، والتي باتت تثقل كاهل القضاة والموظفين، الأمر الذي أثر سلبا على سير إجراءات التقاضي؛ التي يطول أمدها، والتي زاد من حدتها تعقد الإجراءات والمساطر الناتجة عن تفاعل عدة مؤثرات وتدخل عدة فاعلين، لا سيما في حل المنازعات العقارية التي تستدعي وقتا طويلا لحلها، ومن واقع بعض الإحصائيات المتوفرة، فإن المنازعات العقارية تشكل نسبة غير قليلة أمام القضاء سواء كانت خلافا حول تملك العقار, أو في عقود المقاولات والإنشاءات، أو في دعاوى القسمة والخروج من الشياع. ولا يخفى ما يستوجبه نظر هذه القضايا من جهد و وقت كبيرين تفرضهما الطبيعة المعقدة غالبا لمثل هذه القضايا.
لذلك وفي سبيل اختصار الطريق أصبح الأفضل اللجوء إلى الصلح التوفيق؛ الذي هو من أقدم الوسائل التي كان يلجأ إليها الأفراد لفض المنازعات بينهم، بل يمكن اعتباره أقدم من القضاء؛ حيث كان الناس في ظل عشائرهم يلجئون إلى أحد الأشخاص المعروف بحكمته ونزاهته؛ لعرض النزاع عليه و طلب تدخله لإبرام صلح وتوفيق بين الطرفين يحفظ ماء الوجه لهما معا لا غالب ولا مغلوب.
ومن بين وسائل وتطبيقات الصلح والتوفيق القسمة الرضائية؛ التي تعتبر أهم حالات إنهاء الملكية الشائعة في العقار؛ التي تقف عقبة أمام المالكين تحد من حرية التصرف كل مالك بالحصة الشائعة بشكل مستقل ومنفرد عن بقية المالكين، مما يترتب عليه كثرة الصراعات والخصومات والنزاعات، في حالة إبقاء الشياع أو في حالة قسمة الشياع قسمة قضائية .
وهذا مشاهد معروف في واقعنا المعاصر من ارتفاع دعاوى القسمة المعروضة على المحاكم والتي غالبا ما تتسبب في تفكيك الروابط الأسرية .
وإن أهم سبب دفعني لأكتب في هذا الموضوع هو أنه واقع معاش في حياتنا اليومية الأسرية، إذ لا يخلوا الإنسان من كونه وارثا أو موروثا، فضلا عن إمكانية كونه شريكا أو خلفا لشريك.
فماهي إذن القسمة الرضائية ؟ وما هي أحكامها ؟ وإلى أي أحد يمكن اعتبارها وسيلة بديلة لحل وفض المنازعات العقارية بعيدا عن القضاء والقسمة القضائية ؟
وسأتناول هذا الموضوع في مبحثين :
- المبحث الأول : ماهية القسمة الرضائية .
- المبحث الثاني : أحكام القسمة الرضائية .
المبحث الأول : ماهية القسمة الرضائية
المطلب الأول: تعريف القسمة الرضائية
لغة:
القسمة بكسر القاف اسم مؤنث ومعناه التجزئة ويجمع على قِسْمٌ والفعل قسمه يقسمه والمصدر قَسما بفتح القاف وسكون السين، وللموضع مقسم كمجلس وقسَّمه بفتح القاف وتشديد السين المفتوحة جزأه وهي القسمة، والمقسم كمقلد نصيب الإنسان من الشيء وحظه فيه يجمع على أقسام، يقال قسمت الشيء بين الشركاء وأعطيت لكل شريك قسمه ومقسمه وقسيمه قال الراغب، وحقيقته أنه جزء من تقبل التقسيم، وقاسمه الشيء مقاسمة أخذ كل منهما قسمه والقسِم المقاسم وهو من يقاسم غيره شيئا أرضا أو غيرها من الأموال، يجمع على أقسام وقسماء والقسيم شطر الشيء والقسام الذي يقسم والقسامة بضم القاف وفتح السين: ما يعز له القاسم لنفسه من رأس المال يكون أجرا له، والقسامة بكسر القاف وفتح السين: الصدقة لأنها تقسم على الفقراء،
والقسام : الذي يقسم الدور والأرض بين الشركاء فيها، قال لبيد :
فارضوا بما قسم المليك فإنما قسم المعيشة بيننا قسامها [4].
وفي الصحاح: وتقسمهم الدهر فتقسموا، أي فرقهم فتفرقوا، والتقسيم التفريق.[5]
وتأتي بمعنى التفريق، ومعنى النصيب وجعل الأشياء أجزاء، أو أبعاضا متمايزة[6].
الرضائية من تراضى يتراضى، تَراضَ، تراضيًا، فهو مُتراضٍ
• تراضى الرَّجلان:توافقا، أرضى كلٌّ منهما الآخر " {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} " بالتَّراضي: بالاتِّفاق الودِّيّ دون تدخُّل القضاء.[7]
2_ في الاصطلاح الفقهي:
عرفها ابن عرفة بأنها "تصيير مشاع من مملوك مالكين فأكثر معينا ولو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو تراض"[8].
وعرفت مدونة الحقوق العينية القسمة بأنواعها:
"القسمة إما بتية أو قسمة مهايأة.
القسمة البتية أداة لفرز نصيب كل شريك في الملك وينقضي بما الشياع.
قسمة المهايأة تقتصر على المنافع وهي إما زمانية وإما مكانية.
تتم القسمة إما بالتراضي وإما بحكم قضائي..."[9]
وقد عرفها فقهاء القانون بعدة تعريفات أهمها تعريف الفقيه بلانيول فالقسمة عنده هي "عملية الفرض منها إزالة الشيوع وإنهاء حالته وذلك بتقسيم المال الشائع، وتخصيص كل شريك فيه بجزء مفرز يتناسب مع حصته يستقل بها دون باقي الشركاء، أو بتصفية المال الشائع ببيعه وتوزيع ثمنه على الشركاء كل بما يوازي حصته إذا كان المال غير قابل للقسمة، أو كان من شأنها أحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته"[10].
والقسمة الرضائية هي التي يتوافق الشركاء على إيقاعها ويسلم كل واحد منهم لصاحبه ما أخذه من غير قرعة وهي نوعان : قسمة المراضاة مع التقويم والتعديل وهي التي أشار إليها ابن عاصم في قوله :
وقسمة الوفاق والتسليم لكن مع التعديل والتقويم
ومثيلتها من غير تقويم ولا تعديل :
وقسمة الرضا والاتفاق من غير تعديل على الإطلاق
المطلب الثاني: مشروعية القسمة.
القسمة ثابتة بالكتاب والسنة :
فمن الكتاب: قوله تعالى:
" ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾" [11]
دلت الآية على مشروعية القسمة ذلك أن الحق سبحانه وتعالى شرع لأولى القربى ممن لم يرثوا وكذا اليتامى والمساكين إذا حضروا قسمة التركة بين للورثة أن يعطوا شيئا من المال المقسوم[12].
قال ابن العربي:“... والصحيح أنها مبينة استحقاق الورثة لنصيبهم، واستحباب المشاركة لمن لا نصيب له منهم بان يسهم لهم من التركة ويذكر لهم من القول ما يؤنسهم وتطيب به نفوسهم "[13].
وقال تعالى: " ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾"[14]
فقد دلت الآية على جواز القسمة لأن الحق سبحانه وتعالى سمى قسمة المهايأة على المال قسمة، والآية الكريمة وإن كانت شرعا لمن قبلنا إخبارها بما يرى بين الصالح عليه السلام وقومه إلا أنها تعتبر شرعا لنا مادام لم يثبت نسخها كما قال جمهور المفسرين[15].
ومن السنة النبوية:
1)- حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرف فلا شفعة"[16].
فدل الحديث صراحة على مشروعية القسمة لأن قول الراوي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم معناه أن المال يكون مشتركا بين اثنين فأكثرتم ترد عليه للقسمة.
2)- قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام"[17].
" قال ابن وهب : سألت مالكا عن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية "، فقال لي هو كذالك أيما دار في الجاهلية قسمت ثم أسلم أهلها فهم على قسمتهم يومئذ، وأيما دار في الجاهلية لم تزل بأيدي أصحابها لم يتقسموها حتى كان الإسلام فاقتسموها في الإسلام، فهو على قسم الإسلام، فقلت لمالك أرأيت النصراني يموت ويترك ولدا نصرانيا ثم يموت فيسلم بعض ولده قبل قسم ميراثهم ليس هذا من هذا في شيء غنما يقسم هؤلاء من اسلم منهم ومن لم يسلم على حال قسمهم يوم مات أبوهم " [18]
3)- ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، فيقول الله هذه قسمتي في ما أملك فلا تلمني في ما لا أملك"[19].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كما نقله غير واحد من الفقهاء أنه كان يقسم الغنائم بين أصحابها وقسم خيبر على ثمانية عشر سهما[20].
فأفاد قوله عليه السلام هذه قسمتي فيما أملك ومباشرته لقسمة الغنائم بين أصحابه جواز القسمة قال ابن حزم في محلاه إن قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي" عام لكل قسمة وليس لأحد أن يخص برأسه بين زوجات النبي رضي الله عنهن"[21].
أما الحكمة من مشروعيتها فتلخص في التالي:
- التخلص من ضرر الشركة أو تخفيفه
- التصرف فيما يملكه المالك دون مضايقة.
- دفع التشاجر و التنازع بين الشركاء..
المبحث الثاني: أحكام القسمة الرضائية :
تقع القسمة إما على المنافع فهي قسمة مؤقتة (استغلالية) أو على الأعيان فتكون نهائية (بتية).وهذه الأخيرة تأخذ أحكام البيع، بينما الأولى تأخذ أحكام الإجارة، قال الشيخ الدر دير: " قسمة المهايأة في المنافع كالإجارة وقسمة المراضاة في الرقاب كالبيع "[22] المطلب الأول: القسمة المؤقتة:
وهي التي يكون الهدف منها اقتسام منافع الشيء دون عينه وقد درج فقهاء الإسلام على تسميتها بقسمة المهايأة أو قسمة المنافع، وهي لا تزيل الملك بل تنظم كيفية استغلاله بين المشتاعين، وهي لا تجري في المثليات[23]، لأنها لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، ولأنها قابلة للقسمة، فلا حاجة إلى المهايأة، وتكون المهايأة في القيميات[24] التي يمكن الانتفاع بها مع بقاع عينها.[25]
وهي نوعان مهايأة مكانية ومهايأة زمانية.
- الفرع الأول :المهايأة المكانية.
وبالنسبة للبنايات والأغراس التي يقيمها الشريك في المال الشائع، أو في الحصة التي يستغلها فإن قاعدة الالتصاق لا تطبق عليها وإنما مقتضيات المادة 963 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على "ليس لأي واحد من المالكين على الشياع أن يجري تجديداً على الشيء المشاع بغير موافقة الباقين، وعند المخالفة تطبق القواعد الآتية:
إذا كان الشيء قابلا للقسمة، شرع في قسمته، فإن خرج الجزء الذي حصل فيه تجديد في نصيب من أجراه، لم يكن هناك رجوع لأحد على آخر، أما إذا خرج في نصيب غيره، كان لمن خرج في نصيبه، الخيار بين أن يدفع القيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها:
إذا كان الشيء غير قابل للقسمة، حق لباقي المالكين على الشياع أن يلزموا من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء إلى حالها على نفقته، وذلك مع التعويض إن كان له محل".
وإذا ادعى بعض المشتاعين أن القسمة التي أجريت بينهم هي قسمة بتية وادعى آخرون أنها قسمة استغلالية فإن على من يدعي البتية إثبات مدعاه لأنه هو المدعي إعمالا لقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر[26].
قال الونشريسي: "سئل أبو محمد بن أبي جعفر عن شريكين في أرض ادعى أحدهما أنهما اقتسما قسمة بنية، وادعى الآخر أنهما اقتسما قسمة متعة واعتمار، القول قول من يكون منهما؟
فأجاب: القول قول المدعي البتل إن شاء الله تعالى، وفي نوازل ابن الحاج ما نصه في رسم العتق من سماع عيسى: إذا ادعى المشتري مقسوما وقال الشفيع بل اشتريت مشاعا أن القول قول الشفيع، وعلى المدعي للقسمة البينة، قال ولو ادعى المشتري أنها كانت قسمة بت وادعى الشفيع أنها قسمة استغلال واستمتاع لكان القول الشفيع، وعلى المشتري إقامة البينة أنها كانت قسمة بت"[27].
وقد قضت محكمة النقض برفض طلب طالبي النقض حيث دفعوا بأن قسمة سابقة قد وقعت مع المطلوبة في النقض وأنها توصلت بنصيبها وأجابت محكمة النقض على هذه الوسيلة بقوله: "لكن حيث إن المحكمة أجابت عما أثير بالوسيلة بأن الطاعنين لو يدلوا بما يفيد أن المدعي قد توصلت بنصيبها وأن القسمة قد وقعت وكان جوابها كافيا وقرارها معللا تعليلا كافيا ومؤسسا مما يتعين معه رفض الطلب".[28]
وهذا ما تواترت عليه أحكام القضاء المغربي، فقد جاء في قرار آخر لمحكمة النقض : "لكن حيث تبين من الاطلاع على وثائق الملف وعلى القرار المطلوب نقضه أن الطاعن هو الذي قاوم دعوى المطلوب في النقض الرامية للخروج من الشياع وادعى أن القسمة البتية قد وقعت بينهما، ولهذا يكن عليه هو لا على الأخير إثبات هذا الادعاء وكانت المحكمة على صواب حيث قالت بأن المدعى عليه بادعائه القسمة البينة يصبح مدعيا وقد فتح المجال لإثبات الادعاء فعجز فيكون ادعائه مجرداً وأبدت الحكم الابتدائي القاضي بأن القسمة بينهما قسمة استغلالية فقط".[29]
الفرع الثاني : المهايأة الزمانية.
هي التي يتفق الشركاء فيها على الانتفاع بالنصيب الشائع المشترك بينهم عن طريق التناوب مدة تتناسب مع حصتهم ولقد نظم القانون المغربي هذا النوع من القسمة بمقتضى مدونة الحقوق العينية في المادة 327: "تكون المهايأة زمانية عندما يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع العقار المشاع كل منهم مدة تتناسب مع حصته فيه، ويجب فيها تعيين المدة التي يختص بها كل منهم.
إذا وقع خلاف بين الشركاء في هذه المدة تعينها المحكمة تبعا لطبيعة العقار المشاع كما تعين تاريخ الشروع فيها ومن يبدأ منهم بالانتفاع".
ونظمتها المادة 966 من قانون العقود والالتزامات جاء فيها "المالكين على الشياع أن يتفقوا فيما بينهم على أن يتناوبوا على الاستئثار بالشيء أو الحق المشترك، وفي هذه الحالة يسوغ لكل واحد منهم أن يتصرف على سبيل التبرع أو المعاوضة في حقه بالانتفاع بالشيء مدة الانتفاع ولا يلزم بأن يقدم للمالكين حساباً عما يأخذه من الغلة.
غير أنه لا يسوغ له أن يجري أي شيء من شأنه أن يمنع أو ينقص حقوق بقية المالكين في الانتفاع بالشيء عندما يحين دورهم فيه.
وتخضع أحكام المهايأة عند الفقه الإسلامي إلى أحكام عقد الإيجار وهو ما تبنته مدونة الحقوق العينية في المادة 329 حيث جاء فيها: "تخضع قسمة المهايأة زمانية كانت أو مكانية لأحكام عقد إجارة الأشياء مادامت هذه المادة لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة".
يقول الشيخ عليش في شرحه لمختصر خليل عند كلامه عن قسمة المهايأة بقوله: "وهي تشبه عقد الإيجار في المدة إن كانت من غير تعيين زمن لا تكون كالإجارة، إذ ليس من الضروري أن تكون الأجرة في الإيجار كما يكون الثمن في البيع".[30]
وشبهت قسمة المهايأة بالإجارة أو الكراء في اللزوم وشرط تعيين المدة إذ ليس من الضروري أن تكون الأجرة في الإيجار نقدا. ولا يشترط تساوي المدتين بل تحديدها، قال الحطاب: "إن قسمة التهايؤ إذا كانت في زمن معين فهي لازمة كالإجارة".[31]
تعيين المدة في المهايأة.
يجب تحديد المدة في قسمة المهايأة الزمانية دون المكانية، مثل اليوم والشهر أو السنة لأنها نوع من المبادلة إذ تدخل في حكم الإجارة، ولأن تعيين الزمان يعرف به قدر الانتفاع، فتصير به المنافع معلومة، ولا تصير معلومة إلا ببيان زمان معلوم، ولأن هذه المدة المهايأة مقدرة بزمان، أما المهايأة المكانية فمقدرة مجموعة بالمكان، ومكان المنفعة معلوم.[32]
اختلف المالكية في الحالة التي يتم فيها تحديد المدة، فذهب ابن عرفة وبعض المالكية إلى فساد المهايأة اتفاقا إذا لم يكن الزمن معينا كان المقسوم متحدا أو متعددا.
وذهب ابن الحاجب وغيره إلى أنه يشترط تعيين الزمن في المتعدد بل تكون صحيحة ولو لم يعين الزمن، وغايته أنها تكون من العقود الجائزة لكل واحد من الشريكين أن ينقضها متى أراد.[33]
وقد رجح بعض الفقهاء القول الأول وهو رأي ابن عرفة وغيره، وعليه يكون تعيين الزمن في المذهب المالكي شرطا في المهايأة زمانية دون المكانية تعدد المقسوم أو اتحد حتى إذا لم يشترط كانت فاسدة.[34]
والملاحظ أن عدم تحديد الشركاء المدة في القسمة المهايأة يعتبر من الأسباب الأساسية التي قد تؤدي إلى نشوب مجموعة من النزاعات بين الشركاء في العقار نظراً إلى أن الطابع الذي يغلب على ملكية الأرض المشاعة في المغرب هو إصرار الشركاء في غالب الأحيان على قسمتها قسمة مهايأة دون قسمة رقبتها، حيث تنتقل مع طول الوقت إلى الأحفاد، مما قد يثير خلافات بينهم حول طبيعة ما بيد كل طائفة هل هي قسمة استغلالية أم قسمة نهائية بتية.[35]
وحتى لا يعتقد أنه في حال عدم تحديد المدة في قسمة المهايأة يؤدي مع طول المدة إلى قلبها قسمة نهائية فقد قضى محكمة النقض في عدة قرارات إلى أن القسمة الاستغلالية لا تعتبر، إذ جاء في أحد قراراته ما يلي: "القسمة الاستغلالية بين الورثة لا تزيل الشياع، ومن يدع القسمة الاستغلالية يكون قد اعترف بالشياع كشرط لممارسة حق الشفعة".[36]
لأن قسمة المهايأة الزمانية لا تتحول أبداً إلى قسمة نهائية مهما طالت مدتها، لأنها تبقي المال الشائع شائعا على ماله دون إفراز، وإنما تقسم زمن الانتفاع به، فهي لا يهيأ للقسمة النهائية، ومن ثم لا يمكن أن تنقلب إليها.
والغاية من شرط تعيين الزمن في قسمة المهايأة لما في ذلك من العدالة والرعاية لمصالح الشركاء وعدم الإضرار بواحد منهم، فضلا عن استقرار أحوالهم طوال زمن المهايأة.
أما القول بأن الزمن ليس شرطا في المهايأة المكانية، فهو وإن كان وجيها من الناحية النظرية لأن المنافع فيها معلومة بالعلم بمكانها، إلا أنه من الناحية التطبيقية العملية، يؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم التوفر على المنفعة بكمالها وغلبة القوي على الضعيف وبخاصة في زمن سيطرت فيه الماديات على الناس. فماذا لو كانت داران بين شريكين فسكن كل منهما داره، ثم جاء الشريك الثاني لسبب أو لأخر فنقض المهايأة بعض فترة وجيزة لم يكد يلتقط فيها صاحبه أنفاسه، وقد لا يكون له سكن آخر معتمدا على الاستمرار في هذه الدار.[37]
المطلب الثاني : القسمة النهائية أو القسمة البتية .
هي القسمة التي تقع على الملكية أو على جوهر الحق العيني فتقضي نهائيا على الشيوع بين المتقاسمين، بملكية مستقلة أو بحق عيني مستقل.[38]
وبالتالي فالقسمة النهائية هي المقصودة بإنهاء ضرر الشركة، وحل النزاعات المترتبة عنها؛ وذلك بفرز حصة كل شريك في الشيء المشاع، واختصاصه به عن بقية الشركاء ومن بين أحكامها:
أ –الأرض الواحدة الفارغة:
إذا كانت الأرض المشتركة واحدة وفارغة، فإما أن تكون أجزائها متشابهة ومتساوية وإما أن تكون غير متساوية، فإن كانت أجزائها متساوية جمع القاضي نصيب كل شريك على حدة، أما إن كانت غير متساوية، بأن كانت مختلفة في صفتها، كأن كان بعض أجزائها يسقى بلا آلة وبعضها بالة، أي بكلفة مما يرفع قيمة أحد الطرفين على الآخر، يجعل أحدهما جيدا والآخر رديئا، فطلب أحد الشركاء قسمة الجيد وحده والرديء، أما إذا لم يكن من الممكن الفصل، فإن القسمة تجري بالقيمة مادامت لا تحتاج إلى رد، إلحاقا للتساوي في الأجزاء، فيجمع نصيب كل واحد على حدة، كما لو كانت الأرض التي تختلف قيمة أجزائها، قيمة ثلثها كقيمة ثلثيها، حيث يجعل الثلث سهما والثلثين سهما ويقرع بينهما ولا يمنع الإجبار في هذه القسمة الحاجة على بقاء طريق ونحوها مشاعة بينهما يمر كل واحد منهما إلى ما أخرج له، إذا لم يكن إفراد كل بطريق .[39]
وعن ابن القاسم أن قسمة الأرض يراعى فيها وجهين استواء في الرداءة والطيب، وأن تكون قريبا بعضها من بعض، فإذا كان ذلك قسمت قسما واحدا وجمع لكل شخص في موضع واحد، إلا أن أشهب وسحنون ينظران إلى وجه واحد فقط هو قرب بعضها من بعض .[40]
ويبدو أن ما ذهب إليه ابن القاسم هو الأقرب إلى الصواب والمعقول، لأنه لو أخذنا برأي سحنون وأشهب اللذان يريان في الجمع وعدمه، هو مدى قرب أو بعد العقار من بعضه البعض، فقد تكون الأرض مشتركة قريبة من بعضها البعض، لكن طائفة منها جيدة لخصوبة تربتها وقربها من الماء مثلا، وأن الطائفة الثانية حتى وإن كانت قريبة إلا أنها لا ترقى إلى مستوى الأرض المجاورة، لذا يجب إعمال الوجهين معا وهما القرب والبعد والتساوي في الجودة والرداءة.[41]
ب –قسمة المنازل (الدور ).
إذا كان العقار المشترك مكونا من دارين أو أكثر، وتنازع الشركاء في قسمته، فيجوز للقاضي إذا كانت الدور مثلا صفة متساوية، أن يقسمها أعيانا فيجمع نصيب كل واحد في دار على حدة وإن كانت إحداهما متباعدة قسمت كل دار على حدة .[42]
ورد عن الإمام مالك في المدونة عن ابن القاسم " في قرية بين قوم شتى فأرادوا أن يقسموا الدور فقال بعضهم أقسم حظي في كل دار من القرية، وقال بعضهم بل أجمع نصيب كل واحد منا في موضع واحد، قال ابن القاسم : ينظر في ذلك فإن كانت الدور سواء نفاقها[43] عند الناس ورغبتهم فيها وفي موضعها قسمت وجمع لكل إنسان حظه في موضع واحد، وإن كانت الدور متفاوتة مختلفا نفاقها عند الناس وموضعها كذالك فلم يجمع لكل إنسان في موضع واحد، يجمع القاسم كل دار منها إذا كانت صفتها واحدة في رغبة الناس ونفاقها وموضعها فتقسم هذه كلها قسما واحدا، وينظر إلى ما اختلف من القسم فيقسم ذلك على حدة فيعطي كل إنسان حظه من ذلك، قيل وإن اتفقت داران على صفة واحدة جمعهما في القسم وهذا قول مالك " .[44]
أما إذا اختلفت الدور في الصفة فكان منها الجديد والقديم الرث، قسم الجديد على حدة والقديم، وإن كانت داران جديدة وقديمة قسمتا عن طريق القرعة.[45]
ج – قسمة الأرض التي بها أشجار مثمرة:
إذا كانت الأرض بها أشجار من نوع واحد فإن الأمر لا يثير أي إشكال، إذ يكفي أن يتراضى الشركاء على قسمته، فيقتسمون فيما بينهم، أو يقرع القاضي بينهم.
أما إذا كانت هذه الأرض مختلفة الأشجار أو متباعدة، فإنه يقسم كل صنف منها على حدة إن كان يقبل القسمة على أقل الشركاء نصيبا، فإن لم يقبلها فإنه يضم حائط التفاح إلى حائط الرمان ويقسم إن أمكن، فإن لم يكن أيضا فإنه يباع ويقسم ثمنه بين الشركاء .[46]
والمشهور من مذهب مالك أنه إذا اختلفت الأرض ذات الأشجار المختلفة والمتباعدة، أنه لا يجمع فيها بين نوعين ولا بين متباعدين في الإنفاق وفي المسافة، لما في ذلك من الغرر والخطر. ولا يلتفت هنا إلى الشروط التي في جمع الدور، فالتفاح تجمع أفراده ولو اختلفت قيمته وكذلك النخل والرمان، وغيره ذلك ولا يجمع بعضه مع بعض، بل يقسم كل نوع على حدة، وإلى هذا أشار الشيخ خليل في مختصره عند قوله : " وأفرد كل صنف كتفاح إن احتمل "[47]
ونقل عن ابن القاسم أن الإمام مالك لم يتكلم في مثل هذه المسألة، لكنه قال : "أرى إن كانت الأشجار مختلطة في حائط واحد،قسم الحائط وجمع نصيب كل واحد من الشركاء في موضع واحد على القيمة، وإن كانت الجنة جنان على حدة والرمان جنان على حدة، وكل نوع جنان على حدة، وكل واحد منهما يحتمل أن يقسم بينهم قسم بينهم كل جنان على حدة على القيمة وأعطي لكل واحد منهم حظه من كل منهما.[48]"
خاتمة
إن ارتفاع النزاعات العقارية المعروضة على المحاكم بمختلف درجاتها، وعدم توفر العدد الكافي من القضاة للبت في القضايا المحالة على المحاكم، ورغم المجهودات التي تبذلها هذه الأخيرة لتصفية الملفات المدرجة بالجلسات؛ فإن مشكل العامل الزمني والمدة المخصصة للبت في الملفات تبقى مطروحة مما تتسبب في تراكم القضايا التي تضم في ثناياها أكثر من شخص خصوصا في دعاوى القسمة، لذا أصبح لزاما تفعيل الطرق البديلة لحل المنازعات بين الأفراد لتجعلهم يرضون بالنتيجة التي سعوا إليها بأنفسهم تطبيقا للمبدأ القائل بأنه لا توجد عدالة أحسن من تلك التي يتولى الأطراف إدارتها بأنفسهم، خصوصا إذا كان مصدرها الفقه الإسلامي؛ الذي حكم واحتكم إليه لقرون عدة، فكان فيه صلاح العباد والبلاد.
والقسمة الرضائية تتيح للأطراف حلا سلميا وفعالا لإنهاء حالة الشياع؛الذي يعتبر مصدر الخصام والنزاعات، وما يترتب عنه من آثار سلبية على العلاقات، خصوصا إذا كانت من طرف موثق عدل مستعين بخبير في المسح الطبوغرافي يعين موقع وحدود ومساحة كل نصيب مفرز .
وما القسمة الرضائية، إلا واحدة من الوسائل والتطبيقات العملية، للصلح والتوفيق المتأصل في فقهنا الإسلامي في عدة أبواب وكتب، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الإبراء والإقالة والشفعة و ...، فأتمنى استثمار هذا التراث الفقهي في المجالين القانوني والقضائي لحماية الحقوق والمراكز القانونية، وتحقيق الأمن القانوني.
لائحة المصادر والمراجع
- القران الكريم برواية ورش عن نافع .
- المدونة الكبرى . للإمام مالك بن أنس برواية سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمان بن القاسم وبهامشها مقدمات ابن رشد ، دار الفكر للطباعة والتوزيع .
- منح الجليل شرح مختصر خليل ، للشيخ عليش ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، طبعة 1409هـ
- مواهبالجليللشرحمختصرالخليلشمسالدينأبوعبداللهمحمدبنمحمدبنعبدالرحمنالطرابلسيالمغربي،المعروفبالحطابالرُّعيني (المتوفى : 954هـ) تحقيق زكرياعميراتدارعالمالكتبطبعة 1423هـ - 2003م .
- تبصرةالحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ، الإمام ابن فرحون .دار الكتب العلمية _
- بيروت، الطبعة الثانية سنة 2007
- الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر ، الطبعة الثالثة (1989م) .
- المعيار المعرب للونشريسي طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1401هـ 1981 م .
- الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، د محمد بن معجزو _ طبعة دار النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1999 الطبعة الثانية، 1419.
- القسمة القضائية في القانون المغربي ، للدكتور محمد الكشبور طبعة دار النجاح الجديدة ، الطبعة الأولى 1416 هـ /1996 م .
- صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ
- سنن البيهقي الكبرى، أبوبكر البيهقي مكتبة دار الباز – مكة المكرمة، 1414 - 1994 تحقيق : محمد عبد القادر عطا
- لسان العرب،ابن منظور، دار صادر بيروت الطبعة السادسة 1997 م 1417ه.
- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة 1990.
- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث، دار الدعوة، استنبول، تركيا،.
- معجم اللغة العربية المعاصرة د حمد مختار عبد الحميد عمر (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل، عالم الكتب، ا لطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م.
- البهجة في شرح التحفة، الإمام التسولي وبهامشه، حلى المعاصم لفكر بن عاصم، التاودي بن سودة دار الرشاد الحديثة طبعة 1991 م.
- التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني، عادل حاميدي، للمنارة كتب، للطبعة الأولى، 2006.
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، طبعة دار إحياء التراث، بيروت، 1405هـ/1989.
- ابن العربي، احكام القران، دار الكتب العلمية (بيروت _ لبنان) ط- الاولى.
- لتمهيد على موطإ الإمام مالك لابن عبد البر، تحقيق د مصطفى صميدة دار الكتب العلمية (بيروت لبنان )، ط : 1، 1998 م،
- أحكام العقار المملوك على الشياع، أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة إعداد. د. محمد بحنيف. كلية الشريعة فاس .
- مجموعة قرارات المجلس الأعلى مادة الأحوال الشخصية، إدريس ملين، منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية، 1990.
- _ النوازل الجديدة الكبرى، لأبي عيسى سيدي المهدي الوزاني، ج 7، طبعة وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية. سنة 1419-1998.
[1]سورة الحجرات الآية 11 .
[2] صحيح البخاري، كناب الصلح، باب: " قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح" رقم الحديث 2693. المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة: الأولى، 1422هـ
[3]سنن البيهقي الكبرى، أبو بكر البيهقي مكتبة دار الباز – مكة المكرمة، 1414 - 1994 تحقيق : محمد عبد القادر عطا
[4]- لسان العرب،ابن منظور، مادة قسم، دار صادر بيروت الطبعة السادسة 1997 م 1417ه، ج12، ص 479.
[5] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة 1990، ج 5 ص 86.
[6]- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث، الجزء الأول، دار الدعوة، اسطنبول، تركيا، ص. 734.
[7] : معجم اللغة العربية المعاصرة أحمد مختار عبد الحميد عمر (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل، عالم الكتب، ا لطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م ج2 ص903
[8]- ورد هذا التعريف في كتاب البهجة في شرح التحفة، الإمام التسولي وبهامشه، حلى المعاصم لفكر بن عاصم، التاودي بن سودة دار الرشاد الحديثة طبعة 1991 م، ج2 ص:240
[9] المادة 313 من قانون 39.08.
[10]- نقلا من كتاب التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني، عادل حاميدي، للمنارة كتب، للطبعة الأولى، 2006، ص. 25.
[11]سورة النساء، الآية:8
[12]- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، طبعة دار إحياء التراث، بيروت، 1405هـ/1989، ج5، ص. 48-49.
[13]- ابن العربي، احكام القران، دار الكتب العلمية (بيروت _ لبنان) ط- الاولى ج 1، ص 428 .
[14]- سورة القمر، الآية 28.
[15]- الجصاص، أحكام القرآن الجزء الثالث، ص. 424.
[16]صحيح البخاري، كتاب البيوع،باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعا غير مقسوم، رقم الحديث: 2214.
[17]- الموطأ، دار إحياء التراث العربي،، كتاب الأقضية، باب القضاء في قسم الأموال رقم الحديث 1951
[18] التمهيد على موطإ الإمام مالك لابن عبد البر، تحقيق د مصطفى صميدة دار الكتب العلمية (بيروت لبنان )، ط : 1، 1998 م، ج 8، ص 336_337 .
[19]- سنن الترمذي، كتاب النكاح، رقم الحديث، 1059.
[20]- السنن الكبرى للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1994، كتاب آداب القاضي، باب القسمة، رقم 2438.
[21]- ابن حزم، المحلى، ج2، ص. 128.
[22]الشرح الكبير لأبي البركات أحمد بن محمد العدوي،الشهير بالدردير (المتوفى : 1201هـ) ج 3 ص: 500.
[23]"ما لا يوجد له مثل في السوق،أو يوجد لكن مع التفاوت المعتد به في القيمة كالمثلي المخلوط بغيره، وكالعدديات المتفاوتة التي يكون بين أفرادها وآحاد هاتفا وتفي القيمة كالأنعام" الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 138).
[24]"ما تماثلت آحاده وأجزاؤه من الأموال بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق يعتد به" .الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 139).
[25]- عبد الحميد الشواربي. أحكام الشفعة والقسمة ص: 279.
[26] التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه الإسلامي والفراغ القانوني، ص 25.
[27]المعيار المعرب، الونشريسي، ج8 ص: 117.
[28]- قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 27/9/2000 ملف عدد: 214/96 غير منشور- نقلا عن كتاب التصرفات الواردة...ص: 29.
[29]- قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 9/6/1978 ملف عدد 440 غير منشور- نقلا عن كتاب التصرفات الواردة...ص: 29.
[30]- منح الجليل شرح مختصر خليل للشيخ عليش، ج7 ص : 250.
[31]- المرجع نفسه.
[32]- الفقه الإسلامي وأدلته، ج5 ص: 700.
[33]- شرح الزرقاني على مختصر خليل، ج6 ص: 194.
[34]- أحكام العقار المملوك على الشياع، أطروحة لنيل الدكتوراه في الشريعة إعداد. د. محمد بحنيف. ص: 94
[35]- أحكام العقار المملوك على الشياع. د. محمد بخنيف. ص: 95.
[36]- القرار رقم 929 الصادر بتاريخ 2/6/1985 ملف عقاري رقم: 61765 مجموعة قرارات المجلس الأعلى مادة الأحوال الشخصية، إدريس ملين، منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية، 1990.
[37]- أحكام العقار المملوك على الشياع. د. محمد بخنيف ص: 96.
[39]أحكام العقار المملوك على الشياع، د محد بخنيف، ص : 331.
[40]البهجة شرح التحفة، ج 2 ص:180.
[41]أحكام العقار المملوك على الشياع، ص : 331
[42]منح الجليل للشيخ عليش، ج 7 ص : 299.
[43]نفَقَ يَنفُق،نَفَاقًا،فهو نافِق، نفَقتِ البضاعةُ: راجَت ورُغِب فيها "نَفاقُ السِّلع الغذائيَّة- تجارة نافِقة". معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 2260)
[44] المدونة الكبرى، ج 2،ص 242
[45] البهجة شرح التحفة، ج 2ص 181.
[46]البهجة شرح التحفة، ج 2ص 181
[47]مختصر الشيخ خليل، ص: 235.
[48]المدونة، للإمام مالك، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ - 1994م، ج:4 ص:268.