سبحان مبدل الأحوال، جل جلاله، الذي جعلنا نعيش ونرى بأم أعيننا بعيدا عن بهلوانيات الإعلام المأجور وحملات القصف المدفوع الثمن ، كيف يتبهدل المتآمرون على سوريا الدولة والمقدرات الوطنية المهددة بالعدوان والتدمير ، وكيف تستفحل أوضاعهم المتمأزقة ، مع مرور الأيام منذ أن حفر أوباما حفرة الخط الأحمر الكيماوي، ثم راح يستحث الخطى عن وعي أو غير وعي ليسقط فيها غير مأسوف عليه، من خلال التهديد والوعيد ودق طبول الحرب بدون مرجعية واضحة المعالم أو إستراتيجية متماسكة مضمونة العواقب ، اللهم إلا حفظ ماء الوجه المغموس في الوحل ، وإنقاذ المصداقية المرتكسة في الحضيض .
لكل الناقمين على منتقدي الحملة العدوانية الأمريكية الفرنسية على سوريا الدولة والمقدرات الوطنية، نقول لهم من فضلكم لا تكونوا أقل عروبة وعقلانية من مجلس العموم البريطاني ، ونقترح عليهم بكل هدوء أن يطالعوا مناقشات مجلس العموم البريطاني، بموضوعية وبعقل بارد ، ويتأملوا الحجج والحجج المضادة من قبل المتدخلين في تلك الجلسة التاريخية ، وكيف أن معارضي العدوان فندوا بطريقة مقنعة وبتحليل متين متماسك محاججات المطبلين للعدوان، وتتلخص المحاججة المعارضة في فكرة بسيطة وواضحة وهي أن القرار بالعدوان استبق الدليل الثبوتي القاطع بمسؤولية الحكومة السورية عن استخدام المواد السامة ثم كيف يتم اتخاذ القرار قبل استكمال لجنة التحقيق الأممية لعملها ، وكيف يتم اتخاذ القرار خارج الأمم المتحدة ، وهل يضمن متخذو قرار العدوان عدم استخدام السلاح الكيماوي من جديد ؟ وهل يضمنون عدم هز الاستقرار الإقليمي وربما الدولي وخطر الدخول في دوامة الفوضى الهدامة المستدامة؟
من هنا كانت موجات الرفض للعدوان تتصاعد عالميا على مستوى الشعوب وقوى المجتمع المدني، بما فيها أمريكا وفرنسا متزعمتي الحملة العدوانية ، وحتى داخل الكونغرس المعروف بتوجهاته الصهيونية لم تستطع ماكينة الحرب الدعائية العدوانية أن تنطلي على أعضائه ، ليس رأفة أو رحمة بالدولة السورية ومقدراتها الوطنية وبأرواح مواطنيها، بل فقط وفقط لأن المحاججة الأوبامية ضعيفة ومهلهلة لجهة اتساق مفرداتها وانسجام مكوناتها وضمان نتائج المشروع العدواني لصالح الأمن القومي الأمريكي وامن حلفاء أمريكا على رأسهم اسرائيل. هاهنا انقلب السحر على الساحر واستفحل الارتباك والتلعثم ، كما بينه بوضوح عرض كيري وهاغل وديمبسي امام لجنة الكونغرس المختصة ، فما كان من مروجي الحملة العدوانية إلا الادعاء بمحدودية سقف العدوان وموضعيته وتواضع أهدافه ، أن المشروع العدواني سقط استراتيجيا ولم يعد يعول إلا على الهدف التكتيكي؟ ومع تصاعد حملة الرفض ولاسيما من طرف الأمانة العامة للأمم المتحدة وبابا روما والأغلبية الساحقة من دول العالم في مختلف القارات ، لم يعد هناك من منظر مضحك مبكي سوى منظر أوباما وجوقته وأتباعه من الدول العربية الذين جمعوهم على جناح السرعة في باريس يصرون على المضي قدما نحو السقوط المدوي في الحفرة التي حفروها بأنفسهم حتى .... جاءت المصيدة الإنقاذية التي نصبها بكل براعة وكياسة الفريق الروسي الإيراني.
حاصل القصة، أن الحجة الوحيدة التي استمرت ألسنة مخططي العدوان ومبيتيه في لوكها، بالرغم من عزلتهم، تتلخص في ردع من يستخدم السلاح الكيماوي باعتباره سلاح دمار شامل، والعمل على فرض احترام التعهد الدولي الذي عمره مائة سنة بعدم استخدام الكيماوي من جديد، لأن في ذلك تهديدا لأمريكا ولحليفتها المدللة إسرائيل، طيب هاهو العرض الروسي واضح يقول بتعهد الحكومة السورية بوضع ترسانتها الكيماوية الضخمة تحت المراقبة الدولية، مع إمكانية ،أقول مجددا، إمكانية التخلص منها والانضمام لمعاهدة حظر انتشار السلاح الكيماوي، لكن بشرط التخلي عن الفكرة الصهيونية الشيطانية بالعدوان على سوريا الدولة والمقدرات الوطنية. وهكذا سقطت كل حجج العدوان وخارت مفرداته وادعاءاته الواحدة تلو الأخرى، حتى اضطر الكونغرس لتأجيل التصويت على مشروع قرار العدوان لأن النتيجة كانت غير محسومة وأصبحت بعد الاقتراح الروسي شبه محسومة في اتجاه رفض المشروع وبالتالي وضع أوباما ليس كشخص ومؤسسة رئاسية بل كرمز للهيبة الأمريكية في وضع المعزول والمهزوم والمندحر. وفي المقابل تربعت روسيا على عرش الدبلوماسية الدولية واعتلى بوتين قمة النجومية وراح يملي شروط تنفيذ اقتراحه على الأمريكيين والفرنسيين وهاهو يعلن بكل شجاعة قراره بالالتزام بتنفيذ التعهد المقطوع للإيرانيين والمجمد على عهد ميدفيدف والمتمثل في توريد عدة منصات من صواريخ إس 300 الفائقة التطور مضيفا إليها اقتراحا ببناء مفاعل نووي جديد في إيران؟ أليس هذا دليل قاطع على نهاية عهد الضغط الأمريكي على روسيا؟
فالتقط أوباما مضطرا الطعم ورحب به أيما ترحيب في الواقع مبينا نوعا من الحذر في الإخراج الشكلي المظهري فقط، حفاظا على ما تبقى من ماء وجه، لكن هل الاقتراح الروسي المعد على ما يبدو بالتشاور مع الإيرانيين مضمون التطبيق وناجز حقا ؟ أقول بكل سرعة. كلا ، ولنتأمل الملاحظات الثلاثة التالية:
- ليس هناك التزام واضح صريح بتدمير المخزون بل فقط بوضعه تحت مراقبة دولية
- المدة الزمنية لتنفيذ الاقتراح بمختلف مكوناته تتطلب وقتا طويلا، وبالتالي هو ربح للوقت ريثما تبرد حملة التسخين العدواني على سوريا
- لنفترض جدلا أن المشروع تم تطبيقه وتم التخلص عمليا وبشكل كامل من المخزون السوري ، وهو أمر صعب عمليا ، هل هناك ضمانة بعدم تصنيعه من جديد، فالخبرة السورية التصنيعية للكيماوي خبرة مكتسبة ومستقلة ذاتيا وهناك بنية تصنيعية قارة بسوريا فمن يضمن إعادة التصنيع من جديد ، أو إحالة التصنيع ليكون بالمناولة .أنت تستطيع أن تقضي على السلاح لكن لا يمكنك أن تقضي على العقل المصنع للسلاح. ( قارن بتجربة التفاوض النووي الإيراني)
خلاصة القول، سواء كانت الحفرة أو كانت المصيدة المقدمة في لفاف حريري، فالنتيجة باتت معروفة لكل ذي عقل مجرد من أوهام وأباطيل الإعلام المغرض: وهي أن الأحادية العدوانية الأمريكية إلى أفول ، أي نعم إلى أفول ، وما علينا إلا الصبر، وفي بعض الأحيان الابتسام، ونحن نشاهد مزيدا من البهلوانيات الكلامية الاستهلاكية.
ا
لكل الناقمين على منتقدي الحملة العدوانية الأمريكية الفرنسية على سوريا الدولة والمقدرات الوطنية، نقول لهم من فضلكم لا تكونوا أقل عروبة وعقلانية من مجلس العموم البريطاني ، ونقترح عليهم بكل هدوء أن يطالعوا مناقشات مجلس العموم البريطاني، بموضوعية وبعقل بارد ، ويتأملوا الحجج والحجج المضادة من قبل المتدخلين في تلك الجلسة التاريخية ، وكيف أن معارضي العدوان فندوا بطريقة مقنعة وبتحليل متين متماسك محاججات المطبلين للعدوان، وتتلخص المحاججة المعارضة في فكرة بسيطة وواضحة وهي أن القرار بالعدوان استبق الدليل الثبوتي القاطع بمسؤولية الحكومة السورية عن استخدام المواد السامة ثم كيف يتم اتخاذ القرار قبل استكمال لجنة التحقيق الأممية لعملها ، وكيف يتم اتخاذ القرار خارج الأمم المتحدة ، وهل يضمن متخذو قرار العدوان عدم استخدام السلاح الكيماوي من جديد ؟ وهل يضمنون عدم هز الاستقرار الإقليمي وربما الدولي وخطر الدخول في دوامة الفوضى الهدامة المستدامة؟
من هنا كانت موجات الرفض للعدوان تتصاعد عالميا على مستوى الشعوب وقوى المجتمع المدني، بما فيها أمريكا وفرنسا متزعمتي الحملة العدوانية ، وحتى داخل الكونغرس المعروف بتوجهاته الصهيونية لم تستطع ماكينة الحرب الدعائية العدوانية أن تنطلي على أعضائه ، ليس رأفة أو رحمة بالدولة السورية ومقدراتها الوطنية وبأرواح مواطنيها، بل فقط وفقط لأن المحاججة الأوبامية ضعيفة ومهلهلة لجهة اتساق مفرداتها وانسجام مكوناتها وضمان نتائج المشروع العدواني لصالح الأمن القومي الأمريكي وامن حلفاء أمريكا على رأسهم اسرائيل. هاهنا انقلب السحر على الساحر واستفحل الارتباك والتلعثم ، كما بينه بوضوح عرض كيري وهاغل وديمبسي امام لجنة الكونغرس المختصة ، فما كان من مروجي الحملة العدوانية إلا الادعاء بمحدودية سقف العدوان وموضعيته وتواضع أهدافه ، أن المشروع العدواني سقط استراتيجيا ولم يعد يعول إلا على الهدف التكتيكي؟ ومع تصاعد حملة الرفض ولاسيما من طرف الأمانة العامة للأمم المتحدة وبابا روما والأغلبية الساحقة من دول العالم في مختلف القارات ، لم يعد هناك من منظر مضحك مبكي سوى منظر أوباما وجوقته وأتباعه من الدول العربية الذين جمعوهم على جناح السرعة في باريس يصرون على المضي قدما نحو السقوط المدوي في الحفرة التي حفروها بأنفسهم حتى .... جاءت المصيدة الإنقاذية التي نصبها بكل براعة وكياسة الفريق الروسي الإيراني.
حاصل القصة، أن الحجة الوحيدة التي استمرت ألسنة مخططي العدوان ومبيتيه في لوكها، بالرغم من عزلتهم، تتلخص في ردع من يستخدم السلاح الكيماوي باعتباره سلاح دمار شامل، والعمل على فرض احترام التعهد الدولي الذي عمره مائة سنة بعدم استخدام الكيماوي من جديد، لأن في ذلك تهديدا لأمريكا ولحليفتها المدللة إسرائيل، طيب هاهو العرض الروسي واضح يقول بتعهد الحكومة السورية بوضع ترسانتها الكيماوية الضخمة تحت المراقبة الدولية، مع إمكانية ،أقول مجددا، إمكانية التخلص منها والانضمام لمعاهدة حظر انتشار السلاح الكيماوي، لكن بشرط التخلي عن الفكرة الصهيونية الشيطانية بالعدوان على سوريا الدولة والمقدرات الوطنية. وهكذا سقطت كل حجج العدوان وخارت مفرداته وادعاءاته الواحدة تلو الأخرى، حتى اضطر الكونغرس لتأجيل التصويت على مشروع قرار العدوان لأن النتيجة كانت غير محسومة وأصبحت بعد الاقتراح الروسي شبه محسومة في اتجاه رفض المشروع وبالتالي وضع أوباما ليس كشخص ومؤسسة رئاسية بل كرمز للهيبة الأمريكية في وضع المعزول والمهزوم والمندحر. وفي المقابل تربعت روسيا على عرش الدبلوماسية الدولية واعتلى بوتين قمة النجومية وراح يملي شروط تنفيذ اقتراحه على الأمريكيين والفرنسيين وهاهو يعلن بكل شجاعة قراره بالالتزام بتنفيذ التعهد المقطوع للإيرانيين والمجمد على عهد ميدفيدف والمتمثل في توريد عدة منصات من صواريخ إس 300 الفائقة التطور مضيفا إليها اقتراحا ببناء مفاعل نووي جديد في إيران؟ أليس هذا دليل قاطع على نهاية عهد الضغط الأمريكي على روسيا؟
فالتقط أوباما مضطرا الطعم ورحب به أيما ترحيب في الواقع مبينا نوعا من الحذر في الإخراج الشكلي المظهري فقط، حفاظا على ما تبقى من ماء وجه، لكن هل الاقتراح الروسي المعد على ما يبدو بالتشاور مع الإيرانيين مضمون التطبيق وناجز حقا ؟ أقول بكل سرعة. كلا ، ولنتأمل الملاحظات الثلاثة التالية:
- ليس هناك التزام واضح صريح بتدمير المخزون بل فقط بوضعه تحت مراقبة دولية
- المدة الزمنية لتنفيذ الاقتراح بمختلف مكوناته تتطلب وقتا طويلا، وبالتالي هو ربح للوقت ريثما تبرد حملة التسخين العدواني على سوريا
- لنفترض جدلا أن المشروع تم تطبيقه وتم التخلص عمليا وبشكل كامل من المخزون السوري ، وهو أمر صعب عمليا ، هل هناك ضمانة بعدم تصنيعه من جديد، فالخبرة السورية التصنيعية للكيماوي خبرة مكتسبة ومستقلة ذاتيا وهناك بنية تصنيعية قارة بسوريا فمن يضمن إعادة التصنيع من جديد ، أو إحالة التصنيع ليكون بالمناولة .أنت تستطيع أن تقضي على السلاح لكن لا يمكنك أن تقضي على العقل المصنع للسلاح. ( قارن بتجربة التفاوض النووي الإيراني)
خلاصة القول، سواء كانت الحفرة أو كانت المصيدة المقدمة في لفاف حريري، فالنتيجة باتت معروفة لكل ذي عقل مجرد من أوهام وأباطيل الإعلام المغرض: وهي أن الأحادية العدوانية الأمريكية إلى أفول ، أي نعم إلى أفول ، وما علينا إلا الصبر، وفي بعض الأحيان الابتسام، ونحن نشاهد مزيدا من البهلوانيات الكلامية الاستهلاكية.
ا