تحتضن الواحات المغربية كثلة ديمغرافية مهمة تقارب المليوني نسمة، اذا ما قورنت بطبيعتها الهشة والحساسة للتطورات والتغيرات المتعددة التي تعيش على إيقاعها وبوثيرة متسارعة ازدادات في العقود الاخيرة ، وهي تطورات سوسيو-قتصادية ميالة الى تدمير هذه الاوساط والإسراع بانقراضها على الرغم من الانطباع الاغرائي الذي يطبع نفسية بعض القراء التبسيطيين لهذه التحولات، حيث أن عملية التدويخ الاولى التي يصاب بها المنبهر بتمظهرات الدينامية العمرانية والاقتصادية ، الحاملة لجينات الموت، تحجب الرؤية عن الغوص والإمعان في الاسس التي تقوم عليها هذه التحولات، بحيث تنطوي أحشائها على مؤشرات بلحظية عمرها الزاهي ومن خلالها بواعث التخريب الممنهج لركائز الحياة الذي يصعب معه – في حال فوات الأوان- ترميم المنظومة الواحاتية القائمة على التوازن الهش.
أمام هذا الخطر المحدق الذي تنبأ به التحولات الجارية على صعيد العشرات من واحات المغرب وعلى طول خط الجنوب الشرقي تحت تأثير فعل لا عقلاني ولا مسؤول وغير مواطن يحكم الفاعلين الجدد فيها والغياب او لنقل الحضور الباهث للموكول إليهم مسؤولية الحرص على إعمال منظور مستدام في تنمية هذه الاوساط العطوبة، مقابل الترويج لخطاب موهم ب" نهضة تنموية" يستند في تبريراته على التطورات المظهرية، ويتبرم في الاجابة العاجلة عن سؤال الخطر الذي ينذر بصعوبات أكبر ستقف في وجه المواطنين للولوج الى حاجياتهم وحقوقهم، وفي طليعتها الحق في الماء باعتباره الضامن لمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية اللصيقة ومنها الحق في تنمية مستدامة، وعليه فان المقالة ستروم الوقوف على مسؤولية الدولة باعتبارها راعية لهذه الحقوق، وموكول اليها – من خلال ممثليها- الحرص على الإنصاف في الولوج الى هذا الحق البيئي/الاجتماعي/الاقتصادي، ذي الارتباط الوثيق بحقوق أخرى لا تستقيم إلا من خلال التمتع به، وارتباط بذلك سنثير مدى تدخلها وفق ما تلزمه منها التشريعات الدولية التي تعهدت باحترامها والسهر على تحسين تحقيق ما نصت عليه ، وكذا التشريعات الوطنية التي تكشف تعهداتها نظريا ومدى تطابق حرارة النص بمرارة الواقع، الى جانب تمحيص وظيفتها في ضمان تيسير الولوج إلى هذه الحقوق السائرة في الانتهاك حالا ومستقبلا، وفق مبدأ الإنصاف الترابي و بين الأجيال بهذه الأوساط التي تعيش على إيقاع حملة شرسة في استنزاف مادتها وضرورتها الحيوية وأس استدامتها.
الواحات المغربية تعيش اليوم إذن مرحلة حاسمة من مسارها التاريخي أبرز سماتها وضع متقدم جدا في تقوية حبل " الود" مع السوق ، وبذلك انتقلت من مجال أولى أولوياته ضمان العيش لساكنته في جو مطبوع بالتعايش والتضامن بين مختلف مكوناته وأجياله ، كما تبوح بذلك وبشكل جلي تلك الانظمة التدبيرية الانمودج التي ظلت سائدة الى عهد قريب ومازال بعضها – في دائرة ضيقة جدا- يصارع من أجل البقاء ، أنظمة مدركة للتوازن المفروض بين الحاجة والمورد ، إلى مجال صار –كرها- من أولوياته تزويد السوق وإمداده لزوما بما يحتاجه من بعض المنتجات الفلاحية والخدماتية المستنزفة لأساسها البيئي والاجتماعي ، وقبلة للمستثمرين اللاهثين وراء مراكمة الثروة، وتكديس الارباح الخاصة، كل ذلك على حساب استغلال مورد مشترك وناذر وعصب للحياة .
انطلاقا من هذا التوجه الجديد القائم على المراكمة السريعة للإرباح باستغلال مفرط لحق مشترك وجماعي و " الارتقاء" بالمجالات الواحية الى مجالات لتلبية طلبات خارجية غير مدركة أو غير واعية بظروف إنتاج طلباتها غير المحدودة والشرسة، وما سينجم عن ذلك من فناءا لمصدر التزويد، واعتبارا للخلاصات المنبثقة عن تأمل في المعطيات اللصيقة بما يعتمل في هذه الاوساط ، فإن الوقوف على مسؤولية الدولة فيما يجري بهذه الواحات المحدق بمصير الحقوق البيئية و الاجتماعية، وكذا الاقتصادية وما سيفرزه من نتائج سلبية على أوضاع مواطني هذا التراب يشكل الباعث الابرز في هذه المقالة، حيث أن مسؤوليتها ليس التصديق الدولي والتشريع الوطني، بل التعهد بما التزمت به وتطبيق ما نصت عليه التشريعات و تحديد المسؤوليات وإلحاق المساءلة والعقاب بالمتساهلين في انتهاك حقوق هؤلاء المواطنين والمواطنات من قبل لوبيات اقتصادية تستغل عوز وفقر وجهل الاسر والإفراد، واستسهال الدوس على التشريعات بهذه الأوساط وما ينجم عن ذلك من نتائج تدفع الدولة تبعاتها في مجالات اخرى، وإذا ما اضيف لهذا الاستنزاف الكمي المسترسل للموارد المائية، فان الكيف ايضا يبعث على القلق من خلال حجم المبيدات والأسمدة الضرورية في عملية الانتاج وهو يوحد أزمتي الكم والكيف اللذين يعانيهما هذا المورد الطبيعي الحيوي.
لقد صادق المغرب على مجموعة عهود ومواثيق واتفاقيات، كما تبنى مضامين ما جاءت به ذات صلة بحماية الحق في الماء والتنمية المستدامة، بدأ بالإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي تقر مادته 25، إذ أن ما نصت عليه من حقوق لا يستقيم معناه ولا يدرك التمتع بها من دون الولوج الى الماء وضمان الاستفادة منه، ومن ضمنها كذلك أقدس حق إنساني ألا إنه الحق في الحياة والحماية من العطش والأمراض، وكذا الكرامة الانسانية المتأصلة في البشرية، مرورا بما تحتويه الفقرة الاولى من المادة الحادية عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من حقوق لا تستوفي معناها إلا بالحضور الحتمي لهذا العنصر، وماجاء كذلك في الفقرة الاولى من المادة 12 من نفس العهد، و الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز في الفقرة الثانية من مادتها الرابع عشر (14) التي تبرز القيمة التي أولتها المنظومة الاممية للمساواة بين الجنسين في الولوج لهذا الحق و وصولا، ومن باب التأكيد على اهمية هذا الحق في التأسيس لحقوق مربوطة به سواء اجتماعية او إقتصادية، إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وخاصة الفقرة الثانية من المادة 24 منها التي تحث الدول الاطراف على مكافحة الامراض وسوء التغذية من خلال توفير الاغذية الكافية ومياه الشروب النقية ، وبالعودة الى التعليق العام رقم 15 حول الحق في الماء الصادر عن اللجنة الاممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها التاسعة والعشرون عام 2002 نجد ان "إن الماء ضروري لتحقيق طائفة من الأغراض المختلفة، لإعمال العديد من الحقوق المنصوص عليها في العهد، إلى جانب استخداماته للأغراض الشخصية والمنزلية. فالماء ضروري مثلاً لإنتاج الغذاء (الحق في غذاء كافٍ) وضمان الصحة البيئية (الحق في الصحة). والماء ضروري لتأمين سبل العيش (الحق في كسب الرزق من خلال العمل) والتمتع ببعض الممارسات الثقافية (الحق في المشاركة في الحياة الثقافية). ومع ذلك، ينبغي، عند توزيع الماء، إعطاء الأولوية للحق في الماء للاستخدامات الشخصية والمنزلية. كما ينبغي إيلاء الأولوية لموارد المياه اللازمة لمنع وقوع المجاعات والأمراض، وكذلك الماء اللازم للوفاء بالالتزامات الأساسية بشأن كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد"، والحالة هاته حيث الحق في الماء يحظى بدور مركزي في مضامين العهود والمواثيق الاممية التي صادقت عليها بلادنا من جهة، وحيث أن الولوج الى هذا الحق من عدمه يؤثر جليا على عدد من الحقوق اللصيقة فحرص الدولة على حمايته والنهوض به وتيسير الولوج اليه وضمان المساواة فيه سواء في الاستعمال المنزلي او الاقتصادي من واجباتها التي لا تقبل النيابة في السهر على تمتع المواطنين والمواطنات به على طول خريطة الوطن حالا و مستقبلا، انسجاما مع تشبتها بالمرجعية الدولية في إعمال حقوق الانسان "كما تفيد بدلك القراءة التفاؤلية لديباجة دستور 2011" ، وإذا ما اضفنا الى ما جاءت به هذه العهود المصادق عليها تبنى المغرب كذلك توصيات قمة الارض بريوديجانيرو عام 1992، وما تلاها من قمم بيئية التي تحث على ربط التنمية الحقيقة بالمحافظة على الموارد البيئية، الا ان واقع الحال بالمجالات الواحية المغربية يبرز بان الدولة بعيدة عن اعمال هذا المنظور الاممي خاصة في الشق المتعلق بالجانب الحمائي لهذا الحق الذي يتعرض اليوم لانتهاك صارخ ومتواصل من قبل استثمارات ضخمة في الماء الناذر ، على الرغم من المجهودات المبذولة قبل سنوات في مجال تزويد السكان والمناطق النائية بالماء الشروب .
وبخلاف ما نسجله على المستوى النظري حيث الاقرار بدستورية الحق في الحصول على الماء، إذ جاء في الفصل 31 من دستور 2011 " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة ، كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في ..... الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة ، و التنمية المستدامة " وهنا يحق التساؤل عن الاجراءات المبذولة لضمان هذه المساواة من قبل الجهات الوصية على جميع الاصعدة بهذه المناطق التي ستدخل حقبة حرجة، وفق تقييم للوتيرة التي تستغل بها الفرشاة المائية الباطنية غير القابلة للتجدد وما سيرتبط بها من صعوبات ستجعل من هذا الحق في خانة المستحيلات ، علما ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كان قد نبه الى الاستغلال المفرط لهذه الفرشاة وضرورة الاسراع بالسيطرة على الوضع وفق متن التقرير الاخير المتعلق بالنموذج التنموي الجديد بأقاليم الجنوب الصادر في اكتوبر 2013،حيث جاء فيه " ضرورة تنظيم الولوج الى المياه الجوفية والتخفيض من استغلالها المفرط ..." ومن هذه الاقاليم طبعا جزء من الواحات السائرة في طريق النكبة- واحات طاطا واسا الزاك - وان كان – التقرير- لم يولي الاهتمام اللازم لهذا الموضوع خاصة فيما يتعلق بالتوجه الاقتصادي الجديد بالواحات وتأثيره الواضح في انهاك الموارد المائية للواحات وتهديد الاحتياطي المائي الموروث وإدخال المنطقة خانة " المناطق المصدرة للمهاجرين الايكولوجيين" في العقود القادمة بشكل أوسع .
التشريعات الوطنية المتضمنة لمسؤولية الدولة في حماية هذا الحق الذي ارتقى الى مستوى الدسترة فيما يشبه التزام الدولة بتعهداتها امام المنتظم الدولي، وهو الامر الذي لا نجد له وقع على مستوى ارض الواقع ،مما يصبح معها التساؤل مشروعا حول المسؤولية التقصيرية عن حماية الحق في الماء لصالح المواطنين والمواطنات واتخاذ كل الاجراءات والاحترزات الوقائية الازمة يتعلق الامر بقانون 10-95 المعروف بقانون الماء الصادر منذ حوالي عقدين من الزمن، اذ جاء في ديباجته بشأن بيان الاسباب الى هذا القانون " يسعى هذا القانون الى اقرار سياسة وطنية مائية مبنية على نظرة مستقبلية تاخد بعين الاعتبار تطور الموارد المائية من جهة ، وحاجيات الوطنية من جهة اخرى ... في اطار برامج تهدف الى تحقيق الامن المائي على مستوى مجموع تراب المملكة .." وأضاف " .... يرمي – المقصود القانون- الى تحقيق الاهداف التالية ..... تعبئة وتسيير معقلن لكل الموارد المائية ... ، حماية كمية ونوعية للأملاك العامة المائية في مجموعها والحفاظ عليها .." ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل عن تجليات وآثار هذه المقتضيات على مستوى واقع هذه الواحات حيث ان القانون مهما كانت جودته وأهميته وصلابته فانه لايعني شيء في غياب وقعه على حياة الافراد ووضعية حقوقهم ومن باب اظهار الحضور الباهث لما ورد في هذا النص باعتباره مقتضى تشريعي لتصريف التزامات الدولة تجاه المنتظم الدولي و اتجاها مواطنيها على جميع التراب الوطني نضيف ان من بين ما جاء فيه " ... التوزيع العقلاني للموارد المائية في فترة الجفاف للتخفيف من اثار النقص ..." وهذا ما يدفعنا الى المقارنة بين التطور الملحوظ والمستمر في التصاريح والتراخيص لاستغلال مياه الفرشاة المائية بهذه الاوساط الدائمة الجفاف والصمت المثير الاستغراب تجاه التوافد المتزايد للأنشطة العدوة للماء وغير الرحيمة به علما ان المساءلة الاجتماعية ينبغي ان تحظى بالأولوية على الاقتصادية حيث ان المنطقة وتحت تأثير هذه السلوكات البشرية تعيش على ايقاع تجفيف متقدم ينضاف الى الجفاف الطبيعي البنيوي، وارتباط بمقتضيات نفس النص ذو النفحة الحمائية للحق في الماء كحق انساني فإنه يقر من خلال مادته الاولى أن الماء "ملك عام ولا يمكن ان يكون موضوع تملك خاص " سواء كان سطحيا او جوفيا كما تشير الى ذلك المادة الثانية، لذلك فان ظاهرة زراعة الدلاح لغرض التسويق والأنشطة السياحية تجعل المنطقة خاضعة لمنطق نهب الماء العام واستفادة فاحشة لطرف دون اخر بالمقابل سيدفع ثمن الاستهتار بهذا الحق ساكنة المجال بالاساس ، وفي اطار العقلنة والتوازن بين المستهلكين والحاجيات والطلبات فإن المادة الخامسة عشر منه تتحدث عن عملية التخطيط التي تعتمده الدولة في استعمال الموارد المائية الوطنية وهو ما تؤكده المادة السادسة عشر من نفس القانون حيث تنص على " وضع مخطط توجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه ....لكل حوض مائي ... بهدف التأمين الكيفي والكمي للحاجيات المائية الراهنة والمستقبلية لمختلف مستعملي مياه الحوض " وهو ما يجعل المتتبع لهذا الواقع الكارثي الذي دخلته العديد من واحات المغرب عن مدى ملامسة هذه المقتضيات سواء فيما يتعلق المقاربة المندمجة او المستدامة للموارد المائية بهذه المناطق التي كانت سباقة لهذه المقاربات قبل هذا القانون، و منذ عصور خلت، ولعل الانظمة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والثقافية السائرة في طريق الانقراض تشكل تلال شاهدة على ذلك.
كما ان الخطورة التي وصلت اليها الامور بهذه الواحات تبعث على التساؤل عن قيمة المادة 49، و ماذا ينتظر الاوصياء على تطبيقها اكثر بعدما اصبحت – الواحات- بين كفي عفريت اقتصاديين غير رحماء بثروة تشكل عصب الحياة و التي تنص على " إحداث مدارات تدعى مدارات المحافظة بالمناطق التي تصل بها درجة استغلال المياه الجوفية الى حد يهدد بالخطر الموارد المائية الموجودة ...." من هذا القانون حيث تحولت هذه المجالات و دون حسيب ولا رقيب الى ساحة للتنافس على حفر الابار و الأثقاب . أليت هذه المجالات اليوم في حاجة الى ان تعلن مدارات محافظة بامتياز ؟ وماذا تنتظر السلطات المخول اليها انفاذ هذا القانون " وكالات الاحواض المائية واللجان الاقليمية والسلطات المحلية... " حتى لا تشرع في تطبيق المادة 50 منه والتي تفيد باستصدار مرسوم لتحديد مدارات المنع وغيرها من المواد التي باثت ضرورة إعمالها وبدون ادنى انتظار وهو ما لم نرى حصوله وبقاء المعنيين في صف المتفرجين على هذا المسلسل التراجيدي .
وارتباط دائما باقتفاء اثر الالتزامات القانونية للدولة من أجل حماية حقوق المواطنين في الماء وبيئة سليمة ، والتي تؤكد حالة الواقع انها لا تتجاوز رفوف الادارات والوكالات، نتوقف عند بعض من مقتضيات القانون رقم 12.03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة وبشكل ادق عند المادة الثانية منه والتي تنص على انه " تخضع لدراسات التأثير على البيئة كل المشاريع المذكورة في اللائحة المرفقة بهذا القانون والمزمع انجازها من طرف كل شخص طبيعي أو معنوي ، عام او خاص ، والتي بسبب طبيعتها أو حجمها أو موقعها يحتمل ان تكون لها تأثيرات سلبية على الوسط الاحيائي والفيزيائي والبشري "، علما ان المادة الاولى من ذات القانون أشارت في فقرتها الخامسة الى ان معنى كلمة مشروع هو " كل مشاريع الانشطة والأشغال والتهييئات والمنشات المزمع انجازها من طرف كل شخص طبيعي او معنوي ، عام او خاص ، والتي بسبب طبيعتها أو حجمها أو وجودها بمناطق حساسة أو مناطق محمية تتطلب إجراء دراسات التأثير على البيئة" وانسجاما مع منطوق هاتين المادتين وكذا المادة الخامسة، فان السؤال يبدو بديهي عن من خول ،لأصحاب هكذا مشاريع وانشطة " زراعة الدلاح والسياحة المستهلكة للماء" اثبت التجارب انها مضرة بهذه المجالات التي تعاني شحا كبيرا في الماء ، من خول لهم اغراق المنطقة وإطلاق هذه الدينامية الفتاكة بشروط الحياة والماسة بالوسط الاحيائي و الفيزيائي " قتل الاتربة الهشة والناذرة والاشجار المثمرة وانهاك الفرشة المائية غير المتجددة او الضعيفة التجدد... " و البشري " الحاق الضرر بالاستغلاليات الصغيرة والمجهرية ، المس الخطير بالماء الموجه للاستهلاك ، تعميق ظاهرة الفقر والهجرة والعوز ..." والى جانب ما سلف فان الامعان فيما يجري الان بهذه الاوساط وما يهددها من ازمات تمس في العمق حقوق ساكنتها في حقوق معترف بها عالميا ومتشبت بها على صعيد المغرب ومقارنته بمضمون وفلسفة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة المعلن عنه قبل سنوات يجعل الترجمة الفعلية لهذه المقتضيات سيئة ولا ترق الى ما هو ملتزم به أدبيا .
المحصلة اذن ، تبعا لما سلف أن الدولة من الناحية العملية بعيدة عن الالتزام بما انتجته من تشريعات، وما على عاتقها من مسؤوليات، وما صادقت عليه من صكوك أممية لتحصين وحماية حقوق المواطنين في الماء بالمجالات الواحية المغربية التي تزايدت أصوات الاغاثة بها، وارتفعت نواقس الخطر ، من اجل إنقاذ الثروة المائية كملك عام ومشترك، والحد من الحملات المتواصلة من قبل مافيا الدلاح بالأساس سباقها نحو استنزاف الفرشات الباطنية بهذه الاوساط.