لا شك أن السلطة القضائية تحمل في معانيها وأدوارها تميزا واستقلالا واضحين عن باقي السلط مما يجعلها فيما تقدمه من محصلة عملها في الدول الحديثة وخلاصته، "قيمة" تدعى العدالة.
ان العدالة شعور لدى الافراد والجماعات وبالتالي فهو "شعور" نسبي متغير حسب الزمان والمكان، وقياسه بطريقة مادية صعب جدا، لان ذلك يعني قياس شعور الثقة والرضا ،إلا انه و باعتبار جزء من ذلك يمر ويتفاعل عبر قنوات بشرية ووسائل مادية - وهو ما يعبر عنه بالخدمة القضائية- عبر الادارة القضائية ، فانه يبقى قابلا للقياس والتقييم ثم التصويب.
ان السلطة القضائية إذا نظرنا اليها من جانب الخدمة أي المنتوج الكمي والنوعي الموجه للمواطن تطرح عدة اشكالات أهمها عدم وحدة الفاعلين والمتدخلين واختلاف أدوارهم وطرق عملهم .
فإذا كانت المحكمة هي المرفق الاداري والوعاء الذي تقدم فيه خدمات قضائية للمواطنين المرتادين عليه ، فإنه من الضروري تحديد الدور المنوط بأهم الفاعلين وذلك قبل الحديث على أي تنظيم خدماتي.
إن القاضي مركز السلطة القضائية يجب ان يبقى عمله مقتصرا على العمل القضائي المحض وبالتالي يتعين الحرص على اتخاذ كل الاجراءات اللازمة من أجل تحسين هذا العمل من ناحية الجودة والإتقان وهو ما يعني أن علاقته بالإدارة
القضائية يجب ان تبقى بعيدة تحقيقا لوقاره وحفاظا على احترامه داخل المجتمع والوسط القضائي.
بالمقابل يجب أن تقوى لديه مهارات التواصل والإنصات وحسن تدبير العمل المكتبي الخاص به.
كل ذلك يجعلنا نخلص إلى نتيجة حتمية هي أن القاضي الوسيط غير مرغوب فيه.
بالمقابل فان المسؤول القضائي في اطار عمله التسييري للمحكمة يجب ان يكون اكثر التزاما في هذه المهمة وبالتالي وجب تكوينه في مجال التسيير وخاصة في كيفية ادارة الموارد البشرية وكذا كيفية التعامل مع ادارة كتابة الضبط .
كما أن رؤساء مصالح كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة و اطر كتابة الضبط بصفة عامة هم المنوط بهم تحسين الخدمة الادارية داخل فضاء المحكمة تحت اشراف المسؤول القضائي.
إن بعض هيئات المهن الحرة وخاصة المحامون و العدول والمفوضون القضائيون باعتبارهم الأكثر ارتباطا بفضاء المحكمة يجب اشراكهم في حسن الادارة وخاصة ان العديد من المواطنين يقصدونهم في هذا الفضاء وهم جزء لا يتجزأ ممن يقومون بدور الارشاد والمصاحبة داخله.
وفي الأخير لا بد من الاعتراف بوجوب التركيز على العدالة قبل الخدمة وعلى النزاهة قبل الكم.. أما الارتجال فهو متوفر بغزارة.
تاريخ التوصل: 10 غشت 2012
تاريخ النشر: 14 غشت 2012