عبدالله درميــش
دكتور في الحقوق
نقيب المحامين بالدار البيضاء(سابقا)
الدار البيضاء في: 05-03-2015
محكمة الاستئناف بمراكش
غرفة المشورة
إلى السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض
قرار عدد 535/2015
صادر بتاريخ 21 ربيع الثاني 1436
موافق 11/02/2015
ملف رقم 5215/1124/2014
تبليغ 18/02/2015
طلب رام إلى الطعن بالنقض
لفائــــدة: السيد نقيب هيئة المحامين بمراكش.
بصفته الممثل القانوني لهيئة المحامين بمراكش ومجلسها.
الكائن مقره بمكاتبه بمحكمة الاستئناف بمراكش.
الجاعل محل المخابرة معه بمكتب النقيب عبد الله درميش المحامي بهيئة الدار البيضاء المقبول للترافع أمام محكمة النقض، الكائن مكتبه ب 32 شارع المقاومة الدار البيضاء الطابق 12 الشقة 161 -البيضاء-
ضــــد: السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش
سيدي الرئيس الأول،
سادتي رؤساء الغرف،
سادتي المستشارين:
يتشرف العارض نقيب هيئة المحامين بمراكش الممثل القانوني لهيئة المحامين بمراكش ومجلسها أن يرفع إلى عناية المحكمة الموقرة أنه بمقتضى هذا المقال يطعن صراحة بالنقض في القرار الاستئنافي رقم 535/2015 الصادر بتاريخ 21 ربيع الثاني 1436 الموافق ل11/02/2015 في الملف عدد 5215/1124/2014
القاضي في الشكل: بقبول الطعن ، وفي الموضوع بإلغاء انتخاب الأستاذ محمد صباري كنقيب لهيئة المحامين بمراكش .
أولا: من حيث الشكــــل:
حيث بلغ الطاعن بالقرار المطعون فيه بتاريخ 18/02/2015، كما هو ثابت من غلاف التبليغ رفقته (مرفق 1)، وبادر إلى الطعن فيه داخل الأجل القانوني المنصوص عليه في الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية، كما يتضح من تأشيرة وخاتم كتابة ضبط محكمة الاستئناف بمراكش المصدرة للقرار، بموجب هذا الطلب المستوفي لكافة الشروط والبيانات الشكلية صفة ومصلحة وقت إيداع هذا المقال بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه، كما هو مثبت من خاتم كتابة الضبط،
والمعفى من الوجيبة القضائية طبقا للمادة 97.
كما وأن هذه العريضة مرفقة بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل طبقا للفصل355 من قانون المسطرة المدنية ( مرفق 2) وتحمل توقيع محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض (ج.ر عدد6143 بتاريخ 15/4/2013 الرقم الترتيبي 53)، وأن هذا المقال مرفق بنسخ بعدد الأطراف، وبالتالي يكون هذا الطعن مقبولا.
ثانيا: من حيث الموضوع:
إن الطاعن يؤسس طعنه على الأسباب الواردة في الفصل 359 من ق.م.م التي سيبسطها الطاعن (II) لكن بعد عرض موجز للوقائع والمستنتجات المقدمة في النازلة (I).
I- عرض الوقائع بإيجاز وبيان المستنتجات
تتجلى وقائع القضية في أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش تقدم بتاريخ 30/12/2014 بمقال إلى محكمة الاستئناف بمراكش يرمي إلى الطعن في انتخاب النقيب الأستاذ محمد صباري بناء على المادة 94 من قانون مهنة المحاماة عرض فيه انه بلغ بتاريخ 25/12/2015 بالمحضر الذي تم بمقتضاه الإعلان عن انتخاب الأستاذ محمد صباري نقيبا لهيئة المحامين بمراكش للفترة الممتدة من 01/01/2015 إلى 31/12/2017 ،وأنه يطعن في انتخابه استنادا إلى المادة 86 من قانون المحاماة التي تستوجب، من ضمن الشروط الواجب توفرها في انتخاب النقيب، أن لا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة.
وأن النيابة العامة تبين لها بعد البحث أن السيد نقيب هيئة المحامين بمراكش أصدر قرارا بتاريخ 14/01/2009 تحت عدد 11/2009 بمتابعة الأستاذ محمد صباري من أجل ارتكابه مخالفة عدم التقيد بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وعدم احترام مؤسسة النقيب وأعضاء مجلس الهيئة مما يجعل أحد الشروط المطلوبة لانتخابه نقيبا مختلة فيه.
والتمس إلغاء انتخابه نقيبا لهيئة المحامين بمراكش وأرفق السيد الوكيل العام للملك مقاله بمحضر انتخاب النقيب وأعضاء مجلس هيئة المحامين بمراكش مؤرخ في 22/12/2014 وبصورة من مقرر المتابعة التأديبية عدد 11/09 بتاريخ 14/01/2009.
أن الطاعن قد تقدم بمستنتجات كتابية تلتها مستنتجات شفوية، ويمكن تلخيص هذه المستنتجات فيما يلي:
1- إن أهلية الترشيح لمنصب النقيب يبت فيها مجلس الهيئة طبقا للمادة 89 من قانون مهنة المحاماة بمقرر يصدره خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات يحدد فيه أسماء المحامين الذين يحق لهم الترشيح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس بعدما يتأكد من توفر شروط أهلية الترشيح المنصوص عليها في المادة 86 من قانون مهنة المحاماة.
وهذا المقرر الذي يتخذه مجلس الهيئة بحصر لائحة المحامين المؤهلين للترشيح يحق لجميع الأطراف المعنية وللسيد الوكيل العام للملك الطعن فيه طبقا للمادة 94 من قانون المهنة باستقلال عن الطعن في الانتخاب وإذا لم يتم الطعن في اللائحة المذكورة فإنه لا يجوز بناء الطعن في انتخاب النقيب أو أعضاء مجلس الهيئة على عدم الأهلية للترشيح لأن الأهلية يتم البت فيها سلفا قبل تقديم التشريح لمنصب النقيب أو للعضوية في المجلس.
ولما كان السيد الوكيل العام للملك لم يطعن في قرار مجلس الهيئة المتخذ في نطاق المادة 89 بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب والتي استمد منها النقيب محمد صباري قبول ترشيحه لهذا المنصب يكون طعن السيد الوكيل العام للملك في انتخاب النقيب المبني على عدم أهلية الترشيح غير مقبول.
وقد أتيح للمجلس الأعلى أن يفصل في هذه النقطة القانونية في قراره عدد 2528 الصادر بتاريخ 2/7/2008 في الملف عدد 2278/1/6/2006 وجاء في هذا القرار «أن المقرر الذي يصدره مجلس الهيئة بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب يصبح نهائيا بعد انقضاء اجل الطعن فيه ولا يمكن بعد ذلك التمسك أو الطعن بعدم توفر المجلس بالمقرر على شروط الترشيح لمنصب النقيب».
وبذلك يتبين أن سبب هذا الطعن قد أصبح متجاوزا لا يصح الاعتماد عليه في المطالبة ببطلان انتخاب النقيب.
2- أن السبب الذي بنى عليه السيد الوكيل العام للملك طعنه غير صحيح لأن المتابعة التأديبية التي بني عليها طعنه قد صدر فيها قرار ضمني من مجلس الهيئة بعدم المؤاخذة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 70 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
وقام السيد الوكيل العام للملك بالطعن فيه أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 28/7/2009 وبتت محكمة الاستئناف في هذا الطعن بتاريخ 9/10/2014 بمقتضى قرارها عدد 1732 في الملف عدد 2771/1209/09 قاضية بتأييد القرار المطعون فيه وبذلك يكون السبب المبني عليه الطعن غير صحيح لان المتابعة التي اعتمدها في هذا الطعن لم يعد لها وجود بعدما تم البت فيها من طرف مجلس الهيئة ومن طرف محكمة الاستئناف بعدم المؤاخذة منذ ما يزيد عن خمس سنوات قبل ترشيح الأستاذ محمد صباري لمنصب النقيب.
3- ان مقتضيات المادة 86 من قانون مهنة المحاماة المحددة للشروط الواجب توافرها في المرشح لمنصب النقيب قد اشتملت على شرطين متميزين عن بعضهما وهما الثالث والرابع.
فالشرط الثالث أوجب ألا يكون المرشح قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
والشرط الرابع أوجب ألا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة.
ووجه الاختلاف بينهما يتمثل في أن الشرط الثالث يتعلق بالمخالفة المهنية وهي لا تكفي فيها مجرد متابعة المرشح، وإنما لا بد أن يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
بينما الشرط الرابع متعلق بالحكم أو المتابعة في قضية زجرية لها مساس بالشرف والمروءة.لأنه بدون هذا التمييز يكون الشرط الثالث بدون موضوع، لأنه إذا كانت مجرد المتابعة التأديبية هي المقصودة من الشرط الرابع يصبح الشرط الثالث غير لازم ولا داعي له لأن جميع المخالفات المهنية التي تنسب للمحامي، مهما اختلف موضوعها، فهي تعتبر جميعا إخلالا بالشرف والمروءة بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة للجرائم التي تختلف فيما بينها وبين ما هو شائن وما هو غير شائن.
ولذلك فانه من الواضح من العبارات الواردة في المادة 86 المذكورة أنها قد ميزت بين المادة التأديبية والتي لا تكفي فيها مجرد المتابعة، بل لا بد من صدور عقوبة تأديبية، والمادة الزجرية التي تكفي فيها المتابعة في قضية تمس بالشرف أو المروءة لتكون مانعا من الترشيح.
وبالنسبة للنقيب محمد صباري، فإنه لم يسبق له أن كان متابعا أو محكوما عليه في أية قضية زجرية أصلا، وان السيد الوكيل العام للملك قد خلط بين الشرطين الثالث والرابع من المادة 86 واستند على تفسير خاطئ للشرط الرابع من هذه المادة لما بني طعنه على أن النقيب محمد صباري كان متابعا تأديبيا في قضية تمس الشرف والمروءة ،مما يجعل طعنه غير مؤسس مما يناسب الحكم برفضه وأرفق النقيب محمد صباري جوابه بصورة من القرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 14/10/2009 في الملف عدد 2771/1209/09 وصورة لقرار المجلس الأعلى عدد 2525 بتاريخ 2/7/2008.
وبعد مناقشة القضية وتقديم الدفاع لملاحظاتهم الشفوية بما يصب في تأكيد الدفوع المثارة، تم حجز القضية للمداولة لجلسة 11/02/2015 حيث أصدرت محكمة الاستئناف قرارها المشار إلى منطوقه أعلاه وهو القرار المطعون فيه بالنقض
حسب الوسائل الآتية:
II- أسباب ووسائل الطعن بالنقض:
حيث يقدم الطاعن اسباب ووسائل النقض كما هي واردة في الفصل 359 من
قانون المسطرة المدنية وهي:
- خرق قاعدة مسطرية اضر بالعارض؛
- خرق القانون الداخلي؛
- الشطط في استعمال السلطة؛
- عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل، أو نقصانه أو فساده الموازيين لانعدام التعليل.
الوسيلة الأولى خرق قاعدة مسطرية المتمثل في خرق قواعد انعقاد غرفة المشورة طبقا للمادة 95 من قانون المهنة
حيث بالرجوع إلى منطوق القرار المطعون فيه، فإنه أشار،بوضوح، أن المحكمة قد بتت بغرفة المشورة علنيا حضوريا وفي السطر الثاني ما قبل الأخير من المنطوق، قالت المحكمة: « أن القرار صدر في اليوم والشهر والسنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بمراكش ».
حيث إنه، لم يبق أدنى شك في أن المحكمة قد ناقشت القضية في جلسة علنية، حينما صرحت أن الحكم قد صدر علنيا وحضوريا، وأكدت ذلك باستعمالها عبارة "بالقاعة العادية للجلسات".
حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 95 من قانون تنظيم مهنة المحاماة تنص بصيغة الوجوب والإلزام بأن " المناقشات تجري في جلسة سرية وينطق بالمقرر في جلسة علنية ".
حيث إنه، وإن كان قد صدر القرار بالقاعة العادية للجلسات، فإن البت في
النازلة ومناقشتها وقعت، هي الأخرى، في جلسة علنية لأن كلمة "البت" تعني المناقشة
وليس النطق بالقرار.
حيث إن مقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 95 من قانون المهنة مقتضى آمر لا يمكن مخالفته لكونه يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة التي تعتبر قواعده آمرة لا يمكن مخالفتها، كما وأن هذا المقتضى وضع لحسن سير العدالة وتدبير سير الجلسات الخاصة ببعض المهن كمهنة المحاماة .
حيث إنه، نظرا لخصوصية انتخاب النقيب، والطعن في انتخابه، فإن المشرع أضفى على ذلك حماية قانونية خاصة تتجلى في أن المناقشة يجب أن تكون سرية لا يحضر الجلسة إلا الأطراف وهيئة الدفاع ومن ترى المحكمة الاستماع إليهم، وهذا ما جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 617 المؤرخ في 7/9/2005 ملف إداري عدد 2141-4-1-2004 إذ قالت:
« حيث ورد في تنصيصات القرار المطعون فيه صدوره علنيا الأمر الذي ينافي طبيعة البت بغرفة المشورة في مثل نازلة الحال والتي كان على الغرفة ان تقتصر على البت بعد استدعاء النقيب وباقي الأطراف لسماع ملاحظاتهم وتلقي الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك لا ان تفتح المناقشة أمام العموم كما يستفاد من تنصيص قرارها »( منشور بكتاب المحاماة من خلال العمل القضائي ص 97).
حيث إن القرار المطعون فيه لا يشير إلى أن مناقشة الملف كانت سرية، مما يجعله معرضا للنقض، كما قال المجلس الأعلى قي قراره عدد 668 ملف إداري عدد 395/4/2007 بتاريخ 10/9/2008 « نص القرار على صدوره علنيا خلافا لما تقضي به المادة 91 من القانون رقم 1.93.162 الصادر بتاريخ 10/5/1993 المنظم لمهنة المحاماة التي تتطلب صدوره عن غرفة المشورة بشكل سري يعرضه للنقض». (منشور برسالة المحاماة عدد 29 ص 204).
حيث إنه، إذا كان الأصل هو أن تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي
يقرر فيها القانون خلاف ذلك، كما هو الحال بالنسبة لغرفة المشورة التي تبت في
غرفة سرية.
حيث إن كيفية انعقاد الجلسات من النظام العام لكون الأمر يتعلق بقاعدة دستورية منصوص عليها في الفصل 123 من الدستور.
الوسيلة الثانية: خرق القانون الداخلي:
الصورة الأولى للوسيلة الثانية
خرق الفصل 126 من دستور المملكة المتمثل في عدم احترام قرار نهائي:
حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه بالنقض أنه لم يلتزم بقرار نهائي صدر عن نفس المحكمة واكتسب قوة الشيء المقضي به، بل أصبح قطعيا ومبرما لا يمكن مراجعته عن طريق الطعن العادي أو غير العادي، مما يشكل مساسا خطيرا بمقوم من مفاهيم مقومات العدالة.
ذلــك:
أنه بالرجوع إلى الوقائع وإلى وثائق الملف وإقرار النيابة العامة فإن النقيب محمد صباري كان موضوع متابعة تأديبية صدر فيها مقرر بالحفظ الضمني، تم استئنافه من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وبتت فيه هذه الأخيرة بمقتضى قرار عدد 1732 صادر بتاريخ 09/10/2014 في الملف عدد 1209-09-2771 جاء فيه:« بأن لا شيء بالملف يثبت في حق الأستاذ محمد صباري ما نسب إليه، الشيء الذي يقتضي إبقاء الأصل فيه وهو البراءة مادامت المؤاخذة لم تثبت يقينا في حقه»( أدلى بهذا القرار بالملف).
حيث إنه، بالرجوع إلى تنصيصات القرار المطعون فيه(ص15)، فإن المحكمة أسست قضاءها بأنه:« تكفي أحيانا المتابعة، لكن بما فيه مساس بالشرف والمروءة، تم الفصل في هذه المتابعة أو لم يتم بعد مادام أن بها تتحقق الشبهة، والشبهة مخلة بالأهلية لمنصب النقيب...».
حيث إن ما قضى به القرار المطعون فيه، يهدر حكما قضائيا نهائيا، وما كان على محكمة الاستئناف أن تناقش هذا القرار لتستنبط منه ما لم يقض به.
حيث إن الأحكام القضائية لا تناقش إلا وفق إجراءات مسطرية معينة ،وهي طرق الطعن، أما مناقشة حكم أو قرار لتأويله تأويلا سيئا وعدم الالتزام به ففي ذلك خرق صارخ للفصل 126 من دستور المملكة لسنة 2011، الذي رفع قاعدة احترام الأحكام القضائية إلى قاعدة دستورية تفوق كل القوانين وكل الاعتبارات الأخرى.
حيث إن الفصل 126 من الدستور هو ملزم للكافة، بما في ذلك القضاء والحاكمين أو المحكومين،إذ نص بصيغة التعميم حينما قال « الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع».
حيث إنه، هكذا، ماكان على المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أن تناقش حكما قضى بعدم المؤاخذة، وتبعا لذلك بالبراءة ، لأن الحكم القضائي هو عنوان للحقيقة، ورمز للمشروعية، وركيزة لدولة الحق ، ولا يمكن النيل أو هدم هذه الحقيقة القضائية والقانونية والواقعية.
حيث إن جلالة الملك الذي تصدر الأحكام باسمه وطبقا للقانون ما فتئ في رسائله وخطاباته يحرص على الالتزام بالأحكام القضائية والركون لها، إذ قال في خطابه الموجه إلى القضاة خلال ترأسه لافتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15/12/1999:
« ... من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى إلا إذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر».
حيث إن الأساس أن أحكام القضاء ما هي إلا تطبيق للقانون الواجب النفاذ حيال الجميع، حاكما أو محكوما، فالقانون يعلو كل الاعتبارات ويفوق كل المستويات أليس العدل أساس الملك؟.
الصورة الثانية للوسيلة الثانية
خرق الفصل 23 من دستور المملكة المتمثل في هدر قرينة البراءة
حيث إن القرار المطعون فيه قد أسس ما قضى به على استبعاد القرار الذي قضى بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري من أجل الفعل المنسوب إليه والحكم عليه ببراءته.
حيث إن القرار المطعون فيه بعدم التزامه بمقرر عدم المؤاخذة يكون بذلك قد هدم قرينة البراءة وقام بإهدارها.
حيث إن قرينة البراءة لا تثار فقط بخصوص المجال الجنائي، ولكن أيضا في المجال التأديبي ،لأن المجالين الجنائي والتأديبي قاسمهما المشترك هو هذه القرينة القانونية ، بل الدستورية، وهي قاعدة كونية،إذ أصبحت مبدأ منصوصا عليه في المواثيق الدولية كالمادة11من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة14/2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهي المواثيق التي تلزم المملكة بناء على المصادقة عليها وعلى الفقرة ما قبل الأخيرة من ديباجة دستور المملكة.
حيث إلى جانب هذه المواثيق، فإن دستور المملكة (2011) أتى بهذا المقتضى ودستره لكونه دعامة من دعائم دولة الحق، ولان قرينة البراءة هي إكليل على رأس كل فرد في المجتمع إلى أن تتهدم بحكم قضائي اكتسى قوة الشيء المقضي .
حيث إن المساس بقرينة البراءة فيه مس خطير بالأمن القضائي، إذ من الواجب على القضاء حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي كما ينص على ذلك الفصل 117 من الدستور.
حيث إن القرار المطعون فيه بالنقض حينما أراد هدم هذه القرينة، قال بأن الأصل هو البراءة، إلا أنه في نازلة الحال، ولما تعلق الأمر بانتخاب النقيب، فإن الشبهة تطغى على قرينة البراءة وتحل الشبهة محل اليقين.
حيث إن قرينة البراءة ركيزة من ركائز الاستقرار، والمحافظة على المراكز القانونية، وأن هدرها يشكل أسوأ ما يمكن تصوره، وبصفة خاصة، إذا صدر ذلك عن هيئة قضائية كما في نازلة الحال.
الصورة الثالثة للوسيلة الثانية:
خرق المادة 89 من قانون المهنة المتمثل في المساس بحجية مقرر المجلس:
حيث أسس السيد الوكيل العام للملك طعنه في انتخاب النقيب محمد صباري
على أن هذا الأخير ليست له أهلية الترشيح لمنصب النقيب، وكان هذا هو السبب الوحيد الذي بني عليه الطعن دون أي سبب آخر كإخلال في العملية الانتخابية مثلا.
حيث إنه، ونظرا لطبيعة الانتخابات المهنية وخصوصية مهنة المحاماة، فإن المشرع خرج عن القواعد العامة في مجال الانتخابات العامة وأتى بمسطرة خاصة في المادة 89 من قانون المهنة لحصر أسماء المحامين المؤهلين للترشيح لمنصب النقيب، أو للعضوية في المجلس، فألزم مجالس الهيئات بوضع لوائح المحامين الذين تتوفر فيهم أهلية الترشيح، وتصدر المجالس بشأنها خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات مقررات بعد دراسة هذه اللوائح حول ما إذا كانت هناك موانع من الترشيح مع فتح باب الطعن ضد هذه المقررات من طرف المحامي المعني والسيد الوكيل العام للملك.
حيث إن مجلس هيئة المحامين بمراكش أصدر مقرره بتاريخ 07/10/2014 الذي صادق بمقتضاه على اللائحة المتضمنة اسم النقيب محمد صباري كمؤهل للترشيح، وبلغ هذا المقرر إلى السيد الوكيل العام للملك طبقا للقانون ولم يطعن فيه،مما يبقى معه هذا المقرر نهائيا واكتسى قوة الشيء المقضي به لعدم الطعن فيه طبقا للمادة 94 من قانون المحاماة.
حيث إنه، بعدم الطعن في مقرر المجلس، الذي حدد أسماء المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح للانتخابات المهنية، يجعل أية إمكانية للطعن بسبب انعدام الأهلية غير ممكنة مادام أن الطعن في ترشيح النقيب محمد صباري لا يعود إلى العملية الانتخابية.
حيث إن هذه المسطرة غير متأتية في الانتخابات العامة،لأنه من قبيل المستحيل وضع لائحة بأسماء المترشحين على خلاف الانتخابات المهنية، بحكم أن المهنة مؤسسة منظمة تتحكم أجهزتها في تحديد المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح.
حيث إن هذا المقرر هو بمثابة تطهير الجدول من المحامين غير المتوفرين على أهلية الترشيح، بحيث يقع إقصاؤهم من العملية الانتخابية إذا انتفت أهلية الترشيح لسبب من الأسباب.
حيث إن الحكمة من هذه المسطرة القبلية هي التأكد من أهلية الترشيح قبل
إجراء الانتخابات حتى تمر العملية الانتخابية بالشفافية المطلوبة، واطلاع عموم المحامين على اللوائح التي تعلق بمقر الهيئة، وكذا لممارسة النيابة العامة حقها في المراقبة والطعن إذا كان لذلك موجب، ومقاصد المشرع أيضا هي عدم إهدار حجية الانتخابات وما تمثله من تجسيد لإرادة الجمعية العمومية للمحامين.
حيث إن السيد الوكيل العام للملك الذي تقدم بالطعن أقر بأن مجلس الهيئة قد حصر لائحة أهلية الترشيح لمنصب النقيب بتاريخ 7/10/2014.
حيث إن المقرر الذي حصر أسماء المحامين المؤهلين للترشيح والصادر عن مجلس الهيئة والذي لم يطعن فيه وانقضى أجل الطعن ينزل منزلة المقررات الإدارية التي تستمد شرعيتها من المشرع.
حيث إن القرار المطعون فيه مس بحجية هذا المقرر الذي يستمد حجيته وأثره من المشرع، وبالتالي فهو كالحكم القضائي من حيث الآثار، كاكتسابه الحجية، وقوة الشيء المقضي به، بل يوصف بالقطعي.
حيث إن المقررات الصادرة عن مجالس الهيئات هي مقررات إدارية تنظيمية لا يمكن تجريدها من حجيتها.
حيث إن مقتضيات المادة 89 من قانون مهنة المحاماة لا تحتاج إلى أي تأويل أو تفسير لوضوح النص، ولكون المجلس الأعلى ( محكمة النقض) قد سبق له أن بت في هذه النقطة القانونية في قراره عدد 2528 بتاريخ 2 يوليو 2008 في الملف عدد 2278/6/2006 وجاء في هذا القرار :
« أن المقرر الذي يصدره مجلس الهيئة بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب يصبح نهائيا بعد انقضاء أجل الطعن فيه، ولا يمكن بعد ذلك التمسك أو الطعن بعدم توفر المسجل بالمقرر على شروط الترشيح لمنصب النقيب» (منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى السلسلة 1 سنة 2009 الجزء 1 ص 6).
الصورة الرابعة للوسيلة الثانية
خرق المادة 86 من قانون المهنة المتمثل في التجريد من أهلية الترشيح:
حيث إن القرار المطعون فيه قد جانب الصواب لخرقه مقتضيات المادة86 من
قانون المهنة التي حدد فيها المشرع شروط انتخاب النقيب ، بحيث حددها في أربعة شروط، بالإضافة إلى القاعدة الموحدة الواردة في الفقرة الأخيرة، وأن الشرطين الثالث والرابع من المادة هما اللذين أسست عليهما المحكمة قضاءها بإلغاء انتخاب النقيب محمد صباري.
حيث إن القرار المطعون فيه قد التبس عليه الأمر حينما مزج بين الشرطين 3و4من هذه المادة.
في حين أن الشرط الثالث يتعلق بالتأديب، وليس بالمجال الزجري، لذلك اشترط للترشيح لمنصب النقيب أن لا يكون المترشح قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية، ولم يتحدث قط عن المتابعة التأديبية، وبخصوص الشرط الرابع خصصه المشرع للأفعال الجرمية ، بحيث يجب أن لا يكون المترشح قد صدرت في حقه عقوبة زجرية، أو ان لا يكون متابعا في قضية تمس الشرف والمروءة.
حيث إن الشرط الرابع يخص المجال الزجري، وفي نطاق محدد، بمعنى أن لا يكون قد صدرت بحقه عقوبة زجرية من أجل فعل شائن، أو كان متابعا من أجل مثل هذا الفعل، أما إذا كان متابعا أو محكوما عليه من أجل فعل غير شائن، فإن ذلك لا يحول دون ترشيحه، كأن يكون الشخص متابعا أو محكوما عليه من أجل فعل له علاقة بحرية التعبير مثلا، فمثل هذا الفعل لا يعتبر شائنا، وهذا التمييز هو الذي يقصده المشرع من عبارة " قضية تمس بالشرف والمروءة ".
حيث في الميدان الجنائي، فإن الأفعال إما تكون شائنة أو غير شائنة ،وفي التأديب ونظرا لخصوصية المهنة، فإن كل المخالفات توصف حسب ماجاء في المادة 12 من قانون مهنة المحاماة المتعلقة بقسم المهنة بالشرف، والكرامة، والضمير، والنزاهة، والاستقلال، والإنسانية، والأخلاق العامة...
لذلك وجب الفصل بين الشرطين الثالث والرابع.
حيث إن قواعد اللغة العربية لا تسعف على ما نحت إليه محكمة مصدرة القرار لأن الشرطين منفصلين، بالفواصل والنقط وأيضا بالأرقام لاوجود بينها لأداة من أدوات العطف أو الإحالة.
حيث حمَّل القرار المطعون فيه المادة 86 ما لا تحتمل بالقول بأن النص جاء
على إطلاقه ،مما يتعين معه إبقاؤه على عمومه، وعلى إطلاقه ليشمل المتابعة في الميدان التأديبي والمتابعة في الميدان الزجري.
حيث لو كان المشرع يقصد "المتابعة التأديبية" كمانع من موانع الترشيح لما أتى بالشرط الثالث ، ولكن المشرع عن قصد، فصل بين الشرطين ليميز بين المتابعة الجنائية، وبين المتابعة التأديبية ، فالأولى من الموانع في الترشيح، بينما الثانية ليست كذلك.
حيث خرج القرار المطعون فيه عن الثوابت القائمة في الميدان التأديبي الذي يقترب من الميدان الزجري لكونه يتعلق بالمخالفة والعقوبة.
حيث إن قواعد القانون الجنائي وقواعد القانون التأديبي لا يقبلان التوسع والاستنتاج والقياس، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه مجانبا للصواب حينما خرق هذه القاعدة المتأصلة في التشريع والقضاء والفقه.
الصورة الخامسة للوسيلة الثانية:
خرق الفصل 450 من قانون الالتزامات والعقود المتمثل في المساس بالقرينة القانونية:
حيث إن القرار المطعون فيه قد مس بحجية الشيء المقضي به من جهتين اثنتين:
أولهما: انه تجاوز قرار محكمة الاستئناف التي قضت بقرار نهائي بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري في الملف عدد09-1209-2771 تحت عدد 1732 من أجل المخالفات المنسوبة إليه بعد أن طعن السيد الوكيل العام للملك في مقرر الحفظ الضمني وتم تأييده من طرف محكمة الاستئناف .
وثانيهما: أن القرار المطعون فيه حينما استجاب للطعن الموجه إلى انتخاب النقيب محمد صباري ضدا في مقرر المجلس الذي صادق على لائحة المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح، يكون بذلك، قد مس بالقرينة القانونية.
حيث إن كلا من القرار القضائي ومقرر المجلس يحملان قرينة مقررة بمقتضى
القانون، مما يعني أن ذلك لا يقبل إثبات العكس، وبالتالي فإن عدم ترتيب الآثار القانونية الصحيحة على القرار والمقرر يجعل القرار المطعون فيه بالنقض خارقا للفصل 450 من ق.ل.ع مما يعرضه للنقض.
الوسيلة الثالثة: خرق الفصل 359من ق.م.م المتمثل في الشطط في
استعمال السلطة:
حيث إن المحاكم تبقى دائما حبيسة تطبيق أوامر المشرع ولا يجوز لها أن تتجاوز النصوص التشريعية كما فعل القرار المطلوب نقضه، بحيث تجاوز صلاحياته حينما مس بقواعد دستورية ونصوص قانونية كما سبق بسط ذلك في الوسائل السابقة ، فتجاوز الأحكام القضائية الصادرة باسم جلالة الملك فيه تجاوز كبير لسلطة المحكمة وهو ما يشكل سببا من أسباب النقض ، لكون سلطة المحكمة اتسمت بالشطط، أو كما يعبر بعض الفقه بان ذلك يشكل غصبا للسلطة، أو كما قال المجلس الأعلى في قراره رقم 1 بتاريخ 14/1/1996 في الملف الإداري عدد 10.267/94 :
«إن عدم التزام الإدارة بحجية الشيء المقضي به يجعل قرارها متسما بالتجاوز في استعمال السلطة »( منشور بقضاء المجلس الأعلى عدد 51 ص 13).
حيث إن الأحكام القضائية كيفما كانت حقيقتها فهي ملزمة للكافة وملزمة بالدرجة الأولى للسلطة القضائية ، إذ لا يمكن غض الطرف عنها أو تجريدها من آثارها القانونية، فمثلا فان القرار عدد 1732 الذي قضى بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري لا يجوز للقرار المطعون فيه يقضي بعكس ما قضى به.
حيث إن القرار المطعون فيه جاء متسما بالشطط حينما اعتبر ان الشبهة تفوق قرينة البراءة ،وأن الشبهة هي أقوى من اليقين، وأن الظن والتخمين يفوقان الجزم واليقين.
حيث إن هذه المعادلة التي أسس عليها القرار المطعون فيه قضاءه،هي معادلة فاسدة،إذ قلبت كل المبادئ العليا المتعارف عليها دوليا، فمتى كانت الشبهة أقوى من اليقين ؟ومتى كان الظن أولى من الجزم واطمئنان الضمير، الم يتذكر القرار المطعون
فيه القاعدة الفقهية التي تجري على كل لسان ومتفق عليها من كل المذاهب الأربعة ﴿ادرؤوا الحدود بالشبهات﴾.
الوسيلة الرابعة: عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني وانعدام
التعليل أو نقصانه أو فساده الموازيان لانعدامه:
حيث إن القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني سليم، وهو منعدم التعليل، أو في أحسن الأحوال، فهو ناقص التعليل، أو أنه فاسد التعليل، وهذه الحالات كل واحدة على حدة تعرض القرار للنقض.
حيث إن القرار المطعون فيه تنكر لمقرر المجلس الذي حدد لائحة المؤهلين للترشيح لمنصب النقيب بتاريخ 07/10/2014، بعلة أن المدة الفاصلة بين تاريخ حصر اللائحة وموعد الانتخابات أكثر من خمسة أسابيع، ومن شأن ذلك، أن مقتضيات الشرطين الثالث والرابع مؤداه عدم سريان مقتضيات هاتين الفقرتين على نازلة الحال، وبالتالي فإن حدوث المانع قد يطرأ بين المدة الفاصلة وبين تاريخ التعليق وتاريخ الانتخابات المهنية .
حيث إن القرار المطعون فيه أسس قضاءه على الاحتمال، والاحتمال يسقط به الاستدلاء بلغة فقهاء الفقه الإسلامي، إذ كيف علل القرار المطعون فيه تجريد المترشح من الأهلية، على أنه قد تكون هناك أسباب وقعت بين تاريخ تعليق اللائحة وتاريخ الانتخابات دون أن يؤسس ذلك على مقتضى قانوني.
حيث إن المادة 94 من قانون المهنة خولت السيد الوكيل العام للملك حق الطعن في الانتخابات المهنية في أي مرحلة من مراحل عملية الانتخاب، دون المرحلة التي وقع تطهيرها، وهي المتعلقة بشروط الترشيح، فهذه الشروط بت فيها مقرر المجلس القاضي بتعليق لائحة المؤهلين للترشيح، وبذلك فإن النيابة العامة يبقى لها حق الطعن في انتخابات النقيب ليس لانتفاء أهلية الترشيح، لكن لسبب آخر يتعلق بسير العملية الانتخابية، كالنصاب القانوني، وكيفية انعقاد الجمعية العمومية، وتحرير المحاضر، وتسجيل العوارض والتحفظات وإلغاء أوراق التصويت إلى غير ذلك من باقي
إجراءات عملية الانتخاب دون الشروط الواجب توفرها في المترشح التي حسم فيها مقرر المجلس.
حيث إن القرار المطعون فيه أساء التعليل حينما اعتبر المتابعة التأديبية في قضية تمس بالشرف والمروءة جاءت على صيغة العموم، وبذلك فإن الإطلاق يجب أن يؤخذ على إطلاقه في إساءة لقاعدة متأصلة في المجال التأديبي ،وهي أن قواعد التأديب يجب أن تفسر تفسيرا ضيقا.
حيث إن ما لم يقل به أحد هو ما قال به القرار المطلوب نقضه بأن المتابعة بما فيه المساس بالشرف والمروءة سواء تم البت في ذلك أم لم يتم مادام أن بها شبهة، فإن الشبهة مخلة بالأهلية لمنصب النقيب.
حيث إن القرار المطعون فيه، في عدة فقرات منه، شدد على شيء واحد، هو أن المتابعة التأديبية تم البت فيها أم لا، كافية لتكون سببا من أسباب المنع من التشريح لمنصب النقيب.
حيث إن هذا التعليل يؤدي إلى نتيجة يمجها المنطق، ويأباها العقل ،إذ أن هذه المتابعة التي وقع محوها وإعدامها، وأصبحت معدومة، تبقى دائما -حسب القرار المطلوب نقضه- سيفا مسلطا على الرقبة مدى الحياة، اوحتى بعد الممات، لأن المتابعة تبقى لصيقة باسم الشخص الذي كان متابعا.
حيث لا توجد أي متابعة على وجه التأبيد ومدى الحياة، لأن كل المتابعات مآلها النهاية، إما بالسقوط وإما بصدور عقوبة أو بانتهائها بالبراءة، كما هو في نازلة الحال.
إن القرار المطعون فيه غير مؤسس على أساس قانوني،لأن تنصيصاته وحيثياته كلها مبنية على تعليل فاسد حينما جعل الشبهة هي قوامه دون أن يؤصل ذلك بمقتضى قانوني أو قضائي أو فقهي.
حيث في حدود علم الطاعن، فإنه لا وجود لأي حكم في الكون أو في أي شريعة من الشرائع الضاربة في أعماق التاريخ، أو الشرائع الحالية يؤسس ما قضى به على الشك، وبالأحرى على الشبهة.
حيث إن القضاء المغربي سبق المشرع في استفادة الشخص من الشك،وكانت
المحاكم تصدر أحكامها بالبراءة لفائدة الشك إلى أن تدخل المشرع في المادة الأولى
من قانون المسطرة الجنائية واقر في الفقرة الأولى قرينة البراءة، وفي الفقرة الثانية أكد نفس القاعدة التي ابتكرها القضاء وهي أن الشك يفسر لفائدة المتهم مع تغيير الصيغة التي دأب عليها القضاء الذي يحكم بالبراءة لفائدة الشك.
حيث إن القضاء لا يصدر أحكامه إلا تأسيسا على القناعة الوجدانية لضمير القاضي.
حيث إن القرار المطعون المطعون فيه جعل الشرط الثالث والرابع من شروط قبول ترشيح المحامي لمنصب النقيب يتقاطعان فيما بينهما واحدهما يكمل الآخر وهو ما يشكل إسادة لفهم النص وتحريف إرادة المشرع، لأن الشرطين غير متقاطعين، ولا علاقة لهذا بذاك، على عكس ما قال به القرار المطعون فيه.
حيث كانت أصوات رجال القانون والحقوقيين تتعالى حينما تخرق أجهزة السلطة التنفيذية أحكام القانون، أو لا تلتزم بالأحكام القضائية ،ولا تمتثل لها ، فإن القرار المطعون فيه نحا هذا المنحى وتنكر للحقيقة القضائية، ويكون بذلك هذا القرار قد خرق القانون الذي أضفى عليه الدستور حماية كبرى في الفصل 6، حينما نص بأن الجميع متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له، ونص في الفقرة ما قبل الأخيرة على انه « تعتبر دستورية القواعد القانونية وتراتيبها ووجوب نشرها مبادئ ملزمة»، بمعنى أن القاعدة القانونية الدستورية ملزمة للجميع بما في ذلك القضاء.
حيث إن القرار المطعون فيه قد أخل بالأمن القضائي، حينما مس بالقرينة القانونية ، وبالمبادئ السامية الكونية،ويُخشى أن يؤدي ذلك إلى اضطراب اجتماعي وإشاعة الفوضى، بحيث إذا انتهكت المبادئ العليا المتعارف عليها دوليا،عمت الفوضى وحل قانون الغاب ليتسلط على الرقاب.
حيث إن القرار المطعون فيه فاقد للسند القانوني ومجرد من التعليل وفاسد في حيثياته مما يجعله معرضا للنقض.
لهــذه الأسبـــــاب
ولأسباب أخرى قد تثيرها المحكمة:
يلتمس الطاعن من سعادتكم الكريمة:
تبليغ هذا المقال إلى كل من يجب .
سماع الحكم بما يلي:
شـــكلا:
قبول الطعن لاستيفائه كل شروطه ولكونه جاء نظاميا.
موضوعا:
القول والتصريح أن هذا الطعن جدير بالاعتبار والحكم:
- بنقض القرار رقم 535/2015 الصادر بتاريخ 11/02/2015 عن محكمة الاستئناف بمراكش في الملف عدد 5215/1124/2014.
- ترتيب كل الآثار القانونية على النقض.
- وعلى الخزينة العامة بالصائر.
تحت جميع التحفظات
النقيب عبد الله درميش
المرفقات
دكتور في الحقوق
نقيب المحامين بالدار البيضاء(سابقا)
الدار البيضاء في: 05-03-2015
محكمة الاستئناف بمراكش
غرفة المشورة
إلى السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض
قرار عدد 535/2015
صادر بتاريخ 21 ربيع الثاني 1436
موافق 11/02/2015
ملف رقم 5215/1124/2014
تبليغ 18/02/2015
طلب رام إلى الطعن بالنقض
لفائــــدة: السيد نقيب هيئة المحامين بمراكش.
بصفته الممثل القانوني لهيئة المحامين بمراكش ومجلسها.
الكائن مقره بمكاتبه بمحكمة الاستئناف بمراكش.
الجاعل محل المخابرة معه بمكتب النقيب عبد الله درميش المحامي بهيئة الدار البيضاء المقبول للترافع أمام محكمة النقض، الكائن مكتبه ب 32 شارع المقاومة الدار البيضاء الطابق 12 الشقة 161 -البيضاء-
ضــــد: السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش
سيدي الرئيس الأول،
سادتي رؤساء الغرف،
سادتي المستشارين:
يتشرف العارض نقيب هيئة المحامين بمراكش الممثل القانوني لهيئة المحامين بمراكش ومجلسها أن يرفع إلى عناية المحكمة الموقرة أنه بمقتضى هذا المقال يطعن صراحة بالنقض في القرار الاستئنافي رقم 535/2015 الصادر بتاريخ 21 ربيع الثاني 1436 الموافق ل11/02/2015 في الملف عدد 5215/1124/2014
القاضي في الشكل: بقبول الطعن ، وفي الموضوع بإلغاء انتخاب الأستاذ محمد صباري كنقيب لهيئة المحامين بمراكش .
أولا: من حيث الشكــــل:
حيث بلغ الطاعن بالقرار المطعون فيه بتاريخ 18/02/2015، كما هو ثابت من غلاف التبليغ رفقته (مرفق 1)، وبادر إلى الطعن فيه داخل الأجل القانوني المنصوص عليه في الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية، كما يتضح من تأشيرة وخاتم كتابة ضبط محكمة الاستئناف بمراكش المصدرة للقرار، بموجب هذا الطلب المستوفي لكافة الشروط والبيانات الشكلية صفة ومصلحة وقت إيداع هذا المقال بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه، كما هو مثبت من خاتم كتابة الضبط،
والمعفى من الوجيبة القضائية طبقا للمادة 97.
كما وأن هذه العريضة مرفقة بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل طبقا للفصل355 من قانون المسطرة المدنية ( مرفق 2) وتحمل توقيع محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض (ج.ر عدد6143 بتاريخ 15/4/2013 الرقم الترتيبي 53)، وأن هذا المقال مرفق بنسخ بعدد الأطراف، وبالتالي يكون هذا الطعن مقبولا.
ثانيا: من حيث الموضوع:
إن الطاعن يؤسس طعنه على الأسباب الواردة في الفصل 359 من ق.م.م التي سيبسطها الطاعن (II) لكن بعد عرض موجز للوقائع والمستنتجات المقدمة في النازلة (I).
I- عرض الوقائع بإيجاز وبيان المستنتجات
تتجلى وقائع القضية في أن السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش تقدم بتاريخ 30/12/2014 بمقال إلى محكمة الاستئناف بمراكش يرمي إلى الطعن في انتخاب النقيب الأستاذ محمد صباري بناء على المادة 94 من قانون مهنة المحاماة عرض فيه انه بلغ بتاريخ 25/12/2015 بالمحضر الذي تم بمقتضاه الإعلان عن انتخاب الأستاذ محمد صباري نقيبا لهيئة المحامين بمراكش للفترة الممتدة من 01/01/2015 إلى 31/12/2017 ،وأنه يطعن في انتخابه استنادا إلى المادة 86 من قانون المحاماة التي تستوجب، من ضمن الشروط الواجب توفرها في انتخاب النقيب، أن لا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة.
وأن النيابة العامة تبين لها بعد البحث أن السيد نقيب هيئة المحامين بمراكش أصدر قرارا بتاريخ 14/01/2009 تحت عدد 11/2009 بمتابعة الأستاذ محمد صباري من أجل ارتكابه مخالفة عدم التقيد بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وعدم احترام مؤسسة النقيب وأعضاء مجلس الهيئة مما يجعل أحد الشروط المطلوبة لانتخابه نقيبا مختلة فيه.
والتمس إلغاء انتخابه نقيبا لهيئة المحامين بمراكش وأرفق السيد الوكيل العام للملك مقاله بمحضر انتخاب النقيب وأعضاء مجلس هيئة المحامين بمراكش مؤرخ في 22/12/2014 وبصورة من مقرر المتابعة التأديبية عدد 11/09 بتاريخ 14/01/2009.
أن الطاعن قد تقدم بمستنتجات كتابية تلتها مستنتجات شفوية، ويمكن تلخيص هذه المستنتجات فيما يلي:
1- إن أهلية الترشيح لمنصب النقيب يبت فيها مجلس الهيئة طبقا للمادة 89 من قانون مهنة المحاماة بمقرر يصدره خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات يحدد فيه أسماء المحامين الذين يحق لهم الترشيح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس بعدما يتأكد من توفر شروط أهلية الترشيح المنصوص عليها في المادة 86 من قانون مهنة المحاماة.
وهذا المقرر الذي يتخذه مجلس الهيئة بحصر لائحة المحامين المؤهلين للترشيح يحق لجميع الأطراف المعنية وللسيد الوكيل العام للملك الطعن فيه طبقا للمادة 94 من قانون المهنة باستقلال عن الطعن في الانتخاب وإذا لم يتم الطعن في اللائحة المذكورة فإنه لا يجوز بناء الطعن في انتخاب النقيب أو أعضاء مجلس الهيئة على عدم الأهلية للترشيح لأن الأهلية يتم البت فيها سلفا قبل تقديم التشريح لمنصب النقيب أو للعضوية في المجلس.
ولما كان السيد الوكيل العام للملك لم يطعن في قرار مجلس الهيئة المتخذ في نطاق المادة 89 بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب والتي استمد منها النقيب محمد صباري قبول ترشيحه لهذا المنصب يكون طعن السيد الوكيل العام للملك في انتخاب النقيب المبني على عدم أهلية الترشيح غير مقبول.
وقد أتيح للمجلس الأعلى أن يفصل في هذه النقطة القانونية في قراره عدد 2528 الصادر بتاريخ 2/7/2008 في الملف عدد 2278/1/6/2006 وجاء في هذا القرار «أن المقرر الذي يصدره مجلس الهيئة بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب يصبح نهائيا بعد انقضاء اجل الطعن فيه ولا يمكن بعد ذلك التمسك أو الطعن بعدم توفر المجلس بالمقرر على شروط الترشيح لمنصب النقيب».
وبذلك يتبين أن سبب هذا الطعن قد أصبح متجاوزا لا يصح الاعتماد عليه في المطالبة ببطلان انتخاب النقيب.
2- أن السبب الذي بنى عليه السيد الوكيل العام للملك طعنه غير صحيح لأن المتابعة التأديبية التي بني عليها طعنه قد صدر فيها قرار ضمني من مجلس الهيئة بعدم المؤاخذة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 70 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
وقام السيد الوكيل العام للملك بالطعن فيه أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 28/7/2009 وبتت محكمة الاستئناف في هذا الطعن بتاريخ 9/10/2014 بمقتضى قرارها عدد 1732 في الملف عدد 2771/1209/09 قاضية بتأييد القرار المطعون فيه وبذلك يكون السبب المبني عليه الطعن غير صحيح لان المتابعة التي اعتمدها في هذا الطعن لم يعد لها وجود بعدما تم البت فيها من طرف مجلس الهيئة ومن طرف محكمة الاستئناف بعدم المؤاخذة منذ ما يزيد عن خمس سنوات قبل ترشيح الأستاذ محمد صباري لمنصب النقيب.
3- ان مقتضيات المادة 86 من قانون مهنة المحاماة المحددة للشروط الواجب توافرها في المرشح لمنصب النقيب قد اشتملت على شرطين متميزين عن بعضهما وهما الثالث والرابع.
فالشرط الثالث أوجب ألا يكون المرشح قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
والشرط الرابع أوجب ألا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة.
ووجه الاختلاف بينهما يتمثل في أن الشرط الثالث يتعلق بالمخالفة المهنية وهي لا تكفي فيها مجرد متابعة المرشح، وإنما لا بد أن يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
بينما الشرط الرابع متعلق بالحكم أو المتابعة في قضية زجرية لها مساس بالشرف والمروءة.لأنه بدون هذا التمييز يكون الشرط الثالث بدون موضوع، لأنه إذا كانت مجرد المتابعة التأديبية هي المقصودة من الشرط الرابع يصبح الشرط الثالث غير لازم ولا داعي له لأن جميع المخالفات المهنية التي تنسب للمحامي، مهما اختلف موضوعها، فهي تعتبر جميعا إخلالا بالشرف والمروءة بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة للجرائم التي تختلف فيما بينها وبين ما هو شائن وما هو غير شائن.
ولذلك فانه من الواضح من العبارات الواردة في المادة 86 المذكورة أنها قد ميزت بين المادة التأديبية والتي لا تكفي فيها مجرد المتابعة، بل لا بد من صدور عقوبة تأديبية، والمادة الزجرية التي تكفي فيها المتابعة في قضية تمس بالشرف أو المروءة لتكون مانعا من الترشيح.
وبالنسبة للنقيب محمد صباري، فإنه لم يسبق له أن كان متابعا أو محكوما عليه في أية قضية زجرية أصلا، وان السيد الوكيل العام للملك قد خلط بين الشرطين الثالث والرابع من المادة 86 واستند على تفسير خاطئ للشرط الرابع من هذه المادة لما بني طعنه على أن النقيب محمد صباري كان متابعا تأديبيا في قضية تمس الشرف والمروءة ،مما يجعل طعنه غير مؤسس مما يناسب الحكم برفضه وأرفق النقيب محمد صباري جوابه بصورة من القرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 14/10/2009 في الملف عدد 2771/1209/09 وصورة لقرار المجلس الأعلى عدد 2525 بتاريخ 2/7/2008.
وبعد مناقشة القضية وتقديم الدفاع لملاحظاتهم الشفوية بما يصب في تأكيد الدفوع المثارة، تم حجز القضية للمداولة لجلسة 11/02/2015 حيث أصدرت محكمة الاستئناف قرارها المشار إلى منطوقه أعلاه وهو القرار المطعون فيه بالنقض
حسب الوسائل الآتية:
II- أسباب ووسائل الطعن بالنقض:
حيث يقدم الطاعن اسباب ووسائل النقض كما هي واردة في الفصل 359 من
قانون المسطرة المدنية وهي:
- خرق قاعدة مسطرية اضر بالعارض؛
- خرق القانون الداخلي؛
- الشطط في استعمال السلطة؛
- عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل، أو نقصانه أو فساده الموازيين لانعدام التعليل.
الوسيلة الأولى خرق قاعدة مسطرية المتمثل في خرق قواعد انعقاد غرفة المشورة طبقا للمادة 95 من قانون المهنة
حيث بالرجوع إلى منطوق القرار المطعون فيه، فإنه أشار،بوضوح، أن المحكمة قد بتت بغرفة المشورة علنيا حضوريا وفي السطر الثاني ما قبل الأخير من المنطوق، قالت المحكمة: « أن القرار صدر في اليوم والشهر والسنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بمراكش ».
حيث إنه، لم يبق أدنى شك في أن المحكمة قد ناقشت القضية في جلسة علنية، حينما صرحت أن الحكم قد صدر علنيا وحضوريا، وأكدت ذلك باستعمالها عبارة "بالقاعة العادية للجلسات".
حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة 95 من قانون تنظيم مهنة المحاماة تنص بصيغة الوجوب والإلزام بأن " المناقشات تجري في جلسة سرية وينطق بالمقرر في جلسة علنية ".
حيث إنه، وإن كان قد صدر القرار بالقاعة العادية للجلسات، فإن البت في
النازلة ومناقشتها وقعت، هي الأخرى، في جلسة علنية لأن كلمة "البت" تعني المناقشة
وليس النطق بالقرار.
حيث إن مقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 95 من قانون المهنة مقتضى آمر لا يمكن مخالفته لكونه يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة التي تعتبر قواعده آمرة لا يمكن مخالفتها، كما وأن هذا المقتضى وضع لحسن سير العدالة وتدبير سير الجلسات الخاصة ببعض المهن كمهنة المحاماة .
حيث إنه، نظرا لخصوصية انتخاب النقيب، والطعن في انتخابه، فإن المشرع أضفى على ذلك حماية قانونية خاصة تتجلى في أن المناقشة يجب أن تكون سرية لا يحضر الجلسة إلا الأطراف وهيئة الدفاع ومن ترى المحكمة الاستماع إليهم، وهذا ما جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 617 المؤرخ في 7/9/2005 ملف إداري عدد 2141-4-1-2004 إذ قالت:
« حيث ورد في تنصيصات القرار المطعون فيه صدوره علنيا الأمر الذي ينافي طبيعة البت بغرفة المشورة في مثل نازلة الحال والتي كان على الغرفة ان تقتصر على البت بعد استدعاء النقيب وباقي الأطراف لسماع ملاحظاتهم وتلقي الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك لا ان تفتح المناقشة أمام العموم كما يستفاد من تنصيص قرارها »( منشور بكتاب المحاماة من خلال العمل القضائي ص 97).
حيث إن القرار المطعون فيه لا يشير إلى أن مناقشة الملف كانت سرية، مما يجعله معرضا للنقض، كما قال المجلس الأعلى قي قراره عدد 668 ملف إداري عدد 395/4/2007 بتاريخ 10/9/2008 « نص القرار على صدوره علنيا خلافا لما تقضي به المادة 91 من القانون رقم 1.93.162 الصادر بتاريخ 10/5/1993 المنظم لمهنة المحاماة التي تتطلب صدوره عن غرفة المشورة بشكل سري يعرضه للنقض». (منشور برسالة المحاماة عدد 29 ص 204).
حيث إنه، إذا كان الأصل هو أن تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي
يقرر فيها القانون خلاف ذلك، كما هو الحال بالنسبة لغرفة المشورة التي تبت في
غرفة سرية.
حيث إن كيفية انعقاد الجلسات من النظام العام لكون الأمر يتعلق بقاعدة دستورية منصوص عليها في الفصل 123 من الدستور.
الوسيلة الثانية: خرق القانون الداخلي:
الصورة الأولى للوسيلة الثانية
خرق الفصل 126 من دستور المملكة المتمثل في عدم احترام قرار نهائي:
حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه بالنقض أنه لم يلتزم بقرار نهائي صدر عن نفس المحكمة واكتسب قوة الشيء المقضي به، بل أصبح قطعيا ومبرما لا يمكن مراجعته عن طريق الطعن العادي أو غير العادي، مما يشكل مساسا خطيرا بمقوم من مفاهيم مقومات العدالة.
ذلــك:
أنه بالرجوع إلى الوقائع وإلى وثائق الملف وإقرار النيابة العامة فإن النقيب محمد صباري كان موضوع متابعة تأديبية صدر فيها مقرر بالحفظ الضمني، تم استئنافه من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وبتت فيه هذه الأخيرة بمقتضى قرار عدد 1732 صادر بتاريخ 09/10/2014 في الملف عدد 1209-09-2771 جاء فيه:« بأن لا شيء بالملف يثبت في حق الأستاذ محمد صباري ما نسب إليه، الشيء الذي يقتضي إبقاء الأصل فيه وهو البراءة مادامت المؤاخذة لم تثبت يقينا في حقه»( أدلى بهذا القرار بالملف).
حيث إنه، بالرجوع إلى تنصيصات القرار المطعون فيه(ص15)، فإن المحكمة أسست قضاءها بأنه:« تكفي أحيانا المتابعة، لكن بما فيه مساس بالشرف والمروءة، تم الفصل في هذه المتابعة أو لم يتم بعد مادام أن بها تتحقق الشبهة، والشبهة مخلة بالأهلية لمنصب النقيب...».
حيث إن ما قضى به القرار المطعون فيه، يهدر حكما قضائيا نهائيا، وما كان على محكمة الاستئناف أن تناقش هذا القرار لتستنبط منه ما لم يقض به.
حيث إن الأحكام القضائية لا تناقش إلا وفق إجراءات مسطرية معينة ،وهي طرق الطعن، أما مناقشة حكم أو قرار لتأويله تأويلا سيئا وعدم الالتزام به ففي ذلك خرق صارخ للفصل 126 من دستور المملكة لسنة 2011، الذي رفع قاعدة احترام الأحكام القضائية إلى قاعدة دستورية تفوق كل القوانين وكل الاعتبارات الأخرى.
حيث إن الفصل 126 من الدستور هو ملزم للكافة، بما في ذلك القضاء والحاكمين أو المحكومين،إذ نص بصيغة التعميم حينما قال « الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع».
حيث إنه، هكذا، ماكان على المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أن تناقش حكما قضى بعدم المؤاخذة، وتبعا لذلك بالبراءة ، لأن الحكم القضائي هو عنوان للحقيقة، ورمز للمشروعية، وركيزة لدولة الحق ، ولا يمكن النيل أو هدم هذه الحقيقة القضائية والقانونية والواقعية.
حيث إن جلالة الملك الذي تصدر الأحكام باسمه وطبقا للقانون ما فتئ في رسائله وخطاباته يحرص على الالتزام بالأحكام القضائية والركون لها، إذ قال في خطابه الموجه إلى القضاة خلال ترأسه لافتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء يوم 15/12/1999:
« ... من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى إلا إذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر».
حيث إن الأساس أن أحكام القضاء ما هي إلا تطبيق للقانون الواجب النفاذ حيال الجميع، حاكما أو محكوما، فالقانون يعلو كل الاعتبارات ويفوق كل المستويات أليس العدل أساس الملك؟.
الصورة الثانية للوسيلة الثانية
خرق الفصل 23 من دستور المملكة المتمثل في هدر قرينة البراءة
حيث إن القرار المطعون فيه قد أسس ما قضى به على استبعاد القرار الذي قضى بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري من أجل الفعل المنسوب إليه والحكم عليه ببراءته.
حيث إن القرار المطعون فيه بعدم التزامه بمقرر عدم المؤاخذة يكون بذلك قد هدم قرينة البراءة وقام بإهدارها.
حيث إن قرينة البراءة لا تثار فقط بخصوص المجال الجنائي، ولكن أيضا في المجال التأديبي ،لأن المجالين الجنائي والتأديبي قاسمهما المشترك هو هذه القرينة القانونية ، بل الدستورية، وهي قاعدة كونية،إذ أصبحت مبدأ منصوصا عليه في المواثيق الدولية كالمادة11من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة14/2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهي المواثيق التي تلزم المملكة بناء على المصادقة عليها وعلى الفقرة ما قبل الأخيرة من ديباجة دستور المملكة.
حيث إلى جانب هذه المواثيق، فإن دستور المملكة (2011) أتى بهذا المقتضى ودستره لكونه دعامة من دعائم دولة الحق، ولان قرينة البراءة هي إكليل على رأس كل فرد في المجتمع إلى أن تتهدم بحكم قضائي اكتسى قوة الشيء المقضي .
حيث إن المساس بقرينة البراءة فيه مس خطير بالأمن القضائي، إذ من الواجب على القضاء حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي كما ينص على ذلك الفصل 117 من الدستور.
حيث إن القرار المطعون فيه بالنقض حينما أراد هدم هذه القرينة، قال بأن الأصل هو البراءة، إلا أنه في نازلة الحال، ولما تعلق الأمر بانتخاب النقيب، فإن الشبهة تطغى على قرينة البراءة وتحل الشبهة محل اليقين.
حيث إن قرينة البراءة ركيزة من ركائز الاستقرار، والمحافظة على المراكز القانونية، وأن هدرها يشكل أسوأ ما يمكن تصوره، وبصفة خاصة، إذا صدر ذلك عن هيئة قضائية كما في نازلة الحال.
الصورة الثالثة للوسيلة الثانية:
خرق المادة 89 من قانون المهنة المتمثل في المساس بحجية مقرر المجلس:
حيث أسس السيد الوكيل العام للملك طعنه في انتخاب النقيب محمد صباري
على أن هذا الأخير ليست له أهلية الترشيح لمنصب النقيب، وكان هذا هو السبب الوحيد الذي بني عليه الطعن دون أي سبب آخر كإخلال في العملية الانتخابية مثلا.
حيث إنه، ونظرا لطبيعة الانتخابات المهنية وخصوصية مهنة المحاماة، فإن المشرع خرج عن القواعد العامة في مجال الانتخابات العامة وأتى بمسطرة خاصة في المادة 89 من قانون المهنة لحصر أسماء المحامين المؤهلين للترشيح لمنصب النقيب، أو للعضوية في المجلس، فألزم مجالس الهيئات بوضع لوائح المحامين الذين تتوفر فيهم أهلية الترشيح، وتصدر المجالس بشأنها خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات مقررات بعد دراسة هذه اللوائح حول ما إذا كانت هناك موانع من الترشيح مع فتح باب الطعن ضد هذه المقررات من طرف المحامي المعني والسيد الوكيل العام للملك.
حيث إن مجلس هيئة المحامين بمراكش أصدر مقرره بتاريخ 07/10/2014 الذي صادق بمقتضاه على اللائحة المتضمنة اسم النقيب محمد صباري كمؤهل للترشيح، وبلغ هذا المقرر إلى السيد الوكيل العام للملك طبقا للقانون ولم يطعن فيه،مما يبقى معه هذا المقرر نهائيا واكتسى قوة الشيء المقضي به لعدم الطعن فيه طبقا للمادة 94 من قانون المحاماة.
حيث إنه، بعدم الطعن في مقرر المجلس، الذي حدد أسماء المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح للانتخابات المهنية، يجعل أية إمكانية للطعن بسبب انعدام الأهلية غير ممكنة مادام أن الطعن في ترشيح النقيب محمد صباري لا يعود إلى العملية الانتخابية.
حيث إن هذه المسطرة غير متأتية في الانتخابات العامة،لأنه من قبيل المستحيل وضع لائحة بأسماء المترشحين على خلاف الانتخابات المهنية، بحكم أن المهنة مؤسسة منظمة تتحكم أجهزتها في تحديد المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح.
حيث إن هذا المقرر هو بمثابة تطهير الجدول من المحامين غير المتوفرين على أهلية الترشيح، بحيث يقع إقصاؤهم من العملية الانتخابية إذا انتفت أهلية الترشيح لسبب من الأسباب.
حيث إن الحكمة من هذه المسطرة القبلية هي التأكد من أهلية الترشيح قبل
إجراء الانتخابات حتى تمر العملية الانتخابية بالشفافية المطلوبة، واطلاع عموم المحامين على اللوائح التي تعلق بمقر الهيئة، وكذا لممارسة النيابة العامة حقها في المراقبة والطعن إذا كان لذلك موجب، ومقاصد المشرع أيضا هي عدم إهدار حجية الانتخابات وما تمثله من تجسيد لإرادة الجمعية العمومية للمحامين.
حيث إن السيد الوكيل العام للملك الذي تقدم بالطعن أقر بأن مجلس الهيئة قد حصر لائحة أهلية الترشيح لمنصب النقيب بتاريخ 7/10/2014.
حيث إن المقرر الذي حصر أسماء المحامين المؤهلين للترشيح والصادر عن مجلس الهيئة والذي لم يطعن فيه وانقضى أجل الطعن ينزل منزلة المقررات الإدارية التي تستمد شرعيتها من المشرع.
حيث إن القرار المطعون فيه مس بحجية هذا المقرر الذي يستمد حجيته وأثره من المشرع، وبالتالي فهو كالحكم القضائي من حيث الآثار، كاكتسابه الحجية، وقوة الشيء المقضي به، بل يوصف بالقطعي.
حيث إن المقررات الصادرة عن مجالس الهيئات هي مقررات إدارية تنظيمية لا يمكن تجريدها من حجيتها.
حيث إن مقتضيات المادة 89 من قانون مهنة المحاماة لا تحتاج إلى أي تأويل أو تفسير لوضوح النص، ولكون المجلس الأعلى ( محكمة النقض) قد سبق له أن بت في هذه النقطة القانونية في قراره عدد 2528 بتاريخ 2 يوليو 2008 في الملف عدد 2278/6/2006 وجاء في هذا القرار :
« أن المقرر الذي يصدره مجلس الهيئة بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشيح لمنصب النقيب يصبح نهائيا بعد انقضاء أجل الطعن فيه، ولا يمكن بعد ذلك التمسك أو الطعن بعدم توفر المسجل بالمقرر على شروط الترشيح لمنصب النقيب» (منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى السلسلة 1 سنة 2009 الجزء 1 ص 6).
الصورة الرابعة للوسيلة الثانية
خرق المادة 86 من قانون المهنة المتمثل في التجريد من أهلية الترشيح:
حيث إن القرار المطعون فيه قد جانب الصواب لخرقه مقتضيات المادة86 من
قانون المهنة التي حدد فيها المشرع شروط انتخاب النقيب ، بحيث حددها في أربعة شروط، بالإضافة إلى القاعدة الموحدة الواردة في الفقرة الأخيرة، وأن الشرطين الثالث والرابع من المادة هما اللذين أسست عليهما المحكمة قضاءها بإلغاء انتخاب النقيب محمد صباري.
حيث إن القرار المطعون فيه قد التبس عليه الأمر حينما مزج بين الشرطين 3و4من هذه المادة.
في حين أن الشرط الثالث يتعلق بالتأديب، وليس بالمجال الزجري، لذلك اشترط للترشيح لمنصب النقيب أن لا يكون المترشح قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية، ولم يتحدث قط عن المتابعة التأديبية، وبخصوص الشرط الرابع خصصه المشرع للأفعال الجرمية ، بحيث يجب أن لا يكون المترشح قد صدرت في حقه عقوبة زجرية، أو ان لا يكون متابعا في قضية تمس الشرف والمروءة.
حيث إن الشرط الرابع يخص المجال الزجري، وفي نطاق محدد، بمعنى أن لا يكون قد صدرت بحقه عقوبة زجرية من أجل فعل شائن، أو كان متابعا من أجل مثل هذا الفعل، أما إذا كان متابعا أو محكوما عليه من أجل فعل غير شائن، فإن ذلك لا يحول دون ترشيحه، كأن يكون الشخص متابعا أو محكوما عليه من أجل فعل له علاقة بحرية التعبير مثلا، فمثل هذا الفعل لا يعتبر شائنا، وهذا التمييز هو الذي يقصده المشرع من عبارة " قضية تمس بالشرف والمروءة ".
حيث في الميدان الجنائي، فإن الأفعال إما تكون شائنة أو غير شائنة ،وفي التأديب ونظرا لخصوصية المهنة، فإن كل المخالفات توصف حسب ماجاء في المادة 12 من قانون مهنة المحاماة المتعلقة بقسم المهنة بالشرف، والكرامة، والضمير، والنزاهة، والاستقلال، والإنسانية، والأخلاق العامة...
لذلك وجب الفصل بين الشرطين الثالث والرابع.
حيث إن قواعد اللغة العربية لا تسعف على ما نحت إليه محكمة مصدرة القرار لأن الشرطين منفصلين، بالفواصل والنقط وأيضا بالأرقام لاوجود بينها لأداة من أدوات العطف أو الإحالة.
حيث حمَّل القرار المطعون فيه المادة 86 ما لا تحتمل بالقول بأن النص جاء
على إطلاقه ،مما يتعين معه إبقاؤه على عمومه، وعلى إطلاقه ليشمل المتابعة في الميدان التأديبي والمتابعة في الميدان الزجري.
حيث لو كان المشرع يقصد "المتابعة التأديبية" كمانع من موانع الترشيح لما أتى بالشرط الثالث ، ولكن المشرع عن قصد، فصل بين الشرطين ليميز بين المتابعة الجنائية، وبين المتابعة التأديبية ، فالأولى من الموانع في الترشيح، بينما الثانية ليست كذلك.
حيث خرج القرار المطعون فيه عن الثوابت القائمة في الميدان التأديبي الذي يقترب من الميدان الزجري لكونه يتعلق بالمخالفة والعقوبة.
حيث إن قواعد القانون الجنائي وقواعد القانون التأديبي لا يقبلان التوسع والاستنتاج والقياس، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه مجانبا للصواب حينما خرق هذه القاعدة المتأصلة في التشريع والقضاء والفقه.
الصورة الخامسة للوسيلة الثانية:
خرق الفصل 450 من قانون الالتزامات والعقود المتمثل في المساس بالقرينة القانونية:
حيث إن القرار المطعون فيه قد مس بحجية الشيء المقضي به من جهتين اثنتين:
أولهما: انه تجاوز قرار محكمة الاستئناف التي قضت بقرار نهائي بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري في الملف عدد09-1209-2771 تحت عدد 1732 من أجل المخالفات المنسوبة إليه بعد أن طعن السيد الوكيل العام للملك في مقرر الحفظ الضمني وتم تأييده من طرف محكمة الاستئناف .
وثانيهما: أن القرار المطعون فيه حينما استجاب للطعن الموجه إلى انتخاب النقيب محمد صباري ضدا في مقرر المجلس الذي صادق على لائحة المحامين المتوفرين على أهلية الترشيح، يكون بذلك، قد مس بالقرينة القانونية.
حيث إن كلا من القرار القضائي ومقرر المجلس يحملان قرينة مقررة بمقتضى
القانون، مما يعني أن ذلك لا يقبل إثبات العكس، وبالتالي فإن عدم ترتيب الآثار القانونية الصحيحة على القرار والمقرر يجعل القرار المطعون فيه بالنقض خارقا للفصل 450 من ق.ل.ع مما يعرضه للنقض.
الوسيلة الثالثة: خرق الفصل 359من ق.م.م المتمثل في الشطط في
استعمال السلطة:
حيث إن المحاكم تبقى دائما حبيسة تطبيق أوامر المشرع ولا يجوز لها أن تتجاوز النصوص التشريعية كما فعل القرار المطلوب نقضه، بحيث تجاوز صلاحياته حينما مس بقواعد دستورية ونصوص قانونية كما سبق بسط ذلك في الوسائل السابقة ، فتجاوز الأحكام القضائية الصادرة باسم جلالة الملك فيه تجاوز كبير لسلطة المحكمة وهو ما يشكل سببا من أسباب النقض ، لكون سلطة المحكمة اتسمت بالشطط، أو كما يعبر بعض الفقه بان ذلك يشكل غصبا للسلطة، أو كما قال المجلس الأعلى في قراره رقم 1 بتاريخ 14/1/1996 في الملف الإداري عدد 10.267/94 :
«إن عدم التزام الإدارة بحجية الشيء المقضي به يجعل قرارها متسما بالتجاوز في استعمال السلطة »( منشور بقضاء المجلس الأعلى عدد 51 ص 13).
حيث إن الأحكام القضائية كيفما كانت حقيقتها فهي ملزمة للكافة وملزمة بالدرجة الأولى للسلطة القضائية ، إذ لا يمكن غض الطرف عنها أو تجريدها من آثارها القانونية، فمثلا فان القرار عدد 1732 الذي قضى بعدم مؤاخذة النقيب محمد صباري لا يجوز للقرار المطعون فيه يقضي بعكس ما قضى به.
حيث إن القرار المطعون فيه جاء متسما بالشطط حينما اعتبر ان الشبهة تفوق قرينة البراءة ،وأن الشبهة هي أقوى من اليقين، وأن الظن والتخمين يفوقان الجزم واليقين.
حيث إن هذه المعادلة التي أسس عليها القرار المطعون فيه قضاءه،هي معادلة فاسدة،إذ قلبت كل المبادئ العليا المتعارف عليها دوليا، فمتى كانت الشبهة أقوى من اليقين ؟ومتى كان الظن أولى من الجزم واطمئنان الضمير، الم يتذكر القرار المطعون
فيه القاعدة الفقهية التي تجري على كل لسان ومتفق عليها من كل المذاهب الأربعة ﴿ادرؤوا الحدود بالشبهات﴾.
الوسيلة الرابعة: عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني وانعدام
التعليل أو نقصانه أو فساده الموازيان لانعدامه:
حيث إن القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني سليم، وهو منعدم التعليل، أو في أحسن الأحوال، فهو ناقص التعليل، أو أنه فاسد التعليل، وهذه الحالات كل واحدة على حدة تعرض القرار للنقض.
حيث إن القرار المطعون فيه تنكر لمقرر المجلس الذي حدد لائحة المؤهلين للترشيح لمنصب النقيب بتاريخ 07/10/2014، بعلة أن المدة الفاصلة بين تاريخ حصر اللائحة وموعد الانتخابات أكثر من خمسة أسابيع، ومن شأن ذلك، أن مقتضيات الشرطين الثالث والرابع مؤداه عدم سريان مقتضيات هاتين الفقرتين على نازلة الحال، وبالتالي فإن حدوث المانع قد يطرأ بين المدة الفاصلة وبين تاريخ التعليق وتاريخ الانتخابات المهنية .
حيث إن القرار المطعون فيه أسس قضاءه على الاحتمال، والاحتمال يسقط به الاستدلاء بلغة فقهاء الفقه الإسلامي، إذ كيف علل القرار المطعون فيه تجريد المترشح من الأهلية، على أنه قد تكون هناك أسباب وقعت بين تاريخ تعليق اللائحة وتاريخ الانتخابات دون أن يؤسس ذلك على مقتضى قانوني.
حيث إن المادة 94 من قانون المهنة خولت السيد الوكيل العام للملك حق الطعن في الانتخابات المهنية في أي مرحلة من مراحل عملية الانتخاب، دون المرحلة التي وقع تطهيرها، وهي المتعلقة بشروط الترشيح، فهذه الشروط بت فيها مقرر المجلس القاضي بتعليق لائحة المؤهلين للترشيح، وبذلك فإن النيابة العامة يبقى لها حق الطعن في انتخابات النقيب ليس لانتفاء أهلية الترشيح، لكن لسبب آخر يتعلق بسير العملية الانتخابية، كالنصاب القانوني، وكيفية انعقاد الجمعية العمومية، وتحرير المحاضر، وتسجيل العوارض والتحفظات وإلغاء أوراق التصويت إلى غير ذلك من باقي
إجراءات عملية الانتخاب دون الشروط الواجب توفرها في المترشح التي حسم فيها مقرر المجلس.
حيث إن القرار المطعون فيه أساء التعليل حينما اعتبر المتابعة التأديبية في قضية تمس بالشرف والمروءة جاءت على صيغة العموم، وبذلك فإن الإطلاق يجب أن يؤخذ على إطلاقه في إساءة لقاعدة متأصلة في المجال التأديبي ،وهي أن قواعد التأديب يجب أن تفسر تفسيرا ضيقا.
حيث إن ما لم يقل به أحد هو ما قال به القرار المطلوب نقضه بأن المتابعة بما فيه المساس بالشرف والمروءة سواء تم البت في ذلك أم لم يتم مادام أن بها شبهة، فإن الشبهة مخلة بالأهلية لمنصب النقيب.
حيث إن القرار المطعون فيه، في عدة فقرات منه، شدد على شيء واحد، هو أن المتابعة التأديبية تم البت فيها أم لا، كافية لتكون سببا من أسباب المنع من التشريح لمنصب النقيب.
حيث إن هذا التعليل يؤدي إلى نتيجة يمجها المنطق، ويأباها العقل ،إذ أن هذه المتابعة التي وقع محوها وإعدامها، وأصبحت معدومة، تبقى دائما -حسب القرار المطلوب نقضه- سيفا مسلطا على الرقبة مدى الحياة، اوحتى بعد الممات، لأن المتابعة تبقى لصيقة باسم الشخص الذي كان متابعا.
حيث لا توجد أي متابعة على وجه التأبيد ومدى الحياة، لأن كل المتابعات مآلها النهاية، إما بالسقوط وإما بصدور عقوبة أو بانتهائها بالبراءة، كما هو في نازلة الحال.
إن القرار المطعون فيه غير مؤسس على أساس قانوني،لأن تنصيصاته وحيثياته كلها مبنية على تعليل فاسد حينما جعل الشبهة هي قوامه دون أن يؤصل ذلك بمقتضى قانوني أو قضائي أو فقهي.
حيث في حدود علم الطاعن، فإنه لا وجود لأي حكم في الكون أو في أي شريعة من الشرائع الضاربة في أعماق التاريخ، أو الشرائع الحالية يؤسس ما قضى به على الشك، وبالأحرى على الشبهة.
حيث إن القضاء المغربي سبق المشرع في استفادة الشخص من الشك،وكانت
المحاكم تصدر أحكامها بالبراءة لفائدة الشك إلى أن تدخل المشرع في المادة الأولى
من قانون المسطرة الجنائية واقر في الفقرة الأولى قرينة البراءة، وفي الفقرة الثانية أكد نفس القاعدة التي ابتكرها القضاء وهي أن الشك يفسر لفائدة المتهم مع تغيير الصيغة التي دأب عليها القضاء الذي يحكم بالبراءة لفائدة الشك.
حيث إن القضاء لا يصدر أحكامه إلا تأسيسا على القناعة الوجدانية لضمير القاضي.
حيث إن القرار المطعون المطعون فيه جعل الشرط الثالث والرابع من شروط قبول ترشيح المحامي لمنصب النقيب يتقاطعان فيما بينهما واحدهما يكمل الآخر وهو ما يشكل إسادة لفهم النص وتحريف إرادة المشرع، لأن الشرطين غير متقاطعين، ولا علاقة لهذا بذاك، على عكس ما قال به القرار المطعون فيه.
حيث كانت أصوات رجال القانون والحقوقيين تتعالى حينما تخرق أجهزة السلطة التنفيذية أحكام القانون، أو لا تلتزم بالأحكام القضائية ،ولا تمتثل لها ، فإن القرار المطعون فيه نحا هذا المنحى وتنكر للحقيقة القضائية، ويكون بذلك هذا القرار قد خرق القانون الذي أضفى عليه الدستور حماية كبرى في الفصل 6، حينما نص بأن الجميع متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له، ونص في الفقرة ما قبل الأخيرة على انه « تعتبر دستورية القواعد القانونية وتراتيبها ووجوب نشرها مبادئ ملزمة»، بمعنى أن القاعدة القانونية الدستورية ملزمة للجميع بما في ذلك القضاء.
حيث إن القرار المطعون فيه قد أخل بالأمن القضائي، حينما مس بالقرينة القانونية ، وبالمبادئ السامية الكونية،ويُخشى أن يؤدي ذلك إلى اضطراب اجتماعي وإشاعة الفوضى، بحيث إذا انتهكت المبادئ العليا المتعارف عليها دوليا،عمت الفوضى وحل قانون الغاب ليتسلط على الرقاب.
حيث إن القرار المطعون فيه فاقد للسند القانوني ومجرد من التعليل وفاسد في حيثياته مما يجعله معرضا للنقض.
لهــذه الأسبـــــاب
ولأسباب أخرى قد تثيرها المحكمة:
يلتمس الطاعن من سعادتكم الكريمة:
تبليغ هذا المقال إلى كل من يجب .
سماع الحكم بما يلي:
شـــكلا:
قبول الطعن لاستيفائه كل شروطه ولكونه جاء نظاميا.
موضوعا:
القول والتصريح أن هذا الطعن جدير بالاعتبار والحكم:
- بنقض القرار رقم 535/2015 الصادر بتاريخ 11/02/2015 عن محكمة الاستئناف بمراكش في الملف عدد 5215/1124/2014.
- ترتيب كل الآثار القانونية على النقض.
- وعلى الخزينة العامة بالصائر.
تحت جميع التحفظات
النقيب عبد الله درميش
المرفقات
- غلاف التبليغ.
- نسخة مطابقة للأصل من القرار المطعون فيه.
- 5 نسخ مرفقة بهذا المقال.