إن المؤتمر الوطني الأول للهيئة المغربية لحقوق الإنسان المنعقد أيام 6/7/8مارس2015 ببوزنيقة تحت شعار"نضال مستمر للقطع مع كافة الانتهاكات ومناهضة الإفلات من العقاب"، وبعد اختتام أشغاله بنجاح وفق جدول أعماله المسطر الذي توج بانتخاب أعضاء المجلس الوطني للهيئة، وإثر الوقوف عند مختلف القضايا الحقوقية، خلص المؤتمرون إلى تسجيل ما يلي:
على المستوى الدولي:
- هيمنة نظام عالمي غير عادل على جميع المستويات السياسية والاقتصادية.
- تنامي الإرهاب الفكري والديني والسياسي من طرف جماعات ودول خلق تفاوتا وتبعية بين الشعوب على جميع المستويات، وأذكى العنف والعنف المضاد والفتن المتبادلة.
- تنفذ الرأسمالية المتوحشة والعمل على تفتيت وإضعاف أنماط الإنتاج التابعة.
- تنامي اقتصاد سوق التسلح العسكري وإنتاج الحروب.
- إذكاء مفهوم الإرهاب من طرف دول كبرى، وجعله مطية لتحريك التعصب للرأي والعنصرية والكراهية.
على المستوى الإقليمي:
- تنامي الاضطرابات والقوى المناهضة للتغيير والديمقراطية لاجتثاث كل آمال الشعوب التواقة للحرية والكرامة معرضة المنطقة للحروب والفتن وانتهاكات للقيم والحضارة الإنسانية.
- إخفاق البلدان التي عرفت حراكا شعبيا في منع الإفلات من العقاب بسبب استمرار ممارسة التعذيب واستمرار الاعتقال السياسي وإساءة معاملة المعتقلين السياسيين، فضلا عن قمع التجمعات والاحتجاجات السلمية والقيود على حرية التعبير والاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان.
- ارتفاع وتيرة التقتيل باسم الدين من طرف التيارات المتطرفة ضد الأقليات الدينية والعرقية في سوريا والعراق وليبيا..إلخ؛
- استمرار الهجوم الممنهج للكيان الصهيوني على كافة حقوق الشعب الفلسطيني وحرمانه من أدنى شروط العيش الكريم مع استمرار الحصار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني..وفي هذا السياق يؤكد المؤتمر على دعمه لكفاح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة، ويدعو كل القوى المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب إلى المزيد من الضغط من خلال الانخراط في الحركة المطالبة بمقاطعة الكيان الصهيوني المحتل..
على المستوى الوطني:
- تراجع الدولة في ضمان الحقوق الاقتصادية للمواطن في العيش الكريم، واستمرار الانتهاكات، على أكثر من مستوى، رغم التقدم الجزئي على مستوى التشريع المؤسساتي؛
- تصاعد وثيرة المضايقات ضد المدافعين والمدافعات على حقوق الإنسان خاصة منذ تصريحات وزير الداخلية أمام البرلمان في 15 يوليوز2014، والتي مست الحركة الحقوقية من خلال اتهامات مسيئة غير مسبوقة..، هذه المضايقات التي مست العديد من الجمعيات الحقوقية – من ضمنها الهيئة المغربية لحقوق الإنسان- واستهدفت الحق في التنظيم والتجمع وإقامة الأنشطة بشكل اعتيادي ومنتظم..
- استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان حتى في حريتهم، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الاعتقال الذي لحق مؤخرا الناشط الحقوقي عضو الهيئة عبد اللطيف بن الشيخ..؛
- استمرار انتهاك الحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات والامتناع عن تسليم الوصولات القانونية المؤقتة والنهائية، وكذا الحرمان من التنظيم لفروع العديد من الجمعيات الحقوقية والمدنية، ومنها الهيئة المغربية لحقوق الإنسان بكل من العيون وخنيفرة وأبي الجعد ورأس الماء/إقليم الناضور..؛
- استمرار التضييق على الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين،وتعنيف الحركات الاحتجاجية السلمية المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وبالحق في التشغيل..؛
- ضعف ضمانات الوقاية من التعذيب باعتراف مؤسسات دستورية من قبيل تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمام البرلمان بتاريخ 16 يونيو 2014..، وعدم التجاوب الفعال والتلقائي مع المطالب الملحة للحركة الحقوقية حول ضرورة واستعجالية إنشاء "الآليـة الـوطنـية للوقايـة مـن التـعذيـب" في احترام تام لكافة صلاحياتها ولاستقلاليتها ، و تفعيل المقتضى الدستوري القاضي بتجريم ممارسة التعذيب..؛
- استمرار مسلسل الاعتقالات والمحاكمات الصورية كحالة معتقل الهيئة المغربية لحقوق الإنسان الناشط المسؤول بفرع جماعة اداومومن/تارودانت عبد اللطيف بن الشيخ، وكذا المتابعين قضائيا بكل من زايو ورأس الماء بالناظور وفم زكيد بطاطا..؛
- استمرار إصدار المحاكم المغربية لأحكام الإعدام مما يشكل انتهاكا للحق في الحياة، وامتناع المغرب عن التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها..؛
- تواصل انتهاك حرية الصحافة واعتقال وقمع الصحافيين والتضييق على حرية الإعلام والتعبير..؛
- تنامي ظاهرة التكفير رسميا وحركيا، ويعلن المؤتمر تضامنه اللامشروط مع كافة ضحايا حملات التكفير المتكررة والإرهاب الفكري المتواتر..؛
- تقاعس الحكومة في الوفاء بالتزاماتها في مجال تعزيز واحترام المساواة الفعلية بين الجنسين وإحداث هيئة المناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء..؛
-التأخر في إخراج القانون التنظيمي المتعلق باللغة الأمازيغية، والقصور الملحوظ في إدماجها بمختلف المرافق، و عدم تعميمها بمختلف الأسلاك التعليمية..؛
- التعثر الملحوظ في إصلاح منظومة العدالة وفي إخراج القوانين التنظيمية ذات الصلة..؛
- تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين نتيجة إنهاك القدرة الشرائية عبر الزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية والخدمات الضرورية والمحروقات، وتدني الخدمات الصحية وأوضاع المستشفيات واستفحال العطالة في أوساط الشباب خاصة حاملي الشهادات..؛
- استفحال ظاهرة الرشوة وضعف الآلية الوطنية للوقاية من الرشوة وعدم ملاءمتها مع ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد، مما جعل رتبة المغرب في سلم الشفافية العالمية تتراجع سنة بعد سنة، في ظل عجز الحكومة على مواجهة الفساد.. بينما لا تزال التنمية البشرية بالمغرب مستمرة بدورها في الضعف خاصة في مجال الصحة والتعليم في غياب سياسة جديدة في مجال التنمية ترتكز في جوهرها على المقاربة الحقوقية..؛
- استمرار الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والمالية، وعدم تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة..؛
- تزايد انتهاك الحق في الإضراب، والتضييق على الحرية النقابية بالمتابعات أو بالاقتطاع من الأجور، فضلا عن الإجهاز على مكتسبات المتقاعدين من خلال المشروع المقترح لإصلاح صناديق التقاعد..
في ظل هذه الأوضاع الحقوقية، فان المؤتمر يعلن ما يلي:
ü مطالبته بتنفيذ ما تبقى من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والكشف عن الحقيقة الكاملة لضحايا الانتهاكات الجسيمة، وإنصاف الضحايا الذين لم تسو وضعيتهم بعد؛
ü القطع النهائي والفعلي مع شأفة التعذيب، ومع كل أشكال المعاملات القاسية والمهينة والحاطة من الكرامة في أماكن الاعتقال والاحتجاز والمؤسسات السجنية، وذلك بتأهيل المسؤولين على نفاذ القوانين وتفعيل العقوبات الزجرية على ممارسي هذه الانتهاكات والمساهمين فيها..؛
ü المطالبة بالإسراع بإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وفق التجارب والمعايير الدولية..؛
ü الإسراع بإرساء إستراتيجية وطنية لعدم الإفلات من العقاب إعمالا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة كضمانة لعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان..؛
ü إلغاء عقوبة الإعدام بدءا بالانضمام لقرار الأمم المتحدة المتعلق بإيقاف تنفيذه، والقيام بمراجعة عميقة للأنظمة العقابية على أساس التأهيل وإعادة الإدماج..؛
ü دعوة الدولة المغربية إلى المصادقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية، والانضمام للبروتوكول الاختياري الثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام..؛
ü مطالبته السلطات باحترام مضامين الإعلان العالمي الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وبالمصادقة على كل الصكوك الدولية مع ما يتطلبه ذلك من رفع للتحفظات، وملاءمة التشريعات المحلية مع المواثيق الدولية وتكريسها في الواقع..؛
ü تنفيذ توصيات لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وتوصيات المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان الذين يزورون المغرب..؛
ü التضامن مع الحركات الاجتماعية الاحتجاجية السلمية بكل فئاتها ومطالبها العادلة والمشروعة، ورفض استمرار التضييق على الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين..؛
ü إدانته لاستهداف المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان واستمرار التضييق عليهم(ن)، وعلى المنظمات الحقوقية الفاعلة والجادة..؛
ü مطالبته بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومعتقلي الحركات الاجتماعية والحركة الطلابية..؛
ü يدعو إلى احترام حرية الرأي والتعبير وحرية العقيدة والوجدان والضمير، وكافة الحريات الفردية المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان..؛
ü اتخاذ التدابير التشريعية والإجرائية لإقرار القضاء كسلطة مستقلة تم ترسيم مكانتها الدستورية الاعتبارية الجديدة، وذلك لضمان العدالة والإنصاف والمساواة أمام القضاء للمواطن المغربي..؛
ü تفعيل قانون التصريح بالممتلكات ومحاربة ظاهرة الرشوة التي تشكل أهم أعطاب مرفق العدالة..؛
ü يؤكد على احترام سيادة القانون في كل المؤسسات وعلى كافة المستويات، ونهج أسلوب المساءلة وعدم الإفلات من العقاب بدون تمييز في الرتب والمواقع عامة..؛
ü يعبر المؤتمر عن انشغاله بتواصل تدهور الظروف السجنية خصوصا وضعية السجناء المزرية، ويدعو السلطات إلى إعادة إصلاح وتأهيل المؤسسات السجنية وفق مبادئ ومعايير دولية، والالتزام بالقواعد الدنيا لمعاملة السجناء..؛
ü يدعو إلى تفعيل مقتضيات ومضامين الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان..؛
ü يدعو إلى وضع حد للمضايقات والمتابعات والاعتداءات التي تطال الصحافيين بسبب ممارستهم المهنية..؛
ü مطالبته بدمقرطة الإعلام العمومي على قاعدة التعددية والاختلاف، والتسريع بإخراج القانون المنظم للحق في الحصول على المعلومات تنزيلا لمقتضيات الدستور وبما ينسجم مع المعايير الدولية..؛
ü الإسراع بإخراج القانون التنظيمي الخاص باللغة الأمازيغية وفق مقاربة ديمقراطية وتشاركية حقيقية..؛
ü إحداث وتفعيل الآليات القانونية والقضائية الكفيلة بمحاربة الرشوة وكافة أشكال الفساد، والقطع مع اقتصاد الريع وضمان عدم إفلات المفسدين وناهبي المال العام من المساءلة و العقاب..؛
ü إدانته للقرارات الحكومية التي تجهز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات عبر ضرب القدرة الشرائية من خلال غلاء الأسعار وتدهور مستوى العيش وتدني الخدمات العمومية، والزيادات في أثمنة المحروقات والماء والكهرباء، وخوصصة الخدمة العمومية بالتعليم العالي من خلال فرض تكاليف وأعباء مادية غير مبررة على كاهل الطلبة..؛
ü مطالبته بعقلنة الوعاء العقاري بما يخدم التنمية المستدامة ضدا على ما يعانيه المواطنون/ات من ذوي الحقوق مع الأملاك المخزنية والأوقاف العقارية و"أراضي الجموع" و"أراضي الكيش" و"الملك الغابوي" والبحري والحقوق المادية المائية..؛
ü استنكاره للإجهاز المتواصل على الحقوق والحريات النقابية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأجراء والعمال، في ظل استمرار غياب قانون تنظيمي ينظم ممارسة الحق في الإضراب، وعدم مصادقة الدولة المغربية على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بحرية العمل النقابي..؛
ü دعوته إلى التجاوب مع مطالب الحركات الاجتماعية ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الحيوية من خلال الحق في التشغيل والسكن اللائق والحق في الصحة والتربية والتعليم..؛
ü قلقه من استمرار تدني شروط الصحة الإنجابية للنساء، واستنكاره لتواصل العنف ضد المرأة ولغياب إستراتجية حكومية حازمة لمناهضته خاصة مع التأخر الحاصل في إخراج "قانون مكافحة العنف ضد النساء"..؛
ü دعوته إلى إخراج مشروع قانون النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، لتعزيز إدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المكفولة للجميع، وذلك في إطار مقاربة حقوقية شاملة حول الرعاية الاجتماعية لكل الفئات..؛
ü تنديده بكل أشكال العنف الممارس داخل الحرم الجامعي كيفما كان شكله ومصدره، ورفضه لعسكرة الجامعة كفضاء للنقاش العمومي والفكري ولتحصيل العلم والمعرفة..؛
ü دعوته إلى احترام كافة حقوق المهاجرين والمهاجرات إعمالا لالتزامات الدولة المغربية، ونبذ كل أشكال التمييز والإقصاء التي يتعرض لها أحيانا المواطنون/ات الأفارقة من جنوب الصحراء، مع العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم الحوار والتسامح والتضامن والانفتاح على الثقافات الأخرى.
عن المؤتمر الوطني الأول للهيئة المغربية لحقوق الإنسان
بوزنيقة في: 8 مارس2015