مقدمــة
يعتبر العقد عبارة عن اتفاق بين شخصين أو أكثر بهدف إنشاء التزام أو نقله أو إنهائه أو تعديله. وتعتبر نظرية العقد من أهم النظريات التي استأثرت بانتباه الفقهاء منذ القدم إلى يومنا هذا، وذلك بسبب أهميته من الناحية العلمية و العملية. فالفرد الواحد منا قد لا يضطر إلى تحمل الالتزامات غير العقدية إذا احتاط من الوقوع في الخطأ أو امتنع عن الالتزام بمحض إرادته المنفردة. غير أنه في المقابل لن يستطيع الامتناع عن التعاقد مطلقا، وذلك لارتباط مصالحه اليومية بمؤسسة العقد حتى ولو كان موضوع هذا العقد بسيطا[1]
وإذا انعقد هذا العقد صحيحا ترتبت الآثار التي أرادها عاقديه؛ أي أن هذه الآثار تنسحب إلى العاقدين، ولا تمتد إلى غيرهما، وهذا ما يعبر عنه بنسبية آثار العقد من حيث الأشخاص، هو أن المتعاقد وحده دون سواه يكون ملزماً بمضمون العقد. وذلك لأنه من مقتضى مبدأ سلطان الإرادة أن يكون بمقدور الإنسان أن يلزم نفسه بما شاء من عقود ، وذلك في نطاق القانون، ولكنه لا يستطيع إلزام غيره بما يبرمه من عقود. ويعد كالمتعاقد خلفه العام، وكذا خلفه الخاص في حالات معينة، وذلك لأن السلف يعد ممثلاً للخلف فيما يعقد من عــقود
لكن هناك بعض الحالات الاستثنائية يوجب فيها منطق العدالة أو مبدأ استقرار المعاملات أن يسري فيها بعض آثار العقد على غير عاقديه. وفي بعض الحالات قد يفيد المتعاقد غيره من عقده، فلم يمنع القانون ذلك. والأصل أن لا ينتفع من العقد ولا يضار إلا عاقداه.
ولكن هذه القاعدة تطورت في القوانين الحديثة التي أصبحت تنص على أن العقد لا يجعل الغير مديناً بمقتضاه إلا في حالات استثنائية، ولكن العقد قد يوجب للغير حقاً يجعله دائناً
لكن إذا كان المبدأ هو اقتصار آثار العقد على المتعاقدين[2]، فإنه ولاعتبارات ترجع إلى العدالة واستقرار التعامل تنصرف كذلك إلى الغير.لذلك نجد معظم التشريعات اليوم تنظم مجموعة من العقود التي تتكون من ثلاثة أطراف كالوعد بالتعاقد والالتزام عن الغير بشرط إقراره إياه، بالإضافة إلى الاشتراط لمصلحة الغير و التعهد عن الغير الذي سنركز عليه بحثنا
ومن كل ذلك تظهر أهمية هذا النوع من التعاقد بازدياد الحاجة إليه في الحياة العملية لما يفره من مرونة للمتعاقدين في إنشاء الالتزامات التعاقدية من جهة، وما يحققه من استقرار للمعاملات وتحقيق لمبادئ لعدالة من جهة ثانية
إذن كيف يمكن لشخص لم يبرم عقدا أن يمتد إليه أثره ؟ وما هي الطبيعة القانونية للتعهد عن الغير كواحد من أهم العلاقات التعاقدية ثلاثية الأطراف؟ ومامدى إمكانية الأخذ به في التشريع المغربي؟ و لمقاربة هذه الإشكاليات سنعتمد التصميم التالي:
المطلب الأول: المطلب الأول: مفهوم التعهد عن الغير ونطاقه
المطلب الثاني: المطلب الثاني: شروط وآثار التعهد عن الغير
المطلب الأول: مفهوم التعهد عن الغير ونطاقه
إذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، فإنه وبخلاف جل التشريعات المقارنة كالتشريع المصري في مادته 153[3] ، لم يقر صراحة "التعهد عن الغير". لكن ورغم ذلك فإن الفقه القانوني قد أجمع على إمكانية الأخذ به طالما ليس فيه ما يخالف النظام العام من جهة، ثم إن المبادئ القانونية العامة في التشريع المغربي لا تتعارض مع الأخذ بأحكام التشريعات التي كرست هذا النظام
والضابط في التعهد عن الغير هو أنه لا يجوز إجبار شخص على الالتزام بعقد لم يكن طرفا فيه. إلا أن جل التشريعات في وقتنا الحالي قد منحت للمتعاقد إمكانية إبرام عقد يتعهد بمقتضاه بحمل الغير على قبول الالتزام بأمر معين. فكان للمشرع الفرنسي السبق في تناول أحكام التعهد عن الغير وذلك بموجب المادة 1120، والتي نهلت منها معظم التشريعات المدنية في البلدان العربية كلبنان بموجب المادة 25، وسوريا في المادة 154، وليبيا في المادة 151 من تشريعاتهم المدنية[4]
وقبل الحديث عن نطاق التعهد عن الغير ضمن القانون (الفقرة الثالثة)، سنسلط الضوء على مفهومه ( الفقرة الأولى)، دون إغفال لذكر طبيعته و تمييزه عن الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى:مفهوم التعهد عن الغير وصوره العملية
أولا: مفهوم التعهد عن الغير
"يراد بالتعهد عن الغير إبرام شخص عقدا باسمه يتعهد فيه بحمل الغير على قبول الالتزام بأمر معين تحت طائلة تحمل المسؤولية تجاه المتعاقد الآخر في حالة رفض الغير أن يلتزم"[5]
ومن خلال هذا التعريف يتبين أن التعهد عن الغير يفترض وجود ثلاثة أطراف وهم كالتالي
المتعهد: أي الشخص المتعاقد الذي يلتزم أمام الشخص المتعهد له بحمل شخص من الغير على التعاقد مع المتعهد له
المتعهد له: وهو الشخص العاقد الذي يحصل التعاقد لمنفعته، ونعني به العاقد الذي ينتظر من الغير التعاقد مع
المتعهد عنه:أي الشخص الأجنبي عن العقد، وهو شخص من الغير يراد منه قبول الالتزام الذي تعهد به المتعه
ثانيا: الصور العملية للتعهد عن الغير
رغم أن التعهد عن الغير يعتبر خروجا عن مبدأ نسبية آثار العقد لأن المجيز و المقر للتعهد يتعين عليه تنفيذ الالتزام (التعهد) بأثر رجعي، رغم انه لم يشارك في العقد الأصلي.إلا أننا نجد له تطبيقات نادرة في حياتنا اليومية
والمتعهد في الغالب يريد علاج موقف لا يمكن فيه الحصول على رضا صاحب الشأن لسبب من الأسباب، فيلتزم عنه غيره. ويمكن أن نمثل له كشركاء في شيوع يتصرفون في الشيء الشائع وفيهم قاصر ويريدون تجنب إجراءات المحكمة المختصة بالولاية على المال،أو كان أحدهم غير حاضر وقت إبرام العقد، ولا يمكن انتظاره خوف ضياع الصفقة، أو كانوا يقتسمون الشيء الشائع وفيهم من هو ناقص الأهلية، فيفضلون بذلك تجنب الإجراءات المعقدة للقسمة القضائية[6]
ففي مثل هذه الأحوال يتعاقد الشركاء الذين يصح لهم التعاقد عن أنفسهم وملتزمين عن غيرهم ممن لا يستطيع التعاقد لسبب من الأسباب المتقدمة.
وكذلك الوكيل إذا رأى أن يجاوز حدود الوكالة ولم يتمكن من الحصول على إذن من الموكل لسبب ما، فإنه يستطيع فيما تجاوز فيه حدود الوكالة أن يتعاقد باسمه متعهدا عن الموكل
الفقرة الثانية
طبيعة التعهد عن الغير[7]
وتمييز ه عن الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه
أولا: طبيعة التعهد عن الغير
إن عقد التعهد عن الغير يعد إيجاباً موجهاً إلى المتعهد عنه ( الغير ) من قبل المتعهد. فإن قبل الغير هذا الإيجاب انعقد عقد جديد بينهما يختلف عن العقد السابق في النواحي الآتية
- فطرفا العقد السابق هما المتعهد والمتعهد لـه. بينما طرفا العقد الجديد هما المتعهد له والمتعهد عنه. والعقد السابق كان يلزم المتعهد بأن يحمل الغير على قبول التزام معين. بينما العقد الجديد يشغل ذمة المتعهد عنه بذلك الالتزام
- ويتم العقد الجديد عند صدور القبول من الغير، إلا إذا تبين، صراحة أو ضمناً، أن الغير أراد أن يكون لقبوله أثراً رجعيا[8]
ثانيا : اتمييزه عن لالتزام عن الغير شرط إقراره إياه
- الطبيعة القانونية لالتزام عن الغير شرط إقراره إياه
كرس المشرع المغربي أحكام هذا الالتزام في الفصول من 36 إلى 38 من ق.ل.ع، ويقصد بالالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، أن يلتزم شخص باسم غيره، شرط أن يقر هذا الغير هذا الالتزام
وتتحقق هذه الصورة عندما يتصرف شخص عن آخر دون أن يكون وكيلا، إما لأنه وكيل وتجاوز حدود وكالته، وإما لأنه غير وكيل أصلا ولكن تربطه بمن يتصرف عنه صلة خاصة تجعله موقن بأنه سيقر تصرفه[9]
وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة، فإن الغير الذي أبرم الالتزام باسمه له الحرية المطلقة في أن يرفض هذا الالتزام أو أن يقبل به، لذلك نميز بين أحكام رفض الغير للالتزام الذي ابرم باسمه، وأحكام إقراره
حالة رفض الالتزام: إذا رفض الغير العقد المبرم باسمه، فلا يمكن إلزامه به ولا ترتيب أية مسؤولية على الملتزم إزاء الطرف الآخر؛ لأن الالتزام وقع في الأصل معلقا على شرط واقف هو أن يحظى التعاقد بإقرار الغير المتعاقد باسمه، فضلا عن أن الملتزم لم يتعهد إزاء متعاقديه بالحصول على هذا الإقرار. وفي هذا يختلف هذا النوع عن ما يسمى بالتعهد عن الغير
حالة إقرار الالتزام : يجب أن يكون الإقرار داخل أجل معقول، وللملتزم أن يطلب من هذا الغير التصريح بموقفه والإفصاح عن نيته في ما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإعلام بالعقد[10]. وإذا ما أجاز هذا الغير التصرف داخل هذا الأجل انقلب الملتزم عن الغير وكيلا؛ إذ "الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة"[11]، وينتج هذا الإقرار أثره في مابين المتعاقد الآخر والمقر) الغير( من وقت إبرام التصرف الذي وقع إقراره؛ بمعنى أن للإقرار أثر رجعي في مابين المقر والمتعاقد الآخر دون الغير الذي لا يكون للإقرار أي أثر في مواجهته إلا من تاريخ حصوله طبقا للفصل 37 من ق.ل.ع
وإذا كانت إذن لهذا الغير الحرية المطلقة في أن يقبل ما التزم به الملتزم باسمه أو يرفضه، فإن ذلك يعضد ما أكدناه من أن هذا الالتزام ليس استثناءا من قاعدة " العقد لا يضر الغير" بقدر ما هو تطبيق لها، مادام هذا الغير لا يلتزم إلا برضاه وعن حرية تامة.
وتتحقق هذه الصورة عندما يتصرف شخص عن آخر دون أن يكون وكيلا، إما لأنه وكيل وتجاوز حدود وكالته، وإما لأنه غير وكيل أصلا ولكن تربطه بمن يتصرف عنه صلة خاصة تجعله موقن بأنه سيقر تصرفه[9]
وتطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة، فإن الغير الذي أبرم الالتزام باسمه له الحرية المطلقة في أن يرفض هذا الالتزام أو أن يقبل به، لذلك نميز بين أحكام رفض الغير للالتزام الذي ابرم باسمه، وأحكام إقراره
حالة رفض الالتزام: إذا رفض الغير العقد المبرم باسمه، فلا يمكن إلزامه به ولا ترتيب أية مسؤولية على الملتزم إزاء الطرف الآخر؛ لأن الالتزام وقع في الأصل معلقا على شرط واقف هو أن يحظى التعاقد بإقرار الغير المتعاقد باسمه، فضلا عن أن الملتزم لم يتعهد إزاء متعاقديه بالحصول على هذا الإقرار. وفي هذا يختلف هذا النوع عن ما يسمى بالتعهد عن الغير
حالة إقرار الالتزام : يجب أن يكون الإقرار داخل أجل معقول، وللملتزم أن يطلب من هذا الغير التصريح بموقفه والإفصاح عن نيته في ما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ الإعلام بالعقد[10]. وإذا ما أجاز هذا الغير التصرف داخل هذا الأجل انقلب الملتزم عن الغير وكيلا؛ إذ "الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة"[11]، وينتج هذا الإقرار أثره في مابين المتعاقد الآخر والمقر) الغير( من وقت إبرام التصرف الذي وقع إقراره؛ بمعنى أن للإقرار أثر رجعي في مابين المقر والمتعاقد الآخر دون الغير الذي لا يكون للإقرار أي أثر في مواجهته إلا من تاريخ حصوله طبقا للفصل 37 من ق.ل.ع
وإذا كانت إذن لهذا الغير الحرية المطلقة في أن يقبل ما التزم به الملتزم باسمه أو يرفضه، فإن ذلك يعضد ما أكدناه من أن هذا الالتزام ليس استثناءا من قاعدة " العقد لا يضر الغير" بقدر ما هو تطبيق لها، مادام هذا الغير لا يلتزم إلا برضاه وعن حرية تامة.
- أوجه الاختلاف
من خلال ما سبق ذكره، واضح أن التعهد عن الغير أكثر نجاعة من الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، وذلك على أساس أن المتعهد يتحمل مسؤولية عقدية إزاء المتعاقد الآخر إذا رفض الغير أن يلتزم[12]. وتتجلى الفروق بين النظامين كما عددها الأستاذ الكزبري فيما يلي
v في التعهد عن الغير يتعاقد المتعهد باسمه لا باسم الغير الذي يتعهد عنه بينما الملتزم عن الغير شرط إقراره الالتزام لا يتعاقد باسمه هو الملتزم بل يتعاقد باسم هدا الغير
في التعهد عن الغير يلتزم المتعهد بالقيام بعمل هو حمل الغير على قبول التعاقد ، أما الملتزم عن الغير شرط إقراره الالتزام فهو يتعاقد على شرط إقرار الغير للعقد ولا يلتزم بشيء
في التعهد إذا قبل الغير التعهد فإن قبوله لاينت جأرا إلا من وقت صدور ما لم يتبين العكس، بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ينتج الإقرار أثره من وقت إبرام التصرف الذي تم إقراره، ما لم يصرح بغير ذلك
في التعهد عن الغير إذا قبل الغير المتعهد، فإن عقدا جديدا ينشأ بين هذا الغير و بين من تعاقد مع المتعهد ويكون بحسب الأحوال التزاما بنقل حق عيني أو بعمل أو بالامتناع عن عمل، بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، إذا أقر الغير العقد فليس تم عقد جديد ينشأ بل إنما العقد الذي أبرم باسم الغير هو نفسه الذي ينتج آثاره
في التعهد عن الغير، إذا رفض الغير أن يلتزم، كان ذلك سببا في ترتيب المسؤولية على المتعهد و في إلزامه بالتعويض على ما تعاقد معه. بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، إذا رفض الغير العقد، فإنه لا تترتب أي مسؤولية على الملتزم باسم هذا الغير
الفقرة الثالثة: نطاق التعهد
يعتبر التعهد عن الغير كغيره من العلاقات التعاقدية فتنظيمه يتشابه من بين معظم التشريعات المدنية التي تأخذ به ( ثانيا)، إلا أن التشريع المدني المغربي لم يكلف نفسه عناء التنصيص عليه وتنظيم أحكامه بمقتضى ق.ل.ع (أولا)
أولا: التعهد عن الغير في القانون المغربي
رغم الأهمية التي يكتسيها نظام التعهد عن الغير في الواقع العملي، من تبسيط إجراءات التعاقد وضمان تكافئ الالتزامات و تعويض الخسارة المحتملة وغيرها من الأسباب الدافعة إليه، من غياب الغير المتعهد عنه أو نقص أهليته...فرغم تلك الأهمية إلا إن قانون الالتزامات و العقود المغربي لم يتناول بالبث و المطلق تنظيم التعهد عن الغير كنوع من الالتزامات ثلاثية الأطراف
ورغم انتفاء النص القانوني المنظم للتعهد عن الغير فإن غالبية الفقه المغربي[13] يرى أنه ليس ثمة ما يمنع إقرار صحته، وتطبيق الأحكام التي سنتها التشريعات الحديثة، لأنها مستمدة من المبادئ العامة والتي تقضي من جهة بجواز الالتزام بالقيام بعمل لا يخالف النظام العام، و التعهد عن الغير ليس فيه مخالفة للنظام العام أو المساس بأحد مكوناته
ومن جهة ثانية، بترتيب المسؤولية على من يخل بالتزامه و إجباره بتعويض المتعاقد الآخر، و المتعهد عن الغير يعتبر مخلا بتعهده إذا ما رفض الغير أن يلتزم وبالتالي يجب إلزامه[14]
وهو ما درج عليه الفقه والقضاء المصريين قبل صدور القانون المدني الحديث حيث قررا صحة التعهد عن الغير رغم أن التقنين المدني المصري كان خاليا من النص على التعهد عن الغير[15]
من هنا نرى أنه لا مانع أمام القضاء المغربي يحول دون إقراره لصحة التعهد عن الغير وتطبيق مقتضيات التشريعات المقارنة[16] في هذا المجال
ثانيا: التعهد عن الغير في بعض القوانين المدنية
خلافا لقانون الالتزامات و العقود المغربي –كما ذكرنا سابقا- فإن معظم التشريعات المعاصرة -كالقانون المدني المصري والقانون المدني الجزائري ولقانون المدني السوري والقانون المدني التونسي- تناولت أحكام التعهد عن الغير بتنظيم أحكامه معتمدة في ذلك على التقنين المدني الفرنسي[17] كشريعة عامة لهذه التشريعات
ففي نص القانون المدني السوري[18] كما يتبين من مادته 154 التي عرفت التعهد عن الغير وحددت شروطه: بأن يتعاقد المتعهد عن الغير باسمه الشخصي لا باسم الغير الذي يتعهد عنه، خلافاً للوكيل والفضولي. وأن يقصد المتعهد إلزام نفسه بتعهده عن الغير، وليس إلزام الغير بقبول العقد، فهو باطل إذا اتجهت إرادة المتعهد إلى إلزام الغير. وأن يكون موضوع التعهد هو حمل الغير على قبول التزام معين، كالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل[19]
والمادة 154 إنما هي تطبيق للاستثناء الذي يرد على المبدأ المنصوص عليه في المادة 153 –من نفس القانون- والتي تنص على أنه: "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير، ولكن يجوز أن يكسبه حقاً"[20]، ونصت المجلة التونسية للالتزامات والعقود[21] الصادرة بتاريخ 1906، وبالضبط في الفصل 1156 الذي جاء فيه
"إذا تصرف الوكيل بلا وكالة أو تجاوز حدود وكالته لزم غرم الخسارة لمن عاقده إن لم يتيسر إتمام ما تعاقدا عليه إلا إذا أعلمه بحقيقة الحال من أول الأمر أو ثبت بأنه كان عالما بها كل ذلك ما لم يتكفل بإتمام العقد"
وهو ما سار على نهجه المشرع الجزائري كذلك، حيث نصت المادة 114 من القانون المدني الجزائري على أنه
"إذا تعهد شخص عن الغير فلا يتقيد الغير بتعهده فإن رفض الغير أن يلتزم، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه و يجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو نفسه بتنفيذ ما التزم به، أما إذا قبل الغير هذا التعهد فإن قبوله لا ينتج أثرا إلا من وقت صدوره ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول إلى الوقت الذي صدر فيه التعهد".فبموجب هذه المادة أضاف المشرع الجزائري حكما أخرا يجنب المتعهد تحمل الضرر الناتج عن عدم إقرار المتعهد عنه، وهو أن يقوم المتعهد نفسه بتنفيذ ما التزم به عن الغير
وقد تعرض المشرع الليبي[22] والمصري[23]والعراقي[24] أيضا لموضوع التعهد عن الغير[25]
المطلب الثاني: شروط وآثار التعهد عن الغير
حتى يقوم التعهد عن الغير لابد أن تتحقق مجموعة من المقومات[26] أو الشروط (الفقرة الأولى)، والتي بتحققها يرتب التعهد عن الغير مجموعة من الآثار القانونية بين أطرافه وتختلف حسب قبول الغير للتعهد أو رفضه(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى:مقومات التعهد عن الغير
هي مجموعة من الشروط يجب توفرها لينشأ عقد التعهد عن الغير صحيحا وهي ثلاثة شروط نجملها فيما يلي
أولا: التعاقد بالاسم الشخصي[27]
وهو أن المتعهد عن الغير باسمه الشخصي، و ليس باسم الغير الذي تعهد عنه وهو بذلك يختلف عن كل من الوكيل و الفضولي[28] اللذان يتعاقدان باسم الأصيل وليس باسمهما الشخصي. فالوكيل يعمل باسم الأصيل وبذلك ينصرف أثر العقد إلى الأصيل و ليس إليه، وهو نفس الأمر بالنسبة للفضولي الذي يعمل باسم رب العمل و لمصلحته فيلزمه بعمله، وذلك عكس المتعهد حيث يعمل باسمه و ينصرف إليه هو أثر العقد
وبالتالي فإن العلاقة بين المتعهد والمتعاقد الآخر هي علاقة تعاقدية يترتب على عدم وفاء المتعهد بالتزامه تحقق مسؤوليته العقدية
ثانيا: أن تتجه إرادة المتعهد إلى إلزام نفسه بهذا التعهد لا إلزام الغير
حيث إنه إذا تعاقد باسمه مع إرادة إلزام غيره بتعاقده، يجعل العقد باطلا لاستحالة المحل. لذلك فإن قبول الغير للتعهد هو الذي يولد عقدا آخرا جديدا بين هذا الغير والمتعاقد الآخر، ويكون هذا العقد هو مصدر التزام الغير وليس تعاقد المتعهد.
وفي هذا يظهر الاختلاف بين التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير الذي تنصرف فيه نية المشترط إلى إكساب الغير حقا مباشرا من ذات العقد الذي أبرمه المشترط مع المتعهد[29] ، وهذا ما يجعل الاشتراط لمصلحة الغير استثناءا من القاعدة التي تقضي بأن العقد لا ينصرف أثره إلى الغير، أما التعهد عن الغير فلا يعتبر استثناءا من هذه القاعدة في حالة رفض الغير للتعهد
وكذلك الأمر بالنسبة للالتزام عن الغير شرط إقراره إياه؛ إذ إن إقرار الغير لهذا الالتزام لا يولد عقدا جديدا، بل يبقى العقد الذي أبرم باسمه هو الذي ينتج آثاره
من هنا نجد المتعهد يتكفل بأن المتعهد عنه سيقبل العقد الذي أبرم باسمه، ويمكن التنبيه إلى أن هذا التعهد لا يمكن أن يحمل معنى للجبرية، و إلا أصبح التعهد باطلا. بحيث أنه ليس من الممكن قانونا أن يلزم أحد المتعاقدين شخصا آخرا بعقد لم يكن الملتزم طرفا
ثالثا: أن يكون محل التزام المتعهد القيام بعمل هو حمل الغير على قبول هذا التعهد
إن التزام المتعهد هنا هو التزام بتحقيق نتيجة وليس فقط التزاما بوسيلة؛ بحيث إذا رفض الغير إبرام هذا العقد تحمل المتعهد المسؤولية العقدية[30]. وإذا كان الأمر كذلك فإنه في حالة ما إذا قبل الغير إبرام هذا العقد لكن تراخى عن تنفيذه فلا مسؤولية على المتعهد مادام قد التزم فقط بضمان إبرام العقد لا بتنفيذه
فالمتعهد في هذا النوع من التعاقد يلتزم دائما بعمل شيء وهو القيام بحمل الغير الذي تعهد عنه على قبول هذا التعهد، وبالتالي فإن الغير الذي قبل التعهد فإنه يرتب عليه التزاما كسائر الالتزامات بحيث وقد يكون محله عمل شيء كأن يقوم ببناء منزلا، أو الامتناع عن شيء كان يمتنع عن منافسة متجر، أو نقل حق عيني كما إذا تعاقد الشركاء في الشيوع متعهدين عن شريك لهم على بيع الشيء الشائع. والتزام المتعهد بحمل الغير على قبول التعهد هو التزام بالصول إلى غاية (الالتزام بنتيجة)، وليس التزاما ببذل عناية فلا يكفي أن يبذل المتعهد ما في وسعه لحمل الغير على قبول التعهد ، بل يجب أن يصل فعلا إلى هذه الغاية فيقبل الغير التعهد . فإذا قبل الغير التعهد يكون المتعهد قد نفذ التزامه ولا يكفل تنفيذ الغير للتعهد
من هنا يظهر الاختلاف بين المتعهد عن الغير والكفيل الذي يكفل تنفيذ التزام المدين بعد تحققه ولا يكفل إنشاءه، أما المتعهد عن الغير وبخلاف الكفيل فيكفل إيجاد الالتزام في ذمة الغير لا تنفيذه من طرف هذا الغير[31]
الفقرة الثانية: آثار التعهد عن الغير
للغير الحرية في قبول التعهد أو رفضه لان التعهد لم يلزمه بشيء، و بالتالي فهو أجنبي عن العقد أصلا فلا ينصرف إليه أثره. وبذلك فإن آثار التعهد عن الغير تختلف حسب قبول الغير للتعهد(أولا) أو رفضه(ثانيا)
أولا: قبول الغير للتعهد
بمجرد موافقة الغير للتعهد يعتبر ذلك قبولا لإيجاب سبق صدوره من المتعهد له فينعقد به عقد جديد بين الغير و المتعهد له من حيث يختلف عن العقد الأول -عقد التعهد عن الغير- سواء من حيث أطرافه أو من حيث وقت إبرامه أو من حيث آثاره
- من حيث الأطراف: يعتبر الغير و المتعاقد مع المتعهد هما طرفي العقد الجديد، في حين يعد المتعهد و المتعهد له هما طرفي التعهد عن الغير.
- من حيث وقت إبرام العقد: ينعقد عقد التعهد عن الغير من وقت تبادل طرفيه التعبير عن إرادتهما طبقا للقواعد العامة، في حين أن العقد الجديد ينعقد من وقت صدور القبول من الغير وليس لهذا القبول أثر رجعي ما لم يتبين أن الغير قد قصد صراحة أو ضمنا أن يكون لقبوله أثر رجعي من وقت إبرام عقد التعهد
من حيث آثار العقد: يترتب على عقد التعهد عن الغير التزام المتعهد وحده– على أساس أن التعهد عن الغير عقد ملزم لجانب واحد- يجعل الغير يقبل الالتزام المتعهد به، أما العقد الجديد فمن آثاره انقضاء التزام المتعهد بالتنفيذ على أساس أن المتعهد يعتبر قد نفذ التزاماته بمجرد قبول الغير للتعهد. كما يلقى على عاتق الغير –الذي أصبح بقبوله موضوع التعهد طرفا فيه- التزاما بتنفيذ ماتولد عن هذا العقد من التزامات بحسب محله أو موضوعه ، والذي يكون إما محله إعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل[32]
في قبول الغير للتعهد لا يلزم في ذلك شكل خاص ، غير أنه إذا كان موضوع التعهد هو ارتباط الغير بعقد يتطلب الرسمية فينبغي أن يتم القبول في الشكل الذي يتطلبه القانون
من هنا نجد أن التعهد عن الغير لم يحمل الغير بأي التزام كقاعدة عامة، و إنما كان التزام الغير بموضوع التعهد وليد إرادته الحرة في الالتزام به بناء على عقد جديد ينشأ بقبوله الإيجاب المعروض عليه من جانب المتعاقد مع المتعهد وليس بناء على إرادة المتعهد[33]
ثانيا : رفض الغير للتعهد
تتمثل الآثار التي يرتبها عقد التعهد عن الغير في حال رفض الغير له ، في عدم مسؤولية المتعهد عكس المتعهد الذي لا يتحلل من مسؤوليته العقدية.
-عدم مسؤولية الغير: إذا رفض الغير التعهد، فإنه يتحرر من الالتزام لكون التعهد لم يرتب في جانبه أي التزا
- مسؤولية المتعهد: بحيث يبقى ملتزما بتنفيذ العقد الذي تم بينه وبين المتعاقد معه، وبالتالي فإنه لا يتحلل من التزامه العقدي إلا إذا أثبت أنه لم يستطع القيام به لسبب أجنبي
ولا يعتبر امتناع الغير عن قبول التعهد سببا أجنبيا أو قوة قاهرة ، فإذا لم يستطع المتعهد إثبات السبب الأجنبي كان مسؤولا ، وجزاء هذه المسؤولية دفع تعويض للطرف الثاني عما أصابه من هذا الضرر نتيجة لرفض الغير للتعهد، ويقدر التعويض طبقا للقواعد العامة
ولا يمكن إجبار المتعهد على تنفيذ الالتزام الذي كان يراد من الغير قبوله، ولكن يجوز للمتعهد إن شاء أن يقوم بتنفيذ هذا الالتزام إذا كان تنفيذه ممكنا ولم يكن متصلا بشخص الغير .فالتزام المتعهد بتنفيذ هذا الالتزام هو إذن التزام بدلي؛ إذ التزامه الأصلي هو دفع التعويض ولكن يستطيع أن يبرئ ذمته من التعويض بان ينفذ الالتزام المشار إليه[34]
خاتمـــة
إذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، والإشتراط لمصلحة الغير، فإنه وبخلاف جل التشريعات المقارنة كالتشريع المصري والفرنسي، لم يقر صراحة "التعهد عن الغير". لكن ورغم ذلك فإن الفقه القانوني قد أجمع على إمكانية الأخذ به طالما ليس فيه ما يخالف النظام العام من جهة، ثم إن المبادئ القانونية العامة في التشريع المغربي لا تتعارض مع الأخذ بأحكام التشريعات التي كرست هذا النظام
لذلك ندعو مشرعنا إلى التنصيص على أحكامه نظرا لأهمية هذا النوع من التعاقد.وذلك بازدياد الحاجة إليه في الحياة العملية لما يفره من مرونة للمتعاقدين في إنشاء الالتزامات التعاقدية من جهة، وما يحققه من استقرار للمعاملات وتحقيق لمبادئ لعدالة من جهة ثانية.
v في التعهد عن الغير يتعاقد المتعهد باسمه لا باسم الغير الذي يتعهد عنه بينما الملتزم عن الغير شرط إقراره الالتزام لا يتعاقد باسمه هو الملتزم بل يتعاقد باسم هدا الغير
في التعهد عن الغير يلتزم المتعهد بالقيام بعمل هو حمل الغير على قبول التعاقد ، أما الملتزم عن الغير شرط إقراره الالتزام فهو يتعاقد على شرط إقرار الغير للعقد ولا يلتزم بشيء
في التعهد إذا قبل الغير التعهد فإن قبوله لاينت جأرا إلا من وقت صدور ما لم يتبين العكس، بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه ينتج الإقرار أثره من وقت إبرام التصرف الذي تم إقراره، ما لم يصرح بغير ذلك
في التعهد عن الغير إذا قبل الغير المتعهد، فإن عقدا جديدا ينشأ بين هذا الغير و بين من تعاقد مع المتعهد ويكون بحسب الأحوال التزاما بنقل حق عيني أو بعمل أو بالامتناع عن عمل، بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، إذا أقر الغير العقد فليس تم عقد جديد ينشأ بل إنما العقد الذي أبرم باسم الغير هو نفسه الذي ينتج آثاره
في التعهد عن الغير، إذا رفض الغير أن يلتزم، كان ذلك سببا في ترتيب المسؤولية على المتعهد و في إلزامه بالتعويض على ما تعاقد معه. بينما في الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، إذا رفض الغير العقد، فإنه لا تترتب أي مسؤولية على الملتزم باسم هذا الغير
الفقرة الثالثة: نطاق التعهد
يعتبر التعهد عن الغير كغيره من العلاقات التعاقدية فتنظيمه يتشابه من بين معظم التشريعات المدنية التي تأخذ به ( ثانيا)، إلا أن التشريع المدني المغربي لم يكلف نفسه عناء التنصيص عليه وتنظيم أحكامه بمقتضى ق.ل.ع (أولا)
أولا: التعهد عن الغير في القانون المغربي
رغم الأهمية التي يكتسيها نظام التعهد عن الغير في الواقع العملي، من تبسيط إجراءات التعاقد وضمان تكافئ الالتزامات و تعويض الخسارة المحتملة وغيرها من الأسباب الدافعة إليه، من غياب الغير المتعهد عنه أو نقص أهليته...فرغم تلك الأهمية إلا إن قانون الالتزامات و العقود المغربي لم يتناول بالبث و المطلق تنظيم التعهد عن الغير كنوع من الالتزامات ثلاثية الأطراف
ورغم انتفاء النص القانوني المنظم للتعهد عن الغير فإن غالبية الفقه المغربي[13] يرى أنه ليس ثمة ما يمنع إقرار صحته، وتطبيق الأحكام التي سنتها التشريعات الحديثة، لأنها مستمدة من المبادئ العامة والتي تقضي من جهة بجواز الالتزام بالقيام بعمل لا يخالف النظام العام، و التعهد عن الغير ليس فيه مخالفة للنظام العام أو المساس بأحد مكوناته
ومن جهة ثانية، بترتيب المسؤولية على من يخل بالتزامه و إجباره بتعويض المتعاقد الآخر، و المتعهد عن الغير يعتبر مخلا بتعهده إذا ما رفض الغير أن يلتزم وبالتالي يجب إلزامه[14]
وهو ما درج عليه الفقه والقضاء المصريين قبل صدور القانون المدني الحديث حيث قررا صحة التعهد عن الغير رغم أن التقنين المدني المصري كان خاليا من النص على التعهد عن الغير[15]
من هنا نرى أنه لا مانع أمام القضاء المغربي يحول دون إقراره لصحة التعهد عن الغير وتطبيق مقتضيات التشريعات المقارنة[16] في هذا المجال
ثانيا: التعهد عن الغير في بعض القوانين المدنية
خلافا لقانون الالتزامات و العقود المغربي –كما ذكرنا سابقا- فإن معظم التشريعات المعاصرة -كالقانون المدني المصري والقانون المدني الجزائري ولقانون المدني السوري والقانون المدني التونسي- تناولت أحكام التعهد عن الغير بتنظيم أحكامه معتمدة في ذلك على التقنين المدني الفرنسي[17] كشريعة عامة لهذه التشريعات
ففي نص القانون المدني السوري[18] كما يتبين من مادته 154 التي عرفت التعهد عن الغير وحددت شروطه: بأن يتعاقد المتعهد عن الغير باسمه الشخصي لا باسم الغير الذي يتعهد عنه، خلافاً للوكيل والفضولي. وأن يقصد المتعهد إلزام نفسه بتعهده عن الغير، وليس إلزام الغير بقبول العقد، فهو باطل إذا اتجهت إرادة المتعهد إلى إلزام الغير. وأن يكون موضوع التعهد هو حمل الغير على قبول التزام معين، كالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل[19]
والمادة 154 إنما هي تطبيق للاستثناء الذي يرد على المبدأ المنصوص عليه في المادة 153 –من نفس القانون- والتي تنص على أنه: "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير، ولكن يجوز أن يكسبه حقاً"[20]، ونصت المجلة التونسية للالتزامات والعقود[21] الصادرة بتاريخ 1906، وبالضبط في الفصل 1156 الذي جاء فيه
"إذا تصرف الوكيل بلا وكالة أو تجاوز حدود وكالته لزم غرم الخسارة لمن عاقده إن لم يتيسر إتمام ما تعاقدا عليه إلا إذا أعلمه بحقيقة الحال من أول الأمر أو ثبت بأنه كان عالما بها كل ذلك ما لم يتكفل بإتمام العقد"
وهو ما سار على نهجه المشرع الجزائري كذلك، حيث نصت المادة 114 من القانون المدني الجزائري على أنه
"إذا تعهد شخص عن الغير فلا يتقيد الغير بتعهده فإن رفض الغير أن يلتزم، وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه و يجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو نفسه بتنفيذ ما التزم به، أما إذا قبل الغير هذا التعهد فإن قبوله لا ينتج أثرا إلا من وقت صدوره ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول إلى الوقت الذي صدر فيه التعهد".فبموجب هذه المادة أضاف المشرع الجزائري حكما أخرا يجنب المتعهد تحمل الضرر الناتج عن عدم إقرار المتعهد عنه، وهو أن يقوم المتعهد نفسه بتنفيذ ما التزم به عن الغير
وقد تعرض المشرع الليبي[22] والمصري[23]والعراقي[24] أيضا لموضوع التعهد عن الغير[25]
المطلب الثاني: شروط وآثار التعهد عن الغير
حتى يقوم التعهد عن الغير لابد أن تتحقق مجموعة من المقومات[26] أو الشروط (الفقرة الأولى)، والتي بتحققها يرتب التعهد عن الغير مجموعة من الآثار القانونية بين أطرافه وتختلف حسب قبول الغير للتعهد أو رفضه(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى:مقومات التعهد عن الغير
هي مجموعة من الشروط يجب توفرها لينشأ عقد التعهد عن الغير صحيحا وهي ثلاثة شروط نجملها فيما يلي
أولا: التعاقد بالاسم الشخصي[27]
وهو أن المتعهد عن الغير باسمه الشخصي، و ليس باسم الغير الذي تعهد عنه وهو بذلك يختلف عن كل من الوكيل و الفضولي[28] اللذان يتعاقدان باسم الأصيل وليس باسمهما الشخصي. فالوكيل يعمل باسم الأصيل وبذلك ينصرف أثر العقد إلى الأصيل و ليس إليه، وهو نفس الأمر بالنسبة للفضولي الذي يعمل باسم رب العمل و لمصلحته فيلزمه بعمله، وذلك عكس المتعهد حيث يعمل باسمه و ينصرف إليه هو أثر العقد
وبالتالي فإن العلاقة بين المتعهد والمتعاقد الآخر هي علاقة تعاقدية يترتب على عدم وفاء المتعهد بالتزامه تحقق مسؤوليته العقدية
ثانيا: أن تتجه إرادة المتعهد إلى إلزام نفسه بهذا التعهد لا إلزام الغير
حيث إنه إذا تعاقد باسمه مع إرادة إلزام غيره بتعاقده، يجعل العقد باطلا لاستحالة المحل. لذلك فإن قبول الغير للتعهد هو الذي يولد عقدا آخرا جديدا بين هذا الغير والمتعاقد الآخر، ويكون هذا العقد هو مصدر التزام الغير وليس تعاقد المتعهد.
وفي هذا يظهر الاختلاف بين التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير الذي تنصرف فيه نية المشترط إلى إكساب الغير حقا مباشرا من ذات العقد الذي أبرمه المشترط مع المتعهد[29] ، وهذا ما يجعل الاشتراط لمصلحة الغير استثناءا من القاعدة التي تقضي بأن العقد لا ينصرف أثره إلى الغير، أما التعهد عن الغير فلا يعتبر استثناءا من هذه القاعدة في حالة رفض الغير للتعهد
وكذلك الأمر بالنسبة للالتزام عن الغير شرط إقراره إياه؛ إذ إن إقرار الغير لهذا الالتزام لا يولد عقدا جديدا، بل يبقى العقد الذي أبرم باسمه هو الذي ينتج آثاره
من هنا نجد المتعهد يتكفل بأن المتعهد عنه سيقبل العقد الذي أبرم باسمه، ويمكن التنبيه إلى أن هذا التعهد لا يمكن أن يحمل معنى للجبرية، و إلا أصبح التعهد باطلا. بحيث أنه ليس من الممكن قانونا أن يلزم أحد المتعاقدين شخصا آخرا بعقد لم يكن الملتزم طرفا
ثالثا: أن يكون محل التزام المتعهد القيام بعمل هو حمل الغير على قبول هذا التعهد
إن التزام المتعهد هنا هو التزام بتحقيق نتيجة وليس فقط التزاما بوسيلة؛ بحيث إذا رفض الغير إبرام هذا العقد تحمل المتعهد المسؤولية العقدية[30]. وإذا كان الأمر كذلك فإنه في حالة ما إذا قبل الغير إبرام هذا العقد لكن تراخى عن تنفيذه فلا مسؤولية على المتعهد مادام قد التزم فقط بضمان إبرام العقد لا بتنفيذه
فالمتعهد في هذا النوع من التعاقد يلتزم دائما بعمل شيء وهو القيام بحمل الغير الذي تعهد عنه على قبول هذا التعهد، وبالتالي فإن الغير الذي قبل التعهد فإنه يرتب عليه التزاما كسائر الالتزامات بحيث وقد يكون محله عمل شيء كأن يقوم ببناء منزلا، أو الامتناع عن شيء كان يمتنع عن منافسة متجر، أو نقل حق عيني كما إذا تعاقد الشركاء في الشيوع متعهدين عن شريك لهم على بيع الشيء الشائع. والتزام المتعهد بحمل الغير على قبول التعهد هو التزام بالصول إلى غاية (الالتزام بنتيجة)، وليس التزاما ببذل عناية فلا يكفي أن يبذل المتعهد ما في وسعه لحمل الغير على قبول التعهد ، بل يجب أن يصل فعلا إلى هذه الغاية فيقبل الغير التعهد . فإذا قبل الغير التعهد يكون المتعهد قد نفذ التزامه ولا يكفل تنفيذ الغير للتعهد
من هنا يظهر الاختلاف بين المتعهد عن الغير والكفيل الذي يكفل تنفيذ التزام المدين بعد تحققه ولا يكفل إنشاءه، أما المتعهد عن الغير وبخلاف الكفيل فيكفل إيجاد الالتزام في ذمة الغير لا تنفيذه من طرف هذا الغير[31]
الفقرة الثانية: آثار التعهد عن الغير
للغير الحرية في قبول التعهد أو رفضه لان التعهد لم يلزمه بشيء، و بالتالي فهو أجنبي عن العقد أصلا فلا ينصرف إليه أثره. وبذلك فإن آثار التعهد عن الغير تختلف حسب قبول الغير للتعهد(أولا) أو رفضه(ثانيا)
أولا: قبول الغير للتعهد
بمجرد موافقة الغير للتعهد يعتبر ذلك قبولا لإيجاب سبق صدوره من المتعهد له فينعقد به عقد جديد بين الغير و المتعهد له من حيث يختلف عن العقد الأول -عقد التعهد عن الغير- سواء من حيث أطرافه أو من حيث وقت إبرامه أو من حيث آثاره
- من حيث الأطراف: يعتبر الغير و المتعاقد مع المتعهد هما طرفي العقد الجديد، في حين يعد المتعهد و المتعهد له هما طرفي التعهد عن الغير.
- من حيث وقت إبرام العقد: ينعقد عقد التعهد عن الغير من وقت تبادل طرفيه التعبير عن إرادتهما طبقا للقواعد العامة، في حين أن العقد الجديد ينعقد من وقت صدور القبول من الغير وليس لهذا القبول أثر رجعي ما لم يتبين أن الغير قد قصد صراحة أو ضمنا أن يكون لقبوله أثر رجعي من وقت إبرام عقد التعهد
من حيث آثار العقد: يترتب على عقد التعهد عن الغير التزام المتعهد وحده– على أساس أن التعهد عن الغير عقد ملزم لجانب واحد- يجعل الغير يقبل الالتزام المتعهد به، أما العقد الجديد فمن آثاره انقضاء التزام المتعهد بالتنفيذ على أساس أن المتعهد يعتبر قد نفذ التزاماته بمجرد قبول الغير للتعهد. كما يلقى على عاتق الغير –الذي أصبح بقبوله موضوع التعهد طرفا فيه- التزاما بتنفيذ ماتولد عن هذا العقد من التزامات بحسب محله أو موضوعه ، والذي يكون إما محله إعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل[32]
في قبول الغير للتعهد لا يلزم في ذلك شكل خاص ، غير أنه إذا كان موضوع التعهد هو ارتباط الغير بعقد يتطلب الرسمية فينبغي أن يتم القبول في الشكل الذي يتطلبه القانون
من هنا نجد أن التعهد عن الغير لم يحمل الغير بأي التزام كقاعدة عامة، و إنما كان التزام الغير بموضوع التعهد وليد إرادته الحرة في الالتزام به بناء على عقد جديد ينشأ بقبوله الإيجاب المعروض عليه من جانب المتعاقد مع المتعهد وليس بناء على إرادة المتعهد[33]
ثانيا : رفض الغير للتعهد
تتمثل الآثار التي يرتبها عقد التعهد عن الغير في حال رفض الغير له ، في عدم مسؤولية المتعهد عكس المتعهد الذي لا يتحلل من مسؤوليته العقدية.
-عدم مسؤولية الغير: إذا رفض الغير التعهد، فإنه يتحرر من الالتزام لكون التعهد لم يرتب في جانبه أي التزا
- مسؤولية المتعهد: بحيث يبقى ملتزما بتنفيذ العقد الذي تم بينه وبين المتعاقد معه، وبالتالي فإنه لا يتحلل من التزامه العقدي إلا إذا أثبت أنه لم يستطع القيام به لسبب أجنبي
ولا يعتبر امتناع الغير عن قبول التعهد سببا أجنبيا أو قوة قاهرة ، فإذا لم يستطع المتعهد إثبات السبب الأجنبي كان مسؤولا ، وجزاء هذه المسؤولية دفع تعويض للطرف الثاني عما أصابه من هذا الضرر نتيجة لرفض الغير للتعهد، ويقدر التعويض طبقا للقواعد العامة
ولا يمكن إجبار المتعهد على تنفيذ الالتزام الذي كان يراد من الغير قبوله، ولكن يجوز للمتعهد إن شاء أن يقوم بتنفيذ هذا الالتزام إذا كان تنفيذه ممكنا ولم يكن متصلا بشخص الغير .فالتزام المتعهد بتنفيذ هذا الالتزام هو إذن التزام بدلي؛ إذ التزامه الأصلي هو دفع التعويض ولكن يستطيع أن يبرئ ذمته من التعويض بان ينفذ الالتزام المشار إليه[34]
خاتمـــة
إذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة الالتزام عن الغير شرط إقراره إياه، والإشتراط لمصلحة الغير، فإنه وبخلاف جل التشريعات المقارنة كالتشريع المصري والفرنسي، لم يقر صراحة "التعهد عن الغير". لكن ورغم ذلك فإن الفقه القانوني قد أجمع على إمكانية الأخذ به طالما ليس فيه ما يخالف النظام العام من جهة، ثم إن المبادئ القانونية العامة في التشريع المغربي لا تتعارض مع الأخذ بأحكام التشريعات التي كرست هذا النظام
لذلك ندعو مشرعنا إلى التنصيص على أحكامه نظرا لأهمية هذا النوع من التعاقد.وذلك بازدياد الحاجة إليه في الحياة العملية لما يفره من مرونة للمتعاقدين في إنشاء الالتزامات التعاقدية من جهة، وما يحققه من استقرار للمعاملات وتحقيق لمبادئ لعدالة من جهة ثانية.
[1] عبد القادر العرعاري."مصادر الالتزامات،الكتاب الأول،نظرية العقد". الطبعة الثانية.سنة 2005. دار الأمان للطباعة والنشر والتوزيع. ص.22
[2] اتجه الفقه بشأن نطاق مبدأ نسبية آثار العقد في مواجهة أطرافه إلى اتجاهين:
- اتجاه أول: وهو اتجاه تقليدي ينظر إلى مبدأ بنسبة آثار العقد في ضوء مرحلة تكوينه فقط ، وبالتالي فإن أطراف العلاقة العقدية هم فقط من شاركوا في تكوينه.
- اتجاه ثاني: وهو اتجاه حديث ، وينظر إلى مبدأ نسبية آثار العقد بمفهوم أكثر شمولا يتناول أطراف العقد بنظرة موضوعية تشمل كل من ساهم في تنفيذ بنوده.
- اتجاه أول: وهو اتجاه تقليدي ينظر إلى مبدأ بنسبة آثار العقد في ضوء مرحلة تكوينه فقط ، وبالتالي فإن أطراف العلاقة العقدية هم فقط من شاركوا في تكوينه.
- اتجاه ثاني: وهو اتجاه حديث ، وينظر إلى مبدأ نسبية آثار العقد بمفهوم أكثر شمولا يتناول أطراف العقد بنظرة موضوعية تشمل كل من ساهم في تنفيذ بنوده.
[3] - عبد الرزاق أحمد السنهوري"الوسيط في شرح القانون المدني،الجزء الأول، مصادر الالتزام"،دون ذكر تاريخ الطبعة و المطبعة، ص 453 .
[4] - حمداتي شبيها ماء العينين."تأثر مصادر الالتزام في القانون الوضعي بالفقه الإسلامي".دار و مكان الطبع غير مذكورين.2007.ص.270
[5]مامو الكزبري."نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغري،الجزء الأول، مصادر الالتزامات".الطبعة الثالثة.1974.مطبعة النجاح الجديدة.الدار البيضاء.ص. 268
[6] - عبد الرزاق أحمد السنهوري. "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد،نظرية الالتزام بوجه عام،مصادر الالتزام"بدون ذكر سنة الطبعة.مطبعة دار إحياء التراث العربي.بيروت لبنان.ص.454
[7] -- يختلف كذلك التعهد عن الغير عن الوعد بالتعاقد الذي لا يلتزم طرفه الثاني بأن يحمل الغير على التعاقد ، وإلا اعتبر مرتكبا لضرر وجب تعويضه وإنما يقتصر دوره على الحصول على وعد لمصلحة الطرف الثالث الذي يبقى في حل من كل التزام.المختار بن أحمد العطار."النظرية العامة للااتزامات في ضوء القانون المغربي".الطبعة الأولى.سنة 2011.مطبعة النجاح الجديدة.الدار البيضاء.ص.108
[8] - مصطفى أحمد الزرقا . "شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة الجزء الأول،المصادر، العقد و الإرادة المنفردة. الطبعة الرابعة. مطبعة دار الحياة، دمشق 1964، بند 312
[9] - محمد الشرقاني " نظرية العقد ، دراسته في قانون الالتزامات والعقود وأحكام القضاء والتشريع المقارن"، الطبعة الأولى-1996، مطبعة دار ليلي للطباعة والنشر ، مراكش،ص. 255
[10] - ينص الفصل 36 من ق.ل.ع على أنه " يجوز الإلتزام عن الغير على شرط إقراره إياه ، وفي هذه الحالة يكون للطرف الآخر أن يطلب قيام هذا الغير بالتصريح بما إذا كان ينوي إقرار الاتفاق . ولا يبقى هذا الطرف ملتزما إذا لم يصدر الاقرار داخل أجل معقول على أن لا يتجاوز هذا الأجل 15 يوما بعد الإعلام بالعقد."
[11] - قاعدة "الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة " تعتبر من القواعد الفقهية الإسلامية التي يتم استثمارها في المجال القانوني
[12] - محمد العلمي."محاضرات في النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام،العقد نموذجا".الطبعة الرابعة 2013.المطبعة ومكان الطبع غير مدكورين.ص.120
[13] - - وعلى رأسهم الفقيه مامون الكزبري و عبد القادر العرعاري
[14] - مامون الكزبري.مرجع سابق.ص.270
[15] - مامون الكزبري.مرجع سابق.ص.270
[16] - عبد القادر العرعاري."مرجع سابق. ص.295
[17] - يرجع إلى المادة 1120 من القانون المدني الفرنسي
[18] - صدر القانون المدني السوري بالمرسوم التشريعي رقم 84 تاريخ 18/5/1949، ودخل حيز النفاذ في 15 حزيران 1949. وهو مستمد من القانون المدني المصري.
[19] - مصطفى أحمد الزرقا . مرجع سابق. البند 311و 312
[20] - - فواز صالح، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام،الجزء الأول المصادر الإرادية، الطبعة والمطبعة ومكان الطبع غير مذكور.ص.91
[21] - - صدرت 15 دجنبر 1906 وهي تشكل المصدر الأساسي لقانون الالتزامات و العقود المغربي، بل إن هذا الأخير يعد نسخة طبق الأصل للمجلة التونسية للالتزامات و العقود مع اختلاف بسيط بينهما .إذ أن هناك بعض النصوص التي توجد بالمجلة التونسية وليس لها ما يقابلها في ق.ل.ع المغربي أو العكس بحيث تم حذف بعض العقود الخاصة النابعة من الأعراف التونسية.ألا أن المشرع المغربي لم يأخذ بنظام التعهد عن الغير على غرار المشرع المدني التونسي.
[22] - المادة 155 من القانون المدني الليبي
[23] - المادة 153 من القانون المدني المصري
[24] - المادة 251 من القانون المدني العراقي
[25] - حمداتي شبيهنا ماء العينين.مرجع سابق.ص.171
[26] - - المقومات هي نفسها الشروط ونحتفظ بهذا الاسم كما ورد عند الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري. ينظر السنهوري.مرجع سابق.ص.454.بند 359
[27] - السنهوري. مرجع سابق.ص.454
[28] - ينظر : عبد الرزاق أحمد السنهوري،م.س.ص 454
[29] - عبد الرزاق أحمد السنهوري،م.س.ص 454
[30] - محمد الشرقاني، م.س.ص 258
[31] - عبد الرزاق أحمد السنهوري،م.س.ص.455
[32] - - جمال خالد أحمد حسن. "النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني البحريني،الجزء الأول، مصادر الالتزام". مراجع الكتاب غير مذكورة .ص.216
[33] - جمال خالد أحمد حسن.مرجع سابق.ص.216
[34] - عبد الرزاق أحمد السنهوري،م.س.ص.557