امام الراي العام الحقوقي والقانوني المغربي والدولي، وأمام قضاة النيابة العامة بالمغرب، وأمام المسؤولين عن قطاع السجون ، وأمام المجلس الوطني لحقوق الانسان وأمام المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الانسان ، تُمارس أخطر عملية تمرد ضد المشروعية وضد سيادة القانون، وأفضح فضيحة على يدي من ولاهم القانون التطبيق العادل والسليم للقانون وهم قضاة النيابة العامة من وكلاء عامين ووكلاء للملك وقضاة تنفيذ العقوبة.
ان الفضيحة بلغت حد ممارسة احتجاز محكومين بالإعدام سقط حق تنفيذ العقوبة في حقهم بالتقادم اي بمرور الفترة الزمنية التي حددها القانون للدولة لتنفيذ أحكامها الجنائية بحبس وسجن محكومين أو اعدام لمحكومين أخرين.
هناك قواعد من النظام العام لا يمكن عدم الامتتال إليها في مجال تنفيذ الاحكام في المجال الجنائي.
لقد حدد القانون حق الدولة تنفيذ الاحكام الجنائية بما فيها احكام الاعدام داخل أجل خمسة عشر سنة بعد ان يصبح الحكم قطعيا ومبرما - المادة 649-- م.ج.- ، لكن اليوم يوجد ضمن المحكومين بالاعدام الموجودين بعدد من السجون من فات الأجل القانوني على تنفيذ الحكم في حقهم وأصبح من المستحيل تنفيذ الحكم ضدهم وأصبحوا اليوم وهم معتقلون في وضعية اعتقال تحكمي واعتقال غير مشروع بعد ما انقضى على اعتقالهم اكثر من 15 سنة.
اليوم المسؤولون الفضائيون على تنفيذ العقوبات الجنائية - قضاة النيابة العامة وقضاة التنفيذ - لا يحركون ساكنا ومن هنا فهم يسكتون على اعتقال تحكمي بسبب عدم رفع الإعتقال عنهم بالرغم من سقوط حق الدولة في تنفيذ الاعدام بالتقادم في حقهم.
اليوم لابد ان تتوقف هذه المذبحة المسطرية التي يتفرج عليها الجميع.
واليوم لابد ان يتحرك كل من يعنيه التطبيق السليم للقانون وتنفيذ السياسة الجنائية وتنفيذ الاحكام.
لابد لوزير العدل، هو قبل كل شيئ يعرف المسطرة حق المعرفة لأنه محام قبل أن يكون وزيرا أن يتحمل مسؤوليته السياسية والقانونية.
ولابد ان تتحرك الحركة الحقوقية دفاعا عن المشروعية والحق في الحرية والحق في احترام الدستور الذي يحرم الاحتجاز والذي يؤكد انه لا يمكن اعتقال اي مواطن إلا طبقا المسطرة المحددة في لقانون.
لابد أن يتحرك المحامون، هم وهيئاتهم ، وهم مشاركون اساسيون في بناء قيم العدالة واحترام المشروعية وأن يرفعوا عنهم الصمت والسكينة والسباة أمام هذه الجريمة المستمرة التي ترتكب ضد من تقادمت عقوباتهم من المحكومين بالاعدام
.
فهل نحن في دولة القانون أم في مغرب الفوضى والتسيب على القانون ؟
هل يسمح مسؤول قضائي مهما كانت مرتبته لنفسه خرق قواعد قانونية ذات الصلة بقواعد النظام العام ؟
هل يمكن لمسؤول قضائي أن يقبل التحكم و يقبل تنفيذ العقاب حسب تقديره الشخصي أم انه مقيد بالتنفيذ حسب القانون وحسب ضوابطه الآمرة ؟
وهل يُسمح لمسؤول بمؤسسة سجينة ما بالمغرب أن يستمر في حبس سجين محكوم بالإعدام وهو يعلم ان تنفيذ العقوبة نفسها لم يعد ممكنا وسقط بالتقادم ؟ أوَ لَيس من واجبه اخبار رؤسائه وإخبار النيابة العامة حتى لا يرتكب بدوره او يشارك في عملية الاعتقال التحكمي؟
التقادم يفرض على كل من يعنيه التنفيذ أن ترفع حالة الإعتقال عن المحكومين بالاعدام ممن تقادمت العقوبة في حقه لأن التقادم المسقط من النظام العام.
فهل تحتاجون لمن يُذكركم، ؟
المحكومون بالإعدام ليسوا رهائن بيد صناع السياسة الجنائية
فلاحق لكم ايها المسؤولون الفضائيون ان تتصرفوا في المحكومين بالاعدام وكأنهم دميات.
لاحق لأي مسؤول عن تنفيذ العقوبات الجنائية ان يغسل خطاه وإغفاله وإهماله بخطا اكبر وهو ممارسة الاعتقال التحكمي بعد انقضاء فترة الإعتقال القانوني وسقوط التنفيذ بالتقادم.
وليس لأحد من المسؤولين القانونيين المكلفين بتنفيذ الاحكام الجنائبة أن يُحول من تلقاء نفسه الاعدام إلى سجن غير محدد المدة أو محدد المدة، وهو يعلم ان الاعدام مر على تنفيذه أمد التقادم وان الاعدام لم يحول لاية عقوبة أخرى محددة قبل سقوط التنفيذ بالتقادم أي داخل الأجل القانوني.
حل قبل بضعة شهور اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام وهو العاشر من شهر أكتوبر والسجون بالمغرب لا زالت تعرف عشرات من للمحكومين بالإعدام ومنهم لعشرات ممن سقطت العقوبة في حقهم ولا زالوا معتقلين تعسفيا والمحاكم وغرفها الجنائية لا زالت تصدر قرارات بالإعدام والحكومة لا زالت متشبعة بالإعدام ومصرة على ان يبقى المغرب من دول القتل تحت ستار القضاء القانون متخلفا في القرن الواحد والعشرين تحت ظل عقوبة الاعدام وتتخيل ان الاعدام رادعا
سيحل اليوم العاشر من أكتوبر المقبل وسيطالب المناهضون كعادتهم بإلغاء عقوبة الاعادام لكن حكومة المغرب لن تجيبهم الا جوابا تقليديا وهو نشبتها بعقوبة الاعدام ودفاعها عنها وسيضاف لهذا الموقف غير المشرف سياسيا وتشريعيا ودستوريا، موقف اخطر وهو استمرارها في اعتقال حتى من لم يعد لها حق قتله واستمرار اعتقاله بشكل مشروعا اي حتى من سقط تنفيذ العقوبة في حقه بسبب التقادم النصوص عليه في القانون والدستور.
النقيب عبد الرحيم الجامعي
الرباط: 11 يناير 2016