أمام ما يقع من الزيادات في المحروقات والرفع في أسعار الماء والكهرباء لتفطية العجز الذي يعرفه هذا القطاع على حساب المستهلك، وضعف تجميد أجور وتعويضات الموظفين والمستخدمين والأجراء، وضعف فرض الشغل، وارتفاع معدل الفقر المدقع وتوسيع الفوارق الاجتماعية، وضعف الحماية الاجتماعية، وتمديد التقاعد للأساتذو دون سابق إنذار واللائحة طويلة، فلا يجب أن نغطي الشمس بالغربال، حيث كل شيئ يبدو واضحا لعامة الشعب.
إت جيوب المستهلكين، أكانوا عمال أو فلاحين أو تجار أو أجراء أو موظفين أو مستخدمين أو عاطلين عن العمل، تزدادا ثقبا بقرارات الحكومة، نتيجة إجهازها على الحقوق والمكتسبات التي تمس غالبية الشعب المغربي.
إذا، فخطة الحكومة في إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد ليست هي النقطة الواحدة التي تشتكي منها الحركة النقابية المغربية، كما يظن بعض الكتاب والمحليلين تحت يافطة "ويل للمصلين"، وسنرجع بالتفصيل للمطالب النقابية الذي يستند عليه الاضراب العام.
يمكن القول أن الحكومة في غيابها للمقاربة التشاركية مع النقابات، سواء تعلق الأمر بإحالة مشروع إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أو تعلق الأمر بتمديد سن التقاعد للأساتذة بموجب صدورها لمرسوم قانون رقم 2.14.596 بتاريخ فاتح شتنبر 2014 بتتميم القانون رقم 012.71 الصادر في 30 دجنبر 1971، وهي النقطة التي أفاضت الكأس وزادت في حدة التوترات الاجتماعية من إحتجاجات قطاعية ووطنية.
وكما سبق الإشارة في مقالي السابق في موضوع ((أي إصلاح لنظام التقاعد في غياب المقاربة التشاركية)) المنشور في جريدتي "الاتحاد الاشتراكي" و"المنعطف" بتاريخ 22 شتنبر 2014 وعبر الجرائد الالكترونية، على أنه نتيجة تغييب مشاركة الحكومة للنقابات في القرارات الضرورية، واتخاذها للقرارات الفردية التي تمس حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة أو التي تجهز على القدرة الشرائية لأوسع الفئات وشرائح المجتمع، وتهلك المستهلك، كانت سبب من الأسباب التي ساهمت في توحيد صف الحركة النقابية التي كانت في أمس الحاجة في توحيد كلمتها.
وقد دفع الأمر بالمركزيات النقابية إلى الإعلان عن خوض إضراب عام يوم 29 أكتوبر 2014، وهذا القرار يرجع بنا الذاكرة إلى الإضراب العام ليوم 20 يونيو 1981 الذي خاضته الطبقة العاملة والذي سرعان ما تحول إلى إنتفاضة شعبية شملت كل الأحياء الشعبية، والدارالبيضاء أنذاك شكلت قمة مظاهر الاحتجاج الشعبي بالمغرب، ويرجع سبب الاضراب العام أنذاك إلى الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، بايعاز من المؤسسات المالية الدولية، والتي قررتها حكومة المعطي بوعبيد.
وأمام تهرب الحكومة من الحوار الاجتماعي الذي وعدت بها النقابات المركزية مباشرة بعد فاتح ماي 2014، فكيف يمكن للنقابات أن تنزع قرارات مهمة من الحكومة؟ من جهة، ثم كذلك كيف يمكن أن تشترط النقابات على الحكومة وضع خطة أو إصلاح وما إلى ذلك؟ من جهة أخرى، والحكومة في تجاهل تام للنقابات المركزية وتخالف وعودها معها. فهل ستصمت الحركة النقابية المغربية إلى حين أن يصبح المستهلك تحت رحمة الحكومة؟ أهذا هو الذكاء الاجتماعي الذي ينادي به البعض، وإلا اعتبره من ضمن الحساسات السياسية.
وإذا رجعنا إلى خطة الحكومة في إصلاح نظام الصندوق المغربي للتقاعد، وبحثنا يمينا ويسارا، نجد المذكرة المشتركة التي تقدمت بها المركزيات النقابية الثلاث الأكثر تمثيلا، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT،
والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT، والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT، حول إصلاح أنظمة التقاعد، وذلك جوابا على مقترحات الحكومة فيما يخص إصلاح نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد التي تقدم بها رئيس الحكومة في اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد وذلك يوم 18 يوينو 2014 والتي تضمنت أربع محاور أساسية وهي :
نفس المقترح تقدم به الاتحاد المغربي للشغلUMT إلى رئيس االمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول إشكالية أنظمة التقاعد بالمغرب بتاريخ 27 غشت 2014، والذي ذهب فيه الاتحاد المغربي للشغل إلى مطالبة أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأعضاء اللجنة المختصة التي تشكلت لهذا الغرض، أن تصدر ضمن توصياتها التنصيص على إرجاع المشروع المقدم من طرف الحكومة إلى طاولة الحوار .
وعلى ما يبدوا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أمام ما عرفه الملف من نقاشات حادة داخل المجلس، دفع بها الأمر إلى التريث وعد الإسراع في اتخاذ القرار الذي ستقترحه على البرلمان، ولكن إلى متى وكيف؟
إن خوض المركزيات النقابية، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT (الجناح الثاني) والاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والمنظمة الديمقراطية للشغلODT والاتحاد الوطني للشغل UNT، للإضراب العام، في الوظيفة العمومية والمؤسسات العموية ذات الطابع الاداري والتجاري والصناعي والفلاحي وشركات القطاع الخاص بكل القطاعات المهنية، لمدة 24ساعة يوم 29 أكتوبر 2014، وتحمل الحركة النقابية الحكومة وحدها تدهور السلم الاجتماعي، واستنكارها لأساليب الحكومة في التهرب من معالجة ملفات مجتمعية، واتخاذها لقرارات أحادية دون استشارة المركزيات النقابية، راجع بالأساس حسب ماجاء في البلاغ المشترك للمركزيات النقابية الثلاث ليوم 14 أكتوبر 2014، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT، إلى ضرب القدرة الشرائية لعموم المأجورين والفئات الشعبية بالزيادات المتتالية في الأسعار،وكذا إستمرار مسلسل انتهاك وخرق الحريات النقابية ودرد المسؤولين النقابيين ومحاكمتهم وتسريح العمال وتشريد عائلتهم، وتجميد الحكومة للحوار الاجتماعي والمفاوضات الاجتماعية، في خرق سافر لالتزامها باستئناف الحوار بعد فاتح ماي 2014 حول مطالب الطبقة العاملة المستعجلة وعلى رأسها، الزيادة عامة في كل من الأجور ومعاشات المتقاعدين، وتطبيق السلم المتحرك، وكذا تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور، ونأمين الخدمات العمومية من قبل الدولة، ثم حماية الحريات النقابية وحماية القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها حق الانتماء النقابي وحق الإضراب، وتطبيق مدونة الشغل، وكذلك الإصلاح الشامل لمنظومة التقاعد، والتراجع عن إصلاح المقياسي الذي يكتفي بنقديم ثالوث الموت للموظفين، غضافة إلى تعميم الحماية الاجتماعية، والسهر على إجبارية التصريح بالمأوجورين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذلك تلبية المطالب القطاعية الفئوية، وإرساء أسس التفاوض الجماعي على مستوى كل القطاعات، ثم وضع حد للعمل المؤقت والعمل الهش والعمل بالمناولة وضمان الاستقرار في العمل بحسب بلاخ 14 أكتوبر 2014.
وفي نداء إلى الطبقة العاملة المغربية الذي أصدرته المركزيات النقابية الثلاث بتاريخ 16 أكتوبر 2016، إضافة إلى ما سبق، تطالب كذلك بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2006، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يجرم العمل النقابي، وسن سياسة اجتماعية لمعالجة ظاهرة التشغيل والبطالة، وخاصة في أوساط حاملي الشهادات العليا، وفي الأخير تلبية الملفات المطلبية للمتقاعدين والاعتناء بأوضاعهم الاجتماعية.
ونفس الشئ ذهب به البلاغ المشترك بين المكتب التنفيذي للأتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والمكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT (الجناح الأول) بتاريخ 14 أكتوبر 2014 بعد اجتماع المنظمتان التي وقفتا على التجاهل الحكومي للمطالب العادلة لعموم المأجورين المغاربة، وتحمل الحكومة مسؤولية تأجيج الوضع الاجتماعي جراء تعنتها في قراراتها اللاشعبية، سواء تعلق الأمر بتعنت الحكومة في فرض منظورها التجزيئي والتراجعي لإصلاح أنظمة التقاعد واستهدافها لمأجوري القطاع العام لتأدية فاتورة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد- حسب ما جاء في البلاغ المشترك، أو تعلق الأمر بتدهور الوضع الاجتماعي لباقي فئات المأجورين في القطاع الخاص والشبه العمومي، المتمثل في تدهور القدرة الشرائية جراء الزيادات المتتالية لأسعار المواد الاستهلاكية والطاقية وإقرار ضرائب جديدة، وتجميد الأجور، وإغلاق كل سبل تحسين الدخل، واستمرار خرق الحقوق والحريات النقابية والتسريح الفردي والجماعي للعمال وإغلاق المؤسسات الإنتاجية، وتجميد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية والتنكر للإلتزامات في خرق سافر اللاتفاقات، وانفراد الحكومة في اتخاذ قرارت خطيرة تستهدف حقوق ومكتسبات الشغيلة، يضيف البلاغ.
إن المنظمتان كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغر والفيدرالية الديمقراطية للشغل(الجناح الأول) تقرران تفعيل قرارات إجتماع 30 شتنبر 2014 بخوض إضراب وطني عام لمدة 24 ساعة يوم 29 أكتوبر 2014، بعد أن سبق أن خاضتا المنظمتان لإضراب وطني يوم 23 شتنبر 2014، وكذا الاتحاد الوطني للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل في قطاع الوظيفة العمومية، والجماعات الترابية والمؤسسات ذات الطابع الاداري، تزامنا من جهة، مع اليوم الأول من اضراب النقابة الوطنية للتعليم التي أضربت عن العمل أيام 23و24و25، ومن جهة ثانية، مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات التابع للإتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي، أمام مقر وزارة الوظيفة العمومية.
وفضلا عن ذلك، دعت المنظمة الديمقراطية للشغلODT كافة مناضليها إلى المشاركة المكثفة في الإضراب العام المزمع خوضه يوم 29 أكتوبر 2014، بعقد تجمعات عامة يوم الاضراب بمقراتها المحلية والجهوية، والإضراب العام حسب البلاغ الذي أصدرته المنظمة يوم 15 أكتوبر 2014، راجع بالأساس إلى فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية المتبعة من طرف الحكومة، حيث لازالت البلاد تعاني من التحديات التي تواجهها منذ سنوات والمتمثلة في التفاوتات والاختلالات الاجتماعية الكبيرة، من ضعف فرص الشغل وارتفاع معدلات الفقر المدقع والبطالة، والشغل غير اللائق، وتنامي الاقتصاد غير المنظم بشكل سريع، وتوسيع الفوارق الاجتماعية...، وراجع كذلك –حسب البلاغ-إلى ما تعانيه الطبقة العاملة من ضعف الأجور والحماية الاجتماعية التي لا تلبي المعايير الدنيا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتأمين الاجتماعي، واستمرار التجاوزات والانتهكات الحسيمة للحقوق والحريات النقابية الأساسية، سواء تعلق الأمر بالأجور أو ساعات العمل أو شروط الصحة والسلامة المهنية، وأخطر في ذلك عدم تسجيل ثلثي العاملات والعمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS .
أما الاتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي، الذي جاء في بيان له ليوم 15 أكتوبر 2014، على أنه يثمن قرار الإضراب العام الوطني ليوم 29 اكتوبر 2014 كإرادة وحدوية لعموم الشغيلة، وفي نفس الوقت يعمل على تعليق الإضراب الوطني في القطاع العمومي والمسيرة الوطنية في تفس اليوم، حيث سبق وأن أعلن عليهما يوم 27 شتنبر 2014.
كما يحث البيان الاتحاد على التعبئة الشاملة في إطار جبهة نقابية واجتماعية موحدة لإنجاح هذه المعركة، حيث يضيف البيان على أن الاتحاد ضد الهجوم على الحريات والمكتسبات والحقوق الشغيلة ومعيشة جماهير الشعبية، وفي نفس الوقت يحذر الاتحاد من المناورات الساعية إلى التراجع عن تطبيق قرار الاضراب العام في وقته المحدد، وعلى أن الاتحاد سيذهب إلى تنفيذ قرار الإضراب في وقته وفي شكله المحدد مهمايكن الأمر.
هذه هي أهم المطالب النقابية التي وقفت عليها المركزيات النقابية التي ستخوض الاضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014، ويبقى التساؤل الوارد في هذا الشأن هل هناك مواقف معارضة للإضراب العام ؟
المواقف الأخرى والمعارضة للإضراب العام
كان من البديهي أن تتحرك الحكومة وتعلن موقفها من الإضراب العام، وتشهر رفضها للإضراب العام الذي دعت إليها المركزيات النقابية التي تحتج على سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية.
لقد أوضحت الحكومة من خلال البيان الذي أصدرته عقب اجتماعها الاسبوعي ليوم 16 أكتوبر 2014 أنه (( على إثر دعوة بعض النقابات إلى إضراب وطني، فإن الحكومة تؤكد على أن الإضراب حق دستوري مكفول، لكن في الوقت نفسه تعبر عن أسفها لهذه الخطوة التي لا تفهم دوافعها وأسبابها، وقد تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي الذي تتميز به بلادنا في محيطها...)) من جهة.
ومن جهة أخرى، إذا كانت أربع مركزيات نقابية الأكثر تمثيلا (كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفيدرالية الديمقراطية للشغلCDT والاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والفيدرالية الديمقراطية لللشغلFDT) من ضمن خمس مركزيات نقابية الأكثر تمثيلا، بالاضافة إلى المنظمة الديمقراطية للشغلODT والاتحاد الوطني للشغلUNT، سيشاركون جميعا في الإضراب العام الذي ستخوضه الشغيلة المغربية يوم 29 أكتوبر 2014 لأسباب سبق الاشارة إليه، فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب UNTM كنقابة أكثر تمثيلا والقريبة من الحزب الحاكم، صرح عبر بلاغ مكتبه الوطني على أنه ليس معنيا بالإضراب الوطني ويطالب الحكومة بالعودة بملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى طاولة الحوار الاجتماعي، ويعلل عدم مشاركته في الاضراب للإعتبارات منعددة من ضمنها أن تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد يؤكد على الطابع الاستعجالي لإصلاح نظام المعاشات المدنية من خلال اصلاحات مقياسية كخطوة أولى في اتجاه الاصلاح الشامل...ثم أن إصلاح نظام المعاشات المدنية والمقترحات الحكومية حوله ما تزال مطروحة على طاولة الاستشارة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي...، وبناء على ذلك فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لإستحضاره لعدد من المعطيات المرتبطة بالوضع الاجتماعي ومسار الحوار الاجتماعي – يضيف البلاغ- يؤكد على مطالبة الحكومة إلى العودة بملف التقاعد خاصة، وبملفات أخرى ذات الصلة بالاصلاحات الهيكلية في الجقل الاجتماعي والقضايا المرتبطة بالملف المطلبي للشغيلة إلى مائدة الحوار الاجتماعي، ودعوة الحكومة إلى مراجعة مقترحها بالشكل الذي يخفف من حدة الاصلاحات المقياسية المقترحة، ومطالبة الحكومة إلى تفعيل مختلف الآليات التي تم الاتفاق عليها من أجل مأسسة الحوار الاجتماعي باعتباره إلتزاما حكوميا سابقا، وإلزام القطاعات الحكومية المختلفة والمؤسسات العمومية على فتح الحوار الجاد والمسؤول، واستكمال تنفيذ مقتضيات تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 وتدارك الاشكالات والمطالب القطاعية العالقة، وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة والفئات التي توجد في السلاليم الدنيا التي لا تتمتع أحيانا حتى بالحد الأدنى القانوني للأجر على ضعفه وهزالته بالنظر إلى التزايد المطرد في تكاليف الحياة اليومية المعاصرة، والتصدي لمختلف مظاهر الاجهاز على الحريات والحقوق النقابية سواء في القطاع الععام والقطاع الخاص ، وكذلك التصدي لمختلف مظاهر الفساد الإداري، ودعوة الحكومة إلى وضع الإجراءات الكفيلة بإدماج الاقتصاد غير المهيكل المضر بالاقتصاد والمنافسة والحقوق الاجتماعية للشغيلة، والتصدي لمحتلف الفساد المستشري في كثير من المؤسسات الاجتماعية وفي مجال العمل التعاضدي.
وفي الأخير يطالب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الحكومة باشراك المركزيات النقابية في مسلسل التشاور السياسي حول الانتخابات المقبلة باعتبارها معنية مباشرة وغير مباشرة بهذا المسلسل والاسراع باخراج قانون النقابات، ودعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي حول الاطار القانوني المنظم لتمثيلية الموظفين في اللجان الادارية الثنائية المتساوية الاعضاء .
هذا هو موقف ومطالب الاتحاد، والذي على إثره يعلن عدم مشاركته في الاضراب العام ويفضل العودة بملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى طاولة الحوار الاجتماعي، لكن متى؟ وما مصير المطالب الاجتماعية الأخرى المعلقة والتي تتقاطع بعضها فيها النقابات المركزية الداعية للإضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014؟
ونختم مقالنا بتساؤولات مشروعة :
أولا: هل ستستمر الحركة النقابية المغربية في توحيد كلمتها ورصد صفوفها، حيث لم يشهد المغرب مثيلا لها منذ الاعلان عن الاستقلال، حتى تستمر بالدفاع بقوة عن حقوق الأجراء والموظفين والمستخدمين والفلاحين والتجار والمعطلين وكل فئات وشريحة المجتمع، والحفاظ على مكاسبهم وحقوقهم المشروعة، وباعتبار الحركة النقابية الشريك الأساسي والضروري للحفاظ على التوازنات الاجتماعية وتأطير الطبقة العاملة.
ثانيا: لماذ تتنصل الحكومة من تحمل مسؤوليتها السياسية والاجتماعية الملقاة على عاتقها؟ وذلك بالجلوس إلى طاولة الحوار مع المركزيات النقابية في دورة أكتوبر قبل التحضير لقانون المالية بناء على المحضر الموقع بين الأطراف، كما سبق كذلك أن تم الاتفاق على استئناف الحوار الاجتماعي بعد العاشر من ماي 2014.
والحوار فضيلة، وذلك حتى يتسنى للحكومة الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى التوازنات والعلاقات المهنية، عوض مساهمتها في الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه الساحة الاجتماعية المغربية من جراء قراراتها.
ثالثا: هل ستتراجع المركزيات النقابية جميعها عن إضرابها العام –كحركة نقابية مغربية موحدة- إذا ما استجابت الحكومة إلى مطالبها المستعجلة والجلوس الجدي إلى طاولة الحوار الاجتماعي؟ بعد أن حملت الحركة النقابية المغربية الحكومة وحدها مسؤولية ما آل إليه الوضع الاجتماعي من تدهور قد يهدد التماسك المجتمعي، أم هو إختبار لكلا الطرفين للإستحقاقات المقبلة؟ هذا ما ستعرفه لنا الأيام المقبلة.
الرباط في 21 أكتوبر2014
إت جيوب المستهلكين، أكانوا عمال أو فلاحين أو تجار أو أجراء أو موظفين أو مستخدمين أو عاطلين عن العمل، تزدادا ثقبا بقرارات الحكومة، نتيجة إجهازها على الحقوق والمكتسبات التي تمس غالبية الشعب المغربي.
إذا، فخطة الحكومة في إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد ليست هي النقطة الواحدة التي تشتكي منها الحركة النقابية المغربية، كما يظن بعض الكتاب والمحليلين تحت يافطة "ويل للمصلين"، وسنرجع بالتفصيل للمطالب النقابية الذي يستند عليه الاضراب العام.
يمكن القول أن الحكومة في غيابها للمقاربة التشاركية مع النقابات، سواء تعلق الأمر بإحالة مشروع إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أو تعلق الأمر بتمديد سن التقاعد للأساتذة بموجب صدورها لمرسوم قانون رقم 2.14.596 بتاريخ فاتح شتنبر 2014 بتتميم القانون رقم 012.71 الصادر في 30 دجنبر 1971، وهي النقطة التي أفاضت الكأس وزادت في حدة التوترات الاجتماعية من إحتجاجات قطاعية ووطنية.
وكما سبق الإشارة في مقالي السابق في موضوع ((أي إصلاح لنظام التقاعد في غياب المقاربة التشاركية)) المنشور في جريدتي "الاتحاد الاشتراكي" و"المنعطف" بتاريخ 22 شتنبر 2014 وعبر الجرائد الالكترونية، على أنه نتيجة تغييب مشاركة الحكومة للنقابات في القرارات الضرورية، واتخاذها للقرارات الفردية التي تمس حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة أو التي تجهز على القدرة الشرائية لأوسع الفئات وشرائح المجتمع، وتهلك المستهلك، كانت سبب من الأسباب التي ساهمت في توحيد صف الحركة النقابية التي كانت في أمس الحاجة في توحيد كلمتها.
وقد دفع الأمر بالمركزيات النقابية إلى الإعلان عن خوض إضراب عام يوم 29 أكتوبر 2014، وهذا القرار يرجع بنا الذاكرة إلى الإضراب العام ليوم 20 يونيو 1981 الذي خاضته الطبقة العاملة والذي سرعان ما تحول إلى إنتفاضة شعبية شملت كل الأحياء الشعبية، والدارالبيضاء أنذاك شكلت قمة مظاهر الاحتجاج الشعبي بالمغرب، ويرجع سبب الاضراب العام أنذاك إلى الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، بايعاز من المؤسسات المالية الدولية، والتي قررتها حكومة المعطي بوعبيد.
وأمام تهرب الحكومة من الحوار الاجتماعي الذي وعدت بها النقابات المركزية مباشرة بعد فاتح ماي 2014، فكيف يمكن للنقابات أن تنزع قرارات مهمة من الحكومة؟ من جهة، ثم كذلك كيف يمكن أن تشترط النقابات على الحكومة وضع خطة أو إصلاح وما إلى ذلك؟ من جهة أخرى، والحكومة في تجاهل تام للنقابات المركزية وتخالف وعودها معها. فهل ستصمت الحركة النقابية المغربية إلى حين أن يصبح المستهلك تحت رحمة الحكومة؟ أهذا هو الذكاء الاجتماعي الذي ينادي به البعض، وإلا اعتبره من ضمن الحساسات السياسية.
وإذا رجعنا إلى خطة الحكومة في إصلاح نظام الصندوق المغربي للتقاعد، وبحثنا يمينا ويسارا، نجد المذكرة المشتركة التي تقدمت بها المركزيات النقابية الثلاث الأكثر تمثيلا، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT،
والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT، والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT، حول إصلاح أنظمة التقاعد، وذلك جوابا على مقترحات الحكومة فيما يخص إصلاح نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد التي تقدم بها رئيس الحكومة في اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد وذلك يوم 18 يوينو 2014 والتي تضمنت أربع محاور أساسية وهي :
- ضعف نسبة التغطية الاجتماعية وعدم انسجام أنظمة التقاعد؛
- ضرورة إصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد؛
- الاصلاحات المقاييسية جزء لا يتجزأ من الإصلاح الشمولي؛
- الإجراءات المرافقة.
وعلى ما يبدوا أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أمام ما عرفه الملف من نقاشات حادة داخل المجلس، دفع بها الأمر إلى التريث وعد الإسراع في اتخاذ القرار الذي ستقترحه على البرلمان، ولكن إلى متى وكيف؟
إن خوض المركزيات النقابية، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT (الجناح الثاني) والاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والمنظمة الديمقراطية للشغلODT والاتحاد الوطني للشغل UNT، للإضراب العام، في الوظيفة العمومية والمؤسسات العموية ذات الطابع الاداري والتجاري والصناعي والفلاحي وشركات القطاع الخاص بكل القطاعات المهنية، لمدة 24ساعة يوم 29 أكتوبر 2014، وتحمل الحركة النقابية الحكومة وحدها تدهور السلم الاجتماعي، واستنكارها لأساليب الحكومة في التهرب من معالجة ملفات مجتمعية، واتخاذها لقرارات أحادية دون استشارة المركزيات النقابية، راجع بالأساس حسب ماجاء في البلاغ المشترك للمركزيات النقابية الثلاث ليوم 14 أكتوبر 2014، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT، إلى ضرب القدرة الشرائية لعموم المأجورين والفئات الشعبية بالزيادات المتتالية في الأسعار،وكذا إستمرار مسلسل انتهاك وخرق الحريات النقابية ودرد المسؤولين النقابيين ومحاكمتهم وتسريح العمال وتشريد عائلتهم، وتجميد الحكومة للحوار الاجتماعي والمفاوضات الاجتماعية، في خرق سافر لالتزامها باستئناف الحوار بعد فاتح ماي 2014 حول مطالب الطبقة العاملة المستعجلة وعلى رأسها، الزيادة عامة في كل من الأجور ومعاشات المتقاعدين، وتطبيق السلم المتحرك، وكذا تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور، ونأمين الخدمات العمومية من قبل الدولة، ثم حماية الحريات النقابية وحماية القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها حق الانتماء النقابي وحق الإضراب، وتطبيق مدونة الشغل، وكذلك الإصلاح الشامل لمنظومة التقاعد، والتراجع عن إصلاح المقياسي الذي يكتفي بنقديم ثالوث الموت للموظفين، غضافة إلى تعميم الحماية الاجتماعية، والسهر على إجبارية التصريح بالمأوجورين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذلك تلبية المطالب القطاعية الفئوية، وإرساء أسس التفاوض الجماعي على مستوى كل القطاعات، ثم وضع حد للعمل المؤقت والعمل الهش والعمل بالمناولة وضمان الاستقرار في العمل بحسب بلاخ 14 أكتوبر 2014.
وفي نداء إلى الطبقة العاملة المغربية الذي أصدرته المركزيات النقابية الثلاث بتاريخ 16 أكتوبر 2016، إضافة إلى ما سبق، تطالب كذلك بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2006، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يجرم العمل النقابي، وسن سياسة اجتماعية لمعالجة ظاهرة التشغيل والبطالة، وخاصة في أوساط حاملي الشهادات العليا، وفي الأخير تلبية الملفات المطلبية للمتقاعدين والاعتناء بأوضاعهم الاجتماعية.
ونفس الشئ ذهب به البلاغ المشترك بين المكتب التنفيذي للأتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والمكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT (الجناح الأول) بتاريخ 14 أكتوبر 2014 بعد اجتماع المنظمتان التي وقفتا على التجاهل الحكومي للمطالب العادلة لعموم المأجورين المغاربة، وتحمل الحكومة مسؤولية تأجيج الوضع الاجتماعي جراء تعنتها في قراراتها اللاشعبية، سواء تعلق الأمر بتعنت الحكومة في فرض منظورها التجزيئي والتراجعي لإصلاح أنظمة التقاعد واستهدافها لمأجوري القطاع العام لتأدية فاتورة أزمة الصندوق المغربي للتقاعد- حسب ما جاء في البلاغ المشترك، أو تعلق الأمر بتدهور الوضع الاجتماعي لباقي فئات المأجورين في القطاع الخاص والشبه العمومي، المتمثل في تدهور القدرة الشرائية جراء الزيادات المتتالية لأسعار المواد الاستهلاكية والطاقية وإقرار ضرائب جديدة، وتجميد الأجور، وإغلاق كل سبل تحسين الدخل، واستمرار خرق الحقوق والحريات النقابية والتسريح الفردي والجماعي للعمال وإغلاق المؤسسات الإنتاجية، وتجميد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية والتنكر للإلتزامات في خرق سافر اللاتفاقات، وانفراد الحكومة في اتخاذ قرارت خطيرة تستهدف حقوق ومكتسبات الشغيلة، يضيف البلاغ.
إن المنظمتان كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغر والفيدرالية الديمقراطية للشغل(الجناح الأول) تقرران تفعيل قرارات إجتماع 30 شتنبر 2014 بخوض إضراب وطني عام لمدة 24 ساعة يوم 29 أكتوبر 2014، بعد أن سبق أن خاضتا المنظمتان لإضراب وطني يوم 23 شتنبر 2014، وكذا الاتحاد الوطني للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل في قطاع الوظيفة العمومية، والجماعات الترابية والمؤسسات ذات الطابع الاداري، تزامنا من جهة، مع اليوم الأول من اضراب النقابة الوطنية للتعليم التي أضربت عن العمل أيام 23و24و25، ومن جهة ثانية، مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الاتحاد النقابي للموظفين والموظفات التابع للإتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي، أمام مقر وزارة الوظيفة العمومية.
وفضلا عن ذلك، دعت المنظمة الديمقراطية للشغلODT كافة مناضليها إلى المشاركة المكثفة في الإضراب العام المزمع خوضه يوم 29 أكتوبر 2014، بعقد تجمعات عامة يوم الاضراب بمقراتها المحلية والجهوية، والإضراب العام حسب البلاغ الذي أصدرته المنظمة يوم 15 أكتوبر 2014، راجع بالأساس إلى فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية المتبعة من طرف الحكومة، حيث لازالت البلاد تعاني من التحديات التي تواجهها منذ سنوات والمتمثلة في التفاوتات والاختلالات الاجتماعية الكبيرة، من ضعف فرص الشغل وارتفاع معدلات الفقر المدقع والبطالة، والشغل غير اللائق، وتنامي الاقتصاد غير المنظم بشكل سريع، وتوسيع الفوارق الاجتماعية...، وراجع كذلك –حسب البلاغ-إلى ما تعانيه الطبقة العاملة من ضعف الأجور والحماية الاجتماعية التي لا تلبي المعايير الدنيا للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتأمين الاجتماعي، واستمرار التجاوزات والانتهكات الحسيمة للحقوق والحريات النقابية الأساسية، سواء تعلق الأمر بالأجور أو ساعات العمل أو شروط الصحة والسلامة المهنية، وأخطر في ذلك عدم تسجيل ثلثي العاملات والعمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS .
أما الاتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي، الذي جاء في بيان له ليوم 15 أكتوبر 2014، على أنه يثمن قرار الإضراب العام الوطني ليوم 29 اكتوبر 2014 كإرادة وحدوية لعموم الشغيلة، وفي نفس الوقت يعمل على تعليق الإضراب الوطني في القطاع العمومي والمسيرة الوطنية في تفس اليوم، حيث سبق وأن أعلن عليهما يوم 27 شتنبر 2014.
كما يحث البيان الاتحاد على التعبئة الشاملة في إطار جبهة نقابية واجتماعية موحدة لإنجاح هذه المعركة، حيث يضيف البيان على أن الاتحاد ضد الهجوم على الحريات والمكتسبات والحقوق الشغيلة ومعيشة جماهير الشعبية، وفي نفس الوقت يحذر الاتحاد من المناورات الساعية إلى التراجع عن تطبيق قرار الاضراب العام في وقته المحدد، وعلى أن الاتحاد سيذهب إلى تنفيذ قرار الإضراب في وقته وفي شكله المحدد مهمايكن الأمر.
هذه هي أهم المطالب النقابية التي وقفت عليها المركزيات النقابية التي ستخوض الاضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014، ويبقى التساؤل الوارد في هذا الشأن هل هناك مواقف معارضة للإضراب العام ؟
المواقف الأخرى والمعارضة للإضراب العام
كان من البديهي أن تتحرك الحكومة وتعلن موقفها من الإضراب العام، وتشهر رفضها للإضراب العام الذي دعت إليها المركزيات النقابية التي تحتج على سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية.
لقد أوضحت الحكومة من خلال البيان الذي أصدرته عقب اجتماعها الاسبوعي ليوم 16 أكتوبر 2014 أنه (( على إثر دعوة بعض النقابات إلى إضراب وطني، فإن الحكومة تؤكد على أن الإضراب حق دستوري مكفول، لكن في الوقت نفسه تعبر عن أسفها لهذه الخطوة التي لا تفهم دوافعها وأسبابها، وقد تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي الذي تتميز به بلادنا في محيطها...)) من جهة.
ومن جهة أخرى، إذا كانت أربع مركزيات نقابية الأكثر تمثيلا (كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفيدرالية الديمقراطية للشغلCDT والاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والفيدرالية الديمقراطية لللشغلFDT) من ضمن خمس مركزيات نقابية الأكثر تمثيلا، بالاضافة إلى المنظمة الديمقراطية للشغلODT والاتحاد الوطني للشغلUNT، سيشاركون جميعا في الإضراب العام الذي ستخوضه الشغيلة المغربية يوم 29 أكتوبر 2014 لأسباب سبق الاشارة إليه، فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب UNTM كنقابة أكثر تمثيلا والقريبة من الحزب الحاكم، صرح عبر بلاغ مكتبه الوطني على أنه ليس معنيا بالإضراب الوطني ويطالب الحكومة بالعودة بملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى طاولة الحوار الاجتماعي، ويعلل عدم مشاركته في الاضراب للإعتبارات منعددة من ضمنها أن تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد يؤكد على الطابع الاستعجالي لإصلاح نظام المعاشات المدنية من خلال اصلاحات مقياسية كخطوة أولى في اتجاه الاصلاح الشامل...ثم أن إصلاح نظام المعاشات المدنية والمقترحات الحكومية حوله ما تزال مطروحة على طاولة الاستشارة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي...، وبناء على ذلك فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لإستحضاره لعدد من المعطيات المرتبطة بالوضع الاجتماعي ومسار الحوار الاجتماعي – يضيف البلاغ- يؤكد على مطالبة الحكومة إلى العودة بملف التقاعد خاصة، وبملفات أخرى ذات الصلة بالاصلاحات الهيكلية في الجقل الاجتماعي والقضايا المرتبطة بالملف المطلبي للشغيلة إلى مائدة الحوار الاجتماعي، ودعوة الحكومة إلى مراجعة مقترحها بالشكل الذي يخفف من حدة الاصلاحات المقياسية المقترحة، ومطالبة الحكومة إلى تفعيل مختلف الآليات التي تم الاتفاق عليها من أجل مأسسة الحوار الاجتماعي باعتباره إلتزاما حكوميا سابقا، وإلزام القطاعات الحكومية المختلفة والمؤسسات العمومية على فتح الحوار الجاد والمسؤول، واستكمال تنفيذ مقتضيات تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 وتدارك الاشكالات والمطالب القطاعية العالقة، وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة والفئات التي توجد في السلاليم الدنيا التي لا تتمتع أحيانا حتى بالحد الأدنى القانوني للأجر على ضعفه وهزالته بالنظر إلى التزايد المطرد في تكاليف الحياة اليومية المعاصرة، والتصدي لمختلف مظاهر الاجهاز على الحريات والحقوق النقابية سواء في القطاع الععام والقطاع الخاص ، وكذلك التصدي لمختلف مظاهر الفساد الإداري، ودعوة الحكومة إلى وضع الإجراءات الكفيلة بإدماج الاقتصاد غير المهيكل المضر بالاقتصاد والمنافسة والحقوق الاجتماعية للشغيلة، والتصدي لمحتلف الفساد المستشري في كثير من المؤسسات الاجتماعية وفي مجال العمل التعاضدي.
وفي الأخير يطالب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الحكومة باشراك المركزيات النقابية في مسلسل التشاور السياسي حول الانتخابات المقبلة باعتبارها معنية مباشرة وغير مباشرة بهذا المسلسل والاسراع باخراج قانون النقابات، ودعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي حول الاطار القانوني المنظم لتمثيلية الموظفين في اللجان الادارية الثنائية المتساوية الاعضاء .
هذا هو موقف ومطالب الاتحاد، والذي على إثره يعلن عدم مشاركته في الاضراب العام ويفضل العودة بملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى طاولة الحوار الاجتماعي، لكن متى؟ وما مصير المطالب الاجتماعية الأخرى المعلقة والتي تتقاطع بعضها فيها النقابات المركزية الداعية للإضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014؟
ونختم مقالنا بتساؤولات مشروعة :
أولا: هل ستستمر الحركة النقابية المغربية في توحيد كلمتها ورصد صفوفها، حيث لم يشهد المغرب مثيلا لها منذ الاعلان عن الاستقلال، حتى تستمر بالدفاع بقوة عن حقوق الأجراء والموظفين والمستخدمين والفلاحين والتجار والمعطلين وكل فئات وشريحة المجتمع، والحفاظ على مكاسبهم وحقوقهم المشروعة، وباعتبار الحركة النقابية الشريك الأساسي والضروري للحفاظ على التوازنات الاجتماعية وتأطير الطبقة العاملة.
ثانيا: لماذ تتنصل الحكومة من تحمل مسؤوليتها السياسية والاجتماعية الملقاة على عاتقها؟ وذلك بالجلوس إلى طاولة الحوار مع المركزيات النقابية في دورة أكتوبر قبل التحضير لقانون المالية بناء على المحضر الموقع بين الأطراف، كما سبق كذلك أن تم الاتفاق على استئناف الحوار الاجتماعي بعد العاشر من ماي 2014.
والحوار فضيلة، وذلك حتى يتسنى للحكومة الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى التوازنات والعلاقات المهنية، عوض مساهمتها في الاحتقان الاجتماعي الذي تعيشه الساحة الاجتماعية المغربية من جراء قراراتها.
ثالثا: هل ستتراجع المركزيات النقابية جميعها عن إضرابها العام –كحركة نقابية مغربية موحدة- إذا ما استجابت الحكومة إلى مطالبها المستعجلة والجلوس الجدي إلى طاولة الحوار الاجتماعي؟ بعد أن حملت الحركة النقابية المغربية الحكومة وحدها مسؤولية ما آل إليه الوضع الاجتماعي من تدهور قد يهدد التماسك المجتمعي، أم هو إختبار لكلا الطرفين للإستحقاقات المقبلة؟ هذا ما ستعرفه لنا الأيام المقبلة.
الرباط في 21 أكتوبر2014