MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الضريبة الخصوصية على السيارات .. الزيادة غير المشروعة

     

من إعداد منير فوناني
محام بهيئة المحامين بالرباط



الضريبة الخصوصية على السيارات .. الزيادة غير المشروعة

ككل سنة يكثر الحديث في هاته الفترة عن الضريبة السنوية الخاصة بالسيارات، إذ يتوجه المواطنون مالكي السيارات إلى المصالح الادارية المكلفة باستخلاص، هذا النوع من الضرائب، في إطار تحمل التكاليف العمومية التي يتكفل القانون وحده بإحداثها وتوزيعها.
(الفصل 39 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011)

لكن هاته السنة، جاءت بالجديد فإدارة الضرائب لم تعد مكلفة باستخلاص الضريبة على السيارات، و إنما أصبح أداؤها يتم لدى هيآت أخرى تقوم بذلك لفائدة المحاسب العمومي المختص، بدعوى أنها خطوة من أجل تقريب الإدارة من المواطنين، و أن، هاته العملية، ستخفف عن الخاضعين لهذه الضريبة مصاريف التنقل و الوقت و الجهد؟؟؟

وتختلف تكاليف الخدمة الجديدة بحسب قناة الاداء المستعملة، فحسب بلاغ مديرية الضرائب فإن الاداء عبر الشبابيك الأوتوماتيكية للأبناك و أيضا عبر الخدمات الهاتفية للمؤسسات البنكية سيكلف مبلغ 5,5 دراهم، أما الاداء عبر الانترنيت فتصل كلفته إلى 12درهما، لتصل تكلفة هاته الخدمة إلى 23 درهم إذا ما تم الاداء نقدا في إحدى الوكالات البنكية.

و من أجل التأصيل لهاته العملية لابد من الرجوع إلى الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 21 ديسمبر 2015 تحت عدد:6423، و التي نشر فيها كل من:

-  القانون المالي للسنة المالية 2016
- المرسوم المتعلق بالضريبة الخاصة بالسيارات
- قرار وزير الاقتصاد و المالية بتحديد الكيفيات التي يتم بموجبها أداء الضريبة

الخصوصية السنوية على السيارات لفائدة المحاسب العمومي المختص.
 بالاطلاع على قانون المالية للسنة المالية 2016 و هو الظهير الشريف رقم 150. 15. 1صادر في ربيع الأول 1437 (19 ديسمبر 2015) بتنفيذ قانون المالية رقم 15. 70 للسنة المالية 2016. نجده تضمن المادة 179 الفقرة الثالثة (III) التي جاءت تحت عنوان:"تحصيل الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات" ، و التي جاء فيها على أنه:

" يتم أداء الضريبة لدى القابض إدارة الضرائب أو المحاسب العمومي المأذون له بصفة قانونية من لدن إدارة الضرائب.كما يمكن أداؤها لدى هيآت أخرى لحساب المحاسب العمومي المختص، لا سيما البنوك و وكالات التأمين على السيارات و وكالات بريد المغرب و غيرها، وفق الكيفيات التي يحدها نص تنظيمي".

ومن خلال القراءة المتأنية لهذا المقتضى يتضح لنا أن قانون المالية حافظ على الازدواجية في الاداء، و ترك للمواطن الحق في الاختيار في الاداء بين يدي المحاسب العمومي المختص، وهنا سيؤدي فقط المبلغ القانوني المحدد، أو الاداء بين يدي الهيئات المكلفة بذلك، و حينها سيتحمل المواطن تكلفة الخدمة المقدمة له، إن هو اختار هاته الطريقة من الأداء.

لكن بعد الاطلاع على المرسوم رقم 789. 15. 2 الصادر في 9 ربيع الاول 1437 (21 ديسمبر 2015) بتطبيق المادة 179-III من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بتحصيل الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات، و الذي نص في مادته الاولى على ما يلي:

"تحدد تطبيقا لأحكام المادة 179- III من المدونة العامة للضرائب كيفيات أداء الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات، لفائدة المحاسب العمومي المختص، لدى هيئات أخرى لا سيما الابناك و وكالات التأمين على السيارات و وكالات بريد المغرب، بقرار للوزير المكلف بالمالية"

لتضيف المادة الثانية على أنه: " يسند لوزير الاقتصاد و المالية تنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر بالجريدة الرسمية و يدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2016"

ليأتي في الصفحات الموالية من نفس الجريدة الرسيمة، قرار لوزير الاقتصاد و المالية رقم 15. 4001 صادر 9 ربيع الأول 1437 (21 ديسمبر 2015) بتحديد الكيفيات التي يتم بموجبها أداء الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات لفائدة المحاسب العمومي المختص، و الذي اعتبر أن أداء الضريبة المذكورة تتم لفائدة المحاسب العمومي المختص لدى هيئات أبرمت اتفاقية مع المديرية العامة للضرائب في هذا الشأن، و يتم أداؤها بناء على البيانات التعريفية الواردة في البطاقة الرمادية للعربة. (المادة الاولى من قرار وزير الاقتصاد و المالية)

و يتم أداء الضريبة نقدا أو بواسطة شيك أو بواسطة خصم من الحساب المفتوح لدى الابناك أو بواسطة الشبابيك المصرفية الالية، وكذا بكل وسائل الاداء حسب مدلول المادة 6 من القانون رقم 12. 103 المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها، ليسلم عند الاداء مخالصة أو وصل بذلك. (المادة الثانية من القرار الوزيري)

و كملاحظة على هاته العملية، هو أن كل من المرسوم و القرار الصادر عن وزير المالية و الاقتصاد جاءا في خلاف تام مع مقتضيات القانون المالي لسنة 2016، إذ تم حذف مسألة الاختيار و تم الاحتفاظ فقط بالأداء عن طريق الهيئات التي تم التعاقد معها، دون الاشارة إلى المحاسب العمومي المختص،  و بالتالي أصبح من غير الممكن أداء الضريبة الخاصة على السيارات بين يديه، مما يعد مخالفة تامة للقانون المالي المذكور و ما جاء في مادته 179 في فقرتها III، الذي تحدثت بصراحة عن مسألة الاختيار في الاداء.

و كنتيجة لذلك سيضطر المواطن المغربي إلى الاداء بين يدي الهيئات المعتمدة و المتعاقدة مع المديرية العامة للضرائب، وما سيتبعه من تحمله للمصاريف المضافة أو المستحقة عن تقديم هاته الهيئات لهاته الخدمة.

الامر كان يمكن قبوله، لو تم الابقاء على مسألة الاختيار للمواطن، الذي يتحمل مسؤولية اختياره، أما أن تجبره الدولة على عدم الاداء بين يدي موظفيها، و تحمله تبعات ذلك من مصاريف تقديم الخدمة فهو أمر غير مقبول وغير منطقي، خاصة و أن الدولة قد وفرت صائر طبع الملصق الخاص بالضريبة و كذا توصيل الاداء، وبالتالي كان من المفروض أن يشمل مبلغ الضريبة كذلك مصاريف الخدمة.
أضع بين يديكم هاته القراءة البسيط التي فيها دعوة للتفكير، و لما لا تحريك مساطر قضائية ضد الحكومة للمطالبة بالتعويض عن تعاملها مع المواطن المغربي باستخفاف لذكائه و دون مراعاة لحقوقه.



الجمعة 8 يناير 2016
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter