MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




العلاقة بين التحكيم و مهنة المحاماة بقلم الدكتور مصطفى بونجة

     

الدكتور مصطفى بونجة
محامي بهيئة طنجة
مدير المجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي



العلاقة بين  التحكيم و مهنة المحاماة بقلم الدكتور مصطفى بونجة
من الملاحظ عزوف المحامي  المغربي عن سبر أغوار التحكيم و عدم اهتمامه بهذا الطريق للتقاضي ،  بالرغم من  أهمية التحكيم خاصة و الوسائل البديلة لحل المنازعات بصفة عامة من جهة  ، و من جهة  ثانية بالنظر إلى آثار عدم اهتمام المحامي بمساطر التحكيم والياته  على مسؤوليته المهنية .

 و لعل مرد ذلك بالأساس يتمثل في ضبابية فهم المحامي لعلاقته المهنية مع  التحكيم من جهة  ، ومن جهة ثانية الانطلاق من القناعة المترسخة في كون التحكيم هو عدالة الأغنياء و الملفات الكبرى و الحال أن جل مكاتب المحامين تكدح في صراعها مع الملفات و القضايا الصغرى .

غير أنه فبسبب هده القناعة الخاطئة تأخر اهتمام المحامي بالتحكيم في فرنسا ، فعلى خلاف المحاماة  بالدول الانجلوساكسونية ، لم يثر النقاش الفقهي و المهني حول علاقة المحامي بالتحكيم بفرنسا  ، إلا بعد أن اشتدت المنافسة من طرف  مكاتب المحاماة  الانجلوساكسونية  للمحامين الفرنسيين في عقر دارهم مما اضطرت معه هيئة المحامين بباريس سنة 2008  إلى طلب عضوية ملاحظ لدى لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية و تبعثها عدة خطوات مهمة تمثلت في إعداد هيئة المحامين لباريس دليلا عمليا يقرب المحامي من قضاء التحكيم ومساطره .

وبغض النظر عن ما يشكله التحكيم من مجال واعد للمحاماة بالمغرب ، فجهل المحامي بالتحكيم وتقنياته يمكن أن يكون سببا في إثارة مسؤوليته المهنية و تعريضه للمسائلة و هذا ما سنتطرق له عبر النقط التالية :


أولا : التحكيم قضاء بدايته اتفاق ونهايته حكم ملزم
 
نص الفصل 306 من القانون رقم 08-05 بأنه "يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم".

 و كما عرفته محكمة النقض المصرية فالتحكيم  "طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طريق التقاضي العادية، و لئن كان في الأصل وليد إرادة الخصوم إلا أن أحكام المحكمين شأن أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها و تبقى هذه الحجية طالما بقي الحكم قائما و لم يقض ببطلانه.

فالأطراف عندما يتفقون على التحكيم لا يعهدون للمحكم بمحاولة الوساطة أو التوفيق مع بقاء الحق في طرح النزاع على القضاء إذا باءت هذه المحاولة بالفشل، بل أن الأمر يتعلق بالانخراط الطوعي في مسطرة تنازعية و مرتبة لجميع أثارها الملزمة .

ثانيا : فروض تدخل المحامي في التحكيم

لتوضيح العلاقة الملتبسة للمحامي مع التحكيم ، فانه يجب طرح فرض المحامي محكما اولا ثم المحامي ممثلا للأطراف أمام الهيئة التحكيمية ثانيا ثم أخيرا ارتباط الدعوى المعروضة أمام القضاء بدعوى تحكيمية ثالثا .
 
  • المحامي محكما :
 نصت الفقرة الثالثة من  المادة 9 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أن مهنة المحاماة لا تتنافى مع القيام بمهام التحكيم والوساطة بانتداب من القضاء، أو بطلب من الأطراف.
 فانطلاقا من المادة المذكورة أعلاه ، فانه  أذا كان من حق المحامي  القيام قانونا  بمهمة المحكم ،  فانه الوجه المقابل لهذا الحق هو امكانية اثارة مسؤولية المحامي بصفته محكما متى تبث تقصيره في الإلمام والتمكن من إجراءات التحكيم و قواعده .
  • تمثيل المحامي للأطراف  أمام الهيئة التحكيمية :
انطلاقا من المادة 30 من قانون مهنة المحاماة  و التي حددت المهام المنوطة بالمحامي ، فان حضور المحامي أمام الهيئة التحكيمية لتمثيل الأطراف يستوجب تمكن المحامي من جميع إجراءات المحاكمة التحكيمية أمام المحكم و ضبطه لشكليات و أجال الطعون تحت طائلة إثارة مسؤوليته كمهني  ، و الحال أنه وانطلاقا من رصد لعدة حالات فان المحامي و أثناء حضوره أمام الهيئة التحكيمية لا يعي خطورة دوره و يعتبر و كأنه حاضر بشكل ودي أمام زميل أو خبير .

3- ارتباط الدعوى المعروضة أمام القضاء بدعوى تحكيمية :

أمام تعاظم تضمين العقود لشرط التحكيم ، ولو تعلق الأمر بعقود بسيطة كعقود الشغل مثلا و التي أصبح الملاحظ قيام  المشغلين بإعداد عقود عمل متضمنة لشرط التحكيم كقاعدة ، فان الطرف الضعيف في العقد و نظرا لجهله باثار شرط التحكيم يتقدم بدعواه امام القضاء ليواجه  بمقتضيات الفصل  327من ق م م و الذي ينص على أنه "عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية عملا باتفاق تحكيم، على نظر إحدى المحاكم، وجب على هذه الأخيرة إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم.

إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية، وجب كذلك على المحكمة بطلب من المدعى عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان اتفاق التحكيم واضحا"، الشيء الذي يفرض على المحامي التمكن من شروط صحة اتفاق التحكيم  الشكلية و الموضوعية و شكليات إثارة الدفوع .
 



الثلاثاء 22 سبتمبر 2015
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter