مـقــدمة
إذا كانت الإدارة في إطار ممارسة سلطاتها العامة في التعديل أو إنهاء للعقد الإداري تتمتع بسلطة تقديرية إلا أنها تستعمل هاته السلطة تحت رقابة القضاء الإداري، الذي يعمل على تسليط رقابته القضائية على جميع القرارات المتخذة من طرف الإدارة سواء في المرحلة التمهيدية، أو أثناء تنفيذ العقد، كما سلط رقابته القضائية على الإجراءات المسطرية المتطلبة في إنهاء العقد والأسباب التي قام عليها إنهائه، وذلك لتوفير من جهة الحماية اللازمة للمتعاقد مع الإدارة من كل شطط أو تعسف، وحماية حقوق وأموال المتعاقدين مع الإدارة عن طريق إعادة التوازن المالي للعقد الإداري.
وبالموازاة مع ذلك عرف النظام القانوني لعدة دول نظام التحكيم منذ زمن بعيد، إلا أن أهمية التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بديلا عن القضاء، لم تظهر أهميتها وخاصة في نطاق المنازعات الإدارية إلا في السنوات الأخيرة، باعتباره وسيلة أساسية لحل المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها، فنظرا لزيادة اهتمام الدولة بمجال التنمية الاقتصادية وإبرامها الكثير من العقود مع الأشخاص الطبيعية أو المعنوية الخاصة، وما قد ينشأ عن هذه العقود من منازعات أصبح التحكيم الإداري هو الوسيلة لدى الشركات الكبرى العالمية.
يهدف الموضوع إلى دراسة التحكيم في منازعات العقد الإداري في رحاب التشريع والقضاء وأراء الفقه, وذلك من خلال دراسة مقارنة لتحكيم في منازعات العقد الإداري للوصول إلي منظومة متكاملة يمكن الاهتداء بها وإتباعها في عملية التحكيم في منازعات العقود الإدارية, ومن ثم الوقوف على مشكلات التحكيم في منازعات العقود الإدارية ودور القضاء والتشريع في معالجتها وفض المنازعات المتعلقة بها.
فالاعتراف بمشروعية التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات الإدارية من شأنه أن يؤدي إلى طمس معالم وأحكام المنازعات الإدارية، والى خضوع الإدارة للقانون العادي وبالتالي إلى القضاء العادي، خصوصا في الدول التي تأخذ بازدواجية القانون وتنص بعض أحكامها وقوانينها على حظر اللجوء إلى التحكيم كما هو الشأن بالنسبة للمغرب.
وإذا كان المشرع بموجب التعديل الأخير 08-05 قد أجاز التحكيم، إلا أن تطبيقاته على ارض الواقع منعدمة نتيجة التشبث بمقومات وأحكام القانون العام الذي يتوقف على ضرورة تطبيق القانون الإداري عليها والتي لا تقوم على مبدأ المساواة في أطراف العلاقة، ائو على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين بل يحكمها مبدأ آخر هو مراعاة الإدارة في علاقاتها مع الأفراد القواعد القانونية التي تحكم هذه العلاقات بما يكفل تحقيق المصلحة العامة أو المنفعة العامة.
وبالتالي نطرح التساؤلات التالية :
ما مدى مشروعية اللجوء إلى التحكيم في مجال العقود الإدارية؟
وإلى أي حد تم تفعيل العلاقة بين القاضي الإداري والتحكيم؟ وتطبيقاته في مجال الممارسة العملية للتحكيم؟
ولمعالجة هذا الموضوع ارتأينا تقسمه إلى مبحثين نتابع في المبحث الأول مدى قابلية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في حين نتطرق في المبحث الثاني إلى علاقة بين القاضي الإداري والتحكيم.
المبحث الأول: مدي قابلية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية
نتعرض في هذا المبحث لكل من موقف المشرع (المطلب الأول)، وموقف الفقه (المطلب الثاني)، من التحكيم في العقود الإدارية
المطلب الأول : موقف المشرع
الفقرة الأولى : التشريع المقارن
يبرز من هذه التشريعات التشريع الفرنسي حيث نصت المادة 1004 من قانون م.م الفرنسي السبق على انه لا يمكن اللجوء إلى التحكيم بشأن أية مسألة يجب عرضها على النيابة العامة، ومن المسائل التي كان يجب عرضها على هذه النيابة بمقتضى المادة 83 من ذات القانون القضايا والمنازعات التي تتعلق بالدولة أو المؤسسات العامة.
فكان من المنطقي تبعا لذلك رفض أو عدم إقرار أهلية الدولة والأشخاص العمومية اللجوء إلى التحكيم، حيث رأى الفقه في هاتين المادتين نقطة الارتكاز الأساسية للقول بعدم إمكانية الأشخاص العموميين اللجوء إلى التحكيم، انطلاقا من الخصوصية الإجرائية المقررة هنا، والمثمتلة بضرورة إعلام أو إبلاغ النيابة العامة، وبموجب تعديل سنة 1972
المعمول به حاليا،نصت المادة 2060 من القانون الفرنسي صراحة عدم إمكانية اللجوء إلى التحكيم في النزاعات التي تكون طرفا فيها الدولة أو الهيئات أو المؤسسات العامة[1]
غير انه إذا كان المبدأ العام هو حظر اللجوء إلى التحكيم في فرنسا فهناك استثناءات على هذا المبدأ حيث أجاز المشرع اللجوء إلى التحكيم في بعض صور العقود الإدارية، كما فعل في المادة 69 من قانون 17 ابريل 1906 الذي حصره على المنازعات المتصلة على تصفية نفقات عقود التوريد والأشغال العامة، إلى أن صدر بتاريخ 25 يوليوز 1960المرسوم رقم 25 ، القاضي بتوسيع نطاق تطبيق قانون 17 ابريل 1906 كما اصدر المشرع الفرنسي قانون 9 يوليوز 1975 الذي أجاز التحكيم لبعض المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري على أن يصدر تحديدها بموجب مرسوم[2].
وهو نفس الاتجاه الذي تبناه المشرع البلجيكي وذلك بموجب المادة 1672 فقرة 2 من قانون 4 تموز 1992 يحظر على الأشخاص المعنوية التابعة للحق العام اللجوء إلى التحكيم ما لم يوجد نص في معاهدة يجيز لها ذلك فالمبدأ بموجب هذا القانون هو المنع من اللجوء إلى التحكيم[3].
إلا أن المشرع بسبب انتقادات الفقه وبسبب ظهور أساليب جديدة في إدارة المشروعات العامة عمد سنة 1948 إلى تعديل قانون 1972 ومن بين هذه التعديلات تلك التي لحقت بالمادة 1706 والتي سهلت إجراءات اللجوء إلى التحكيم بالنسبة للأشخاص
العموميين كونها سمحت لها بموجب مرسوم أو قرار شكلي في مجلس الوزراء، وذلك ضمن الشروط والتفصيلات الملحوظة
الفقرة الثالثة : في التشريع المغربي
يمكن تقسيم الوضع بالنظام القانوني المغربي إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل صدور القانون -05-08 وما بعد صدوره
أولا مرحلة ما قبل القانون رقم 8 من سنة 2005
إن السمة الأساسية التي ميزت هده المرحلة هي عدم إمكانية اللجوء للتحكيم في منازعات العقود الإدارية وينص صراحة في الفصل 306 على عدم إمكانية الاتفاق على التحكيم في "النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام "[4]
لأجل تعميم الفائدة نورد الفصل 306 بالكامل فيما يلي .
"يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها :غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه في :
←في الهبات والوصايا المتعلقة بالأطعمة والملابس والمساكن .
←في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم .
←في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة :
النزاعات المتعلقة بعقود وأموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام وبالتالي فإن الخط الدي كان يبع هده المرحلة مرده إلى أن المشرع المغربي يعتبر أن متل هده المنازعات التي تحكمها قواعد القانون العام تتدرج ضمن النظام العام الدي لا يجوز التحكيم بشأنه .
لكن ما هو الوضع الذي سيحدثه التعديل الأخير المدخل على المسطرة المدنية وهي موضوع المرحلة الثانية بعد صدور قانون 05-08
ثانيا :بعد صدور قانون رقم 05-08
من منطلق الانتقادات الموجهة إلى الأنظمة المقارنة الفرنسية منها والمصرية عمل المشرع المغربي على تجاوزها من خلال إقراره التحكيم في مجال العقود الإدارية ويستشف دلك من خلال قراءتنا للفصل 308 الذي ينص صراحة على ما يلي :" يجوز لجمع الأشخاص من دوي الهيئة الكاملة سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين يبرموا اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها..."
كما نص صراحة كذلك في الفقرة الثالثة من الفص 310 على ما يلي:" يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق التحكيم .."
عموما نرى المشرع المغربي خطا خطوات شجاعة في إقرار التحكيم في مجال العقود الإدارية للأول مرة في المغرب ،متجاوز الانتقادات الموجهة لنظرية الفرنسي على سبيل المثال خصوصا في ما يتعلق بالملاحظات المتجلية في الاختصاص .النظر في تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية .الصادر في نزاع حول عقد إداري يرجع القضاء الإداري الاختصاص النظر إليه[5] ودلك بصريح العبارة في الفقرة الأخيرة من الفصل 310 من قانون 05-08 التي نصت على ما يلي :"يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني "
وهده ملاحظة من الملاحظات التي عمل المشرع المغربي على تجنبها بشكل الذي يحقق التوافق الرقابي بين القضاء الإداري والمحكم في العقود الإدارية ،لكن يبقى الإشكال هو مدى تطبيق هده المقتضيات على ارض الواقع من اجل تكريس علاقته القاضي الإداري بالتحكيم في مجال العقود الإدارية.
المطلب الثاني : موقف الفقه الإداري
إن موقف القفه حول مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية، انقسم بين مؤيد (الفقرة الأولى)، ومعارض (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الفريق المؤيد
يرى هذا الاتجاه المؤيد للتحكيم في منازعات العقود الإدارية بأن التحكيم الوسيلة المثالية لحسم النزاع بعيدا عن تعقيدات القضاء، خصوصا في الوقت الحالي الذي تسعى فيه الإدارة إلى إبرام عقود سعيا لتحقيق التنمية الاقتصادية. فيرى جانب من الفقه المؤيد لفكرة لجوء الإدارة إلى التحكيم في العلاقات القانونية الداخلية بأن الدولة وتشجيعا لمواطنيها وللشركات الوطنية في إبرام العقود معها وبالتالي الاستثمار داخل الدولة وخصوصا في الشؤون ذات الأهمية الكبرى في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نظرا للمزايا الخاصة التي يتمتع بها التحكيم، وبشكل خاص السرعة في حسم المنازعات وتوفيرا للوقت والجهود وأحيانا المصاريف والرسوم[6].
وتظهر أهمية التحكيم أكثر بالنسبة للمستثمر الأجنبي المتعاقد مع الدولة، فهي بطبيعة الحال طرف قوي تتمتع بسيادة التي من شأنها في نظره أن تؤثر على التوازن الاقتصادي للعقد الرابط بينهما، فضلا عن إمكانية تأثيرها على القضاء الوطني ليحكم في النهاية لصالحها[7] ، وبالتالي فالمتعاقد الأجنبي يفضل اللجوء إلى التحكيم خوفا من مساس الدولة بحيادها والتأثير على قضائها.
فقد نادى عدة باحثين بضرورة سلب اختصاص القضاء الوطني إمكانية النظر في النزاعات التي يكون أحد طرفيها متعاقدا أجنبيا، والطرف الأخر هو الدولة، أو الشخص المعنوي العام داخل الدولة، التي لا يعتبر المتعاقد معها من مواطنيها، خاصة عندما يتعلق
الأمر بعقد متصل بالمصالح الاقتصادية أو الاجتماعية للدولة المعنية، أو بسياستها. ومن ثم نادوا بمنح مثل هذه المنازعات لقضاء محايد، هو قضاء التحكيم[8].
الفقرة الثانية : الفريق المعارض
يرجع تحريم اللجوء إلى التحكيم بالنسبة لهذا الاتجاه إلى عدة أسباب تندرج جميعها تحت مظلة "المبادئ العامة للقانون"، لذا فالأشخاص المعنوية العامة لا تستطيع اللجوء في المنازعات التي تكون طرفا فيها إلى التحكيم إذا كانت هذه المنازعات تتعلق بالنظام العام أو النظام القانوني الداخلي، وعليه ذهب القضاء والفقه الفرنسيين إلى القول بأن أساس حظر التحكيم في منازعات أشخاص القانون العام يستند إلى مبادئ العامة للقانون ومنها : مبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية وفكرة النظام العام[9]، فالقضاء الإداري هو الجهة القضائية الطبيعية للبث في منازعات العقود الإدارية، وبالتالي فمنح هذا الاختصاص إلى أشخاص لا ينتمون إلى قضاء الإدارة، ومع ذلك يقضون في منازعات خاصة بها هو اعتداء جسيم على اختصاص القضاء الإداري[10].
ومن جهة أخرى، فحضر اللجوء إلى التحكيم يستند كذالك إلى فكرة النظام العام، ويمكن تعريف النظام العام في القانون الإداري كما ذهبت غالبية أحكام القضاء المغربي بأنه تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، أي تحقيق مصلحة عليا تعلو على المصالح الفردية[11]، والمعروف أن أغلب الأعمال الإدارية تهدف في المقام الأول إلى تحقيق المصلحة العامة فهي تتصل اتصالا وثيقا بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز التحكيم
في المنازعات العقود الإدارية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وعليه فإن أي اتفاق على شرط التحكيم في مجال العقود والأموال العامة، يعد باطلا لمخالفته للنظام العام.
إضافة إلى ما سبق فالإدارة تستخدم في تصرفاتها التعاقدية أموال عامة، وفي حالة إخلال بعقد إداري يكون محله هذه الأموال من الصعب تعريضها إلى هيئة خاصة بعيدا عن القضاء الإداري.
ويرى الفقيه "فيرناند" (Fernand ) بأن "القضاء الإداري يستطيع أن يمارس الرقابة على أعمال الإدارة، أفضل من المحكمين"[12] ، كما أن الفقيه " لافيريير" (Lafrriere) تساءل استنكاريا : "كيف للدولة أن تقبل منح المحكمين سلطة النظر في المنازعات التي لم توافق منحها للقضاة العادين؟"[13].
المبحث الثاني: علاقة القاضي الإداري بقرار التحكيم
حاولنا في هذا المبحث التركيز على التحكيم الإداري وعلاقته بالقاضي الإداري من خلال رقابة هذا الأخير للقرارات التحكيم(المطلب الأول)، بالإضافة إلى بعض التطبيقات العملية للتحكيم الإداري (المطلب الثاني).
المطلب الأول : رقابة القاضي الإداري على قرار التحكيم
إن الرقابة التي يمارسها القضاء على القرارات التحكيمية هي متعددة ،فبالإضافة إلى طرق المراجعة (الفقرة الأولى ) هناك أيضا المراقبة عن طريق إعطاء الصيغة التنفيدية للقرار التحكيمي (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى :طرق المراجعة :
إن اللافت في الأمر عند مناقشة هده المسألة هو الغياب الشبه التام للمنازعة الإدارية بالمغرب ،والتي يمكن أن نقيس كيفية مراجعة أحكام المحكمين من قبل القضاء كنوع من العلاقة الرقابية الذي من المفترض تحقيقها كما هو الشأن بالنسبة للأنظمة المقارنة التي عملت على تكريس هدا النوع من التحكيم في المنازعات الإدارية ،ومن جملة هده الأنظمة المقارنة نذكر على سبيل المثال لبنان .
ومما تجدر الإشارة في هدا الصدد أن الموجه الحقيقي للرقابة القضائية على القرارات التحكيمية تكمن في أنها شكليا تتعلق بطبيعة التحكيم ،فهو بتعبير محكمة الاستئناف ببيروت غرفتها التاسعة قرار 19/10/1995 قضاء خاص ،والتحكيم بتعبير نفس المحكمة قرارها بتاريخ 10-03-1977 كالقاضي المنفرد عليه مراعاة الأحكام التي فرضها القانون على هذا الأخير بكل دقة[14] وبتعبير أخر أن محكمة الاستئناف اللبنانية تعطي صفة القاضي المنفرد بالنسبة للمحكم والتي بموجبها يمارس مهامه وهي في نفس الوقت محاولة لتكريس التعاون أو العلاقة التي تجمع بين القاضي الإداري والمحكم من خلال النظر في منازعات العقود الإدارية بل أكتر من دلك هي محاولة جعل المراجعة التي يمكن أن تخضع لها أحكام المحكمين بطرق الطعن المتعارف عليها في مجال القضاء.
وهو ما يستفاد من المادة 639 من أ.م.م أنه إدا كانت قاعدة التقاضي على درجتين هي من النظام العام ،وكان المحكم يوازي القاضي المنفرد في وضعه القانوني فإن مرجع الطعن إليهما هي محكمة الدرجة الثانية أي محكمة الاستئناف[15].
بالرجوع إلى المغرب وتطبيقات التحكيم على أرض الواقع يبقى غير مفعم، الأمر الذي يحيلنا على الاكتفاء وفق ما جاء في مقتضيات التعديل الأخير 08-05 خصوصا في الجانب المتعلق بالمراجعة ،حيت أكد الفصل 35-327 ما يلي " لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 35-327و36 -327 وبالتالي فإن عدم إمكانية الطعن لا يعني عدم وجود آليات قانونية أخرى تجعله من حكم المحكم محل مراجعة أو إعادة النظر وهو ما يستفاد من الفقرة الثانية من الفصل 34- 327 حيت تنص على أنه يمكن أن يكون الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا لنصوص المسطرة المدنية.
عموما فإن التحكيم ،هدا القضاء الخاص وبصلاحيته الموسعة يحتاج بالضرورة إلى إخضاع ألي مثل دلك التدرج في المحاكمة وإخضاع أحكامه إلى طرق مناسبة للطعن ،فالتحكيم الإداري يفترض إدخاله في النظام القانوني للدولة ،أن يكون خاضعا إلى القضاء الرسمي خصوصا وأن الأمر يتعلق بالتحكيم في المنازعات العقود الإدارية وما تمثله هده العقود من تواجد غير متساوي الأطراف والتي يمكن أن نلخصها في المصلحة العامة في مواجهة المصلحة الخاصة ،وبالتالي يمكننا في هدا الصدد أن نتساءل، هل يمكن للهيئة التحكيمية أن توفق بين المصلحة العامة والخاصة ؟ وإذا افترضنا أن ننظر في المنازعات الإدارية بحكم تحكيمي .
فهل يحتاج هدا الحكم إلى الصيغة التنفيذية التي يتمتع بها الحكم القضائي كي يخرج إلى الساحة القانونية لتمتعها بقوة الشيء المقضي به؟ وهو الأمر الذي سنحاول التطرق إليه في (الفقرة الثانية ) .
الفقرة الثانية :تنفيذ الحكم التحكيمي
يجب أن ينتهي الحكم التحكيمي من التنفيذ متى يحصل الخصوم فعليا على ما أراد الحصول عليه عند توقيعهم اتفاق التحكيم فبعد أن يصدر المحكم حكمه يكون قد أنجز المهمة التي عين من أجلها ،أم ما يعقب دلك فيكون شأن المتعاقدين فيعود لهؤلاء أن يبادروا فعليا إلى تنفيذ الحكم ،وفي مرحلة التنفيذ هذه يتضح عادة الوجه الحقيقي للعدالة التحكيمية التي توصف بالعدالة التعاقدية أو بالعدالة التصالحية، وعليه فإن الحكم التحكيمي بعد صدوره فهو يلزم أطراف التحكيم الذي اتفقوا أصلا في بداية التحكيم على الخضوع إلى حكم المحكم في نهاية مهامه ،الإلزامية بين الطرفين لا ترقى إلى الإرغام على التنفيذ بقوة الشيء المقضي به إلا بعد التذييل الحكم التحكيمي من طرف المحكمة الإدارية المختصة ودلك بصريح العبارة التي جاءت في الفصل 310 في فقرته الرابعة"يرجع اختصاص في تذييل الحكم التحكيمي ....إلى المحكمة الإدارية .... "وما يمكن استخلاصه هو أن المشرع المغربي على غرار الأنظمة المقارنة حاول تأصيل العلاقة الممكنة تحقيقها على أرض الواقع بين القاضي الإداري وأعماله المحكمة ، ويذهب المشرع المغربي في فصله 31-327 إلى أنه لا ينفد الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتحويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها
وبالتالي جعل الحكم التحكيمي الذي له الطابع القضائي القوة التنفيذية جاعلا منه قرارا معادلا للحكم القضائي ومن تما إخضاعه بعد دلك للقواعد والشروط التي يخضع لها الحكم القضائي بحد ذاته[16]
وفي لبنان تنص المادة 795 من أصول مدنية على مايلي:"لا يكون القرار التحكيمي قابلا للتنفيذ ولا بأمر على عريضة يصدره رئيس الغرفة الابتدائية التي أودع اصل القرار في قلمها، بناءا على لب من دوي العلاقة، ودلك بعد الاطلاع على القرار او الاتفاقية،التحكيم....
فبعبارة الاستحصال المستعملة من قبل المشرع اللبناني على قرار الصيغة التنفيذية هدا الاستحصال الذي يتطلب لتوافره شروط عدة تتعلق أساسا أولا بماهية القرار التحكيمي بحد ذاته ،وتم بالقاضي المختص بإصدار قرار الصيغة التنفيذية ،وبالأصول التي تتبع لهدا الغرض ،وأخيرا بالسلطات التي تعود في هدا الصدد للقاضي
المطلب الثاني : التطبيقات العملية للتحكيم في العقود الإدارية
إن مشروعية اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية المقررة طبقا للقانون الجديد 08.05، وخصوصا الفقرة الأخيرة من الفصل 310 التي حددت بشكل صريح اختصاص المحاكم الإدارية في النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي، ولتعميم الفائدة سنقوم بسرد هذه الفقرة كما جاء بها القانون 08.05 "...يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني." وتتضح رقابة القاضي الإداري على حكم التحكيمي من خلال تذييله بالصيغة التنفيذية حسب الفصل 26-327 من نفس القانون .
ورغم مشروعية التحكيم الإداري فإن تطبيقاته العملية منعدمة، فالمحاكم الإدارية في المغرب لم يسبق أن عرفت منازعة خاصة بالتحكيم الإداري ، وبالتالي فمن حقنا أن نتساءل عن الأسباب التي أدت إلى ذالك؟
الفقرة الأولى: أسباب عدم اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية بالمغرب
تعددت أسباب عدم لجوء الدولة و الأشخاص العموميين إلى التحكيم، فتحدت البعض عن تبريرات نظرية ونفسية مفادها أن حماية المصلحة العامة تتحقق بشكل أفضل من قبل القضاء الإداري، والبعض الأخر يربط المنع من عدم لجوء الإدارة إلى التحكيم بضرورة تدخل النيابة العامة في القضايا الإدارية، وأخيرا هناك من يرى بأن السبب يكمن بطابع النظام العام[17].
ومهما يكن في هذه الأسباب من تعدد وتنوع فإنه قد يكون بالإمكان إجمالها كالأتي :
- طابع النظام العام في القواعد المنظمة لاختصاص القضاء الإداري
- عدم ثقة الإدارة والمغامرة المشكوك فيها للتحكيم
- الخشية من إهمال الهيئة التحكيمية للمصلحة العامة والتي يقع على كاهل القضاء أمر حمايتها
أولا : قضية libancel
على أثر الخلاف الناشئ بين وزارة الاتصالات اللبنانية وشركة الهاتف الخلوي libancel بشأن القرار بأمر تحصيل 300 مليون دولار أميركي كتعويضات للخزينة واعتراض الشركة عليه أمام المحكمة الابتدائية ببيروت، ثم تقديمها لطلب إجراء التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية، عمدت الدولة اللبنانية إلى تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة بتاريخ 31/7/2000 طلبت فيها اعتبار مجلس شورى الدولة المرجع للنظر بالمنازعات الناشئة عن العقد الموقع بينها وبين الشركة، كونه يعد بمثابة عقد امتياز لإدارة واستثمار مرفق عام وطني وقعه الوزير بناء على تفويض المشرع، وبالتالي يكون البند التحكيمي باطلا كونه يتعلق بعقد إداري لا يجوز معه استبعاد سلطات الدولة القضائية لصالح هيئات التحكيم الدولية.
ردت الشركة على ذلك مدلية بأن البند التحكيمي الوارد في العقد صحيح لأن العقد ليس إداريا، وبالتحديد ليس عقد امتياز لاستثمار مرفق عام بل هو نوع من الـ.B.O.T. يتضمن عناصر تجعله يتعلق بمصالح التجارة الدولية، وانه بصرف النظر عن طبيعة العقد فإن البند التحكيمي الوارد في العقد لأنه ذو طبيعة دولية، وأنه على فرض كان العقد إداريا فإنه يكون صحيحا في لبنان لاختلاف الأرضية التشريعية هنا عن تلك القائمة في فرنسا.
بتاريخ 17/7/2001 قضى مجلس شورى الدولة بصدد هذه المنازعة أن العقد هو عقد امتياز لاستثمار مرفق عام وطني لمدة محددة منح وفق أحكام المادة 89 من الدستور، ويعد هذا العقد عقدا إداريا وبالتالي اختصاص القضاء الإداري،
ولجهة صحة البند التحكيمي، اعتبر مجلس شورى الدولة أن منع التحكيم في العقود الإدارية مبدأ راسخ في العلم والاجتهاد الإداريين وقد استقر عليه اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي ومجلس الشورى اللبناني، وأنه يتعلق بالانتظام العام ويتولى السلطة العامة لا يمكنه التنازل عن امتيازاتها المتعلقة بالمصالح العليا والمجتمع، والتحكيم يفترض في حد ذاته تنازلا مسبقا من الإدارة عن بعض حقوقها، ولا ذلك بمبدأ وجوب احترام الدولة لتعهداتها لأن هذا المبدأ يصطدم بمبدأي الانتظام العام والاختصاص المبني على قاعدة دستورية، وأضاف المجلس بأن عقد الامتياز هو عقد إداري من نوع خاص، إذ يمثل عملا مختلطا يتضمن أحكاما عقدية وتنظيمية معا، إذ تحتفظ الإدارة بسلطتها في تنظيم المرفق العام موضوع الامتياز، وبالتالي فإن مبدأ منع التحكيم في العقود الإدارية يتسم بأهمية خاصة هنا، لأن التحكيم لا يفترض تنازلا عن اختصاص القضاء الوطني وعن بعض حقوق الإدارة فحسب، بل يتضمن تنازلا عن سلطتها التنظيمية الدستورية في تنظيم المرافق العامة وإخضاعها لرقابة المحكمين وهذا أمر يمس بسيادة الدولة ذاتها.
وبصدد نصوص قانون أ.م.م. المتعلقة بهذا الموضوع اعتبر أنه لا مجال لتطبيق نص المادة 809 أ.م.م الذي أجاز للدولة والأشخاص العموميين اللجوء إلى التحكيم الدولي في المسائل المتعلقة بمصالح التجارة الدولية، كون هذا النص ينحصر تطبيقه بالعقود التي تجريها الدولة وتخضع فيها للقانون الخاص ولا تمارس فيها امتيازاتها كسلطة عامة ويعود النظر فيها للقضاء الإداري، كما وأنه لا مجال للاعتداد بالفقرة 2 من المادة 895 أ.م.م. للقول بأن التحكيم جائز في العقود الإدارية، إذ أن المشرع شاء في هذه الفقرة تمكين رئيس مجلس شورى الدولة من إعطاء الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي إذا كان النزاع موضوع
التحكيم من اختصاص القضاء الإداري وذلك عندما يوجد قانون أو معاهدة تسمح بالتحكيم في المنازعة الإدارية.
وانتهى القرار إلى الأسباب المتقدم ذكرها إلى إبطال البند التحكيمي[18].
ثانيا : قرار F.T.M.L
في قرار صادر عن ذات المجلس وبذات التاريخ، قضى مجلس شورى الدولة بصدد النزاع الناشب بين الدولة اللبنانية وشركة F.T.M.L والذي تشابهت وقائعه مع وقائع القرار السابق، ببطلان البند التحكيمي استنادا إلى ذات الأسباب التي تمت الإشارة إليها في القرار السابق[19]،
ثالثا : تعليق على قراري مجلس الشورى
تعرض هدين القرارين للنقد من طرف غالب الفقه على اعتبار أن مجلس الشورى أخطأ بعدم تطبيق المادة 809 أ.م.م. بمجالها الواسع الذي يجيز للدولة اللجوء إلى التحكيم في جميع العقود وأنه لا يوجد أي نص في دستور أو التشريع يمنع الدولة من اللجوء إلى التحكيم، وأن السيادة والنظام العام الداخلي لا يقفان حائلين دون إلزام الدولة بتعهداتها ومنها البند التحكيمي[20].
قائمة المراجع
الكتب
- ايادة محمود بردان، التحكيم والنظام العام – دراسة مقارنة – لبنان، منشورات الحلبي الحقوقية، 2004، الطبعة الأولى
- حفيظة السيد الحداد: الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثرها على القانون الواجب التطبيق، دار المطبوعات الجامعية بالاسكندرية، 2001،
- جعفر مشيمش ،التحكيم في العقود الادارية المدنية والتجارية –دراسة مقارنة -،لبنان ، المنشورات زين الحقوقية ،الطبعة الأولى ،2009
- نجلاء حسن سيد أحمد خليل : التحكيم في المنازعات الإدارية، دار النهضة العربية بالقاهرة، طبعة الثامنة 2003-2004
- محمد محجوبي: دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن، ص 17. مقال منشور بالموقع الإلكتروني : http://oualidou.jeeran.com/archive/2009/3/826847.html
- ذ. محمد الأعرج: مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية، م م إ م ت، عدد مزدوج 54-55، يناير- أبريل، 2004
الهوامش
[1] - ايادة محمود بردان، التحكيم والنظام العام – دراسة مقارنة – لبنان، منشورات الحلبي الحقوقية، 2004، الطبعة الأولى، 75 وما بعدها.
[2] - محمد محجوبي: دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن، ص 17. مقال منشور بالموقع الإلكتروني : http://oualidou.jeeran.com/archive/2009/3/826847.html
[3] - ايادة محمود بردان، التحكيم والنظام العام – دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص77
[4] - محمد محجوبي: دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن ، مرجع سابق، ص 24.
[5] - محمد محجوبي ،نفس المرحع،ص25
[6] - د.إياد محمد بردان: التحكيم والنظام العام (دراسة مقارنة)، مرجع سابق ص80.
[7] - محمد محجوبي: دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن، ص 8.
[8] - حفيظة السيد الحداد: الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية وأثرها على القانون الواجب التطبيق، دار المطبوعات الجامعية بالاسكندرية، 2001، ص7و8.
Pierre LALIVE : <<L’influence des clauses arbitrales>> ,R .B.D.I , 1975, page 524 à 575 et spécialement page 570 : « la clause arbitrale constitue, pour le partenaire non-étatique , en principe, une protection fondamentale, sans la quelle il y a lieu de présumer qu’il ne serait pas engagé du tout », ainsi, «La clause d’arbitrage international est ressentie en général comme une protection majeure du cocontractant non étatique ».
Pierre LALIVE : <<L’influence des clauses arbitrales>> ,R .B.D.I , 1975, page 524 à 575 et spécialement page 570 : « la clause arbitrale constitue, pour le partenaire non-étatique , en principe, une protection fondamentale, sans la quelle il y a lieu de présumer qu’il ne serait pas engagé du tout », ainsi, «La clause d’arbitrage international est ressentie en général comme une protection majeure du cocontractant non étatique ».
[9] - ذ. محمد الأعرج: مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية، م م إ م ت، عدد مزدوج 54-55، يناير- أبريل، 2004
[10] - محجوبي: دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي والمقارن، مرجع سابق، ص16.
[11] - ذ. محمد الأعرج: مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية، مرجع سايق، ص16
[12] - نجلاء حسن سيد أحمد خليل : التحكيم في المنازعات الإدارية، دار النهضة العربية بالقاهرة، طبعة الثامنة 2003-2004 ص 124 نقلا عن
Fernand COLLAVET : « De l’arbitrage dans les procès ou sont parties les personnes publiques, R .D.P,Page 472 et suites .
Fernand COLLAVET : « De l’arbitrage dans les procès ou sont parties les personnes publiques, R .D.P,Page 472 et suites .
[13] - ورد هذا المقطع في: محمد المحجوبي المرجع السابق ص 16
[14] - جعفر مشيمش ،التحكيم في العقود الإدارية المدنية والتجارية –دراسة مقارنة -،لبنان ، المنشورات زين الحقوقية ،الطبعة الأولى ،2009،ص 190
[15] - جعفر مشيمش ،التحكيم في العقود الإدارية المدنية والتجارية –دراسة مقارنة، نفس المرجع،ص 191
[16] - جعفر مشيمش ،مرجع سابق ص 216
[17] - أنظر المطلب الثاني من المبحث الأول
[18] - قرار مجلس شورى الدولة، صادر في المراجعة رقم 9536/2000 المقدمة من الدولة اللبنانية ضد شركة libancel بتاريخ 17/7/2001 منشور في المجلة اللبنانية للتحكيم، العدد التاسع عشر، ص 55 وما يايها. قرار منقول عن د.إياد محمد بردان: التحكيم والنظام العام (دراسة مقارنة)، ص 328.
[19] - قرار مجلس شورى الدولة، صادر في المراجعة رقم 9537/2000 المقدمة من الدولة اللبنانية ضد شركة libancel بتاريخ 17/7/2001 منشور في المجلة اللبنانية للتحكيم، العدد التاسع عشر، ص 55 وما يايها. قرار منقول عن د.إياد محمد بردان: التحكيم والنظام العام (دراسة مقارنة)، ص 328.
- انطوان بارود : حول قرار مجلس الشورى المجلة اللبنانية للتحكيم العدد 19، ص13 ، منقول عن د.إياد محمد بردان: التحكيم والنظام العام (دراسة مقارنة)، ص 332.[20]