تفاجأ العديد من القضاة و الباحثين باصدار السيد وزير العدل و الحريات منشورا بتاريخ 4 يونيو 2015 تحت عدد 50 س 4-1 حاول من خلاله اعادة
تنظيم الرخص الادارية السنوية للقضاة ، و ذلك على خلفية الاضطراب الذي هم تحديدها خلال السنوات الأخيرة داخل بعض الدوائر الاستئنافية ، فالمنشور المذكور عكس الارتجالية و الاضطراب الذي تعيشه وزارة العدل في جل المواضيع التي تهم الشأن القضائي و القضاة خلال مرحلة تنزيل النصوص التنظيمية ، اذ تأخر من حيث توقيت اصداره الذي تم بعد توصل جل القضاة بقرارات الرخص الادارية لهذه السنة ، رغم أن التباين بخصوص مددها استمر لعدة لسنوات ، ففي السنة الماضية على سبيل المثال استفاد قضاة الحكم بالدائرة الاستئنافية بالرباط من مدة 30 يوما تشمل أيام العطل الأسبوعية و الأعياد ، في حين استفاد باقي قضاة النيابة العامة داخل نفس المحاكم من رخصة سنوية حددت مدتها في 22 يوم عمل لا تشمل العطل الأسبوعية و الأعياد الوطنية و الدينية . كما انه خلال هذه السنة تجلى الاختلاف مجددا بين المحاكم ، ففي الدائرتين الاستئنافيتين بفاس و طنجة مثلا حددت الرخصة السنوية وفق التعديل الذي طال الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ، و على العكس من ذلك حددت مدتها في 30 يوما بمحاكم الدائرة الاستئنافية بمكناس ، بشكل يخالف حتى التوجه الذي اعتمد لمدة أربع سنوات بها ، و هو وضع غريب لا يوجد مثيل له في أي نظام قضائي بالنظر للاشكاليات التي يثيرها تطبيق الفصل 30 من النظام الأساسي للقضاة و الذي حدد مدة الرخصة السنوية في شهر في السنة ، فهل مفهوم الشهر يرجع بشأن تفسيره لقانون الوظيفة العمومية كما وقع تغييره و تتميمه ، أم أن مدة الرخصة المذكورة محددة بمقتضى نص خاص و لا يمكن تفسيره استنادا الى القواعد العامة بشأن باقي الموظفين العموميين. لتوضيح ذلك لا بد من ابراز الارتباك الذي عرفته وزارة العدل و الحريات و هي تتناول هذا الموضوع من خلال كشف مدى انسجام أحكام منشورها مع التنظيم القضائي و مقتضيات الدستور ؟
1- وزارة العدل و الحريات والكتابين المتناقضين حول مدة الرخص السنوية للقضاة :
مباشرة بعد صدور ظهير 18 فبراير 2011 بتنفيذ القانون رقم 05-05 بتغيير و تتميم الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية و الذي نظم المقتضيات المتعلقة بتدبير الرخص السنوية و رخص الولادة ، و حدد مدة الرخصة السنوية في اثنين و عشرين 22 يوم عمل برسم كل سنة تمت مزاولة المهام أثناءها ، قام وزير العدل بتاريخ 5 يونيو2011 بمراسلة مدير الدرسات و التعاون و التحديث من أجل الحرص على تفعيل المقتضيات المذكورة بما يضمن استفادة كافة السادة القضاة و الموظفين من رخصهم السنوية و رخص الولادة لأولات الاحمال وفقا لذلك.
و نتيجة لذلك تم الاعتماد على التفسير المحدد في الفصل 40 من قانون الوظيفة العمومية لمفهوم الشهر لضمان المساواة بين القضاة و باقي الموظفين العموميين و الذي ترتب عليه احتساب مدة الرخصة السنوية على اساس أيام العمل الفعلية و عدم اعتبار:
- أيام السبت و الأحد التي لا تعتبر أيام عمل طبقا لمرسوم 20 يوليوز 2005 بتحديد مواقيت العمل بادارات الدولة و الجماعات المحلية الذي يحدد أيام العمل من يوم الاثنين الى يوم الجمعة .
- أيام الأعياد المحددة بمرسوم 28 فبراير 1977 بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة بالادارات العمومية و المؤسسات العمومية و المصالح ذات الامتياز كما تم تعديله و تتميمه.
و بعد العمل بهذا التوجه لسنوات في جل محاكم المملكة ، أصدر وزير العدل المنشور موضوع التعليق بتاريخ 4 يونيو 2015 طالب من خلاله المسؤولين القضائيين بضرورة الحرص على التطبيق السليم للفصل 30 من ظهير 11 نونبر 1974 بشأن النظام الأساسي للقضاة الذي يحدد مدة الرخصة السنوية في شهر واحد(30 يوما) يشمل أيام العمل و أيام العطل ، لكون المقتضيات المعدلة لمدة الرخصة السنوية و الواردة في الفصل 40 من قانون الوظيفة العمومية بجعلها 22 يوم عمل بالنسبة للموظفين فقط.
ان الكتابين المتناقضين الصادرين عن وزارة العدل و الحريات يعكسان المنطق الذي تتعامل به ، و الذي تسعى من ورائه الى جعل القضاء وكأنه أقل من الوظيفة ، ما دام أن الموظفين العموميين يستفيدون من مدد أطول للرخص السنوية من القضاة وفق التفسير الذي أعطته للفصل 30 من النظام الأساسي للقضاة .
و لعل ما يوضح فساد تعليل وزارة العدل و الحريات المعتمد في المنشور أيضا أنها طبقت منذ سنة 1976 منشور الوزير الأول رقم 13-76 الصادر بتاريخ 1-4-1976 حول استفادة الموظفين العاملين باقاليم الصحراء المسترجعة على القضاة ، و هو المنشور الذي حدد زيادة يومين عن كل شهر من العمل المنجز في الاقاليم المذكورة برسم اجازتهم السنوية .
2- منشور وزير العدل و الحريات حول الرخص السنوية للقضاة و مخالفة مرسوم التنظيم القضائي :
ان القارئ لمنشور وزير العدل و الحريات الأخير سيقف لا محالة على طبيعة الأسلوب الذي استعمله و الذي هو في حقيقته خطاب رئيس لموظفيه بعدم اعتماد النظام الأساسي للموظفين لضبط سير العمل في ادارته ، فمكاتبة وزير العدل و الحريات للرئيس الأول لمحكمة النقض و الوكيل العام للملك لديها لتفسير المادة 30 من النظام الاساسي للقضاة هو تعد معنوي و مادي صارخ على السلطة القضائية و أعضائها .
فالكتاب المذكور استعار جميع المقتضيات المضمنة في الفصل 40 المعتبر بمثابة النظام الاساسي للوظيفة العمومية و المنشور عدد 5 الصادر عن الوزير الأول بتاريخ 5 يونيو 2011 ، كعدم تأجيل الاستفادة منها الى السنة الموالية الا استثناء و لمرة واحدة ، و هو المقتضى الذي لا يوجد ضمن مواد النظام الاساسي للقضاة ، فلماذا اختار وزير العدل الحريات تضمين كل المقتضيات الواردة في الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية فقط دون ما يتعلق بمدة الرخصة السنوية مادام أن النظام الأساسي للقضاة لا يحددها صراحة في ثلاثين يوما و لا يشير الى أنها تشمل أيام العمل و العطل ؟
ان تجاوز وزير العدل و الحريات لاختصاصاته لم يقف عند ذلك بل تمثل ايضا في تأكيد المنشور المذكور على الحرص على ضمان استمرارية العمل بالمصالح القضائية الأساسية خلال فترة الرخص ، لا سيما خدمات اقسام قضاء الاسرة المتعلقة بالاذونات بالزواج و قضايا القاصرين و غيرها من الامور المستعجلة بالاضافة الى قضايا التلبس و القضايا الخاصة بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالمهجر و اعطى للمسؤول القضائي عند الاقتضاء صلاحية اضافة بعض القضايا الاخرى ذات الطابع الاستعجالي .
و الملاحظ أن هذا المقتضى يتعارض صراحة مع الفصل السابع من مرسوم 15 يوليوز 1974 الخاص بالتنظيم القضائي للمملكة و الذي ينص على أن المحاكم تعقد جلساتها دون انقطاع ، وتنظم عطل الموظفين من قضاة وكتاب ضبط بكيفية لا يترتب عنها توقف الجلسات أو تأجيلها."
فالمادة المذكورة لا تتحدث عن المصالح القضائية الأساسية أو ذات الطابع الاستعجالي و يبقى التمييز الذي تحدت عنه منشور وزير العدل و الحريات غير مستند على أي أساس ، كما أنه فوض للمسؤولين القضائيين تحديد الشعب و القضايا و الغرف التي يتوجب استمرار العمل بها و التي لا يجب ان تتوقف خلال مدة الرخص السنوية و هو أمر لا يمكنه الحديث بشأنه و يشكل مخالفة للمرسوم المنظم للتنظيم القضائي.
و رغم أن المادة 52 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة كما احيل على مجلس النواب حددت مدة الرخصة السنوية للقضاة في 22 يوم عمل انسجاما مع المقتضيات المنظمة للموظفين العموميين فان المشروع نفسه يثير العديد من الملاحظات :
1- أنه لم يسند للجمعيات العامة للمحاكم تنظيم الرخص السنوية للقضاة بل نظمها في نطاق مفهوم التسلسل الاداري ، و اسند للمسؤولين القضائيين في المحاكم جدولتها بحسب المادة 53 من المشروع .
2- أنه حدد مدة الرخصة السنوية للقضاة وفق نفس المدة الممنوحة للموظفين العموميين رغم جسامة المهام القضائية ، و استنسخ كل المقتضيات الواردة في الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة و العمومية و المنشور رقم 5 الصادر عن الوزير الاول في تنظيمها .
و الخلاصة مما ذكر أن وزارة العدل و الحريات لازالت تترجم رغبتها في التحكم في القضاة و تتدخل في كل ما يهم شؤونهم سواء من خلال تفسير نظامهم الأساسي بشأن رخصهم السنوية ، أو من خلال اعداد مشاريع قوانين تنظيمية برؤية الوظيفة لا السلطة ، و هو ما يستوجب وقوف تكثلات القضاة في وجه أي ردة من هذا القبيل و اللجوء الى القضاء لابطال و الغاء القرارات الادارية الصادرة بشأن الرخص السنوية و المستندة الى المنشور الباطل ..
تنظيم الرخص الادارية السنوية للقضاة ، و ذلك على خلفية الاضطراب الذي هم تحديدها خلال السنوات الأخيرة داخل بعض الدوائر الاستئنافية ، فالمنشور المذكور عكس الارتجالية و الاضطراب الذي تعيشه وزارة العدل في جل المواضيع التي تهم الشأن القضائي و القضاة خلال مرحلة تنزيل النصوص التنظيمية ، اذ تأخر من حيث توقيت اصداره الذي تم بعد توصل جل القضاة بقرارات الرخص الادارية لهذه السنة ، رغم أن التباين بخصوص مددها استمر لعدة لسنوات ، ففي السنة الماضية على سبيل المثال استفاد قضاة الحكم بالدائرة الاستئنافية بالرباط من مدة 30 يوما تشمل أيام العطل الأسبوعية و الأعياد ، في حين استفاد باقي قضاة النيابة العامة داخل نفس المحاكم من رخصة سنوية حددت مدتها في 22 يوم عمل لا تشمل العطل الأسبوعية و الأعياد الوطنية و الدينية . كما انه خلال هذه السنة تجلى الاختلاف مجددا بين المحاكم ، ففي الدائرتين الاستئنافيتين بفاس و طنجة مثلا حددت الرخصة السنوية وفق التعديل الذي طال الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ، و على العكس من ذلك حددت مدتها في 30 يوما بمحاكم الدائرة الاستئنافية بمكناس ، بشكل يخالف حتى التوجه الذي اعتمد لمدة أربع سنوات بها ، و هو وضع غريب لا يوجد مثيل له في أي نظام قضائي بالنظر للاشكاليات التي يثيرها تطبيق الفصل 30 من النظام الأساسي للقضاة و الذي حدد مدة الرخصة السنوية في شهر في السنة ، فهل مفهوم الشهر يرجع بشأن تفسيره لقانون الوظيفة العمومية كما وقع تغييره و تتميمه ، أم أن مدة الرخصة المذكورة محددة بمقتضى نص خاص و لا يمكن تفسيره استنادا الى القواعد العامة بشأن باقي الموظفين العموميين. لتوضيح ذلك لا بد من ابراز الارتباك الذي عرفته وزارة العدل و الحريات و هي تتناول هذا الموضوع من خلال كشف مدى انسجام أحكام منشورها مع التنظيم القضائي و مقتضيات الدستور ؟
1- وزارة العدل و الحريات والكتابين المتناقضين حول مدة الرخص السنوية للقضاة :
مباشرة بعد صدور ظهير 18 فبراير 2011 بتنفيذ القانون رقم 05-05 بتغيير و تتميم الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية و الذي نظم المقتضيات المتعلقة بتدبير الرخص السنوية و رخص الولادة ، و حدد مدة الرخصة السنوية في اثنين و عشرين 22 يوم عمل برسم كل سنة تمت مزاولة المهام أثناءها ، قام وزير العدل بتاريخ 5 يونيو2011 بمراسلة مدير الدرسات و التعاون و التحديث من أجل الحرص على تفعيل المقتضيات المذكورة بما يضمن استفادة كافة السادة القضاة و الموظفين من رخصهم السنوية و رخص الولادة لأولات الاحمال وفقا لذلك.
و نتيجة لذلك تم الاعتماد على التفسير المحدد في الفصل 40 من قانون الوظيفة العمومية لمفهوم الشهر لضمان المساواة بين القضاة و باقي الموظفين العموميين و الذي ترتب عليه احتساب مدة الرخصة السنوية على اساس أيام العمل الفعلية و عدم اعتبار:
- أيام السبت و الأحد التي لا تعتبر أيام عمل طبقا لمرسوم 20 يوليوز 2005 بتحديد مواقيت العمل بادارات الدولة و الجماعات المحلية الذي يحدد أيام العمل من يوم الاثنين الى يوم الجمعة .
- أيام الأعياد المحددة بمرسوم 28 فبراير 1977 بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة بالادارات العمومية و المؤسسات العمومية و المصالح ذات الامتياز كما تم تعديله و تتميمه.
و بعد العمل بهذا التوجه لسنوات في جل محاكم المملكة ، أصدر وزير العدل المنشور موضوع التعليق بتاريخ 4 يونيو 2015 طالب من خلاله المسؤولين القضائيين بضرورة الحرص على التطبيق السليم للفصل 30 من ظهير 11 نونبر 1974 بشأن النظام الأساسي للقضاة الذي يحدد مدة الرخصة السنوية في شهر واحد(30 يوما) يشمل أيام العمل و أيام العطل ، لكون المقتضيات المعدلة لمدة الرخصة السنوية و الواردة في الفصل 40 من قانون الوظيفة العمومية بجعلها 22 يوم عمل بالنسبة للموظفين فقط.
ان الكتابين المتناقضين الصادرين عن وزارة العدل و الحريات يعكسان المنطق الذي تتعامل به ، و الذي تسعى من ورائه الى جعل القضاء وكأنه أقل من الوظيفة ، ما دام أن الموظفين العموميين يستفيدون من مدد أطول للرخص السنوية من القضاة وفق التفسير الذي أعطته للفصل 30 من النظام الأساسي للقضاة .
و لعل ما يوضح فساد تعليل وزارة العدل و الحريات المعتمد في المنشور أيضا أنها طبقت منذ سنة 1976 منشور الوزير الأول رقم 13-76 الصادر بتاريخ 1-4-1976 حول استفادة الموظفين العاملين باقاليم الصحراء المسترجعة على القضاة ، و هو المنشور الذي حدد زيادة يومين عن كل شهر من العمل المنجز في الاقاليم المذكورة برسم اجازتهم السنوية .
2- منشور وزير العدل و الحريات حول الرخص السنوية للقضاة و مخالفة مرسوم التنظيم القضائي :
ان القارئ لمنشور وزير العدل و الحريات الأخير سيقف لا محالة على طبيعة الأسلوب الذي استعمله و الذي هو في حقيقته خطاب رئيس لموظفيه بعدم اعتماد النظام الأساسي للموظفين لضبط سير العمل في ادارته ، فمكاتبة وزير العدل و الحريات للرئيس الأول لمحكمة النقض و الوكيل العام للملك لديها لتفسير المادة 30 من النظام الاساسي للقضاة هو تعد معنوي و مادي صارخ على السلطة القضائية و أعضائها .
فالكتاب المذكور استعار جميع المقتضيات المضمنة في الفصل 40 المعتبر بمثابة النظام الاساسي للوظيفة العمومية و المنشور عدد 5 الصادر عن الوزير الأول بتاريخ 5 يونيو 2011 ، كعدم تأجيل الاستفادة منها الى السنة الموالية الا استثناء و لمرة واحدة ، و هو المقتضى الذي لا يوجد ضمن مواد النظام الاساسي للقضاة ، فلماذا اختار وزير العدل الحريات تضمين كل المقتضيات الواردة في الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية فقط دون ما يتعلق بمدة الرخصة السنوية مادام أن النظام الأساسي للقضاة لا يحددها صراحة في ثلاثين يوما و لا يشير الى أنها تشمل أيام العمل و العطل ؟
ان تجاوز وزير العدل و الحريات لاختصاصاته لم يقف عند ذلك بل تمثل ايضا في تأكيد المنشور المذكور على الحرص على ضمان استمرارية العمل بالمصالح القضائية الأساسية خلال فترة الرخص ، لا سيما خدمات اقسام قضاء الاسرة المتعلقة بالاذونات بالزواج و قضايا القاصرين و غيرها من الامور المستعجلة بالاضافة الى قضايا التلبس و القضايا الخاصة بأفراد الجالية المغربية المقيمة بالمهجر و اعطى للمسؤول القضائي عند الاقتضاء صلاحية اضافة بعض القضايا الاخرى ذات الطابع الاستعجالي .
و الملاحظ أن هذا المقتضى يتعارض صراحة مع الفصل السابع من مرسوم 15 يوليوز 1974 الخاص بالتنظيم القضائي للمملكة و الذي ينص على أن المحاكم تعقد جلساتها دون انقطاع ، وتنظم عطل الموظفين من قضاة وكتاب ضبط بكيفية لا يترتب عنها توقف الجلسات أو تأجيلها."
فالمادة المذكورة لا تتحدث عن المصالح القضائية الأساسية أو ذات الطابع الاستعجالي و يبقى التمييز الذي تحدت عنه منشور وزير العدل و الحريات غير مستند على أي أساس ، كما أنه فوض للمسؤولين القضائيين تحديد الشعب و القضايا و الغرف التي يتوجب استمرار العمل بها و التي لا يجب ان تتوقف خلال مدة الرخص السنوية و هو أمر لا يمكنه الحديث بشأنه و يشكل مخالفة للمرسوم المنظم للتنظيم القضائي.
و رغم أن المادة 52 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة كما احيل على مجلس النواب حددت مدة الرخصة السنوية للقضاة في 22 يوم عمل انسجاما مع المقتضيات المنظمة للموظفين العموميين فان المشروع نفسه يثير العديد من الملاحظات :
1- أنه لم يسند للجمعيات العامة للمحاكم تنظيم الرخص السنوية للقضاة بل نظمها في نطاق مفهوم التسلسل الاداري ، و اسند للمسؤولين القضائيين في المحاكم جدولتها بحسب المادة 53 من المشروع .
2- أنه حدد مدة الرخصة السنوية للقضاة وفق نفس المدة الممنوحة للموظفين العموميين رغم جسامة المهام القضائية ، و استنسخ كل المقتضيات الواردة في الفصل 40 من النظام الأساسي للوظيفة و العمومية و المنشور رقم 5 الصادر عن الوزير الاول في تنظيمها .
و الخلاصة مما ذكر أن وزارة العدل و الحريات لازالت تترجم رغبتها في التحكم في القضاة و تتدخل في كل ما يهم شؤونهم سواء من خلال تفسير نظامهم الأساسي بشأن رخصهم السنوية ، أو من خلال اعداد مشاريع قوانين تنظيمية برؤية الوظيفة لا السلطة ، و هو ما يستوجب وقوف تكثلات القضاة في وجه أي ردة من هذا القبيل و اللجوء الى القضاء لابطال و الغاء القرارات الادارية الصادرة بشأن الرخص السنوية و المستندة الى المنشور الباطل ..