منذ ما يناهز الإثنى عشر سنة كتبت على صفحات جريدة العلم ( العدد 19957 ليوم 12 يناير 2005، الصفحة 9 ) مقالا بعنوان "المحاكم الالكترونية" أوردت فيه بأن "التكنولوجية بصفة عامة وتكنولوجية الانترنيت والإكسترانيت بصفة خاصة بإمكانها تحسين الممارسة القانونية والقضائية ببلادنا. ومن بين الاكتشافات التكنولوجية الحديثة التي ستغير غدا عالم القضاء بالمغرب ما يمكن تسميته بالمحاكم الالكترونية أو المحاكم المعلوماتية".
وبالفعل وما دام المحامي الالكتروني أو الرقمي قد انطلق وقتها في التخابر مع موكليه ومع زملائه عبر الانترنيت بل وبإعطاء استشاراته رقميا فلما لا محاكم الكترونية تعفي المحامي من التنقل للمحاكم وتعفي هذه الأخيرة من الاكتظاظ ؟.
وقد انطلقت فعلا بالمغرب نهاية سنة 2004 وبداية 2005 تجربة تتبع الملفات عبر الانترنيت وتنبأنا وقتها بأن التجربة لا يمكن أن تبقى مقتصرة على تتبع مآل الملفات بل ستطول في المستقبل إرسال المقالات وتسجيلها والأداء عنها بواسطة الويب وكذا إرسال أو تلقي المذكرات الجوابية أو التعقيبية وكذا تسجيل طلبات التبليغ والتنفيذ وباقي الشواهد الأخرى إلى جانب أداء واجبات الخبرة أو غيرها.
ويمكن اليوم الجزم بأن المغرب يسير في اتجاه إحداث محاكم رقمية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهو ما سيخفف من اكتظاظ المحاكم وربما التقليص من عددها وسيوفر على المحامين عناء التنقل واستغلال الوقت لدراسة الملفات واستقبال الموكلين وتفادي صرف مال هؤلاء في العالم الورقي وفي التنقلات وطول الإتنظارات.
إلا أن العالم الرقمي لن يقف عند إحداث هذه المحاكم بل بدأت البوادر تشير إلى خلق المحامي الآلي للقيام بالمهام التي يقوم بها المحامي الإنسان. وهكذا قام طالب بريطاني من جامعة سطانفورد يبلغ من العمر تسعة عشر سنة من خلق محامي آلي أطلق عليه اسم "لا تؤدي" « Do not pay » لمناقشة مخالفات السير والمنازعة فيها بهدف إيجاد مبررات لعدم أداء الغرامات المرتبطة بها.
كما أن أكبر المكاتب الأمريكية المسمى LLP » « Baker and Hostetler أصبح يشغل منذ سنة 2015 محام آلي أطلق عليه اسم روس « Ross » يتمتع بذكاء خارق وبإمكانه قراءة وفهم وتحليل الوثائق بل وإيجاد الحلول القانونية . ويقوم هذا المحامي الآلي بتخزين وفهم مليار وثيقة في الثانية حسب شركة إ.ب.م IBM منها القوانين والاجتهادات القضائية والوقائع وغيرها ويستعملها لصقل البحوث أحسن.
وإذا كان المحامي الآلي لا يمكنه في الوقت الراهن القيام مقام المحامي الإنسان بجميع المهام التي يقوم بها هذا الأخير ولا سيما المرتبطة بالمرافعة فإنه يخشى أن يكون تقدم الثورة الرقمية وتطوير وصقل المحامي الآلي غدا وبعد غد سببا في القضاء على المحامي الإنسان. وينتظر حسب الدراسات التي تمت بأمريكا أن يفقد خمسون في المائة من المحامين ومساعديهم مناصب شغلهم بسبب المحامي الآلي خلال العشرين سنة المقبلة مع العلم بأن عدد المحامين بها بلغ سنة2011 : 1.143 358 محام دون المساعدين.