المقدمة
تعتبرالوحدة الترابية المغربية من الثوابت الثلاث المتعاقد عليها من خلال الوثيقة الدستورية ، و محط إجماع وطني لمكونات المشهد السياسي المغربي بكل تلويناته، و مما لا شك فيه أن مايقع في الصحراء المغربية يعتبر من أبرز التهديدات الامنية في المنطقة، مما أدى بالمنتظم الدولي إلى التفكير جديا في إيجاد حل سلمي للنزاع، سواء قبل التوقيع على إتفاقية مدريد إبان الإستعمار الإسباني ، أو بعد إسترجاع الأقاليم الجنوبية من المستعمر الإسباني .
و لعل أهم ما يثيرنا في هذا الصدد هو صيغة تعامل منظمة الأمم المتحدة و كذا منظمة الوحدة الإفريقية أنذاك "الإتحاد الإفريقي حاليا " مع هذا النزاع المفتعل، خصوصا عند الحديث عن الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية و نتائج إتفاق مدريد الثلاثي ، ثم إنسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية ، على إثر إعترافه بالجمهورية الصحراوية الوهمية ، و بالتالي عودة النزاع من جديد إلى منظمة الأمم المتحدة ، و إرسال بعثة المينورسو و ما تلاها من مد و جزر بين الأطراف و الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء . فبعد فشل منظمة الوحدة الإفريقية في إيجاد حل سلمي للنزاع، أحيل ملف الصحراء المغربية على الأمم المتحدة سنة 1985 ليس كقضية لتصفية الإستعماركما كان عليه الحال قبل اتفاقية مدريد، بل كخلاف إقليمي تتنازع فيه أطراف عربية إفريقية، و كقضية لإستكمال الوحدة الترابية بالنسبة للمغرب، وانطلقت المنظمة الأممية في معالجتها له من مخطط السلام الذي سبق للمنظمة الإفريقية أن وضعته و شرعت في تنفيذه قبل أن يوقف مع إنسحاب المغرب من المنظمة، و قد توجت هذه الجهود بالتوصل إلى خطة سلام عرضها الأمين العام كوفي انان على المغرب و جبهة البوليساريو في غشت 1988 (16)
حيث تم تكوين بعثة الامم المتحدة المينورسو لتنظيم الإسفتاء في الصحراء المغربية طبقا للقرار 690 الصادر عن مجلس الامن حيث صادق هذا الأخير بتاريخ 29 أبريل 1991 بالإجماع على التقرير النهائي للأمين العام للأمم المتحدة المنشئ لبعثة المينورسو.
إذ سنتحدث أولا على تكوين البعثة و اختصاصها ثم بعد ذلك سنشير إلى أهم الخلافات التي حالت دون تنظيم الإستفتاء.
1 - تكوين بعثة المينورسو واختصاصها
" تتكون بعثة المينورسو بالإضافة إلى الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة من ثلاث وحدات أساسية الوحدة المدنية و الوحدة الأمنية و الوحدة العسكرية .
أ – الممثل الخاص للأمين العام : يعتبر الممثل الخاص الذي يعينه الامين العام عملا بقرار مجلس الامن رقم 621 (1988) ، الممثل للأمين العام في الصحراء لتنفيذ الإختصاصات التي عهد بها المجلس إلى الامين العام، ويعمل تحت سلطته ، وينفذ المهام المحددة له في مقترحات التسوية و خطة التنفيذ الأممي .
و بمنحه صلاحيات موسعة أصبح الممثل الخاص أحد الأجهزة الرئيسية لتنظيم الإستفتاء في الصحراء و هو السلطة المكلفة دون غيره بضمانه و مراقبته تحت إشراف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة.
ب – الوحدة المدنية : تشمل الوحدة المدنية مكتب الممثل الخاص وموظفي الدعم التابعين له في مجالات مثل الإدارة و الشؤون القانونية و التشريعية و المسائل المتصلة باللاجئين و المحتجزين السياسيين و العلاقات العامة. و بالإضافة إلى ذلك يتولى جزء رئيسي من الوحدة المدنية مسؤولية تنظيم الإسفتاء و إجرائه، وتتألف الوحدة في معظمها من موظفي الأمم المتحدة .
ج – الوحدة الأمنية : تتشكل وحدة الأمن من الشرطة المدنية يتولى قيادتها مفوض شرطة يعينه الامين العام، أما أعضاء الوحدة فتوفرهم الحكومات بناءعلى طلب الأمين العام، و تحدد صلاحيات الوحدة المستمدة من سلطة الأمين العام الظروف التي يجوز فيها لأعضاء الوحدة أثناء مباشرتهم لمهامهم إحتجاز المخالفين، وستحدد الإجراءات الواجب اتباعها بعد ذلك، كما تتضمن الصلاحيات توضيحا لمسؤولية المراقبة التي سيضطلع بها أفراد وحدة الامن و الإجراءات التي سيتبعونها في تقديم تفاصيل أية مخالفة تعهد إلى الممثل الخاص لإتخاذ إجراءات بشأنها .
د – الوحدة العسكرية : تتكون من مراقبين عسكريين و أفراد مشاة و وحدة جوية وغيرهم من أفراد الشؤون الإدارية ، وهي خاضعة لقيادة الأمم المتحدة ممثلة في الأمين العام تحت سلطة مجلس الأمن ، ويتولى القيادة في الميدان قائد للقوة يعينه الامين العام بعد التشاور مع الطرفين و بموافقة مجلس الأمن، و يقدم قائد القوة تقاريره إلى الأمين العام من خلال الممثل الخاص، وتطبق على ذلك القواعد العادية المتبعة في عملية صيانة السلم التي تضطلع بها الامم المتحدة في ما يتعلق بحمل الأسلحة و إستخدامها، وقد أوصى الأمين العام الاممي في تقريره المرفوع إلى مجلس الامن بتاريخ 19 أبريل 1991 بأن الوحدة العسكرية ستحتاج لإنجاز مهامها قوة من 1695 فردا من جميع الرتب العسكرية موزعين كما يلي: 550 مراقبا عسكري، كتيبة مشاة مكونة من 700 فرد، وجماعة دعم جوي مكونة من 110 افراد تشغيل و صيانة 4 طائرات ثابتة الجناح 8 طاءرات نقل عمومية و وحدة إشارة تتكون من 45 فردا من جميع الرتب و وحدة طبية تتكون من 50 فردا و سرية شرطة عسكرية مكون من 40 فردا وكتيبة سوقيات من 200 فردا ." (17)
وفي ما يتعلق بإختصاصات البعثة فقد حصرها مجلس الأمن الدولي في القرار رقم 690 بالمهام التالية :
"-مراقبة وقف إطلاق النار
- التحقيق من تخفيض عدد القوات المغربية في الصحراء
- رصد تحركات القوات المغربية و قوات البوليساريو
- بدل الجهود اللازمة من مع الطرفين للإفراج عن كل الأسرى و المحتجزين السياسيين في الصحراء
- الإشراف على تبادل الاسرى
- تنفيذ برنامج الإعادة إلى أرض الوطن
- تحديد هوية الناخبين المؤهلين و تسجيلهم
- تنظيم إسفتاء حر و نزيه و كفالة إجرائه و إعلان نتائجه
و في 24 ماي 1991 اقترح الامين العام للأمم المتحدة أن يجري سريان إتفاق إطلاق النار في 09 يونيو 1991 ، و بعد الإتفاق بين الطرفين تم نشر الطلائع الأولى للبعثة الأممية في الصحراء المغربية في شهر شتنبر 1991، و ينص مخطط السلام الأممي على فترة إنقالية تبدأ بسيران وقف إطلاق النار و تنتهي بإعلان نتائج الإستفتاء المقرر إجراؤه في يناير 1992 ، و الذي كان سيقرر مصير الإقليم بين الإنضمام إلى المغرب أو الإستقلال عن لكن ظهور الخلافات بين المغرب و جبهة البوليساريو و خرق الهدنة القائمة بينهما كلها أمور حالت دون الشروع في تنفيذ الفترة الإنتقالية " (18)
2 – الخلافات التي حالت دون تنظيم الإستفتاء :
"لقد بدأت عملية حديد الهوية بتاريخ 28 غشت 1994 و شكل حجر عثرة أمام عملية التحضير للإستفاء حيث وصفها جيمس بيكر ممثل الأمين العام بانها عملية صعبة و معقدة، و عزا ذلك إلى تقاليد الترحال و طبيعة البنية القبلية التي تطبع المجتمع الصحراوي، و ورد في تقرير الأمين العام: لأنه بسبب طريقة عيشهم القائمة على الترحال ، يتحرك سكان الإقليم بسهولة عبر الحدود إلى البلدان المجاورة، و أن هذا المد و الجزر السكاني عبر حدود الإقليم يجعل من الصعب إجراء تعداد كامل لسكان الصحرء المغربية ، إضافة إلى إختلاف وجهات نظر أطراف النزاع حول عملية تحديد الهوية تم تعليق العملية في يناير 1996 ، مما أدى إلى سحب جزء من بعثة المينورسو في ماي 1996 ، و ستؤدي المباحثات التي تممت تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة في جولتها الرابعة بهيوستن إلى الإتفاق على إلتزامات يتحملها الطرفان في ما يتعلق بخطة السلام لسنة 1988 ، فإستؤنفت عملية تحديد الهوية بتاريخ 3 ديسمبر 1997 و كان من المقرر أن يجري إستفتاء يوم 7 دجنبر 1998 ، بعدما تأجل 5 مرات متتابعة ، و في ديسمبر 1999 أعلن مرة أخرى عن توقف خطة الإستفاء بسبب الخلافات الحادة بين الطرفين حول من يحق له التصويت و تم إلغاء الموعد الذي كان مقرر للإسفتاء في الصحراء (19)
"و تجدر الإشارة إلى تقرير بطرس بطرس غالي انذاك إلى مجلس الأمن بتاريخ 11 مارس 1994 الذي ضمنه ثلاث خيارات لتسوية نزاع الصحراء المغربية ، و تتجلى في:
- أن يقرر المجلس شروع المتحدة في إجراء الإستفتاء بغض النظر عن الناخبين على اساس الإقتراح التوفيقي من قبل الأمين العام للأمم المتحدة و إختصاصات لجنة تحديد الهوية و الأحكام المتعلقة بنفس الموضوع
- أن تواصل لجنة تحديد الهوية عملها خلال فترة معينة ، و خلال تلك الفترة تواصل الأمم المتحدة جهودها للحصول على تعاون الطرفيين على أساس اللإقتراح التوفيقي للأمين العام للأمم المتحدة .
- إذا لم يمكن الحصول في الوقت الراهن على تعاون الطرفين فيما يخص عملية تحديد هوية الناخبين فإن مجلس الأمن يقرر بناء على ذلك إما إنهاء بعثة الأمم المتحدة للإستفاء في الصحراء المغربية بأكملها أو وقف عملية التسجيل و تحديد الهوية ، مع الإبقاء على وجود عسكري مكثف تشجيعا لإحترام وقف إطلاق النار.
و مع تولي كوفي انان الأمانة العامة للأمم المتحدة خلال عام 1997 بدأ مجرى الأحداث يتغير وملامح صيغة جديدة لتسوية النزاع تتضح اكثر فأكثر مع تعيين وزير الخارجية السابق في حكومة جورش بوش السيد جيمس بيكر مبعوثا خاصا للأمين العام بخصوص نزاع الصحراء المغربية بناء على طلب من مجلس الامن أصدر كوفي أنان تقريرا خلال شهر فبراير 1997 اكد فيه على انه في حالة عدم إحراز اي تقدم في تطبيق توصيات مخطط التسوية فإنه سيقترح خطوات بديلة لفض النزاع كما أكد على ضرورة تعاون كل من المغرب و جبهة البوليساريو على تجاوز العراقيل المطروحة بأنه بدون هذا التعاون سيتعذر الإتفاق على بعثة الأمم المتحدة بالصحراء بعد إنقضاء المهلة المحددة ما بين نونبر 1996 و ماي 1997 (20)
3 مخططات جيمس بيكر و الإتفاق الإطار
لقد حسم التقرير الذي تقدم به كوفي انان أمام مجلس الأمن بتاريخ 22 يونيو 2001 حالة التردد التي طبعت النقاش داخل هيئة الأمم المتحدة حول النزاع في الصحراء حين أعلن صراحة على أن فرصة نجاح إجراء الإستفتاء أضحت ضعيفة و بالتالي يجب البحث عن حل سياسي . و يمكن حصر الخلفيات الكامنة و راء هذا التوجه في ثلاث نقط : الحيلولة دون العودة إلى خطة الإسفتاء ، ثم العمل على دفع أطراف النزاع إلى تقبل مشروع الحل السياسي و إدماج بعض مطالب الأطراف و التوفيق بينهما بهدف ترضية نسبية للجميع تشجع على البدأ في التفاوض ، وفي هذا السياق طرح جيمس بيكر مشروع إتفاق / إطار للحكم الذاتي تبناه كوفي انان و دعمه في مجلس الامن في قراره الصادر في يونيو 2001 ، ليكون أرضية لإجراء مشاورات إضافية بين الاطراف ، ينجم عنها تحديد و ضع الصحراء المغربية في المستقبل . (21)
و خلص الإقتراح إلى منح الأقاليم الجنوبية المتنازع عنها حكما ذاتيا يمكنها من ممارسة السلطة في قضايا الحكم المحلي و الميزانية و الضرائب و الأمن الداخلي و الخدمات الإجماعية و التعليمية و التجارية مقابل إسناد إختصاصات السيادة المتجلية في الأمن و الدفاع و التشريع و الخارجية إلى السلطة الإدارية للمملكة المغربية .
و في سنة 2002، سيقترح كوفي أنان بالتنسيق و التشاور مع جيمس بيكر على الأطراف الحل الرابع أو خيار التقسيم بحيث يكون من نصيب المغرب ثلثين من إقليم الصحراء و الثلث الباقي لجبهة البوليساريو ، الطرفين أعلنا رفضهما لهذا الخيار لكونه لا يتوافق مع مبادئ و وجهات كل طرف و قد إتهمت المملكة انذاك الجزائر بالوقوف وراء هذا الخيار و السعي إلى تمزيق و وحدتنا الترابية، خدمة لأطماعها الإقليمية في المنطقة هذا الوضع دفع الأمين العام للأمم المحدة في تقريره إلى مجلس الأمن أن وضع المنتظم الدولي أمام أربع خيارات لحل نزاع الصحراء : - تنظيم الإستفتاء في المنطقة دون إشتراط إتفاق الطرفين - إعطاء حكم ذاتي لسكان الصحراء المغربية تحت السيادة المغربية – تقسيم الصحراء بين المغرب و جبهة البوليساريو – سحب بعثة الأمم المتحدة.
و في شهر يوليوز سنة 2003 سيتبنى مجلس الامن في قراره 1495 مخطط جيمس بيكر الثاني القائم على مرحلتين الأول يمنح فيها حكما ذاتيا لسكان الصحراء ما بين أربع إلى خمس سنوات يتولى فيها المغرب شؤون الدفاع و الخارجية و بمشاركة نسبية للبوليساريو و تحت مراقبة الأمم المتحدة ، و تعطي لسكان الصحراء صلاحيات واسعة لتسيير شؤونهم المحلية أما المرحلة الثانية فتنص على إجراء الإستفتاء يختار فيه الصحراويين بين الإنضمام إلى المغرب أو الإستقلال عن أو الحكم الذاتي ، جبهة البوليساريو و الجزائر قبلتا هذا المخطط في ما رفضته المملكة و اعتبرت تنازلا عن سيادتها على أقاليمها، و في 11 يونيو 2004 سيعلن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء جيمس بيكر إستقالته من منصبه و تعيين ألفارو دوستو خلفا له ، بعد رفض المغرب لمخططه في صياغته الأخيرة ، وبأنه لن يقبل سوى بالتفاوض حول حل سياسي متوافق عليه ، و في تصريح وزير الخارجية المغربية محمد بنعيسى أكد فيه أن إستقالة جيمس بيكر جاءت كحصيلة لصمود الدبلوماسية المغربية و رفضها لبعض المبادئ التي تمس الوحدة الترابية المغربية و سيادة المغرب على كل أراضيه (22)
4 قراءة في مقترح توسيع إختصاصات بعثة المينورسو :
و أخيرا يمكن أن نخلص إلى أن قضية الصحراء قد أخذت مسارا جديدا بعد تبني منظمة الأمم المتحدة لعدة قرارات نذكر منها القرار رقم 1754 ، و الذي دعا من خلاله الامين العام إلى القيام الاطراف و دول المنطقة لجولتي التفاوض الاولى و الثانية التي إنعقدت في مانهاست في يونيو و كذا غشت 2007، تلها سلسة من المفاوضات و الإجتماعات و كذا ما وقع بين الحكومة المغربية و المبعوث الاممي كريستوف روس ثم عودته بعد ذلك لكن وفق ضمانات محددة .
و نشير في هذا الصدد إلى نوقف المبعوث الأممي السابق فان فالسوم و الذي أكد على أن الإستقلال في الصحراء يظل مطلبا غير واقعي .
لقد سبق للمملكة المغربية أن أبدت تحفظاتها على طريقة اشتغال كريستوف روس و انحيازه لأطروحة الإنفصال، و الذي يتضح جليا في تقريره إلى بان كيمون، و لعل المقترح الأمريكي الرامي إلى توسيع اختصاصات البعثة ليشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة يبقى أكبر نتيجة لقبول عودة روس، فتقريره أشار إلى تقوية دور المؤسسات في حماية حقوق الإنسان، و ترك أمر التأويل لكل طرف على حدى، فربما يقصد تقوية دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كألية و طنية، أو يقصد بالفعل المينورسو، عموما فمقترح منح المينورسو صلاحية مراقبة حقوق الإنسان هو مقترح يتعارض مع ثلاث مبادئ أساسية يقوم عليها النزاع، أولا السيادة المغربية على أراضيها، ثانيا الأساس القانوني و الفلسفي لإنشاء البعثة و الذي يقوم على تنظيم الإستفتاء ففشلت في ذلك ، ثالثا (و هو الأهم) إن دور البعثة هو حل دور مؤقت أي إيجاد حل للنزاع، و مهمة مراقبة حقوق الغنسان سيزيد في إطالة عمر البعثة لتبقى خالدة في المنطقة، و يبقى الامر على ما هو عليه، لأن هناك من له مصلحة في استمرار النزاع.
لكن المقترح الأمريكي يثير أكثر من تساؤل، فهل ستتخلى أمريكا عن المغرب باعتباره حليف إستراتيجي؟ أم أنها تريد أن تجعل قضية الصحراء ورقة ضغط على الطرفيين؟ و هل من مصلحتها التخلي على هذا الحليف تزامنا مع ما يقع في الساحة الدولية خصوصا التهديدات الكورية؟
الهوامش :
1 حسن خطابي . قضية الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية و المشروعية القانونية . دار النشر المغربية. الدار البيضاء 2012 ص53
2 عبد الحق الذهبي. قضية الصحراء المغربية و مخطط التسوية الأممي . دار أبي رقراق للطباعة و النشر. الرباط 2003 ص 7
3 إبراهيم امركي . الصحراء المغربية مسار قضية. مطبعة net impression . ورزازات 2011 ص 136
4 حسن خطابي . نفس المرجع ص 56
5 رحيمي مونية . نزاع الصحراء في إطار السياسة الخارجية الأمريكية . المطبعة السريعة, القنيطرة 2010 ص 166-168
7 ابراهيم امركي نفس المرجع ص 140
تعتبرالوحدة الترابية المغربية من الثوابت الثلاث المتعاقد عليها من خلال الوثيقة الدستورية ، و محط إجماع وطني لمكونات المشهد السياسي المغربي بكل تلويناته، و مما لا شك فيه أن مايقع في الصحراء المغربية يعتبر من أبرز التهديدات الامنية في المنطقة، مما أدى بالمنتظم الدولي إلى التفكير جديا في إيجاد حل سلمي للنزاع، سواء قبل التوقيع على إتفاقية مدريد إبان الإستعمار الإسباني ، أو بعد إسترجاع الأقاليم الجنوبية من المستعمر الإسباني .
و لعل أهم ما يثيرنا في هذا الصدد هو صيغة تعامل منظمة الأمم المتحدة و كذا منظمة الوحدة الإفريقية أنذاك "الإتحاد الإفريقي حاليا " مع هذا النزاع المفتعل، خصوصا عند الحديث عن الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية و نتائج إتفاق مدريد الثلاثي ، ثم إنسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية ، على إثر إعترافه بالجمهورية الصحراوية الوهمية ، و بالتالي عودة النزاع من جديد إلى منظمة الأمم المتحدة ، و إرسال بعثة المينورسو و ما تلاها من مد و جزر بين الأطراف و الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء . فبعد فشل منظمة الوحدة الإفريقية في إيجاد حل سلمي للنزاع، أحيل ملف الصحراء المغربية على الأمم المتحدة سنة 1985 ليس كقضية لتصفية الإستعماركما كان عليه الحال قبل اتفاقية مدريد، بل كخلاف إقليمي تتنازع فيه أطراف عربية إفريقية، و كقضية لإستكمال الوحدة الترابية بالنسبة للمغرب، وانطلقت المنظمة الأممية في معالجتها له من مخطط السلام الذي سبق للمنظمة الإفريقية أن وضعته و شرعت في تنفيذه قبل أن يوقف مع إنسحاب المغرب من المنظمة، و قد توجت هذه الجهود بالتوصل إلى خطة سلام عرضها الأمين العام كوفي انان على المغرب و جبهة البوليساريو في غشت 1988 (16)
حيث تم تكوين بعثة الامم المتحدة المينورسو لتنظيم الإسفتاء في الصحراء المغربية طبقا للقرار 690 الصادر عن مجلس الامن حيث صادق هذا الأخير بتاريخ 29 أبريل 1991 بالإجماع على التقرير النهائي للأمين العام للأمم المتحدة المنشئ لبعثة المينورسو.
إذ سنتحدث أولا على تكوين البعثة و اختصاصها ثم بعد ذلك سنشير إلى أهم الخلافات التي حالت دون تنظيم الإستفتاء.
1 - تكوين بعثة المينورسو واختصاصها
" تتكون بعثة المينورسو بالإضافة إلى الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة من ثلاث وحدات أساسية الوحدة المدنية و الوحدة الأمنية و الوحدة العسكرية .
أ – الممثل الخاص للأمين العام : يعتبر الممثل الخاص الذي يعينه الامين العام عملا بقرار مجلس الامن رقم 621 (1988) ، الممثل للأمين العام في الصحراء لتنفيذ الإختصاصات التي عهد بها المجلس إلى الامين العام، ويعمل تحت سلطته ، وينفذ المهام المحددة له في مقترحات التسوية و خطة التنفيذ الأممي .
و بمنحه صلاحيات موسعة أصبح الممثل الخاص أحد الأجهزة الرئيسية لتنظيم الإستفتاء في الصحراء و هو السلطة المكلفة دون غيره بضمانه و مراقبته تحت إشراف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة.
ب – الوحدة المدنية : تشمل الوحدة المدنية مكتب الممثل الخاص وموظفي الدعم التابعين له في مجالات مثل الإدارة و الشؤون القانونية و التشريعية و المسائل المتصلة باللاجئين و المحتجزين السياسيين و العلاقات العامة. و بالإضافة إلى ذلك يتولى جزء رئيسي من الوحدة المدنية مسؤولية تنظيم الإسفتاء و إجرائه، وتتألف الوحدة في معظمها من موظفي الأمم المتحدة .
ج – الوحدة الأمنية : تتشكل وحدة الأمن من الشرطة المدنية يتولى قيادتها مفوض شرطة يعينه الامين العام، أما أعضاء الوحدة فتوفرهم الحكومات بناءعلى طلب الأمين العام، و تحدد صلاحيات الوحدة المستمدة من سلطة الأمين العام الظروف التي يجوز فيها لأعضاء الوحدة أثناء مباشرتهم لمهامهم إحتجاز المخالفين، وستحدد الإجراءات الواجب اتباعها بعد ذلك، كما تتضمن الصلاحيات توضيحا لمسؤولية المراقبة التي سيضطلع بها أفراد وحدة الامن و الإجراءات التي سيتبعونها في تقديم تفاصيل أية مخالفة تعهد إلى الممثل الخاص لإتخاذ إجراءات بشأنها .
د – الوحدة العسكرية : تتكون من مراقبين عسكريين و أفراد مشاة و وحدة جوية وغيرهم من أفراد الشؤون الإدارية ، وهي خاضعة لقيادة الأمم المتحدة ممثلة في الأمين العام تحت سلطة مجلس الأمن ، ويتولى القيادة في الميدان قائد للقوة يعينه الامين العام بعد التشاور مع الطرفين و بموافقة مجلس الأمن، و يقدم قائد القوة تقاريره إلى الأمين العام من خلال الممثل الخاص، وتطبق على ذلك القواعد العادية المتبعة في عملية صيانة السلم التي تضطلع بها الامم المتحدة في ما يتعلق بحمل الأسلحة و إستخدامها، وقد أوصى الأمين العام الاممي في تقريره المرفوع إلى مجلس الامن بتاريخ 19 أبريل 1991 بأن الوحدة العسكرية ستحتاج لإنجاز مهامها قوة من 1695 فردا من جميع الرتب العسكرية موزعين كما يلي: 550 مراقبا عسكري، كتيبة مشاة مكونة من 700 فرد، وجماعة دعم جوي مكونة من 110 افراد تشغيل و صيانة 4 طائرات ثابتة الجناح 8 طاءرات نقل عمومية و وحدة إشارة تتكون من 45 فردا من جميع الرتب و وحدة طبية تتكون من 50 فردا و سرية شرطة عسكرية مكون من 40 فردا وكتيبة سوقيات من 200 فردا ." (17)
وفي ما يتعلق بإختصاصات البعثة فقد حصرها مجلس الأمن الدولي في القرار رقم 690 بالمهام التالية :
"-مراقبة وقف إطلاق النار
- التحقيق من تخفيض عدد القوات المغربية في الصحراء
- رصد تحركات القوات المغربية و قوات البوليساريو
- بدل الجهود اللازمة من مع الطرفين للإفراج عن كل الأسرى و المحتجزين السياسيين في الصحراء
- الإشراف على تبادل الاسرى
- تنفيذ برنامج الإعادة إلى أرض الوطن
- تحديد هوية الناخبين المؤهلين و تسجيلهم
- تنظيم إسفتاء حر و نزيه و كفالة إجرائه و إعلان نتائجه
و في 24 ماي 1991 اقترح الامين العام للأمم المتحدة أن يجري سريان إتفاق إطلاق النار في 09 يونيو 1991 ، و بعد الإتفاق بين الطرفين تم نشر الطلائع الأولى للبعثة الأممية في الصحراء المغربية في شهر شتنبر 1991، و ينص مخطط السلام الأممي على فترة إنقالية تبدأ بسيران وقف إطلاق النار و تنتهي بإعلان نتائج الإستفتاء المقرر إجراؤه في يناير 1992 ، و الذي كان سيقرر مصير الإقليم بين الإنضمام إلى المغرب أو الإستقلال عن لكن ظهور الخلافات بين المغرب و جبهة البوليساريو و خرق الهدنة القائمة بينهما كلها أمور حالت دون الشروع في تنفيذ الفترة الإنتقالية " (18)
2 – الخلافات التي حالت دون تنظيم الإستفتاء :
"لقد بدأت عملية حديد الهوية بتاريخ 28 غشت 1994 و شكل حجر عثرة أمام عملية التحضير للإستفاء حيث وصفها جيمس بيكر ممثل الأمين العام بانها عملية صعبة و معقدة، و عزا ذلك إلى تقاليد الترحال و طبيعة البنية القبلية التي تطبع المجتمع الصحراوي، و ورد في تقرير الأمين العام: لأنه بسبب طريقة عيشهم القائمة على الترحال ، يتحرك سكان الإقليم بسهولة عبر الحدود إلى البلدان المجاورة، و أن هذا المد و الجزر السكاني عبر حدود الإقليم يجعل من الصعب إجراء تعداد كامل لسكان الصحرء المغربية ، إضافة إلى إختلاف وجهات نظر أطراف النزاع حول عملية تحديد الهوية تم تعليق العملية في يناير 1996 ، مما أدى إلى سحب جزء من بعثة المينورسو في ماي 1996 ، و ستؤدي المباحثات التي تممت تحت إشراف الممثل الخاص للأمم المتحدة في جولتها الرابعة بهيوستن إلى الإتفاق على إلتزامات يتحملها الطرفان في ما يتعلق بخطة السلام لسنة 1988 ، فإستؤنفت عملية تحديد الهوية بتاريخ 3 ديسمبر 1997 و كان من المقرر أن يجري إستفتاء يوم 7 دجنبر 1998 ، بعدما تأجل 5 مرات متتابعة ، و في ديسمبر 1999 أعلن مرة أخرى عن توقف خطة الإستفاء بسبب الخلافات الحادة بين الطرفين حول من يحق له التصويت و تم إلغاء الموعد الذي كان مقرر للإسفتاء في الصحراء (19)
"و تجدر الإشارة إلى تقرير بطرس بطرس غالي انذاك إلى مجلس الأمن بتاريخ 11 مارس 1994 الذي ضمنه ثلاث خيارات لتسوية نزاع الصحراء المغربية ، و تتجلى في:
- أن يقرر المجلس شروع المتحدة في إجراء الإستفتاء بغض النظر عن الناخبين على اساس الإقتراح التوفيقي من قبل الأمين العام للأمم المتحدة و إختصاصات لجنة تحديد الهوية و الأحكام المتعلقة بنفس الموضوع
- أن تواصل لجنة تحديد الهوية عملها خلال فترة معينة ، و خلال تلك الفترة تواصل الأمم المتحدة جهودها للحصول على تعاون الطرفيين على أساس اللإقتراح التوفيقي للأمين العام للأمم المتحدة .
- إذا لم يمكن الحصول في الوقت الراهن على تعاون الطرفين فيما يخص عملية تحديد هوية الناخبين فإن مجلس الأمن يقرر بناء على ذلك إما إنهاء بعثة الأمم المتحدة للإستفاء في الصحراء المغربية بأكملها أو وقف عملية التسجيل و تحديد الهوية ، مع الإبقاء على وجود عسكري مكثف تشجيعا لإحترام وقف إطلاق النار.
و مع تولي كوفي انان الأمانة العامة للأمم المتحدة خلال عام 1997 بدأ مجرى الأحداث يتغير وملامح صيغة جديدة لتسوية النزاع تتضح اكثر فأكثر مع تعيين وزير الخارجية السابق في حكومة جورش بوش السيد جيمس بيكر مبعوثا خاصا للأمين العام بخصوص نزاع الصحراء المغربية بناء على طلب من مجلس الامن أصدر كوفي أنان تقريرا خلال شهر فبراير 1997 اكد فيه على انه في حالة عدم إحراز اي تقدم في تطبيق توصيات مخطط التسوية فإنه سيقترح خطوات بديلة لفض النزاع كما أكد على ضرورة تعاون كل من المغرب و جبهة البوليساريو على تجاوز العراقيل المطروحة بأنه بدون هذا التعاون سيتعذر الإتفاق على بعثة الأمم المتحدة بالصحراء بعد إنقضاء المهلة المحددة ما بين نونبر 1996 و ماي 1997 (20)
3 مخططات جيمس بيكر و الإتفاق الإطار
لقد حسم التقرير الذي تقدم به كوفي انان أمام مجلس الأمن بتاريخ 22 يونيو 2001 حالة التردد التي طبعت النقاش داخل هيئة الأمم المتحدة حول النزاع في الصحراء حين أعلن صراحة على أن فرصة نجاح إجراء الإستفتاء أضحت ضعيفة و بالتالي يجب البحث عن حل سياسي . و يمكن حصر الخلفيات الكامنة و راء هذا التوجه في ثلاث نقط : الحيلولة دون العودة إلى خطة الإسفتاء ، ثم العمل على دفع أطراف النزاع إلى تقبل مشروع الحل السياسي و إدماج بعض مطالب الأطراف و التوفيق بينهما بهدف ترضية نسبية للجميع تشجع على البدأ في التفاوض ، وفي هذا السياق طرح جيمس بيكر مشروع إتفاق / إطار للحكم الذاتي تبناه كوفي انان و دعمه في مجلس الامن في قراره الصادر في يونيو 2001 ، ليكون أرضية لإجراء مشاورات إضافية بين الاطراف ، ينجم عنها تحديد و ضع الصحراء المغربية في المستقبل . (21)
و خلص الإقتراح إلى منح الأقاليم الجنوبية المتنازع عنها حكما ذاتيا يمكنها من ممارسة السلطة في قضايا الحكم المحلي و الميزانية و الضرائب و الأمن الداخلي و الخدمات الإجماعية و التعليمية و التجارية مقابل إسناد إختصاصات السيادة المتجلية في الأمن و الدفاع و التشريع و الخارجية إلى السلطة الإدارية للمملكة المغربية .
و في سنة 2002، سيقترح كوفي أنان بالتنسيق و التشاور مع جيمس بيكر على الأطراف الحل الرابع أو خيار التقسيم بحيث يكون من نصيب المغرب ثلثين من إقليم الصحراء و الثلث الباقي لجبهة البوليساريو ، الطرفين أعلنا رفضهما لهذا الخيار لكونه لا يتوافق مع مبادئ و وجهات كل طرف و قد إتهمت المملكة انذاك الجزائر بالوقوف وراء هذا الخيار و السعي إلى تمزيق و وحدتنا الترابية، خدمة لأطماعها الإقليمية في المنطقة هذا الوضع دفع الأمين العام للأمم المحدة في تقريره إلى مجلس الأمن أن وضع المنتظم الدولي أمام أربع خيارات لحل نزاع الصحراء : - تنظيم الإستفتاء في المنطقة دون إشتراط إتفاق الطرفين - إعطاء حكم ذاتي لسكان الصحراء المغربية تحت السيادة المغربية – تقسيم الصحراء بين المغرب و جبهة البوليساريو – سحب بعثة الأمم المتحدة.
و في شهر يوليوز سنة 2003 سيتبنى مجلس الامن في قراره 1495 مخطط جيمس بيكر الثاني القائم على مرحلتين الأول يمنح فيها حكما ذاتيا لسكان الصحراء ما بين أربع إلى خمس سنوات يتولى فيها المغرب شؤون الدفاع و الخارجية و بمشاركة نسبية للبوليساريو و تحت مراقبة الأمم المتحدة ، و تعطي لسكان الصحراء صلاحيات واسعة لتسيير شؤونهم المحلية أما المرحلة الثانية فتنص على إجراء الإستفتاء يختار فيه الصحراويين بين الإنضمام إلى المغرب أو الإستقلال عن أو الحكم الذاتي ، جبهة البوليساريو و الجزائر قبلتا هذا المخطط في ما رفضته المملكة و اعتبرت تنازلا عن سيادتها على أقاليمها، و في 11 يونيو 2004 سيعلن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء جيمس بيكر إستقالته من منصبه و تعيين ألفارو دوستو خلفا له ، بعد رفض المغرب لمخططه في صياغته الأخيرة ، وبأنه لن يقبل سوى بالتفاوض حول حل سياسي متوافق عليه ، و في تصريح وزير الخارجية المغربية محمد بنعيسى أكد فيه أن إستقالة جيمس بيكر جاءت كحصيلة لصمود الدبلوماسية المغربية و رفضها لبعض المبادئ التي تمس الوحدة الترابية المغربية و سيادة المغرب على كل أراضيه (22)
4 قراءة في مقترح توسيع إختصاصات بعثة المينورسو :
و أخيرا يمكن أن نخلص إلى أن قضية الصحراء قد أخذت مسارا جديدا بعد تبني منظمة الأمم المتحدة لعدة قرارات نذكر منها القرار رقم 1754 ، و الذي دعا من خلاله الامين العام إلى القيام الاطراف و دول المنطقة لجولتي التفاوض الاولى و الثانية التي إنعقدت في مانهاست في يونيو و كذا غشت 2007، تلها سلسة من المفاوضات و الإجتماعات و كذا ما وقع بين الحكومة المغربية و المبعوث الاممي كريستوف روس ثم عودته بعد ذلك لكن وفق ضمانات محددة .
و نشير في هذا الصدد إلى نوقف المبعوث الأممي السابق فان فالسوم و الذي أكد على أن الإستقلال في الصحراء يظل مطلبا غير واقعي .
لقد سبق للمملكة المغربية أن أبدت تحفظاتها على طريقة اشتغال كريستوف روس و انحيازه لأطروحة الإنفصال، و الذي يتضح جليا في تقريره إلى بان كيمون، و لعل المقترح الأمريكي الرامي إلى توسيع اختصاصات البعثة ليشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة يبقى أكبر نتيجة لقبول عودة روس، فتقريره أشار إلى تقوية دور المؤسسات في حماية حقوق الإنسان، و ترك أمر التأويل لكل طرف على حدى، فربما يقصد تقوية دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كألية و طنية، أو يقصد بالفعل المينورسو، عموما فمقترح منح المينورسو صلاحية مراقبة حقوق الإنسان هو مقترح يتعارض مع ثلاث مبادئ أساسية يقوم عليها النزاع، أولا السيادة المغربية على أراضيها، ثانيا الأساس القانوني و الفلسفي لإنشاء البعثة و الذي يقوم على تنظيم الإستفتاء ففشلت في ذلك ، ثالثا (و هو الأهم) إن دور البعثة هو حل دور مؤقت أي إيجاد حل للنزاع، و مهمة مراقبة حقوق الغنسان سيزيد في إطالة عمر البعثة لتبقى خالدة في المنطقة، و يبقى الامر على ما هو عليه، لأن هناك من له مصلحة في استمرار النزاع.
لكن المقترح الأمريكي يثير أكثر من تساؤل، فهل ستتخلى أمريكا عن المغرب باعتباره حليف إستراتيجي؟ أم أنها تريد أن تجعل قضية الصحراء ورقة ضغط على الطرفيين؟ و هل من مصلحتها التخلي على هذا الحليف تزامنا مع ما يقع في الساحة الدولية خصوصا التهديدات الكورية؟
الهوامش :
1 حسن خطابي . قضية الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية و المشروعية القانونية . دار النشر المغربية. الدار البيضاء 2012 ص53
2 عبد الحق الذهبي. قضية الصحراء المغربية و مخطط التسوية الأممي . دار أبي رقراق للطباعة و النشر. الرباط 2003 ص 7
3 إبراهيم امركي . الصحراء المغربية مسار قضية. مطبعة net impression . ورزازات 2011 ص 136
4 حسن خطابي . نفس المرجع ص 56
5 رحيمي مونية . نزاع الصحراء في إطار السياسة الخارجية الأمريكية . المطبعة السريعة, القنيطرة 2010 ص 166-168
- حسن خطابي . نفس المرجع ص 58
7 ابراهيم امركي نفس المرجع ص 140