MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




المعاهدات الدولية وإشكالية عرضها على المجلس الوزاري

     

سليمان التجريني
باحث في سلك الدكتوراه السنة الثالثة
تخصص الحياة الدستورية بالمغرب



المعاهدات الدولية وإشكالية عرضها على المجلس الوزاري



لم يضع الدستور المغربي لسنة 1962، و1970، أية مادة دستورية تجمع كل المواد التي يختص بالنظر فيها المجلس الوزاري بشكل حصري، وإنما جاءت هذه المواد متفرقة عبر مجموعة من الفصول، غير أن الدساتير اللاحقة والمراجعات الدستورية التي نعاقبت على المملكة إلى غاية المراجعة الدستورية الأخيرة لسنة 2011، جاءت بفصل دستوري يجمع كل المواد التي يختص بها المجلس الوزاري بالمداولة بشأنها، بالاضافة للفصل الذي يبين كيفية ترأس هذا المجلس.

فالمشرع الدستوري عندما يعمد إلى حصر اختصاصات معينة في فصل من الدستور، فهذا يفيد أنه لا يجوز تجاوز تلك الصلاحيات المنصوص عليها بشكل حصري، وفي حالة إسناد صلاحيات أخرى له، يتم الاشارة إليها بشكل صريح في الدستور درءا لأي التباس في الممارسة ولأي تضارب في الاختصاصات كما هو الشأن بالنسبة لمجال القانون، حيث نلاحظ أن المشرع الدستوري عندما عمد إلى تحديد مجال القانون الحصري أشار إلى وجود مقتضيات أخرى تندرج ضمن مجال القانون منصوص عليها بفصول أخرى من الدستور حيث جاء في الفصل 71 من الدستور المراجع ما يلي:

"يختص القانون، بالاضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالشريع في الميدين التالية:
......."

وعند نظرنا في القضايا التي يختص بالنظر فيها المجلس الوزاري، وجدنا ان المشرع الدستوري حددها حصرا في الفصل 49 من الدستور دون أية إشارة إلى فصول أخرى من الدستور ، وهو ما يفيد أن القضايا التي تعرض على المجلس الوزاري لا تتعدى تلك المنصوص عليها في الفصل 49 من الدستور، غير أنه عند ملاحظتنا للفصل الدستور المنظم لصلاحيات المجلس الحكومي وجدنا أنه يضيف اختصاصا فريدا للمجلس الوزاري غير منصوص عليه في 49 من الدستور، مما جاء في الفصل 92 ما يلي:

" يتداول مجلس الحكومة، تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية:
_.......
_ المعاهدات والاتفاقيات قبل عرضها على المجلس الوزاري
_......"

فالمعاهدات الدولية تعتبر من القضايا الجديدة التي تمت إضافتها للقضايل التي تعرض على المجلس الوزاري بمقتضى الفصل 49 من الدستور نظرا لغياب التنصيص الصريح عنها هناك، وهو الأمر الذي تعزز بشكل صريح في الممارسة العملية حيث عمد المجلس الوزاري المنعقد بالرباط تحت رئاسة جلالة الملك بتاريخ 09 ذي الحجة1433، (15 اكتوبر 2013)، إلى المصادقة على سبعة مشاريع قوانين المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، قبل إيداعها لدلى مكتب مجلس النواب، فإلى حد أي يعتبر نظر المجلس الوزاري في المعاهدات والاتفاقيات الدولية ممارسة دستورية سليمة؟؟

بالنظر للقضايا والنصوص المسندة للمجلس الوزاري بمقتضى النص الصريح ، يعتبر نظر المجلس الوزاري في الاتفاقيات الدولية فيه خرق صريح للدستور، لكون باقي الفصول الدستورية الأخرى لا يمكن لها أن تمنح اختصاصات جديدة بالاضافة لتلك المحددة له بشكل حصري دونما الاشارة لذلك كما هو الشأن بالنسبة للفصل 71.

إلا أن ورود عبارة عامة ضمن المواضيع التي تعرض عليه قد يفيد التأويل الواسع وهي عبارة " التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة"، فهو تعبير عام وشامل لكل الأمور التي لها علاقة بالعمل الحكومي، وهو الأمر الذي يفسج المجال أمام المجلس الوزاري ليتداول في مجموعة من القضايا كما هو الحال مع المعاهدات الدولية التي تتطلب مسطرة المصادقة عليها إعداد مشروع فانون خاص بها ليمر عبر الموافقة البرلمانية، إضافة إلى مجموعة من القضايا الأخرى، غير أن هذا لا يعتبر مدخلا سليما لممارسة هذا الاختصاص من طرف المجلس الوزاري ، لكون المشرع الدستوري لو أراد هذا الإختصاص للمجلس الوزاري لنص عليه بشكل صريح ضمن المواد المدرجة ضمن الفصل 49 من الدستور، فحتى مشاريع القوانين العادية تعتبر من ضمن الممارسات القانونية التي من شأنها أن تؤثر في التوجهات الاستراتيجية للدولة، مع ذلك لا تندرج ضمن المواضيع التي تعرض اجباريا على المجلس الوزاري،.

وعلى هذا الاساس نرى أن المشرع الدستوري قد جانب الصواب عندما عمد إلى إسناد اختصاص جديد للمجلس الوزاري من باب صلاحيات المجلس الحكومي، دون أية إشارة لذلك في الفصل 49 من الدستور، بالتالي من أجل استقامة الممارسة الدستورية ينبغي على المشرع الدستوري مباشرة تصحيح الخطأ المادي الوارد في الفصل 92 من الدستور وتعويض عبارة: " المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري " بعبارة : "المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل إيداعها لدى مكتب مجلس النواب".

وهذا من أجل احترام الاختصاصات الصريحة المسندة للمؤسسات الدستورية بفصول صريحة من الدستور.
 



الاحد 10 نونبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter